الجزء الرابع:

غريب الحديث الصحيح

 

في هذا الباب لن نضيف للأحاديث أية تعليقات، ولكن سنترك الأحاديث تتحدث عن نفسها! فقد وجدنا أثناء دراستنا للحديث الإسلامي الكثير الذي يشترك في صفة واحدة، هي غرابة موضوعاته، فقررنا أن نضعها جميعاً هنا في باب مستقل.

1 - رضاعة الكبير:

عن ابن شهاب أنه سُئل عن رضاعة الكبير؟ فقال: أخبرني عُروة بن الزبير، أن أبا حذيفة بن عُتبة بن ربيعة، وكان من أصحاب رسول الله، وكان قد شهد بدراً، وكان قد تبنى سالماً الذي يقال له سالم مولى أبي حُذيفة. كما تبنى رسول الله زيد بن حارثة. وأنكح أبو حذيفة سالماً. وهو يرى أنه ابنه. أنكحه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهي يومئذ من المهاجرات الأُول. وهي من أفضل أيامى قريش. فلما أنزل الله تعالى في كتابه في زيد بن حارثة ما أنزل، فقال: أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين. ومواليكم. رُدَّ كل واحد إلى أبيه. فإن لم يعلم أبوه رد إلى مولاه. فجاءت سهلة بنت سهيل، وهي امرأة أبي حذيفة. وهي من بني عامر بن لؤي، إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله كنا نرى سالماً ولداً، وكان يدخل عليَّ وأنا فُضُلٌ (عليها ثياب رِقاق) وليس لنا إلا بيت واحد. فماذا ترى في شأنه؟ فقال لها رسول الله: أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها. وكانت تراه ابناً من الرضاعة. فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين. فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال. فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وبنات أختها أن يرضعن من أحببن أن يدخل عليهن من الرجال. وأبى سائر أزواج النبي أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس. وقلن: لا والله، ما نرى الذي أمر به رسولُ الله سهلةَ بنت سهيل إلا رخصة من رسول الله في رضاعة سالم وحده. والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد. فعلى هذا كان أزواج النبي في رضاعة الكبير,

2 - الرسول يسبّ المؤمن:

عن أبي هريرة، أنه سمع رسول الله يقول: اللهم! فأيّما مؤمن سببتُه، فاجعل ذلك قُربةً إليك يوم القيامة, روي أيضاً أن رسول الله سب الواصلة والمستوصلة,وقال: من يسب علياً يسبه الله,

وجاء أيضاً: سباب المسلم فسوق,

3 - لَحْس القصعة:

عن نُبَيشة، عن رسول الله، قال: من أكل من قصعة ثم لحسها، تقول له القصعة: أعتقك الله من النار كما أعتقتني من الشيطان,

4 - الذباب.. فليغمسه:

عن أبي هريرة أن رسول الله قال: إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء,

5 - موسى يفقأ عين مَلَك الموت:

عن أبي هريرة، قال رسول الله: جاء ملك الموت إلى موسى بن عمران فقال له: أجِبْ ربَّك. فلطم موسى عين مَلَك الموت ففقأها. فرجع الملك إلى الله فقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لا يريد أن يموت، وقد فقأ عيني. فردَّ الله إليه عينه، وقال (الله): ارجِع إلى عبدي فقُل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور، فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة. قال (موسى): ثم مه؟ قال: ثم تموت. قال (موسى): فالآن من قريب. رب ادنني من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال رسول الله: والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر,

6 - من تبرَّز على لَبِنتَين:

قال النبي: لا تستقبلوا القِبلة بغائط أو بول، ولكن شرّقوا أو غرّبوا. وعن أبي أيوب الأنصاري أن النبي قال: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبِلوا القِبلة ولا تستدبروها، ولكن شرّقوا أو غرّبوا. قال أبو أيوب: فقدِمنا الشام فوجدنا مراحيض بُنيت قبل القِبلة، فننحرف ونستغفر الله تعالى,

وعن عبد الله بن عمر أنه كان يقول إن ناساً يقولون: إذا قعدتَ على حاجتك فلا تستقبِل القِبلة ولا بيت المقدس. فقال عبد الله بن عمر: لقد ارتقيتُ يوماً على ظهر بيتٍ لنا فرأيتُ رسولَ الله على لَبِنتَين مستقبِلاً بيت المقدس لحاجته. وقال: لعلك من الذين يُصلّون على أوراكهم. فقلتُ: لا أدري. قال مالكٌ: يعني الذي يصلّي ولا يرتفع عن الأرض يسجد وهو لاصق بالأرض.

7 - النبي يدور على نسائه:

عن عائشة، قالت: كنتُ أطيّب رسول الله فيطوف على نسائه ثم يصبح مُحرِماً ينضح طيباً. وعن قتادة قال: حدَّثنا أنس بن مالك قال: كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهنَّ إحدى عشرة. قال: قلتُ لأنس: أوَكان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أُعطي قوة ثلاثين,

8 - من كتاب الحيض!

قال النبي: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، وقال بعضهم: كان أول ما أُرسِل الحيض على بني إسرائيل,

حدَّثت عائشة أن النبي كان يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن.

عن عائشة قالت: كنتُ أغتسل أنا والنبي من إناء واحد، كلانا جُنُب، وكان يأمرني فأتَّزر فيباشرني وأنا حائض. عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد رسول الله أن يباشرها، أمرها أن تتَّزر في فور حيضتها ثم يباشرها. قالت: وأيُّكم يملك إربه كما كان النبي يملك إربه.؟

وعن عائشة قالت: كان رسول الله لَيُقبِّل بعض أزواجه وهو صائم، ثم ضحكت!

9 - ترك الحائض الصوم:

عن أبي سعيد الخُدري: خرج رسول الله في أضحى أو فِطرٍ إلى المصلى فمرَّ على النساء فقال: يا معشر النساء، تصدَّقْنَ، فإني أُريتكنَّ أكثر أهل النار. فقلن: وبمَ يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن. قُلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصُم؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها.

وورد ذكر الحديث نفسه وأُضيف إليه: ثم انصرف (النبي). فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستأذن عليه. فقيل: يا رسول الله هذه زينب. فقال: أي الزيانب؟ فقيل: امرأة ابن مسعود. قال: نعم، ائذنوا لها. فأُذن لها. قالت: يا نبي الله إنك أمرتَ اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردتُ أن أتصدَّق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحقُّ من تصدَّقتُ به عليهم. فقال النبي: صدق ابن مسعود. زوجك وولدك أحقّ من تصدقتِ به عليهم,

10 - عفريت يُربَط في المسجد!!:

عن أبي هريرة، عن النبي قال إن عفريتاً من الجن تفلَّت عليَّ البارحة (أو كلمة نحوها) ليقطع عليَّ الصلاة، فأمكنني الله منه. فأردتُ أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تُصبِحوا وتنظروا إليه كلكم، فذكرت قول أخي سليمان: ربِّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي فرددته خاسئاً وأضاف الشارح: عفريتٌ متمرد من أنس أو جان مثل زبنية جماعتها الزبانية.

وعن أبي هريرة أيضاً: عن النبي أنه صلى صلاة قال إن الشيطان عرض لي، فشدَّ عليَّ ليقطع الصلاة عليَّ، فأمكنني الله منه، فذَعتُّه (أي خنقتُه). ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تُصبِحوا فتنظروا إليه. فذكرتُ قول سليمان عليه السلام: رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي، فردَّه الله خاسياً.

11 - ضُراط الشيطان!

عن أبي هريرة أن رسول الله قال: إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضُراط حتى لا يسمع التأذين. فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثُوِّب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا اذكر كذا، لِما لم يكن يذكر، حتى يظل الرجل لا يذكر كم صلّى.

12 - بول الشيطان!

ذُكر عند النبي رجلٌ، فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح ما قام إلى صلاة. فقال: بال الشيطان في أذنه.

13 - ينزل ربنا إلى السماء الدنيا!

عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخِر، يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟.

14 - نزول ابن مريم:

عن ابن المسيَّب أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله: والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكَماً مُقسِطاً، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.

15 - الجساسة والمسيح الدجال:

عن فاطمة بنت قيس قالت: سمعت منادي رسول الله ينادي: الصلاة جامعة. فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله. فلما قضى صلاته جلس على المنبر وهو يضحك، فقال: ليلزم كل إنسان مصلاه. ثم قال: هل تدرون لمَ جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إني والله ما جمعتكم لرغبةٍ ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً فجاء (فبايع) وأسلم، وحدثني حديثاً وافق الذي كنت أحدثكم به عن المسيح الدجال. حدثني أنه ركب في سفينة بحريّة معثلاثين رجلاً من لخم وجذام، فلعب الموج شهراً في البحر، فأرفأوا إلى جزيرة حين تغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة، فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة، أهلب كثيرة الشعر، لا يدرون ما قُبلها من دُبرها من كثرة الشعر. قالوا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة. قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم، انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق. قال: لما سمَّت لنا رجلاً فَرَقنا منها أن تكون شيطانة. قال: فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان ما رأيناه قط خلقاً، وأشده وثاقاً، مجموعة يده إلى عنقه، ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية، فلعب بنا البحر شهراً، فدخلنا الجزيرة، فلقيتنا دابة أهلب، فقالت: أنا الجساسة، اعمدوا إلى هذا في الدير. فأقبلنا إليك سِراعاً، وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة. فقال: أخبروني عن نخل بيسان. قلنا عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل تثمر؟ قلنا: نعم. قال: أما إنها توشك أن لا تثمر. قال: أخبروني عن بحيرة طبرية. قلنا عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قلنا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب.

قال: أخبروني عن عين زُغر. قالوا: وعن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم. هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها. قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قلنا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أَقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب، وأطاعوه. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني: إني أنا المسيح الدجال. وإني يوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، هما محرمتان عليَّ كلتاهما، كلما أردت أن أدخل (واحدة أو) واحداً منهما استقبلني مَلَك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها. قال رسول الله وطعن بمخصرته في المنبر: هذه طيبة. هذه طيبة (يعني المدينة) ألا هل كنت حدثتكم؟ فقال الناس: نعم. قال: فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنتُ أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة إلا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو؟ من قبل المشرق ما هو، من قبل المشرق ما هو. وأومأ بيده إلى المشرق.

وفي رواية عن أبي سلمة قال سمعت أبا هريرة قال، قال رسول الله: ألا أخبركم عن الدجال حديثاً ما حدثه نبي قومه. إنه أعور، وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار. فالتي يقول إنها الجنة هي النار. وإني أنذرتكم كما أنذر به نوح قومه.

عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل. فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: ما شأنكم؟ قلنا: يا رسول الله ذكرتَ الدجال غداة فخَفَّضْتَ فيه ورَفَّعَت حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال: غير الدجال أخوفني عليكم. إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم. وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خلة بين الشام والعراق. فعاث يميناً وعاث شمالاً يا عباد الله فاثبتوا. قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر ويوم كجمعة. وسائر أيامه كأيامكم. قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا. اقدروا له قدرة. قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم. ويمر بالخربة فيقول لها: أَخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسب النحل ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض. ثم يدعوه فيُقبل ويتهلل وجهه يضحك. فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفة، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله. ثم يأتي عيسى ابن مريم قوماً قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة. فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمرّ أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء. ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيُصبحون فرسى كموت نفس واحدة. ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً لايَكِنُ منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ثم يُقال للأرض أَنبتي ثمرتك وردّي بركتك. فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفآم من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس. فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة.

16 - انصر ظالماً:

عن أنس بن مالك: قال رسول الله: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.

17 - أَطلَّق النبي نساءه؟

عن عبد الله بن عباس، قال: لم أزل حريصاً على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي اللتين قال الله لهما أن تتوبا إلى الله. فقال (عمر): واعجبي يا ابن عباس! عائشة وحفصة. ثم قال: كنا معشر قريش نغلبُ النساءَ. فلما قدِمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم. فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار. فصِحتُ على امرأتي فراجعتني، فأنكرتُ أن تراجعني، فقالت: ولِمَ تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل! فأفزعني. ثم جمعتُ ثيابي فدخلتُ على حفصة (ابنته)، فقلت: أتغاضب إحداكنَّ رسول الله اليوم حتى الليل؟ فقالت: نعم. فقلتُ: خابَتْ وخسِرتْ. أفتأمن أن يغضب اللهُ لغضب رسوله فتهلكين؟ لا تستكثري على رسول الله ولا تراجعيه، واسأليني ما بدا لك، ولا يغُرَّنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحبّ إلى رسول الله (يريد عائشة).. ثم قال عمر: فجاء صاحبي وقال: طلّق رسول الله نساءه. فجمعتُ عليَّ ثيابي فصلّيت صلاة الفجر مع النبي، فدخل مشرُبةً له فاعتزل فيها. فدخلتُ على حفصة فإذا هي تبكي، فقلتُ: ما يُبكيكِ؟ أَوَلم أكن حذّرتُكِ؟ أَطلّقكن رسول الله؟ قالت: لا أدري. هوذا في المشرُبة. فخرجتُ فجئتُ المنبر فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلستُ معهم قليلاً، ثم غلبني ما أجد، فجئت المشربة التي هو فيها، فقلتُ لغلامٍ أسود: استأذِنْ لعمر. فدخل فكلّم النبي ثم خرج فقال: ذكرتُك له فصمَتَ. فانصرفْتُ حتى جلستُ مع الرهط. ثم غلبني ما أجد. فجئتُ الغلام فقلتُ: استأذِنْ لعمر، فذكر مثله. فلما ولّيتُ منصرفاً فإذا الغلام يدعوني، قال: أذِن لك رسول الله. فدخلتُ عليه فإذا هو مضطجع على رمال حصير ليس بينه وبينه فراش، قد أثَّر الرمال بجنبه، متكئ على وسادة من أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ. فسلَّمتُ عليه، ثم قلتُ وأنا قائم: طلقتَ نساءك؟ فرفع بصره إليَّ فقال: لا. ثم قلتُ وأنا قائم: أَستأنِس يا رسول الله لو رأيتَني، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدِمنا على قومٍ تغلبهم نساؤهم، فذكره. فتبسَّم النبي. ثم قلتُ: لو رأيتني ودخلتُ على حفصة فقلتُ لا يغرّنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك وأحبّ إلى النبي (يريد عائشة). فتبسّم أخرى. فجلستُ حين رأيته تبسَّم. ثم رفعتُ بصري في بيته فوالله ما رأيت فيه شيئاً يردُّ البصر غير أَهْبة ثلاثة. فقلتُ: ادعُ الله فليوسّع على أمّتك، فإن فارس والروم وُسِّع عليهم وأُعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله. وكان متكئاً. فقال: أَوَفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ أولئك قومٌ عَجِّلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا. فقلتُ: يا رسول الله استغفِر لي. فاعتزل النبي من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصةُ إلى عائشة، وكان قد قال: ما أنا بداخلٍ عليهنّ شهراً (من شدّة موجدته عليهن حين عاتبه الله). فلما مضت تسع وعشرون (يوماً) دخل على عائشة فبدأ بها، فقالت له عائشة: إنك أقسمتَ ألا تدخل علينا شهراً، وإنا أصبحنا لتسعٍ وعشرين ليلة أعدُّها عدّاً. فقال النبي: الشهر تسعٌ وعشرون. وكان ذلك الشهر تسعاً وعشرين. قالت عائشة: فأُنزلت آية التخيير، فبدأ بي أول امرأة، فقال: إني ذاكرٌ لك أمراً، ولا عليك أن لا تعجَلي حتى تستأمري أبويك. قالت: قد أعلم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقك. ثم قال إن الله قال: يا أيها النبي قُل لأزواجك.. إلى قوله عظيماً. قلتُ: أفي هذا أستأمر أبويَّ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخِرة. ثم خيَّر نساءه فقُلن مثل ما قالت عائشة,

18 - الوحي في ثوب امرأة:

عن عائشة قالت: كان الناس يتحرّون بهداياهم يومي. وقالت أم سَلَمَة إن صواحبي اجتمعن فذكَرَت له فأعرض عنها,

وعن عائشة قالت: إن نساء رسول الله كنَّ حزبين، فحزبٌ فيه عائشة وحفصة وصفيَّة وسَوْدة، والحزب الآخر أم سلَمة وسائر نساء رسول الله. وكان المسلمون قد علموا حبّ رسول الله عائشةَ. فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يُهديها إلى رسول الله أخَّرها حتى إذا كان رسول الله في بيت عائشة بعث صاحبُ الهدية إلى رسول الله في بيت عائشة. فكلّم حِزبُ أم سَلمة،فقُلنَ لها: كلّمي رسول الله يكلم الناس فيقول: من أراد أن يُهدي إلى رسول الله هدية فليُهدِها إليه حيث كان من بيوت نسائه. فكلَّمَتهُ أم سلمة بما قُلن، فلم يقُل شيئاً. فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئاً. فقُلنَ لها: فكلميه. فكلَّمَته حين دار إليها، فقال لها: لا تؤذيني في عائشة، فإن الوحي لم يأتِني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة. قالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله. ثم إنهن دعون فاطمة بنت رسول الله، فأرسلت إلى رسول الله تقول: إن نساءك ينشُدنك الله العدل في بنت أبي بكر، فكلّمَته فقال: يا بنيَّة، ألا تحبين ما أحب؟ قالت: بلى. فرجعَت إليهن فأخبرَتهن، فقُلن: ارجعي إليه فأبَت أن ترجع. فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته فأغلظت، وقالت: إن نساءك ينشُدنك الله العدلَ في بنت ابن أبي قُحافَة، فرفعت صوتها حتى تناولت عائشة وهي قاعدة، فسبَّتها، حتى إن رسول الله لينظر إلى عائشة، هل تتكلم. فتكلمت عائشة تردّ على زينب حتى أسكتتها. قالت: فنظر النبي إلى عائشة وقال: إنها بنتُ أبي بكر,

19 - مَن بدّل دينه:

عن أبي هريرة، قال: بَعَثنا رسول الله في بَعْث، فقال: إن وجدتم فلاناً وفلاناً فأَحرقوهما بالنار. ثم قال رسول الله حين أردنا الخروج: إني أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يُعذِّب بها إلا الله. فإن وجدتموهما فاقتلوهما.

وعن عكرمة أن عليّاً حرَّق قوماً، فبلغ ابن عباس، فقال: لو كنتُ أنا لم أُحرّقهم، لأن النبي قال: لا تعذّبوا بعذاب الله، ولقتلتُهم، كما قال النبي: من بدّل دينه فاقتلوه.

وعن أنس بن مالك أن رهطاً من عُكلٍ ثمانيةً، قدِموا على النبي فاجتووا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، ابغِنا رِسلاً. قال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذَّوْد. فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها حتى صحّوا وسمنوا، وقتلوا الراعي، واستاقوا الذود، وكفروا بعد إسلامهم. فأتي الصريخ النبي، فبعث الطلب، فما ترجَّل النهار حتى أُتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، ثم أمر بمسامير فأُحمِيت فكحلهم بها وطرحهم بالحرَّة، يستسقون فما يُسقون حتى ماتوا. قال أبو قلابة: قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله وسعوا في الأرض فساداً.

عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: قَرَصَت نملةٌ نبياً من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأُحرِقت. فأوحى الله إليه، أن قرصتك نملة أحرقتَ أمةً من الأمم تسبّح.

20 - ثلاث لا يعلمهن إلا نبي:

عن أنس، قال: بلغ عبد الله بن سَلَام مقدَم رسول الله المدينة، فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله: خبَّرني بهن آنفاً جبريل، فقال عبد الله: ذاك عدو اليهود من الملائكة. فقال رسول الله: أما أول أشراط الساعة فنارٌ تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. أما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت. أما الشبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له. وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها. قال (عبد الله): أشهد أنك رسول الله!.

21 - المرأة تهب نفسها:

حدَّثنا هشام عن أبيه، قال: كانت خَوْلة بنت حكيم من اللائي وهبن أنفسهن للنبي، فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل؟ فلما نزلت ترجئ من تشاء منهن قلتُ: يا رسول الله ما أرى ربَّك إلا يسارع في هواك. حدَّثنا مرحوم، قال: سمعتُ ثابتاً البُنَّاني قال: كنتُ عند أَنَس وعنده ابنةٌ له. قال أنس: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله، ألكَ بي حاجة؟ فقالت بنتُ أنس: ما أقل حياءها! واسوأتاه! واسوأتاه! قال (أنس): هي خيرٌ منكِ، رغبَتْ في النبي فعرضَتْ عليه نفسها.

22 - فوائد العجوة:

أخبرنا عامر بن سعد عن أبيه، قال: قال رسول الله: من تصبَّح كل يوم سبع تَمْراتٍ عجوةً لم يضرّه في ذلك اليوم سمٌّ ولا سحرٌ.

23 - من كتاب الطب:

عن ابن عباس، عن النبي، قال: الشفاء في ثلاثة: في شرطة مِحجَم، أو شَرْبَة عسل، أو كيَّة بنار. وأنهى أمتي عن الكي.

عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: لا عدوى ولا صَفَر ولا هامة. فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيُجربها؟ فقال (الرسول): فمن أعدى الأول؟

عن عائشة، قالت: سحر رسولَ الله رجلٌ من بني زُريق يُقال له لُبيد بن الأعصم، حتى كان رسول الله يُخيَّل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله، وحتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن. (قال سُفيان: وهذا أشدّ ما يكون السحر). حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي، لكنه دعا ودعا ثم قال: يا عائشة، أَشَعرتِ أن الله أفتاني فيما استفتيتُه فيه؟ أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخَر عند رجليَّ. فقال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ فقال مطبوب. فقال: من طبَّه؟ قال: لُبيد بن الأعصم. قال: في أي شيء؟ قال: في مُشطٍ ومُشاطة (ما يخرج من الشعر إذا مُشِّط)، وجفّ طلع نخلةٍ ذكرٍ. قال: وأين هو؟ قال: في بئر ذَرْوان. فأتاها رسول الله في ناسٍ من أصحابه. فجاء فقال: يا عائشة، كأن ماءها نُقاعَةُ الحِنّاء، أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين. قلتُ: يا رسول الله، أفلا أَستَخرجه؟ قال: قد عافاني الله فكرهتُ أن أُثوِّر على الناس فيه شراً. فأمر بها فدُفِنَتْ.

عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله: لا عدوى ولا طيرة، إنما الشؤم في ثلاث: في الفرَس، والمرأة، والدار.

الصفحة الرئيسية