قراءة
فى التوراة
رد
كامل على ماكتبه " الدكتور مصطفى محمود"
فى مجلة " أكتوبر " بالعددين
الصادرين فى 13 يوليو و 3 أغسطس 1997
بقلم
الدكتور
القس لبيب ميخائيل
دكتوراه
فى اللاهوت من أمريكا
مقدمة:
نشرت مجلة أكتوبر التى تصدر
بالقاهرة بجمهورية مصر العربية مقالين
كتبهما الدكتور مصطفى محمود بعنوان " قراءة
فى التوراة" .. المقال الأول نُشر فى 13 يوليو
1997 ، والمقال الثانى فى 3 أغسطس 1997..وكان واضحا
أن هدف الكاتب من كتابه المقالين هو تشويه
التوراة .. والإساءة إلى الإله القدوس .. إله
التوراة..
وعلى الصفحات التالية يجد القارئ
نص المقال الأول ثم الرد على ما جاء به من
مفتريات .. ثم نص المقال الثانى والرد على ما
جاء به من ادعاءات.
وقد قمت بكتابة الرد على المقالين
لإظهار الحق .. ولحماية غير الدارسين من
المسيحيين من تصديق هذه المفتريات
والادعاءات التى كتبها الدكتور مصطفى محمود
بهدف زعزعة إيمان المسيحيين فى التوراة ،
ومنع المسلمين من قراءة الكتاب المقدس الكريم
الذى شهد له القرآن فى آيات كثيرة أن الله
أنزله ، وأن فيه هدى ونور.
والأمر المؤسف حقا أن تفتح مجلة
أكتوبر ، وهى مجلة سياسية ، مكاناً لنشر مثل
هذه الترهات على صفحاتها .
لقد أرسلت الرد على المقالين بخط
يدى ، وبالبريد المسجل للدكتور مصطفى محمود
على عنوان مجلة أكتوبر بالقاهرة .. ولعله بعد
أن يقرأه يتوقف عن كتابة مثل هذا الهراء
ويهتدى إلى الحق.
سبرنجفيلد، فيرجينيا- أمريكا
الدكتور القس لبيب ميخائيل
أغسطس 1997
"كل الكتاب هو موحى به من الله و
نافع للتعليم و التوبيخ للتقويم و التأديب
الذي في البر" 2 تيموثاوس 3: 16
ننشر فيما يلي نص المقال الأول
الذى كتبه الدكتور مصطفى محمود فى مجلة "
أكتوبر " التى تصدر فى القاهرة بجمهورية
مصر بالعدد الصادر فى 13 يوليو 1997
قراءة فى التوراة
–
المقال الأول
مقال الدكتور مصطفى محمود بمجلة
أكتوبر بعددها الصادر الأحد 13 يوليو 1997
الصورة التى صورتها التوراة لله
صورة مليئة بالتشويش والتناقض وسوء الفهم..
فهو فى معظم صفحات الكتاب إله ندمان، يفعل
الفعل ثم ما يلبث أن يدرك أنه أخطأ ويندم عليه
ويرجع عنه .. وهو إله مادي يفرح برائحة
الشواء على المذابح ، ويدركه التعب إذا اشتغل
بعض الوقت فيحتاج إلى الراحة .. وهو إله عنصري
متحيز لا يعرف من مخلوقاته إلا بنى إسرائيل ،
وهو يشرع الفضائل للتداول الداخلي بين أفراد
هذه العشيرة الإسرائيلية .
" للأجنبى تقرض بربا ولكن لأخيك
لا تقرض بربا" (تثنية 23).
" لا تأكلوا جثة ما.. تعطيها
للغريب الذى فى أبوابك فيأكلها" (تثنية 14
الآية 21).
" أبناء المستوطنين النازلين
عندكم تستعبدونهم إلى الدهر.. وتتخذون منهم
عبيداً وإماءً ..
أخوتكم من بنى إسرائيل فلا يتسلط إنسان على
أخيه بعنف" (لاويين).
أهى عنصرية؟؟
وإذا جاز لليهودى أن يفكر بطريقة
عنصرية ويتصور الرب ربَاً له وحده ولجنسه من
بنى إسرائيل ، والفضائل للتداول الداخلي فقط
بين عائلته الإسرائيلية ، فكيف يجوز على الله
رب العالمين ورب الإنس والجن والنمل والسمك
والطير والنجوم و الأفلاك وملائكة العرش ورب
ما نعلم وما لا نعلم .. كيف يجوز لهذا الرب أن
يأمر بالفضيلة بطريقة عنصرية ، فاليهود وحدهم
يتقارضون بدون ربنا.. ويأكلون اللحم .. أما
الآخرون من الأمم فحلال سرقتهم
واستغلالهم وإلقاء المزابل والجثث المنتنة
المتعفنة إليهم ليأكلوها .
هذه الآيات تحمل في
ثناياها روح التلمود الذي كتبته الأقلام
اليهودية فيما بعد...
فالتلمود هو الكتاب
الشرعي الذي أحل لليهود دم الأمم ومالها
وكرامتها وعرضها .. ولا يمكن أن تكون تلك
الآيات تنزيل الرب ا لرحيم . ولا يحتاج الله
القادر على كل شيء إلى يوم راحة يلتقط فيه
أنفاسه بعد خلق الدنيا.
" في ستة أيام صنع
الرب السماء والأرض ، وفي اليوم السابع
استراح وتنفس " (الخروج 31).
ولا ينام الرب
ليتيقظ . . وهو الذي تبرأت ذاته عن كل العوارض ..
" اسكتوا يا كل
البشر قدام الرب لأنه قد استيقظ من مسكن قدسه
" ( زكريا الاصحاح 2).
ولا يمكن قبول هذه
اللغة على أنها نوع من الشعر والمجاز ، إنها
تتضمن إهانة للذات المقدسة .
وكما لا يصح في لغة
الشعر والمجاز أن نقول أن الله يخطيء ويجهل ..
كذلك لا يصح أن نقول إن الله يندم أو يتعب
وينام ... ولو ذكرت هذه الكلمات في شعر عن الله
لوصفنا الشاعر بأنه سيئ الأدب أو ملحد أو
وجودى متحرر من شروط الإيمان .. فكيف يكون
الحال والتوراة تنسب هذا الكلام لنبي يتكلم
بوحي من الله وليس بهذيان الخاطر ..؟ ولا ينفع
الاعتذار القائل بأن كلمة يندم واردة بمعنى
يغفر .. وهو اعتذار أفحش من التهمة .. فمعناه أن
النبي لا يعرف أبجدية اللغة التي يخاطب بها
أتباعه .. ومعناه أن الله لم يحفظ لسانه من
التخليط والزلل .. ومعناه في الحالتين أن كتاب
التوراة ليس كتابا محفوظا من الله . وإنما هو
مجموعة عبارات ألقيت على عواهنها وقيلت كيفا
اتفق بما فيها من ضلال الخاطر وسقطات اللسان
وعجز التعبير .. والتوراة ذاتها تنفي هذه
الصفة بما فيها من صفحات مضيئة بالغة الذروة
في جمال التعبير وحلاوة اللغة . والتفسير
المقبول أنها سطور دخيلة وعبارات محرفة وآيات
دسها على التوراة الكتاب المتأخرون الذين
حاولوا إعادة كتابة العهد القديم بعد أن
أُحرق عدة مرات وضاعت أصوله أيام بختنصر
وأيام تيتوس .
ومما يدل على ذلك ما
نجده في أسفار التوراة الأولى من عبارات تنفي
عن الله هذا التخليط .
" ليس الله إنسانا
فيكذب ولا ابن انسان فيندم " ( العدد اصحاح 23
الآية 19) .
وما نقرأ في سفر
إشعياء من عبارات جميلة تنزه اله عن هذا العبث
:
" إله الدهر الرب
خالق أطراف الأرض لا يتعب ولا يعيا " (
إشعياء 40).
" فبمن تشبهوني
فأساويه ؟ يقول القدوس .. ارفعوا إلى العلاء
عيونكم وانظروا ، من خلق هذه ؟ .. من الذي له
الجنود بلا عدد .. ويدعو كل واحد باسمه" (
إشعياء 40).
" أنتم شهودي يقول
الرب .. تؤمنوا بي وتفهمون أني أنا هو . قبلى لم
يصور إله وبعدي لا يكون .. أنا أنا الرب وليس
غيري مخلص .. أنا الله ولا منقذ من يدي " (
إشعياء 43).
" هكذا يقول الرب
ملك إسرائيل أنا الأول والآخر ولا إله غيري
" ( إشعياء 44) .
" ويل للطين الذي
يخاصم اليد التي تسويه ويقول لها ماذا صنعت
" ( إشعياء 45).
هنا تلمع درر
التوراة ولآلئها بين أكوام الرديم والدشت.
***
ومثل
آخر للآيات المريبة التي تدعيها التوراة على
الله ., ما قالته عن قوس قزح في سفر التكوين .
وتزعم
التوراة أن الله القدوس وضع قوس قزح في السحاب
بعد طوفان نوح كعلامة ميثاق بينه وبين الأرض
ليذكر نفسه حتى لا يعود فيغرق الأرض بطوفان
آخر إلى قيام الساعة .
"
وضعت قوسي في السحاب فتكون علامة ميثاق بيني
وبين الأرض فيكون متى أنشر سحابا على الأرض
وتظهر القوس في السحاب . أني أذكر ميثاقي الذي
بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد فلا
تكون المياه طوفانا لتهلك كل ذي جسد . . وقال
الله لنوح هذه علامة الميثاق الذي أنا أقمته
بيني وبين كل ذي جسد على الأرض " (التكوين
اصحاح 9).
ومعنى
الآية أن ظاهرة قوس قزح لم تحدث في السماء إلا
بعد طوفان نوح حينما وضع الله تلك القوس في
السماء كعلامة ليتذكر بها العهد الذي قطعه
للأرض ..
وهو
كلام مخالف لما يقوله العلم الثابت من أن قوس
قزح ظاهرة طبيعية تحدث أينما التقى بخار
الماء المعلق في الجو بأشعة الشمس ، فيؤدي
انكسار الأشعة على ذرات الماء المعلقة إلى
انحلال النور الأبيض إلى ألوان الطيف السبعة
التي تظهر في قوس قزح.
وليس
من شروط هذه الظاهرة العلمية أن يأتي نوح
ويحدث الطوفان فتوضع القوس في السماء ميثاقا
إلهيا بين الله والأرض .. بل هي وفقا
لمعلوماتنا ظاهرة قديمة موجودة منذ أن وجدت
الشمس في السماء ومنذ أن حدث التبخر والضباب
والسحب وذرات الماء المعلقة .. وكلها أمور
قديمة .. منذ آدم وقبل آدم منذ أن نزلت الأمطار
على أول نبات في تاريخ ا لأرض القديم..
وأي
طالب ثانوي يستطيع بتجربة بسيطة في معمل
الطبيعة أن يصنع قوس قزح صناعيا باستخدام
مجموعة مناشير زجاجية يكسر بها الضوء بدلا من
ذرات الماء .. ويحلله إلى قوس من الأطياف
السبعة .
ولا
أحاول بهذا أن أنقض آية ربانية بالعلم الظاهر
، بل أحاول أن أشرحها .. وعلمنا الظاهر في
النهاية أتفه من أن ينقض آية من آيات الله ..
ولكنه
مجرد سؤال :
ثم
لماذا يضع الله علامة في السماء ليتذكر
ميثاقه مع الأرض ، ولماذا يحرص على تذكير نفسه
وليس من صفاته أن ينسى أو أن له ذاكرة ضعيفة
مثلنا سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا .
ونحن
نقول في القرآن :
"
وما كان ربك نسيا " ( مريم 64).
"
لا يغرف عنه مثقال ذرة في السموات ولا في
الأرض " (سبأ 3).
فإذا
جئنا إلى سفر اللاويين فنحن نقرأ من صنوف
الطقوس والكهانات عجبا .
وكمثل
واحد من عشرات نقرأ في الاصحاح 14 من سفر
اللاويين هذه المكالمة العجيبة بين الرب
وموسى ، التي يفرض فيها الرب طقوسا يؤديها
الكاهن على من يشفى من البرص .
"
على الكاهن أن يأخذ عصفورين يذبح أحدهما في
إناء خزفي على ماء حي أما العصفور الآخر
فيأخذه مع قطع من خشب الأرز والقرمز والزوفا
ويغمس الكل في دم العصفور المذبوح ثم ينضح من
الدم على المريض الذي شفي من برصه سبع مرات
فيطهره ثم يطلق العصفور الحي على وجه الصحراء
.. ويغسل المتطهر ثيابه ويستحم ويقيم خارج
خيمته سبعة أيام وفي اليوم السابع يحلق شعر
رأسه ولحيته وحواجب عينيه ويغسل كل ثيابه
ويستحم ، وفي اليوم الثامن يأخذ خروفين
صحيحين ونعجة واحدة حولية صحيحة وثلاثة أعشار
دقيق ملتوتة بزيت ويأخذ الكاهن خروفا ليقربه
ذبيحة .. ويأخذ من دم الذبيحة ويضع على الأذن
اليمني للمريض الذي شفي من البرص وعلى إبهام
يده اليمنى وعلى إبهام رجله اليمني ( هل يذكرك
هذا الكلام بالزار ).
ثم
يغمس الكاهن إصبعه اليمني في الزيت الذي على
كفه اليسرى وينضح من الزيت بإصبعه سبع مرات
أمام الرب ،ومما بقي في الزيت يضع على الأذن
اليمني للمريض وعلى إبهام يده اليمنى وعلى
إبهام رجله اليمنى .. ثم يعمل الكاهن ذبيحة
خطية ويحرقها قربانا على المذبح.
ما
هذه الطقوس البهلوانية ..؟؟
هل
كلم الله عبده موسى بهذا الكلام حقا !
صدق
الله العظيم إذ يقول في القرآن عن حال اليهود
أمام كلام التوراة الذي داخله الكثير من
التحريف :
"
وإنهم لفي شك منه مريب " (هود 110).
الرد
على المقال الأول
الأستاذ
الدكتور مصطفى محمود
تحية وبعد ..
قرأت باهتمام
بالغ مقالك المنشور في مجلة " أكتوبر
بعددها الصادر في 13 يوليو 1997 وكذلك مقالك
المنشور بنفس المجلة بعددها الصادر في 3 أغسطس
1997 ، والمقالين تحت عنوان " قراءة في
التوراة " .. واسترعى انتباهي بعض كلمات
وعبارات كتبتها في المقالين فيها إساءة بالغة
إلى التوراة التي نؤمن بأنها وحي الله كما قال
بطرس الرسول " عالمين هذا أولا أن كل نبوة
الكتاب ليست من تفسير خاس . لأنه لم تأتِ نبوة
قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون
مسوقين من الروح القدس " ( 2بطرس 1: 20و 21) .
في مستهل
مقالك الأول قلت : " أن الصورة التي صورتها
التوراة لله صورة مليئة بالتشويش والتناقض
وسوء الفهم .. فهو في معظم صفحات الكتاب إله
ندمان ، وهو إله مادي يفرح برائحة الشواء على
المذابح .. ويدركه التعب .. وهو إله عنصري لا
يعرف من مخلوقاته إلا بني إسرائيل .. وتذكر بعد
ذلك آية وردت فى زكريا 2: 13 وتفسرها بأن الرب
ينام .. وقد تابعت حديثك فقلت : " إن كتاب
التوراة ليس كتابا محفوظا من الله . وإنماهو
مجموعة عبارات ألقيت علىعواهنها وقيلت كيفا
اتفق بما فيها من ضلال الخاطر وسقطات اللسان
وعجز التعبير " .
وتستطرد
قائلا " إنها سطور دخيلة وعبارات محرفة
وآيات دسها على الوراة الكتاب المتأخرون
الذين حاولوا إعادة كتابة العهد القديم بعد
أن أُحرق عدة مرات وضاعت أصوله أيام يختنصر
وأيام تيتوس " .
وأقول أولا
أنه كان من المستحيل أن يحرق الملك بختنصر
واسمه في الترجمة العربية للعهد القديم نبوخذ
نصر ، نسخ العهد القديم ، لأنها كانت منتشرة
بين اليهود ، وهو لم يقم بجمع هذه النسخ
لحرقها .. كذلك لم يحرق تيتوس الروماني العهد
القديم لاستحالة ذلك بسبب انتشار نسخه بين
اليهود كما ذكرت .. كل الذي فعله تيتوس أنه هدم
هيكل أورشليم ومبانيها ..
الذي أعيدت
كتابته هو القرآن في أيام الخليفة عثمان بن
عفان .. ويقول الشيخ عبد الفتاح القاضي في
كتابه " المصحف الشريف أبحاث في تاريخه
وأحكامه " ، " أن حذيفة بن اليمان رأى
كثرة اختلاف المسلمين في وجوه القراءة ، وسمع
ما كانت تنطق به ألسنتهم من كلمات التجريح
والتأثيم حين اختلافهم في أوجه قراءة القرآن
ففزع إلى عثمان الخليفة وأخبره بالذي رأي ..
فجمع عثمان أعلام الصحابة وأخذوا يبحثون عن
علاج لهذه الفتنة . . فأجمعوا رأيهم على نسخ
مصاحف يرسل لكل مصر مصحف منها يكون مرجعا
للناس عند الاختلاف .. وعلى إحراق ما عدا هذه
المصاحف ..
ثم شرع عثمان
في تنفيذ ماأجمعوا عليه وندب للقيام بهذه
المهمة الخطيرة أربعة من أجلاء الصحابة ،
وثقات الحفاظ ، وهم زيد بن ثابت ،وعبد الله بن
الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن
الحارث بن هشام ، وهؤلاء الثلاثة قرشيون..
" وكان من
قانون عثمان في كتابة المصاحف أيضا أنه قال
لهؤلاء القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم
وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان
قريش .. ولما أتمموا نسخ المصحف في المصاحف ..
أرسل عثمان إلىكل أفق من الآفاق الإسلامية
مصحفا مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في
كل صحيفة أو مصحف أن يُحرق " (المصحف الشريف
صفحة 65 -70).
عثمان بن عفان
أحرق نسخ القرآن الأصلية المتداولة ، وأعاد
كتابة القرآن . . أما كُتاب العهد القديم فلم
يحاول أحد إعادة كتابته لأن الله أوصى اليهود
" لا تزيدوا على الكلام الذي أما أوصيكم به
ولا تنقضوا منه " ( تثنية 4: 2) . وقد أطاع
اليهود وصية الله وحفظوا العهد القديم من كل
تحريف .
أعود إلى ما
ذكرت في مقالك فأقول أنك سواء قصدت أم لم تقصد
، فكلامك هذا يا دكتور مصطفي عن التوراة وإله
التوراة ، يسيئ بالدرجة الأولى إلى القرآن ،
لأن القرآن شهد في كثير من آياته بأن وحي
التوراة هو من الله .. والتوراة التي
أنتتقرأها الآن وتنتقدها هي نفس التوراة التى
وُجدت بين يدي محمد نبي الإسلام ، الذي جاء
بعد زمن بختنصر ملك بابل ، وتيتوس القائد
الروماني اللذين ذكرتهما في مقالك بمئات
السنين .. عن هذه التوراة التي كانت بين يدي
محمد ، وهي حتى الآن بين يديك شهد القرآن
بكلمات صريحة بصدق وحيها.
والآن دعني
أذكرك بآيات القرآن التي تؤكد هذه الحقيقة :
" إنا
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها
النبيون الذين أسلموا للذين هادوا
والربانيون والأحبار بما استُحفظوا من كتاب
الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس
واخشون ، ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا ومن لم
يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " (سورة
المائدة 5: 44) .. ويفسر " محمد فريد وجدي "
في كتابه المصحف المفسر هذه الآية فيقول :"
إنا أنزلنا التوراة فيها هداية إلى الحق ونور
يكشف مااشتبه من الأحكام يحكم بها أنبياء بني
إسرائيل ويحكم بها علماؤهم وحكماؤهم بسبب أمر
الله إياهم بحفظ كتابه من التضييع والتحريف
ومراقبته والهيمنة عليه ، فلا تخشوا الناس
واخشوني " ( المصحف ا لمفسر مطابع الشعب
صفحة 145) .
إن كلماتك "
إن كتاب التوراة ليس كتابا محفوظا من الله "
تسيئ إلى القرآن وتشكك في وحيه لأن القرآن قرر
بلغة مفهومة إن الله أنزل التوراة وأمر
الأنبياء بحفظها ، والله العليم لا يأمر قوما
مزورين ، ولا يمكن أن يأتمن على كلمته التي
أوحى بها المحرفين .. لو أن اليهود حرفوا
التوراة لرفعوا منها قصة خطيئة داود مع امرأة
أوريا الحثي .. وعبادة سليمان للأصنام في
شيخوخته ، وغيرها من القصص التي تسيئ إلى
ملوكهم وأنبيائهم .. لكن اليهود رغم كل ما بهم
من عيوب كانوا أمناء في حفظ التوراة من كل عبث
أو تحريف .. فليس في التوراة سطورا دخيلة وآيات
دسها عليها الكتاب المتأخرون كما تقول ..
لكنها الذكر الذي قال عنه القرآن : " إنا نحن
نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " (سورة الحجر
15: 9).
كذلك يقول
القرآن في مناسبة مجيء اليهود ليحتكموا إلى
محمد في أمرما " وكيف يحكمونك وعندهم
التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك
وما أولئك بالمؤمنين " (سورة المائدة 5: 43)
وهذه الآية تؤكد أن اليهود لم يكونوا بحاجة
إلى حكم محمد لأن حكم التوراة التي عندهم ،
وشهد لها محمد . فوق حكمه . يقول القرآن أيضا :
" قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى
تقيموا التوراة والإنجيل " ( سورة المائدة 5:
68)..
فهل يأمر
القرآن أهل الكتاب بالعمل بالتوراة والإنجيل
وهما كتابان محرفان؟ .. أو كما قلت في مقالك عن
التوراة أنها " مجموعة عبارات ألقيت
علىعواهنها وقيلت كيفما اتفق بما فيها من
ضلال الخاطر وسقطات اللسان وعجز التعبير" ..
وهل يمكن إن صدقنا ما قلت أن نثق فيما يقوله
ويشهد به القرآن ؟!؟
لقد أسأت إلى
القرآن يا دكتور مصطفى وأنت تقصد الإساءة إلى
التوراة !!
والآن اسمح لي
أن أقول لك أنك أخطأت خطأً مشينا حين أعطيت
لنفسك الحق في أن تفسر كلمات وآيات التوراة ..
أنا شخصيا أعود دائما إلى كتب مفسري القرآن من
أمثال ابن كثير ، والبيضاوي ، والجلالين ،
ومحمد فريد وجدي وغيرهم حين أريد تفسيرا
لآيات القرآن ، ولا أعطي الحق لنفسي لتفسير
آياته .
وأحب قبل أن
استطرد في الحديث أن أذكر لك أن الكتاب المقدس
ليس كالقرآن .. الكتاب المقدس
يفسر نفسه بنفسه فأنت تفهم سفر اللاويين إذا
درست الرسالة إلى العبرانيين .. وتفهم سفر
رؤيا يوحنا آخر أسفار الكتاب المقدس إذا درست
سفر التكوين أول أسفار الكتاب المقدس ..
فالوحدة العجيبة بين أسفار الكتاب المقدس
تعطي الدليل على حقيقة وحيه .
أما القرآن
فمن الصعب تفسير سوره دون الرجوع إلى المراجع
الخارجية لمعرفة أسباب نزول السورة أو الآية
.. فمثلا حين تأتي إلى سورة عبس وتقرأ " عبس
وتولى . أن جاءه الأعمي " (سورة عبس 80: 1و2) .
وتسأل من الذي عبس وتولى ؟ ومن هو ذاك الأعمى ؟
لابد أن ترجع إلى سيرة ابن هشام وكتب الحديث
لتعرف أن الذي " عبس وتولى " هو النبي
محمد ، وأنه عبس وتولى حين جاءه الأعمى ابن أم
مكتوم ., و حين تقرأ كلمات سورة المسد " تبت
يدا أبي لهب وتب " (سورة المسد 111: 1) وتسأل من
هو أبو لهب ؟ لا بد أن ترجع إلى كتب السيرة
النبوية لتعرف أنه عم النبي محمد .. وبغير
الرجوع إلى المصادر الخارجية لا يمكن فهم
الكثير من سور القرآن .
+ قلت في مقالك
الأول عن التوراة " إن إله التوراة إله
ندمان يفعل الفعل .. ثم ما يلبث أن يدرك أنه
أخطأ ويندم عليه ويرجع عنه " .. وأنت مخطيء
كل الخطأ في تفسيرك لكلمة " ندم الرب "
التي تتكرر في التوراة .. فكلمة " ندم "
معناها بحسب ما جاء في قاموس المنجد " حزن
" و " أسف " و " تحسر " ، والقرآن
يذكر أن الله تحسر على عباده فيقول : " يا
حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا
بهم يستهزؤن " ( سورة يس 36: 30) ويفسر الأستاذ
الشيخ حسنين محمد مخلوف في كتابه " كلمات
القرآن تفسير وبيان " معنى كلمة " يا حسرة
" ، " يا تندما" .. فإله القرآن تحسر على
العباد بمعنى أنه ندم .. فلماذا تحاول الحط من
قدر إله التوراة لأنه ندم .. أي تحسر وحزن ،
والقرآن يصف الله بأنه تحسر على العباد ؟!
إن إله
التوراة ليس دكتاتورا ظالما .. وليس إلها "
غليظ القلب " ، إنه إله رؤوف رحيم .. وبالقطع
أن خالق المشاعر الطيبة في الإنسان ، هو إله
الرحمة والحنان ..
ولكي يصور
للإنسان المحدود الفهم ما يشعر به من نحوه حين
يتردى في حضيض الظلم والرذيلة والفساد ،
استخدم لغة بشرية ، وكلمات إنسانية للتعبير
عن إحساسات قلبه الكبير ، فقال تبارك اسمه انه
" ندم " أي حزن وتأسف .. وحين تردت البشرية
التي وجدت قبل الطوفان إلى أعماق الفساد
والهوان ، تقول التوراة : " فحزن الرب أنه
عمل الإنسان وتأسف في قلبه " ، وهو نفس
تعبير القرآن " يا حسرة على العباد " ..
وماذا تنتظر من إله رؤوف حنان وهو يرى خليقته
وقد أفسدها الشيطان وتردت إلى حضيض الهوان ؟
هل تنتظر منه أن يصفق بيديه طربا؟ انه يعلن عن
حزن وأسف قلبه ليعلن للإنسان مدى الانحطاط
الذى وصل إليه .. ولايتنافي هذا قط مع علمه
السابق بكل شيء .. وفي كل ذكرت التوراة كلمة"
ندم الرب " كانت تعني حزن قلب الله الكبير
على الإنسان المتمرد الساقط .. أو أسفه على ما
كان يمكن أن يقع على الناس من عقاب شديد من
جراء إثمهم وخطيئتهم كما في حال أهل نينوى ..
إله التوراة لا يتغير . نقرأ عنه في التوراة
" ليس الله إنسانا فيكذب ولا ابن إنسان
فيندم " ( العدد 23: 19) " لأني أنا الرب لا
أتغير " ( ملاخي 3: 6) .
+ تقول في
مقالك إن إله التوراة " إله مادي يفرح
برائحة الشواء على المذابح " .. وأجد قلمي
مضطرا أن يسجل مع كل احترامي لشخصك ، أنك كتبت
ما كتبت لأنك لا تعرف خطة الله وتدبيره الحكيم
تبارك اسمه لفداء وخلاص الإنسان .. ولو إنك
عرفت أن خطة الله الأزلية لخلاص الإنسان من
ثقل وعقاب خطاياه ، ومن دينونة الله مركزها
شخص يسوع المسيح الذي يسميه القرآن عيسى بن
مريم .. وان التوراة بنبواتها ، وطقوسها ،
وشخصياتها ، ورموزها كانت تشير إلى هذا الشخص
الفريد المنزه عن الخطأ ، الذي كان مجيئه إلى
العالم معروفا منذ الأزل كما قال بطرس الرسول
: " عالمين أنكم
افتديتم لا بأشياء تفني بفضة أو ذهب من سيرتكم
الباطلة التي تقلدتموها من الآياء . بل بدم
كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح
معروفا سابقا قبل تأسيس العالم " ( 1 بطرس 1:
18-20) .. لو أنك عرفت هذا الحق الإلهي لما قلت إن
إله التوراة إله مادي " يفرح برائحة الشواء
على المذابح " .. فالذبائح التي كان كهنة
اليهود يقدمونها على المذبح تشير كلها إلى
المسيح " الذبح العظيم " .. ولما وُلد يسوع
المسيح من مريم العذراء ، ومات مصلوبا على
الصليب .. بطلت الحاجة إلى هذه الذبائح .. وقد
قرر كاتب الرسالة إلى العبرانين هذا الحق
بكلماته الموحى بها فقال : " لأنه لا يمكن أن
دم ثيرات وتيوس يرفع خطايا " ( عبرانيين 10: 4)
، ولما كان اليهود ينسون ما ترمز إليه الذبائح
التي يقدمها كهنتهم ، كان الرب يقول لهم : "
اتخمت من محرقات كباش وشحم مسمنات . وبدم عجول
وخرفان وتيوس ما أسر " ( إشعياء 1: 11) . فإذا
كانت التوراة قد ذكرت عن الذباح " تنسم الرب
رائحة الرضا " (تكوين 8: 21) أو أنها كانت تقدم
للصفح عن خطايا من يقدمها .. فذلك لأن تلك
الذبائح كانت ترمز إلى يسوع المسيح الذبيح
الأعظم .. ودعني أذكرك بأن القرآن أقر مبدأ
الفداء حين قال بعد أن أمر الله إبراهيم بعدم
ذبح ابنه : " وفديناه بذبح عظيم " (سورة
الصافات 37: 107) ، فالله هو الفادي ، وقد دبر
الفداء لابن ابراهيم " بذبح عظيم "
وبالرجوع إلى الإصحاح 22: 13 من سفر التكوين نرى
أن هذا الذبح كان كبشا أعده الله في الغابة
وأصعده إبراهيم محرقة عوضا عن ابنه ، وأن هذا
الكبش كان يرمز إلي يسوع المسيح الذي أشار
إليه يوحنا المعمدان الذي يسميه القرآن يحيي
بن زكريا قائلا : " هوذا حمل الله الذي يرفع
خطية العالم " ( يوحنا 1: 29) . وقد أكد يسوع
المسيح أن إبراهيم رأى بعين الإيمان يوم
الفداء الذي أكمله بموته الكفاري على الصليب
إذ قال لليهود : " أبوكم إبراهيم تهلل بأن
يرى يومي فرأي وفرح " ( يوحنا 8: 56 ) . ولما قال
له اليهود " ليس لك خمسون سنة بعد . أفرأيت
إبراهيم . قال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم قبل
أن يكون إبراهيم أنا كائن " ( يوحنا 8: 57و 58).
إله التوراة
ليس إلها ماديا .. ولا هو يفرح برائحة الشواء
على المذابح .. إلا عندما كان رمزا جميلا ليسوع
المسيح الذبيح الأعظم .
+ تستمر فتقول
في مقالك إن إله التوراة " يدركه التعب إذا
اشتغل بعض الوقت فيحتاج إلى الراحة " ،
وتذكر الآية : " لأنه في ستة أيام صنع الرب
السماء والأرض وفي اليوم السابع استراح وتنفس
" ( خروج 31: 17).
كل ما هدفت
إليه في مقالك هو تشويه التوراة ..نعم كان غرضك
بذر بذور الشك في مصداقية وحيه ، لتزرع الشك
في قلوب غير الدارسين من المسيحيين .. ولتضع
سياجا يمنع المسلمين من قراءة كتاب الله ..
الكتاب المقدس الكريم ، الذي شهد عنه القرآن
والذي لم يجرؤ محمد نبي الإسلام على انتقاده ،
بل في لحظة شكه فيما أُنزل إليه رجع إلى الذين
يقرأونه " فإن كنت في شك مما أنزلنا فسئل
الذين يقرأون الكتاب من قبلك ، لقد جاءك الحق
من ربك فلا تكونن من الممترين " ( يونس 10: 94).
بذر بذور الشك
في وحي التوراة هو هدفك الأصيل ، وهو هدف غير
نبيل . إن كلمة " استراح" لا تعني أن الله
تعب واحتاج إلى الراحة .. حاشاه .. فهو " إله
الدهر الرب خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا
" ( إشعياء 40: 28) .. وفي قصة الخلق التي سجلها
التوراة لا نجد نصا يرينا أن الله قام بمجهود
حين خلق السموات والأرض والحيوان ، والطيور ،
والأسماك ، والأشجار .. لقد خلق الكل بكلمة كن
فكان .. ما عدا الإنسان . . فالإنسان لم يخلق
بكلمة كن فكان ، الله خلق الإنسان من تراب
الأرض على أحسن تقويم ، ونفخ في أنفه نسمة
حياة فصار نفسا حية ( تكوين 2: 7) وهذا ما يقوله
القرآن " إذ قال ربك للملائكة أني خالق بشرا
من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له
ساجدين " ( سورة ص
38: 71و72).
لم يقم الله
تبارك وتعالى بمجهود حين خلق الخليقة .. لم
يتعب وبالتالي لم يكن بحاجة للراحة .. كلمة "
استراح وتنفس" التي ذكرتها في مقالك تعني
الرضا عن ما عمل ، والإعلان بأن ما عمله حسن
جدا .. وقد استعملت كلمة استراح في الكتاب
المقدس في أكثر من آية ، والآيات التي ذُكرت
فيها لا تعنى الراحة بعد الشغل والتعب ، بل
تعنى راحة الرضى والسرور .. نقرأ في 2 أخبار
الأيام 14: 1 عن الملك آسا " في أيامه استراحت
الأرض عشر سنين " ، ونقرأ في رسالة فليمون 1:
7 كلمات بولس الرسول إلى فليمون " لأن أحشاء
القديسين قد استراحت بك أيها الأخ " .. فقولك
يا دكتور مصطفى إن إله التوراة " يدركه
التعب إذا اشتغل .. فيحتاج للراحة " .. قول
يخرج تماما عن نطاق قواعد التفسير الصحيح
للكلمة المقدسة .
+ تستطرد في
مقالك فتذكر آية جاءت في سفر زكريا : "
اسكتوا يا كل البشر قدام الرب لأنه قد استيقظ
من مسكن قدسه " ( زكريا 2: 13) ، وتقول " لا
ينام الرب ليتيقظ .. وهو الذي تبرأت ذاته عن كل
العوارض " .
أجل ، إن الرب
لا ينام ، وقد ذكر الكتاب المقدس هذا الحق
بكلماته : " إنه لا ينعس ولا ينام حافظ
إسرائيل " ( مزمور 121: 4) وكلمة استيقظ التي
استخدمتها لتثبت أن إله التوراة ينام لا
تعني النوم بحال من الأحوال .. نقرأ في الكتاب
المقدس هذه الآيات :
# استيقظى يا
رباب ويا عود " ( مزمور 57: 8) .
# استيقظى يا
ريح الشمال " ( نشيد الإنشاد 4: 16).
# استيقظ
ياسيف على راعي وعلى رجل رفقتي يقول رب الجنود
" ( زكريا 13: 7).
ولا تعني كلمة
" استيقظ " أن الرباب والعود ناما ، أو أن
روح الشمال نامت ، أو أن السيف نام ..
إنك أخطأت
التفسير لسبب بسيط هو عدم معرفتك بقواعد
وقوانين تفسير الكتاب المقدس الكريم.
+ في غمرة
هجومك على التوراة وإله التوراة يا دكتور
مصطفى ترخى لقلمك العنان فتقول أن إله
التوراة " إله عنصري متحيز لا يعرف من
مخلوقاته إلا بني إسرائيل وهو يشرع
الفضائل للتداول الدخلي بين أفراد هذه
العشيرة الإسرائلية ".
هنا أذكرك
بالقول المأثور : " من كان بيته من زجاج فلا
يقذف بيوت الناس بالحجارة " أقول هذا
لسببين :
السبب الأول ،
أن القرآن يذكر عنصرية إله التوراة في مجال
المدح وليس في مجال الذم وهذه آيات القرآن :
·
"
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت
عليكم وأني فضلتكم على العالمين " ( سورة
البقرة 2: 47).
·
"
ومرة ثانية يكرر الآية نفسها في نفس السورة :
" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي عليكم وأني
فضلتكم على العالمين " ( سورة البقرة 2: 122).
·
ومرة
ثالثة يقول : " ولقد آتينا بني إسرائيل
الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات
وفضلناهم على العالمين " ( سورة الجاثية 45:
16).
ثلاث آيات قرآنية تؤكد أن الله فضل بني
إسرائيل على العالمين ..
بماذا تصف إله القرآن يا دكتور مصطفي وأنت
تقرأ هذه الآيات ؟ أتقول عنه إنه إله عنصري
متحيز لأنه فضل بني إسرائيل على العالمين ؟
وكيف تصف إله التوراة بالعنصرية و التحيز
لبني إسرائيل في مجال النقد وتتناسي أن
القرآن فضل بني إسرائيل على العالمين ؟ وتابع
معي قراءة آيات القرآن : " وإذ قال موسي
لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل
فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا واتيكم ما لم يؤت
أحدا من العالمين . يا قوم ادخلوا الأرض
المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على
أدباركم فتنقلبوا خاسرين " (سورة المائدة 5:
20و 21).
القرآن يقرر بكلمات صريحة أن الله أسبغ
نعمته على بني إسرائيل .
وأنه فضلهم على العالمين .
وأنه أعطاهم الكتاب – أي كتاب العهد
القديم – والحكم أي المُلك .
وأنه أعطاهم النبوة أي جعل الأنبياء
الحقيقيين منهم وحدهم .
وأنه كتب لهم أرض كنعان ، وأطلق عليها اسم
الأرض المقدسة ، وأمرهم بدخولها .. فالأرض
المقدصة أُعطيت لبني إسرائيل بعقد موقع عليه
من الله .
كان الأجد بك يا دكتور مصطفى وأنت عالم
بهذه الآيات القرآنية أن تسأل : لماذا فضل
الله بني إسرائيل على العالمين .. بدلا من أن
تقول عنه إنه إله عنصري .. وسأقدم لك الجواب
الصحيح :
·
لقد
فضل الله بني إسرائيل علىالعالمين لأن يسوع
المسيح الذي يسميه القرآن عيسى بن مريم ، مخلص
البشرية بموته على الصليب . والذي أعلن بهذا
الموت الكفارى كمال عدل الله وكمال رحمته
وكمال نعمته كان سيولد في بيت لحم في أرض
إسرائيل ..ومن نسل داود النبي ملك إسرائيل . .
ويصلب فوق الجلجثة في أرض إسرائيل .. وما زال
هذا التفضيل قائم لأن الله لا يغير عهده الذي
قطعه على نفسه مهما تغير الناس ، ولأن يسوع
المسيح حين يعود إلىالأرض ، سيعود إلى أرض
إسرائيل " وتقف قدماه في ذلك اليوم على جبل
الزيتون " ( زكريا 14: 4) .. وجبل الزيتون في
أورشليم .. في إسرائيل .
لا عنصرية في الأمر ، بل تدبير إلهي متقن
لخلاص وفداء الإنسان .. تدبير كان لا بد أن
يتركز بوضوح في شعب معين ، وعلى أرض معينة ،
وتسبقه نبوات صريحة تصف كل ما يتعلق بالمخلص
الآتي ، حتى إذا ما جاء لا يخطيء أحد في معرفته
.. وكان الشعب الذي اختاره الله في واسع حكمته
هو بني إسرائيل ، ولذا فضلهم على العالمين .. و
لما جاء المسيح يسوع أعلن بكلمات صريحة أنه
الفادي والمخلص الموعود ، وأكد أن " الخلاص
هو من اليهود " ( يوحنا 4: 22) .
ولعل هذا يريك لماذا أعطى الله بني
إسرائيل الكتاب الذي تضمن الناموس ، والفرائض
، والأحكام ، والنبوات ، وفضلهم على العالمين
.
وعن هذا يقول بولس الرسول : " إذا ما هو
فضل اليهودي أو ما هو نفع الختان . كثير على كل
وجه . أما أولا فلأنهم استؤمنوا على أقوال
الله " ( رومية 3: 1) . ثم يعود فيقول أن
الإسرائيليين " لهم التبين والمجد والعهود
والاشتراع والعبادة والمواعيد . ولهم الآباء
ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلها
مباركا إلى الأبد . آمين " ( رومية 9: 3-5).
السبب الثاني
الذي يوقفك ولا شك موقف الحرج هو أن إله
القرآن أكثر عنصرية من إله التوراة فهو
–
وهنا استخدم كلماتك " متحيز لا يعرف من
مخلوقاته غير المسلمين وهو يشرع الفرائض
ليفعلها المسلمون ".
هو إله يأمر
المسلمين بأن يقاتلوا اليهود والمسيحيين حتى
يصيروا أذلاء :
" قاتلوا الذين لا
يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما
حرَّم الله ورسوله (محمد) ولا يدينون دين الحق
(الإسلام) من الذين أوتوا الكتاب (اليهود
والمسيحيين) حتى يعطوا الجزية عن يد (عن قهر)
وهم صاغرون (أذلاء ) " سورة التوبة 9: 29.
وإله القرآن
متحيز للإسلام" ومن يبتغ غير الإسلام ديناً
فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " (سورة
آل عمران 3: 85).
وإله القرآن
يأمر المسلمين أن لا يتخذوا اليهود
والمسيحيين أصدقاء.
" يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى
أولياء (جمع ولي وهو الصديق والمتولي أمر غيره
) بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم
ان الله لا يهدي القوم الظالمين" (سورة
المائدة 5: 51).
ولعلك توافقني
أن ملوك وأمراء العرب ضربوا بهذا الأمر
القرآني عرض الحائط عندما احتل صدام حسين
بجيشه أرض الكويت ، واتخذوا النصارى
الأمريكيين والأوربيين أولياء ليخلصوهم من
العدو المسلم صدام حسين .
وإله القرآن
يأمر بقتل وتعذيب من يحاربه أو يحارب محمدا
رسوله.
" إنما جزاء
الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض
فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أن تقطع أيديهم
وأرجلهم من خلاف (أي تُقطع أيديهم اليمني
وأرجلهم اليسرى ) أو ينفوا من الأرض ذلك لهم
خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم " (سورة
المائدة 55: 33).
ألا ترى معي أن
إله القرآن أكثر عنصرية من إله التوراة.. على
الأقل أن إله التوراة لم يأمر اليهود أن
يقاتلوا الذين لا يدينون بالديانة اليهودية ،
ولا يحرمون ما حرَّم موسى .. ولم يأمرهم أن
يقطعوا أيديهم وأرجلهم من خلاف !!
استطردت في
هجومك على التوراة فذكرت ما قالته التوراة في
سفر التكوين 9: 13
عن قوس قزح ، وقلت " أن قوس قزح ظاهرة
طبيعية تحدث أينما التقى بخار الماء المعلق
في الجو بأشعة الشمس ، فيؤدى انكسار الأشعة
على ذرات الماء المعلقة إلى انحلال النور
الأبيض إلى ألوان الطيف السبعة التي تظهر في
قوس قزح وليس من شروط هذه الظاهرة العلمية أن
يأتي نوح ويحدث الطوفان فتوضع القوس في
السماء ميثاقا إلهيا بين الله والأرض " .. من
قال لك أن هذه الظاهرة كانت موجودة قبل
الطوفان وهل أفهم من كلامك أنك تنكر حدوث
الطوفان؟؟ إنني لا أري ما يمنع إطلاقا أن
يستخدم الله ظاهرة طبيعية ليذكر الناس حين
تهطل الأمطار الغزيرة ، أنه جل شأنه لن يغرقهم
مرة ثانية بالطوفان .. فهو تبارك اسمه يستخدم
الظواهر الطبيعية لإظهار مجده وجلاله.
والقرآن فيه الكثير من الآيات التي تثبن
ماأقول .. والله لا ينسي يا دكتور وكلمات الوحي
دقيقة . فالله تبارك اسمه يقول " أذكر
ميثاقي " ( تكوين 9: 15) ولا يقول " أتذكر"
والفرق بين معنى الكلمتين كبير .. الحقيقة أن
إله القرآن هو الذي ينسي " المنافقون نسوا
الله فنسيهم أن المنافقين هم الفاسقون " (
سورة التوبة 9: 67) . والآية القرآنية تضع "
نسيان الله " على نفس مستوى " نسيان
الإنسان " . ولست أرى داعيا للتوسع في
الحديث عن " قوس قزح " فقد كفيتني مؤونة
الاستطراد بكلماتك عن هذا الموضوع إذ قلت :
" وعلمنا الظاهر في النهاية أتفه من أن
ينقض آية من آيات الله " وفي هذا صدقت!!
هنا أجد لزاما علي أن أذكر لك عدة أخطاء
وردت في القرآن وهي أخطاء جسيمة :
·
الخطأ
الأول جاء في أول سورة من سور القرآن أُعطيت
لمحمد وهي سورة العلق ، تقول كلمات السورة :
" اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من
علق " (سورة العلق 96 : 1و2 ) ويفسر الأستاذ
الشيخ حسنين محمد مخلوف في كتابه " كلمات
القرآن تفسير وبيان " كلمة " علق "
بمعنى " دم جامد " .. وأنت تعلم كطبيب أن
الجنين لا يكون في أي دور من أدوار تكوينه دما
جامدا.. هذا خطأ علمي ظاهر في القرآن – أضف إلى
ذلك أن القرآن قرر أن الله خلق الإنسان من طين
لا من دم جامد .
·
الخطأ
الثاني جاء في تقرير القرآن بأن الأرض مسطحة
وليست كروية كما أثبت العلم ، فقد جاء في سورة
الغاشية " أفلا ينظرون .. إلى الأرض كيف سطحت
" ( سورة الغاشية 88: 20) . هذا بينما ذكر إشعياء
النبي الذي جاء قبل محمد بأكثر من ألف سنة ،
وبالقطع قبل جاليليو وكبرنيكوس أن الأرض
كروية ، فقال عن الله الخالق العظيم
" الجالس على كرة الأرض " ( إشعياء 40:
22) . ألا تريك هذه الآية دقة الحقائق العلمية
في الكتاب المقدس .. الأمر الذي يؤكد أنه موحى
به من الله .
·
الخطأ
الثالث جاء في الآية القرآنية التي تقول أن
الشمس تغرب في عين حمئة ، إذ قال عن ذي القرنين
" حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين
حمئة [ ذات حمأة والحمأة معناها الطين الأسود ]
" سورة الكهف 18: 86. وهناك أيضا الكثير نم
الأخطاء النحوية ، والتاريخية التي تواجه
قارئ القرآن ويقف عندها – حيران ..
أصل الآن إلىنهاية مقالك الأول الذي نشر
في مجلة أكتوبر في 13 يوليو 1997 ، وأقف عند
كلماتك : " فإذا جئنا إلى سفر اللاويين فنحن
نقرأ من صنوف الطقوس والكهانات عجبا" . ثم
تذكر ما جاء في الإصحاح 14 من سفر اللاويين
بخصوص شريعة تطهير الأبرص . وبعد ذكر آيات
الإصحاح تقول : "
هل يذكرك هذا الكلام بالزار " ، ثم تختم
مقالك بالكلمات " ماهذه الطقوس البهلوانية
..؟ هل كلم الله عبده موسى بهذا الكلام حقا ؟
"
وأؤكد لك أن الله
تبارك وتعالى كلم عبده موسى بما جاء في سفر
اللاويين حقا ويقينا .. ولو أنك بدلا من أن
تقتحم ميدانا لا خبرة لك فيه ، هو ميدان تفسير
الكتاب المقدس الكريم ، قرأت كتابا يفسر سفر
اللاويين ، لوجدت التفسير الصحيح ، ولمنعت
قلمك من استخدام ألفاظا غير مهذبة في التعليق
على ما جاء في الكتاب الكريم .
كما ذكرت لك ، أن التوراة برموزها تشير
إلى يسوع المسيح وعمله الفدائي الذي أكمله
على الصليب .. وأعطيك مثلا .. فقد حدث أثناء
وجود بني إسرائيل في البرية أنهم تكلموا
بالسوء على الله وعلى موسى .. فأرسل الرب على
الشعب الحيات السامة فلدغت الشعب فمات قوم
كثيرون من إسرائيل " فأتى الشعب إلى موسى
وقالوا قد أخطأنا إذ تكلمنا على الرب وعليك
فصلِّ ليرفع عنا الحيات . فصلى موسى لأجل
الشعب . فقال الرب لموسى اصنع لك حية محرقة
وضعها على راية فكان متى لدغت حية إنسانا ونظر
إلى حية النحاس يحيا . فصنع موسى حية من نحاس
ووضعها على راية فكانت متى لدغت حية إنسانا
ونظر إلى حية النحاس يحيا " ( العدد 21: 7-9)..
ولما جاء يسوع المسيح ، قال وهو الصادق في
قوله : " وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا
ينبغي أن يُرفع ابن الانسان لكي لا يهلك كل من
يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " ( يوحنا
3: 14و15 ) . الحية
المصنوعة من نحاس كانت رمزا للمسيح المصلوب ..
وكما أن حية النحاس كان لها شكل الحية
السامة .. لكنها خلت تماما من سمها .. هكذا تجسد
المسيح في صورة إنسان وخلا تماما من كل عيب أو
نقص أو خطية .. وكما كان الملدوغ بالحية السامة
يحيا بنظرة إلى حية النحاس .. كذلك يحيا
الإنسان الأثيم بنظرة واثقة إلى المسيح
المصلوب وبإيمان في كفاية دمه الكريم
للغفران والتطهير .
" العصفوران المذكوران في الآيات التي
تتحدث عن شريعة تطهير الأبرص ، وذكرتهمافي
مقالك ، يرمزان إلى يسوع المسيح
في موته وقيامته.. فالعصفور المذبوح يرمز إلى
المسيح الذي صُلب على الصليب ، وسُفك دمه
الكريم .. أما العصفور الحي الذي كان يطلق حراً
.. فهو يرمز إلى المسيح الذي قام حياً من
الأموات بعد صلبه ، وانطلق إلى السماء أمام
تلاميذه .. ولأن البرص كان مرضا نجسا ومخيفا
فهو يرمز إلى الخطية .. ولا وسيلة لتطهير
الأبرص .. وكل إنسان لم يتطهر بالإيمان بدم
المسيح هو ذلك الأبرض .. أقول لا وسيلة لتطهير
الخاطئ المصاب ببرص الخطية إلا شخص المسيح
المصلوب – المقام الذي قال عنه بولس الرسول :
" الذي أُسلم من أجل خطايانا وأُقيم لأجل
تبريرنا " ( رومية 4: 25) .
ليست طقوس تطهير الأبرص طقوسا بهلوانية –
يا دكتور مصطفى – لكنه الكهل الواضح بأبسط
قواعد تفسير الكتاب المقدس هو الذي دفعك
لاستخدام هذا التعبير .
والآن وقد وصلت إلى ختام ردى على مقالك
الأول " قراءة في التوراة " ( أكتوبر 13
يوليو 1997 ) أرى لزاما علي أن أذكر الآيات
القرآنية ووصفها لإله القرآن :
·
فإله
القرآن يأمر بالفس : " وإذا أردنا أن نهلك
قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها
القول فدمرناها تدميرا " ( سورة الإسراء 17:
16).
·
وإله
القرآن أمكر الماكرين : " ومكروا ومكر الله
والله خير الماكرين " (سورة آل عمران 3: 54).\
·
وإله
القرآن يتبارى مع نفسه في تبديل آيات القرآن :
" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو
مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير " (
سورة البقرة 2: 106).
·
وإله
القرآن يعذب المرتدين عن الإسلام بأيدي
المسلمين : " وان نكثوا إيمانهم من بعد
عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر
انهم لا ايمان لهم لعلهم ينتهون .. قاتلوهم
يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم
ويشف صدور قوم مؤمنين " ( سورة التوبة 9: 14).
أخيرا أقول أن إله القرآن يختلف اختلافا
كبيرا عن إله التوراة .. فبينما تقدم صلاة
الملك سليمان صورة لقلب الله الكبير المفتوح
لكل إنسان من كل أمة ، وكل قبيلة ، وكل شعب ،
وكل لسان .. تلك الصلاة التي رفعها لله يوم
تخصيص الهيكل الذي بناه لعبادته في أورشليم
وقال فيها :
" وكذلك
الأجنبي الذي ليس من شعبك إسرائيل ، وجاء من
أرض بعيدة من أجل اسمك – لأنهم يسمعون باسمك
العظيم وبيدك القوية وذراعك الممدودة – فمتى
جاء وصلى في هذا البيت فاسمع أنت من السماء
مكان سكناك وافعل حسب كل ما يدعو به إليك
الأجنبي ، لكي يعلم كل شعوب الأرض اسمك
فيخافونك كشعبك إسرائيل ولكي يعلموا أنه قد
دُعي اسمك على هذا البيت الذي بنيت " ( 1 ملوك
8: 41-43) .
في هذه الصلاة نرى إله التوراة وهو يرحب
بالجميع ، ويدعو الجميع لزيارة بيته في
أورشليم والصلاة فيه.. أما إله
القرآن فلا يقبل في بيتهفي مكة غير
المسلمين فيقول : " ا أيها الذين آمنوا إنما
المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام [
الكعبة في مكة ] بعد عامهم هذا وان خفتم عيلة
فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء إن الله عليم
حكيم " ( سورة التوبة 9: 28).
شتان ما بين إله التوراة الذي يفتح ذراعيه
لكل خليقته وإله القرآن الذي لا يعرف من
خلوقاته سوى المسلمين .
ننشر فيما يلي نص المقال الثاني
الذي كتبه
الدكتور مصطفي محمود في مجلة
" أكتوبر " بعددها الصادر الأحد 3
أغسطس 1997
*****
قراءة في التوراة – المقال
الثاني
مقال الدكتور
مصطفى محمود بمجلة أكتوبر بعددها الصادر
الأحد 3 أغسطس 1997.
ونأتي إلى
الملائكة فنجد أن التوراة جدفت عليهم كما
جدفت على الله وأكثر ..
نرى الملائكة
الذين جاءوا يبشرون إبراهيم بميلاد إسحاق
يأكلون العجل المشوي واللبن والزبد الذي قدم
لضيافتهم .
ومن صفات
الملائكة الثابتة لنا أنهم لا يأكلون ولا
يتزوجون . والتوراة في هذه الآية من سفر
القضاة تؤكد ، أما ما جاء في سفر التكوين فهو
مناقضة صريحة و تخليط.
ولكنه أمر ليس
بمستغرب .. فما دام الرب في التوراة ينام
ويستيقظ ويتعب ويندم .. فالملائكة يأكلون . .
فبهذا تكمل الصورة المادية للملأ الأعلى .
أما الفرية
الثانية على الملائكة فنجدها في سفر الملوك
الأول اصحاح 22 حيث تدعى التوراة على الروح
القدس أنه يمكن أن يقوم بوظيفة الشيطان
فيرسله الله للتدليس على الأنبياء :
" رأيت الرب
جالسا على كرسيه وكل جند السماء وقوف لديه عن
يمينه وعن يساره فقال الرب من يغوي آخاب فيصعد
ويسقط في راموت جلعاد فقال هذا هكذا وقال ذاك
هكذا ، ثم خرج الروح ووقف أمام الرب وقال : أنا
أغويه وقال له الرب بماذا . فقال أخرج وأكون
روح كذب في أفواه جميع أنبيائه .. فقال إنك
تغويه وتقتدر فاخرج وافعل هكذا " .
الروح القدس
الذي وصفه الله بالروح الأمين .. يجعل من نفسه
روح كذب ويجعل منه الله روح كذب يدلس على
الأنبياء .. لماذا ؟ وأين إبليس .. وأين دوره ..
وهو إمام الغواية .. أهناك أزمة في الشياطين
والأرواح الشريرة والجن والمردة وهواتف
الضلال ورسل الغواية ؟!
ولو أراد الله
أن يختم على الأبصار والقلوب لختم عليها دون
الحاجة إلى هذا التزوير ودون حاجة إلى إنزال
ملائكته العلين في زي الكذابين المدلسين .
هذه مسألها
يرفضها الذوق .
ومن وصفه الله
بالروح الأمين يلزم لنا أن ننزهه عن أن يكون
روحا للكذب .
أما الانبياء
فهم كبش الفداء في التوراة .. كلما اشتدت وطأة
الاضطهاد على اليهود لم يجدوا أمامهم غير
أنبيائهم ينزلون فيهم قتلا وتشريدا وتلطيخا
وتحريفا وتزييفا .. لم ينج واحد من الأنبياء
الأول الأكابر من التلطيخ ..
فنوح يسكر حتى
يفقد وعيه ، ولوط يضاجع بناته وهو سكران ..
ويعقوب يسرق البركة والنبوة والأغنام
والمواشي .. ويهوذا يزني بامرأة انبه .. وداود
يشتهي زوجة الضابط أوريا فيزني بها ويرسل
زوجها للقتل ليتخلص منه ..
أما بيت داود
النبي العظيم فهو أشبه ببيت سرى . . الأخ يغتصب
الأخت .. والابن يضاجع زوجات أبيه في عين الشمس
وأمام جميع إسرائيل .. أما سليمان فيختم حياته
المجيدة بعبادة الأصنام .. وهارون يصنع العجل
الذهب ويعبده .. حتى موسى تقول التوراة إنه خان
ربه ولم يقدسه .. ولهذا يحرمه الرب من دخول
الأرض الموعودة ويموت في سيناء هو وهارون ..
ويقول الرب لهما في التوراة :
لأنكما
خنتماني ولم تقدساني لن تدخلا الأرض التي
تفيض لبنا وعسلا ويدخلهما عبدي يشوع بن نون
" .
حتى أيوب
نقلوا عن لسانه أنه ينكر البعث والقيام من
القبور . لم يسلم واحد من الأنبياء الأول
العظام الذين بنوا صرح الدولة اليهودية من
التلطيخ ..
وكلها خطايا
غليظة مما تستنكر على الرجل العادي فما بال
النبي ! ويقول المدافعون عن التوراة : إن ما
جاء في العهد القديم عن خطايا الأنبياء حقيقة
لا تلطيخ فيها ولا مبالغة .. وأن الله كانت له
حكمة وراء ما حدث . فقد أراد أنبياءه أفرادا
عاديين يخطئون .. ليكونوا أمثلة لنعمة الله
ورحمته ومغفرته.
الله أراد أن
يبعث إلى الخطائين خطائين مثلهم . والأنبياء
كما هو معلوم ليسوا من طينة أخرى مختلفة عن
طينة البشر بل هم مثلنا تماما.. وفيهم الضعف
والغواية التي فينا .
وحوار الله
معنا كان دائما من خلال شخصيات بشرية متعثرة
مثلنا .. وهذه أروع صورة لحرية إرادة الإنسان
ولعظمة نعمة الله .
إن الله أراد
أن يقول لنا إن من يخطئ ويتوب ويستغفر .. سوف
أكون أول من يتوب عليه ويقبل رجعته ويفرح به
أكثر من فرحة الراعي بعودة خوفه الضال إلى
القطيع .. وقد أعطانا من أنبيائه الخطائين
أبلغ المثل على تلك المغفرة .
وهذا هو أسلوب
الله في تعامله مع شعب التوراة .. كان يطلبهم
كما يطلب الراعي خرافه الضالة .. كان يريد
خلاصهم .. وكان يدبر لهذا الخلاص بأدوات بشرية
من وسطهم ليتم قصده في النعمة وفي حرية
الإنسان بآن واحد .
هذا هو كلام
المدافعين ..
وهو كلام
مردود عليه ..
فكيف نقود
قطيعا من الخراف الضالة بكبش ضال مثلهم .. أليس
طبيعيا أن يكون القائد قدوة طيبة ونموذجا
حسنا؟ كيف يدعو الأنبياء إلىالوصايا العشر
وفي أولها لا تقتل لا تسرق لا تزن .. ويكونون هم
أول من يقتل ويسرق ويزني ؟!
أنا لم أقل إن
الأنبياء يجب أن يكونوا آلهة .. وإنما قلت إن
من الطبيعي أن يكون النبي قدوة طيبة ونموذجا
حسنا بحكم كونه المختار من ملايين .. وإلا سقطت
عنه وظيفته – وأصبح تشريف الله في اختياره له
دون الملايين غيره تشريفا له بلا معني ..
وتحول من قدوة
حسنة إلى مثل سيء وأصبح مضللا بدلا من أن يكون
هاديا .
ولم يكن
الأنبياء أبدا مضللين بل كانوا هداة .. كانوا
خير قدوة .. ولكن حرص اليهود على تخريب كل شيء (
وهم أبناء الأفاعي وقتلة الأنبياء ) جعلهم
يقتلون حتى ذكرى هؤلاء الأنبياء ويشوهون
سيرتهم ويتابعون أعمالهم وأقوالهم بالتحريف .
ويعود
المدافعون المتحمسون للتوراة فيذكرونا
بالواقع بأن الإنسان ابن النقص والتردي
والخطيئة .. وأن رفض الواقع لمجرد أنه لا
يعجبنا هو نقص فينا وليس في الواقع .. وأن أجمل
ما في التوراة هو صدقها في هذه النقطة .. في
رواية الواقع كل الواقع عن الأنبياء ولوكان
في كربها .. ألم يقل داود : " إن الكل زاغوا
وفسدوا .. وليس من صالح ولا واحد " .
ألم يقل النبي
محمد عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف :
" كل بتي
آدم خطاؤون وأفضل الخطائين عند الله التوابون"
.
ونحن نقول هذا
فعلا .. ولكن أي خطايا يمكن أن يقع فيها
الأنبياء إذا أخطأوا ؟
إن كل واحد
يخطيء على مستواه ..
وخطايا
الأنبياء ليست الخطايا الغليظة التي يرتكبها
المجرمون العاديون كالسرقة والقتل والزنا ...
وإنماخطاياهم هي من نوع الحسنات في عرفنا .
إنك إذا تصدقت
بنصف مالك تقول إنك أحسنت .
ولكن النبي
إذا فعلها فهي في عينه خطيئة لأن الصدقة عند
النبي هي أن يعطي كل ماله ولا يبقي إلا خبزه
كفافه .. فإذا احتفظ لنفسه ببضعة دراهم
اعتبرها سقطة توجب الندم والحزن .
إن ما نسميه
فضيلة الادخار عندنا إذا قارفها النبي فهي
خطيئة ، لأن النبي يراها خطيئة أن يدخر لنفسه
، فهولا يفكر في نفسه ولا يرى نفسه ، وإنما هو
دائما مشغول بالله متوكل عليه .. فإذا شُغل
بنفسه في لحظة عابرة فإنه يستغفر ويتوب ويخر
ساجدا باكيا مبتهلا ..ومثل هذه اللحظات هي
خطايا الأنبياء .
أما السرقة
والقتل والزنا فهي خطايا المتشردين
والمجرمين وأراذل الناس ولا يصح أن يوصم بها
الأنبياء مطلقا .
ولنتخذ من
النبي داود مثلا .. ونحاول أن نتأمل شخصيته على
ضوء التوراة ذاتها.
لنحاول أن
نفهمه من خلال كلماته وأفعاله كما ترسمها لنا
التوراة .. ولنقف وقفة تأمل أمام تلك الحادثة
الفريدة التي ترويها التوراة عن داود المحاصر
في مغارة عدلام وهو يتأوه من العطش ويهتف
مستنجدا .. من يسقيني شربة ماء من بئر بيت لحم
التي عند الباب .
تقول التوراة
في سفر صموئيل الثاني اصحاح 23 " فشق الأبطال
الثلاثة جيش الفلسطينيين واستقوا ماء من بئر
بيت لحم وحملوه وأتوا به إلى داود فلم يشأ أن
يشربه بل سكبه للرب وقال حاشا يا رب أن أفعل
ذلك .. هذا دم الرجال الذين خاطروا بأنفسهم ..
فلم يشأ أن يشربه."
إلى هذا المدي
الخارق بلغت قدرة داود على ضبط شهوته..
فهل هذا الرجل
هو الذي يرى امرأة عارية على السطوح فيهتاج
وينحط في شهوته إلى حضيض السوائم والدواب
فيتآمر علىقتل أنبل ضباطه ليفوز بالمرأة
لنفسه .. وعنده بدل الزوجة الواحدة سبع زوجات
وما لا يحصى من السراري برواية التوراة ذاتها..
فهو ليس المراهق المحروم الذي يمكن أن يسيل
لعابه لامرأة في نافذة .
إن هذا السلوك
الرفيع وهذه الشخصية التي رسمتها التوراة
لنبيها العظيم داود تنقض التهمة تماما . وتبطل
أكذوبة المرأة العارية على السطوح . . وإذا
قبلنا هذه القصة فيجب أن نرفض تماما حكاية
السقوط المقزز مع امرأة السطوح.
وسليمان
الحكيم على حق إذ يقول في سفر الأمثال:
" شهوة
الأبرار خير فقط " ( الأمثال 11) . فشهوة الرجل
البار لا يمكن أن تتجه إلى امرأة عارية على
سطوح . . وإنما البار شهوته هي للخير فقط..
وقد كان داود
نعم الرجل البار.
وما كان يمكن
لداود وهو القائد العسكري النبيل أن يفتك
بضابطه الأمين أوريا الحثي .. وأي صورة ترسمها
التوراة لأوريا الحثي !؟ إنها ترسم له صورة
ملاك ..
إنه يرفض أن
يتنعم بإجازة وبلحظات سعيدة مع امرأته
الجميلة ، وزملاؤه في الجيش يحاربون في
الصحراء وتابوت الرب راقد في الخيام . اقرأ
هذه السطور التي تذكرها التوراة عن أوريا :
" وحبلت
المرأة ( من الزنا مع داود ) فأرسلت وأخبرت
داود وقالت إني حبلى .. فأرسل داود في طلب
أوريا ( ليمنحه اجازة يقضيها مع امرأته في
محاولة لستر هذا الحمل السفاح ) وقال داود
لأوريا انزل إلى بيتك واغسل رجليك .. فخرج
أوريا من بيت الملك مع جميع عبيد سيده ولم
ينزل إلى بيته بل نام على باب بيت الملك
فأخبروا داود قائلين لم ينزل أوريا إلى بيته
فقال داود لأوريا : أما جئت من السفر فلماذا لا
تنزل إلى بيتك؟ فقال أوريا لداود إن تابوت
العهد وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام
وسيدي يوآب (قائد الجيش ) وعبيده نازلون على
وجه الصحراء .. وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب
وأضطجع مع امرأتي وحياتك وحياة نفسك لا أفعل
هذا الأمر " .
هو البطل
النبيل والخادم المخلص للدين والمبدأ إلى آخر
لحظة ..
هل يمكن أن
يرسل داود مثل هذا الرجل إلى الموت ليأخذ
امرأته غنيمة .. إلا أن يكون داود وغدا زنيما..
ومن أجل ماذا
تلك الشناعة؟؟
من أجل لحظة
نزوة مع امرأة رآها ذات مساء على السطوح.
جريمة سوقية
محال أن تقع لنبي..
ومن هو ذلك
النبي .. داود .. الذي صورته التوراة مع أعدائه
الذين انقلبوا عليه مثل شاول وأبشالوم فإذا
هو مثال النبل والشهامة .
داود الذي
وصفته التوراة بأنه شاعر وموسيقار وعابد
ومتبتل .. حاله حال الساجدين الخاشعين الذين
يبكون خوفا ورهبا وفناء في الله ..
الرد على المقال الثاني
والآن إلى
مقالك الثاني ( قراءة في التوراة المنشور في
مجلة أكتوبر بعدد 3 أغسطس 1997). ويبدو من كلمات
هذا المقال أنك تقوم بحملة منظمة لتشويه
التوراة ويؤسفني أنك لا تتورع عن تغيير معاني
وآيات الكتاب المقدس لتصل إلى هدفك الخطير.
تقول في مقالك
أن التوراة جدفت على الملائكة وتصور هذا
التجديف في أنها جعلت الملائكة الذين جاءوا
يبشرون إبراهيم بميلاد اسحق يأكلون.
عجب وأي عجب،
لقد أعلن القرآن بأن الملائكة جاءوا لإبراهيم
في صورة رجال " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم
المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال
سلام قوم منكرون ، فراغ إلى أهله بعجل سمين
" (سورة الذاريات 51: 24-26). فإذا كان القرآن قد
قرر أن الملائكة وهم أرواح ظهروا في أجساد
بشرية وحلوا ضيوفا على إبراهيم . ألإيكون من
التجديث أن يُقال أنهم أكلوا؟ إن حديث
التوراة عن ضيوف إبراهيم أصدق من حديث القرآن
.. قصة التوراة في سفر التكوين الأصحاح 18: 1-8
الذي نقل عنه القرآ، وادخل عليها التحريف.
ثم تذكر القصة
التي وردت في سفر الملوك الأول 22: 19-22 وتقول
معلقا عليها ، حيث تدعى التوراة على الروح
القدس انه يمكن أن يقوم بوظيفة الشيطان ، وفي
هذا ضللت ضلالا بعيدا .. فالقصة لا تذكر الروح
القدس .. هذا تحريف مقصود ..
كلمات القصة
بالحرف الواحد تقول : " ثم خرج الروح ووقف
أمام الرب وقال أنا أغويه ، وقال له الرب
بماذا . فقال أخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع
أنبيائه . فقال إنك تغويه وتقتدر فاخرج وافعل
هكذا " ( 1 ملوك 22: 21و 22).
وواضح أن
الروح الذي يقول للرب : " أنا أغويه" .. أنا
" أخرج وأكون روح كذب في أفواه جميع أنبيائه
" لا يمكن أن يكون الروح القدس كما ذكرت ..
ولا الروح الأمين .. ولا أي ملاك من الملائكة
القديسين .. الغواية من عمل الشيطان ، والروح
الذي قدم نفسه لغواية آخاب الملك كان هو
الشيطان نفسه ونحن نقرأ عن غواية الشيطان في
الكلمات " ووقف الشيطان ضد إسرائيل وأغوى
داود ليحصي الشعب " ( 1 أخبار 21: 1).
فتفسيرك جانب
الصواب وهو بلغتك تدليس على القراء غير
الدارسين.
وتستطرد في
تدليسك على قرائك فتقول : " حتى أيوب نقلوا
عن لسانه أنه ينكر البعث والقيام من القبور
" .. وحقيقة الأمر أن أيوب أثبت بكلامته
الصريحة البعث والقيام من القبور فقال : "
أما أنا فقد علمت أن وليي حي والآخر على الأرض
يقوم . وبعد أن يفني جلدي هذا وبدون جسدي أرى
الله الذي أراه أنا لنفسي وعيناي تنظران وليس
آخر إلى ذلك تتوق كليتاي في جوفي " (أيوب 19:
25-27). أيوب لم ينكر البعث والقيامة يا دكتور
مصطفي .
وتستطرد وتقول
في مقالك : " أما الأنبياء فهم كبش الفداء في
التوراة .. كلما اشتدت وطأة الاضطهاد على
اليهود لم يجدوا أمامهم غير أنبيائهم ينزلون
فيهم قتلا وتشريدا وتلطيخا وتحريفا وتزييفا ..
لم ينج واحد من
الأنبياء الأُول الأكابر من التلطيخ ..
فنوح يسكر .. ولوط
يضاجع بناته .. ويعقوب يسرق البركة .. ويهوذا
يزني بامرأة ابنه وداود يشتهى زوجة الضابط
أوريا فيزني بها ويرسل زوجها للقتل ليتخلص
منه"..
هذا هو الكلام
الجارح الذي ذكرته في مقالك .. وقد أعلنت بهذا
الكلام جهلك الواضح بأن نوحا ، ولوطا، ويهوذا
لم يكونوا من أنبياء إسرائيل .. لسبب بسيط هو
أن إسرائيل لم تكن قد وُجدت بعد .. وحقيقة
ثانية جهلتها وهي أن الخطيئة لا تُحسب في حالة
عدم وجود قانون يحرِِّمها ويدينها والوصايا
العشر لم تكن قد أُعطيت قبل هؤلاء..
وقد أوحى الله
لموسى النبي كاتب التوراة بتسجيل ما فعله نوح
، ولوط ، ويهوذا ..
أولا ليرينا ضعف
الإنسان أمام شهواته ونزواته.. وثانيا ليرينا
أصل الموآبيين والعمونيين الذين جاءوا من لوط
.. وثالثا ليربط بين يهوذا ونسله .. ويعلن لنا
انه مع تدهور الإنسان ووصوله إلى أعماق
الهوان ، فإن نعمة الله يمكن أن تخلصه وترفعه
إلى مستوى الأبناء .. كما رفعت "ثامار"
التي ولدت ليهوذا "فارص" الذي من نسله
جاء المسيح حسب الجسد .
أما داود النبي
الذي زني بامرأة الضابط " أوريا" ، وأرسل
زوجها "أوريا" ليموت بسيف بني عمون ..
فكانت خطيئته فظيعة تستوجب عقابا إلهيا
معادلا لفظاعتها..
لأن داود عرف أن
الله قال في الوصايا العشر " لا تزن .. لا
تقتل " ، لكنه عصي وصايا الله ، وانجذب
وانخدع من شهوته وزنى بامرأة أوريا، ثم دبر
الخلاص من أوريا بقتله في الحرب .. لكن عين
الله الساهرة ، رأت ما فعل داود ، وقبح في عيني
الله القدوس
ما فعله فأوقع
عليه عقابا شديدا ورهيبا ليؤكد لنا ثلاثة
حقائق :
الأولي : أن
عينيه أطهر من أن تنظرا الشر كما قال حبقوق
النبي " عيناك أطهر من أن تنظرا الشر ولا
تستطيع النظر إلى الجور" ( حبقوق 1: 13)..
والثانية : أن
" الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضا" (
غلاطية 6: 7).
والثالثة :
" أن فوق العالي عاليا يلاحظ والأعلي
فوقهما" ( جامعة 5: 8) .
وأرسل الله
تبارك اسمه " ناثان " النبي ليخبر داود
النبي بقضاء الله عليه .. وقال ناثان النبي
لداود :
" لماذا
احتقرت كلام الرب لتعمل الشر في عينيه . قد
قتلت أوريا الحثي بالسيف وأخذت امرأته لك
امرأة وإياه قتلت بسيف بني عمون . والآن لا
يفارق السيف بيتك إلى الأبد لأنك احتقرتني
وأخذت امرأة أوريا الحثي لتكون لك امرأة ،
هكذا قال الرب هأنذا أقيم عليك الشر من بيتك
وآخذ نساءك أمام عينيك وأُعطيهن لقريبك
فيضطجع مع نسائك في عين هذه الشمس . لأنك أنت
فعلت بالسر وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع
إسرائيل وقدام الشمس . فقال داود لناثان قد
أخطأت إلى الرب" ( 2 صموئيل 12: 9-13 ).
ذكر خطايا
الأنبياء يؤكد صدق وحي الكتاب المقدس ، كتاب
الله الذي ليس عنده محاباة ، ويعلن عن قداسة
الله الذي تعالي عن الشر علوا كبيرا وتنزه عن
الخطأ تماما.
تساءلت في
مقالك بعد أن وجهت نقدك إلى قصص خطايا
الأنبياء في التوراة وقلت : " كيف نقود
قطيعا من الخراف الضالة بكبش ضال مثلهم .. أليس
طبيعيا أن يكون القائد قدوة طيبة ونموذجا
حسنا ؟ كيف يدعو الأنبياء إلى الوصايا العشر
وفي أولها لا تقتل لا تسرق لا تزن .. ويكونون هم
أول من يقتل ويسرق ويزني ؟!"
ولو أنك قرأت
القرآن بوعي وفهم قبل أن تكتب سؤالك ، لرأيت
أن إله القرآن اختار رجلا ضالا أو بلغتك كبشا
ضالا لينادي للعرب بالإسلام .. يقول إله
القرآن للنبي محمد " ألم يجدك يتيما فآوى
ووجدك ضالا فهدى " (سورة الضحي 93: 6 و 7) . كان
محمد " ضالا " ومع ذلك اختاره إله القرآن
للمناداة بالإسلام..
وفي القسم
الثاني من تساؤلك تقول " كيف يدعو الأنبياء
إلى الوصايا العشر وفي اولها لا تقتل لا تسرق
لا تزن .. ويكونون هم أول من يقتل ويسرق ويزني ؟"
وأجيب على
سؤالك بسؤال : " كيف يقول نبي الإسلام
للمسلمين أن إله القرآن أمر قائلا "
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث
ورباع فإن خفتم إلا تعدلوا فواحدةوما ملكت
ايمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا " ( سورة
النساء 3: 3) ويعصى هو هذا الأمر فيتزوج أربعة
عشر امرأة وقد جاء في " تاريخ اليعقوبي "
لأحمد بن أبي يعقوب الكاتب العباسي المعروف (طبعة
بيروت 970) أن النبي تزوج إحدى وعشرين امرأة .
كيف سمح محمد
لنفسه عصيان أمر إله القرآن وتزوج هذا العدد
الكبير ؟! وهل استطاع أن يعدل بين هذا
العدد الكبير من النساء؟
وهناك تشابه
كبير بين قصة زنى داود النبي بامرأة الضابط
أوريا بعد أن اشتهاها وهو يراها على السطح
تستحم ، وبين اشتهاء النبي محمد لزوجة ابنه
المتبني زيد بن حارثة .. الفارق بين قتل أوريا
، وقتل زيد .. أن قتل أوريا كان قتلا جثمانيا،
أما قتل زيد فكان قتلا نفسيا .. ومعنويا ..
وأدبيا.
وسأدع
الدكتورة عائشة عبد الرحمن تقص القصة
بأسلوبها الرصين وأنقل كلماتهامن كتابها
المعروف " نساء النبي " بعد مقدمة
للإيضاح .
تبني النبي
محمد " زيد " العبد الذي أخذه من خديجة
زوجته بعد أن أسلم .. أخذ محمد زيدا ، وقام به
إلى الملأ من قريش فأشهدهم أن زيدا ابنه ،
وارثا وموروثا.
وبلغ " زيد"
سن الزواج ، فاختار له محمد زينة الهاشميات
" زينب " بنت عمته أُميمة بنت عبد المطلب
.. ثم تذكر الدكتورة عائشة في كتابها ما يلي
بالحرف الواحد :
" ثم حدث ما
يرويه الطبري بسند مرفوع إلىمحمد بن يحيي بن
حيان ، أن الرسول افتقد زيدا فجاء منزله يطلبه
، فهرعت " زينب " تستقبله ، وقد أعجلتها
اللهفة عن استكمال ثيابها للقاء الرسول :
فقالت : " ليس هو ها هنا يا رسول الله، فادخل
بأبي أنت وأمي " .
وفي رواية
أخرى ، نقلها الطبري كذلك ( 3/43) " أن الرسول
جاء يطلب زيدا وعلى باب " زينب " ستر من
شعر ، فرفعت الريح الستر فانكشف عنها وهي في
حجرتها حاسرة ، فوقع إعجابها في قلب الرسول..
" ودعته إلى
الدخول فأبي ، وولي وهو يهمهم بكلمات ميزت
فيها زينب قوله : " سبحان الله العظيم ،
سبحان الله مصرف القلوب" .. وينتهى زواج "
زيد " و " زينب" بالطلاق بعد أن أخبرته
بما قال محمد وبعد أن أذاقته المر والعذاب.
وتستطرد
الدكتورة عائشة قائلة : " وآثر الرسول أن
يكتم رغبته ، وأن يقاوم عاطفته نحو بنت عمته
التي انتزعها زهرة غضة من أشرف بيت في قريش ..
فبينما هو يتحدث مع عائشة ، إذ أخدته غشية
الوحي ، ثم سرى عنه وهو يبتسم ويقول : " من
يذهب إلى زينب يبشرها بأن الله زوجنيها ؟
وتلا ما أُنزل
عليه:
" .. فلما
قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على
المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا
منهم وطرا ، وكان أمرا مفعولا" (سورة
الأحزاب 33: 37).
( انتهى كلام
الدكتورة عائشة ).
تزوج النبي
محمد من مطلقة ابنه المتبني زيد ..
والذي يوقفنا
طويلا عند هذا الزواج ، هو الوحي الذي نزل على
محمد يؤكد له أن إله القرآن زوجه زينب بنت جحش
القرشية التي اشتهاها ، وأسرت قلبه .. وهذا
الوحي هو بالقطع ضد كلام يسوع المسيح : " من
يتزوج مطلقة فإنه يزنى " ( متى 5: 32).
فهل يلغي الله
تبارك اسمه ما قاله بفم يسوع
المسيح ليتزوج محمد من زوجة ابنه المتبني
زيد التي رآها حاسرة ، أي مكشوفة ، فأعجب بها
ومضي من عندها وهو يقول سبحان الله مقلب
القلوب؟!
إن الله العلي
لا يناقض نفسه قط ..
وهناك أمر آخر
في غاية الخطورة في قصة زواج محمد وزينب بنت
جحش .. فزيد الذي تبناه محمد أمام الملأ فقد
زوجته الجميلة " زينب " ، وفقد معها تبنى
محمد له ، إذ قال الوحي الذي نزل على محمد "
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله
وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما" (
سورة الأحزاب 33: 40) .
قتل محمد "
زيدا" قتلا أدبيا ونفسيا ومعنويا..
وتزوج مطلقته
.. وألغى بنويته وكل هذا بوحي من إله القرآن.
القصة قصة
الشهوة .. وكما اشتهى داود النبي " بثشبع"
حين رآها تستحم فوق السطح وزنى بها .. وقتل
زوجها الظابط أوريا .. كذلك اشتهى النبي محمد
" زينب بنت جحش" وتزوجها وقتل
زوجها " زيدا" أدبيا ومعنويا ونفسيا..
الفارق
الكبير هو .. أن إله الكتاب المقدس القدوس ،
عاقب داود على سقطته عقابا شديدا .. أما إله
القرآن فقال لمحمد " فلما قضي زيد منها وطرا
زوجناكها" .
وأمر آخر لا
يقول خطورة عن الأمر الأول ..هو ان اعجاب محمد
بزينب زوجة ابنه المتبني زيد .. وزواجه منها ،
يفتح الباب أمام كل مسلم أن يشتهي زوجة صاحبه
الجميلة .. ويدفعها إلى أن تذيق زوجها المر حتى
يطلقها .. ثم يتزوجها بضمير مستريح .. فقد فعل
النبي محمد قبله ذات الفعل ومحمد أسوة حسنة
للمسلمين كما قال القرآن " لقد كان لكم في
رسول الله أسوة حسنة " ( سورة الأحزاب 33: 21).
لقد حاولت يا
دكتور مصطفى أن تهون من خطايا الأنبياء فقلت :
" ألم يقل النبي محمد في حديثه الشريف . كل
بني آدم خطاؤون وافضل الخطائين عند الله
التوابون" ؟
ونحن نقول هذا
فعلا .. ولكن أي خطايا يمكن أن يقع فيها
الأنبياء إذا أخطأوا ..
إن كل واحد
يخطيء على مستواه..
وخطايا
الأنبياء ليست هي الخطايا الغليظة التي
يرتكبها المجرمون العاديون كالسرقة والقتل
والزنا . وإنما خطاياهم من نوع الحسنات في
عرفنا .. أما السرقة والقتل والزنا فهي خطايا
المتشردين والمجرمين وأراذل الناس ولا يصح أن
يوصم بها الأنبياء
مطلقا" . هذا ما قلته يا دكتور مصطفى .
محاولتك
تصنيف الخطايا ، محاولة فاشلة .. لأن الخطية
أيا كان لونها وشكلها هي إساءة موجهة إلى الله
تبارك وتعالى .. وقد قال يعقوب في رسالته "
لأن من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد
صار مجرما في الكل . لأن الذي قال لا تزن قال
أيضا لا تقتل فإن لم تزن ولكن قتلت فقد صرت
متعديا الناموس " (يعقوب 2: 10و11).
إن آخر وصية
من الوصايا العشر " لا تشته بيت قريبك . لا
تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره
ولا حماره ولا شيئا مما لقريبك " ( خروج 20: 17).
والنبي محمد اشتهي " زينب بنت جحش " زوجة ابنه المتبني " زيد " وتزوجها وبهذا صار مرتكبا لخطية غليظة .. ما دمت تريد تصنيف الخطايا .. لقد كسر محمد الوصية العاشرة من الوصايا العشر ، وبهذا صار مجرما في الكل كما قال يعقوب في رسالته .