الأنبياء بحسب
الواقع القرآني هم صفوة البشر وأفضلهم لا خلاف في ذلك (الله يصطفي من الملائكة رسلا
ومن الناس). الحج 75 .
لكن هذا الاصطفاء والتفضيل القرآني للأنبياء،لا يعني ان القران قد نسب إليهم
العصمة. بل نفاها عنهم بدليل ان القران قد نسب إليهم نواقص الصفات والأعمال قبل
وبعد بعثتهم. انهم بشر مثل بقية البشر يحصل لهم ما يحصل للبشر من السهو والنسيان
والخطاء .... الخ.
وهذا ما أعلنه وأكده القران بشكل واضح وصريح في قوله: وعصى آدم ربه فغوى. طه 121 .
وقوله: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه- البقرة 3.
وقوله: ونادهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو
مبين - الاعراف 220
ومن قصة آدم: فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سؤاتهما وقال ما نهاكما
ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من
الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سؤاتهما وطفقا يخصفان عليهما من
ورق الجنة وناداهما ربهما أم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو
مبين قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين. الأعراف
20. و طه 120 .
وفي الحديث الذي يرويه الترمذي والحاكم (ونسي آدم، فنسيت ذريته).
ونادى نوح ربه فقال رب إن إبني من أهلي وأن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا
نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلني ما ليس لك به علم إني أعظك أن
تكون من الجاهلين، 00الى قوله: رب إني أعوذ بك أن أسئلك ما ليس لي به علم والا تغفر
لي وترحمني أكن من الخاسرين - هود 45-46 .
وهذا إبراهيم ذكروا في قوله: فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل
قال لا أحب الآفلين ، فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني
ربي لأكونن من القوم الضالين ، فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما
افلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون.الانعام 76 – 78 .
وقوله: رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي. البقرة
260 .
وقوله في شأن يوسف:
ولقد همت به وهم بها لو لا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء أنه من
عبادنا المخلصين - يوسف 24 و33
وقوله: من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي. يوسف 100.
وفي موسى والخضر :
قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري
عسرا. الكهف 73 .
ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما. طه 115.
وقوله في يوشع بن نون: وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره. الكهف 63.
وقوله: رب إني ظلمت نفسي فإغفر لي. القصص 60 .
وقوله: لا تؤاخذني بما نسيت. الكهف 73 .
وفي داود قوله تعالى:
وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب، إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف
خصمان بغى بعضنا على بعض فأحكم بيننا بالحق ولا تشطط وأهدنا إلى سواء الصراط * إن
هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب * قال
لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود إنما فتناه فإستغفر ربه وخر
راكعا وأناب * فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب * يا داود إنا جعلناك
خليفة في الأرض فأحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين
يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب. ص 21-26 .
وكذلك من الممكن أن يخطأ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويذنبوا بعض الذنوب، قبل
البعثة وبعدها .
ومن ذلك ما ذكره القرآن في قصة قتل موسى للقبطي: فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من
عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو
الغفور الرحيم.القصص 1.
وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن
يكذبون ويضيق صدري و لا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون
قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين
أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت
فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما
خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين. الشعراء 19.
وحتى بعد البعثة يمكن أن يحصل الذنب من النبي، والأدلة على ذلك كثيرة منها: انا
فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر.
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا. ولكن ييسر الله لهم التوبة من أخطائهم
وذنوبهم في الدنيا، كما جاء في القرآن. في قصة آدم ونوح وداود وسليمان وموسى وغيرهم
كقوله : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه. سورة البقرة 37 .
وقول نوح : رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من
الخاسرين. سورة هود 47
وقول إبراهيم: ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب سورة إبراهيم41.
وقوله: والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين. سورة الشعراء 82 .
وقوله: فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات. سورة محمد 19
وقوله: وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله
إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي
المؤمنين. سورة الأنبياء 87-88 .
وقوله: واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي
والإشراق. إلى قوله: ظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب فغفرنا له ذلك
وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب. إلى قوله: ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا
ثم أناب قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب. سورة ص
17 35 .
وقول موسى: انت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الغافرين واكتب لنا فى هذه الدنيا
حسنة وفى الآخرة انا هدنا إليك. الأعراف 156.
وقوله: رب انى ظلمت نفسي فاغفر لي.
إذاً يتضح لنا من هذا الأمثلة وغيرها لم نذكرها، أن مسألة عصمة الأنبياء والتي
تعتبر من الثوابت في الإسلام، تتنافى والواقع القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا خلفه.
عداوة الشيطان الرجيم لأنبياء الله مبدأ اقره القران: وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً
شياطين الإنس والجن. أنعام 112.
وقد علمت السنة النبوية أنه ما من إنسان إلا وله قرين من الشياطين.
عن ابن عباس قال قال رسول الله ليس منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الشياطين
قالوا وأنت يا رسول الله قال نعم ولكن الله أعانني عليه فأسلم أحمد 2209. النسائي
3898.
عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عن عبد الله قال قال رسول الله ما منكم من أحد إلا
وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة قالوا وإياك يا رسول الله قال وإياي
ولكن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بحق - أحمد 3466. 8583. البخارى 1134.مسلم
843. وأحمد1/385.
ولقد ذكر القرآن موضوع القرين في أكثر من مكان: والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس
ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً. نساء38.
(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين". زخرف36.
إذاً لقد كان لنبي الإسلام قرين من الشياطين، يتعامل معه بشكل مباشر وملازم.
ملاحظة: القرين في اللغة: المصاحب،التابع والملازم.
كلها نصوص تنفي عصمة الانبياء. فمن أين أتونا بنظرية عصمة نبيهم؟.
ومن ذلك نسيان النبي العربي : سنقرئك فلا تنسى ( الأعلى . 6 والأنعام68 .
إذاً من الواضح والمؤكد أن الله تعالى لم يعصم من جهة النسيان .
وبالتالي وان كانوا معصومين فان عصمتهم غير شاملة وغير
كاملة .لان ينقصها العصمة من النسيان .
وكذلك من الممكن أن يخطأ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويذنبوا
بعض الذنوب، قبل البعثة وبعدها .
ومن ذلك ما ذكره القرآن في قصة قتل موس للقبطي ) فوكزه
موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين،
قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم (
.28 القصص .15)
وسؤالنا للمسلمين هو :
هل يحق لنا والحالة هذه ان نعيد ما قاله ابن تيمية في فتاويه مع بعض التغير " الطعن
في عصمة الأنبياء هومن سنة اليهود والمسلمين وصنعة المنافقين ، وليس من صنعة
النصارى كما ذكر ابن تيمية ؟