شهادة العلماء:

لقد جاء على الناس حين من الدهر ظنّ فيه البعض أنّ تقدّم العلم والاكتشاف سيكسر شوكة الدين، وبالتالي سيهزّ الإيمان بوجود الله. ولكنّ رياح العلم الصحيح جرت بما لا تشتهي سفن الإلحاد، فالعلم النزيه أتى بتأييدات وشهادات جديدة في صالح الإيمان »المسلّم مرّة للقدّيسين«. وإليك طائفة من أقوال العلماء التي تؤيّد الإيمان:

(ا)قال الدكتور كارل يونج، وهو أعظم الأطبّاء النفسيّين في كتابه (الرجل العصريّ يبحث عن روح): »استشارني خلال الأعوام الثلاثين الماضية أشخاص من مختلف شعوب العالم المتحضّرة، وعالجْتُ مئات المرضى، فلم أجد مشكلة من مشكلات أولئك الذين بلغوا منتصف العمر إلاّ وكان سببها ضياع الإيمان والخروج على تعاليم الدين. ويصحّ القول بأنّ كلّ واحد من هؤلاء المرضى وقع فريسة المرض لأنّه حُرم سكينة النفس التي يوفّرها الإيمان بالله. ولم يبرأ واحد منهم إلاّ حين استعاد إيمانه واستعان بوصايا الله ونواهيه على مواجهة الحياة«.

(ب)قال العالم ديل كارنيجي، مدير معهد كارنيجي للعلاقات الإنسانيّة في كتابه (دع القلق وابدأ الحياة) » الإيمان بالله يمدّني بالثقة والأمل والشجاعة، ويُقصي عنّي المخاوف والاكتئاب والقلق ويزّودني بأهداف وغايات في الحياة، ويفسح أمامي آفاق السعادة، ويعينني على إنشاء واحة خصبة وسط صحراء حياتي«.

(ج)قال الطبيب النفسانيّ المشهور الدكتور هنري لنك في كتابه (العودة إلى الإيمان): »وضعت جمعيّة مساعدة العمّال في نيويورك 200 ألف دولاراً تحت تصرّفي لمراقبة الدراسات الإحصائيّة المستخلصة لعشرة آلاف نفس ممّن أجري عليهم 73226 اختباراً نفسيّاً. وسجّلتُ تقريراً شخصيّاً شاملاً لكلّ فرد منهم. وفي هذا الوقت بالذات بدأ إدراكي للعقيدة الدينيّة بالنسبة لحياة الإنسان، ووجدت من نفسي استعداداً لمضاهاة تجاربي السابقة على مرضاي بالنتائج الباهرة التي أتت بها تلك الاختبارات العظيمة التي تولّيت الاشراف عليها. وقد استخلصنا من هذه الاختبارات نتيجة هامّة، هي أنّ كلّ من يؤمن بالله يتمتّع بشخصيّة أقوى وأفضل ممّن لا يؤمن بالله ولا يزاول أيّة عبادة. وأنا مثلاً أؤمن بصدق رواية مولد الربّ يسوع، ولكن ليس تصديقي هذا نتيجةً لمقارنة عقيدتي بغيرها من العقائد، ولكنّه إيمان خالص جاء في أعقاب اهتدائي إلى المزايا الصحيحة في ديني، الذي سبق أن نبذته لمّا كنت عاجزاً عن اكتشاف ما فيه من الخير«.

(د)قال الدكتور النفسيّ العلاّمة ا. بريل » أحدث العلوم، وهو الطبّ النفسيّ، يبشّر بمبادئ الدين. أطبّاء النفس يدركون أنّ الإيمان بالله والصلاة كفيلان بأن يقهرا القلق والمخاوف والتوتّر العصبيّ، وبأن يشفيا أكثر من نِصف الأمراض التي نشكو منها. وقد تأكّد لديّ أنّ المؤمن حقّاً لا يعاني قطّ مرضاً نفسيّاً«.

(ه)قال الفيلسوف فرانسيس بيكون: » قليل من الفلسفة يجنح بالعقل إلى الإلحاد، ولكنّ التعمّق في الفلسفة خليق بأن يعود بالمرء إلى الإيمان بالله«.

(و)قال الدكتور شارل مالك في كتابه (لماذا أؤمن بيسوع المسيح؟) »في العهد القديم، الله يخلق ويختار ويعدّ ويرشد ويجرّب ويمتحن، وبالتدريج يعلن عن نفسه وإرادته. وإذ تصغي إصغاءً تامّاً لهذا الإعلان، يتّضح لك مع الزمن أنّ ما يعلن عنه من ذات وإرادة هو بالفعل موجود كما هو معلن عنه. هذه الطبيعة الموجودة الثابتة الأكيدة هي الله الخالق«.

(ز)سُئل العالِم الفلكيّ الشهير لابلاس »لماذا لم يذكر الله في أبحاثه الفلكيّة؟« فأجاب »لأنّني لم أجد حاجة إلى ذلك، لأنّ الله خلف كلّ بحث تناولته أو أيّ رأي أبديته. الله خلف كلّ ظاهرة في الكون والطبيعة والحياة«.

(ح)قال جونثان إدوردس الذي حُسب أعظم عقل بعد أرسطو »لقد بدا جلال الله البارع في كلّ شيء: في الشمس والقمر والنجوم وفي الطبيعة كلّها. لقد خلقها ليُظهر بواسطتها بعض أمجاده وعظمته. فحين نتأمّل في الروض النضير وفي النسيم العليل، نرى إحساناته الحلوة وجوده الرقيق. وحين نرى الزهرة الفوّاحة، أو الزنبقة العطرة، نرى محبّته وطهارته ونقاوته. وماذا أقول عن الأفنان الخضراء التي هي انبثاق فرحه العظيم؟! وعن الأنهار البلّوريّة المتدفّقة التي هي وقع أقدامه؟! وهل الشروق الورديّ، والشمس اللامعة، والغروب الذهبيّ وقوس قزح، إلا ظلال آتية من مجده؟«.

(ط)قال عمّانوئيل كنْت: »من غير الممكن أن نتأمّل في صنع هذا العالم دون أن نرى يد الله الطاهرة البارزة في كمال تناسقه. و حين يفكّر العقل ويؤخذ بما فيه من روعة وجمال لا يملك إلا أن يشعر بالسخط على الجهالة التي جَسُرت أن تنسب كلّ ما في الكون إلى محض المصادفة، لأنّ روائع هذا الكون هي وليدة حكمة سامية عجيبة وضعت فكرته«.

نعم، إنّ هذا الانسجام المتبادل بين الكائنات يدلّ على وجود خالق ذي حكمة فائقة استمدّت الطبيعة وجودها وتناسقها منه، وليس ثمّة ما يدعو إلى الظنّ أنّ نشاط الطبيعة لا يتّفق مع وجود إله قادر على كلّ شيء.

(ي)قال اللورد كالفن الذي يُعدّ من أبرع علماء زمنه »إنّ العالم ليؤكّد جازماً وجود الخالق، لأنّنا لا نحيا ونوجد بالمادّة الميّتة بل بالقوّة الخالقة التي توجّه حياتنا والتي يفرض العلم علينا قبولها كموضوع لإيماننا. ولا ريب في أنّنا نستطيع أن نعرف الله عن طريق أعماله. والعلم يلزمنا أن نؤمن بيقين بوجود قوّة خالقة موجِّهة«.

(ك)عرف الأدميرال بيرد معنى ربط النفس بالقوّ ة العظمى المهيمنة على الكون. ومعرفته تلك هي التي مكّنته من الخروج من المحنة القاسية التي خاضها والتي روى أحداثها في كتابه (وحيد).

لقد قضى خمسة أشهر في كوخ مطمور بالثلج في المنطقة المتجمّدة الجنوبيّة. كان العون الذي ينشده على بعد 123 ميلاً من مكانه. ولن يتسنّى لأحد أن يصل إليه قبل مضيّ أشهر عديدة. كانت العواصف الثلجيّة الهوجاء تزأر في الخارج، والظلام يضرب حول المكان نطاقاً موحشاً. وقد شعر بأنّه يتسمّم تدريجيّاً بغاز أوّل أوكسيد الكربون المتصاعد من موقده. فحاول إصلاح الموقد وجهاز التهوية ولكنّه لم يستطع. وأصابه من الوهن ما أعجزه عن الحركة وتناول الطعام. وطالما استشعر بأنّه لن يأتي عليه اليوم التالي إلاّ وهو في عداد الأموات. ولكن ما الذي أنقذ حياته؟ يخبرنا هو نفسه أنّه في غمرة اليأس الذي غزا قلبه، تناول مذكّراته، وحاول أن يدوّن فلسفته في الحياة. فكتب »ليس الجنس البشريّ وحيداً في هذا الكون« وكان وهو يكتب تلك العبارة يفكّر في النجوم المنتشرة في السماء، وفي الكواكب والأَجْرام الدوّارة في أفلاكها بدقّة ونظام، وفي الشمس التي لا تحرم شبراً من الأرض من نورها ودفئها، والتي لن تلبث أن تشرق على تلك البقعة النائية الموحشة في أقصى جنوب الأرض. وذلك الأحساس بأنّه ليس وحيداً أنقذ حياته. وإلهه الذي لن يشكّ مطلقاً بعنايته أرسل أشعّة شمسه عليه على تلك البقعة، ممّا أتاح لفرقة الإنقاذ الوصول إليه قبل فوات الأوان.

(ل)سُئل العالم وليم جيمس » لماذا يجب الإيمان بالله والاعتماد عليه وطلب الأمان والسلام والأطمئنان؟«، فقال »إنّ أمواج المحيط الصاخبة المتقلّبة لا تعكّر قطّ هدوء القاع العميق ولا تقلق أمنه. وكذلك المرء إذا عمّق إيمانه بالله خليق بألاّ تعكّر طمأنينته التقلّبات السطحيّة الموقّتة. فالرجل المؤمن حقّاً، عصِيٌ على القلق، محتفظ دائماً باتّزانه، مستعدّ دائماً لمواجهة ما عسى أن تأتي به ظروف الأيّام. فلماذا لا نتّجه إلى الله إذا استشعرنا القلق؟ ولماذا لا نؤمن بالله ونحن في أشدّ الحاجة إلى هذا الإيمان؟ ولماذا لا نربط أنفسنا بالقوّة العظمى المهيمنة على هذا الكون؟

 وخلاصة القول في وجود الله، هي أنّنا نجد أنفسنا في كون عظيم جدّاً، نحن جزء منه. وعقولنا تسأل دائماً: ما هو مصدر هذا الكون؟ وما هو القصد منه؟ وكيف يُحفَظ؟ ومن أين أتينا؟ وإلى أين نمضي؟ ولا يمكن الجواب على هذه الأسئلة بدون التسليم بوجود كائن سرمديّ قادر على كلّ شيء، علّة العلل، واجب الوجود، عاقل، حكيم، ذو إرادة وصفات أدبيّة، وإنّنا لنجد الأجوبة فعلاً في قول الكتاب المقدّس »فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ. وَكَانَتِ الْأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللّهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ« (تكوبن 1:1 و2). (اقرأ سفر التكوين 1:3-24).