الآيات التي يلقيها الشيطان
تقول يا صديقي تعليقاً على قولي بوجود آيات يلقيها الشيطان بالقرآن:
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته، فالجلمة هنا بصيغة الماضي إذ لا يتحدث عن القرآن! وتدّعي أنه - لا وجود لآيات يلقيها الشيطان في القرآن, وإجابتي عليك يا صديقي كالتالي:
هذه الآية نزلت بالقرآن مخاطبة النبي وليس غيره، والسبب في ذلك أن النبي كان يقرأ بمكة سورة النجم، فلما بلغ: أفرأيتم اللاّت والعزى ومناة الثالثة الأخرى، ألقى الشيطان على لسانه: وتلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى! فقال المشركون: ما ذكر الهتنا بخير قبل اليوم, فسجد النبي وسجدوا معه، لذلك نزلت هذه الآية وما أرسلنا من قبلك من رسول الخ,
وهذا ما يقوله المفسرون، وأشهرهم الجلالان ولدينا الأدلة على ذلك كثيرة ومن القرآن ذاته! فهو يعاتب النبي بشدة لمجاراته للمشركين وافتراءه على الحق، ويحذره من مغبة ذلك، فيقول القرآن:
كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَا تَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً,
وتوالت تحذيرات القرآن للنبي بعدم الرضوخ للآيات الشيطانية التي تنال إعجاب المشركين وتطالبه باتباع ما يوحى إليه، وذلك من قوله:
لاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً,
وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً,
وَلاَ تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ,
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُك,
اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ,,, وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ,
فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكَافِرِينَ,,, وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ ,
لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الذِينَ كَذَّبُوا بِايَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الخَاسِرِينَ,
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِا للَّهِ,
َإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ,
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُّواً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَا لْجِنِّ,
سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ,
فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ البَاطِلَ ,
حتى اعترف النبي بضلالته إذ قال:
قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي,
وتم قبول اعتذاره بعد اعترافه من مس الشيطان له وتذكره للحق بعدما أبصره:
الَّذِينَ ا تَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ,
وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِا لَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلْينَا وَكِيلاً ,
وطالما شياطين الجن يحبّون القرآن ويمرحون فيه فلا عجب إذاً من إلقاء الشيطان آياته بالقرآن وهو أمر معروف تماماً، وكل هذه الآيات هي عتاب شديد من الله (ورقة) لمحمد لرضوخه لآيات الشيطان، وأما علاقة الجن بالقرآن فهي الآتي:
قُلْ أُوحِيَ إِليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً ,
وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ,
ما هذا؟ الشيطان يلقي آياته على النبي في غفلة من الله الذي ينتبه (فينسخ ما يلقيه الشيطان ثم يحكم الله آياته ويعاتب النبي بل يحذره بعنف لأنه لم ينتبه للآيات التي يلقيها الشيطان! لكن عموماً النسخ أوجد الحل لهذه المشكلة الشيطانية! ومسأله النسخ والتبديل في القرآن أمراً واضحاً معروف بنصوص قرآنية:
مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا,
وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَّزِلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ,
والإسلام ينفرد عن بقية الأديان بوجوب النسخ، فيقول الإمام السيوطي:
إن النسخ مما اختص الله به هذه الأمة بالطبع يقصد الأمة الإسلامية, ويقول المفسربن وعلى رأسهم الطبري والجلالان:
لما طعن الكفار في النسخ قالوا أن محمداً يأمر أصحابه اليوم بأمر وينهى عنه غداً فنزلت الآية ما ننسخ من أية أو ننسها الخ أي نغير أحكامها، ونبدل فرضها، فأي خير من التي نسخناها أو مثلها الخ ,
وروي ابن حاتم عن أبي عباس قال: ربما تزل الوحي على النبي في اليل ونسيه في النهار، فنزلت الآية ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها !
ما هذا؟ كتاب ديني يلقيه الشيطان، ويستمع إليه الجن ويكون له سورة باسمه، ثم يتمّ إلغاء ما يلقي الشيطان أو ما ينساه الله أو النبي، كيف بعد كل هذا السخف يطالبنا أحد بتصديق القرآن؟
نسخ، نسيان، تبديل، شياطين، عفاريت الجن، ما هذا السخف وما هذه الخرافات؟ ألا رحمة بعقولنا أيها السادة؟