تصدير
أمضيت سنوات طويلة من عمري مقاوماً للرب وكنيسته وشعبه حتى ظهر لي بالكعبة ليدعوني إليه، فلبَّيت دعوته وتحوَّلت حياتي وأصبحت أسعد إنسان في الوجود، وندمت على كل دقيقة مرت من عمري وأنا بعيداً عنه وعاملني المسيح بكل حنوّ ورفق حتى أخجلتني محبته، وقررت أن أكرس حياتي لأجل اسمه المبارك, وكلما عانيت من الاضطهاد تذكرت خطاياي وقلت تأملي يا نفسي وذوقي آلام الحبيب, لكن يسوع الحاني لا يدعني أتألم، فهو دوماً يعزيني ويمنحني السلام والطمأنينة وسط المعارك، ويمد يده الحانية ليخرجني سالماً من وسط أتون النار, وقد رأت عيناي عجائب لا يسوغ لإنسان أن ينطق بها جعلتني أثق في من أومن به ثقة مطلقة، لأن إلهي الذي أومن به ليس خيالاً ولا وهماً بل هو يسوع المخلص,,, الإله القدير الحي، الذي أراه بوضوح رؤية العين والروح والعقل, ولا توجد قوة في الوجود تستطيع أن تفصلني عن إلهي الذي أحبني حتى المنتهى والذي أحببته بكل قواي والذي من أجله يهون كل شيء ويرخص كل غال، وكل ما أبغيه وغاية ما أتطلع إليه هو أن أرحل سريعأً من جسد هذا الموت وأنعم معه في الأبدية حيث الراحة الحقيقية,
نعم أتطلع بكل شوق لهذا اليوم المقدس الذي تسفك فيه دمائي من أجل المسيح ربي وإلهي ومخلصي,
الإهداء
إلى سيدي الحبيب إلهي ومخلصي يسوع المسيح الذي فدى من القبر حياتي، وأخرج من السجن نفسي، فتحررت من أسر الشيطان، وصرت مسيحياً,
والإهداء أيضاً
إلى خدام المسيح الأمناء، أولئك الأطهار الأنقياء الذين شملوني بكل رعايتهم ومحبتهم في وقت الشدائد والضيقات وكان لسلوكهم الصالح القدوة الروحية التي من خلالها تعرّفت عن قرب عظمة التعاليم المسيحية وكيف تجعل الإنسان سعيداً منتصراً متشبهاً بالملائكة الأطهار, فإلى هؤلاء المرشدين الروحيين الباذلين حياتهم لأجل رعية المسيح، سواء في البراري، أو في العالم وسط رعيتهم، يقودونهم بحكمة ومحبة وقداسة إلى الرب يسوع,
والإهداء أيضاً
إلى كل النفوس الباحثة عن الحق سواء من إخوتي المسلمين أو إخوتي المسيحيين الذين ضلوا عن حظيرة الإيمان,
والإهداء أيضاً
إلى ذلك الجندي المجهول الذي يعمل في صمت، وإليه يرجع الفضل في كل ما أكتب، سواء في وطني أو خارجه,
أرجو من الله أن يستخدم هذا العمل المتواضع لمجد اسمه القدوس,
هذا الكتاب
هو محصلة حواري مع إخواني المسلمين,, وأنه لشيء ممتع أن يظل الحوار قائماً بين أصحاب الأديان المختلفة ولا سيما الإخوة المسلمين, وقد نتفق أو نختلف معهم ونحن ساعين في حوارنا لبلوغ الحق، لكن يبقى الحب في قلوبنا تجاههم,
وحواري معهم كثيراً ما يمتعني متعة لا يدركها إلا من عاش بينهم كواحد منهم، وقد كنت أحد هؤلاء، وفاق ذلك أنني كنت من رجال الدين الإسلامي، ولا يزال الاسم الذي أحمله هو محمد,,, وقد كان لي مع إخوتي المسلمين صداقات وذكريات حافلة بالمشاعر الإنسانية، بعضها ظل باقياً رغم ارتدادي عن الإسلام، لكن معظمها فقدته لأن أغلبية أصدقائي ومعارفي خلطوا ما بين تلك المشاعر الإنسانية النبيلة وما بين الاتجاهات الدينية، فلم يكتفوا بمقاطعتي فقط، بل سعوا في إيذائي، ظناً منهم إنما يقدمون خدمة لله، وحتى هؤلاء المضايقون فإنني لا زلت أحمل لهم كل الحب، ولا أتردد في الحوار معهم, لكن من المؤسف له أن أغلبية الإخوة المسلمين يضيقون بسماع الرأي الآخر، اعتقاداً منهم بأنهم الوحيدون فقط أصحاب الرأي الصحيح، وكل ما عداهم على خطأ، وأنه لا دين آخر أحق بالاتباع إلا الإسلام,
إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلَامُ (سورة آل عمران 3:19),
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ (سورة آل عمران 3:85),
وأن اليهود والمسيحيين على ضلال ولا يدينون بدين الحق الذي هو الإسلام فقط (سورة التوبة 9:29-32),
وإن أراد الله أن يهدي إنساناً فيشرح قلبه للإسلام (سورة الأنعام 6:125) فهو الدين الحق ولا بد أن يلغي كل الأديان ويظهر على الدين كله (سورة الصف 61:9),
وهكذا يعتقد المسلمون أن دينهم فقط هو الدين الحق، وكل من يخالفهم فهو كافر يستوجب قتله وليس الحوار معه, لكن توجد قلة واعية من المسلمين يتقبلون الحوار معي رغم علمهم المسبق بأنني مرتد عن الإسلام وأعبّر عن الرأي الآخر,, فعن هؤلاء القلة أسجل هذا الحوار الذي يتضمن آراء متبادلة، وليس رأياً واحداً يفرض ذاته ويدَّعي أنه الرأي الأوحد,, ويحجب بقية الآراء الأخرى، وعندما يتم طرح الرأي، والرأي الآخر المخالف له، يستطيع الإنسان أن يفاضل بينهما ويختار ما يرتضيه ضميره، وما يتقبله عقله، بدون إرهاب وتخويف وإلغاء حرية وإرادة الإنسان, وقد كانت لي محاورات كثيرة مع إخوتي المسلمين في وطني مصر ذات الأغلبية المسلمة، فقمت بتسجيل بعضه في كتاب لم يطبع بعد يحمل عنوان (رسالة إلى صديقي المسلم) أرجو أن أتمكن من طباعته حتى تعم الفائدة، ولا سيما لهؤلاء الذين لم يسبق لهم معرفة الرأي الآخر, وما هي أسانيده التي يستند عليها,
أما كتابي هذا (هل الإسلام من عند الله) فهو حصيلة محاوراتي هنا في بلدي أجريته مع إخوة مسلمين من جنسيات مختلفة، وأشكر الله أنني أحتفظ بصداقة معظمهم رغم التباين الكبير بين آراء كل منا، لكن هذا لم يمنع حدوث احتكاكات مع بعضهم وحدوث تصرفات مؤلمة من جانبهم,, وقد حاول أحدهم خنقي بيده، وآخر هددني بالقتل، ناهيك على السيل العارم من الشتائم الجارحة، لكني أحب الجميع, والمسيحية التي آمنت بها تعلمني أن المحبة تحتمل كل شيء من أجل بلوغ الهدف وهو الله، أسمى هدف يمكن أن يبلغه الإنسان - وقد وضع الله في قلبي محبة كبيرة جداً لإخوتي المسلمين، ليس ذلك فحسب بل ما هو أبعد من ذلك، فلقد شاء الله أن يختارني للتبشير لهم بالرب يسوع المخلص الوحيد والذي لا يوجد أحد غيره ينبغي به أن يخلص الإنسان؟ فهذه هي رسالتي تجاههم، والتي لأجلها أعيش ولأجلها أيضاً سأموت حينما يحين الوقت وهو الآن صار قريباً جداً عن أي وقت مضى - لأن ما كنت أقوله هامساً صرت أنادي به بصوت عالٍ,
وعدو الخير لا يبغي أن يعلو صوت الحق المعلن في شخص المسيح الذي أحمل اسمه لإخوتي المسلمين لذلك سوف يسعى لإخماد هذا الصوت، لأنه منذ البدء وهو يناصب الإنسان العداء ويحجب عنه النور ليرى الحق فيهتدي - ويصم أذنيه حتى لا يسمع صوت الحق فيخلص - لأن في خلاص الإنسان تقويضاً لمملكة الشيطان المظلمة,, لذك نراه قد أضل أمماً وشعوباً وألقاهم في بحور التيه قبقيت شاردة عن الحق,, وهذا الحق أعلن في شخص المسيح القائل: أنا هو الطريق والحق والحياة,,, من يتبعني لا يمشي في الظلمة,
ويقول معلناً عن فحوى رسالته: أتيت للناس لتكون لهم حياة ويكون لهم أفضل,
أتى المسيح ليبحث عن الضال ويفتش عن المفقود، ليحرر المأسورين، ويشفي منكسري القلوب - لأنه قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ,, لم يكن جزاراً يذبح الناس، بل طبيباً رحيماً يعالج أوجاع البشر، يريد رحمة لا ذبيحة، يفتح ذراعيه بكل الحب لكل الناس قائلاً لهم تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم - إنه محب البشر الذي لم يسفك دماء أحد - وردّ على الشرّ بالحب، وأرسى في العالم أسمى تعاليم عرفها البشر في المحبة والطهر والمغفرة والسلام,
نسأل ملك السلام أن يمنح سلامه لنا حتى تتنقّى ضمائرنا وتصفو نفوسنا، ونفوز بالحياة الأبدية معه - في جنة مقدسة ليس فيها حوريات، وليس بها ملذات حسية، بل نكون فيها كملائكة الله في السماء، ننعم بحضرته البهية ونسبّح اسمه القدوس,
وفقنا الله جميعاً لحسن معرفته ومحبته وطاعته,
المؤلف
كلمات مضيئة ذات معاني عميقة من الإنجيل:
وَأَنَا أَشْكُرُ المَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الذِي قَّوَانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِيناً، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ، أَنَا الذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفاً وَمُضْطَهِداً وَمُفْتَرِياً. وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لِأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ. وَتَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدّاً مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ التِي فِي المَسِيحِ يَسُوعَ. صَادِقَةٌ هِيَ الكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ المَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى العَالَمِ لِيُخَلِّصَ الخُطَاةَ الذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا. لكِنَّنِي لِه ذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ المَسِيحُ فِيَّ أَنَا أَوَّلاً كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالاً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ (1تيمو 1:12-16),
إلى الأخ ام, ع