قبر المسيح في كشمير |
الباب الأول |
القاديانية: نظرة تاريخية |
الفصل الثاني |
القاديانية والإسلام |
القاديانية نحلة منشقة على الإسلام، ويرى د. عوف أنها "نحلة اتسمت بالكفر، ولكنها أخفت حقيقتها، وظهرت ببدع لم تكن ضمن أفكار المسلمين، فلطخت بها تاريخها وهذه البدع لفظها العلماء والمفكرون المسلمون، وانصاع لها الدهماء وطلاب المنافع منساقين في تيارها ومضلين ببريقها، بدأت هذه الفرقة تستقطب حولها كل من ضعف إيمانه ووهنت عقيدته وأخذ دعاة القاديانية يبثون فيهم آراءهم وينفثون في نفوسهم أفكارهم البراقة والخادعة"(25) بل أن الأمة الإسلامية قد أجمعت على أن الذين يتبعون ميزرا غلام أحمد -سواء أكانوا يؤمنون بنبوته أم أكانوا يعتبرونه مصلحاً أو زعيماً دينياً في أي صورة من الصور- خارجون عن دائرة الإسلام(26) بعض الأمور التي خالفت فيها القاديانية الإسلام: 1 - إدعاء النبوة: حسب المفهوم الإسلامي، أنه لا نبوة بعد محمد، ففي القرآن محمد هو خاتم الأنبياء "وما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين" الأحزاب 40. وفي الأحاديث النبوية نجد: - قال محمد "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي" رواه الترمذي. - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله: "كانت بني إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي، خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي" صحيح البخاري. - قال محمد: "لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريباً من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله" صحيح البخاري وصحيح مسلم. - "إنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي" صحيح مسلم. وهناك تفاصيل كثيرة حول هذا الموضوع، ليس هنا مكانها، فليرجع إليها من يريد الاستزادة. 2 - إدعاء أنه المسيح الموعود: كان الغلام في المرحلة الأولى يدّعي أنه مجدد ومحدث، وأن المسيح ُرفع إلى السماء وسيأتي ثانية، ثم في المرحلة الثانية ادعى أنه المسيح الموعود، "ولما سأله رجل: ما هذا التناقض الذي نراه في عباراتك، فحيناً تكتب عن نفسك أنك لست نبياً وحيناً تعتبر أنك أعلى شأناً من المسيح الموعود؟ فأجابه قائلاً: أعلم أن هذا التناقض هو مثل ما كنت كتبت في (براهين أحمدية) أن المسيح بن مريم ينزل من السماء، إلا أنني كتبت فيما بعد أن المسيح الموعود هو أنا فلم يكن سبب هذا التناقض إلا أن الله سماني عيسي في (براهين أحمدية). وقال لي: " إن الله ورسوله قد أخبرا بمجيئك، ولكن لما كانت جماعة من المسلمين تعتقد كما كنت أعتقد أن سيدنا عيسى ينزل من السماء، أحببت أن لا أحمل وحي الله على ظاهره، بل أوّلته وجعلت اعتقادي كعامة المسلمين ونشرته في (براهين أحمدية)، ولكن سرعان ما نزل عليّ الوحي كالمطر الغزير في هذا الصدد أن المسيح الموعود هو أنت نفسك، وظهرت معه مئات الآيات، وصدقتني السماء والأرض، وأخبرتني آيات الله البينات على أنني هو المسيح الموعود في آخر الزمان، وأن اعتقادي سابقاً هو ما كتبته في (براهين أحمدية)"(27) وقد أكد هذا الكلام مرة أخرى محدداً مدة غفلته "بقيت إلى اثنتي عشر سنة غافلاً كل الغفلة عن أن الله قد خاطبني بالمسيح الموعود بكل إصرار وشدة في (البراهين الأحمدية) وما زلت على عقيدة نزول عيسى العامة، ولكن لما انقضت اثنتا عشر سنة آن أن تنكشف عليّ العقيدة الثانية فتواتر عليّ الإلهام أنك أنت المسيح الموعود"(28). وهو بهذا الإدعاء خالف شبه إجماع إسلامي، وعقيدة ثابتة في القرآن والأحاديث "فلقد ثبت قطعياً في ضوء الكتاب والسنة وإجماع الأمة وضوء عقائد ميرزا غلام أحمد وأحواله الشخصية أن الميرزا ليس هو المسيح الذي وُعد به عند قرب الساعة، وأن الاعتراف بكونه المسيح الموعود تكذيب للقرآن والسنة المتواترة وإجماع الأمة، والذين يعتبرون الميرزا المسيح الموعود فهم كفار وخارجون عن دائرة الإسلام" (29). 3 - إلغاء الشريعة: لقد نادى الغلام بإلغاء شريعة الجهاد. ويرى د. طه الدسوقي "كانت مهمة المتنبى الجديد الذي صنعه الإنجليز في الهند أن يقوم بزعزعة هذا التشريع وإضعافه، فإذا كان تشريع الجهاد قد ارتبط بعقيدة دينية، فإن من الممكن في تصور الحكومة الإنجليزية أن تتبدل هذه العقيدة على أساس ديني أيضاً.. ولذلك كان القرار أن يقوم غلام أحمد القادياني بإعلان أن الله قد أوحى إليه باعتبار أنه نبي هذه الأمة الجديدبالغاء فكرة الجهاد"(30) وقد كتب الغلام "اليوم ألغي حكم الجهاد بالسيف، ولا جهاد بعد هذا اليوم، فمن يرفع بعد ذلك السلاح على الكفار ويُسمي نفسه غازياً، يكون مخالفاً لرسول الله، الذي أعلن قبل ثلاثة عشر قرناً بالغاء الجهاد في زمن المسيح الموعود وأنا المسيح الموعود ولا جهاد بعد ظهوري الآن، فنحن نرفع علم الصلح وراية الأمان(31) وهاجم عقيدة الجهاد قائلاً: "إن هذه الفرقة -القاديانية- لا تزال تجتهد ليلاً ونهاراً لقمع العقيدة النجسة، عقيدة الجهاد من قلوب الناس"(32) ودعا إلى ترك الجهاد: "اتركوا الآن فكرة الجهاد، لأن القتال قد حُرم وجاء الأمام والمسيح ونزل نور من السماء. فلا جهاد، بل يجاهد في سبيل الله هو عدو الله ومنكر النبي(33). وقال: "لا يوجد في هذه الفرقة -القاديانية- جهاد بالسيف ولا ينتظر له، بل هذه الفرقة المباركة لا تجيز تعليم الجهاد سراً ولا علانية، وهي ترى أن الحروب لنشر الدين محرمة قطعاً" (34) يقول د. عوف: "لقد ألغى شريعة الجهاد، لأن وجوده يعتمد على وجود الاحتلال البريطاني" وقد كتب الغلام في (نور الحق) "ولا يجوز لمسلم أن يقاتل ضد هذه الحكومة مهما كان"، وقال: في (تبليغ الرسالة) "إني من أول عهد عمري إلى هذا الوقت وهو قرآبة ستين عاماً اشتغل في هذا الأمر المهم بلساني وقلمي لأجذب قلوب المسلمين نحو الحكومة البريطانية العظمى، كما أبذر في قلوبهم بذور الحب الصادق والصداقة المباركة، كما أبعد وأزيل من قلوب بعض الذين لا يعقلون عقيدة الجهاد الخاطئة، التي تعكر من الصفاء وتضع العقبات في سبيل العلاقات البرئية والاخلاص مع الحكومة البريطانية"(35) وبالغائه شريعة الجهاد يكون قد خالف كثيراً من النصوص القرآنية التي تحض على الجهاد في سبيل الله مثل: "وقاتلوهم حتى لا تكون قتنة ويكون الدين لله " البقرة 193 وأيضاً خالف الأحاديث النبوية مثل: "لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة" رواه مسلم 4 - إلغاء فريضة الحج: يضع القادينيون مدينة القاديان في مرتبة واحدة مع المدينة المنورة، ومكة المكرمة، بل يرون أنها أفضل وأن أرضها أرض حرام وتقام فيها شعائر الله. وقد أعلن الخليفة الثاني (نجل الغلام): "أقول لكم صدقاً أن الله أخبرني بأن أرض قاديان ذات بركة، وتنزل فيها نفس البركات التي تنزل في مكة المكرمة والمدينة المنورة"(36) ومن معتقداتهم أن الحج هو الحضور السنوي في قاديان، يقول الغلام: "إن مؤتمرنا االسنوي هو الحج، وأن الله اختار المقام لهذا الحج القاديان"(37) ويرى أحد أتباعه: "الحج إلى مكة بغير الحج إلى قاديان هو حج جاف خشيب، لأن الحج إلى مكة لا يؤدي رسالته ولا يفي بغرضه"(38) وهو بهذا قد خالف العقيدة الإسلامية في أحد أركانها الخمسة. وخالف النصوص القرآنية: "ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" آل عمران93. وأيضاً "وأتموا الحج والعمرة لله" البقرة 196، وأيضاً "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. الحج 27 يضاف إلى هذا الأحاديث النبوية الكثيرة التي تتحدث ضرروة الحج وفوائده. موقف القاديانية من المسلمين: 1 - تكفيرهم للمسلمين: لقد كفر القاديانيون المسلمين لأنهم لم يؤمنوا بنبوة الغلام، حسبما علّم بذلك الغلام وخلفاؤه من بعده، فقد صرح الغلام أحمد بأن: "الذي لايؤمن بي لا يؤمن بالله ورسوله"(39) وأعلنها خليفته الميرزا بشير الدين "أن جميع المسلمبن الذين لم يشتركوا في مبايعة المسيح الموعود كافرون خارجون عن دائرة الإسلام(40) وقال أيضاَ: "لقيني رجلاً في لكنهو وسأل بأنه قد اشتهر في الناس بأنكم تكفرون المسلمين الذين لم يعتنقوا القاديانية، فهل هذا صحيح؟ فقلت له: نعم، لا شك بأننا نكفرهم"(41) وهم يكفرون المسلمين ليس فقط بسبب عدم الإيمان بنبوة الغلام، فقد نُشرت لخليفة القاديانية في جريدة الفضل في 21/ 8/ 1927م مقالة بعنوان: "نصائح للطلاب" جاء فيها: "قد قال المسيح الموعود، إن إسلامهم -أي المسلمين- غير إسلامنا وإلههم غير إلهنا وحجهم غير حجنا، وهكذا نخالفهم في كل شئ"(42). وجاء في نفس الجريدة في 30/7/ 1931م من الخطأ الظن بأننا لا نخالف المسلمين إلا في مسألة وفاة المسيح، أو غيرها من المسائل الأخرى بل أننا نخالفهم في ذات الله وفي الرسول والقرآن والصلاة والحج والزكاة (43) ونتيجة لهذا التفكير أمر الغلام وخلفاؤه أتباعهم بما يلي: أ- عدم الصلاة خلف غير الأحمديين: قال الغلام: "إن المكفرين ومن يختار طريق التكذيب قوم هالكون، فلا يستحقون أن يصلي خلفهم أحد من جماعتي، وهل يصلي الحي وراء الميت؟ فأعلموا أنه حرام عليكم قطعياً، كما أخبرني الله أن تصلوا خلف كل مكفر أو مكذب أو متردد، وليكن أمامكم منكم وإلى هذا جاءت الإشارة في حديث البخاري "أمامكم منكم" أي عندما ينزل المسيح فعليكم أن تفارقوا جميع الفرق التي تدعي الإسلام(44). وأعلن أن هذا حكم الله "هذا هو مذهبي المعروف: أنه لا يجوز لكم أن تصلوا خلف غير القاديانيين مهما يكن ومن يكن، ومهما يمدحه الناس، فهذا حكم الله وهذا ما يريده الله(45). وقال خليفته الثاني: "لا يجوز لأحد أن يصلي خلف غير القادياني والناس يكررون هذا السؤال، هل تجوز الصلاة خلفهم أم لا؟ فاقول وأقول: مهما تسألوني أنه لا يجوز للقادياني أن يصلي خلف غير القادياني(46) ب - منع الأحمديات من الزواج بغير الأحمديين: قال الميرزا محمود: "لا يجوز لأي قادياني أن ينكح ابنته من غير القادياني، لأن هذا أمر من المسيح الموعود، أمر مؤكد(47). بل أن هذا يؤدي إلى الخروج من الجماعة: "من ينكح ابنته من غير القادياني فهو خارج من جماعتنا مهما يدعي القاديانية، وأيضاً لا ينبغي لأحد من أتباعنا أن يشترك في مثل هذه الحفلات"(48) وقال ميرزا بشير الدين: "إن حضرة المسيح الموعود قد غضب غضباً شديداً على أحمدي أراد أن يزوج ابنته غير أحمدي، وقد سأله الرجل مراراً وقدم إليه أعذاراً ولكنه أجابه قائلاً: أبق ابنتك عندك ولا تزوجها غير أحمدي، فزوجها الرجل غير أحمدي بعد وفاته، فعزله الخليفة الأول عن إمامة الأحمديين وأخرجه من الجماعة ولم يقبل توبته مدة خلافته ستة سنوات مع أنه تاب مراراً، والآن قبلت توبته بعدما جربت عليه صدقاً"(49) ثم قال: ليس من عادتي إخراج أحد من الجماعة ولكن من يخالف هذا الحكم اطرده من الجماعة(50) جـ - عدم الصلاة على موتى غير الأحمديين قال الخليفة الثاني: "لا تشاركوا المسلمين في حفلات الزواج ولا غيرها، ولا تصلوا على جنائزهم، لأنه ليس لنا أي علاقة بهم، وبعد أن قطعت الروابط والصلات ولم يعد يهمنا ما يهمهم، فمن أين لنا أن نصلي على أمواتهم"(51) والغلام نفسه لم يصل على ابنه الحقيقي، لأنه لم يؤمن به ومات على حالة الإسلام(52). "وتمسكاً بهذه العقيدة وأمتثالاً لحكمها، لم يشارك محمد ظفر الله خان وزير خارجية باكستنان -في ذلك الوقت- في صلاة الجنازة على مؤسس باكستان محمد جناح، وعندما سُئل لماذا لم تصل على مؤسس باكستان؟ أجاب قائلاً: إما تعتبروني وزيراً مسلماً للدولة الكافرة، أو موظفاً كافراً للحكومة المسلمة"(53) وكتبت إحدى الصحف: "يتعجب بعض الناس من صنيع ظفر الله خان هذا، ولكن الحق أنه لا مجال فيه للتعجب، لأن الذي فعله كان نتيجة حتميه للدين الذي اختاره، وأن دينه ومذهبه وعقائده وأفكاره وأمته، كل ذلك لا يختلف عن المسلمين فحسب، بل يضادهم. فكيف كان له أن يصلي على القائد الأعظم صلاة الجنازة"(54) موقف المسلمين من القاديانية(55) يرى د. محمد أقبال: "إن كل مجتمع ينفصل عن الإسلام وله طابع ديني يقوم على أساس نبوة جديدة، ويعلن كفر جميع المسلمين الذين لا يصدقون بهذه النبوة المزعومة يجب أن ينظر إليهم المسلمون كخطر جدي على سلامة الإسلام" نتيجة لمخالفة القاديانية للعقيدة الإسلامية، وتكفير القادينيين للمسلمين صدرت الفتاوى باعتبار القاديانية فئة ضالة خارجة عن دائرة الاسلام، وتم اعتبارها أقلية كافرة غير مسلمة. - ففي رجب سنة 1363 هـ اجتمع علماء جميع الفرق الإسلامية في شبه القارة الهندية ونشروا فتوى تكفير قاديان" وقد أجمع علماء الفرق والمراكز الدينية على تكفير القاديانيين واخراجهم من دائرة الاسلام، ونشرت "مؤسسة مكة للطباعة والأعلام" فتاوي علماء الحرمين الشريفين وبلاد الشام" وجاء فيها "لا شك أن أذنابه -الغلام أحمد- من القادينية واللاهورية كلهم كافرون". - وفي سنة 1953م انعقد مؤتمر كبار العلماء المندوبين عن جميع الفرق الاسلامية للبحث في دستور باكستان وكان ضمن التعديلات المقترحة اعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة. - وفي أبريل سنة 1974 م انعقد مؤتمر كبير في مكة وحضره مندوبو 144 جمعية إسلامية، وهذا نص القرار الذي اتخذوه "القاديانية نحلة هدامة تتخذ من اسم الإسلام شعاراً لستر إغراضها الخبيثة، وأبرز مخالفتهم للإسلام إدعاء زعيمها النبوة، وتحريف النصوص القرآنية، وابطالهما للجهاد. القاديانية ربيبة الاستعمار البريطاني ولا تظهر إلا في ظل حمايته، تخون القاديانية قضايا الأمة الإسلامية، وتقف مواليه للاستعمار والصهيونية، تتعاون مع القوى المناهضة للإسلام، وتتخذ من هذه القوى واجهة لتحطيم العقيدة الإسلامية وتحرفها". ولمقاومة خطرها قرر المؤتمر: 1 - قيام كل هيئة إسلامية بحصر النشاط القادياني في معابدهم ومدارسهم وملاجئهم وكل الأمكنة التي يمارسون فيها نشاطهم الهدام في منطقتها، وكشف القاديانيون والتعريف بهم للعالم الإسلامي تفادياً للوقوع في حبائلهم. 2 - إعلان كفر هذه الطائفة وخروجها على الإسلام. 3 - عدم التعامل مع القاديانيين أو الأحمديين، ومقاطعتهم اقتصادياً واجتماعياًوثقافياً وعدم التزاوج منهم، وعدم دفنهم في مقابر المسلمين باعتبارهم كفاراً. 4 - مطالبة الحكومات الإسلامية بمنع كل نشاط لأتباع ميرزا أحمد مدعي النبوة واعتبارهم أقلية غير مسلمة، ويمنعون من تولى الوظائف الحساسة للدولة. 5 - نشر مصورات لكل التحريفات القاديانية في القرآن الكريم، مع حصر الترجمات القاديانية لمعاني القرآن والتنبيه عليها ومنع تداولها وفي 15/7/1978 م "استعرض مجلس المجمع الفقهي المنعقد بمكة المكرمة، موضوع القاديانية التي ظهرت في الهند، والتي تُسمي أيضاً بالأحمدية.. وقرر المجلس بالأجماع اعتبارها عقيدة خارجة عن الإسلام خروجاً كاملاً، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وإن تظاهرأهلها بالإسلام، إنما هو للتضليل والخداع، ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتاب ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم وبالله التوفيق"(56) ونختم بهذا الحكم: "قضت إحدى المحاكم الأردنية بارتداد الصحفي إبراهيم أبو ناب عن الإسلام، وقررت التفريق بينه وبين زوجته وطلاقها منه، وفصله عن أولاده، ومنعه من الكتابة. كان عدد من الأصوليين قد أتهموا الصحفي الأردني بأنه من أتباع مذهب القاديانية، الذي يدعى أنه دين سماوي وأن نبيه اسمه غلام ميرزا. وذلك أول حكم من نوعه يصدر في الأردن"(57) وفي خطاب أرسلته توجان فيصل· من عمان (الأردن) إلى الدكتور نصر حامد أبو زيد، ذكرت فيه هذه العبارة: "أما ضحيتهم الثانية، وهو الكاتب الصحفي إبراهيم أبو ناب، فقد استرسلوا في أهانته بعد الاستتابة واسمعوا أسرته، بحضور أبنائه الشباب أيضاً، ذات التهم -أن حياتهم الزوجية زنا وأن أبناءه أبناء حرام- وزادوا على هذا بأن أرسلوه وزوجته مخفورين بالشرطة من المحكمة الشرعية إلى مكتب المحافظ ليضمن لهم ألا يعودوا إلى ذات المنزل وذات الفراش بعد أن طلقوهما.. أن السيد أبو ناب أصيب بنوبة قلبية في مكتب المحافظ وبعد عام قضى في نوبة ثانية. وتحدثت في ذات الرسالة عن شخص آخر من الطائفة الأحمدية هاجر بعد القضية إلى لندن"¨ ؤ في سنة 1925 صدرت فتوى من مشيخة الأزهر إلى الجمارك بمنع دخول ترجمة معاني القرآن لمحمد علي اللاهوري، بل طالبت بأحراقها. جريدة الأخبار في 16/4/1925. "دراسة حول ترجمة القرآن" ص14 القاديانية واللاهورية(58) إن جماعة القادينيين اللاهورية (نسبة إلى لاهور بباكستان) كثيراً ما تدعى أنها لا تؤمن بنبوة ميرزا غلام أحمد، بل تراه المسيح الموعود والمهدى والمجدد، إذن فهي لا تخالف عقيدة ختم النبوة فلا يقع عليها الكفر، وخلاصة الجواب أن من يثبت دعواه بنبوة كاذبة، فكما أن الإيمان بنبوته كفر، فإن تصديقه واعتباره واجب الطاعة كفر صريح أيضاً، فضلاً عن اعتباره المسيح الموعود والمهدي المجدد والمحدث صاحب الإلهام. إن إدعاء شخص النبوة ينشأ عنه مذهبان متضادان، مذهب من يصدقه ومذهب من يكذبه، ويعتبر المصدقون أتباع دين والمكذبون أتباع دين آخر، وقد ثبت أن ميرزا غلام أحمد القادياني أدعي النبوة بلا ريب، فكل من اتخذوه إماماً من الفرق قد دخلوا في زمرة واحدة سواء سموه نبياً أو المسيح الموعود أم المهدي المعهود أم المجدد. وقد اعترف محمد علي قائد جناح اللاهوري بنبوة الغلام، ففي 13 مايو سنة 1904م قدم محمد علي (مؤسس الجناح اللاهوري من القاديانية) بياناً أمام محكمة محافظة (غورد أسفور) في الهند، حاول فيه أن يثبت أن من يكذب الميرزا المتنبئ فهو كذاب، وقال: "إن من يكذب مدعي النبوة فهو كاذب، والميرزا مدعي النبوة، فمريدوه يرونه صادقاً في دعواه وأعداؤه يرونه كاذباً"(59). وفي 16 أكتوبر سنة 1913 م نشرت صحيفة الجماعة اللاهورية "بيجام صلح" ما اسمته بياناً عن الجماعة كلها، جاء فيه "نحن نرى أن حضرة المسيح الموعود والمهدي المعهود نبي هذا العصر ورسوله"(60). فإذا درسنا عقائد الجماعة اللاهورية التي تم نشرها بعد سنة 1914 م لوجدنا أن موقفهم هذا كان محض حيلة ولا فرق حقيقة بينهم وبين الجماعة القاديانية، فالجماعة القاديانية تعتبر إلهام الميرزا حجة شرعية يجب إتباعها ويراه هؤلاء واجب الإتباع، وكما أن أولئك يصدقون جميع أفكار الميرزا، كذلك يراه هؤلاء واجب التصديق، وكما أن أولئك يرون كتبه سنداً إلهامياً وحجة شرعية، كذلك هؤلاء يرونها مصادر دينية، وكما أنهم يكفرون مخالفي الميرزا كذلك هؤلاء يقولون بتكفير من يكفر الميرزا أو يكذبه، وإنما الفرق هو أن الجماعة القاديانية تجيز إطلاق لفظ النبي على الميرزا بالمعنى الاصطلاحي والجماعة اللاهورية تجيز استعماله على سبيل المجاز. · توجان فيصل: مذيعة تليفزيون سابقة ونائبة في البرلمان الأردني -أول نائبة برلمانية في تاريخ الأردن- كان المتطرفون قد رفعوا دعوى تفريق بينها وبين زوجها باعتبارها مرتدة. (روز اليوسف 26/6/1995. عدد رقم 3498 لسنة 70). ¨ الأهالي. عدد خاص رقم 3. يونية 1995 ص27 مفهوم جماعة لاهور عن نبوة الميرزا غلام أحمد إن الجماعة اللاهورية، وإن كانت تدّعي أنها لا تعتبر الميرزا نبياً، بل تراه مجدداً، إلا انها تعني من لفظ "المجدد" عين ما تقصد به الجماعة القاديانية من لفظ "النبي". يقول محمد على: "إن نوعاً من أنواع النبوة هو ما يُعطى المحدث، وكما في (توضيح المرام) أنها من المبشرات· (61). ويرى ؛ إن النبوة التي يقال لها النبوة الظلية أو النبوة المحمدية هي نبوة المبشرات(62). ويؤكد نبوة الغلام بقوله: "إن المسيح الموعود في كتاباته السابقة واللاحقة قرر أصلاً واحداً وهو أن باب النبوة مسدود، غير أن نوعاً من النبوة يمكن الحصول عليه، ولا نقول إن باب النبوة مفتوح، بل نقول: إن باب النبوة مسدود ، غير أن نوعاً من النبوة ما زال باقياً ويستمر إلى يوم القيامة، ولا نقول إنه يمكن لشخص أن يصير نبياً، بل نقولك إن نوعاً من النبوة يمكن الحصول عليه.. وهو الذي ُسمي بالمبشرات في مكان، وبالنبوة الجزئية في مكان آخر وبالمحدثية في موضع وبكثرة المكالمة في موضع آخر"(63) · من الأحاديث المتواترة قول الرسول: إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي (فيقال أن ذلك شق على الناس). فقال: ولكن المبشرات، قالوا: يارسول الله وما المبشرات. قال:رؤيا الرجل المسلم، وهو جزء من أجزاء النبوة الرؤيا الحسنة أو الرؤيا الصالحة. وفي حديث آخر رؤي عن عائشة قولوا إنه خاتم الأنبياء ولا تقولوا لا نبي بعده (الدر المنثور للسيوطي. ومجمع البحار) وعلى هذين الحديثين استند الغلام في إدعائه النبوة. - قد تبين من هذا أن الخلاف بين الجماعتين هو خلاف لفظي فقط، فالجماعة اللاهورية، وإن كانت ُتسمي الميرزا بلقب المسيح الموعود والمجدد، غير أنها تعني من هذه الكلمات نفس المعنى الذي تعنيه الجماعة القاديانية من لفظ النبي، ولقد صدق محمد إقبال إذ يقول: "إن حركة الأحمدية تنقسم إلىقسمين، يسميان بالقادديانية واللاهورية، فالأولى منها تعتبر الميرزا نبياً، والثانية ترى اعتقاداً أو مصلحة أن تقدم القاديانية في صورة خفية". يرى د. طه الدسوقي أنه: "لم ينخدع المسلمون بهذا الفرع اللاهورى، ولكن كشف الله عن بصيرة الأمة فأدركت أن هذه حيلة من حيل المخططين للقاديانية، حيث أنه يرى أن هذه خطة وضعها الإنجليز لمحمد علي كي يفسر الدين الجديد بحيث يكون أكثر ملاءمة مع مشاعر الأمة، مع الإبقاء على الاتجاه الأساسي بعد رد الفعل العنيف الذي حدث حين أدعى الغلام أحمد النبوة"(64) اللاهورية وتكفير المسلمين: تزعم الجماعة اللاهورية أنها لا تكفر غير الأحمديين، بل تراهم فاسقين، ولكن الأمر ليس كذلك فقد ألف محمد على كتاباً في هذه المسألة وسماه "رد تكفير أهل القبلة"(65) وقسم فيه من لا يعتبر الميرزا غلام أحمد المسيح الموعود إلى قسمين: الأول: الذين لا يبايعون ميرزا غلام أحمد، ولا يكفرونه ولا يكذبونه، فهؤلاء هم الفاسقون عنده، وليسوا بكافرين. الثاني: الذين يكفرون الميرزا ويكذبونه، فهم كفار في رأيه، وفيهم يقول: كأن الذين ويكفرونه داخلون في قسم واحد وحكمهم واحد، والمنكرون الآخرون لهم حكم آخر" ثم يبين حكم القسم الأول: "إن حضرة المسيح الموعود لم يعتبر إنكاره أو إنكاردعواه سبباً للكفر، وإنما سبب التكفير، أنه كفّره مفترياً، فعاد عليه الكفر بناء على الحديث الذي يرد الكفر على المكفر إذا لم يكن هو كافراً" ويضيف: " لأن المكفر والمكذب متساويان، أي أن من يكفر الميرزا ومن يكذبونه متساويان، أي أن كلاهما يكفرانه لذلك فكلاهما دخل في دائرة الكفر في ضوء هذا الحديث". ويقول مناظر الجماعة اللاهورية المشهور "أختر حسين كيلاني": "إن الذين يكذبون الميرزا تعود عليهم فتوى الكفر، كما قال الميرزا في حقهم، لأنهم يكفرونه على أنه مفتر حقيقة"(66). قد وضح مما سبق أن الجماعة اللاهورية تعتبر من يكذّب الميرزا في دعواه أو يكفره فهو كافر، والذين يسلمون من فتوى الكفر عند الجماعة اللاهورية (وهم فاسقون فقط) هم الذين لا يكذبون الميرزا ولا يكفرّونه من غير الأحمديين وكم من المسلمين في العالم الاسلامي لا يكذبون الميرزا؟ والحق أن كل مسلم لا يعتبر الميرزا نبياً أو المسيح الموعود فهو يكفرّه. إذن كل هؤلاء داخلون في فتوى الكفر عند الجماعة اللاهورية أيضاً، لأن عدم الاعتراف بالميرزا المسيح الموعود وتكذيبه شئ واحد، وفي ذلك يقول الغلام نفسه "الذي لا يؤمن فإنه لا يؤمن لأنه يعتبرني مفترياً(67). |