يسوع المسيح هو ابن الله

كيف نوضِّح ونبلغ هذه الحقيقة للمسلم

 

يؤمن المسيحيّون في العالم أجمع أنَّ يسوع هو المسيح ابن الله. وهذه الحقيقة المجيدة يعلنها الكتاب المقدّس بقوّة ووضوح في كلٍّ من العهدين القديم والجديد. كذلك فإنَّ الإنسان المسيحي يعرف هذه الحقيقة بناءً على اختباره الشّخصي وحياته اليوميّة الّتي يعيشها بالرّوح مع ربّه الّذي يحبّه وقد فداه بدمه الطّاهر والثّمين على الصّليب. والإيمان بأن يسوع المسيح هو ابن الله الذي نزل من السَّماء من أجل فداء البشرية بموته الكفاري على الصليب، يعتبر جوهر وأساس العقيدة المسيحية، ولأن لسان حال مسيحي يقول: "مَعَ المسيحِ صلبتُ، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ. فما أحياه الآن في الجسَدِ فإنما أحياه في الإيمان، إيمانِ ابنِ اللهِ، الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي" (غلاطية 20:2)، بل أنَّ وحي الله وإعلاناته في الكتاب المقدس حول تفاصيل حياة المسيح ومعجزاته وتعاليمه "فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيحُ ابنُ اللهِ، ولكي تكونَ لكم إذا آمنتُم حياةٌ باسمِهِ" (يوحنا 31:20). أي أن اعتراف الإنسان بأن يسوع هو المسيح ابن الله هو أساس الغلبة على الشَّر في حياة المؤمن وبالتالي الحياة الأبدية، كما نقرأ في رسالة يوحنا الأولى 5:5 "من هو الذي يغلبُ العالم، إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله"، وفي الآية 13 "كتبت هذا إليكم أنت المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أنَّ لكم حياةً أبديّة ولكي تؤمنوا باسم ابن الله". فالله يريد من النّاس أن يؤمنوا باسم ابنه الوحيد يسوع المسيح "وهذه هي وصيّته: أن نؤمن باسم ابنه يسوعَ المسيحِ" (يوحنا الأولى 23:3) حيث أن "من له الابن فَلَهُ الحياةُ، ومن ليس له ابن اللهِ فليست له الحياةُ" (يوحنا الأولى 12:5)، وهكذا فإنَّ الّذي يرفض إعلان السّماء، وينكر حقيقة كون يسوع ابن الله لا ينال الحياة، بل يمكث عليه غضب الله، لذلك على الإنسان المسيحي الّذي يحب الله والنّاس، أن يمارس هذه المحبّة بتبشير النّاس أنَّ يسوع هو المسيح ابن الله مخلّص العالم الوحيد.

 

ما هو المعنى المقصود من عبارة "يسوع هو ابن الله":

يحدث أحياناً كثيرة أن يردّد إنسانٌ اسماً أو عبارة أو حقيقةً دون أن يدرك حقيقة ومعنى ما يقوله، وفي هذه الحالة لن يستطيع هذا الإنسان أن يوصّل الفكرة الّتي لديه إلى الآخرين، وينطبق هذا في حديثنا عن يسوع ابن الله، إذ إنَّ على المؤمن أن يكون مدركاً لعمق وغنى هذه الحقيقة المجيدة المتعلِّقة بشخص الرب يسوع، وبالتّالي يستطيع أن يوصلها إلى الآخرين بطريقة حيّة ومؤثّرة تجعل الفكرة مقبولة عند الآخرين، دون أن تعثرهم أو تبعدهم أو أن تؤدّي بهم إلى رفض الاستماع إلينا.

 

وردت كلمة "ابن" و "أبناء" في الكتاب المقدّس بمعانٍ واستخدامات كثيرة جداً لتدل على علاقة أو رابطة أو حالة أو أصل أو ظرف أو غيرها من المعاني المجازيّة والرّمزيّة والمعنويّة، دون أن تشير بأي شكل من الأشكال إلى التناسل الجسدي، ومن الأمثلة على ذلك:

أ. في العهد القديم: استخدمت ابن لتدل على مُواطن شرف بالتّبني، وعلى عضو في جماعة أو قبيلة وعلى الانتماء إلى بلد أو مكان أو شعب معيّن. أيضاً استخدمت كلمة ابن لتشير إلى أبناء المهنة الواحدة أو زمن أو عصر معين، وإلى المساواة في المصير والحقوق، واستخدمت الكلمة أيضاً لتدل على مكانة شخص أو جماعة في علاقته أو علاقتهم مع الله والنّاس:

تكوين 32:5 "وكان نوح ابنَ خمسَ مائة سنة" وتعني أن عمره كان خمس مائة سنة.

تكوين 3:15 "وهوذا ابن بيتي وارثاً لي" وتعني الخادم الذي كان في بيت إبراهيم.

قضاة 22:19 "بني بليّعال" وتعني النّاس الأشرار.

صموئيل الأول 31:20 "ابن الموت" وتعني الشخص الذي يستحق الموت أو الذي يجب قتله.

ملوك الأول 35:20 "بني الأنبياء" وتعني أحد الأنبياء أو من جماعة الأنبياء.

أشعياء 10:60 "بنو الغريب" وتعني الغرباء، وتشير هنا إلى قومٍ لا يعرفون الله.

يوئيل 6:3 "بني يهوذا" وتعني سكان يهوذا.

"بني أورشليم" وتعني أهل القدس أو مواطنيها.

"بني الياوانيّين" وتعني اليونانيّون الغرباء عن أرض فلسطين.

زكريّا 14:4 "ابنا الزّيت" وتعني الممسوحان لخدمة الله.

 

ب. في العهد الجديد: استخدمت كلمة ابن مثل استخداماتها في العهد القديم، وبشكل خاص لتدل على المؤمن أو المؤمنين:

متى 15:9 "بنو العُرس" وتعني ضيوف العريس.

متى 27:12 "أبناؤكم" وتعني شعبكم.

لوقا 6:10 "ابنُ السَّلام" وتعني إنسانُ السلام، أي رجل مسالم.

لوقا 8:16 "أبناء هذا الدّهر" أي النّاس الخطاة في هذا العالم. "أبناء النّور" أي المؤمنون بالرّب.

يوحنّا 12:17 "ابنُ الهلاك" وتعني الشخص الذي يستحق دينونة الله.

أعمال 26:13 "بني جنس إبراهيم" وتعني من نسل إبراهيم.

غلاطية 7:3 "بنو إبراهيم" وتشير إلى الأشخاص الذين أصبحوا من نسل إبراهيم بسبب إيمانهم.

أفسس 2:2 "أبناء المعصية" وتعني جماعة الخطاة الذين لا يطيعون الله.

تدل استخدامات كلمة "ابن" في الآيات السابقة، وفي آيات أخرى كثيرة في الكتاب المقدّس على معانٍ رمزيّة ومجازيّة ومعنويّة وروحيّة، وهذه الحقيقة يجب أن تساعدنا في فهم عبارة "يسوع ابن الله"، إذ أن الحديث هنا لا يعني قطعيّاً أن الله اتخذ زوجة وأنجب منها يسوع، فهذا كلام باطل وتجديف على الله، حيث أن الكلمة تشير إلى العلاقة الوجدانيّة الحميمة بين الآب السَّماوي والرّب يسوع المسيح، وإلى المكانة الرّوحيّة المميزة والفريدة والمجيدة التي يمثلها ويجسدها المسيح باعتباره الله الآتي إلى العالم بصورة إنسان كامل ليقدّم للنّاس تعاليم السّماء، وليتمم الناموس، ويكمّل الخلاص بموته الكفّاري حبّاً وطوعاً على الصليب من أجل خطايا العالم أجمع.

 

نلاحظ عند دراستنا للإنجيل المقدّس، أن الرّب يسوع لم يتحدث عن نفسه بصفة "ابن الله" إلا في حالات قليلة جدّاً، وسبب ذلك هو معرفته الأكيدة أن اسم "ابن الله" يدل على أزليته ومساواته الكاملة في الجوهر مع الآب السَّماوي، وبالتّالي لو أن الرّب يسوع استخدم اسم "ابن الله" في أحاديثه وتعاليمه وعلاقته مع النّاس، لرفضوا أن يسمعوه منذ البداية، وبالتالي لما استطاع أن يصل إليهم ويعلمهم ويشفي مرضاهم. وهكذا ترك الرّب يسوع الفرصة أمام النّاس ليكتشفوا حقيقة كونه ابن الله من خلال سماعهم لأقواله ومشاهدتهم لأعماله ومعجزاته الباهرة، مما دفعهم إلى الاعتراف قائلين له "أنت هو المسيح ابن الله الحي" (أنظر متّى 17:16؛ ومتّى 54:27؛ ويوحنا 34:1 و49…الخ). واعترافهم هذا كان بوحي الله الّذي أعطاهم البصيرة ليدركوا حقيقة شخص الرّب يسوع المسيح.

 

كان اليهود في أيّام المسيح يعرفون معنى اسم "ابن الله"، وذلك من خلال دراستهم لكلمة الله في العهد القديم، ولذلك غضبوا وثاروا وناصبوا المسيح العداء، حيث اعتبروه مجدّفاً عندما قال لهم أنَّه المسيح ابن الله. نقرأ في يوحنا 17:5-18 "فأجابهم يسوع: "أبي يعملُ حتى الآن وأنا أعملُ". فَمنْ أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثرَ أن يقتلوهُ، لأنَّهُ لم ينقُضِ السَّبتَ فقط، بل قال أيضاً إنَّ اللهَ أبوهُ، معادلاً نفسَهُ باللهِ". وفي يوحنا 36:10 "فَالَّذي قدَّسَهُ الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنَّكَ تجدِّف، لأني قلتُ إني ابن اللهِ" (انظر أيضاً لوقا 18:4-29).

 

قبل الإسترسال في الحديث عن حقيقة كون يسوع هو المسيح ابن الله، لابد من التوقف قليلاً لمعرفة سبب رفض المسلمين لهذه الحقيقة، ثم ذكر الردود المختلفة والكثيرة عل ما جاء في القرآن وأحاديث النبي محمد حول هذا الموضوع. وذلك باستخدام العهد القديم والعهد الجديد والمعارف العامة وقرآن المسلمين، ومن خلال هذه الردود، وخصوصاً ما جاء في العهد الجديد، سيتم إبراز المعاني المختلفة لاسم يسوع "ابن الله".

 

لماذا يرفض المسلمون الاعتراف بأن يسوع هو ابن الله:

يرفض المسلمون بشدة وعصبيَّة قول المسيحيين بأن يسوع هو ابن الله، ولذلك فإنَّهُم يتَّهمون المسيحيين بالتجديف وقول الباطل، بل وبالتّطاول على الله. وهذا الموقف الإسلامي المتشدّد لم يأت من فراغ، بل إنّه مبنيٌّ على آياتٍ قرآنيّة وأحاديثٍ ونبويّةٍ عديدة فهمها المسلمون وفسّروها بطريقةٍ لم ولن تساعدهم أبداً في اكتشاف حقيقة شخص الرّب يسوع المسيح، وهكذا فإنّ المسلمين يشعرون بالاشمئزاز والغضب عندما يسمعون المسيحييّن يعترفون بأنَّ يسوع هو ابن الله. وهذا الموقف الإسلامي الرّافض بقوّة لِبنُوَّة المسيح يتطلّب من المسيحيّين أن يعرفوا أسباب هذا الرّفض، وبالتّالي أن يعملوا جاهدين وبروح الصّلاة والمحبّة في شرح مقاصدهم وتوصيل رسالتهم إلى المسلمين، وهذه الأسباب هي:

 

1. يفهم المسلمون قول الإنجيل أنّ "المسيح هو ابن الله" على أساس جنسي وجسدي بحت. أي أن المسلمين يظنّون أنّ المسيحييّن يدَّعون أنَّ الله تزوّج مريم وأنجبت منه المسيح. وهذا الظّن الإسلامي الفاسد والخاطئ مبنيٌّ على ما ورد في القرآن من آيات تنفي أن يكون لله زوجةً أو ولداً. نقرأ في القرآن قوله في سورة الأنعام 101:6 "بديعُ السَّماواتِ والأرضِ أنّا يكونُ له ولدٌ ولم تكُن لَّهُ صاحِبةٌ وخَلقَ كلَّ شيءِ وهوَ بِكلِّ شيءِ عليمٌ" وفي سورة الجن 3:72 "وأنّهُ تعالى جدٌّ ربنا ما اتّخذ صاحبةً ولا ولداً" وفي سورة الإخلاص 1:112-4 "قُلْ هوً اللهُ أحد. اللهُ الصَّمدُ. لَم يَلد ولم يولَدْ. ولم يًكن لَّه كُفُواً أحد". وآياتٍ أخرى كثيرة تنفي نفياً قاطعاً أن يكون لله ولدٌ (انظر البقرة 116:2 والنّساء 171:4 ويونس 68:10 والإسراء 111:17 والكهف 4:18 ومريم 35:19 و88 و91 و92، والأنبياء 26:21 والمؤمنون 91:23 والفرقان 2:25 والزُّمر 4:39 والزّخرف 81:43، والجن 3:72).

 

2. يعتقد المسلمون أنَّ الله خلق المسيح من تراب الأرض، كما خلق آدم، وبالتّالي يستحيل أن يكون المسيح ابن الله، لأنَّ ذلك سيعني في رأيهم أنَّ آدم أيضاً هو ابن الله. فالمسلمون يربطون بين ولادة المسيح من مريم العذراء وبين خلق آدم، لأنّهم يتصّورون أنَّ أساس العقيدة المسيحيّة عن "ابن الله" هو ولادة المسيح من مريم العذراء بدونأب بشري، في حين خلق اللهُ آدمبدون أمٍ وأبٍ بشرييّن. مع أنَّ الإنجيل يعلن بوضوح أنَّ المسيح هو ابن الله من الأزل، أي لم "يصبح" ابناً لله يوم ولادته. جاء في سورة آل عمران 59:3 "إنَّ مثلَ عيسى عند اللهِ كمثلِ آدم خلقَهُ من تراب ثم قال له كن فيكون" (راجع أيضاً البقرة 116:2و117، آل عمران 59:3، مريم 35:19).

 

3. جاء في القرآن نفياً قاطعاً أن يكون المسيح ابن الله، وقد ارتبط هذا النفي بمقاتلة الله لمن يقول مثل هذا القول الباطل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التفسير الإسلامي لعبارة "المسيح ابن الله" يتناول العملية الجنسية في الزواج، فهو ليس تفسيراً روحياً أو مجازياً بل تفسيراً مادياً وجسدياً. فنقرأ في سورة التوبة 30:9 "وقالتِ اليودُ عُزَيرٌ ابنُ اللهِ وقالتِ النَّصارى المسيحُ ابنُ اللهِ ذلك قولُهُم بأفواهِهِم يُضاهئونَ قولَ الَّذين كَفَروا مِن قَبلُ قاتلَهُمُ اللهُ أنَّى يًؤْفكونَ".

 

4. كَفَّر القرآن كلَّ شخصٍ يقول أنَّ الله هو المسيح، ووضع على لسان المسيح دعوته إلى عبادة الله ربّه دون إشراكٍ به. حيث جاء في سورة المائدة 17:5 "لقد كفَرَ الّذين قالوا إنَّ اللهَ هو المسحُ ابنُ مَرْيم قُلْ فَمَنْ يملكُ من اللهِ شيئاً إنْ أرادَ أن يُهلِكَ المسيحَ ابن مريَم وأُمَّهُ ومن في الأرضِ جميعاً وللهِ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ وما بينهُما يخلقُ ما يشاء واللهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ". وفي المائدة 72:5 "لقد كفر الّذين قالوا أَنَّ اللهَ هو المسيحُ ابنُ مريَمَ وقال المسيحُ يا بني إسرائيل اعبدوا اللهَ ربّي وربَّكم إنَّه من يشركُ باللهِ فقد حرَّم اللهُ عليهِ الجنّة ومأواهُ النّار وَما للظّالمينَ من أنصارِ" وفي سورة التّوبة 31:9 "اتّخذوا أحبارَهُم ورُهبانهم أرباباً من دون اللهِ والمسيحَ ابن مريم وما أُمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هُو سُبحانَه عَمَّا يُشركون". إنَّ القول بأنَّ الله هو المسيح ليس قولاً مسيحيّاً أبداً، لأنَّ ذلك يعني إنكار وحدانيّة الله في الثّالوث القدّوس، حيث لا يشتمل القول على ذكر الآب السماوي والرّوح القدس، بل إنَّ القول يعني بوضوحٍ أنَّ الله هو المسيح فقط، وهو قولٌ لا وجود له في الإنجيل المقدّس ولا يقبله المسيحيّون.

 

5. يؤكد القرآن في عدد كبير من آياته على أن المسيح هو ابن مريم، ولكن ليس ابن الله. فنقرأ في سورة المائدة 116:5 "وإذا قال اللهُ يا عيسى ابنَ مريمَ أأنت قلتَ للناسِ اتَّخذوني وأمي إلهَيْنِ من دونِ اللهِ قال سبحانَكَ ما يكونُ لي أن أقول ما ليسَ لي بحقٍّ إن كنتُ قلتُهُ فقد علمتَهُ تعلًمُ ما في نفسي ولا أعلَمُ ما في نفسِكُ إنَّكَ أنتَ عَلامُ الغيوب". نلاحظ في هذا النص القرآني نفياً وضعه القرآن على لسان المسيح بأنه ليس إلهاً وبأنه لا يعلم ما في نفس الله، ويستشهد الكتاب المسلمون كثراً بهذا النص من أجل نفي لاهوت المسيح، علماً بأن النص لا ينفي اللاهوت عن المسيح بل ينفي أن يكون المسيح قد قال ما لا يحق له قوله، أي قال بعبادته وعبادة أمه دون الله، وهو قول لا أساس له قطعياً في الإنجيل، حيث لا يوجد مسيحيٌ حقيقيٌ في العالم يعبد مريم العذراء، أي يعبد إنسانةً مخلوقةً، دون الله.

 

6. يتحدّث القرآن عن المسيح باعتباره نبيَّاً ورسولاً وعبداً لله، ولكن ليس ابن الله:

أ. نبي: مريم 30:19 "قال إنّي عبد اللهِ آتاني الكتابَ وجعلني نبيّاً"

آل عمران 84:3 "وما أُوتيَ موسى وعيسى والنّبيونَ من ربّهم"

ب. رسولٌ: الصّف 6:61 "وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم"

المائدة 75:5 "ما المسيحُ ابن مريمَ إلا رسولٌ قد خلت من قبلِهِ الرُّسل"

ت. عبد الله: النّساء 172:4 "لن يستنكِفَ المسيحُ أن يكونَ عبداً لِلهِ"

الزّخرف 59:43 "إنّ هو إلا عبدٌ أنعمنا عليهِ وجعلناهُ مثلاً لبني إسرائيل"

 

7. ورد في القرآن أقوالاً أخرى حول المسيح تنكر لاهوته أو كونه ابن الله، وتشير إلى أنّ الله قادر أن يهلكه، وبأنّه خاضع لله ويصلّي له، وبأنَّ الله هو ربّه الّذي أنعم عليه: جاء في سورة مريم 36:19 على لسان المسيح قوله "وإنَّ اللهَ رَبّي وربَّكُم فاعبدوهُ هذا صراطٌ مستقيمٌ" (انظر أيضاً آل عمران 51:3 والمائدة 72:5 و117 والزّخرف 64:43). كذلك على لسان المسيح في سورة المائدة 114:5 "قال عيسى ابنُ مريمَ اللَّهُمَّ أَنزِل علينا مائدةً من السّماء من السّماءِ تكونَ لنا عيداً لأوَلنا وآخرنا وآيةً منكَ وارزُقنا وأنتَ خيرُ الرّازقين" ويفهم القارئ المسلم من هذا النّص أنَّ المسيح مجرّد نبي يصلّي إلى ربّه طالباً منه العون والرّزق، وكيف يكون بالتّالي ابن الله أو الله وهو يطلب العون في صلاتهِ لله.

 

يسوع هو ابن الله (براهين ومعاني):

يستند المسيحيّون في إيمانهم الرّاسخ بأنَّ يسوع هو ابن الله على أدلّة قاطعة وساطعة أعلنها الله في الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد. كما ويستطيع المسيحيّون أن يستخدموا قرآن المسلمين لبرهنة اعتقادهم هذا، مع ملاحظة أن الاستخدام المسيحي للقرآن يعني قراءة جيّدة لآياته لا تتفّق مع التّفاسير التّقليديّة لدى المسلمين، علماً بأن تفاسيرهم أنفسهم لا تتّفق أصلاً فيما بينها.

 

أولاً: الأدلّة من العهد القديم:

أوحي الله إلى أنبيائه القديّسين في العهد القديم بنبوّاتٍ كثيرة عن مجيء المسيح مخلّص العالم، وتملأ هذه النّبؤات صفحات العهد القديم، ونقرأ فيها أنّ هذا المخلّص هو ابن الله بالتّحديد.

 

أ. مزمور 7:2 "إنّي أخُبر من جهة قَضاءِ الرَّبِ. قال لي: أنتَ ابني. أنا اليوم وَلَدْتُكَ". يتحدث المزمور الثّاني عن مسح الملوك في العهد القديم، وكلمة "ولدّتك" في المزمور لا تشير أبداً إلى الولادة الجسديّة، بل إلى إعلان علني من الله إلى شعبه عن تنصيب ملكٍ لهم. وقد وردت هذه النّبوة في ثلاث مواضعٍ في العهد الجديد لتؤكّد أنّ المعنى الوحيد المقصود بها هو قيامة يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، من بين الأموات، كما نقرأ في أعمال الرّسل 33:13 "إنَّ اللهَ قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم، إذ أقام يسوعَ كما هو مكتوبٌ أيضاً في المزمور الثّاني: أنتَ ابني أنا اليومَ وَلَدْتُكَ" وفي عبرانييّن 5:1 "لأنّهُ لِمَن مِنَ الملائكةِ قال قَطُّ: أنتَ ابني أنا اليومَ ولدتُك؟ وأيضاً: أنا أكون له أباً وهو يكون لي ابناً" (انظر العبرانييّن 5:5).

 

ب. صموئيل الثّاني 12:7-41 خاطب الله هنا الملك داود بلسان النّبي ناثان قائلاً له: "أقيمُ بعدكَ نسلكَ الّذي يخرجُ من أحشائِكَ وأثبِّت مملكتَهُ. وهو يبني بيتاً لإسمي، وأنا أُثّبِتُ كُرسِيَّ مملكتِهِ إلى الأبد. أنا أكون له أباً وهو يكون ليَ ابناً". وهذه النّبوة تتحدّث عن مجيء ابن الله إلى العالم بصورة إنسانٍ من نسل داود، أي من النّسل الملوكي، وكيف أنَّ المسيح هو الملك الأبدي لكونه ابن الله، وقد ورد المقطع الأخير "أنا أكون له أباً وهو يكون ليَ ابناً" في العهد الجديد في عبرانييّن 5:1 في الحديث عن امتيازات المسيح المجيد.

 

ت. أشعياء 6:9-7 "لأنّهُ يولد لنا ولدٌ ونعطى ابناً، وتكون الريّاسةُ على كتفِهِ، ويُدعى اسمُهُ عجيباً، مشيرا، إلهاً قديراً، أباً أبَدِيّاً، رئيسَ السّلام. لنمُوُ رياستِهِ، وللسَّلام لا نهايَةَ على كُرسِيِّ داودَ وعلى مملكتِهِ، ليثبّتها ويعضدَها بالحقِّ والبِرِّ. من الآن إلى الأبد. غَيْرَةُ ربِّ الجنودِ تصنع هذا" وهذه النّبوة العظيمة عن ميلاد المسيح تحتوي على خمسةِ أسماءٍ له تبرهن حقيقة كونهِ الله الآتي إلى العالم. فهو سيولد كإنسان في العالم، مع أنّه في نفس الوقت الله القدير والآب الأبدي.

 

ث. هوشع 1:11 "ومِن مصرَ دعوتُ ابني" مع متى 15:2 "وكان هناك إلى وفاةِ هيرودُسَ لكي يتمّ ما قيلَ من الرّبِّ بالنَّبيِّ من مصرَ دعوتُ ابني". أي أنَّ هذه النّبوة تتحدّث عن يسوع وكيف دعاه الله للعودةِ إلى وطنه بعد وفاة هيرودس الملك الّذي أراد قتله وهو صبي. وقد قال الرّب بوضوح هُنا أنَّ يسوع هو ابنه.

 

ج. دانيال 13:7-14 "كُنتُ أرى في رؤى اللَّيلِ وإذا مع سُحُبِ السّماءِ مثلُ ابن إنسانٍ آتي وجاء إلى القديمِ الأيّامِ، فقرّبوهُ قدّامَهُ. فأُعطيَ سلطاناً ومجداً وملكوتاً لتتعبّدَ له كُلُّ الشّعوبِ والأُمم والألسِنَةِ. سلطانًهً سلطان أبديٌ ما لن يزولَ، وملكوتُهُ ما لا ينقرضُ". نُلاحِظ هُنا استخدام اسم ابن الإنسان بدل اسم ابن الله في الحديث عن المسيح. وفي العهد الجديد نجد أنَّ الرّب يسوع قد استخدم هذا الاسم كثيراً أثناء خدمته وفي حديثه عن آلامه ومجيئه الثّاني إلى العالم. فمثلاً أثناء محاكمة يسوع "سأله رئيس الكهنة أيضاً: أأنتَ المسيحُ ابنُ المباركِ؟ فقال يسوع: أنا هو. وسوف تبصرونَ ابنَ الإنسانِ جالساً عن يمينِ القوَّةِ، وآتياً في سحابِ السَّماءِ" (مرقس 61:14-62). كان سؤال رئيس الكهنة ليسوع إن كان ابن المبارك، أي أن كان ابن الله، وجاء جواب المسيح مؤكّداً على هذه الحقيقة، مع أنَّ المسيح استخدم عبارة "ابن الإنسان" ليشير إلى حقيقة مجيئه بصورة إنسانٍ كامل إلى العالم، وهذا هو بالضّبط ما جاء في نبوّة دانيال عن لاهوت ابن الإنسان الّذي تتعبّد له كلّ شعوب الأرض.

 

ثانياً: الأدلّة من العهد الجديد:

تزخر صفحات العهد الجديد باستخدام اسم "ابن الله" للدّلالة على حقيقة شخص الرب يسوع المسيح باعتباره الله الّذي جاء إلى العالم بصورة إنسان من أجل إتمام نبوّات العهد القديم، وفداء الجنس البشري بسفك دمه على الصّليب للتّكفير عن خطايا العالم أجمع. وأهم معاني ودلائل استخدامات اسم "ابن الله" في العهد الجديد:

يجسّد الاعتراف بأنَّ يسوع هو ابن الله أحد أركان العقيدة المسيحيّة، وبدون هذا الإيمان لا يصبح الإنسان مسيحيّاً.

يوحنّا الأولى 15:4 "مِنْ اعترف أنَّ يسوع هوَ ابن الله، فالله يثبُت فيه وهو في الله".

5:5 "من هو الّذي يغلب العالم، إلا الّذي يؤمن أنَّ يسوع هو ابن الله".

13:5 "كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أنَّ لكم حياةً أبديّة ولكي تؤمنوا باسم ابن الله".

23:3 "وهذه هي وصيّته أنْ نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح".

غلاطية 20:2 "معَ المسيح صلبتُ، فأحيا لا أنا بلِ المسيحُ يحيا فيَّ. فما أحياهُ الآن في الجسدِ، فإنّما أحياه في الإيمانِ، إيمانِ ابنِ اللهِ، الّذي أحبّني وأسْلَمَ نفسَهُ لأجلي".

أعمال 36:8-38 "…فقالَ الخَصِيٌّ: هوذا ماءٌ. ماذا يمنعُ أن أعتمد؟ فقال فيلبّسُ: إن كنت تؤمنُ من كلِّ قلبكَ يجوز. فأجاب: أنا أومنُ أنَّ يسوع المسيحَ هو ابنُ الله. فأمر أن تقف المركبة، فنزلا كلاهُما إلى الماءُ. فيلُبًّسُ والخصيُّ، فعمَّدهُ".

يشير اسم ابن الله إلى لاهوت المسيح، أي أن اسم ابن الله يدلُّ على أنّ يسوع هو الله.

يوحنّا 17:5-18 "فأجابهم يسوع: أبي يعمل حتّى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوهُ، لأنَّهُ لم ينقُضِ السبتَ فقط، بل قال أيضاً أنّ الله أبوه معادلاً نفسَهُ بالله". عرف اليهود في أيام المسيح أن اسم ابن الله يعني المساواة مع الله الآب في الجوهر، وكان إعلان المسيح هذا السّبب الرّئيسي الّذي جعل اليهود يلاحقون المسيح لكي يقتلوه، حيث نقرأ في: يوحنّا 7:19 "حسب ناموسنا يجب أن يموت، لأنّهُ جعل نفسه ابن الله".

يوحنّا 36:10 "فالّذي قدّسه الآب وأرسله إلى العالم، أتقولون له أنّك تجدّف، لأنّي قلت إنّي ابن الله".

يوحنّا 30:10 "أنا والآب واحد".

يوحنّا 38:10 "أنا في الآب والآب فيَّ".

 

3. اسم ابن الله هو الاسم الّذي أطلق على المسيح مخلّص العالم، فالمسيح هو ابن الله.

متّى 16:16 "أنتَ هو المسيح ابن الله الحي".

متّى 63:26 "هل أنت المسيح ابن الله؟" (انظر مزمور 7:2 عن المسيح ابن الله).

يوحنّا 69:6 "ونحن قد آمنّا وعرفنا أنّك أنت المسيحُ ابن الله الحي.

 

4. يتم الحصول على الخلاص والحياة الأبديّة فقط عند الإيمان بالابن.

يوحنّا 16:3-18 "لأنّهُ هكذا أحبّ اللهُ العالمَ حتّى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلِكْ كلْ من يؤمِن بهِ بل تكون له الحياةُ الأبديّة. لأنّهُ لم يرسِلِ اللهُ ابنهُ إلى العالم ليدينَ العالم، بل ليخلصَ به العالم. الّذي يؤمنُ به لا يُدان، والّذي لا يؤمنُ به قد دينَ، لأنّهُ لم يؤمنْ باسمٍ ابن الله الوحيد"

يوحنّا 36:3 "الّذي يؤمن بالابن له حياةٌ أبديَّةٌ، والّذي لا يؤْمِنْ بالابن لن يرى حياةً بلْ يمكُثُ عليه غّضبُ الله".

يوحنّا 40:6 "لأنَّ هذه هي مشيئةُ الّذي أرسلني: أنَّ كُلَّ من يرى الابنَ ويؤمنُ به تكونُ له حياةٌ أبديّةٌ، وأنا أقيمُهُ في اليوم الأخير".

يوحنّا 36:8 "فإن حرركُم الابن فبالحقيقةِ تكونونَ أحراراً".

رومية 3:8 "فاللهُ إذ أرسَلَ ابنهُ في شِبِهِ جسد الخطيّةِ، ولأجلِ الخطيّةِ، دان الخطيَّةَ في الجسد".

رومية 32:8 "الّذي لم يُشفِق على ابنهِ، بَل بَذَلَهُ لِأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضاً معه كُلَّ شيءِ".

رومية 10:5 "لأنَّهُ إن كُنّا ونحن أعداءٌ قد صولحنا مع اللهِ يموتِ ابنِهِ، فبالأوْلى كثيراً ونحن مصالحون نخلُصُ بحياتِهِ".

غلاطية 4:4-5 "ولكن لمّا جاءَ مِلء الزَّمانِ، أرسلَ اللهُ ابنَهُ مولوداً مِن امرأةٍ، مولوداً تحتَ النّاموسِِ، لِيفتًدي الّذينَ تحتَ النَّاموسِ، لِننال التّبنّي".

يوحنّا الأولى 7:1 "ودم يسوعَ المسيحِ ابنًهُ يُطَّهِرُنا مِن كلِّ خطيّةٍ". يوحنّا الأولى 9:4-10 "بهذا أُظهِرت محبّةُ الله فينا: أنَّ اللهَ قد أرسل ابنَهُ الوحيدَ إلى العالَمِ لكي نحيا بِه. في هذا هي المحبَّةُ: ليس نحنُ أحببنا اللهَ، بل أنّهُ هو أحبّنا، وأرسل ابنهُ كفّارةً لخطايانا"

يوحنّا الأولى 14:4 "ونحنُ قد نظرنا ونشهَدُ أنَّ الآبَ قد أرسلَ الابنَ مخلِّصاً للعالَمِ".

يوحنّا الأولى 10:5-12 "من يؤمنُ بابن اللهِ فعنده الشّهادةُ في نفسِهِ. من لا يصدّقُ اللهَ فقد جعله كاذباً، لأنّهُ لم يؤمن بالشّهادةِ الّتي شهِدَ بها اللهُ عن ابنِهِ. وهذه هي الشّهادةُ: أنَّ الله أعطانا حياة أبديّةً. وهذهِ الحياةُ هي في ابنِهِ. من له الابن فَلَهُ الحياةُ، ومن ليس له ابن الله فليست لَهُ الحياةُ".

 

5. يسوع المسيح هو ابن الله الوحيد، وهو امتياز خاصٌ بالمسيح ولا يحق إلا له وحده، فهو ليس نبيا أو رسولاً، مع أنَّهُ قام بتجسده بوظيفة النبي المرسل للعالم.

عبرانيين 1:1-2 "الله، بعد ما كلّمَ الآباء بالأنبياءِ قديماً، بأنواعٍ وطرقٍ كثيرةٍ، كلَّمنَا في هذهِ الأيّامِ الأخيرةِ في ابنِهِ_الّذي جعلَهُ وارثاً لكلِّ شيء، الّذي بِه أيضاً عمل العالمين".

عبرانييّن 5:1 "لأنَّه لِمَن مِن الملائكة قال قطُّ: أنتَ ابني أنا اليومَ ولدُّتكَ. وأيضاً: أنا أكونُ لهُ أباً وهوَ يكون لي ابناً".

عبرانييّن 8:1 "وأمّا عن الابنِ: كرسيَّكَ يا الله إلى دهر الدُّهور. قضيبُ استقامةٍ قضيبُ مُلكِكَ".

عبرانييّن 5:3-6 "وموسى كانَ أميناً في كلِّ بيتهِ كخادمٍ، شهادةً للعتيد أن يتكلَّمَ بِهِ. وأمّا المسيحُ فكابنٍ على بيتهِ. وبيتُهُ نحن إنْ تمسَّكنا بثقة الرّجاء وافتخاره ثابتةٍ إلى النِّهايةِ".

 

6. يتمتّع ابن الله بسلطان وحقوق ومجد وكرامة وامتيازات الآب. وبالتّالي فإن الّذي ينكر الابن فهو عمليّاً ينكر معه الآب.

يوحنّا 35:3 "الآبُ يحبُّ الابنَ وقد دفع كلُّ شيءٍ في يدهِ".

يوحنّا 19:5-23 "فقالَ يسوعُ لهم: الحقَّ الحقَّ أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعملَ منْ نفسه شيئاً إلا ما ينظُرُ الآبَ يعملُ. لأنّ مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك. لأنَّ الآب يحبُّ الابن ويريه جميعَ ما يعمله، وسيريهِ أعمالاً أعظمَ من هذه لتتعجّبوا أنتم. لأنّهُ كما أنَّ الآب يقيم الأمواتَ ويحيي، كذلك الابن أيضاً يُحيي من يشاءُ. لأنَّ الآبَ لا يدينُ أحداً، بل قد أعطى كلَّ الدّينونةِ للابن. لكي يكرمَ الجميعُ الابن كما يكرمون الآب. من لا يُكرم الابن لا يكرم الآل الّذي أرسلهُ".

يوحنّا 26:5 "لأنّهُ كما أنَّ الآب له حياةٌ في ذاته، كذلك أعطى الابن أن تكونَ لَهُ حياةٌ في ذاتِهِ".

يوحنّا 37:10 "إنْ كنتَ لستُ أعملُ أعمالَ أبي فلا تَؤمنوا بي".

يوحنّا 3:13 "يسوعُ وهو عالمٌ أنَّ الآب قد دفَعَ كُلَّ شيءٍ إلى يديهِ، وأنَّهُ من عندِ اللهِ خرجَ، وإلى الله يمضي"

يوحنّا 15:16 "كُلُّ ما للآب هو لي"

يوحنّا الأولى 22:2-23 "من هو الكذّابُ، إلاّ الذي ينكرُ أنَّ يسوعَ هو المسيحُ؟ هذا هو ضدَّ المسيحِ، الذي يُنكرُ الآبَ والابنَ. من يُنكِرُ الابنَ ليسَ له الآبُ أيضاً، ومن يعترفُ بالابنِ فلهُ الآبُ أيضاَ".

 

7. يتمتّع المسيح بامتياز معرفة الآب السّماوي المعرفة الكاملة والحقيقية، لأنَّهُ ابن الله الوحيد.

متى 27:11 "وليسٌ أحدٌ يعرف الابن إلاّ الآب، ولا أحد يعرف الآب إلاّ الابن، وَمَن أراد الابنُ أن يُعْلِن لَهُ".

يوحنّا 15:10 "كما أنَّ الآبَ يعرفني وأنا أعرف الآبَ. وأنا أضعُ نفسي عن الخرافِ".

 

8. يُدعى الله أبو ربنا يسوع المسيح. مما يدل على العلاقة الفردية والخاصة والمميّزة والحميمة بين الآب والابن.

رومية 6:15 "لكي تمجدوا الله أبا ربنا يسوع المسيح".

كورنثوس الثانية 3:1 "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح ".

أفسس 3:‌1 "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح".

كولوسي 3:1 "نشكر الله وأبا ربنا يسوع المسيح".

بطرس الأولى 3:1 "مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح".

رؤيا 6:1 "وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه".

 

9. أهم المناسبات التي دُعِيَ المسيح فيها باسم ابن الله:

أ. البشارة بميلاده: لوقا 32:1 "هذا يكون عظيماً، وابن العَليِّ يُدعى، ويعطيه الرَّبُ الإلهُ كرسيَّ داود أبيه.

لوقا 35:1 "فأجاب الملاكُ: الـروحُ القدسُ يحلُّ عليكِ، وقوَّةُ العـليِّ تظلِّلكِ، فلذلك أيضاً القُدّوس المولودُ منك يُدعى ابنَ اللهِ".

 

ب. الولادة: متى 15:2 "من مصرَ دعوتُ ابني"

 ت. المعمودية: متى 17:3 "وصوتٌ من السّماوات قائلاً: هذا هو ابني الحبيبُ الذي به سُرِرتُ".

مرقس 11:1 "وكانَ صوتٌ من السَّماواتِ: أنتَ ابني الحبيبُ الّذي به سُرِرْتُ".

 

ث. التّجربة: متّى 3:4، 6 "إن كنتَ ابن الله".

لوقا 3:4، 9 "إن كنتَ ابن الله".

 

ج. التّجلي: متّى 5:17 "هذا هو ابني الحبيب الّذي به سررتُ".

مرقس 7:9 "هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا".

لوقا 35:9 "هذا هو ابني الحبيب، له اسمعوا".

بطرس الثّانية 17:1 "هذا هو ابني الحبيب، الّذي أنا سررت به".

 

خ. اعترافات مختلفة من أشخاص عاشوا مع المسيح أو التقوا به، وحتّى من الأرواح النّجسة والشّياطين.

1. يوحنّا المعمدان في يوحنّا 34:1 "وأنا قد رأيتُ شهدتُ أنَّ هذا هو ابنُ الله".

2. بطرس الرّسول في متّى 16:16 "فأجابَ سـمعانُ بطرسُ: أنت هو المسـيحُ ابنُ اللهِ الحي".

3. نثنائيل في يوحنّا 49:1 "فقال نثنائيل: يا معلّم، أنتَ ابن الله".

4. الشّياطين والأرواح النّجسة في:

متّى 29:8 "ما لَنا ولك يا يسوعُ ابنَ الله؟ أجئت إلى هنا قبلَ الوقتِ لتعذِّبنا".

مرقس 7:5 "ما لي ولك يا يسوع ابن الله العلي! أستحلفك بالله أن لا تعذّبني".

لوقا 41:4 "وكانت شّياطينُ أيضاً تخرج من كثيرين وهي تصرخ وتقول: أنتَ المسيحُ ابن الله.

لوقا 28:8 "فلمّا رأى يسوعً صرَخَ وخرَّ له وقال بصوتٍ عظيم: ما لي ولك يا يسوعُ ابن اللهِ العليِّ. أطلبُ منكَ أن لا تعذّبني".

5. جميع التّلاميذ في متّى 33:14 "والّذين في السَّفينة جاءُوا وسجدوا له قائلين: بالحقيقةِ أنتَ ابنُ الله"

 

خ. الصّلب: متى 54:27 "وأما قائد المئة والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزلة وما كان، خافوا جداً وقالوا: حقاً كان هذا ابن اللهِ"

مرقس 39:15 "ولما رأى قائـد المئة الواقف مقابله أنَّهُ صـرخ هكذا وأسـلم الروحَ، قال: حقاً كان هذا الإنسان ابن اللهِ".

 

د. القيامة: رومية 4:1 "ويَعين ابن الله بقوةِ من جهة روح القداسة،بالقيامة من الأموات: يسوع المسيح رَبِّنا"

أعمال 33:13 "الله… أقام يسوع كما هو مكتوبٌ أيضاً في المزمور الثاني: أنت ابني أنا اليوم وَلَدْتُكَ"

عبرانيين 5:5 "كذلك المسيحُ أيضاً لم يمجد نفسه ليصير رئيس كهنةٍ، بل الذي قال له: أنت ابني أنا اليوم ولدتُك"

 

10. أعلن المسيح صراحةً في تعاليمه وحياته أنَّه ابن الله، مبيناً بذلك أنَّه الله المتجسد.

متى 27:11 "كل شيءٍ قد دفع إليَّ من أبي، وليسَ أحدٌ يعرف الابن إلا الآبُ، ولا أحدٌ يعرف الآب إلاّ الابنُ ومن أراد الابنُ أن يعلِنَ له".

متى 21:7 "ليس كل من يقول لي: يا رب يا رب، يدخل ملكوت السَّماوات. بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السَّماوات"

متى 32:10-33 "فكل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قدام أبي الذي في السَّماوات. ولكن من ينكرني قدام النّاس أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السَّماوات.

متى 23:20 "… وأما الجلوسُ عن يميني وعن يساري فليس لي أن أُعطيَهُ إلا للّذين أعِدَّ لهم من أبي".

متّى 37:21-38 "فأخيراً أرسل إليهم ابنَهُ قائلاً: يهابونَ ابني! وأما الكَرّامونَ فَلَّما رَأوا الابنَ قالوا فيما بينَهُم: هذا هو الوارِثُ. هَلُمُّوا نَقتُلْهُ ونأخُذ ميراثَهُ!".

متى 29:26 "وأقولُ لكم: إنّي من الآن لا أشربُ من نِتاج الكرمةِ هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي"

متى 39:26 "يا أبتاه، إنْ أمكنَ فَلتعبُر عنّي هذه الكأس، ولكِن ليسَ كما أريد أنا بَل كما تُريد أنت".

متّى 42:26 "يا أبتاه، إنْ لَم يُمكن أن تعبُر عنّي هذا الكأس إلا أن أشرَبَها فلتَكُنْ مَشيئَتُكَ".

متّى 53:26 "أتظن أنّي لا أستطيعُ الآن أن أطلبُ إلى أبي فيقدّمَ لي أكثر من اثني عشرَ جيشاً من الملائكة".

متّى 63:26-64 "فسألهُ رئيسُ الكهنةِ: "أستحلفكَ بالله الحي أنْ تقولَ لنا: هل أنتَ المسيحُ ابن اللهِ؟ فقالَ له يسوع: "أنتَ قلت! وأيضاً أقولُ لكم: مِن الآن تبصرونَ ابن الإنسان جالساً عن يمين القوّة، وآتياً على سحاب السّماء".

متّى 43:27 "قد اتّكل على الله، فليُنْقِذهُ الآن إنْ أراده لأنَّهُ قال: أنا ابن الله!".

مرقس 6:12 "فإذ كانَ لهُ أيضاً ابنٌ واحدٌ حبيب إليه، أرسله أيضاً إليهُم أخيراً، قائلاً: إنَّهم يهابون ابني".

مرقس 36:14 "يا أبا الآب".

مرقس 32:13 "الابن".

لوقا 49:2 " ألم تعلما أنَّه ينبغي أن أكون في ما لأبي".

لوقا 22:10 "كل شيءٍ قد دفع إليَّ من أبي. وليس أحدٌ يعرف من هو الابن إلا الآبُ، ولا مَنْ هو الآب إلا الابنُ، ومن أراد الابنُ إن يعلن له".

لوقا 42:22 "يا أبتاهُ، إن شئتَ أنْ تُجيزَ عنّي هذِهِ الكأس".

لوقا 70:22 "فقال الجميع: "أفانتَ ابنُ الله؟ فقالَ لهم: أنتم تقولونَ إنَّي أنا هو".

لوقا 46:23 "يا أبتاهُ، في يديكَ أستودعُ روحي".

يوحنّا 17:5 "أبي يعمل حتّى الآن وأنا أعمل".

يوحنّا 40:6 "لأنَّ هذه هي مشيئةُ الّذي أرسلني: أنَّ كُلَّ من يرى الابن ويؤمن به تكون له حياةٌ أبدية وأنا أقيمُهُ في اليوم الأخير"

يوحنّا 54:8 "أجابَ يسوع: إن كنتُ أمجّد نفسي فليس مجدي شيئاً. أبي هو الّذي يمجّدني. الّذي تقولون أنتم أنَّه إلهكم".

يوحنّا 35:9-38 "أتؤمن بابن الله؟ أجاب من هو يا سيّد لأومن به. فقال له يسوع: قد رأيته والّذي يتكلّم معك هو هو. فقال أؤمن يا سيّد. وسجد له".

يوحنّا 18:10 "لي سلطان أن أضعها (أي نفسه) ولي سلطان أن آخذها أيضاً. هذه الوصيّة قبلتها من أبي".

يوحنّا 36:10 "فالّذي قدّسهُ الآبُ وأرسله إلى العالم، أتقولون له: إنَّكَ تُجدِّف، لأنِّي قلتُ إنِّي ابن اللهِ".

يوحنّا 13:14 "ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجّد الآبُ بالابن".

يوحنّا 15:15 "…لكنّي قد سمّيتُكُم أحبَّاءَ لأنّي أعلمتكُم بكلِّ ما سمعتُهُ من أبي".

 

11. تعاليم وحقائق مجيدة عن ابن الله:

ا. يسوع هو ابن الله الوحيد. يوحنّا 18:1 "الابن الوحيد الّذي هو في حضن الآب" (انظر يوحنا16:3)

ب. الابن يعمل مشيئة الآب. يوحنّا 18:1 "طعامي أن أعمل مشيئة الّذي أرسلني وأتمّم عمله".

يوحنّا 30:5 "لأنّي لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الّذي أرسلني".

يوحنّا 38:6 "لأنّي قد نزلت من السّماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الّذي أرسلني".

ت. يتكلّم الابن بما يسمع من الآب. يوحنّا 5:12 "فما أتكلّم أنا به، فكما قال لي الآب هكذا أتكلّم".

ث. الابن في الآب والآب فيه. يوحنّا 38:10 "لكي تعرفوا وتؤمنوا أنَّ الآب فيَّ وأنا فيه".

يوحنّا 21:17 "كما أنَّكَ أنتَ أيُها الآب فيَّ وأنا فيك، ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا".

ج. رؤية الابن تعني رؤية الآب. يوحنّا 9:14 "الّذي رآني فقد رأى الآب".

ح. شركة المؤمن مع الآب والابن. يوحنّا الأولى 3:1 "وأمّا شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح".

خ. الصّلاة إلى الآب تتم بروح الابن. غلاطية 6:4 "ثمَّ بما أنَّكم أبناء، أرسل الله روح ابنِهِ إلى قلوبكم، صارخاً يا أبا الآب".

يوحنّا 23:16 "كل ما طلبتم من الآب باسمي أعطيكم".

د. الآب والابن واحد. يوحنّا 30:10 "أنا والآب واحد".

 ذ. مجد الآب هو مجد الابن. يوحنّا 4:11 "هذا المرض ليس للموت. بل لأجل مجد الله. ليتمجّد ابنُ الله به".

ر. تربط المحبّة بين الآب والابن. يوحنّا 35:3 "الآبُ يحبُّ الابنَ وقد دفع كلَّ شيءٍ في يده".

يوحنّا 20:5 "لأنَّ الآب يحبُّ الابن ويريه جميعَ ما هو يعمله".

ز. ابن الله هو رئيس الكهنة السّماوي الوحيد. عبرانييّن 14:4-15 "فإذ لنا رئيسُ كهنةٍ عظيمٌ قد اجتاز السّماوات، يسوع ابن الله، فلنتمسّك بالإقرار. لأنَّ ليس لنا رئيس كهنةٍ غير قادر أن يرثي لضعفاتنا، بل مجرَّبٌ في كلّ شيءٍ مثلنا، بلا خطيّة".

س. ابن الله أزلي مثل الآب. كولوسي 13:1-17 "ملكوت ابن محبّته…الّذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل".

يوحنّا 5:17 "والآن مجدّني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الّذي كان لي قبل كون العالم".

 

12. كرزت الكنيسة في الماضي، وهي تكرز اليوم أيضاً أن يسوع ابن الله".

أعمال الرّسل 20:9 "وللوقتِ جعل يكرزُ في المجامعِ بالمسيحِ أنْ هذا هو ابنُ الله".

كورنثوس الثّانية 19:1 "لأنَّ ابن الله يسوعَ المسيحَ، الّذي كُرِزَ به بينكم بواسطتنا، أنا وسلوانس وتيموثاوس، لم يكن نعم ولا، بل قد كانَ فيه نَعَم".

 

13. تتم وحدة الكنيسة ونموّها الحقيقي في معرفة ابن الله والتَّشبه به.

رومية 29:8 "لأن الّذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه، ليكون هو بكراً بين اخوة كثيرين".

أفسس 13:4 "إلى أن ننتهي جميعاً إلى وحدانيّة الإيمان ومعرفة ابن الله، إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى قياس قامة ملءِالمسيح".

 

14. تنتظر الكنيسة عودة الابن ثانية من السّماء.

يوحنّا 25:5 "الحقّ الحقّ أقول لكم: إنَّه تأتي ساعةٌ وهي الآن، حين يسمع الأموات صوتَ ابنِ الله، والسّامعون يحيون".

تسالونيكي الأولى 10:1 "وتنتظروا ابنَهُ من السَّماء، الّذي أقامه من الأمواتِ، يسوعَ الّذي ينقذنا من الغضب الآتي".

رؤيا 18:2 "هذا يقوله ابن الله…" حيث سيتكلّم المسيح بهذه الأقوال عند مجيئه ثانيةً.

 

15. وحدانيّة الله الحقيقيّة هي الوحدانيّة الجامعة في الآب والابن والرّوح القدس.

متّى 19:28 "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والرّوحِ القُدُس".

متّى 16:3-17 "فلمّا اعتمد يسوع للوقت من الماء. وإذا السّماوات قد انفتحت له، فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه. وصوت من السّماء قائلاً: هذا هو ابني الحبيب الّذي به سررِت".

كورنثوس الثّانية 14:13 "نعمة ربَّنا يسوع المسيح، ومحبّة الله. وشركة الرّوح القدس مع جميعكم. آمين".

نستنتج من جملة هذه الآيات الّتي تتحدّث عن يسوع ابن الله الوحيد، أنَّ الله أصبح في الابن معلناً للنَّاس وقريباً منهم. حيث يوجد للابن وِحُدَةٌ جوهريّةٌ مع الآب أساسها المحبّة المتبادلة في ذات الله، وهذه الوحدة دائمة في الإرادة والعمل والعطاء. لقد جاء الله إلى عالمنا في صورة إنسان هو يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، وبمجيئه تمّمَ خلاص العالم. أي أن عظمة محبة الله للنّاس الّذين خلقهم جعلته يدخل عالم النّاس حتّى يوجّه مسيرة التّاريخ البشري نحو الخير والصّلاح والفضيلة، وذلك من خلال إعلان إرادة الله الصّالحة والمرضية والكاملة بواسطة تعاليمه ومعجزاته وآلامه وموته وقيامته المجيدة.

 

ثالثاً: الأدلة من المعارف العامّة:

نستخدم في لغتنا العربيّة، كما تستخدم الشّعوب المختلفة بلغاتها الخاصّة بها، ألفاظاً وتعابير كثيرة لا يمكن تفسيرها حرفيّاً، بل مجازيّاً ورمزيّاً ومعنويّاً، مثال ذلك قولنا بأنَّ الكلمة هي بنت الشِّفة، فهنا لا يعقل أن نفكِّر بعمليّة جنسيّة انتهت بالإنجاب، بل نفهم من ذلك أنَّ الكلام المنطوق يخرج من الفم، وذلك لأنَّ الشِّفة هي مدخل الفم. وفي قولنا عن المسافر أنَّهُ ابن السّبيل، فإنّنا هنا نتكلّم بلغة مجازيّة، وعبارات أخرى كثيرة، مثل قولنا: ابن فلسطين أو ابن الأردن أو مصر أو السّعوديّة…الخ. وقولنا عن أبناء هذا الجيل أو أبناء النّور أو أبناء الظّلمة.

وهكذا عند استخدامنا اسم ابن الله، فالمقصود بالتّحديد هو هويّة المسيح الحقيقيّة باعتباره الله المتجسّد والآتي إلى العالم. كذلك إن كنّا نؤمن بأنَّ الله قادر على كلّ شيء، فما الّذي يمنع الله أن يأخذ صورة إنسان ويدخل عالم النّاس. ولقد شاهد التّلاميذ المسيح، ومن خلال حياتهم معه لمدّة ثلاث سنوات اختبروا حقيقته واعترفوا بها، وحملوا الرّسالة لغيرهم. وما تزال الكنيسة حتّى اليوم، أي بعد مسيرة ألفي سنة من تاريخها، تشهد بقوّة أنَّ المسيح هو ابن الله. كذلك فإنًّ الكنيسة تصلّي باسم المسيح ابن الله، وبهذا الاسم المجيد جرت آيات ومعجزات كثيرة، وحتّى اليوم ما يزال اسم ابن الله يشكّل مصدر قوّة التّغيير الهائلة في حياة النّاس وانتقالهم من الشّر إلى الخير.

رابعاً: الأدلة من قرآن المسلمين

عرفنا سبعة أسباب تدفع المسلمين إلى إنكار حقيقة لاهوت المسيح وأنَّه ابن الله، لذلك فقبل العودة إلى القرآن لمعرفة المزيد من تعاليمه وأقواله عن المسيح، لا بدَّ أوّلاً من العودة إلى أسباب الرّفض السّالفة الذّكر، وإعادة قراءتها لمعرفة مدى اتّفاقها مع العقيدة المسيحيّة حول حقيقة شخص ابن الله:

1. لا يتحدّث الإنجيل نهائيّاً على أنَّ المسيح هو ابن الله بالمفهوم الجنسي والجسدي، حيث إنَّ هذه الفكرة الشّريرة تعتبر إثماً وتعديّاً علىقداسة الله. وبما أنَّ القرآن ينفي بنوّة المسيح بالمفهوم الجسدي، فإنَّ هذا الموقف الإسلامي يتّفق تماماً مع العقيدة المسيحيّة، حيث يرفض الإنجيل والمسيحيّون تماماً الفكرة الجنسيّة لبنوّة المسيح لله.

2. لا يوجد في الواقع أي شبه بين آدم والمسيح. فآدم كان أوّل إنسان خلقه الله، وبالتّالي فمن الطّبيعي أن لا يكون له أب أو أم، فهو أب البشر جميعاً. كذلك فإنَّ آدم خلق من تراب الأرض، وبعد فترة من حياة التّقوى في جنَّة عَدْنٍ سقط في خطيّة العصيان، ولذلك عاقبه الله بالطّرد من الجنّة ومن ثمَّ الموت. أمّا المسيح فقد ولد بمعجزة سماويّة باهرة من القدّيسة مريم العذراء، ولم يرتكب أيَّة خطيّة، وهو باعتراف المسلمين والقرآن حيٌّ في السّماء.كذلك فإنَّ المسيح عندما جاء إلى العالم، اتّخذ لنفسه جسداً بشريّاً، وهذا يعني أنَّ المسيحيّة توافق على ما يقوله القرآن بأنَّ الجسد الّذي اتّخذه المسيح كان مخلوقاً، أمَّا المسيح نفسه فهو أزلي الوجود، ولكنّه أخذ جسداً بشريّاً كوسيلة ليعيش فيه مع النّاس في العالم.

3. إنَّ اسم ابن الله يدلُّ على مساواة المسيح في الجوهر مع الآب، ويدلُّ كذلك على العلاقة الخاصّة والحميمة بين الآب والابن، أي لا يوجد في هذا الاسم أي معنى لعلاقة جنسيّة دخل فيها الآب مع مريم، فهذا ادّعاء باطل وتهمة شرّيرة لم تقل بها المسيحيّة نهائيّاً.

4. يؤمن جميع المسيحيّون أنَّ الله هو الآب والابن والرّوح القدس، ولا يقولون أبداً أنَّ الله هو المسيح لوحده، لأنَّ ذلك ينفي وجود ولاهوت الآب والرّوح القدس.كذلك يؤمن المسيحيّون أنَّ المسيح أخذ طبيعة بشريّة، وفي ناسوته، أي في طبيعته البشريّة، كان يحتاج إلى الشّركة اليوميّة والدّائمة مع الآب السّماوي في الشّركة والصّلاة وعمل مشيئة الآب. وهكذا فالمسيح الإنسان اختبر جميع ضعفات الجنس البشري، وتجرَّب في كل شيء، ولكنّه لم يسقط في الخطيّة أبداً، ويبيّن لنا الإنجيل المقدّس بكلِّ وضوح أنَّ ناسوت المسيح لم ينفِ عنه اللاهوت أبداً، بل يبيّن لنا كيف أن المسيح عاش في العالم بطبيعته البشريّة إلى جانب طبيعته الإلهيّة.

5. صحيح أنَّ يسوع المسيح هو ابن القديّسة مريم العذراء في الجسد، وكونه ابن مريم العذراء من النّاحية البشريّة لا يتعارض مع كونه ابن الله من النّاحية اللاهوتيّة. كذلك لا يقول الإنجيل أبداً أنَّ المسيح دعا إلى عبادته وعبادة مريم العذراء من دون عبادة الآب، فهذا الكلام باطل من أساسِه.

6. قام المسيح في أيّام تجسّده بوظيفة النّبي والرّسول والكاهن، ولكنَّه في نفس الوقت كان أعظم من أن يكون واحداً من هؤلاء. كذلك فإنَّ المسيح في طاعته للآب وموته على الصّليب، اتّخذ صورة العبد المتألّم بالنّيابة عن العالم الّذي أحبّه وعمل على خلاصه، وبعمله هذا برهن المسيح على عظمة تواضعه، هذا التّواضع الّذي لا يليق إلا بابن الله، الّذي بعد قيامته المظفرة من بين الأموات، صعد إلى السّماء آخذاً المجد الّذي كان له قبل خلق العالم.

7. دعا المسيح النّاس في أيّام تجسّده إلى التّوبة وعبادة الله الحي، وقال أنَّ الله ربّي وربّكم بحسب طبيعته البشريّة المحدودة، أمّا بطبيعته اللاهوتيّة فقد قال بكلِّ قوة ويقين أنَّهُ واحد مع الآب، وأنَّه الله، وإنَّ الّذي يراه يرى الآب.

بالإضافة إلى الآيات القرآنيّة الّتي ذكرت في البداية عن المسيح، فإنَّ القرآن يذكر أسماءً وصفاتاً وأعمالاً له لم تنسب إلى أي شخصٍ آخر، حتى لنبي الإسلام محمد، ومع أنَّ المسلمين يعظمون محمد أكثر من الكسيح، إلاّ أنَّ القرآن يضع المسيح في مرتبةٍ تفوق مرتبة محمد. ومن جملة ما يقوله القرآن عن المسيح، والتي تدل على امتيازه وفرادته ومكانته الخاصة، يمكننا الإستنتاج بأنَّ هذا الشخص هو في الحقيقة ابن الله، بالرّغم من أنَّ القرآن لا يستخدم هذا الإسم، بل ويكفرِّ من يستخدمه بالمعنى الجنسي والجسدي.

 

أ. أسماء المسيح في القرآن:

ذكر القرآن مجموعة من الأسماء للمسيح، ومنها:

1. المسيح: جاء في سورة آل عمران 45:3 "اسمه المسيح عيسى ابن مريم" حيث ورد اسم "المسيح" أحد عشرة مرة في القرآن (النساء 157:4و171،172؛ والمائدة 17:5و72و75؛ والتوبة 30:9و31). وقد اختلف مفسرو القرآن في تفسير معنى كلمة المسيح، ومما قالوه:

? سمي المسيح لأنَّهُ كان لا يمسح ذا عاهة إلاّ برئ من مرضة.

? المسيح أي الممسوح بزيت البركة.

? لأن الجمال مسحه أي أصابه وظهر عليه.

? سمي كذلك لأنَّهُ مسح بالطُهَرِ من الذنوب.

? المسيح أي الصِّديق.

? سمي المسيح لكثرة سياحته.

? المسيح اسم لعيسى غير مشتق، وقد سماه الله به.

نلاحظ هنا بأنَّ هذه المعاني الّتي أعطاها المسلمون للمسيح، وإنه قصّرت في إعطاء المعنى الحقيقي للكلمة، فإنّها تدلُّ على امتيازات فريدة للمسيح: فهو الطّبيب الشّافي الممسوح بروح البركة، والخالي من الذّنوب والخطايا، فهو الصّديق والّذي جماله بارع وظاهر، وهذه الصّفات، سواء اعترف بذلك علماء المسلمين أم لا، تفوق صفات البشر. ويعترف القرآن والنّبي بصراحة أنَّ جميع البشر خطاة باستثناء المسيح، أي أنَّهُ وضع المسيح فوق البشر جميعاً.

 

2. كلمة الله: ورد اسم كلمة الله للمسيح في ثلاث آيات في القرآن: في سورة النّساء 171:4 "إنّما المسيحُ عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه" وفي سورة آل عمران 39:3 "إنَّ الله يبشِّرُك بيحيى مصدِّقاً بكلمةٍ من الله" وفي آل عمران 45:3 "إذ قالت الملائكة يا مريم إنَّ الله يبشِّركِ بكلمةٍ منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدّنيا والآخرة ومن المقرّبين". وهنا أيضاً تعدّدت التّفاسير والرّوايات الإسلاميّة لمعنى "كلمته" أي كلمة الله، ومّما قالوه:

? سمّيَ عيسى كلمته لأنَّهُ كان بكلمة الله تعالى الّتي هي "كن" فكان من غير أب (القرطبي وابن كثير وغيرهم).

? كلمته أي رسالته لمريم (أبو عبيد في تفسير القرطبي).

? كلمة من الله أي كتاب من الله (الرازي).

? جمع الله بين الصورة والروح، فكان نشأة تامة ظاهِرهُ بشر وباطنه ملك، فهو روح الله
وكلمته (ابن العربي).

? قالت أم يحيى (يوحنّا المعمداني) لمريم: "إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في بطنك"
فذلك تصديقه بعيسى وسجوده في بطن أمه (ابن عباس والطبري وابن كثير والقرطبي
وغيرهم).

? وكلمته هو كقوله "كن فيكون" (قتادة في تفسير ابن كثير).

? وقيل سمّي كلمة لأنَّ النّاس يهتدون بِهِ كما يهتدون بكلام الله تعالى (القرطبي).

? وقيل الكلمة هنا بمعنى الآية (القرطبي).

ورغم تعدّد هذه التّفاسير، إلا إنّنا نجدُ أنَّ التّفسير الأكثر رواجاً هو القول بأنَّ المسيح خلق بكلمة "كان" في أحشاء مريم. ولكن بالعودة إلى الآيات القرآنيّة الّتي تتحدّث عن "كلمته" أي كلمة الله، وعن "كلمةٍ منه" و "كلمة من الله"، لا نجد أيّة إشارة لعمليّة خلق للكلمة حيث لا وجود لكلمة "كُن"، بل لدينا بشارة بميلاد الكلمة، وتصديقاً لهذه الكلمة، وكذلك إلقاء لهذه الكلمة إلى مريم. أي إنّ الكلمة كان موجوداً قبل إلقائه إلى مريم. كذلك فإنَّ "الكلمة" تشير بوضوح إلى شخص، أي كائن حي له اسم هو المسيح، ولا تشير إلى فعلٍ نهائيّاً. وهكذا فإنَّ التّفاسير الإسلاميّة لا تعدو إلا محاولات بائسة لنفي وجود الكلمة، أي وجود المسيح، قبل أن تحمله القدّيسة مريم العذراء في أحشائها، وبديهي أنّ الوجود السّابق للولادة ينفي أن يكون المسيح مخلوقاً، بل مولوداً من العذراء مريم، فهو بالتّالي مولود غير مخلوق، وهذا دليل على أزليّته ثمّ تجسّده كإنسان بالولادة من مريم العذراء. وبما أنَّ يسوع المسيح هو كلمة من الله، لذلك فإنَّ الإستنتاج المنطقي هو أن يسمّى "ابن الله". وهذا يطابق ما جاء في الإنجيل المقدّس "في البدء كان الكلمة، والكلمةُ كانَ عند اللهِ، وكان الكلمة الله" و"الكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده مجداً كما لوحيدٍ من الآب، مملوءاً نعمةً وحقّاً" (يوحنّا 1:1 و14).

 

3. روح منه: دعي المسيح "روح منه"، أي من الله، مرّة واحدة في القرآن في سورة النّساء 171:4 "إنّما المسيحُ عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه". وهنا يواجه المفسّرون المسلمون مشكلة كبرى في تفسير معنى "روح منه" على الرّغم من أنّهم يتحاشون القول بوجود هذه المشكلة، فقد جاء في سورة الإسراء 85:17 "ويسئلونك عن الرّوح قل الرّوح من أمر رّبي". وبحسب الرّواية الإسلاميّة، إنَّ مناسبة تنزيل هذه الآية كانت عندما تحدّى اليهود نبي الإسلام أن يشرح لهم معنى الرُّوح"، فأنزَلَ الله على محمد هذه الآية الّتي تؤكِّد أنَّ الله فقط يعرف المقصود بكلمة الرّوح. ولكن علماء المسلمين لم يقتنعوا بهذا الاعتراف القرآني الصّريح بجهل النّبي محمد نفسه لمعنى الرّوح، ولذلك تفنّنوا في وضع الرّوايات والمعاني لتفسير هذه الكلمة، وما يهمّنا هنا هو تفسيرها في سورة النّساء 171:4، أي في ارتباطها مع شخص المسيح الّذي يُسمَّى هنا "روح منه"، وممّا قالوه في تفسير هذا الاسم:

? وروح منه أي من خلقه ومن عنده (ابن كثير).

? وروح منه أي ورسول منه (مجاهد في تفسير ابن كثير).

? وروح منه أي ومحبّة منه (كثيرون قالوا ذلك في تفسير ابن كثير).

? وروح منه أي رحمة منه أو برهان منه (القرطبي).

 

ورغم تناقض هذه التّفاسير واضطرابها، فهي مقبولة عند المسلمين ما دام المعنى لا يقول بأنَّ المسيح كائن روحي، أي ليس مثل البشر، بل يفوقهم، فهم روح من عند الله. ولكن النص لا يحتاج إلى اجتهاد وتأويل وفتاوٍ غريبة، فهو يقول "روح منه"، أي أنَّ المسيح روح من الله الروح، أي له نفس طبيعة الله الرّوحيّة، فهو بالتّالي الكائن الرّوحي العجيب، الّذي جاء من السّماء، وأخذ جسداً بشريّاً في أحشاء مريم، وولد في العالم بصورة إنسان كامل، فهو الرّوح المتجسّد الآتي "منه" أي من الله، أي إنَّه ابن الله المتجسّد ذو الجوهر الرّوحي الواحد مع الله.

 

4. قول الحق: ورد هذا الاسم مرّة واحدة في سورة مريم 34:19 : "ذلك عيسى ابن مريم قول الحقِّ الذي فيه يَمْتَرون" ويفسّر المسلمون فعل "يَمْتَرون" بمعنى "يصرفون عن الحق مع وجود الدّليل على عملهم" (الجلالان وغيرهم)، وهم يقصدون بذلك المسيحييّن، أي إنَّ علماء تفسير القرآن يتّهمون المسيحييّن بالغُلوُ في أمر المسيح وعدم ذكر الحقيقة، ولكننا نجد أنَّ كل كتب التّفسير الإسلامي للقرآن تعمل باجتهاد على إعطاء تفاسير غريبة، بل ومستهجنة، لما جاء في الإنجيل المقدّس. وعلى الرّغم من هذا الاتّهام الباطل بحق المسيحييّن، إلا إنَّ ذلك لن يمنعنا من إعادة توجيه الأبصار والأفكار إلى هذا الاسم الرّائع "قول الحق"، حيث يعترف جميع المفسّرين المسلمين بأنّ الحق هنا هو الله، وبالتّالي فالمسيح هو قول الله بعينه. وبما أنّ هذا الاسم لم يأت مرتبطاً مع ولادة المسيح، لذلك لم يقل أي عالم مسلم هنا أنّ كلمة "قول" هي الفعل "كن" كما قالوا في تفسيرهم لكمة "كلمته"، وهكذا لا نجد توسّعاً في شرح مدلول معنى "قول الحق" فهو اسم جليل للمسيح، لأنّه قول الله أي كلمة الله بالمعنى المطلق، وكلمة الله جاء إلى العالم في صورة المسيح، أي إنَّ الكلمة أو القول صار إنساناً هو المسيح ابن الله.

 

5. ورد في القرآن أسماءٌ وصفات أخرى للمسيح، وجميعها تبرهن على عظمة وسمو وكمال المسيح، بالرّغم من محاولات مفسّري القرآن في التّقليل من شأن هذه الأسماء، ومنها آية للنّاس (مريم 21:19) وآية للعالمين (الأنبياء 91:21) آية (المؤمنون 50:23) غلاماً زكيّاً (مريم 19:19) رحمة منّا-أي من الله-(مريم 21:19) من الصّالحين (آل عمران 46:3 والأنعام 85:6) وبرَّاً بوالدتي (مريم 32:19) مباركاً (مريم 31:19) السّلام عليَّ-أي على المسيح-(مريم 33:19) وجيهاً في الدّنيا والآخرة (آل عمران45:3) عِلمٌ للسّاعة (الزخرف61:43.أنظر أيضاً لقمان 34:31وفصلت 47:41) شهيداً (النساء 159:4والمائدة117:5).

 

ب. ولادة المسيح في القرآن:

يعترف القرآن بولادة المسيح من العذراء مريم بدون زرع بشري، وقد سجلت هذه الحقيقة في القرآن بطريقة لا لَبسَ فيها قطعياً، لذلك لم يستطع المفسرون إلا الإقرار بالولادة من العذراء، تلك المعجزة الباهرة والفائقة للطبيعة. نقرأ في سورة مريم 16:19-33 "وأذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً. فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سويّاً. قالت: إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيّاً. قال إنّما أنا رسول ربك لأهب لك غُلاماً زكيا. قالت: أنّى يكون لي غلاماً ولم يمسسني بشر ولم أكُ بَغيّاً قالَ كذلكِ قال ربُّكِ هو على هيّنٌ ولنجعلهُ آية للنّاسِ ورحمَةًَ مِنَّا وكانَ أمراً مقضيّاً. فحملته فانتبذت به مكاناً قَصيّاً…" (انظر أيضاً آل عمران 45:3 والنّساء 171:4 والمائدة 110:5). وهنا يحقّ لنا أن نسأل وبجرأة: من هو أب المسيح؟ ولماذا ينسب المسيح إلى مريم في قول القرآن "ابن مريم" ولا ينسب إلى الله الّذي أعطى لمريم القدرة على الحبل بدون رجل؟ وهل الفضل الأكبر في ولادة المسيح هو لمريم، حتّى يقال "ابن مريم" أم أنّ الفضل أولاً لله القادر على كلِّ شيء، بما في ذلك قدرته على جعل "العذراء تحبل وتلد ابناً" (أشعياء 14:7 ومتّى 23:1)، لذلك جدير بالمسيح أن يسمّى ابن الله، فهو قد جاء من السّماء وولد من مريم العذراء بقوّة الله القدّوس.

 

ت. عجائب المسيح في القرآن:

سجّل القرآن سبعة أنواع من المعجزات الفائقة الّتي قام بها المسيح أثناء خدمته العلنيّة في الأرض، ولكنّه لم يذكر عدد المرّات الّتي أجرى بها هذه العجائب، كذلك لم يذكر القرآن أسماء الأشخاص الّذين أقامهم المسيح أو شفاهم أو فتّح عيونهم.

الكلام في المهد لحظة ولادته: آل عمران 46:3 "ويكلّم النّاس في المهد" (أيضاً المائدة 110:5 و مريم 29:19).

خلق الطّير والنّفخ فيه بإذن الله: آل عمران 49:3 "إِنّي أخلُقُ لكم من الطّيـن كهيئـة الطَّيرِ فأنفُخُ فيه فيكون طيراً بإذن الله" (أنظر المائدة 110:5).

إبراء الأكْمَه (الّذي خُلق أعمى): آل عمران 49:3 "وأُبرئُ الأكْمه" (أيضـاً المـائدة 110:5).

إبراء الأبرص: آل عمران 49:3 "وأبرئُ الأكْمَهَ والأبرصَ" (أيضاً المائدة 110:5).

إقامة الموتى: آل عمران 49:3 "وأُحيي الموتى" (أنظر أيضاً المائدة 110:5 و المائدة 32:5).

علم الغيب: آل عمران 49:3 "وأُنبِئُكُمُ بما تأكلون وما تدَّخرون في بيوتكم" (أيضـاً آل عمران 52:3).

إنزال مائدة من السّماء: المائدة 112:5-115 "إذ قال الحوّاريون يا عيسى ابن مريَـمَ هل يستطيع رَبَّكَ أن يُنزل علينا مائدةً من السّماء……قال عيسى ابن مريم اللّهم رَبَّنـا أنزِل علينا مائدةً من السّماءِ تكون لنا عيداً……قال اللهُ إنّي مُنًزِّلها عليكُم".

تظهر هذه المعجزات قدرة الله الباهرة الّتي جرت على أيدي المسيح المجيد، وخصوصاً عمليّة خلق الطّير وإقامة الموتى وإبراء الأكْمَه، فهذه العجائب تعني إعطاء الحياة لما هو جامد، وإعادة الحياة لمن قد مات، وإبداع عيون من العدم، وجميع هذه العمليات يختص بها الله وحده من دون خلقه، ومع ذلك، وباعتراف القرآن، فقد "أذن" الله للمسيح أن يقوم بهذه الأعمال، أي أن الله في القرآن قد أعطى المسيح امتيازاً خاصاً به، وهو امتياز الخلق وإعطاء الحياة، فما هو السِّر الكامن وراء ذلك؟ ولماذا يعطي الله للمسيح الحق في الخلق والأحياء إن لم يكن المسيح هو ابن الله بالذّات، أي له نفس جوهر وطبيعة الله؟!.

 

ث. امتيازات أخرى للمسيح في القرآن:

بالإضافة إلى ما جاء أعلاه يُذكر القرآن أُموراً أخرى تتعلق بالمسيح، وتبين عظمته وطهارته وسلطانه المجيد، ومن هذه الأمور نذكر:

المسيح المشرِّع: آل عمران 50:3 "ومصدِّقاً لما بينَ يديَّ من التوراة ولأحلَّ لكم بعضَ الذي حُرِّمَ عَليكُم وجئتكم بآيةٍ من رِّبكُم فاتَّقوا اللهَ وأطيعون".

ارتفاع المسيح إلى الله: آل عمران 55:3 "إذ قال الله يا عيسى أنّي متوفيك ورافِعُك إليَّ".

تأييد المسيح بروح القدس: البقرة 87:2 "وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناهُ بروح القدس" (أيضاً البقرة 253:2 والمائدة 110:5)

كلم الله المسيح مباشرةً: آل العمران 55:3 "إذ قال الله يا عيسى" (أيضاً المائدة 110:5و116)

عصمة المسيح من الشيطان: آل عمران 36:3 "…وإنّي سميتها مريم وإنّي أُعيذها بكَ وذُرِّيتها من الشيطان الرّجيم".

 

ومما قاله المفسرون المسلمون في هذه الآيات هو أن المسيح كان دائماً يعمل وروح القدس معه يؤيّده في كل ما يقوم به، ومع أنّهم يفسرون روح القدس بالقول أنّه الملاك جبريل، فإن مجرد اعترافهم بحضور جبريل الدائم مع المسيح هو امتياز لم يتمتع به أي شخص في الوجود، حتى نبي المسلمين محمد. كذلك فإن ارتفاع المسيح إلى الله بالتحديد لا مثيل له في القرآن. أضف إلى ذلك أن القرآن ذكر اسم والدة المسيح القديسة مريم العذراء، وهو شرف لم تحظ به أيّة امرأة من نساء النبي محمد أو من نساء المسلمين. وأخيراً عصمة المسيح من الشيطان، فقد أورد ابن كثير في تفسيره لما جاء في آل عمران 36:3 ثلاثة أحاديث للنبي محمد رواها أبو هريرة وقد وردت في صحيح البخاري وأهل السنن، جاء فيها:

قال النبي: "ما من مولود يولد إلا مَسَّهُ الشيطان حين يولد فيستهل صارخاً من مَسِّهِ إيّاه إلا مريم وابنها".

وقال النبي: ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى ابن مريم ومريم".

وقال النبي أيضاً: "كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين تلده أُمَّه إلا عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطُعنَ بالحجاب".

وهكذا اعترف النبي محمد بقداسة المسيح وطهارته من لمسة الشيطان دون سائر البشر، بمن فيهم محمد نفسه. ففي تفسير القرطبي كتب قائلاً: "إن الشيطان ينخس جميع ولد آدم حتى الأنبياء والأولياء إلا مريم وابنها". ولكن لا يفسر لنا النبي محمد ولا القرطبي ولا ابن كثير أو غيرهم من علماء تفسير القرآن والسنّه عن السبب، بل السِّر وراء امتناع المسيح عن لمسِ الشيطان له، فهل المسيح يختلف عن بقيّة النّاس، وهل هو من جوهر مختلف عنهم؟ وما الذي أو من الذي منع الشيطان من الوصول إلى المسيح؟!. وهل يحق لنا أن نقول بأن الجواب الوحيد لجميع هذه الأسئلة هو أن المسيح له نفس طبيعة الله، أي أنّه ابن الله المتجسد، لذلك استطاع الشيطان أن يهزم جميع النّاس وأن يلوثهم بلمسته لهم، ولكنّه لم يستطع الوصول إلى المسيح، فالمسيح أقوى من الشيطان لكونه ابن الله القدوس المساوٍ للآب في الجوهر.

 

خلاصة: يحتاج المسيحيّون إلى إعادة قراءة تعاليم الكتاب المقدس عن اسم "ابن الله" ودلالاته المختلفة كما جاءت في الإنجيل. فهذا الاسم المجيد يتكرر عشرات المرات عند الحديث عن حقيقة شخص الرّب يسوع المسيح، وعندها ندرك معنى قول الوحي المقدس في أنَّ يسوع المسيح "صار لنا حكمة من السَّماء، أي برّاً وقداسة وفداء" (كورنثوس الأولى 30:1). وعندها فقط نستطيع أن نشارك بقوة وبحكمة وبمحبّة هذه الحقيقة المجيدة عن شخص الرّب يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، مع المسلمين في هذا العالم.

كذلك نحتاج كمسيحيّين أن نعرف ما يقوله قرآن المسلمين ونبيّهم عن شخص المسيح، لأن ما جاء في القرآن والسّنّه، يشكل أحد المفاتيح الرئيسيّة في الحوار مع المسلم وتبشيره برسالة الخلاص المتعلّقة بمحبّة الله له وفدائه بدم المسيح. إن موقف المسلمين السلبي من شخص المسيح، وعنادهم ورفضهم قبول الحقيقة الكتابيّة عن المسيح، هي في الواقع ثمرة التقصير المسيحي في الوصول إلى المسلمين. وكذلك نتيجة التفاسير الخاطئة التي تزخر بها كتب المسلمين فيما يتعلق بهويّة المسيح. لذلك فإن أمام الكنيسة مهمة جليلة في الصلاة وطلب عون السّماء، حتى يقود الله شعبه، وبتأييد الروح القدس، في أن يكونوا شهوداً أُمناء للمسيح مع جيرانهم المسلمين أينما وجدوا.

 الفهرس