مجيء المسيح ثانيةً
والآن نريد أن نذكر أهم ما ورد في مصادر الحديث الموثوق بها عما يتصل بمجيء عيسى ثانيةً إلى العالم:
عن أبي هريرة قال رسول الله: يوشك المسيح عيسى بن مريم أن ينزل حكماً قسطاً وإماماً عدلاً، فيقتل الخنزير ويكسر الصليب وتكون الدعوة واحدة فأقرؤه أو أقرئه السلام من رسول الله ص وأحدثه فيصدقني فلما حضرته الوفاة قال اقرؤه مني السلام,
وحسب رواية أخرى لنفس الحديث: سيضع عيسى الحرب ويفيض المال حتى لا يطلبه أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها, وتقول الأحاديث إن المسيح سوف يؤمّ المسلمين في صلاتهم الجماعية أو يكون أميرهم. عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله يقول: لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعال فصلّ فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة,
فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله. فأين العرب يومئذ؟ قال: العرب يومئذ قليل. وجلّهم ببيت المقدس. وإمامهم رجل صالح. فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص. يمشي القهقري ليقدم عيسى يصلي. فيضع عيسى عليه السلام يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصلّ فإنها لك أُقيمت، فيصلي بهم إمامهم. فإذا انصرف قال عيسى عليه السلام: افتحوا الباب، فيفتح ووراءه الدجال ومعه سبعون ألف يهودي، كلهم ذوو سيف مُحلّى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء. وينطلق هارباً، ويقول عيسى: إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها. فيدركه عند باب اللُّد الشرقي فيقتله. فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء. لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة - إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال: يا عبد الله المسلم هذا يهودي، فتعال اقتله. وإن أيامه أربعون سنة، السنة كنصف السنة. والسنة كالشهر. والشهر كالجمعة، وآخر أيامه كالشررة، ويصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي.
فقيل له: يا رسول الله، كيف نصلي في تلك الأيام القصار؟ فقال: تقدرون فيها الصلاة كما تقدرونها في هذه الأيام الطوال ، ثم صلوا.
فيكون عيسى بن مريم من أمتي حكماً عدلاً، وإماماً مقسطاً، يدقّ الصليب، ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يُسعى على شاة ولا بعير. وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حُمة كل ذات حُمة. حتى يُدخِل الوليد - أي الطفل الصغير - يده في فَيّ الحية - أي في فمها - فلا تضره، وتلعب الوليدة مع الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتُملأ الأرض من السلم كما يمُلأ الإناء من الماء. وتكون الكلمة واحدة. فلا يُعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها. وتسلب قريش ملكها. وتكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم. ويكون الثور بكذا وكذا من المال، وتكون الفرس بالدريهمات.
قالوا: يا رسول الله وما يرخّص الفرس؟ قال: لا تُركب لحربٍ أبداً. قيل له: فما يغلي الثور؟ قال: تُحرَث الأرض كلها.
وإن قبل الدجال ثلاث سنوات شداد، ويصيب الناس فيها جوع شديد، يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها، ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها. ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها. ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء. فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله.
قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، ويجري ذلك عليهم مَجرى الطعام,
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي قال: لقيت ليلة أُسريَ بي إبراهيمَ وموسى وعيسى، فتذاكروا أمر الساعة. فردّوا أمرهم إلى إبراهيم. فقال: لا علم لي بها. فردوا الأمر إلى عيسى، فقال: أما وجبتها فلا يعلمها أحد إلا الله تعالى. ذلك وفيما عهد إليَّ ربي عز وجل أن الدجال جارح. قال: ومعي قضيبان، فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص. قال: فيهلكه الله حتى أن الحجر والشجر ليقول: يا مسلم إن تحتي كافراً فتعال فاقتله. قال: فيهلكهم الله تعالى. ثم رجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم. قال: فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيطأون بلادهم، لا يأتون على شيء إلا أهلكوه، ولا يمرّون على ماء إلا شربوه، ثم يرجع الناس إليّ فيشكونهم، فأدعو الله عليهم فيهلكهم الله تعالى ويميتهم. حتى تجوي الأرض من نتن ريحهم، قال: فينزل الله عز وجل المطر فيجرف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر23.
لقد شبَّه محمدٌ المسيحَ من حيث المنظر وملامح الوجه بعدد من أصحابه. بينما كان الحديث في الرواية السابق ذكرها عن الشبه بين موسى والمسيح، إذ كل واحد منهما رجل آدم وجعد23,نرى في بعض الروايات عروة بن مسعود كأشبه الناس بالمسيح,وعبد العزى بن قطن كمثل الدجال من حيث المنظر, يبدو الترابط السياقي بين المسيح والمسيح الدجال في هذه الروايات أشد ما يكون حيث قد يتحتم على المرء أن يعيد قراءة الحديث ليتأكد من هوية المقصود.