النبي الذي يشك في نبؤته وكتابه
الشك هو خلاف اليقين، مصدره سوء الظن والارتياب. انها
صفة لا يتصف بها الا كل جبار شقي مهتز نفسيا .
والشك صفة لا تتماشى ومكونات النبوة القائمة أساسا على الأيمان والتصديق بالغيبيات
. بمعنى أخر: هل يمكن أن تجتمع النبوة والشك بحال من الأحوال ؟.
نعم لقد جمع نبي الإسلام في دعوته ما بين النبوة والشك. انه النبي الشكاك.
عن أبي هريرة: قال رسول الله: نحن أحقّ بالشكّ من إبراهيم إذ قال: (ربّ أرني كيف
تحيي الموتى...) سنن ابن ماجة 4026.
لقد كان النبي العربي يعاني من حالة الشك الشديد الاستفحال، الذي صاحبه منذ صباه
وحتى مماته في جميع شؤون دينه ودنياه، وفي قضاياه العامة والخاصة، الروحانية
والمادية قبل وبعد بعثته.
أن حالة الشك الشديد الذي كان يعاني منها محمد، جعلته يشك حتى في قرانه، هذا ما
أكده لنا الواقع القرآني الذي نسب الشك إلى نبيه.
( أن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) يونس 94.
أكان محمد يشك في خبر الله له؟ حتى قيل له ان كنت في شك مما أنزلنا إليك؟
جاء في سورة هود (فلا تكن في مريه منه إنه الحق من ربك) هود17. المرية= الشك. لقد
جاءك الحق من ربك فلا تكن من الممترين. يونس94.
أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين. أنعام114.
الحق من ربك فلا تكونن من الممترين به. البقرة47 - أي لا تكن من الشكاكين.
كلها شواهد صحيحة تبين بشكل لا ريب فيه حالة شك نبي الإسلام الشديدة والمستعصية .
يرجع سبب شك النبي في وحيه، لغرور الشيطان وكيده المستمر للنبي.
لقد كاد النبي وبفضل نزغ الشيطان اللعين له، أن يفتتن عن القران، حين
هم بالركون الى المشركين:(وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا
غيره… ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً) إسراء 73-74.
قال القرطبي في تفسيره لهذه الآية: وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ قال سعيد عن
مجاهد وقتادة وابن عباس : نزلت في وفد ثقيف, أتوا النبي فسألوه شططا وقالوا: متعنا
بآلهتنا سنة حتى نأخذ ما يهدى لها, فإذا أخذناه كسرناها وأسلمنا, وحرم وادينا كما
حرمت مكة, حتى تعرف العرب فضلنا عليهم; فهم رسول الله أن يعطيهم ذلك فنزلت هذه
الآية.
وقيل: هو قول أكابر قريش للنبي: اطرد عنا هؤلاء السقاط والموالي حتى نجلس معك ونسمع
منك; فهم بذلك حتى نهي عنه.
وقال قتادة ذكر لنا أن قريشا خلوا برسول الله ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه,
ويسودونه ويقاربونه; فقالوا: إنك تأتي بشيء لا يأتي به أحد من الناس, وأنت سيدنا،
وما زالوا به حتى كاد يقاربهم في بعض ما يريدون, ثم عصمه الله من ذلك, وأنزل الله
تعالى هذه الآية. ومعنى " ليفتنونك" أي يزيلونك. يقال: فتنت الرجل عن رأيه إذا
أزلته عما كان عليه.
وقيل يصرفونك, والمعنى واحد. راجع تفسير القرطبي في شرحه لآية سورة الإسراء 57.
ركون النبي للمشركين وإن كان قليلاً، وشكه صلوات الله عليه في وحيه النازل عليه من
السماء، بواسطة ساعي بريد السماء جبريل، كان يوقع النبي في أزمات نفسية صعبة.
(ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى
يأتيك اليقين) حجر97-99. ألم يأت النبي اليقين بعد ؟ .
لقد سبق لي وان قلت أن حالة الشك قد صاحبة النبي قبل بعثته وحتى مماته .
عن السيرة النبوية: قال محمد لخديجة( لقد خشيت على نفسي) قالت خديجة: كلا؛ والله لا
يخزيك الله أبدا ، ثم قالت يا ابن عم أتستطيع ان تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا
جاءك ؟ قال نعم. فجاءه جبريل فقال ياخديجة هذا جبريل قد جاءني، فقالت يا ابن عم قم
فاجلس على فخذي الأيسر فقام وجلس على فخذها الأيسر، فقالت هل تراه؟ قال نعم، فقالت
تحول واجلس على فخذي الأيمن ، فتحول رسول الله فجلس على فخذها الأيمن فقالت هل
تراه؟ قال نعم، فقالت تحول واجلس في حجري فتحول رسول الله وجلس في حجرها، فقالت هل
تراه؟ قال نعم، فتحسرت وألقت بخمارها فقالت هل تراه قال لا، فقالت أبشر يا ابن عم
فوالله انه ملك وما هذا بشيطان .راجع السيرة النبوية لابن هشام 1/256
قال علماؤهم إن خديجة أزالت غطاء رأسها لتعلم هل هذا جبريل الذي كان يأتي الأنبياء
قبله، أو هل هو الإغماء الناشيء عن لِمَّة الجن، فيكون محمد من الكهّان لا من
الأنبياء. وقال محمد بسببه لخديجة: (لقد خشيتُ على نفسي) وقد أجمع علماؤهم على أنه
كان يعتريه الإغماء وهو بمكة قبل أن ينزل عليه القرآن، كما كان يعتريه عند نزول
الوحي عليه. فبسبب إزالتها غطاء رأسها عنها اختفى، فلم يعُدْ إلى أن أعادت غطاء
رأسها عليه. فاستنتجت أن ما يعرض له هو الوحي، لأنّ الملاك لا يرى رأس المرأة
المكشوف، بخلاف الجن! وهو استنتاج غريب. سؤال: ألم تجد زوجة المصطفى وام المؤمنين،
طريقة افضل لمعرفة حقيقة شخصية جبريل غير طريقة عرض الأفخاذ وحسر الرأس والجلوس في
الحجر؟؟.
هل ترَّبتْ خديجة بين الأنبياء، أو هل كان في عشيرتها نبيٌّ، تعتريه مثل هذه
الحالة، فتقيس عليها حالة محمد؟ .كيف يثبت النبي وحيه عن ناقصة عقل ودين ؟
مهما يكن الأمر لم يطمئن النبي العربي لقرار خبيرة الوحي السيدة خديجة، بل بقيت
حالة الشك النبوي تزداد شدة وتطول مدة، لدرجة جعلته يحاول الانتحار اكثر من مرة
عندما فتر الوحي عنه! فهل في محاولة انتحار النبي اكثر من مرة أي عصمة؟ .
عن البخاري قال: فتر الوحي حتى حزن النبي فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردى
من رءوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال: يا
محمد انك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع. راجع السيرة النبوية
لابن كثير 1/412 مسند احمد 26712.
فتر الوحي حتى حزن النبي فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق
الجبال ، فكلما أوفي بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد إنك
رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه فيرجع ، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا
لمثل ذلك ، فإذا أوفي بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك! كتاب البخاري ج 2 ص
208 .
حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، وحدثني عبد الله بن محمد:
حدثنا عبد الرزاق: حدثنا معمر: قال الزُهري: فأخبرني عروة، عن عائشة أنها قالت....
وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي ، فيما بلغنا، حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من
رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدَّى له جبريل، فقال:
يا محمد، إنك رسول الله حقا. فيسكن لذلك جأشه، وتقرُّ نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه
فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدَّى له جبريل فقال له مثل ذلك.
صحيح البخاري الجزء الرابع باب: أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة
الحديث رقم6581.
لنتأمل قليلا في هذه الحادثة الضخمة، فخاتم الأنبياء والمرسلين قد وصل به اليأس من
رحمة الله إلى حد كبير جعله يقرر قتل نفسه رميا من ذروة جبل عال. يا له من يأس عميق
استولى على نفس هذا النبي المسكين، حتى أنه لم يعد يرى فائدة من حياته، فأراد أن
يضع لها نهاية سريعة.
وإن كان هذا قد حدث مرة قد يقول البعض أنها كانت نزوة عابرة بسبب اليأس القاتل،
ولكن للأسف كررها المصطفى أكثر من مرة، بالرغم من محاولة جبريل الذي ظهر له لطمأنته
ورده عن قراره المشئوم. ولك أن تتخيل القصد والنية والعزم على الانتحار، فالإنسان
يستغرق وقتا طويلا حتى يصل إلى ذروة الجبل، فهل في الطريق لم يراجع نفسه ويستغفر
ربه ويعود إلى صوابه؟
تخيلوا معي لو أن كل مسلم يواجه مشاكل هذه الحياة أن يتخذ خاتم المرسلين وتصرفه هذا
كمثال؟ . لم نسمع عن أحد من أنبياء الله أنه شرع في الانتحار يائسا من رحمة الله
ولطفه. وها هو أيوب الذي فقد كل شيء يقول أنه مازال متمسكا بالله مهما صار له، لذلك
مدحه الله وذكره الكتاب المقدس كمثال يُحتذى به في كل العصور. فهل مقام محمد عليه
الصلاة والسلام أدنى من مقام أيوب الصدّيق؟ وما فعله أيوب قبله بمئات السنين فشل
محمد في عمله وهو الذي يقول عنه الإسلام أنه أفضل المُرسلين!
الغريب ان النبي قال في حديثا له ذكره صحيح البخاري تحت رقم: 5442 حدثنا عبد الله
بن عبد الوهاب: حدثنا خالد بن الحارث: حدثنا شُعبة، عن سليمان قال: سمعت ذكوان
يحدث، عن أبي هريرة،عن النبي قال: (من تردَّى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم
يتردَّى فيه خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده
يتحسَّاه في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في
يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً).
لم تكن صفة شك النبي العربي، مجرد حالة عارضة يمكن ان تزول بمجرد الاطمئنان، بل
كانت هذه الصفة القبيحة شديدة الاستفحال والتمكن في نفس النبي، صاحبته طيلة حياته
وحتى مماته.
عن عائشة قالت: لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير ألينا ان لا تلدوني، قلنا:
كراهية المريض للدواء، فلما آفاق قال: آلم أنهاكم ألا تلدوني؟ قلنا: كراهية المريض
للدواء فقال: لا يبقى أحد في البيت إلا لد وأنا انظر. راجع السيرة النبوية لابن
كثير 4/449.
حتى ميمونة التي قالت: يا رسول الله انا صائمة! لم يشفع فيها صيامها، فلدت . ملاحظ:
اللد هو صب الدواء في الفم.
فليتأمل القارئ إلى آي درجة وصل الشك في نفس النبي العربي. لقد خاف نبي الإسلام من
ان يكون أحد الذين حوله قد وضع له السم فطلب من جميع الذين حضرته ان يلدوا أي ان
يتناولوا من الدواء الذي تناوله وذلك لكي يطمئن قلبه !.
انظروا الى أي درجة وصل الشك النبوي ! حين اجبر الآخرين على التناول من دوائه؟.
ومن الروايات الصحيحة التي تؤكد حالة الشك النبوي الشريف ما رواه البزار بسند جيد
عن أنس قال: لما ولد إبراهيم ابن النبي صلعم من ماريا جاريته ، وقع في نفس النبي
صلعم منه شئ ،- أي شك بان يكون إبراهيم ابنه- حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال:
السلام عليك يا أبا إبراهيم فطمئن بذلك النبي. (أخرجه البزار كما في كشف الأستار
2/189. وابن سعد في الطبقات 8/214. راجع السيرة لابن كثير م4 ص603 والسمط الثمين
ص165.
لو لم يطمئن جبريل محمد ، لأصبح مصير إبراهيم كمصير زيد ابن الحارثة.(ما كان محمد
ابا لأحد...) . حقا ان كيد الشيطان للنبي كان شديدا.
سؤال : هل شك محمد ببنوته لابراهيم ، يرجع سببه لعدم وثوق محمد بماريا ؟ ام تراه
يرجع لمعرفة محمد لحقيقة إمكانياته الجنسية؟.