موقف علماء المسلمين من عصمة الأنبياء
رغم وضوح موقف
القران من مسالة عصمة الأنبياء .
الا ان مسألة عصمة الأنبياء بشكل عام وعصمة نبي الإسلام بشكل خاص من الثوابت في
الإسلام .
نوجز هنا موقف علماء المسلمين من عصمة الأنبياء باستعراض بعض
أقوال علمائهم في هذه المسألة: العصمة ثابتة للأنبياء وهى من صفاتهم آلتي أكرمهم
الله تعالى بها. وميزهم على سائر البشر. فلم تكن لأحد ألا للأنبياء الكرام حيث
وهبهم الله هذه النعمة العظمى. وحفظهم من ارتكاب المعاصي والذنوب. صغيرها
وكبيرها.فلا يمكن أن تقع منهم معصية أو مخالفة لأوامر الله بخلاف سائر البشر.
والحكمة من ذلك: أن الله أمر بأتباعهم والإقتداء بهم.والسير على نهجهم فهم القدوة
الحسنه والأسوة الصالحة للخلق. والنموذج الكامل للبشرية جمعاء.
فلو جاز وقوعهم في المعصية، أو ارتكابهم للموبقات والآثام. لأصبحت المعصية
مشروعة.أو أصبحت طاعتهم علينا غير واجبة وهذا غير سليم. بل هو أمر مستحيل.
فالأنبياء هم القادة. وكيف يصح أن يأمر القائد بالفضيلة.
وينهى عن الرذيلة. ثم يرتكب هو أنواع الفواحش والمنكرات .
ثم إن المعاصي والذنوب ما هي إلا نجاسات معنوية. وهى تشبه القاذورات والنجاسات
الحسية.
فكيف يجوز نسبتها إلى الأنبياء والرسل الكرام؟ وقد جاء في الحديث الشريف ما يشير
إلى أن المعصية نجاسة باطنية وذلك في قوله: من ابتلى منكم بشيء من هذه القاذورات
فليستتر فانه من يبدلنا صفحته نقم عليه كتاب الله أو كما ورد. والمعنى: من يظهر
المعصية ويعلنها فلا بد من إقامة الحد عليه. فالعقل والشرع يلزمان القول (بعصمة
النبي) اي كيف يجوز أن يكون نبيا ويكون سارقا أو قاطع طريق أو شارب خمر، أو زانياً
أو غير ذلك من القاذورات والنجاسات التي تمنع من الإقتداء به، أو من أتباعه ؟ !.
راجع النبوة والأنبياء 54-55.
إذاً فلا بد من ان تكون حياة النبي حياة كريمة فاضلة مشرقة بنور الهداية. المصدر
السابق. عصمة الأنبياء ص 12 لمحمد الخضر الناجي.هذا بالنسبة لعصمة الأنبياء.
اما بالنسبة لعصمة النبي العربي، فلقد جاء في كتاب العقيدة الإسلامية لعبد الرحمن
حبنكة في باب صفة العصمة: وحيث ثبت ان الرسول هو المثل الأعلى في أمته،الذي يجب
الإقتداء به في اعتقاداته ، وأفعاله ، وأقواله، وأخلاقه،إذ هو الأسوة الحسنة بشهادة
الله له- اما كان من خصائصه بالنص- وجب ان تكون اعتقاداته، وأفعاله، وأقواله،
وأخلاقه، الاختيارية بعد الرسالة موافقة لطاعة الله، ووجب ان لا يدخل في شيء من
اعتقاداته وأفعاله وأقواله وأخلاقه معصية لله.
وقد حفظ الله نبينا منذ طفولته ، عصمه من أفعال الجاهلية في صغره وشبابه إلى أن
جاءته النبوة فأكملت عليه النعمة وتمت له العصمة بتشريفه بتحمل أعباء الرسالة على
الوجه الاتم الأكمل.انتهى.
ويقول عبد الرزاق زلوم في كتابه (محمد رسول الله وكفى):لقد حفظ الله نبيه وحبيبه من
أعمال الجاهلية المشينة، وبغض إليه الأوثان بغضاً شديداً، كما كره إليه العادات
الدميمة، فلم يكن يكشف عورته قبل البعثة، ولم يكن . يسمع لغناء قط، ولم يسجد لصنم
أبداً، ولم يشرب الخمر مطلقاً، ولم يذبح للأصنام، ولم يدخل في يهودية أو نصرانية.
منذ خلق الله الإنسان وهو مندفع لاكتشاف أسرار الكون المحيط به أو التعرف على ما
فيه من سنن وخصائص، وكلما أمعن الإنسان في المعرفة كلما ظهرت له عظمة هذا الكون،
وعظمة خالقه، وظهر للإنسان أنه ناقص وعاجز ومحتاج، وأن الكمال لله وحده. وتبين له
أن نبي الإسلام عظيم عظمة هذا الكون، فقد اجتهد العلماء منذ أشرقت الأرض بنور
النبوة، وهم يلتمسون جوانب العظمة الإنسانية فيه، ويلتمسون قدرة الله في عقله وخلقه
ودينه وعلمه ونسبه! مع أنهم استطاعوا الوصول إلى شيء من المعرفة، فقد فاتهم حتى
الآن كمال المعرفة، وأمامهم جهاد طويل، وبعد شاسع، وطريق لا نهاية لها. راجع المصدر
المذكور ص 6-7.
ويقول سعيد حوا في كتابه الرسول صلى الله عليه وسلم1/136: أن أبرز سمة في شخصية
الرسول صلعم المتعددة الجوانب الأخلاقية آلتي لا مثيل لها فلو أنك جمعت كل خلق عظيم
في العالم، وكل تصرف أخلاقي سليم تصرفه في يوم من الأيام إنسان. فإن ما تجده في
حياة رسول الله صلعم يربو على هذا كله مجتمعاً. مع انعدام التصرفات الغير أخلاقية
في حياته عليه السلام، ما لا تستطيع معه أن تجد في حياته كلها تصرفاً يمكن أن ترى
أعظم منه في باب الأخلاق عند غيره.
فانظر ذلك الذي لا يرضى أن يسبقه أحد في موقف من مواقف مكارم الأخلاق. إن أخلاق
الرسول صلعم هي ميزة شخصيته الكبرى، حتى أنه ليحدد مهمة رسالته بقوله: "إنما بعثت
لأتمم مكارم الأخلاق" والواقع أنك لا تستطيع أن تأخذ صورة كاملة عن أخلاق الرسول
صلعم. إلا إذا فهمت القرآن والسنة، وكل ما له علاقة بسيرة الرسول صلعم، إذ أخلاقه
كما وصفته سيدتنا عائشة رضي الله عنها هي القرآن " كان خَلقه القرآن".
اذن عصمة الأنبياء بشكل عام وعصمة النبي العربي بشكل خاص هي من الثوابت في الإسلام
. وأي إنسان يحاول التشكيك بتلك الثوابت يقتل ويموت وهو كافر بإجماع أهل العلم
وأصحاب المذاهب .
والسؤال هنا هو: هل تتماشى آراء وأقوال علماء المسلمين في عصمة الأنبياء مع الواقع
القرآني؟. بمعنى آخر هل يقول القران بعصمة الأنبياء بشكل عام وبعصمة محمد بشكل خاص
؟ .