مقدمه

الباحث في شخصية نبي الإسلام هو كالذي يسير في حقل الغام . في أي لحظة سيتحول جسده الى أشلاء لا محالة .
نبي الإسلام صلوات الله عليه وسلم فوق كل الشبهات. وفوق النقد والنقض.
حرمته صلوات الله عليه وسلم من حرمة الله . وغضبه من غضب الله: (اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله).
وطاعته من طاعة الله :( من يطع الرسول فقد أطاع الله) النساء 80 .
لهذا لا يجوز شرعا تناول شخصية الرسول بالبحث والنقد. نقض ونتقد النبي، يعني الموت الزُّؤامُ .
نصوص الكتاب والسنة، وكذلك أقوال علماء االاسلام على مختلف مذاهبهم . قد دلت دلالة صريحة قطعية لا تحتمل صرفاً ولا تأويلاً على أن من آذى الرسول كافر مرتد، خارج من الملة الإسلامية، تجرى عليه جميع الأحكام المتعلقة بالردة ويقتل ولا تقبل توبة، مسلما كان ام كافر . هذا ما اجمع عليه علماء الإسلام.
كل من عاب الرسول او شتمه او انتقضه او ناقده او انتقص من قدره بأي شكل من الأشكال، كافر مرتد، خارج من الملة ويقتل ولا تقبل توبة. هذا ما اجمع عليه علماء المسلمين . وإليك الأدلة على ذلك .
يقول الامام القرطبي في تفسيره : قال القشيري: كلمة الكفر سب النبي والطعن في الإسلام،) وكفروا بعد إسلامهم( أي بعد الحكم بإسلامهم.تفسير الرطبي 8 /206.
وقال ابن كثير :من سبه النبي أو شتمه أو عابه أو تنقصه فإنه يقتل كالزنديق. تفسير ابن كثير 2/352. مجموعة التوحيد،ص 48 للشيخ سليمان آل الشيخ والقرطبي في الجامع 5/ 418.
وقال القاضي عياض في الشفاء بتعريف حقوق المصطفى 2/473-474: اعلم ان جميع من سب النبي أو عابة أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله آو عرض به أو شبهه بشيء على طريق السب أو الإزراء عليه، أو التصغير لشانه، أو الغض منه والعيب له فهو سب له، وكذلك من لعنه أو دعا عليه ، أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمزه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه. وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة إلى هلم جر. وهذا ما اجمع عليه علماء المسلمين وأصحاب المذاهب الأربعة .
وقال ابو بكر بن المنذر: اجمع عوام اهل العلم على ان من سب النبي يقتل. ولا نعلم خلافاً في استباحة دمه بين علماء الأمصار وأئمة الآمة. راجع :الشفاء للقاضي عياض 2/474.
وقال صاحب (الزواجر): من يعيب نبينا ... أو يلعنه أو يسبه أو يستخف أو يستهزئ به أو بشيء من أفعاله كلحس الأصابع، أو يلحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو فعله أو يعرض بذلك، أو يشبهه بشيء على طريق الإزراء أو التصغير لشأنه أو لغض منه، أو تمني له مضرة أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور أو غيره بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غمصه ببعض العوار في البشرية الجائزة والمعهودة لديه، فيكفر بواحد مما ذكر إجماعاً، فيقتل ولا تقبل توبته عند أكثر العلماء، وقد قتل خالد بن الوليد من قال له"عند صاحبكم" المقصود بصاحبكم النبي - وعد هذه الكلمة تنقيصاً له. راجع : الزواجر عن اقتراف الكبائر. لابن الهيتمي 1/29-30 .
قال ابن قدامة في المغني: وقذف النبي وقذف امّه ردّة عن الاسلام وخروج عن الملّة وكذلك سبّه بغير القذف. المغني لابن قدامة ج10 ص231.
وجاء في كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية الحرّاني المتوفّى سنة 728هـ:  وعلى هذا المأخذ فقتلهم (اهل البدعة) من باب قتل المفسدين المحاربين باللسان كالمحاربة باليد ويشبه قتل المحاربين للسنّة بالرأي قتل المحاربين لها بالرواية وهو قتل من يتعمّد الكذب على رسول الله ، كما قتل النبي الذي كذب عليه في حياته، وهو حديث جيّد لما فيه من تغيير سنّته وقد قرّر أبو العباس هذا مع نظائر له في الصارم المسلول كقتل الذي يتعرّض لحرمه أو سبّه ونحو ذلك. الفتاوى الكبرى لابن تيمية الحرّاني ج4 ص515، ط دار المعرفة، بيروت. الانصاف ج4 ص 257. حلية العلماء في معرفة مذاهب العلماء ج7 ص712.
وجاء في الشرح الكبير لابي البركات أحمد الدردير من فقهاء المالكيّة: وان سبّ مكلّف نبيّاً أو ملكاً مجمعاً على نبوّته أو ملكيته أو عرّض بواحد منهما بأن قال عند ذكره: أمّا أنا أو فلان فلست بزان أو ساحر أو لعنه أو عابه أي نسبه لعيب، أو قذفه أو استخفّ بحقّه كأن قال: لا ابالي بأمره ولا نهيه أو ولو جاءني ما قبلته أو غير صفته كاسود أو قصير أو ألحَقَ به نقصاً وإنْ في بدنه كاعور أو اعرج أو خصلته (بفتح الخاء المعجمة) أي شتيمته وطبيعته كبخيل أو غضّ أي نقص من مرتبته العليّة أو من وفور علمه أو زهده أو اضاف له ما لا يجوز عليه كعدم التبليغ أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذّم... قتل ولم يستتب (أي بلا طلب أو بلا قبول توبة منه) حدّاً إنْ تاب والاّ قتل كفراً... الشرح الكبير لابي البركات أحمد الدردير من فقهاء المالكيّة، هذا الكتاب مطبوع في هامش كتاب حاشية الدوسوقي على الشرح الكبير ج4 ص309. المحلّى لابن حزم ج11 ص4 فتح الباري لابن حجر العسقلاني، ج12 ص236.
وجاء في زاد المعاد لابن قيم الجوزية، ج3 ص213 ما نصه: ثبت عن النبي إهدار دم أم ولد الاعمى لما قتلها مولاها على السب، وقتل جماعة من اليهود على سبّه وأذاه. وأمّن الناس يوم الفتح إلاّ نفراً ممن كان يؤذيه ويهجوه، وهم أربعة رجال وامرأتان.التشريع الجنائي لعبد القادر عودة،ج2، ص724 .
وقد روي أن رجلاً قال في مجلس علي: ما قتل كعب بن الأشرف إلا غدراً! فأمر علي بضرب عنقه. قال القرطبي في الجامع 8/84: قال علماؤنا هذا يقتل ولا ينتسب إن نسب الغدر للنبي؛ لأن ذلك زندقة.
وفي الشفا للقاضي عياض: من أضاف إلى نبينا تعمد الكذب فيما بلغه وأخبر به،أو شك في صدقة، أو سبه،أو قال: إنه لم يبلغ أو استخف به، فهو كافر بالإجماع. الشفا للقاضي عياض صفحة 2/ 582 و 608 و630 و633 و636.
وفي المحلى لابن حزم قال: أن كل من آذى رسول الله فهو كافر مرتد يقتل ولا بد. المحلى لابن حزم 12/438.
قال الخطابي: لا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله.
اذا من الواضح والثابت ان من عاب النبي أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله آو عرض به أو شبهه بشيء على طريق الإزراء عليه، أو التصغير لشانه، أو الغض منه والعيب له فهو سب له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو غمزه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه. يقتل ولا تقبل توبته وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن الصحابة إلى هلم جر.
أحاطت محمد بهالة القداسة والكمال . وجعله فوق الشبهات وفوق النقد والنقض. هو التنزيه بعينه! وتنزيه المخلوق شرك. الكمال يا حضرات الأفاضل للكائن الكامل. ومحمد صلوات الله عليه وسلم عنوان النقص وان كان على خلق عظيم.
هذا ليس تهجم ولا هو افتراء وازدراءً على النبي. يكفني أن اعلم حكم الشرع في من آذى الرسول، لكي أعيد النظر فيما اكتب مرات ومرات.
بل هذه هي الحقيقة،التي دلت عليها وبينتها نصوص القران والسنة . وهذا ما بشكل جلي لا يقبل التلبيس في صفحاتنا القادمة.
نحن نعلم ان عصمة الأنبياء من وجهة النظر الإسلامية موجبة شرعا.لأنه من المفروض بالنبي ـ أي نبي كان ـ أن يمثل النموذج الفذ الذي يريده الله تعالى على الأرض وهو الإنسان بكل ما لهذه الكلمة من معنى فهو رجل الفضل والعقل والكمال ومثال الحكمة والوقار والجلال الى غير ذلك من صفات إنسانية فاضلة وكمالات رفيعة لا ترى في إعماله أي خلل أو ضعف ولا في تصرفاته أي تشتت أو تناقض .
والسؤال هنا هو: هل كانت حياة (نبي الإسلام) خاليه من الرذائل والذنوب؟.
وهل كان النبي العربي في حياته العامة والخاصة ، الدينية والدنيوية قبل وبعد بعثته ، المثال الحقيقي والنموذج  الأمثل للاقتداء به ؟؟؟.
وهل عرف النبي العربي العصمة في حياته العامة والخاصة؟ الدنيوية والدينية قبل وبعد بعثته ، كما يدعي المحمديون ؟.
وهل تتماشى آراء وأقوال علماء المسلمين في عصمة الأنبياء مع الواقع القرآني ؟.
بمعنى آخر هل يقول القران بعصمة الأنبياء بشكل عام وبعصمة محمد بشكل خاص؟.
أسئلة كثيرة سوف نترك الإجابة عليها للقران الكريم ولسنة نبيه الشريفة ولأمهات المؤمنين ولكبار الصحابة والتابعين . فهم أدرى بأحوال وأفعال نبيهم . وهم الذين عاشوا وتعايشوا معه. لهذا نحن بهم نستعين واليهم في بحثنا راجعون. 

الشيخ المقدسي

الصفحة الرئيسية