(ج) عيسى كمجدد للشريعة الإسلامية:
نقل الإمام الشعراني: قال العلماء إنه إذا نزل عيسى في آخر الزمان يكون مقرراً لشريعة محمد ومجدداً لها، لأنه لا نبي بعد رسول الله يحكم بشريعة غير شريعة محمد، لأنها آخر الشرائع ونبيّها آخر النبيين. فيكون عيسى حكماً مقسطاً لأنه لا سلطان يومئذ للمسلمين ولا إماماً ولا قاضياً ولا مفتياً، وقد قبض الله العلم وخلا الناس منه فينزل وقد علم بأمر الله تعالى من السماء قبل أن ينزل ما يحتاج إليه من أمر هذه الشريعة ليحكم به بين الناس وليعمل به في نفسه ليجتمع المؤمنون عند ذلك ويحكمونهم على أنفسهم ولا أحد ليحكم به بين الناس وليعمل به في نفسه ليجتمع المؤمنون عند ذلك ويحكمونهم على أنفسهم ولا أحد يصلح لذلك غيره، لأن تعطيل الحكم غير جائز، وأيضاً فإن بقاء الدنيا إنما يكون بالتكليف، فلا يزال التكليف قائماً إلى أن لا يبقى على وجه الأرض من يقول لا إله إلا الله, إن المسيح كما يصوره الوضاعون ليس الإمام والحكم المقسط ولا مجدد الشريعة فحسب، بل هو فقيه متبحر يدرس القرآن مطلع على أسراره وحكمه التشريعية: إن عيسى ينظر في القرآن فيفهم منه جميع الأحكام المتعلقة بهذه الشريعة من غير احتياج إلى مراجعة الأحاديث كما فهم النبي عليه الصلاة والسلام من القرآن العزيز, نقرأ في رواية أخرى أن عيسى سوف يتعلم ما يحتاج إليه من أمر الشريعة من محمد نفسه: إن النبي في حياته كان يرى الأنبياء أحياء يصلون26,فكذلك إذا نزل عيسى عليه السلام إلى الأرض يرى الأنبياء ويجتمع بهم ومن جملتهم النبي عليه السلام فيأخذ عنه ما احتاج إليه من أحكام شريعته, يقول المحدثون كان من الطبيعي أن يجعله العلماء صحابياً إذ يقول الذهبي إن عيسى ابن مريم عليه السلام نبي وصحابي، فإنه رأى النبي وسلّم عليه، فهو آخر الصحابة موتاً,
وتُظهر الفتوى التي كتبها السيوطي رداً على سؤال عن المذهب الفقهي الذي سيتبعه عيسى في تطبيق الشريعة مدى ما يمكن أن يمتد الخيال إليه لدى الوضّاعين والصوفيين. بعد أن حسم بأن عيسى سيحكم بالشريعة الإسلامية دون الشرائع الأخرى، يقول السيوطي: وقول القائل: إذا قلتم إنه يحكم بشرع نبينا فكيف حكمه به؟ هل بمذهب من المذاهب الأربعة المتقررة أو باجتهاد منه؟.. هذا السؤال أعجب من سائله. وأشدّ عجباً منه قوله بمذهب من المذاهب الأربعة. فهل خطر ببال السائل أن المذاهب من هذه الشريعة منحصرة في أربعة مذاهب؟.. كيف يقلّد نبي مذهباً من المذاهب والعلماء يقولون: إن المجتهد لا يقلد مجتهداً. فإذا كان هذا المجتهد من آحاد الأمة لا يقلد، فكيف يظن بالنبي بأنه يقلد؟ فإن قلت: يتعين حينئذ القول بأنه يحكم بالاجتهاد. قلت: لا، لم يتعين ذلك، فإن النبي كان يتكلم بما أُوحي إليه ولا يسمى ذلك اجتهاداً كما لا يسمى تقليداً. والدليل على ذلك أن العلماء حكوا خلافاً في جواز الاجتهاد للنبي. فلو كان حكمه بما يفهم من الغرض لا يسمى اجتهاداً. يبدو أن العلماء أجمعوا على أن عيسى يحكم بما ورد في القرآن من أحكام تشريعية كنبي أو يكون صحابياً رأى النبي!