المطر ينزل
استجاب
اللّه صلاة إيليا، وأنزل نار السماء لتحرق
الذبيحة فهتف بنو إسرائيل: »الرب هو اللّه«.
وقتل النبيُّ إيليا أنبياء الصنم الذين ضللوا
الشعب، حتى لا يعودوا يُضلّون الشعب من جديد.
وتاب الشعب إلى اللّه ودخل في عهدٍ معه.
وهنا أدرك النبي إيليا أن اللّه لا
بد سيرفعُ العقوبة التي وقَّعها على شعبه،
فتُنزل السماء مطراً. لقد قال اللّه لنبيِّه
موسى: »إِنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ آتٍ بِكَ
إِلَى أَرْضٍ جَيِّدَةٍ، أَرْضِ أَنْهَارٍ
مِنْ عُيُونٍ وَغِمَارٍ تَنْبَعُ فِي
الْبِقَاعِ وَالْجِبَالِ. أَرْضِ حِنْطَةٍ
وَشَعِيرٍ وَكَرْمٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ.
أَرْضِ زَيْتُونِ زَيْتٍ، وَعَسَلٍ. أَرْضٌ
لَا يُعْوِزُكَ فِيهَا شَيْءٌ« (تث 8:7-9). ولكن
خطية الناس جعلت السماء تمنع المطر. وقد كان
من إنذارات الرب لشعبه أنهم في حالة الارتداد
عنه »تَكُونُ سَمَاؤُكَ الَّتِي فَوْقَ
رَأْسِكَ نُحَاساً، وَالْأَرْضُ الَّتِي
تَحْتَكَ حَدِيداً. وَيَجْعَلُ الرَّبُّ
مَطَرَ أَرْضِكَ غُبَاراً، وَتُرَاباً
يُنَزِّلُ عَلَيْكَ مِنَ السَّمَاءِ حَتَّى
تَهْلِكَ« (تثنية 28:23 ، 24) وقد حدث هذا تماماً.
ولكن ها هو الشعب يتوب، ويرجع إلى
عبادة اللّه، فرفع عنهم اللّه الضربة والعقاب
ولا بد أن ينزل المطر، فقال النبي إيليا للملك
أخآب: »صعد، كُلْ واشرب، لأنه حِسُّ دَويّ مطر«.
فذهب أخآب إلى قصره ليستمتع بوليمة كبيرة،
وأما النبي إيليا فصعد إلى رأس جبل الكرمل
ليصلي.
صلاة إيليا:
خرَّ إيليا إلى الأرض وجعل وجهه بين ركبتيه وأخذ يصلي متضرعاً إلى اللّه أن يرفع العقوبة عن الشعب بأن يُنزل المطر. وبعد وقتٍ من الصلاة أمر غلامه أن يذهب نحو البحر ليتطلَّع، لعله يرى سحاباً، فعاد الغلام يقول: إنه لم ير شيئاً. وجعل إيليا يصلي ويأمر غلامه بالذهاب للتطلُّع نحو البحر ست مرات، دون أن يرى الغلام شيئاً. وفي المرة السابعة قال الغلام للنبي إيليا: »رأيت غيمة صغيرة: قدر كفّ إنسان صاعدة من البحر«. وسرعان ما اسودّت السماء بالغيوم، وهطل مطر عظيم. لقد استجاب اللّه صلاة نبيه إيليا. ويقول لنا الكتاب المقدس: »كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَاناً تَحْتَ الْآلَامِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلَاةً أَنْ لَا تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الْأَرْضِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضاً فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَراً وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ ثَمَرَهَا« (يعقوب 5:17 ، 18).
لماذا سمع اللّه لإيليا؟
(1) أول ما
جعل صلاة النبي إيليا مُستجابة، أنه بناها
على موعدٍ أعطاه اللّه له، فقد أمره اللّه أن
يلتقي بالملك أخآب ليقول له إن السماء ستمطر.
وجعل إيليا هذا الوعد مسنَداً له يتكئ عليه
ويطلب من اللّه بِناءً عليه أن ينزل المطر.
والكتاب المقدس عامر بمواعيد اللّه لنا. يقول
السيد المسيح: »اِسْأَلُوا تُعْطَوْا.
اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ
لَكُمْ« (متى 7:7). وكلنا نذكر كيف صلى زكريا
طالباً من اللّه أن يعطيه ولداً، فأرسل اللّه
له ملاكاً يقول: »يا زكريا طلبتك سُمعت،
وامرأتُك أليصابات ستلد لك ابناً، وتسميه
يوحنا، ويكون لك فرح وابتهاج، وكثيرون
سيفرحون بولادته« (لوقا 1:13 ، 14). ولا عجب أن قال
نبي اللّه داود: »لِكَلِمَاتِي أَصْغِ يَا
رَبُّ. تَأَمَّلْ صُرَاخِي. اسْتَمِعْ
لِصَوْتِ دُعَائِي يَا مَلِكِي وَإِلهِي،
لِأَنِّي إِلَيْكَ أُصَلِّي. يَا رَبُّ،
بِالْغَدَاةِ تَسْمَعُ صَوْتِي.
بِالْغَدَاةِ أُوَجِّهُ صَلَاتِي نَحْوَكَ
وَأَنْتَظِرُ« (مزمور 5:1-3).
أيها القارئ الكريم، طالب
الربَّ بمواعيده فسيستجيبَ لك حتماً.
(2) واستجاب اللّه صلاة النبي إيليا،
لأن النبي كان ينتظر بركات روحية. صحيح أنه
طلب مطراً لتُعطي الأرض ثمراً، ولكنه في
الوقت نفسه كان يرى أن الجدب والجفاف كانا
نتيجةً للخطية والابتعاد عن اللّه، وكان لا
بد أن يقود بني إسرائيل إلى التوبة حتى ينزل
المطر. فمتى أرسل اللّه مطراً يدركون أن
البركة هي من عند اللّه. ويقول لنا الإنجيل
المقدس: »أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ
مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ
أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ. أَمَرِيضٌ أَحَدٌ
بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ
الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ
وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ،
وَصَلَاةُ الْإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ
وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ
فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ« (يعقوب
5:13-15).
(3) واستجاب اللّه صلاة النبي إيليا
لأنه كان يفكر في غيره ويدعو اللّه لأجل
الآخرين. كان اللّه قد أعال نبيه وأطعمه
بمعجزات متنوعة، ولكنه هنا كان يطلب لصالح
الشعب. والإنجيل يأمرنا أن تُقام طِلبات
وصلوات وابتهالات وتشكُّرات لأجل جميع الناس
(1تيموثاوس 2:1) وهذا يعلّمنا أن نصلي بعضُنا من
أجل بعض. وتقول التوراة إن الرب ردَّ سبي أيوب
لما صلى من أجل أصحابه، وزاد الرب على كل ما
كان لأيوب ضعفاً (أيوب 42:10). جميل أن نصلي من
أجل بلادنا ومن أجل عائلاتنا ومن أجل
حُكَّامنا، فقد علَّمنا المسيح أن نصلي
قائلين: »أبانا الذي في السموات« فهو أبونا
كلنا. صل من أجل غيرك، ولا تركّز كل طلباتك في
الصلاة لأجل نفسك.
(4) واستجاب اللّه صلاة إيليا، لأنها
كانت صلاةً حارة من كل قلبه. عندما طلب نزول
المطر قال: »استجبني يا رب استجبني«. وعندما
طلب نزول النار من السماء صلى سبع مرات صلوات
عميقة وحارة. يطالبنا الإنجيل أن نكون حارين
في الروح، عابدين الرب (رومية 12:11).
(5) واستجاب اللّه صلاة إيليا لأنها
كانت صلاة متواضعة. تقول التوراة إنه خرَّ على
الأرض وجعل وجهه بين ركبتيه. لقد وقف منتصباً
في شجاعة أمام الملك أخآب، لكنه ارتمى على
الأرض ساجداً أمام اللّه، والقلب المنحني
أمام اللّه هو الذي ينال البركة، والنفس
المنكسرة قدامه هي التي تتمتع باستجابة
الصلاة.
(6) واستجاب اللّه صلاة إيليا لأنها
كانت صلاةً بإيمانٍ، تنتظرُ الاستجابة، وقد
قال المسيح لنا: »كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ
حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ
تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ« (مرقس 11:24).
واستجاب اللّه صلاة إيليا ونزل المطر من
السماء. فليعطنا اللّه أن نصلي دائماً
بانتظار استجابة الصلاة.