فلسفة الذبائح في المسيحية:

بسبب غموض موضوع الذبائح في كتب الفقه والحديث الإسلامية، ندرس موضوع البحث دراسة مسيحية خالصة. وقد جاءت أول إشارة عنه في تكوين 3: 21 وَصَنَعَ الرَّبُّ الْإِله لِآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا فوجود أقمصة الجلد يلزمه وجود ذبيحة. وهذه أيضاً أول إشارة عن دور الذبيحة في تكفير (تغطية) الخطية. وتوالت بعد ذلك الإشارات للذبيحة في قصة قايين وهابيل (تكوين 4). أما العبادة اليهودية فكلها ذبائح وأضاحي، فقد كان اليهود يعيّدون عيد الفصح كل عام فيذبحون شاة، تذكاراً لنجاتهم من استعباد فرعون لهم، وعبور الملاك المهلك على بيوتهم التي وضعوا الدم على عتبة أبوابها العليا وعلى قائمتي أبوابها (خروج 12). كما كانوا يحتفلون بيوم الكفارة العظيم سنوياً للتكفير عن ذنوب الشعب (لاويين 16). وكما في الإسلام كذلك في التوراة، هناك شروط في الذبيحة. وقد وُضعت شروط التوراة لتوضح العلاقة بين الرمز (الذبيحة) والمرموز له (المسيح)، وهذه الشروط هي:

1 - أن تكون الذبيحة، كل ذبيحة، بلا عيب، لأنها ترمز للمسيح الذي بلا خطية، فيقول في تثنية 15: 21 وَلكِنْ إِذَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ، عَرَجٌ أَوْ عَمىً، عَيْبٌ مَا رَدِيءٌ، فَلَا تَذْبَحْهُ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.

2 - وكانت هناك ذبائح اختيارية، إشارة إلى أن المسيح وضع نفسه بإرادته واختياره (لاويين 22: 19 4وعدد 15: 3 وتثنية 16: 1 وعزرا 3: 5 ).

3 - يكون تقديم الذبيحة لله فقط، رمزاً للمسيح الذي أسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحةً لله رائحة طيبة (خروج 22: 2 و أفسس 5: 2)

4 - يجب أن تُقَدّم الذبائح بالشكر (مزمور 5 : 8 و14) وبقلبٍ مستقيم (إشعياء 1: 13).

ويعلّمنا الكتاب المقدس أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 9: 21) وهذا ما فعله المسيح الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ (أفسس 1: 7)

وقد جاءت في العهد القديم عدة إشارات عن دم المسيح (خروج 12: 13 و29: 16 و3 : ولاويين 1: 45.. إلخ). وفي العهد الجديد وَرَدَت عدة نصوص تؤكد الفداء والتطهير بدم المسيح (كولوسي 1: 2 وعبرانيين 1 : 19 و12: 24 و1بطرس 1: 2 6 1 بطرس1 يوحنا1:,4. إلخ).

وقد وَضّحَ المسيح هذه الرمزية بينه وبين الذبائح حينما قال: هـذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا (متى 26: 28). وكذلك فَعَل يوحنا المعمدان حين رأى المسيح، فقال: هُوَذَا حَمَلُ اللّه الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ (يوحنا1: 29 و36).

كانت القرابين والذبائح في اليهودية رمزاً للذبيح الأعظم، حَمَل الله الذييرفع خطية العالم، وكان الدم رمزاً لدمه الذي يطهر من كل خطية. فالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يدور حول فكرة الفداء بدم المسيح، ففي العهد القديم نجد أكثر من 3 نبوة وإشارة عن المسيح، وفي العهد الجديد نجد تحقيق هذه النبوات,

الصفحة الرئيسية