من الأخلاق النبوية الشريفة
اخرج مسلم في صحيحه في كتاب الآداب باب تحريم النظر في
بيت غيره :
عن أنس بن مالك، أنّ رجلاً اطّلع من بعض حجر النّبي ، فقام إليه النّبي ، بمشقصٍ أو
بمشاقص، فكأني أنظر إليه يختل الرّجل ليطعنه.
وأخرجه البخاري ايضا في صحيحه في كتاب الاستئذان وفي كتاب الديّات باب من اطّلع في
بيت قومٍ ففقؤوا عينه فلا ديّة له.
إن الخلق العظيم يأبى هذا التصرف من نبي الرّحمة الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم،
كان من المقروض والواجب أن يقوم النّبي لهذا الرّجل الذي اطّلع علي حجرة النّبي
ويعلّمه الآداب ويفهمه بأن ما فعله حرامّ، لا أن يأخذّ مشقصاً ويختله ليطعنه ويفقأ
عينه، على أنّ الرجل قد يكون على حسن نيّة لأن الحجرة لم تكن حجرة أزواجه والدّليل
أنّ أنس بن مالك كان موجوداً فيها. فأي تهمة هذه توجّه إلى رسول الله وتصوّره بالفظ
الغليظ الذي يختل أي يستغفل الرّجل ليفقأ عينه.
( يختله) أي يستغفله ويأتيه من حيث لا يراه، هكذا فسروه البخاري .
سورة الكهف الاية 28: " واصبر نفسك... ولا تعدُ عيناك عليهم تريد زينة الحياة
الدنيا": تأديب لمحمد يرد في كل العهود المكية، في الاول (عبس 1-12) والثاني
(الانعام 52-53) وفي هذا العهد الثالث (كهف 28-30). وعلق عليه دروزة (سيرة الرسول
17: 202): " وتكرار الاشارة الى هذا في القرآن يدل كما هو متبادر على تكرار المشهد
بين حين وآخر...والآيات تأمر النبي بالصبر على صحبة المسلمين مهما كان أمرهم؛ وبعدم
الانصراف عنهم للاهتمام لأصحاب المال والجاه الذين يطلبون منه إقصاءهم عنه اذا
جلسوا اليه؛ وان النبي خطر بباله الاستجابة الى طلبهم املا بإسلامهم وأنه اخذ فعلا
يتشاغل عن تلك الطبقة احيانا".
سورة النمل الاية 91: " انما أمرت ان اعبد رب هذه البلدة"
اذا كان رب مكة اله توحيد فما معنى دعوة القرآن؟ واذا كان رب مكة غيره فكيف يؤمر
محمد بعبادته؟ انما ذلك تساهل جديد، كالذي في سورة قريش لإيلاف قريش. ويأتي الجواب
التحذيري لشرك محمد في سورة القصص 86-88: "...ولا تكونن من المشركين، ولا تدع مع
الله الها آخر".
" وما كنت ترجو أن يلقى اليك الكتاب، الا رحمة من ربك: فلا تكونن ظهيرا للكافرين!
ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ نزلت! وادع الى ربك ولا تكونن من المشركين! ولا تدع
مع الله الها اخر! لا اله الا هو" (القصص 86-88). تحذير صارخ، ولا تحذير إلا من
واقع!
ويعود القرآن الى التحذير نفسه في (الاسراء): " لا تجعل مع الله الها اخر، فتقعد
مذموما مخذولا" (22). ويكرر: " ولا تجعل مع الله الها اخر فتلقى في جهنم ملوما
مدحورا" (39). وتعطي السورة سببين لهذه الفتنه: الاول نزغ الشيطان في نفسس الانسان
" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن. إن الشيطان ينزغ بينهم، ان الشيطان كان للانسان
عدوا مبينا" (53). يظهر ان الشيطان يتدخل في الوحي، وفي نفس النبي، تسهيلا لفتنة
محمد عما يوحي اليه: " وان كادوا ليفتنوك عن الذي اوحينا اليك لتفتري علينا غيره!
واذا لاتخذوك خليلا! ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا! اذا لاذقناك
ضعف الحياة وضعف الممات، ثم لا تجد لك علينا نصيرا" (73-75).
إن الاشارة صريحه: لقد كاد محمد يركن الى المشركين شيئا قليلا.
علّق عليها الاستاذ دروزة ( سيرة الرسول 1: 197): " سورة القصص تأتي في الترتيب قبل
سورة الاسراء، ويُلمح في الايات شيء مما جاء في آيات (الاسراء) بصراحة أكثر، إذ
اختوت أمرا للنبي ص. بأن يشهّد الله على المهتدي من الضال، وتنبيها له بأن لا يظاهر
ولا يواد الكافرين، وبأن لا يدعهم يصدونه عما أنزل اليه، وبأن لا يأتي بشيء فيه أي
معنى من معاني اشراك أحد غير الله، مع الله. ويُلهم هذا ان النبي ص. كان يختلج في
نفسه مسايرة الزعماء شيئا ما، رغبتة في كسبهم الى صفه".
إن آيات (القصص) و (الاسراء) تُلهم أكثر من مسايرة: إن حملتها المتواصله مصبوبه على
جعله مع الله إالها آخر! ولا تحذير إلا من أمر محتمل الوقوع! إنه التحذير المتواتر
لمحمد نفسه من الشرك!!!
فاي نبي هذا الذي يشرك بالله!! اليس هذا هو السبب الذي من اجله بقي محمد يطلب
الاستغفار من ذنبه، وخاصة ان الله لا يغفر من اشرك به! فنسال ما هو مصير المشرك
بالله مثل محمد؟