وننتقل إلى حديث آخر,,, فتقول يا صديقي:
إن الله أرسل إلى كل الشعوب رسلاً بحسب لغتها، أفلا يعقل أن يبعث الله إلى هذا الشعب العربي رسول عربي وكتاب عربي؟ فحتى الصينيين بوعث فيهم شيت عليه السلام بعبادة سرها الحركة فحُرفت وأبدلت بعد ذلك كوسيلة دفاعية عنيفة، مجرد رياضة، إلا أن الرسول جاء مجدداً لعلم الحركات فكانت الصلاة بأربع حركات: وقوف، ركوع، سجود، جلوس، للاستمداد من قوة الطبيعة الأربعة الماء، الهواء، التراب، النار,
وإجابتي عليك كالآتي:
الأدلة التي تؤكد أن المسيح سيكون له امتياز محاسبة البشر تجدها في كتابي - الرد الهادي على افتراءات الغزالي - (تحت الطبع), كلها موثقة بالمصادر الإسلامية، فمعظم مصادري في حواري مع الإخوة المسلمين هي من أهم مصادر الإسلام ذاته، لأنها المصادر الوحيدة التي يؤمنون بصحتها, وقد سمح الله أن تحتوي مصادر الإسلام على الكثير من إثبات لاهوت المسيح,
هل معنى ذلك أن محمداً جاء لأهل الصين ليصلح عبادتهم ويحولها من الكراتيه إلى الصلاة بحركاتها الأربعة؟
وهل الصينيون يتعبدون بالرياضة العنيفة؟ ما هذا التخريف يا صديقي؟ لكم أشفق عليك لأنه لا شيت بوعث رسولاً للصينين ولم يبعث إلى أي شعب آخر، لأنه ببساطة متناهية كان قبل عصر الأديان والرسالات، فهو ابن آدم، ولم يكن في البشرية آنذاك سوى آدم وزوجه وبنوه فقط؟
ولم يبدأ عصر الرسالات والأديان إلا بعد آدم بمئات السنين، عندما دعى الله سيدنا إبراهيم أبو جميع الأنبياء - من موطنه في أور الكلدانيين - حاران - بالعراق، ودعاه الله ليترك عشيرته ويذهب إلى أرض كنعان - فلسطين - فأطاع سيدنا إبراهيم الله واصطحب معه زوجته سارة - وابن أخيه - سيدنا لوط - وأنجب سيدنا إبراهيم من زوجته سارة ابنه اسحق وأنجب من جاريته هاجر ابنه الثاني اسماعيل، لكن خرج من نسل اسحق كل الأنبياء, هذا النسل اصطفاه الله وجعله وريثاً شرعياً للكتاب (سورة فاطر 32),
وقد وضحنا من قبل - مكانة بني اسحق - وكيف خرج منهم كل الرسالات وكل الأنبياء وللاستزادة راجع كتابي (رسالة إلى صديقي المسلم ص 6 تحت الطبع),
مما يتضح ذلك بطلان ادعاء أن يكون شيت رسولاً، أو بُعث إلى أهل الصين, رغم أنها بديهية يعلمها الأطفال!
وإذا كان الغاية من رسالة محمد هي تجديد علم الحركات - الصلاة - فهل هذه الحركات تصلح لعبادة الله؟ الله روح والذين يعبدونه فبالروح، ولا يليق اقتباس علمٍ بشريٍ لعبادة الله، نحن لسنا في سيرك نقوم بحركات، الله أسمى من ذلك، ثم نقطة أخرى هامة - إذا كان محمد جاء ليصحح عبادة الصينين فلماذا لم يذهب إليهم؟ وهل رسالته صححت عباداتهم وجعلتهم يتخلون عن ديانتهم العنيفة ويستبدلونها بالصلاة الإسلامية؟ حسب علمنا أن الصين العظيمة ملياً إنسان يتوه وسطهم المسلمين من كل أصقاع الأرض لا تزال هي الصين، ولم تعتنق الإسلام ولم تستبدل رياضتها الدفاعية عن النفس بالصلاة الإسلامية، بل حدث العكس!!
فكم من المسلمين يمارسون الكارتية والجودو والكونغوفو وسائر رياضات الصين ولا يمارسون الصلاة بأربع حركات؟! ولماذا نذهب بعيداً، شيوخ المسلمين من إرهابي الجماعات الإسلامية يمارسون هذه الرياضة واستبدلوها بالصلاة والوعظ، ومعها القنابل والرشاشات!!
لم يأت محمد لإصلاح عبادات الصين، وما يحدث الآن هو العكس، فالصين تؤيد وتساعد إيران زعيمة المسلمين - وتمدها بما تحتاجه من تكنولوجيا تفتقر إيران إليها، إن المسلمين يا صديقي لا يعلّمون أحداً، بل يتعلّمون من كلّ الشعوب المتقدمة التي ساعدت على تقدمهم, إن صفوة المجتمع الإسلامي نال تعليمه في جامعات الدول المتقدمة,
نقطة أخرى، إذا كان سبب رسالة محمد هو تجديد علم الحركات للاستمداد من القوى الأربعة في الطبيعة، فهو بذلك نبياً للوثنيين عابدي مظاهر الطبيعة من نار وأصنام وسائر الأشياء الموجودة في الطبيعة، وليس لأهل الإيمان بالله وحده بل عقائدهم مستمدة من الله وحده لأن أهل الأديان السماوية لا يوجد في عقائدها مثل هذه العناصر المستمدة من الطبيعة بل عقائدهم مستمدة من الله وحده، ولا يوجد ذكر وإجلال للطبيعة المخلوقة إلا عند الوثنيين الذين قدسوا الطبيعة وعبدوها، وتركوا عبادة الله الواحد خالق الطبيعة، وعبدوا المخلوق دون الخالق,
فما الطبيعة إلا شيء زائل، ونحن المسيحيين لا نعبد الله بالحركات المستمدة من قوى الطبيعة، بل نعبد الله بأرواحنا المستمدة من الله ذاته وليس سواه، فالعبادة الحقيقية هي حالة روحانية، هي سموّ فوق كل ما هو موجود، ومخلوق إلى ما هو واجد الوجود وخالق كل ما هو مخلوق، تسبح الروح فيها وتصل إلى السماء، شاكرة ممجدة مسبحة الله، لان الله روح وليس تراب وهواء وماء ونار، وعبادته لا تتم بمثل هذه الحركات البهلوانية المضحكة، فليس سجود الجسد هو المراد، بل سجود الروح ,
أما قولك بأحقية الشعب العربي بأن يكون لهم نبي عربي وكتاب عربي مثل بقية الشعوب فنود تصحيح معلوماتك:
الله لم يرسل رسلاً لكل الشعوب، لأن هذه الشعوب رفضت رفضاً باتاً قبول فكرة وجود الله الواحد، فكانوا يعبدون الطبيعة من شمس وقمر وحيوانات، وكانوا يعبدون البشر والأصنام، واقتصرت رسل الله إلى بني إسرائيل وحدهم باستثناء - أهل نينوى بالعراق - فلقد أرسل لهم الله يونان النبي - يونس - أما بقية الشعوب فلقد رفضت الإيمان بالله، ولم يكن آنذاك شعب آخر في الأرض يعبد الله سوى بني إسرائيل فهم - أول شعوب الأرض معرفة بالله - وإن كان هذا الشعب قد ترك عبادة الله عدة مرات في تاريخه الطويل، وعبدوا العجل, والإله عشتروت لكنهم كانوا يرجعون إلى عبادة الله الحقيقي, وتوالت عليهم الأنبياء العظام الذين أرسلهم الله لهم مثل اسحق ويعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان وغيرهم كثيرن، حتى جاء المسيح - بعد التجسد - من نسلهم بحسب الجسد، وجاء للعالم كله شرقه وغربه، طبعاً العرب لم يخرجوا عن هذا العالم، بل وقبلوا الإيمان بالمسيح شأنهم شأن بقية شعوب الأرض، ولكن يحلو لبعض مزيفي التاريخ من محو تاريخ العرب المسيحيين قبل الإسلام، وهو تاريخ كبير ومضيء ولم يخل من الاستشهاد دفاعاً عن إيمانهم المسيحي، وقد اعتنقت الشعوب العربية الأصيلة المسيحية عن اقتناع كامل، ولا سيما عرب الجنوب وعرب الشمال المعروف عنهم بالتحضر والرقي فكان للمسيحية حضور قوي داخل الجزيرة العربية وقبل ظهور الإسلام بمئات السنين، وظهر منهم فطاحل الأدب والفلسفة، ونبغ منهم شعراء عظام، بل إن أعظم شعراء العرب كانوا من العرب المسيحيين، ومن المعروف أن المسيحية وصلت إلى شبه الجزيرة العربية في وقت مبكر جداً من بدء نشأة التاريخ المسيحي، وعندما حلّ الروح القدس على تلاميذ المسيح وطفقوا يتكلمون بألسنة لغات كل الشعوب كان من بينها اللّسان العربي 226 وقد قال السيد المسيح لتلاميذه:
اذْهَبُوا إِلَى العَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالْإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا,
ولم تمض سنوات قليلة حتى انتشرت المسيحية في جميع أرجاء العالم بما فيه العالم العربي وتحول كل شمال العالم العربي من الوثنية إلى المسيحية، وكذلك تحول جنوب الجزيرة العربية من الوثنية إلى المسيحية وصارت نجران مركزاً من مراكز المسيحية الهامة, ليس نجران فقط، بل واليمن كله هذا عن شمال وجنوب الجزيرة، أما عن وسط الجزيرة - مكة - فكان لها وجود أيضاً وإن كان ليس قوياً مثل الجنوب والشمال، وسبب عدم توغلها داخل المكيون - لم يكن قصوراً في تعاليم المسيحية، بل قصور في عقلية المكيين التي جبلت على الحرب والشدة والقسوةوحياة البدو الهمجية، هؤلاء فقط لا تنجح معهم تعاليم المسيحية وما تدعو إليه من السلام والموادعة والعفة، وهي أمور يرفضها شيطان مكة - الذي أغرق شعبها في الوثن وكافة الموبقات، فكان طبيعياً أن يرفضون المسيحية، لكن هذا الرفض المكي لم يمنع من وجود المسيحية داخل مكة، وأن يكون عليها في بدء العهد الإسلامي - أسقفاً عربياً مكياً قرشياً وهو ورقة بن نوفل,
وتذكر المصادر الإسلامية جانباً من الصعوبات التي كانت تعوق انتشار المسيحية وسط قبائل البدو وممن لم يكن لهم حظٌ من الرقي، الآتي:
اعتنقت بعض القبائل العربية المسيحية,,, واستطاعت أن تنشئ لها بعض الكنائس، كما حدث باليمن، وقد اعتنقت بعض القبائل العربية، كقبائل تغلب، وغسان، وطى، وبكر، وكان اعتناق هذه القبائل الدين المسيحي أمر طبيعي وذلك بحكم جوارها بالشام حيث موطن المسيحية - إلا أن المسيحية لم تكن راسخة الأقدام لأن مبادئها وما تدعو له من السلام والموادعة - تتنافى مع طبيعة البدوي التي جبلت على الحرب والشدة والقسوة ,
نجحت المسيحية مع القبائل العربية المتحضرة والتي كان لها نصيبٌ من الفكر والرقي، بينما رفضها أهل مكة النازحين من الشعاب والوديان لأنها لا تتوافق مع ميلهم إلى سفك الدم والشهوات، كان يوافقهم دينٌ حربيٌ شهوانيٌ، وقد جاءهم ما كانوا يطلبون والذي لم يتنافى مع طبائعهم القاسية,
أما القبائل العربية المتحضرة فلقد انتشر بينهم الدين المسيحي، وصارت لهم ممالك مسيحية قوية، وبقيت في الانتشار حتى ازدهرت بناء الكنائس وأديرة وصوامع الرهبان، بل واستطاعت ابنة - المنذر - من إنشاء ديرٍ للراهبات في شبه جزيرة العرب,
وكان وجود المسيحية العربية في قلب الجزيرة العربية، يراه نبي الإسلام عقبة أمام انتشار الدين الإسلامي ذلكم الشيء الذي ابتدعه محمد بعد خروجه عن المسيحية! نعم كان محمد مسيحياً وهذا ما سوف نؤكده في حينه، لأن المسيحية وما تدعو إليه من محبة وموادعة وعفة يتنافى مع ما جاء به وما يدعو إليه من قتال ونهب ثروات الشعوب، وإباحة تعدد الزواج والطلاق، وغيره كثيراً مما يتنافى مع تعاليم الدين المسيحي لأنه دين سماوي وليس من صنع أهواء البشر، لذلك قرر محمد محاربة القبائل العربية المسيحية وإذلالها، وبدأ بعد محاربتهم في المدينة وصفى وجودهم فيها هم واليهود معاً، بتجهيز جيشه لغزو - مؤتة - لكنه هزم هناك هزيمة ساحقة، فأعد جيشاً أكبر وأكثر عدداً وعدة، وقام بقيادته وذهب إلى - تبوك - وتمكن من غزوها وبعد أن كسرهم ضرب عليهم الجزية ,
واستمر عداء المسلمين العرب لإخوانهم المسيحيين العرب، فلم تمض سنوات قلائل حتى تمكن جيوش المسلمين المتعطشة للدم من تدمير بلدان وممالك المسيحية العرب، من مملكة غسان حتى مملكة بني لخم, وكان الإسلام صريحاً جداً في تصفية أهل الكتاب وعدم السماح لوجود دين آخر للعرب غير الإسلام، وحديث النبي في هذا الخصوص مشهورٌ جداً وهو (لا يجتمع بجزيرة العرب دينان) وهو ردٌ بليغٌ على مسلمي اليوم المتشدقين بمعسول الكلام من كون الإسلام لم يحارب أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين، وكان متسامحاً معهم وكريماً إلى أَبعد الحدود! وهل هناك كرمٌ أكثر من ذبحهم وإجلاءهم عن ديارهم ونهب ممتلكاتهم؟؟ أفيقوا أيها السادة وكفاكم تزييفاً وتشويهاً للتاريخ,