النبي الذي يحرم ما حلل الله له

 

الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس وسوس في صدر النبي العربي فجعله يبيح ما يحرم الله له ويحرم ما أحل الله له:( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) . التحريم 1-3.
قال الطبري في تفسيره لآية سورة التحريم 1: اختلف أهل العلم في الحلال الذي كان الله جل ثناؤه أحله لرسوله, فحرمه على نفسه ابتغاء مرضاة أزواجه, فقال بعضهم: كان ذلك مارية مملوكته القبطية, حرمها على نفسه بيمين أنه لا يقربها طالبا بذلك رضا حفصة بنت عمر زوجته, لأنها كانت غارت بأن خلا بها رسول الله في يومها وفي حجرتها.
عن الشعبي, قال: قال مسروق إن النبي حرم جاريته, وإلى منها, فجعل الحلال حراما, وقال في اليمين: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم}.
عن قتادة, قوله {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك} قال: كان الشعبي يقول: حرمها عليه, وحلف لا يقربها, فعوتب في التحريم, وجاءت الكفارة في اليمين.
عن ابن عباس, في قوله {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} أمر الله النبي والمؤمنين إذا حرموا شيئا مما أحل الله لهم أن يكفروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم, أو تحرير رقبة.
عن ابن عباس, قوله: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك}... إلى قوله {وهو العليم الحكيم} قال: كانت حفصة وعائشة متحابتين وكانتا زوجتي النبي, فذهبت حفصة إلى أبيها, فتحدثت عنده, فأرسل النبي إلى جاريته, فظلت معه في بيت حفصة, وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة, فرجعت حفصة, فوجدتهما في بيتها, فجعلت تنتظر خروجها, وغارت غيرة شديدة, فأخرج رسول الله جاريته, ودخلت حفصة فقالت: قد رأيت من كان عندك, والله لقد سوتني, فقال النبي : "والله لأرضينك فإني مسر إليك سرا فاحفظيه"; قالت: ما هو؟ قال: "إني أشهدك أن سريتي هذه على حرام رضا لك", وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبي, فانطلقت حفصة إلى عائشة, فأسرت إليها أن أبشري إن النبي قد حرم عليه فتاته, فلما أخبرت بسر النبي أظهر الله عز وجل النبي فأنزل الله على رسوله لما تظاهرتا عليه {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك}. حقا {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.
جاء في سورة الأحزاب والآية 36-27:( وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتقى الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه). الأحزاب36.
قال القرطبي في تفسيره لهذه الآية : اختلف الناس في تأويل هذه الآية, فذهب قتادة وأبن زيد وجماعة من المفسرين, منهم الطبري وغيره -إلى أن النبي وقع منه أستحسان لزينب بنت جحش, وهي في عصمة زيد, وكان حريصا على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو ثم إن زيدا لما أخبره بأنه يريد فراقها, ويشكوا منها غلظة قول وعصيان أمر, وأذى باللسان وتعظما. بالشرف, قال له: (اتق الله أي فيما تقول عنها وأمسك عليك زوجك) وهو يخفي الحرص على طلاق زيد إياها.
 وهذا الذي كان يخفي في نفسه, ولكنه لزم ما يجب من الأمر بالمعروف.
وقال مقاتل : أتى النبي زيدا يوما, فأبصر زينب قائمة,كانت بيضاء جميلة جسيمة من أتم نساء قريش, فهويها -اي اشتهاها- وقال: (سبحان الله مقلب القلوب)! فسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد, ففطن زيد فقال: يا رسول الله, ائذن لي في طلاقها, فإن فيها كبرا, تعظم علي وتؤذيني بلسانها, فقال عليه السلام: (أمسك عليك زوجك واتق الله).
وقيل: إن الله بعث ريحا فرفعت الستر وزينب متفضلة في منزلها, فرأى زينب فوقعت فى نفسه, ووقع في نفس زينب أنها وقعت في نفس النبي وذلك لما جاء يطلب زيدا, فأخبرته بذلك, فوقع في نفس زيد أن يطلقها.
وقال أبن عباس في قواه : (وتخفي في نفسك" الحب لها. "وتخشى الناس) أي تستحييهم وقيل: تخاف وتكره لائمة المسلمين لو قلت طلقها, ويقولون أمر رجلا بطلاق أمرأته ثم نكحها حين طلقها. (والله أحق أن تخشاه) في كل الأحوال.
وقيل والله أحق أن تستحي منه, ولا تأمر زيدا بإمساك زوجته بعد أن أعلمك الله أنها ستكون زوجتك, فعاتبه.الله على جميع هذا.
وروي عن علي بن الحسين: أن النبي كان قد أوحى الله تعالى إليه أن زيدا يطلق زينب, وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها!!.
فلما تشكى زيد للنبي خلق زينب, وأنها لا تطيعه, وأعلمه أنه يريد طلاقها, قال له رسول الله على جهة الأدب والوصية:(اتق الله في قولك وأمسك عليك زوجك) وهو يعلم أنه سيفارقها ويتزوجها, وهذا هو الذي أخفى في نفسه, ولم يرد أن يأمره بالطلاق لما علم أنه سيتزوجها, وخشي رسول الله أن يلحقه قول من الناس في أن يتزوج زينب بعد زيد, وهو مولاه, وقد أمره بطلاقها, فعاتبه الله تعالى على هذا القدر من أن خشي الناس في شيء قد أباحه الله له, بأن قال: "أمسك" مع علمه بأنه يطلق. وأعلمه أن الله أحق بالخشية, أي في كل حال.
قال علماء المسلمين : وهذا القول أحسن ما قيل في تأويل هذه الآية, وهو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين, كالزهري والقاضي بكر بن العلاء القشيري, والقاضي أبي بكر بن العربي وغيرهم.
والمراد بقوله تعالى: "وتخشى الناس" إنما هو إرجاف المنافقين بأنه نهى عن تزويج نساء الأبناء وتزوج بزوجة أبنه.
قال الترمذي في نوادر الأصول , وأسند إلى علي بن الحسين أنه قال: إنما عتب الله عليه في أنه قد أعلمه أن ستكون هذه من أزواجك, فكيف قال بعد ذلك لزيد: (أمسك عليك زوجك) وأخذتك خشية الناس أن يقولوا: تزوج امرأة أبنه, والله أحق أن تخشاه.
وقال النحاس: قال بعض العلماء: ليس هذا من النبي خطيئة, ألا ترى أنه لم يؤمر بالتوبة ولا بالاستغفار منه!. وقد يكون الشيء ليس بخطيئة إلا أن غيره أحسن منه, وأخفى ذلك في نفسه خشية أن يفتتن الناس.
قال ابن العربي: فإن قيل لأي معنى قال له:(أمسك, عليك زوجك) وقد أخبره الله أنها زوجته ؟.
كيف, يأمره بالتمسك بها وقد علم أن الفراق لا بد منه؟.
روي عن النبي أنه قال لزيد: (ما أجد في نفسي أوثق منك فاخطب زينب عليّ) قال: فذهبت ووليتها ظهري توقيرا للنبي, وخطبتها ففرحت وقالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي, فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن, فتزوجها النبي ودخل بها.
روى الأئمة - واللفظ لمسلم - عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب قال رسول الله لزبد: (فاذكرها عليّ) قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها.
قال: فلما رأيتها عظمت في صدري, حتى ما أستطيع أن أنظر إليها, أن رسول الله ذكرها فوليتها ظهري, ونكصت على عقبي.
فقلت: يا زينب, أرسل رسول الله يذكرك, قالت,: ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي, فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن.
وجاء رسول الله فدخل عليها بغير إذن . قالوا علماء المسلمين : في قوله عليه السلام لزيد: (فاذكرها علي) أي أخطبها, كما بينه الحديث الأول. وهذا امتحان لزيد واختبار له, حتى يظهر صبره وانقياده وطوعه. وقد يستنبط من هذا أن يقول الإنسان لصاحبه: اخطب عليّ فلانة, لزوجه المطلقة منه, ولا حرج في ذلك.
وروى الإمام جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي - لما اعلمه الله بزواجه من زينب- وقد دخل النبي على زينب بغير إذن, ولا تجدي عقد ولا تقرير صداق, ولا شيء مما يكون شرطا في حقوقنا ومشروعا لنا وهذا من خصوصياته النبي التي لا يشاركه فيها أحد بإجماع من المسلمين. ولهذا كانت زينب تفاخر نساء النبي وتقول: زوجكن آباؤكن وزوجني الله تعالى. أخرجه النسائي عن أنس بن مالك قال: كانت زينب تفخر على نساء النبي تقول. إن الله عز وجل أنكحني من السماء. وفيها نزلت أية الحجاب,
روي أن عائشة وزينب تفاخرتا, فقالت عائشة: أنا التي جاء بي الملك إلى النبي في سرقة من حرير فيقول: (هذه أمرأتك) خرجه الصحيح.
وقالت زينب: أنا التي زوجني الله من فوق سبع سموات.
وقال الشعبي: كانت زينب تقول لرسول الله إني أنكحت عليك بثلاث, ما من نسائك امرأة تدل بهن: إن جدي وجدك واحد, وإن الله أنكحك إياي من السماء, وإن السفير في ذلك جبريل.
وروي عن زينب أنها قالت: لما وقعت في قلب رسول الله لم يستطعني زيد, وما أمتنع منه غير ما يمنعه الله تعالى مني فلا يقدر علي. راجع تفسير الطبري والقرطبي وابن كثير في شرحهم لآية سورة الأحزاب 36. حقاً لقد كان للشيطان الرجيم سلطان مبين على اخلاق النبي العربي صلوات الله عليه وسلم!.
هل شهوة نساء المؤمنين تعتبر من مكارم الأخلاق في شيء ؟.
لم يجد الله طريقة لإلغاء التبني الا تزويج نبيه بزوجة ابنه بالتبني؟  ألم يكن الله قادراً على إنزال حكم بهذا الإلغاء بدون أن يعرض نبيه للحرج ؟
وهل يعتبر التبني جرماً وجب إلغاءه؟ فالتبني كما هو معروف قمة الرحمة والمشاعر الإنسانية النبيلة. لكن ماذا نقول بنبي الرحمة الذي  ألغى تقليداً إنسانياً عظيماً هو التبني ؟! .

الصفحة الرئيسية