قبر المسيح في كشمير

ملحق 2

الصورة الإسلامية لقصة بوذا

إذا كانت قصة برلام وبوذاسف هي الصورة المسيحية لقصة بوذا، فهناك أيضاً الصورة الإسلامية لقصة بوذا نراها ممثلة في الصوفي إبراهيم بن أدهم البلخي وهو: إبراهيم بن إدهم بن منصور بن يزيد بن جابر. زاهد مشهور من كورة بلخ. تاريخ وفاته بين سنتي 776-783م.. ويرى جولد زيهر أن قصة تصوفه صيغت على نمط قصة بوذا"(1).

ويقول د. أوليرى: "علينا أن لا نتجاهل وجود تأثيرات بوذية -على التصوف الإسلامي- إذ أن الدعوة البوذية كانت نشطة في زمن ما قبل الإسلام في شرق البلاد الفارسية وفي خراسان، كما أن الأديرة البوذية كانت منتشرة في بلخ"(2).

- ويقول الأستاذ حامد عبد القادر: "ليس ببعيد أن التصوف الإسلامي قد تأثر إلى حد ما بالبوذية، فقد ترعرع التصوف الإسلامي في شرق إيران حيث كانت البوذية قد فشت قبل الفتح الإسلامي بنحو ألف عام(3).

"ولا ريب أن سيرة بوذا وحياته الخاصة قد راقت في أعين كثير من الناس، وأن فريقاً من الملوك والأمراء قد سلكوا مسلكه.. ويروى التاريخ عن إبراهيم بن أدهم بن منصور البلخي، أنه كان إبراهيم من أبناء الملوك، يرفل في حلل النعيم، ويستمتع بقدر غير يسير من الجاه والسلطان.

روي أنه بينما كان جالساً على باب قصره يوماً ما، وقد اصطف خدمه وحشمه على مقربة منه، وإذا بدرويش يصل من عرض الطريق ويريد أن يدخل القصر، فقال له الحشم إلى أين تذهب أيها الشيخ؟ فقال الشيخ : أريد أن أدخل هذه الاستراحة. فقالوا له: هذا قصر سلطان بلخ، وليس استراحة. فقال الشيخ: لا إنه استراحة. وسمع السلطان هذا فاستدعى الدرويش، ولما مثل بين يديه قال له: أيها الدرويش، هذه داري فكيف تقول إنها استراحة؟ فأجاب الدرويش: يا إبراهيم أتأذن لي أن أسالك بعض الأسئلة؟ ملك من كانت هذه الدار في أول الأمر؟ فقال السلطان: كانت ملك جدي. فقال الشيخ: وملك من صارت لما توفى جدك؟ فأجاب السلطان: ملك أبي، فقال الدرويش: وإلى من آلت بعد أن توفى والدك؟ فأجاب السلطان: آلت إليّ. فقال الدرويش: وإلى من تؤول بعد أن تتوفى؟ فقال السلطان: تؤول إلى ابني، وحينئذ قال الدرويش: يا إبراهيم، إن المكان الذي يدخله واحد ويخرج منه هو استراحة، لا دار إقامة، فتأثر إبراهيم بذلك.

وخرج ابن أدهم يوماً للصيد فأثار ثعلباً أو أرنباً، وبينما كان يجدّ في طلب فريسته إذا به يسمع هاتفاً يقول له: يا إبراهيم الهذا خلقت؟ أم بهذا أمرت؟ ثم هتف به أيضاً فسمعه كأنه يخاطبه من قربوس سرجه ويقول: يا إبراهيم والله ما لهذا خلقت ولا بهذا أمرت. فنزل إبراهيم عن فرسه، وصادف راعياً لأابيه يلبس جبة صوف فأخذها ولبسها، وأعطى الراعي فرسه وكل ما كان معه، ثم أنه دخل البادية ثم رحل إلى مكة فدخلها.. ثم أنتقل إلى الشام ومات بها.. من هنا نرى أن جولد زيهر على حق حين يقول: "إن قصة إبراهيم بن أدهم تشبه قصة بوذا نفسه، فكلاهما كان أميراً تخلى عن إمارته، ثم سلك مسلك التبتل والتعبد". فهل كان إبراهيم على علم بقصة بوذا لأنه بلخي، وبلخ عاصمة بختر (باكترا القديمة) القريبة جداً من مسقط رأس بوذا" (4)

"وتذكر رواية أخرى أنه وهو أمير في بلخ كان نائماً في غرفته ذات ليلة، وكان الحارس نائماً فوق سطح هذه الغرفة فسمع ضجيجاً ووقع أقدام فوق السقف، فسأل عن مصدر هذه الجلبة، فأطلت كائنات من نوافذ الغرفة وأجابته قائلة: إننا نبحث عن إبل. فسأل إبراهيم قائلاً: وهل يبحث عن إبل فوق السقف؟ فأجابته الأشباح قائلة: وأنت كيف تحاول الاتصال بالله وأنت جالس فوق العرش. فأثرت هذه العبارات في نفس الأمير تأثراً دفعه إلى مغادرة قصره وهجران ثروته. ومنذ ذلك العهد انقطع عن العالم وتفرغ للعبادة والتأمل في مصنوعات الله حتى هذه من أجلاء الصوفية.... هذه هي الصورة التي قدمتها إلينا الأساطير عن إبراهيم بن أدهم.. تلك الأساطير التي تشبه أساطير بوذا، بل لعلها مأخوذة منها".(5)

المراجع:

1 - دائرة المعارف الاسلامية مجلد1. طبعة دار الشعب. . ص153

2 - الفكر العربي ومركزه في التاريخ. دي لاس أوليرى. طبعة دار الكتاب اللبناني. ص163.

3 - بوذا الأكبر. حامد عبد القادر. مكتبة نهضة مصر. ص157-158. وانظر أيضاً:التصوف المقارن. مكتبة نهضة مصر. ص54-55.

4 - بوذا الأكبر. ص156-157.

5 - التصوف المقارن. ص55.

الصفحة الرئيسية