النبي الذي يعلم اتباعه الكذب
صحيح مسلم تحريم الكذب وبيان المباح منه البر والصلة والآداب
حدثني
حرملة بن يحيى أخبرنا ابن
وهب أخبرني يونس عن ابن
شهاب أخبرني حميد بن عبد
الرحمن بن عوف أن أمه أم
كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت
من المهاجرات الأول اللاتي
بايعن النبي صلى الله عليه وسلم
أخبرته
أنها سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو
يقول ليس ((( الكذاب ))) الذي
يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي
خيرا
قال ابن شهاب ولم أسمع
يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا
في ثلاث الحرب والإصلاح بين الناس
وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة
زوجها حدثنا عمرو الناقد
حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن
سعد حدثنا أبي عن صالح
حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد
الله بن عبد الله بن شهاب بهذا
الإسناد مثله غير أن في حديث
صالح وقالت ولم أسمعه يرخص في
شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث
بمثل ما جعله يونس من قول
ابن شهاب و حدثناه عمرو
الناقد حدثنا إسمعيل بن
إبراهيم أخبرنا معمر عن
الزهري بهذا الإسناد إلى
قوله ونمى خيرا ولم يذكر ما
بعده
قوله صلى الله عليه وسلم : ( ليس الكذاب
الذي يصلح بين الناس , ويقول خيرا , أو ينمي
خيرا )
هذا الحديث مبين لما ذكرناه في الباب قبله ,
ومعناه ليس الكذاب المذموم الذي يصلح بين
الناس , بل هذا محسن .
قوله : ( قال ابن شهاب : ولم أسمع يرخص في
شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب ,
والإصلاح بين الناس , وحديث الرجل امرأته ,
وحديث المرأة زوجها )
قال القاضي : لا خلاف في جواز الكذب في هذه
الصور , واختلفوا في المراد بالكذب المباح
فيها ما هو ؟ فقالت طائفة : هو على إطلاقه ,
وأجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع
للمصلحة , وقالوا : الكذب المذموم ما فيه مضرة
, واحتجوا بقول إبراهيم صلى الله عليه وسلم : {
بل فعله كبيرهم } و { إني سقيم } وقوله : إنها
أختي وقول منادي يوسف صلى الله عليه وسلم : {
أيتها العير إنكم لسارقون } قالوا : ولا خلاف
أنه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختف وجب
عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو , وقال
آخرون منهم الطبري : لا يجوز الكذب في شيء
أصلا . قالوا : وما جاء من الإباحة في هذا
المراد به التورية , واستعمال المعاريض , لا
صريح الكذب , مثل أن يعد زوجته أن يحسن إليها
ويكسوها كذا , وينوي إن قدر الله ذلك . وحاصله
أن يأتي بكلمات محتملة , يفهم المخاطب منها
ما يطيب قلبه . وإذا سعى في الإصلاح نقل عن
هؤلاء إلى هؤلاء كلاما جميلا , ومن هؤلاء إلى
هؤلاء كذلك وورى وكذا في الحرب بأن يقول
لعدوه : مات إمامكم الأعظم , وينوي إمامهم في
الأزمان الماضية : أو غدا يأتينا مدد أي طعام
ونحوه . هذا من المعاريض المباحة , فكل هذا
جائز . وتأولوا قصة إبراهيم ويوسف وما جاء من
هذا على المعاريض . والله أعلم . وأما كذبه
لزوجته وكذبها له فالمراد به في إظهار الود
والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك , فأما المخادعة
في منع ما عليه أو عليها , أو أخذ ما ليس له أو
لها فهو حرام بإجماع المسلمين . والله أعلم .
حدثنا
الربيع بن سليمان الجيزي حدثنا
أبو الأسود عن نافع
يعني ابن يزيد عن ابن
الهادي أن عبد الوهاب بن
أبي بكر حدثه عن ابن شهاب
عن حميد بن عبد الرحمن عن
أمه أم كلثوم بنت عقبة قالت
ما سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يرخص في
شيء من الكذب إلا في ثلاث كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول
لا أعده كاذبا الرجل ((( يصلح
بين الناس ))) يقول القول ولا يريد
به إلا الإصلاح والرجل يقول في
الحرب والرجل يحدث امرأته والمرأة
تحدث زوجها
( والرجل يقول في الحرب )
: قيل الكذب في الحرب كأن يقول في جيش
المسلمين كثرة وجاءهم مدد كثير , أو يقول
انظر إلى خلفك فإن فلانا قد أتاك من ورائك
ليضربك . وقال الخطابي : الكذب في الحرب أن
يظهر من نفسه قوة ويتحدث بما يقوي به أصحابه
ويكيد به عدوه
( والرجل يحدث إلخ )
: أي فيما يتعلق بأمر المعاشرة وحصول
الألفة بينهما . قال الخطابي : كذب الرجل
زوجته أن يعدها ويمنيها ويظهر لها من المحبة
أكثر مما في نفسه يستديم بذلك صحبتها ويصلح
به خلقها .
قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم
والترمذي والنسائي مختصرا ومطولا .
حدثنا
عبد الرزاق أخبرنا سفيان
عن عبد الله بن عثمان بن
خثيم عن شهر بن حوشب عن
أسماء بنت يزيد
عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال لا (((
يصلح ))) الكذب إلا في ثلاث كذب
الرجل مع امرأته لترضى عنه أو
كذب في الحرب فإن الحرب خدعة أو كذب
في إصلاح ((( بين الناس )))