في هذه الملاحق عدد من النصوص الإسلاميّة عن ختان الذكور والإناث. والغاية من نشرها فسح المجال للقارئ لكي يطَّلع بنفسه على الجدل الذي يثيره هذا الموضوع من خلال نصوص كاملة دون تحريف أو حذف.
الملحق الأوّل هو قسم من كتاب «تحفة المودود بأحكام المولود» لشمس الدين إبن قيّم الجوزيّة الحنبلي (توفّى عام 1351). وهو أطول نص فقهي قديم تعرّض لهذا الموضوع ويجمع تقريباً كل ما قيل عن الختان قَبله.
أمّا الملحق الثاني فهو فصل من كتاب «نيل الأوطار» لمحمّد الشوكاني (توفّى عام 1834)، قاضي قضاة اليمن ومن كبار الفقهاء المعتبرين. وهذا النص، بالإضافة إلى نص إبن قيّم الجوزيّة السابق، تستشهد به كل الكتابات السُنّية الحديثة في موضوع الختان.
وبعد هذين النصّين، إخترنا عدداً من الفتاوى والآراء التي صدرت في عصرنا يلحقها نص شهير عن الختان للطبيب موسى بن ميمون (توفّى في القاهرة عام 1204) الذي يعتبره اليهود أكبر فيلسوف ولاهوتي يهودي عبر العصور. والملحق الأخير هو قرار هام للمحكمة الإداريّة العليا المصريّة لعام 1997. ونلفت نظر القارئ إلى ما يلي:
1) إن ختان الإناث لا يمارس في الأوساط الشيعيّة ولا يثار حوله النقاش رغم أن مؤلّفي الشيعة القدامى إعتبروا ختان الإناث مَكرُمَة. وفي بحثنا عن نصوص شيعيّة نشرت حديثاً، إخترنا نصّين، الأوّل ضمن كتاب عنوانه «الطفل نشوؤه وتربيته» صدر في إيران عام 1990، والثاني مقال عن الختان في «دائرة المعارف الشيعيّة» للحائري، التي صدرت في لبنان عام 1993. فنشرناهما في الملحقين 18 و19.
2) إن ختان الذكور عامّة لا يثار حوله الجدل لا في المجتمع السُنّي ولا في المجتمع الشيعي. إلاّ أننا وجدنا أربعة نصوص ضد ختان الذكور لمؤلّفين سُنّيين. الأوّل للمفكّر المصري عصام الدين حفني ناصف، والثاني للمفكّر المصري محمّد عفيفي، والثالث للقاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي، والرابع لجمال البنّا، الشقيق الأصغر للإمام حسن البنّا، مؤسّس حركة الإخوان المسلمين في مصر. كما وجدنا نصّاً خامساً للشيخ محمود محمّد خضر ينكر وجوب ختان الذكور ويعتبره من المستحبّات فقط رغم رفضه للحملة الغربيّة الساعية لإلغائه.
3) كل النصوص التي ننشرها هنا صادرة عن رجال إلاّ نص الملحق 13 فهو صادر عن دكتورة صيدلانيّة مصريّة تؤيّد ختان الذكور والإناث.
4) لقد حقّقنا الآيات القرآنيّة ووضعناها جميعها داخل الملاحق (إسم السورة ورقمها ثم رقم الآية). أمّا بخصوص المصادر التي تحيل عليها هذه الملاحق فإننا لم نحقّقها بل اكتفينا بذكرها كما جاءت فيها.
5) كل النصوص التي ننشرها في هذه الملاحق، عدا نصوص ملاحق 23 و24 و26، سبق نشرها في عدد من الكتب يصعب الوصول إليها. لذلك حبّذنا جمعها هنا تسهيلاً على القارئ. وقد ذكرنا مصادرنا في بداية كل ملحق.
الفصل الأوّل: في بيان معناه واشتقاقه
الختان: إسم الخاتن وهو مصدر كالنزال والقتال، ويسمّى به موضع الختن أيضاً. ومنه الحديث «إذا إلتقى الختانان وجب الغسل» [2] . ويسمّى في حق الأنثى خفضاً. يقال ختنت الغلام ختناً وخفضت الجارية خفضاً، ويسمّى في الذكر إعذاراً أيضاً. وغير المعذور: أغلف وأقلف، وقد يقال الإعذار لهما أيضاً. قال في الصحاح: قال أبو عبيدة: عذرت الجارية والغلام أعذرهما عذراً: ختنتهما، وكذلك أعذرتهما. قال: والأكثر خفضت الجارية. والغلفة والغرلة: هي الجلدة التي تقطع. قال: وتزعم العرب أن الغلام إذا ولد في القمر، فسحت غلفته فصار كالمختون.
فختان الرجل: هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وهو الذي ترتّب الأحكام على تغييبه في الفرج فيترتّب عليه أكثر من ثلاثمائة حُكم وقد جمعها بعضهم فبلغت أربعمائة إلاّ ثمانية أحكام.
وأمّا ختان المرأة فهي جلدة كعرف الديك فوق الفرج، فإذا غابت الحشفة في الفرج حاذى ختانه ختانها، فإذا تحاذيا فقد إلتقيا كما يقال إلتقى الفارسان إذا تحاذيا، وإن لم يتضامّا. والمقصود أن الختان إسم للمحل وهي الجلدة التي تبقى بعد القطع، واسم للفعل وهو فعل الخاتن، ونظير هذا السواك: فإنه إسم للآلة التي يستاك بها، واسم للتسوّك بها، وقد يطلق الختان على الدعوة إلى وليمته، كما تطلق العقيقة على ذلك أيضاً.
الفصل الثاني: في ذكر ختان إبراهيم الخليل والأنبياء بعده صلوات الله عليهم أجمعين
في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): «إختتن إبراهيم عليه السلام وهو إبن ثمانين سنة بالقدوم» [3] .
قال البخاري: القدوم مخفّفة وهو إسم موضع. وقال المروزي سئل أبو عبد الله هل ختن إبراهيم نفسه بالقدوم؟ قال بطرف القدوم. وقال أبو داوود وعبد الله بن أحمد وحرب: إنهم سألوا أحمد عن قوله: إختتن بالقدوم قال هو موضع. وقال غيره: هو إسم للآلة. واحتج بقول الشاعر:
فقلت أعيروني القدوم لعلّني أخط به قبراً لأبيض ماجد
وقالت طائفة: من رواه مخفّفاً، فهو إسم الموضع، ومن رواه مثقلاً فهو إسم للآلة. وقد رويت قصّة ختان الخليل بألفاظ يوهم بعضها التعارض ولا تعارض فيها بحمد الله ونحن نذكرها. ففي صحيح البخاري من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه السلام: «إختتن إبراهيم وهو إبن ثمانين سنة بالقدوم». وفي لفظ «إختتن إبراهيم بعد ثمانين سنة بالقدوم» مخفّفة. وفي حديث يحيى بن سعيد عن إبن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مثله قال يحيى: والقدوم: الفأس. وقال النضر بن شميل: قطعه بالقدوم، فقيل له: يقولون قدوم: قرية بالشام، فلم يعرفه وثبت على قوله. قال الجوهري: القدوم الذي ينحت به مخفّف. قاله إبن السكيت: ولا تقل قدوم بالتشديد. قال: والقدوم أيضاً إسم موضع - مخفّف.
والصحيح أن القدوم في الحديث: الآلة، لما رواه البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدّثنا أبو لعبّاس محمّد بن يعقوب حدّثنا محمّد بن عبد الله حدّثنا أبو عبد الرحمن المقرئ حدّثنا موسى بن علي قال: سمعت أبي يقول: إن إبراهيم خليل الرحمن أمر أن يختتن وهو إبن ثمانين سنة، فعجّل فاختتن بقدوم. فاشتد عليه الوجع فدعا ربّه فأوحى الله إليه إنك عجّلت قَبل أن نأمرك بالآلة. قال: يا رب كرهت أن أؤخّر أمرك. قال: وختن إسماعيل وهو إبن ثلاث عشرة سنة وختن إسحاق وهو إبن سبعة أيّام [4] .
وقال حنبل: حدّثنا عاصم حدّثنا أبو أويس قال: حدّثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: «إبراهيم أوّل من إختتن وهو إبن مائة وعشرين إختتن بالقدوم، ثم عاش بعده ثمانين سنة» [5] . ولكن هذا حديث معلول، رواه يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قوله. ومع هذا فهو من رواية أبي أويس عبد الله بن عبد الله المدني وقد روى له مسلم في صحيحه محتجّاً به وروى له أهل السُنَن الأربعة وقال أبو داوود: وهو صالح. واختلفت الرواية فيه عن إبن معن. فروى عنه الدوري في حديثه ضعف. وروى عنه توثيقه ولكن المغيّرة بن عبد الرحمن وشعيب بن أبي حمزة وغيرهما رووا عن أبي الزناد خلاف ما رواه أبو أويس، وهو ما رواه أصحاب الصحيح أنه إختتن وهو إبن ثمانين سنة وهذا أولى بالصواب، وهو دليل على ضعف المرفوع والموقوف.
وقد أجاب بعضهم بأن قال: الروايتان صحيحتان، ووجه الجمع بين الحديثين يعرف من مدّة حياة الخليل. فإنه عاش مائتي سنة منها ثمانون غير مختون، ومنها مائة وعشرون سنة مختوناً. فقوله: إختتن لثمانين سنة مضت من عمره والحديث الثاني: إختتن لمائة وعشرين سنة بقيت من عمره، في هذا الجمع نظر لا يخفى. فإنه قال: أوّل من إختتن إبراهيم وهو إبن مائة وعشرين سنة، ولم يقل: إختتن لمائة وعشرين سنة.
وقد ذكرنا رواية يحيى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة موقوفاً عليه: إنه إختتن وهو إبن مائة وعشرين سنة، والرواية الصحيحة المرفوعة عن أبي هريرة تخالف هذا على أن الوليد بن مسلم قد قال: أخبرني الأوزاعي عن يحيى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة يرفعه قال: إختتن إبراهيم وهو إبن عشرين ومائة سنة، ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة. وهذا حديث معلول. فقد رواه جعفر بن عون وعكرمة بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي هريرة قوله: والمرفوع الصحيح أولى منه. والوليد بن مسلم معروف بالتدليس.
قال هيثم بن خارجة: قلت للوليد بن مسلم قد أفسدت حديث الأوزاعي. قال: كيف؟ قلت: تروي عن الأوزاعي عن نافع، وعن الأوزاعي عن الزهري، وعن الأوزاعي عن يحيى بن سعيد، وغيرك يدخل بين الأوزاعي وبين نافع عبد الله بن عامر الأسلمي، وبينه وبين الزهري إبراهيم بن ميسرة وقرة وغيرهما. فما يحملك على هذا؟ قال: أنبل الأوزاعي أن يروى عن مثل هؤلاء؟ قلت: فإذا روى الأوزاعي عن هؤلاء وهؤلاء ضعاف، أصحاب أحاديث مناكير، فأسقطتهم أنت، وصيّرتها من رواية الأوزاعي عن الثقات ضعّفت الأوزاعي. فلم يلتفت إلى قولي. وقال أبو مسهر كان الوليد بن مسلم يحدّث بأحاديث الأوزاعي عن الكذّابين ثم يدلّسها عنهم. وقال الدارقطني: الوليد بن مسلم يروي عن الأوزاعي أحاديث هي عند الأوزاعي عن شيوخ ضعفاء عن شيوخ قد أدركهم الأوزاعي مثل: نافع وعطاء والزهري، فيسقط أسماء الضعفاء ويجعلها عن الأوزاعي عن عطاء.
وقال الإمام أحمد في رواية إبنه عبد الله: كان الوليد رفّاعاً. وفي رواية المروزي: هو كثير الخطأ. وقد روي هذا الحديث من غير هذا الطريق من نسخة نبيط بن شريط عن النبي (ص): «أوّل من أضاف الضيف إبراهيم، وأوّل من لبس السراويل وأوّل من إختتن إبراهيم بالقدوم وهو إبن عشرين ومائة سنة» [6] . وهذه النسخة ضعّفها أئمّة الأحاديث.
وبالجملة فهذا الحديث ضعيف معلول لا يعارض ما ثبت في الصحيح ولا يصح تأويله بما ذكره هذا القائل لوجوه. أحدهما: إن لفظه لا يصلح له فإنه قال: إختتن وهو إبن عشرين ومائة سنة. الثاني: إنه قال ثم عاش بعد ذلك ثمانين سنة. الثالث: إن الذي يحتمله على تعسّر واستكراه قوله: إختتن لمائة وعشرين سنة ويكون المراد بقيت من عمره - لا مضت. والمعروف في مثل هذا الإستعمال إنّما هو إذا كان الباقي أقل من الماضي. فإن المشهور من إستعمال العرب في خلت وبقيت أنه من أوّل الشهر إلى نصفه. يقال: خلت وخلون، ومن نصفه إلى آخره: بقيت وبقين. فقوله: لمائة وعشرين بقيت من عمره مثل أن يقال: لإثنين وعشرين ليلة بقيت من الشهر وهذا لا يسوغ وبالله التوفيق.
والختان كان من الخصال التي إبتلى الله سبحانه بها إبراهيم خليله (البقرة 124:2)، فأتمّهن وأكملهن فجعله إماماً للناس. وقد روي أنه أوّل من إختتن كما تقدّم، والذي في الصحيحين إختتن إبراهيم وهو إبن ثمانين سنة، واستمر الختان بعده في الرسل وأتباعهم حتّى في المسيح فإنه إختتن. والنصارى تقر بذلك ولا تجحده كما تقر بأنه حرّم لحم الخنزير وحرّم كسب السبت وصلّى إلى الصخرة ولم يصم خمسين يوماً، وهو الصيام الذي يسمّونه الصوم الكبير.
وفي جامع الترمذي (توفّى عام 892) ومسند الإمام أحمد من حديث أبي أيّوب قال: قال رسول الله (ص): «أربع من سُنَن المرسلين: الحياء والتعطّر والسواك والنكاح» [7] . وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. واختلف في ضبطه فقال بعضهم: الحياء بالياء والمد. وقال بعضهم الحناء بالنون. وسمعت شيخنا أبا الحجّاج الحافظ المزي يقول: كلاهما غلط وإنّما هو الختان، فوقعت النون في الهامش فذهبت. فاختلف في اللفظة. قال: وكذلك رواه المحاملي عن الشيخ الذي روى عنه الترمذي بعينه فقال: الختان. قال: وهذا أولى من الحياء والحناء، فإن الحياء خلق والحناء ليست من السُنَن ولا ذكره النبي (ص) في خصال الفطرة ولا ندب إليه بخلاف الختان.
فصل: في ختان الرجل نفسه بيده
قال المروزي: سئل أبو عبد الله عن الرجل يختن نفسه؟ فقال: أن قوي. وقال الخلال: أخبرني عبد الكريم بن الهيثم قال: سمعت أبا عبد الله وقد سئل عن الرجل يختن نفسه؟ قال: إن قوي على ذلك. قال: وأخبرني محمّد بن هارون أن إسحاق حدّثهم أن أبا عبد الله سئل عن المرأة يدخل عليها زوجها لم تختتن يجب عليها الختان؟ فقال: الختان سُنّة حسنة، وذكر نحو مسألة المروزي في ختان نفسها، قيل له: فإن قويت على ذلك؟ قال: ما أحسنه. وسئل عن الرجل يختن نفسه؟ قال: إذا قوي عليه فهو حسن وهي سُنّة حسنة.
الفصل الثالث: في مشروعيّته وأنه من خصال الفطرة
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): «الفطرة خمس: الختان والإستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط» [8] . فجعل الختان رأس خصال الفطرة. وإنّما كانت هذه الخصال من الفطرة لأن الفطرة هي الحنيفيّة مِلّة إبراهيم وهذه الخصال أمر بها إبراهيم وهي من الكلمات التي إبتلاه ربّه بهن كما ذكر عبد الرزّاق عن معمر عن طاوس عن أبيه عن إبن عبّاس في هذه الآية. قال: إبتلاه بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد: التي في الرأس: قص الشارب والمضمضة والإستنشاق والسواك وفرق الرأس. وفي الجسد: تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء.
والفطرة فطرتان: فطرة تتعلّق بالقلب: وهي معرفة الله ومحبّته وإيثاره على ما سواه. وفطرة عمليّة: وهي هذه الخصال. فالأولى تزكّي الروح وتطهّر القلب. والثانية تطهّر البدن. وكل منهما تمد الأخرى وتقوّيها. وكان رأس فطرة البدن الختان لما سنذكره في الفصل السابع إن شاء الله.
وفي مسند الإمام أحمد من حديث عمّار بن ياسر قال: قال رسول الله (ص): «من الفطرة أو الفطرة المضمضة والإستنشاق وقص الشارب والسواك وتقليم الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط والإستحداد والإختتان والإنتضاح» [9] وقد إشتركت خصال الفطرة في الطهارة والنظافة وأخذ الفضلات المستقذرة التي يألفها الشيطان ويجاورها من بني آدم، وله بالغرلة إتّصال واختصاص سنقف عليه في الفصل السابع إن شاء الله.
وقد قال غير واحد من السلف: من صلّى وحج واختتن فهو حنيف، فالحج والختان شعار الحنيفيّة وهي «فطرة الله التي فطر الناس عليها» (الروم 30:30). قال الراعي يخاطب أبا بكر رضي الله عنه:
أخليفة الرحمن إنا معشر حنفاء نسجد بكرة وأصيلاً
عرب نرى لله في أموالنا حق الزكاة منزلاً تنزيلاً
الفصل الرابع: في الإختلاف في وجوبه واستحبابه
إختلف الفقهاء في ذلك. فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد: هو واجب. وشدّد فيه مالك حتّى قال: من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تُقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سُنّة حتّى قال القاضي عيّاض: الإختتان عند مالك وعامّة العلماء سُنّة، ولكن السُنّة عندهم يأثم بتركها. فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب، وإلاّ فقد صرّح مالك بأنه لا تقيل شهادة الأغلف ولا تجوز إمامته. وقال الحسن البصري وأبو حنيفة: لا يجب بل هو سُنّة وكذلك قال إبن أبي موسى من أصحاب أحمد: هو سُنّة مؤكّدة.
ونص أحمد في رواية أنه لا يجب على النساء. واحتج الموجبون له بوجوه.
أحدها قوله تعالى «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16). والختان من ملّته لما تقدّم.
الوجه الثاني: لما رواه الإمام أحمد حدّثنا عبد الرزّاق عن إبن جريح قال: أخبرني عثيم بن كليب عن أبيه عن جدّه أنه جاء إلى النبي (ص) فقال: قد أسلمت: قال: «ألق عنك شعر الكفر» [10] . يقول: أحلق. وأخبرني آخر معه أن النبي (ص) قال لآخر: «ألق عنك شعر الكفر واختتن» [11] ، رواه أبو داوود عن محمّد بن مخلد عن عبد الرزّاق وحمله على الندب في إلقاء الشعر لا يلزم منه حمله عليه في الآخر.
الوجه الثالث: قال حرب في مسائله عن الزهري قال: قال رسول الله (ص) «من أسلم فليختتن وإن كان كبيراً». وهذا وإن كان مرسلاً فهو يصلح للإعتضاد.
الوجه الرابع: ما رواه البيهقي عن موسى بن إسماعيل بن جعفر بن محمّد بن علي بن حسين بن علي عن آبائه واحداً بعد واحد عن علي رضي الله عنه قال: وجدنا في قائم سيف رسول الله (ص) في الصحيفة: «أن الأغلف لا يترك في الإسلام حتّى يختتن ولو بلغ ثمانين سنة». قال البيهقي: هذا حديث ينفرد به أهل البيت بهذا الإسناد [12] .
الوجه الخامس: ما رواه إبن المنذر من حديث أبي برزة عن النبي (ص) في الأغلف: «لا يحج بيت الله حتّى يختتن». وفي لفظ: سألنا رسول الله (ص) عن رجل أغلف يحج بيت الله؟ قال: «لا حتّى يختتن». ثم قال: لا يثبت لأن إسناده مجهول.
الوجه السادس: ما رواه وكيع عن سالم أبي العلاء المرادي عن عمرو بن هرم عن جابر بن يزيد عن إبن عبّاس قال: الأغلف لا تُقبل له صلاة ولا تُؤكل ذبيحته. وقال الإمام أحمد: حدّثنا محمّد بن عبيد عن سالم المرادي عن عمرو بن هرم عن جابر بن يزيد عن إبن عبّاس: لا تؤكل ذبيحة الأغلف. وقال حنبل في «مسائله»: حدّثنا أبو عمر الحوضي حدّثنا همام عن قتادة عن عكرمة قال: لا تؤكل ذبيحة الأغلف. قال كان الحسن لا يرى ما قاله عكرمة. قال: وقيل لعكرمة أله حج؟ قال لا. قال حنبل: قال أبو عبد الله: لا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له ولا حج حتّى يتطهّر- هو من تمام الإسلام. قال حنبل: وقال أبو عبد الله: الأغلف لا يذبح ولا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له. وقال عبد الله بن أحمد: حدّثني أبي حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن جابر بن زيد عن إبن عبّاس قال: الأغلف لا تحل له صلاة ولا تؤكل له ذبيحة ولا تجوز له شهادة. قال قتادة: وكان الحسن لا يرى ذلك.
الوجه السابع: إن الختان من أظهر الشعائر التي يفرّق بها بين المسلم والنصراني. فوجوبه من وجوب الوتر وزكاة الخيل ووجوب الوضوء على من قهقه في صلاته ووجوب الوضوء على من إحتجم أو تقيّأ أو رعف ووجوب التيمّم إلى المرفقين ووجوب الضربتين على الأرض وغير ذلك، ممّا وجوب الختان أظهر من وجوبه وأقوى حتّى أن المسلمين لا يكادون يعدّون الأغلف منهم. ولهذا ذهب طائفة من الفقهاء إلى أن الكبير يجب عليه أن يختن ولو أدّى إلى تلفه كما سنذكره في الفصل الثاني عشر إن شاء الله تعالى.
الوجه الثامن: إنه قطع شرع الله، لا تؤمن سرايته، فكان واجباً كقطع يد السارق.
الوجه التاسع: إنه يجوز كشف العورة له لغير ضرورة ولا مداواة. فلو لم يجب لما جاز، لأن الحرام لا يلتزم للمحافظة على المسنون.
الوجه العاشر: إنه لا يستغنى فيه عن ترك واجبين وارتكاب محظورين أحدهما كشف العورة في جانب المختون والنظر إلى عورة الأجنبي في جانب الخاتن. فلو لم يكن واجباً لما كان قد ترك له واجبان وارتكب محظوران.
الوجه الحادي عشر: ما إحتج به الخطابي قال: أمّا الختان فإنه وإن كان مذكوراً في جملة السُنَن، فإنه عند كثير من العلماء على الوجوب. وذلك أنه شعار الدين وبه يعرف المسلم من الكافر. وإذا وجد المختون بين جماعة قتلى غير مختونين صلّي عليه ودفن في مقابر المسلمين.
الوجه الثاني عشر: إن الولي يؤلم فيه الصبي ويعرّضه للتلف بالسراية. ويخرج من ماله أجرة الخاتن وثمن الدواء، ولا يضمن سرايته بالتلف ولو لم يكن واجباً لما جاز ذلك. فإنه لا يجوز له إضاعة ماله وإيلامه الألم البالغ وتعريضه للتلف بفعل ما لا يجب فعله. بل غايته أن يكون مستحبّاً وهذا ظاهر بحمد الله.
الوجه الثالث عشر: إنه لو لم يكن واجباً لما جاز للخاتن الإقدام عليه وإن أذن فيه المختون أو وليّه فإنه لا يجوز له الإقدام على قطع عضو لم يأمر الله ورسوله بقطعه ولا أوجب قطعه كما لو أذن له في قطع أذنه أو إصبعه. فإنه لا يجوز له ذلك. ولا يسقط الإثم عنه بالإذن وفي سقوط الضمان عنه نزاع.
الوجه الرابع عشر: إن الأغلف معرّض لفساد طهارته وصلاته فإن الغلفة تستر الذكر كلّه فيصيبها البول ولا يمكن الإستجمار لها. فصحّة الطهارة والصلاة موقوفة على الختان. ولهذا منع كثير من السلف والخلف إمامته وإن كان معذوراً في نفسه فإنه بمنزلة من به سلس البول ونحوه. فالمقصود بالختان التحرّز من إحتباس البول في الغلفة فتفسد الطهارة والصلاة. ولهذا قال إبن عبّاس فيما رواه الإمام أحمد وغيره: لا تُقبل له صلاة، ولهذا يسقط بالموت لزوال التكليف بالطهارة والصلاة.
الوجه الخامس عشر: إنه شعار عبّاد الصليب وعبّاد النار الذين تميّزوا به عن الحنفاء في الأصل. ولهذا أوّل من إختتن إمام الحنفاء وصار الختان شعار الحنيفيّة وهو ممّا توارثه بنو إسماعيل وبنو إسرائيل عن إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فلا يجوز موافقة عبّاد الصليب الغلف في شعار كفرهم وتثليثهم.
فصل: [أدلّة القائلين بالسُنِّية]
قال المسقطون لوجوبه قد صرّحت السُنّة بأنه سُنّة كما في حديث شدّاد بن أوس عن النبي (ص) أنه قال: «الختان سُنّة للرجال، مَكرُمَة للنساء»، رواه الإمام أحمد [13] .
قالوا: وقد قرنه عليه الصلاة والسلام بالمسنونات دون الواجبات وهي: الإستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط.
قالوا: وقال الحسن البصري: قد أسلم مع رسول الله (ص) الناس: الأسود والأبيض، الرومي والفارسي والحبشي فما فتّش أحداً منهم. وقال الإمام أحمد، حدّثنا المعتمر عن سالم بن أبي الدنيا قال: سمعت الحسن يقول: يا عجباً لهذا الرجل، يعني أمير البصرة لقي أشياخاً من أهل كيكر فقال: ما دينكم؟ قالوا: مسلمين. فأمر بهم ففتّشوا فوجدوا غير مختونين فختنوا في هذا الشتاء، قد بلغني أن بعضهم مات. وقد أسلم مع النبي (ص) الرومي والفارسي والحبشي فما فتّش أحداً منهم.
قالوا وأمّا إستدلالكم بقوله تعالى «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16) فالملّة هي الحنيفيّة وهي التوحيد. ولهذا بيّنها بقوله «حنيفاً وما كان من المشركين» (النحل 123:16). وقال يوسف الصدّيق: «إني تركت مِلّة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتّبعت مِلّة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء» (يوسف 37:12-38). وقال تعالى: «قل صدق الله فاتّبعوا مِلّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين» (آل عمران 95:3). فالملّة في هذا كلّه هي أصول الإيمان من التوحيد والإنابة إلى الله وإخلاص الدين له. وكان رسول الله (ص) يعِّلم أصحابه إذا أصبحوا أن يقولوا: «أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبيّنا محمّد وملّة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين» [14] .
قالوا: ولو دخلت الأفعال في الملّة فمتابعته فيها أن تفعل على الوجه الذي فعله فإن كان فعلها على سبيل الوجوب، فإتّباعه أن يفعلها كذلك. وإن كان فعلها على وجه الندب، فإتّباعه أن يفعلها على وجه الندب. فليس معكم حينئذ إلاّ مجرّد فعل إبراهيم. والفعل هو على الوجوب أو الندب؟ فيه النزاع المعروف، والأقوى أنه إنّما يدل على الندب، إذا لم يكن بياناً للواجب فمتى فعلناه على وجه الندب كنّا قد إتّبعناه.
قالوا: وأمّا حديث عثيم بن كثير بن كليب عن أبيه عن جدّه: «ألق عنك شعر الكفر واختتن» فابن جريج قال فيه: أُخبرت عن عثيم بن كليب، قال أبو أحمد بن عدي: هذا الذي قاله إبن جريج في هذا الإسناد: أخبرت عن عثيم بن كليب إنّما حدثه إبراهيم بن أبي يحيى، فكنى عن إسمه، وإبراهيم هذا متّفق على ضعفه بين أهل الحديث ما خلا الشافعي وحده.
قالوا: وأمّا مرسل الزهري عن النبي (ص): «من أسلم فليختتن وإن كان كبيراً» فمراسيل الزهري عندهم من أضعف المراسيل لا تصلح للإحتجاج. قال إبن أبي حاتم: حدّثنا أحمد بن سنان قال: كان يحيى بن سعيد القطّان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئاً، ويقول: هو بمنزلة الريح. وقرئ على عبّاس الدوري عن يحيى بن معين، قال: مراسيل الزهري ليست بشيء.
قالوا: وأمّا حديث موسى بن إسماعيل بن جعفر عن آبائه فحديث لا يعرف، ولم يروه أهل الحديث، ومخرجه من هذا الوجه وحده تفرّد به موسى بن إسماعيل عن آبائه بهذا السند، فهو نظير أمثاله من الأحاديث التي تفرّد بها غير الحفاظ المعروفين بحمل الحديث.
قالوا: وأمّا حديث أبي برزة فقال إبن المنذر: حدّثنا يحيى بن محمّد حدّثنا أحمد بن يونس حدثتنا أم الأسود عن منية عن جدّها أبي برزة، فذكره. قال إبن المنذر: هذا إسناد مجهول لا يثبت.
قالوا: وأمّا إستدلالكم بقول إبن عبّاس: الأغلف لا تُؤكل ذبيحته ولا تُقبل له صلاة فقول صحابي تفرّد به. قال أحمد - وكان يشدّد فيه - وقد خالفه الحسن البصري وغيره.
قولكم: إنه من الشعائر صحيح إذ لا نزاع فيه. ولكن ليس كل ما كان من الشعائر يكون واجباً. فالشعائر منقسمة إلى واجب: كالصلوات الخمس والحج والصيام والوضوء، وإلى مستحب: كالتلبية وسوق الهدى وتقليده، وإلى مختلف فيه: كالأذان والعيدين والأضحية والختان، فمن أين لكم أن هذا من قسم الشعائر الواجبة؟
قولكم: إنه قطع شرع الله لا تؤمن سرايته، فكان واجباً كقطع يد السارق من أبرد الأقيسة. فأين الختان من قطع يد اللص؟ فما أبعد ما بينهما. ولقد أبعد النجعة من قاس أحدهما على الآخر. فالختان إكرام المختون وقطع يد السارق عقوبة له، وأين باب العقوبات من أبواب الطهارات والتنظيف.
قولكم: يجوز كشف العورة له لغير ضرورة ولا مداواة، فكان واجباً. لا يلزم من جواز كشف العورة وجوبه، فإنه يجوز كشفها لغير الواجب إجماعاً، كما يكشف لنظر الطبيب ومعالجته، وإن جاز ترك المعالجة. وأيضاً فوجه المرأة عورة في النظر، يجوز لها كشفه في المعاملة التي لا تجب، ولتحمّل الشهادة عليها بحيث لا تجب، وأيضاً فإنهم جوّزوا لغاسل الميّت حلق عانته وذلك يستلزم كشف العورة أو لمسها لغير واجب.
قولكم: إن به يعرف المسلم من الكافر حتّى إذا وجد المختون بين جماعة قتلى غير مختونين صلّي عليه دونهم. ليس كذلك فإن بعض الكفّار يختتنون وهم اليهود. فالختان لا يميّز بين المسلم والكافر، إلاّ إذا كان في محل لا يختتن فيه إلاّ المسلمون. وحينئذ فيكون فرقاً بين المسلم والكافر. ولا يلزم من ذلك وجوبه كما لا يلزم وجوب سائر ما يفرّق بين المسلم والكافر.
قولكم: إن الولي يؤلم فيه الصبي ويعرّضه للتلف بالسراية، ويخرج من ماله أجرة الخاتن وثمن الدواء. فهذا لا يدل على وجوبه، كما يؤلمه بضرب التأديب لمصلحته ويخرج من ماله أجرة المؤدّب والمعلّم وكما يضحّي عنه. قال الخلال: باب الضحيّة في اليتيم، أخبرني حرب بن إسماعيل قال: قلت لأحمد: يضحّي عن اليتيم؟ قال نعم إذا كان له مال. وكذلك قال سفيان الثوري. قال جعفر بن محمّد النيسابوري: سمعت أبا عبد الله يسأل عن وصي يتيمة: يشتري لها أضحية؟ قال: نعم يشتري لها. قوله: لو لم يكن واجباً لما جاز للخاتن الإقدام عليه إلى آخره، ينتقض بإقدامه على قطع السلعة وتفتح غدّة في الجسد أو خراج في العنق والعضو التالف وقلع السن وقطع العروق وشق الجلد للحجامة والتشريط. فيجوز الإقدام على ما يباح للرجل قطعه فضلاً عمّا يستحب له ويسن وفيه مصلحة ظاهرة.
قولكم: إن الأغلف معرّض لفساد طهارته وصلاته، فهذا إنّما يلام عليه إذا كان باختياره. وما خرج عن إختياره وقدرته لم يلم عليه ولم تفسد طهارته، كسلس البول والرعاف وسلس المذي. فإذا فعل ما يقدر عليه من الإستجمار والإستنجاء لم يؤاخذ بما عجز عنه.
قولكم: إنه من شعار عبّاد الصلبان وعبّاد النيران، فموافقتهم فيه موافقة في شعائر دينهم. جوابه أنهم لم يتميّزوا عن الحنفاء بمجرّد ترك الختان، وآنا إمتازوا بمجموع ما هم عليه من الدين الباطل. وموافقة المسلم لهم في ترك الختان لا تستلزم موافقتهم في شعار دينهم الذي إمتازوا به عن الحنفاء.
فصل: [أدلّة الموجبين للختان]
قال الموجبون: الختان علم الحنيفيّة وشعار الإسلام ورأس الفطرة وعنوان الملّة. وإذا كان النبي (ص) قد قال: «من لم يأخذ من شاربه فليس منّا» [15] فكيف من عطّل الختان ورضي شعار الغلف عبّاد الصلبان؟ ومن أظهر ما يفرّق بين عبّاد الصلبان وعباد الرحمن الختان، وعليه إستمر عمل الحنفاء من عهد إمامهم إبراهيم إلى عهد خاتم الأنبياء. فبعث بتكميل الحنيفيّة وتقريرها لا بتحويلها وتغييرها. ولمّا أمر الله به خليله وعلم أن أمره المطاع، ولا يجوز أن يعطّل ويضاع، بادر إلى إمتثال ما أمر به الحي القيّوم، وختن نفسه بالقدوم مبادرة إلى الإمتثال وطاعة لذي العزّة والجلال، وجعله فطرة باقية في عقبه إلى أن يرث الأرض ومن عليها. ولذلك دعا جميع الأنبياء من ذرّيته أممهم إليها حتّى عبد الله ورسوله وكلمته إبن العذراء البتول، فإنه إختتن متابعة لإبراهيم الخليل. والنصارى تقر بذلك وتعترف أنه من أحكام الإنجيل ولكن إتّبعوا أهواء قوم ضلّوا من قَبل وأضلّوا كثيراً وضلّوا عن سواء السبيل.
حتّى لقد أذّن عالم أهل بيت رسول الله (ص) عبد الله بن عبّاس أذاناً سمعه الخاص والعام: إن من لم يختتن فلا صلاة له ولا تؤكل ذبيحته، فأخرجه من جملة أهل الإسلام. ومثل هذا لا يقال لتارك أمر هو بين تركه وفعله بالخيار، وإنّما يقال لما علم وجوبه عِلماً يقرب من الإضطرار. ويكفي في وجوبه أنه رأس خصال الحنيفيّة التي فطر الله عباده عليها ودعت جميع الرسل إليها. فتاركه خارج عن الفطرة التي بعث الله رسله بتكميلها. ومن ضيّع في تعطيلها مؤخّراً لما يستحق التقديم راغب عن مِلّة إبراهيم: «ومن يرغب عن مِلّة إبراهيم إلاّ من سفه نفسه ولقد اصطفيته في الدنيا وأنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربّه أسلم قال أسلمت لرب العالمين» (البقرة 131:2-132). فكما أن الإسلام له رأس الملّة الحنيفيّة وقوامها، فالإستسلام لأمره كمالها وتمامها.
فصل: [الجواب عن أدلّة القائلين بالسُنِّية]
وأمّا قوله في الحديث: «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء» فهذا حديث يروى عن إبن عبّاس بإسناد ضعيف، والملحوظ أنه موقوف عليه. ويروى أيضاً عن الحجّاج بن أرطأة، وهو ممّن لا يحتج به عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه عنه. وعن مكحول عن أبي أيّوب عن النبي (ص) فذكره. ذكر ذلك كلّه البيهقي. ثم ساق عن إبن عبّاس: إنه لا تُؤكل ذبيحة الأغلف ولا تُقبل صلاته ولا تجوز شهادته. ثم قال: وهذا يدل على أنه كان يُوجبه. وأن قوله: الختان سُنّة أراد به سُنّة النبي (ص) وأن رسول الله (ص) سَنّه وأمر به فيكون واجباً، إنتهى.
والسُنّة هي الطريقة. يقال: سننت له كذا: أي شرّعت. فقوله الختان سُنّة للرجال: أي مشروع لهم، لا أنه ندب غير واجب. فالسُنّة هي الطريقة المتّبعة وجوباً واستحباباً لقوله (ص) «من رغب عن سُنَّتي فليس منّي» [16] . وقوله: «عليكم بسُنَّتي وسُنّة الخلفاء الراشدين من بعدي» [17] . وقال إبن عبّاس: من خالف السُنّة كفر، وتخصيص السُنّة بما يجوز تركه إصطلاح حادث، وإلاّ فالسُنّة ما سَنَّه رسول الله (ص) لأمّته من واجب ومستحب. فالسُنّة هي الطريقة وهي الشريعة والمنهاج والسبيل.
وأمّا قولكم: إن رسول الله (ص) قرنه بالمسنونات، فدلالة الإقتران لا تقوى على معارضة أدلّة الوجوب. ثم أن الخصال المذكورة في الحديث منها ما هو واجب كالمضمضة والإستنشاق والإستنجاء، ومنها ما هو مستحب كالسواك. وأمّا تقليم الأظفار فإن الظفر إذا طال جدّاً بحيث يجتمع تحته الوسخ وجب تقليمه لصحّة الطهارة، وأمّا قص الشارب - فالدليل يقتضي وجوبه إذا طال، وهذا الذي يتعيّن القول به لأمر رسول الله (ص) به ولقوله: «من لم يأخذ من شاربه فليس منّا» [18] .
وأمّا قول الحسن البصري: قد أسلم مع رسول الله (ص) الناس فما فتّش أحداً منهم، فجوابه أنهم إستغنوا عن التفتيش بما كانوا عليه من الختان. فإن العرب قاطبة كلّهم كانوا يختتنون واليهود قاطبة تختتن، ولم يبق إلاّ النصارى، وهم فرقتان: فرقة تختتن وفرقة لا تختتن. وقد علم كل من دخل في الإسلام منهم ومن غيرهم أن شعار الإسلام الختان. فكانوا يبادرون إليه بعد الإسلام كما يبادرون إلى الغسل. ومن كان منهم كبيراً فشق عليه ويخاف التلف سقط عنه. وقد سئل الإمام أحمد عن ذبيحة الأغلف وذكر له حديث إبن عبّاس: لا تؤكل، فقال: ذلك عندي، إذا ولد بين أبوين مسلمين فكبر ولم يختتن. وأمّا الكبير إذا أسلم وخاف على نفسه الختان فله عندي رخصة.
وأمّا قولهم: إن الملّة هي التوحيد. فالملّة هي الدين وهي مجموع أقوال وأفعال واعتقاد. ودخول الأعمال في الملّة كدخول الإيمان. فالملّة هي الفطرة وهي الدين. ومحال أن يأمر الله سبحانه بإتّباع إبراهيم في مجرّد الكلمة دون الأعمال وخصال الفطرة. وإنّما أمر بمتابعته في توحيده وأقواله فوفّاه كما أمر. فإن لم نفعل كما فعل لم نكن متّبعين له.
وأمّا قَدحَكُم في حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جدّه بأنه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى، فالشافعي كان حسن الظن به، وغيره يضعفه. فحديثه يصلح للإعتضاد بحيث يتقوّى به. وإن لم يحتج به بمفرده. وكذلك الكلام في مرسل الزهري: فإذا لم يحتج به وحده فإن هذه المرفوعات والموقوفات والمراسيل يشد بعضها بعضاً. وكذلك الكلام في حديث موسى بن إسماعيل وشبهه.
وأمّا قولكم: إن إبن عبّاس تفرّد بقوله في الأغلف: لا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له. فهذا قول صحابي. وقد إحتج الأئمّة الأربعة وغيرهم بأقوال الصحابة وصرّحوا بأنها حجّة. وبالغ الشافعي في ذلك وجعل مخالفتها بدعة. كيف ولم يحفظ عن صحابي خلاف إبن عبّاس. ومثل هذا التشديد والتغليظ لا يقوله عالم مثل إبن عبّاس في ترك مندوب يخيَّر الرجل بين فعله وتركه.
وأمّا قولكم: إن الشعائر تنقسم إلى مستحب وواجب، فالأمر كذلك ولكن مثل هذا الشعار العظيم الفارق بين عبّاد الصلبان وعباد الرحمن الذي لا تتم الطهارة إلاّ به، وتركه شعار عبّاد الصلبان لا يكون إلاّ من أعظم الواجبات.
وأمّا قولكم: أين باب العقوبات من باب الختان. فنحن لم نجعل ذلك أصلاً في وجوب الختان. بل إعتبرنا وجوب أحدهما بوجوب الآخر، فإن أعضاء المسلم وظهره ودمه حرام إلاّ من حد أو حق. وكلاهما يتعيّن إقامته. ولا يجوز تعطيله. وأمّا كشف العورة له فلو لم تكن مصلحة أرجح من مفسدة كشفها والنظر إليها ولمسها لم يجز إرتكاب ثلاث مفاسد عظيمة لأمر مندوب يجوز فعله وتركه. وأمّا المداواة فتلك من تمام الحياة وأسبابها التي لا بد للبيّنة منها. فلو كان الختان من باب المندوبات لكان بمنزلة كشفها، لما لا تدعو الحاجة إليه وهذا لا يجوز.
وأمّا قولكم: إن الولي يخرج من مال الصبي أجرة المعلّم والمؤدّب، فلا ريب أن تعليمه وتأديبه حق واجب على الولي، فما أخرج ماله إلاّ فيما بد له من صلاحه في دنياه وآخرته منه. فلو كان الختان مندوباً محضاً لكان إخراجه بمنزلة الصدقة والتطوّع عنده وبذله لمن يحج عنه حجّة التطوّع ونحو ذلك. وأمّا الأضحية عنه فهي مختلف في وجوبها. فمن أوجبها لم يخرج ماله إلاّ في واجب. ومن رآها سُنّة قال ما يحصل بها من جبر قلبه والإحسان إليه وتفريحه أعظم من بقاء ثمنها في ملكه.
الفصل الخامس: في وقت وجوبه
ووقته عند البلوغ لأنه وجوب العبادات عليه، ولا تجب قَبل ذلك. وفي صحيح البخاري: من حديث سعيد بن جبير قال: سئل إبن عبّاس رضي الله عنهما: مثل من أنت حين قبض رسول الله (ص)؟ قال: أنا يومئذ مختون [19] . وكانوا لا يختنون الرجل حتّى يدرك. وقد أختلف في سن إبن عبّاس عند وفاة النبي (ص). فقال الزبير والواقدي: ولد في الشعب قَبل خروج بني هاشم منه قَبل الهجرة بثلاث سنين وتوفّى رسول الله (ص) وله ثلاث عشرة سنة.
وقال سعيد بن جبير عن إبن عبّاس: توفّى رسول الله (ص) وأنا إبن عشر سنين. وقد قرأت المحكم: يعني المفصّل. قال أبو عمر: روينا ذلك عنه من وجوه. قال وقد روي عن إبن إسحاق عن سعيد بن جبير عن إبن عبّاس: قبض رسول الله (ص) وأنا ختين أو مختون. ولا يصح. قلت بل هو أصح شيء في الباب وهو الذي رواه البخاري في صحيحه كما تقدّم لفظه. وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدّثنا أبي حدّثنا سليمان بن داود، حدّثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت سعيد بن جبير يحدّث عن إبن عبّاس قال: توفّى رسول الله (ص) وأنا إبن خمس عشرة سنة. قال عبد الله قال أبي: وهذا هو الصواب.
قلت: وفي الصحيحين عنه قال: أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الإحتلام ورسول الله (ص) يصلّي بالناس بمنى إلى غير جدار. فمررت بين يدي بعض الصف، الحديث [20] . والذي عليه أكثر أهل السير والأخبار أن سنّه كانت يوم وفاة النبي (ص) ثلاث عشرة سنة فإنه ولد في الشعب وكان قَبل الهجرة بثلاث سنين وأقام رسول الله (ص) بالمدينة عشراً. وقد أخبر أنه كان يومئذ مختوناً. قالوا: ولا يجب الختان قَبل البلوغ لأن الصبي ليس أهلاً لوجوب العبادات المتعلّقة بالأبدان، فما الظن بالجرح الذي ورد التعبّد به، ولا ينتقص هذا بالعدّة التي تجب على الصغيرة فإنها لا مؤونة عليها فيها، إنّما هي مضي الزمان. قالوا فإذا بلغ الصبي وهو أغلف أو المرأة غير مختونة ولا عُذر لهما ألزمهما السلطان به. وعندي أنه يجب على الولي أن يختن الصبي قَبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك ممّا لا يتم الواجب إلاّ به.
وأمّا قول إبن عبّاس: كانوا لا يختنون الرجل حتّى يدرك أي حتّى يقارب البلوغ كقوله تعالى: «فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف» (الطلاق 2:65). وبعد بلوغ الأجل لا يتأتّى الإمساك. وقد صرّح إبن عبّاس أنه كان يوم موت النبي (ص) مختوناً. وأخبر في حجّة الوداع التي عاش بعدها رسول الله (ص) بضعة وثمانين يوماً أنه قد ناهز الإحتلام. وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام الأباء أن يأمروا أولادهم بالصلاة لسبع وأن يضربوهم على تركها لعشر. فكيف يسوغ لهم ترك ختانهم حتّى يجاوزوا البلوغ، والله أعلم.
الفصل السادس: في الإختلاف في كراهيّة يوم السابع
وقد أختلف في ذلك على قولين هما روايتان عن الإمام أحمد قال الخلال: باب ذكر ختان الصبي، أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد أنه ذاكر أبا عبد الله ختانة الصبي لكم يختتن؟ قال لا ادري لم أسمع فيه شيئاً. فقلت إنه يشق على الصغير إبن عشر يغلظ عليه. وذكرت له إبني محمّد أنه في خمس سنين فاشتهي أن أختنه فيها ورأيته كأنه يشتهي ذلك. ورأيته يكره العشرة لغلظه عليه وشدّته. وقال لي: ظننت أن الصغير يشتد عليه هذا، ولم أره يكره للصغير للشهر أو السنة ولم يقل في ذلك شيئاً إلاّ أني رأيته يعجب من أن يكون هذا يؤذي الصغير.
قال عبد الملك وسمعته يقول: كان الحسن يكره أن يختتن الصبي يوم سابعه. أخبرنا محمّد بن علي السمسار قال حدّثنا مهنّا قال سألت أبا عبد الله عن الرجل يختتن إبنه لسبعة أيّام؟ فكره وقال هذا فعل اليهود. وقال لي أحمد بن حنبل: كان الحسن يكره أن يختن الرجل إبنه لسبعة أيّام. فقلت من ذكره عن الحسن؟ قال: بعض البصريين. وقال لي أحمد بلغني أن سفيان الثوري سأل سفيان بن عيينة في كم يختن الصبي؟ فقال سفيان: لو قلت له في كم ختن إبن عمر بنيه؟ فقال لي أحمد: ما كان أكيس سفيان بن عيينة لها. يعني حين قال: لو قلت له: في كم ختن إبن عمر بنيه؟
أخبرني عصمة بن عصام حدّثنا حنبل أن أبا عبد الله قال: وإن ختن يوم السابع فلا بأس وإنّما كره الحسن كيلا يتشبّه باليهود وليس في هذا شيء. وأخبرني محمّد بن علي حدّثنا صالح أنه قال لأبيه: يختن الصبي لسبعة أيّام؟ قال: يروى عن الحسن أنه قال: فعل اليهود. قال: وسئل وهب بن منبه عن ذلك؟ فقال إنّما يستحب ذلك في اليوم السابع لخفّته على الصبيان فإن المولود يولد وهو خدر الجسد كلّه لا يجد ألم ما أصابه سبعا. وإذا لم يختتن لذلك فدعوه حتّى يقوى. وقال إبن المنذر في ذكر وقت الختان: وقد إختلفوا في وقت الختان فكرهت طائفة أن يختتن الصبي يوم سابعه، كره ذلك حسن البصري ومالك بن أنس خلافاً على اليهود. وقال الثوري: هو خطر. قال مالك: والصواب في خلاف اليهود. قال: وعامّة ما رأيت الختان ببلدنا إذا ثغر. وقال أحمد بن حنبل: لم أسمع في ذلك شيئاً.
وقال الليث بن سعد: الختان للغلام ما بين السبع سنين إلى العشرة، قال: وقد حكي عن مكحول عن غيره أن إبراهيم خليل الرحمن ختن إبنه إسحاق لسبعة أيّام وختن إبنه إسماعيل لثلاث عشرة سنة. وروي عن أبي جعفر: إن فاطمة كانت تختن ولدها يوم السابع. قال إبن المنذر: ليس في هذا الباب نهي يثبت وليس لوقوع الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تستعمل. فالأشياء على الإباحة ولا يجوز حظر شيء منها إلاّ بحجّة ولا نعلم مع من منع أن يختتن الصبي لسبعة أيّام حجّة.
وفي سُنَن البيهقي من حديث زهير بن محمّد عن محمّد بن المنكدر عن جابر قال: عق رسول الله (ص) عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيّام [21] . وفيها من حديث موسى بن علي بن رباح عن أبيه أن إبراهيم ختن إسحاق وهو إبن سبعة أيّام وختن إسماعيل عند بلوغه [22] . فصار ختان إسحاق سُنّة في بنيه، وختان إسماعيل سُنّة في بنيه، والله أعلم.
الفصل السابع: في حِكمة الختان وفوائده
الختان من محاسن الشرائع التي شرّعها الله سبحانه لعباده، وكمّل بها محاسنهم الظاهرة والباطنة فهو مكمّل الفطرة التي فطرهم عليها. ولهذا كان من تمام الحنيفيّة مِلّة إبراهيم، وأصل مشروعيّة الختان لتكميل الحنيفيّة. فإن الله عز وجل لمّا عاهد إبراهيم ووعده أن يجعله إماماً، وعده أن يكون أبا لشعوب كثيرة وأن تكون الأنبياء والملوك من صلبه وأن يكثر نسله، وأخبره أنه جاعل بينه وبين نسله علامة العهد أن يختنوا كل مولود منهم، ويكون عهدي هذا ميسماً في أجسادهم. فالختان علم للدخول في مِلّة إبراهيم، وهذا موافق لتأويل من تأوّل قوله تعالى: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة» (البقرة 138:2) على الختان.
فالختان للحنفاء بمنزلة الصبغ والتعميد لعبّاد الصليب. فهم يطهّرون أولادهم بزعمهم حين يصبغونهم في ماء المعموديّة. ويقولون الآن صار نصرانياً. فشرّع الله سبحانه للحنفاء صبغة الحنيفيّة وجعل ميسمها الختان فقال: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة» (البقرة 138:2) وقد جعل الله سبحانه السمات علامات لمن يضاف إليه المعلّم بها. ولهذا الناس يسمون دوابهم ومواشيهم بأنواع السمات حتّى يكون ما يضاف منها إلى كل إنسان معروفاً بسمته، ثم قد تكون هذه السمة متوارثة في أمّة بعد أمّة.
فجعل الله سبحانه الختان عَلماً لمن يضاف إليه وإلى دينه وملّته وينسب إليه بنسبة العبوديّة والحنيفيّة. حتّى إذا جهلت حال الإنسان في دينه عرف بسمة الختان ودينه. وكانت العرب تدعى بأمّة الختان. ولهذا في حديث هرقل: إني أجد ملك الختان قد ظهر. فقال له أصحابه: لا يهمّنك هذا فإنّما تختتن اليهود فأقتلهم. فبينما هم على ذلك وإذا برسول رسول الله (ص) قد جاء بكتابه. فأمر أن يكشف وينظر هل هو مختون؟ فوجد مختوناً. فلمّا أخبره أن العرب تختتن قال: هذا ملك هذه الأمّة. ولمّا كانت وقعة اجنادين بين المسلمين والروم جعل هشام بن العاص يقول: يا معشر المسلمين إن هؤلاء الغلف لا صبر لهم على السيف. فذكرهم بشعار عبّاد الصليب ودينهم وجعله ممّا يوجب إقدام الحنفاء عليهم وتطهير الأرض منهم.
والمقصود أن صبغة الله هي الحنيفيّة التي صبغت القلوب بمعرفته ومحبّته والإخلاص له وعبادته وحده لا شريك له، وصبغة الأبدان بخصال الفطرة من الختان والإستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط والمضمضة والإستنشاق والسواك والإستنجاء فظهرت فطرة الله على قلوب الحنفاء وأبدانهم.
قال محمّد بن جرير في قوله تعالى: «صبغة الله» يعنى بالصبغة صبغة الإسلام. وذلك أن النصارى إذا أرادت أن تنصّر أطفالها جعلتهم في ماء لهم. وتزعم أن ذلك ممّا يقدّس بمنزلة الختان لأهل الإسلام، وأنه صبغة لهم في النصرانيّة. فقال الله جل جلاله لنبيّه (ص) لمّا قال اليهود والنصارى: «كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا. قل بل مِلّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين» إلى قوله: «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة» (البقرة 135:2 و138).
قال قتادة أن اليهود تصبغ أبناءها يهوداً والنصارى تصبغ أبناءها نصارى. وإن صبغة الله: الإسلام، فلا صبغة أحسن من الإسلام ولا أطهر. وقال مجاهد صبغة الله: فطرة الله. وقال غيره دين الله. هذا مع ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزيين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، وإن عدمت بالكلّية ألحقته بالجمادات. فالختان يعدّلها ولهذا تجد الأغلف من الرجال والغلفاء من النساء لا يشبع من الجماع.
ولهذا يذم الرجل ويشتم ويعيّر بأنه إبن الغلفاء - إشارة إلى غلمتها. وأي زينة أحسن من أخذ ما طال وجاوز الحد من جلدة الغلفة وشعر العانة وشعر الإبط وشعر الشارب وما طال من الظفر. فإن الشيطان يختبئ تحت ذلك كلّه ويألفه ويقطن فيه. حتّى أنه ينفخ في إحليل الأغلف وفرج الغلفاء ما لا ينفخ في المختون ويختبئ في شعر العانة وتحت الأظفار. فالغرلة أقبح في موضعها من الظفر الطويل والشارب الطويل والعانة الفاحشة الطول. ولا يخفى على ذي الحس السليم قبح الغرلة وما في إزالتها من التحسين والتنظيف والتزيين. ولهذا لمّا إبتلى الله خليله إبراهيم بإزالة هذه الأمور فأتمّهن، جعله إماماً للناس، هذا مع ما فيه من بهاء الوجه وضيائه، وفي تركه من الكسفة التي ترى عليه.
وقد ذكر حرب في مسائله عن ميمونة زوج النبي (ص) أنها قالت للخاتنة: «إذا خفضت فأشِمِّي ولا تُنهِكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى لها عند زوجها» [23] . وروى أبو داوود عن أم عطيّة أن رسول الله (ص) أمر ختّانة تختن فقال: «إذا ختنت فلا تُنهِكي، فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل» [24] . ومعنى هذا أن الخفّاضة إذا إستأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة فقلّت حظوتها عند زوجها. كما أنها إذا تركتها كما هي لم تأخذ منها شيئاً إزدادت غلمتها. فإذا أخذت منها وأبقت، كان في ذلك تعديلاً للخلقة والشهوة. هذا مع أنه لا ينكر أن يكون قطع هذه الجلدة عَلماً على العبوديّة. فإنك تجد قطع طرف الأذن وكي الجبهة ونحو ذلك في كثير من الرقيق علامة لرقّهم وعبوديّتهم. حتّى إذا أبق رد إلى مالكه بتلك العلامة. فما ينكر أن يكون قطع هذا الطرف عَلماً على عبوديّة صاحبه لله سبحانه حتّى يعرف الناس أن من كان كذلك فهو من عبيد الله الحنفاء. فيكون الختان عَلماً لهذه السُنّة التي لا أشرف منها مع ما فيه من الطهارة والنظافة والزينة وتعديل الشهوة.
وقد ذكر في حِكمة خفض النساء أن سارة لمّا وهبت هاجر لإبراهيم أصابها فحملت منه فغارت سارة فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فخاف إبراهيم أن تجدع أنفها وتقطع أذنها. فأمرها بثقب أذنيها وختانها. وصار ذلك سُنّة في النساء بعد. ولا ينكر هذا كما كان مبدأ السعي سعي هاجر بين جبلين تبغي لابنها الغوث، وكما كان مبدأ الجمار حصب إسماعيل للشيطان لما ذهب مع أبيه، فشرّع الله سبحانه لعباده تذكرة وإحياء لسُنّة خليله وإقامة لذكره وإعظاماً لعبوديّته، والله أعلم.
الفصل الثامن: في بيان القدر الذي يؤخذ في الختان
قال أبو البركات في كتاب الغاية: ويؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة وإن إقتصر على أخذ أكثرها جاز ويستحب لخافضة الجارية أن لا تحيف، نص عليه. وحكى عن عمر أنه قال للخاتنة: أبقي منه شيئاً إذا خفضت. وقال الخلال في جامعه: ذكر ما يقطع في الختانة، أخبرني محمّد بن الحسين أن الفضل بن زياد حدّثهم قال سئل أحمد كم يقطع في الختانة؟ قال: حتّى تبدو الحشفة. وأخبرني عبد الملك الميموني قال: قلت يا أبا عبد الله مسألة سئلت عنها: خَتَّان ختن صبيّاً فلم يستقص. فقال: إذا كان الختان قد جاز نصف الحشفة إلى فوق فلا يعتد به لأن الحشفة تغلظ، وكلّما غلظت هي إرتفعت الختانة. ثم قال لي: إذا كانت دون النصف أخاف. قلت له: فإن الإعادة عليه شديدة جدّاً ولعلّه قد يخاف عليه الإعادة. قال: أيش يخاف عليه؟ ورأيت سهولة الإعادة إذا كانت الختنة في أقل من نصف الحشفة إلى أسفل. وسمعته يقول: هذا شيء لا بد أن تتيسّر فيه الختانة.
وقال إبن الصبّاغ في الشامل: الواجب على الرجل أن يقطع الجلدة التي على الحشفة حتّى تنكشف جميعها. وأمّا المرأة لها عذرتان: إحداهما بكارتها والأخرى هي التي يجب قطعها - وهي كعرف الديك في أعلى الفرج بين الشفرين، إذا قطعت يبقى أصلها كالنواة. وقال الجويني في نهايته: المستحق في الرجال قطع الغلفة وهي الجلدة التي تغشّي الحشفة والغرض أن تبرز، ولو فرض مقدار منه على الكمرة لا تنبسط على سطح الحشفة، فيجب قطعه حتّى لا تبقي الجلدة متدليّة.
وقال إبن كج: عندي يكفي قطع شيء من الغلفة وإن قل، بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها. وقال الجويني: القدر المستحق من النساء ما يطلق عليه الإسم. قال في الحديث ما يدل على الأمر بالإقلال. قال (ص): «أشِمِّي ولا تُنهِكي». أي أتركي الموضع أشم. والأشم المرتفع. قال الماوردي: والسُنّة أن يستوعب الغلفة تغشّي الحشفة بالقطع من أصلها، وأقل ما يجزئ فيه إلاّ أن يتغشّى بها شيء من الحشفة. وأمّا خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل كالنواة، ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها وقد بان بهذا أن القطع في الختان ثلاثة أقسام: سُنّة وواجب وغير مجزي على ما تقدّم، والله أعلم.
الفصل التاسع: في أن حُكمه يعم الذكر والأنثى
قال صالح بن أحمد: إذا جامع الرجل إمرأته ولم ينزل، قال: إذا إلتقى الختانان وجب الغسل. قال أحمد: وفي هذا أن النساء كن يختتن. وسئل عن الرجل تدخل عليه إمرأته فلم يجدها مختونة أيجب عليها الختان؟ قال الختان سُنّة. قال الخلال: وأخبرني أبو بكر المروزي وعبد الكريم الهيثم ويوسف بن موسى، دخل كلام بعضهم في بعض أن أبا عبد الله سئل عن المرأة تدخل على زوجها ولم تختتن أيجب عليها الختان؟ فسكت والتفت إلى أبي حفص فقال: تعرف في هذا شيئاً؟ قال لا. فقيل له أتى عليها ثلاثون وأربعون سنة فسكت. قيل له: فإن قدرت على أن تختتن؟ قال: حسن.
قال: وأخبرني محمّد بن يحيى الكحّال، قال: سألت أبا عبد الله عن المرأة تختتن؟ فقال: قد خرجت فيه أشياء. ثم قال: ونظرت فإذا خبر النبي (ص) حين يلتقي الختانان ولا يكون واحداً إنّما هو إثنان. قلت لأبي عبد الله: فلا بد منه. قال: الرجل أشد وذلك أن الرجل إذا لم يختتن فتلك الجلدة مدلاّة على الكمرة فلا ينقى ما ثمَّ والنساء أهون. قلت: لا خلاف في إستحبابه للأنثى. واختلف في وجوبه، وعن أحمد في ذلك روايتان. إحداهما: يجب على الرجال والنساء، والثانية: يختص وجوبه بالذكور وحجّة هذه الرواية: حديث شدّاد بن أوس: «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء». ففرّق فيه بين الذكور والإناث. ويحتج لهذا القول إن الأمر به جاء للرجال كما أمر الله سبحانه به خليله عليه السلام، ففعله إمتثالاً لأمره. وأمّا ختان المرأة سببه يمين سارة كما تقدّم. قال الإمام أحمد: لا تحيف خافضة الجارية لأن عمر قال للخاتنة: أبقي منه شيئاً إذا خفضت. وذكر الإمام أحمد عن أم عطيّة: إن الرسول (ص) أمر ختّانة تختن فقال: «إذا ختنت فلا تُنهِكي، فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل» [25] .
والحِكمة التي ذكرناها في الختان، تعم الذكر والأنثى، وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم.
الفصل العاشر: في حُكم جناية الخاتن وسراية الختان
قال الله تعالى: «ما على المحسنين من سبيل» (التوبة 91:9). وفي السُنَن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن النبي (ص) أنه قال: «من طبّب ولم يعلم منه طب فهو ضامن» [26] .
أمّا جناية يد الخاتن فمضمونة عليه أو على عاقلته كجناية غيره. فإن زادت على ثلث الديّة كانت على العاقلة. وإن نقصت عن الثلث فهي في ماله. وأمّا ما تلف بالسراية فإن لم يكن من أهل العلم بصناعته ولم يُعرف بالحذق فيها، فإنه يضمنها لأنها سراية جرح لم يجز الإقدام عليه. فهي كسراية الجناية وقد إتّفق الناس على أن سراية الجناية مضمونة. واختلفوا فيما عداها. فقال أحمد ومالك: لا تضمن سراية مأذون فيه حدّا كان أو تأديباً، مقدّراً كان أو غير مقدّر، لأنها سراية مأذون فيه، فلم يضمن كسراية إستيفاء منفعة النكاح وإزالة البكارة وسراية الفصد والحجامة والختان وبط الدمل وقطع السلعة المأذون فيه لحاذق لم يتعدّ. وقال الشافعي: لا يضمن سراية المقدر حداً كان أو قصاصاً، ويضمن سراية غير المقدّر والتأديب، لأن التلف به دليل على التجاوز والعدوان.
وقال أبو حنيفة: لا يضمن سراية الواجب خاصّة ويضمن سراية القود، لأنه إنّما أبيح له إستيفاؤه لشرط السلامة. والسُنّة الصحيحة تخالف هذا القول. وإن كان الخاتن عارفاً بالصناعة وختن المولود في الزمن الذي يختتن في مثله وأعطى الصناعة حقّها لم يضمن سراية الجرح إتّفاقاً كما لو مرض المختون من ذلك ومات. فإن أذن له أن يختنه في زمن حر مفرط أو برد مفرط أو حال ضعف يخاف عليه منه، فإن كان بالغاً عاقلاً لم يضمنه، لأنه أسقط حقّه بالإذن فيه. وإن كان صغيراً ضمنه لأنه لا يعتبر إذنه شرعاً. وإن أذن فيه وليّه، فهذا موضع نظر هل يجب الضمان على الولي أو على الخاتن؟ ولا ريب أن الولي المتسبّب والخاتن المباشر. فالقاعدة تقتضي تضمين المباشر لأنه يمكن الإحالة عليه بخلاف ما إذا تعذّر تضمينه. فهذا تفصيل القول في جناية الخاتن وسراية ختانه، والله أعلم.
الفصل الحادي عشر: في أحكام الأغلف من طهارته وصلاته وذبيحته وشهادته وغير ذلك
قال الخلال: أخبرني محمّد بن إسماعيل حدّثنا وكيع عن سالم بن العلاء المرادي عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد عن إبن عبّاس قال: الأغلف لا تُقبل له صلاة ولا تُؤكل ذبيحته. قال وكيع: الأغلف إذا بلغ فلم يختتن لم نجز شهادته. أخبرني عصمة بن عصام، حدّثنا حنبل قال: حدّثني أبو عبد الله، حدّثنا محمّد بن عبيد عن سالم المرادي عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد عن إبن عبّاس: لا تؤكل ذبيحة الأغلف.
قال حنبل في موضع آخر: حدّثنا أبو عمرو الحوضي حدّثنا همام عن قتادة عن عكرمة قال: لا تؤكل ذبيحة الأغلف. قال: وكان الحسن لا يرى ما قال عكرمة. قال: قيل لعكرمة أن حج؟ قال: لا. قال حنبل: قال أبو عبد الله: لا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له ولا حج حتّى يتطهّر. هو من تمام الإسلام. وقال حنبل في موضع آخر: قال أبو عبد الله: الأغلف لا يذبح ولا تؤكل ذبيحته ولا صلاة له.
وقال عبد الله بن أحمد: حدّثني أبي حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم حدّثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن جابر بن زيد عن إبن عبّاس قال: الأغلف لا تحل له صلاة ولا تؤكل ذبيحته ولا تجوز له شهادة. قال قتادة: وكان الحسن لا يرى ذلك. وقال إسحاق بن منصور: قلت لأبي عبد الله: ذبيحة الأغلف؟ قال لا بأس بها. وقال أبو طالب، سألت أبا عبد الله عن ذبيحة الأغلف؟ فقال: إبن عبّاس شدّد في ذبيحته جدّاً. وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله عن ذبيحة الأغلف؟ فقال يروى عن إبراهيم والحسن وغيرهما: إنهم كانوا لا يرون بها بأساً إلاّ شيئاً يروى عن جابر بن زيد عن إبن عبّاس أنه كرهه.
قال أبو عبد الله: وهذا يشتد على الناس. فلو أن رجلاً أسلم وهو كبير فخافوا عليه الختان، أفلا تؤكل ذبيحته؟ وذكر الخلال عن أبي السمح أحمد إبن عبد الله بن ثابت قال: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن ذبيحة الأغلف، وذكر له حديث إبن عبّاس: لا تؤكل ذبيحته. فقال أحمد: ذاك عندي. إذا كان الرجل يولد بين أبوين مسلمين فكيف لا يختتن؟ فأمّا الكبير إذا أسلم وخاف على نفسه الختان فله عندي رخصة. ثم ذكر قصّة الحسن مع أمير البصرة الذي ختن الرجال في الشتاء فمات بعضهم. قال: فكان أحمد يقول: إذا أسلم الكبير وخاف على نفسه فله عندي عذر.
الفصل الثاني عشر: في المسقطات لوجوبه
وهي أمور، أحدها: أن يولد الرجل ولا غلفة له. فهذا مستغن عن الختان، إذا لم يخلق له ما يجب ختانه. وهذا متّفق عليه. لكن قال بعض المتأخّرين: يستحب إمرار الموسى على موضع الختان لأنه ما يقدر عليه من المأمور به. وقد قال النبي (ص): «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما إستطعتم» [27] . وقد كان الواجب أمرين مباشرة الحديدة والقطع. فإذا سقط القطع فلا أقل من إستحباب مباشرة الحديدة. والصواب أن هذا مكروه لا يتقرّب إلى الله به ولا يتعبّد بمثله وتنزّه عنه الشريعة، لأنه عبث لا فائدة فيه وإمرار الموسى غير مقصود بل هو وسيلة إلى فعل المقصود. فإذا سقط المقصود لم يبق للوسيلة معنى. ونظير هذا ما قال بعضهم: إن الذي لم يخلق على رأسه شعر يستحب له في النسك أن يمر الموس على رأسه، ونظير قول بعض المتأخّرين من أصحاب أحمد وغيرهم: إن الذي لا يحسن القراءة ولا الذكر أو أخرس يحرّك لسانه حركة مجرّدة.
قال شيخنا: ولو قيل: إن الصلاة تبطل بذلك أقرب لأنه عبث ينافي الخشوع وزيادة عمل غير مشروع. والمقصود أن هذا الذي ولد ولا غلفة له فلا ختان عليه. كانت العرب تزعم أنه إذا ولد في القمر تقلّصت غلفته وتجمّعت. ولهذا يقولون ختنه القمر، وهذا غير مطرد ولا هو أمر مستمر، فلم يزل الناس يولدون في القمر والذي يولد بلا غلفة نادر جدّاً. ومع هذا فلا يكون زوال الغلفة تامّاً، بل يظهر رأس الحشفة، بحيث يبين مخرج البول. ولهذا لا بد من ختانه ليظهر تمام الحشفة وأمّا الذي يسقط ختانه فإن تكون الحشفة كلّها ظاهرة. وأخبرني صاحبنا محمّد بن عثمان الخليلي المحدّث ببيت المقدس أنه ممّن ولد كذلك، والله أعلم.
الثاني من مسقطاته: ضعف المولود عن إحتماله بحيث يخاف عليه من التلف ويستمر به الضعف كذلك. فهذا يعذر في تركه إذ غايته أنه واجب فيسقط بالعجز عنه كسائر الواجبات.
الثالث: إن يسلم الرجل كبيراً ويخاف على نفسه منه فهذا يسقط عنه عند الجمهور. ونص عليه الإمام أحمد في رواية جماعة من أصحابه، وذكر قول الحسن أنه قد أسلم في زمن رسول الله (ص): الرومي والحبشي والفارسي فما فتّش أحداً منهم. وخالف سحنون بن سعيد الجمهور فلم يسقطه عن الكبير الخائف على نفسه. وهو قول في مذهب أحمد حكاه إبن تميم وغيره.
الرابع: وظاهر كلام أصحابنا أنه يسقط وجوبه فقط عند خوف التلف. والذي ينبغي أن يمنع من فعله ولا يجوز له. وصرّح به في شرح الهداية: فقال يمنع منه. ولهذا نظائر كثيرة، منها الإغتسال بالماء البارد في حال قوّة البرد والمرض، وصوم المريض الذي يخشى تلفه بصومه وإقامة الحد على المريض والحامل وغير ذلك. فإن هذه الإعذار كلّها تمنع إباحة الفعل كما تسقط وجوبه.
الخامس: الموت فلا يجب ختان الميّت باتّفاق الأمّة. وهل يستحب؟ فجمهور أهل العلم على أنه لا يستحب، وهو قول الأئمّة الأربعة. وذكر بعض الأئمّة المتأخّرين أنه مستحب، وقاسه على أخذ شاربه وحلق عانته ونتف إبطه وهذا مخالف لما عليه عمل الأمّة وهو قياس فاسد. فإن أخذ الشارب وتقليم الظفر وحلق العانة من تمام طهارته وإزالة وسخه ودرنه. وأمّا الختان: وهو قطع عضو من أعضائه، والمعنى الذي شرّع في الحياة قد زال بالموت فلا مصلحة في ختانه. وقد أخبر النبي (ص) أنه يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون. فما الفائدة أن يقطع منه عند الموت عضو يبعث به يوم القيامة وهو من تمام خلقه في النشأة الأخرى؟!
السادس: ولا يمنع الإحرام من الختان، نص عليه الإمام أحمد. وقد سئل عن المحرّم يختتن؟ فقال نعم. فلم يجعله من باب إزالة الشعر وتقليم الظفر لا في الحياة ولا بعد الموت.
الفصل الثالث عشر: في ختان النبي (ص)
وقد أختلف فيه على أقوال. أحدها: إنه ولد مختوناً. والثاني أن جبريل ختنه حين شق صدره. والثالث أن جدّه عبد المطّلب ختنه على عادة العرب في ختان أولادهم. ونحن نذكر قائلي هذه الأقوال وحججهم.
فأمّا من قال ولد مختوناً فاحتجّوا بأحاديث، أحدها: ما رواه أبو عمر بن عبد البر، فقال وقد روى أن النبي (ص) ولد مختوناً، من حديث عبد الله بن عبّاس عن أبيه العبّاس بن عبد المطّلب قال: ولد رسول الله (ص) مختوناً مسروراً [28] . يعني مقطوع السرّة فاعجب ذلك جدّه عبد المطّلب وقال: ليكونن لابني هذا شأن عظيم. ثم قال إبن عبد البر: ليس إسناد حديث العبّاس هذا بالقائم. قال: وقد روي موقوفاً على إبن عمر ولا يثبت أيضاً. قلت: حديث إبن عمر رويناه من طريق أبي نعيم حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن خالد الخطيب حدّثنا محمّد بن محمّد بن سليمان حدّثنا عبد الرحمن بن أيّوب الحمصي حدّثنا موسى بن أبي موسى المقدمي حدّثنا خالد بن سلمة عن نافع عن إبن عمر قال: ولد النبي (ص) مسروراً مختوناً. لكن محمّد بن سليمان هذا هو الباغندي وقد ضعّفوه. وقال الدارقطني: كان كثير التدليس، يحدّث بما لم يسمع، وربّما سرق الحديث.
ومنها ما رواه الخطيب بإسناده من حديث سفيان بن محمّد المصيصي حدّثنا هشيم عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): «من كرامتي على الله إني ولدت مختوناً ولم يرني أحد» [29] . قال الخطيب: لم يروه فيما يقال غير يونس عن هشيم وتفرّد به سفيان بن محمّد المصيصي وهو منكر الحديث. قال الخطيب: أخبرني الأزهري قال: سئل الدارقطني عن سفيان بن محمّد المصيصي، وأخبرني أبو الطيّب الطبري قال: قال لنا الدارقطني شيخ لأهل المصيصة يقال له سفيان بن محمّد الفزاري كان ضعيفاً سيّئ الحال. وقال صالح بن محمّد الحافظ: سفيان بن محمّد المصيصي لا شيء. وقد رواه أبو القاسم بن عساكر من طريق الحسن بن عرفة حدّثنا هشيم عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله (ص): «من كرامتي على ربّي عز وجل إني ولدت مختوناً لم ير أحد سوءتي». وفي إسناده إلى الحسن بن عرفة عدّة مجاهيل.
قال أبو القاسم بن عساكر: وقد سرقه إبن الجارود وهو كذّاب، فرواه عن الحسن بن عرفة. وممّا إحتج به أرباب هذا القول ما ذكره محمّد بن علي الترمذي في معجزات النبي (ص) فقال: ومنها أن صفيّة بنت عبد المطّلب قالت: أردت أن أعرف أذكر أم أنثى، فرأيته مختوناً. وهذا الحديث لا يثبت، وليس له إسناد يعرف به. وإنّما قال أبو القاسم عمر بن أبي الحسن بن هبة الله بن أبي جرادة في كتاب صنّفه في ختان الرسول (ص)، يرد به على محمّد بن طلحة في تصنيف صنّفه، وقرّر فيه أن رسول الله (ص) ولد مختوناً. وهذا محمّد بن علي الترمذي الحكيم لم يكن من أهل الحديث، ولا علم له بطرقه وصناعته. وإنّما كان فيه الكلام على إشارات الصوفيّة والطرائق ودعوى الكشف على الأمور الغامضة والحقائق، حتّى خرج في الكلام على ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والإزدراء، وطعن عليه أئمّة الفقهاء والصوفيّة، وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضيّة. وقالوا إنه أدخل في علم الشريعة ما فرّق به الجماعة. فاستوجب بذلك القدح والشناعة وملأ كتبه بالأحاديث الموضوعة وحشاها بالأخبار التي ليست بمرويّة ولا مسموعة، وعلّل فيها خفي الأمور الشرعيّة لا يعقل معناها، بعلل ما أضعفها وما أوهاها.
وممّا ذكر في كتاب له وسمه بالإحتياط أن يسجد عقب كل صلاة يصلّيها سجدتي السهو، وإن لم يكن سها فيها. وهذا ممّا لا يجوز فعله بالإجماع، وفاعله منسوب إلى الغلو والإبتداع. وما حكاه عن صفيّة بقولها فرأيته مختوناً يناقض الأحاديث الأخر وهو قوله لم ير سوءتي أحد. فكل حديث في هذا الباب يناقض الآخر. ولا يثبت واحد منهما. ولو ولد مختوناً فليس هذا من خصائصه (ص). فإن كثيراً من الناس يولد غير محتاج إلى الختان.
قال: وذكر أبو الغنائم النسابة الزيدي أن أباه القاضي أبا محمّد الحسن إبن الحسن الزيدي ولد غير محتاج إلى الختان. قال: ولهذا لقّب بالمطهّر. قال: قال فيما قرأته بخطّه: خلق أبو محمّد الحسن مطهّراً لم يختن وتوفّى كما خلق. وقد ذكر الفقهاء في كتبهم أن من ولد كذلك لا يختن. واستحسن بعضهم أن يمر الموسى على موضع الختان من غير قطع والعوام يسمّون هذا الختان: ختان القمر، يشيرون في ذلك إلى أن النمو في خلقة الإنسان يحصل في زيادة القمر، ويحصل النقصان في الخلقة عند نقصانه، كما يوجد ذلك في الجزر والمد، فينسبون النقصان الذي حصل في الغلفة إلى نقصان القمر.
قال: وقد ورد في حديث رواه سيف بن محمّد إبن أخت سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي (ص) قال: إبن صياد ولد مسروراً مختوناً. وسيف مطعون في حديثه. وقيل إن قيصر ملك الروم الذي ورد عليه أمرؤ القيس ولد كذلك ودخل عليه أمرؤ القيس الحمّام فرآه كذلك فقال يهجوه:
إني حلفت يميناً غير كاذبة لأنت الأغلف إلاّ ما جنى القمر
يعيّره أنه لم يختتن وجعل ولادته لذلك نقصاً. وقيل أن هذا البيت أحد الأسباب الباعثة لقيصر على أن سم أمرؤ القيس فمات. وأنشد إبن الأعرابي فيمن ولد بلا غلفة:
فذاك نكس لا يبض حجره مخرق العرض حديد منظره
في ليل كانون شديد خصره عض بالحراف الزبانا قمره
يقول: هو أغلف ليس بمختون إلاّ ما قلص القمر. وشبّه غلفته بالزباني وهي قرنا العقرب. وكانت العرب لا تعتد بصورة الختان من غير ختان، وترى الفضيلة في الختان نفسه وتفخر به.
قال: وقد بعث الله نبيّنا (ص) من صميم العرب وخصّه بصفات الكمال من الخلق والخّلق والنسب. فكيف يجوز أن يكون ما ذكره من كونه مختوناً ممّا يميّز به النبي (ص) ويخصّص. وقيل أن الختان من الكلمات التي إبتلى الله بها خليله عليه الصلاة والسلام فأتمّهن وأكملهن (البقرة 124:2). وأشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل. وقد عد النبي (ص) الختان من الفطرة. ومن المعلوم أن الإبتلاء به مع الصبر عليه ممّا يضاعف ثواب المبتلى به وأجره. والأليق بحال النبي (ص) أن لا يسلب هذه الفضيلة وأن يكرّمه الله بها كما أكرم خليله. فإن خصائصه أعظم من خصائص غيره من النبيين وأعلى. وختن الملك إيّاه كما رويناه أجدر من أن يكون من خصائصه وأولى. وهذا كلّه كلام إبن العديم. ويريد بختن الملك ما رواه من طريق الخطيب عن أبي بكرة: «أن جبريل ختن النبي (ص) حين طهّر قلبه». وهو مع كونه موقوفاً على أبي بكرة لا يصح إسناده. فإن الخطيب قال فيه: أنبأنا أبو القاسم عبد الواحد بن عثمان بن محمّد البجلي أنبأنا جعفر بن محمّد بن نصير حدّثنا محمّد بن عبد الله بن سليمان حدّثنا عبد الرحمن بن عيينة البصري حدّثنا علي بن محمّد المدائني حدّثنا مسلمة بن محارب بن سليم بن زياد عن أبيه عن أبي بكرة. وليس هذا الإسناد ممّا يحتج به.
وحديث شق الملك قلبه (ص) قد روي من وجوه متعدّدة مرفوعاً إلى النبي (ص) وليس في شيء منها أن جبريل ختنه إلاّ في هذا الحديث فهو شاذ غريب. قال إبن العديم: وقد جاء في بعض الروايات أن جدّه عبد المطّلب ختنه في اليوم السابع. قال: وهو على ما فيه أشبه بالصواب وأقرب إلى الواقع. ثم ساق من طريق إبن عبد البر حدّثنا أبو عمر أحمد قراءة مني عليه أن محمّد بن عيسى حدثه، قال: حدّثنا يحيى بن أيّوب بن زياد العلاف حدّثنا محمّد بن أبي السري العسقلاني حدّثنا الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة عن عطاء الخراساني عن عكرمة عن إبن عبّاس: إن عبد المطّلب ختن النبي (ص) يوم سابعه وجعل له مأدبة وسمّاه محمّداً [30] . قال يحيى بن أيّوب: ما وجدنا هذا الحديث عند أحمد إلاّ عند إبن أبي السري وهو محمّد بن المتوكّل بن أبي السري، والله أعلم.
الفصل الرابع عشر: في الحِكمة التي من أجلها يعاد بنو آدم غرلاً
لمّا وعد الله سبحانه - وهو صادق الوعد الذي لا يخلف وعده - أنه يعيد الخلق كما بدأهم أوّل مرّة، كان من صدق وعده أن يعيده على الحالة التي بدأ عليها من تمام أعضائه وكمالها.
قال تعالى: «يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أوّل خلق نعيده وعداً علينا إنا كنّا فاعلين» (الأنبياء 12:401). وقال تعالى: «كما بدأكم تعودون» (الأعراف 29:7). وأيضاً فإن الختان إنّما شرّع في الدنيا لتكميل الطهارة والتنزّه من البول، وأهل الجنّة لا يبولون ولا يتغوّطون فليس هناك نجاسة تصيب الغرلة، فيحتاج إلى التحرّز منها، والغلفة لا تمنع لذّة الجماع ولا تعوقه، هذا إن قدر إستمرارهم على تلك الحالة التي بعثوا عليها. وإلاّ فلا يلزم من كونهم يبعثون كذلك أن يستمرّوا على تلك الحالة التي بعثوا عليها فإنهم يبعثون حفاة عراة بهما. ثم يكسون ويمد خلقهم ويزاد فيه بعد ذلك. يزاد في أهل الجنّة وأهل النار. وإلاّ فوقت قيامهم من القبور يكونون على صورتهم التي كانوا عليها في الدنيا، وعلى صفاتهم وهيئاتهم وأحوالهم فيبعث كل عبد على ما مات عليه. ثم ينشئهم الله سبحانه كما يشاء.
وهل تبقى تلك الغرلة التي كمّلت خلقهم في القبور أو تزول؟ يمكن هذا وهذا، ولا يعلم بخبر يجب المصير إليه. والله سبحانه وتعالى أعلم.
1- {عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: «إختتن إبراهيم خليل الرحمن بعدما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم» متّفق عليه إلاّ أن مسلماً لم يذكر السنين}.
قوله الختان بكسر المعجمة وتخفيف المثنّاة مصدر ختن أي قطع والختن بفتح ثم سكون: قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص. والإختتان والختان إسم لفعل الخاتن ولموضع الختان كما في حديث عائشة «إذا إلتقى الختانان».
قال الماوردي ختان الذكر قطع الجلدة التي تغطّي الحشفة والمستحب أن تستوعب من أصلها عند أوّل الحشفة وأقل ما يجزيء أن لا يبقى منها ما يتغشّى به. وقال إمام الحرمين المستحق في الرجال قطع الغلفة وهي الجلدة التي تغطّي الحشفة حتّى لا يبقي من الجلدة شيء يتدلّى. وقال إبن الصبّاغ حتّى تنكشف جميع الحشفة. وقال إبن كج فيما نقله الرافعي يتأدّى الواجب بقطع شيء ممّا فوق الحشفة وإن قل بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها. قال النووي وهو شاذ والأوّل هو المعتمد.
قال الإمام والمستحق من ختان المرأة ما ينطلق عليه الإسم وقال الماوردي ختانها قطع جلدة تكون في أعلى فرجها فوق مدخل الذكر كالنواة أو كعرف الديك والواجب قطع الجلدة المستعلية منه دون إستئصاله.
قال النووي ويسمّى ختان الرجل إعذاراً بذال معجمة وختان المرأة خفضاً بخاء وضاد معجمتين وقال أبو شامة كلام أهل اللغة يقتضي تسمية الكل إعذاراً والخفض يختص بالنساء. قال أبو عبيد عذرت الجارية والغلام وأعذرتهما ختنتهما واختتنتهما وزناً ومعنى. قال الجواهري والأكثر خفض الجارية.
قال وتزعم العرب أن الولد إذا ولد في القمر إتّسعت غلفته فصار كالمختون وقد إستحب جماعة من العلماء فيمن ولد مختوناً أن يمر بالموسى على موضع الختان من غير قطع. قال أبو شامة وغالب من يكون كذلك لا يكون ختانه تامّاً بل يظهر طرف الحشفة. فإن كان كذلك وجب تكميله.
قوله بالقدوم، بفتح القاف وضم الدال وتخفيفها، آلة النجارة. وقيل إسم الموضع الذي إختتن فيه إبراهيم وهو الذي في القاموس.
قد ذكره (صاحب الفتح) في باب فضل إبراهيم الخليل من رواية أبي هريرة مع ذكر السنين. وأورد المصنّف الحديث في هذا الباب للإستدلال به على أن مدّة الختان لا تختص بوقت معيّن وهو مذهب الجمهور وليس بواجب في حال الصغر. وللشافعيّة وجه أنه يجب على الولي أن يختن الصغير قَبل بلوغه. ويردّه حديث إبن عبّاس الآتي. ولهم أيضاً وجه أنه يحرّم قَبل عشر سنين. ويردّه حديث «أن النبي (ص) ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما». أخرجه الحاكم البيهقي من حديث عائشة وأخرجه البيهقي من حديث جابر. قال النووي بعد أن ذكر هذين الوجهين وإذا قلنا بالصحيح إستحب أن يختتن في اليوم السابع من ولادته. وهل يحسب يوم الولادة من السبع أو يكون سبعة سواء فيه وجهان أظهرهما يحسب إنتهى.
وأختلف في وجوب الختان فروى الإمام يحيى بن العترة والشافعي وكثير من العلماء أنه واجب في حق الرجال والنساء. وعند مالك وأبي حنيفة والمرتضي قال النووي وهو قول أكثر العلماء أنه سُنّة فيهما. وقال الناصر والإمام يحيى أنه واجب في الرجال لا النساء.
إحتج الأوّلون بما سيأتي من حديث عثيم بلفظ «ألق عنك شعر الكفر واختتن»، وهو لا ينتهض للحجّية لما فيه من المقال الذي سنبيّنه هنا لك. وبحديث أبي هريرة أن النبي (ص) قال: «من أسلم فليختتن». وقد ذكره الحافظ في التلخيص ولم يضعفه وتعقّب بقول إبن المنذر وليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع. وبحديث أم عطيّة وكانت خافضة بلفظ: «أشِمِّي ولا تُنهِكي» عند الحاكم والطبراني والبيهقي وأبي نعيم من حديث الضحّاك بن قيس وقد أختلف فيه على عبد الملك إبن عمير فقيل عنه عن الضحّاك. وقيل عنه عن عطيّة القرظي رواه أبو نعيم. وقيل عنه عن أم عطيّة رواه أبو داوود في السُنَن وأعلّه بمحمّد بن حسّان فقال إنه مجهول ضعيف وتبعه إبن عدي في تجهيله والبيهقي وخالفهم عبد الغني بن سعيد فقال هو محمّد بن سعيد المصلوب في الزندقة. ورواه إبن عدي من حديث سالم بن عبد الله إبن عمر. والبزّار من حديث نافع كلاهما عن عبد الله بن عمر مرفوعاً بلفظ: «يا نساء الأنصار إختضبن غمساً واختفضن ولا تُنهِكن وإيّاكن وكفران النعم». قال الحافظ وفي إسناد أبي نعيم مندل بن علي وهو ضعيف وفي إسناد إبن عدي خالد بن عمر والقرشي وهو أضعف من مندل. ورواه الطبراني وابن عدي من حديث أنس نحو حديث أبي داوود قال إبن عدي تفرّد به زائدة وهو منكر. قاله البخاري عن ثابت. وقال الطبراني تفرّد به محمّد بن سلام.
واحتج القائلون بأنه سُنّة بحديث «الختان سُنّة في الرجال مَكرُمَة في النساء». رواه أحمد والبيهقي من حديث الحجّاج بن أرطأة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه والحجّاج مدلّس وقد إضطرب فيه قتادة رواه هكذا وتارة رواه بزيادة شدّاد بن أوس بعد والد أبي المليح. أخرجه إبن أبي حاتم في العلل والطبراني في الكبير. وتارة رواه عن مكحول عن أبي أيّوب. أخرجه أحمد وذكره إبن أبي حاتم في العلل. وحكي عن أبيه أنه أخطأ من حجّاج أو من الراوي عنه وهو عبد الواحد بن زياد. وقال البيهقي هو ضعيف منقطع. وقال إبن عبد البر في التمهيد هذا الحديث يدور على حجّاج بن أرطأة وليس ممّن يحتج به. قال الحافظ وله طريق أخرى من غير رواية حجّاج. فقد رواه الطبراني في الكبير والبيهقي من حديث إبن عبّاس مرفوعاً وضعّفه البيهقي في السُنَن. وقال في المعرفة لا يصح رفعه وهو من رواية الوليد عن أبي ثوبان عن إبن عجلان عن عكرمة عنه ورواته موثوقون إلاّ أن فيه تدليساً. ومع كون الحديث لا يصلح للإحتجاج لا حجّة فيه على المطلوب لأن لفظة السُنّة في لسان الشارع أعم من السُنّة في إصطلاح الأصوليّين.
واحتج المفصّلون لوجوبه على الرجال بحجج القول الأوّل ولعدم وجوبه على النساء بما في الحديث الذي إحتج به أهل القول الثاني من قوله «مَكرُمَة في النساء».
والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب والمتيقّن السُنّة كما في حديث «خمس من الفطرة» ونحوه والواجب الوقوف على المتيقّن إلى أن يقوم ما يوجب الإنتقال عنه.
قال البيهقي أحسن الحجج أن يحتج بحديث أبي هريرة المذكور في الباب أن إبراهيم إختتن وهو إبن ثمانين سنة وقد قال الله تعالى «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16). وصح عن إبن عبّاس أن الكلمات التي أبتلي بهن إبراهيم فأتمّهن هن خصال الفطرة ومنهن الختان. والإبتلاء غالباً إنّما يقع بما يكون واجباً. وتعقّب بأنه لا يلزم ما ذكر إلاّ أن كان إبراهيم فعله على سبيل الوجوب. فإنه من الجائز أن يكون قد فعله على سبيل الندب. فيحصل إمتثال الأمر بإتّباعه على وفق ما فعل وقد تقرّر أن الأفعال لا تدل على الوجوب. وأيضاً فباقي الكلمات العشر ليست واجبة. وقال الماوردي أن إبراهيم لا يفعل ذلك في مثل سنّه إلاّ عن أمر من الله. والحاصل أن الإستدلال بفعل إبراهيم على الوجوب يتوقّف على أنه كان عليه واجباً. فإن ثبت ذلك إستقام الإستدلال.
2- {وعن سعيد بن جبير قال سئل إبن عبّاس «مثل من أنت حين قبض رسول الله (ص) قال أنا يومئذ مختون وكانوا لا يختنون الرجل حتّى يدرك» رواه البخاري}.
قوله «حتّى يدرك»: الإدراك في أصل اللغة بلوغ الشيء وقته وأراد به ههنا البلوغ. والحديث يدل على ما أسلفناه من أن الختان غير مختص بوقت معيّن وقد تقدّم الكلام فيه في الحديث الذي قَبله. ومن فوائد هذا الحديث أن إبن عبّاس كان عند موت النبي (ص) في سن البلوغ. وسيأتي ذكر الإختلاف في عمره عند موت النبي (ص) في باب ما يقطع الصلاة بمروره من أبواب السترة.
3- {وعن إبن جريح قال أخبرت عن عثيم بن كلب عن أبيه عن جدّه «إنه جاء إلى النبي (ص) فقال قد أسلمت قال ألق عنك شعر الكفر يقول أحلق. قال وأخبرني آخر معه أن النبي (ص) قال لآخر ألق عنك شعر الكفر واختتن» رواه أحمد وأبو داوود}.
وأخرجه أيضاً الطبراني وابن عدي والبيهقي. قال الحافظ وفيه إنقطاع وعثيم وأبوه مجهولان. قاله إبن القطّان وقال عبدان هو عثيم بن كثير بن كلب والصحابي هو كليب وإنّما نسب عثيم في الإسناد إلى جدّه. وقد وقع مبيّناً في رواية الواقدي أخرجه إبن منده في المعرفة وقال إبن عدي الذي أخبر عن إبن جريج به هو إبراهيم بن أبي يحيى وعثيم بضم العين المهملة ثم ثاء مثلّثة بلفظ التصغير. والحديث إستدل به من قال بوجوب الختان لما فيه من لفظ الأمر به. وقد تقدّم الكلام عليه.
فائدة: أختلف في ختان الخنثى فقيل يجب ختانه في فرجيه قَبل البلوغ. وقيل لا يجوز حتّى يتبيّن. وهو الأظهر قاله النووي. وأمّا من له ذكران فإن كانا عاملين وجب ختانهما. وإن كان أحدهما عاملاً دون الآخر ختن. وإذا مات إنسان قَبل أن يختتن فلأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه الصحيح المشهور لا يختن كبيراً كان أو صغيراً، والثاني يختن، والثالث يختن الكبير دون الصغير.
حُكم الختان
المبدأ: أكثر أهل العلم على أن ختان الأنثى ليس واجباً وتركه لا يوجب الإثم وأن ختان الذكر واجب وهو شعار المسلمين وملّة إبراهيم عليه السلام
سئل:
ورد إلينا إستفتاء من عبد الفتّاح أفندي السيّد عن خفاض البنت وهو المسمّى بالختان هل هو واجب شرعاً أو غير واجب
أجاب:
إن الفقهاء إختلفوا في حُكم الختان لكل من الذكر والأنثى هل هو واجب أو سُنّة وليس بواجب. فمذهب الشافعيّة كما في المجموع للإمام النووي على أنه واجب في حق الذكر والأنثى وهو عندهم المذهب الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور. وذهب الحنابلة كما في المغني لابن قدامة إلى أنه واجب في حق الذكور وليس بواجب بل هو سُنّة ومَكرُمَة في حق الأنثى وهو قول كثير من أهل العلم. ومذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنه سُنّة وليس بواجب في حقّها وهو من شعار الإسلام. فنخلص من ذلك أن أكثر أهل العلم على أن خفاض الأنثى ليس واجباً وهو قول الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة ومروي أيضاً عن بعض أصحاب الشافعي فلا يوجب تركه الإثم - وأن ختان الذكر واجب وهو شعار المسلمين ومن مِلّة إبراهيم عليه السلام وهو مذهب الشافعيّة والحنابلة.
ومن هذا يعلم أن لا إثم في ترك خفض البنات (ختانهن) كما درج عليه كثير من الأمم بالنسبة لهن. والله تعالى أعلم.
ختان البنات
المبادئ
1) ختان البنات من شعار الإسلام وردت به السُنّة النبويّة.
2) إتّفقت كلمة فقهاء المسلمين وأئمّتهم على مشروعيّته، لما فيه من تلطيف الميل الجنسي في المرأة، والإتّجاه به إلى الإعتدال المحمود.
3) النظريّات الطبّية في الأمراض وطرق علاجها ليست مستقرّة ولا ثابتة، فلا يصح الإستناد إليها في إستنكار الختان الذي رأى فيه الشارع الحكيم حِكمته.
4) ما أثير حول مضار ختان البنات آراء فرديّة لا تستند إلى أساس علمي متّفق عليه، ولم تصبح نظريّة علميّة مقرّرة.
سئل:
من مجلّة لواء الإسلام عن بيان حُكم الشريعة فيما نشرته مجلّة الدكتور في عددها الأخير بتاريخ مايو سنة 1591 ملحق، في موضوع ختان البنات لطائفة من الأطبّاء.
أجاب:
بأنه سبق أن أصدرت فتوى مسجّلة بالدار بأن ختان الأنثى من شعار الإسلام وردت به السُنّة النبويّة، واتّفقت كلمة فقهاء المسلمين وأئمّتهم على مشروعيّته مع إختلافهم في كونه واجباً أو سُنّة. فإننا نختار في الفتوى القول بسُنّيته لترجيح سنده ووضوح وجهته. والحِكمة في مشروعيّته ما فيه من تلطيف الميل الجنسي في المرأة والإتّجاه به إلى الإعتدال المحمود إنتهى.
ولمزيد البيان وتحقيقاً للغرض الكريم الذي ترمي إليه مجلّة لواء الإسلام نضيف إلى الفتوى ما يأتي: ورد عن رسول الله (ص) أحاديث كثيرة تدل في مجموعها على مشروعيّة ختان الأنثى. منها قوله عليه السلام خمس من الفطرة وعد منها الختان. وهو عام للذكر والأنثى. ومنها قوله عليه السلام: من أسلم فليختتن. وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنه عليه السلام قال: يا نساء الأنصار إختفضن (أي إختتن) ولا تُنهِكن (أي لا تبالغن) وحديث الختان سُنّة في الرجال ومَكرُمَة في النساء. ومن هذا يتبيّن مشروعيّة ختان الأنثى. وإنه من محاسن الفطرة وله أثر محمود في السير بها إلى الإعتدال.
أمّا آراء الأطبّاء ممّا نشر في مجلّة الدكتور وغيرها عن مضار ختان الأنثى فإنها فرديّة ولا تستند إلى أساس علمي متّفق عليه، ولم تصبح نظريّة مقرّرة. وهم معترفون بأنه للآن لم يحصل إختبار للنساء المختتنات، وأن نسبة الإصابة بالسرطان في المختتنين من الرجال أقل منها في غير المختتنين. وبعض هؤلاء الأطبّاء يرمي بصراحة إلى أن يعهد بعمليّة ختان الأنثى إلى الأطبّاء دون الخاتنات الجاهلات، حتّى تكون العمليّة سليمة مأمونة العواقب الصحّية. على أن النظريّات الطبّية في الأمراض وطرق علاجها ليست مستقرّة ولا ثابتة، بل تتغيّر مع الزمن واستمرار البحث. فلا يصح الإستناد إليها في إستنكار الختان الذي رأى فيه الشارع الحكيم الخبير العليم حِكمته وتقويماً للفطرة الإنسانيّة، وقد علّمتنا التجارب أن الحوادث على طول الزمن تظهر لنا ما قد يخفى علينا من حِكمة الشارع فيما شرّعه لنا من أحكام، وهدانا إليه من سُنَن، والله يوفّقنا جميعاً إلى سبل الرشاد.
ختان البنات
المبادئ
1) إتّفق الفقهاء على أن الختان في حق الرجال والخفاض في حق الإناث مشروع ثم إختلفوا في كونه سُنّة أو واجباً.
2) الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الإلتزام بها.
سئل:
بالطلب المقيّد برقم 296 سنة 1980 المقدّم من السيّد/... قال فيه: إن له بنتين صغيرتين إحداهما ست سنوات والأخرى سنتان وأنه قد سأل بعض الأطبّاء المسلمين عن ختان البنات، فأجمعوا على أنه ضار بهن نفسيّاً وبدنيّاً. فهل أمر الإسلام بختانهن أو أن هذا عادة متوارثة عن الأقدمين فقط؟
أجاب:
قال الله تعالى: «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين» (النحل 123:16). وفي الحديث الشريف [35] : «إختتن إبراهيم وهو إبن ثمانين سنة». وروى أبو هريرة [36] رضي الله عنه قال رسول الله (ص): «الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والإستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر».
وقد تحدّث الإمام النووي الشافعي [37] في تفسير الفطرة بأن أصلها الخلقة. قال الله تعالى: «فطرة الله التي فطر الناس عليها» (الروم 30:30). واختلف في تفسيرها في الحديث: قال الشيرازي والماوردي وغيرهما: هي الدين. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: فسّرها أكثر العلماء في الحديث بالسُنّة. ثم عقّب النووي بعد سرد هذه الأقوال وغيرها بقوله: قلت: نفسّر الفطرة هنا بالسُنّة هو الصواب. ففي صحيح البخاري عن إبن عمر عن النبي (ص) قال: «من السُنّة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر». وأصح ما فسّر به غريب الحديث تفسيره بما جاء في رواية أخرى، لا سيما في صحيح البخاري.
وقد إختلف أئمّة المذاهب وفقهاؤها في حُكم الختان:
قال إبن قيّم [38] في كتابه «تحفة المودود» إختلف الفقهاء في ذلك.
فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد: هو واجب. وشدّد فيه مالك حتّى قال: من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تُقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك، أنه سُنّة، حتّى قال القاضي عيّاض: الختان عند مالك وعامّة العلماء سُنّة، ولكن السُنّة عندهم يأثم تاركها. فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب. وقال الحسن البصري وأبو حنيفة: لا يجب بل هو سُنّة. وفي فقه الإمام أبي حنيفة [39] : إن الختان للرجال سُنّة. وهو من الفطرة، وللنساء مَكرُمَة. فلو إجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان قاتلهم الإمام، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه. والمشهور في فقه الإمام مالك في حُكم الختان للرجال والنساء كحُكمه في فقه الإمام أبي حنيفة. وفقه الإمام الشافعي [40] : إن الختان واجب على الرجال والنساء. وفقه الإمام أحمد بن حنبل [41] : إن الختان واجب على الرجال ومَكرُمَة في حق النساء وليس بواجب عليهن. وفي رواية أخرى عنه أنه واجب على الرجال والنساء. كمذهب الإمام الشافعي.
وخلاصة هذه [42] الأقوال: إن الفقهاء إتّفقوا على أن الختان في حق الرجال والخفاض في حق الإناث مشروع.
ثم إختلفوا في وجوبه، فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك: هو مسنون في حقّهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه، وقال الإمام الشافعي: هو فرض على الذكور والإناث. وقال الإمام أحمد: هو واجب في حق الرجال. وفي النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب.
والختان في شأن الرجال: هو قطع الجلدة التي تغطّي الحشفة. بحيث تنكشف الحشفة كلّها. وفي شأن النساء: قطع الجلدة التي فوق مخرج البول دون مبالغة في قطعها ودون إستئصالها، وسمّي هذا بالنسبة لهن «خفاضاً».
وقد إستدل الفقهاء على خفاض النساء بحديث أم عطيّة رضى الله عنها قالت: إن إمرأة كانت تختن بالمدينة. فقال لها النبي (ص) (لا تُنهِكي، فإن ذلك أحظى للزوج. وأسرى للوجه).
وجاء ذلك مفصّلاً في رواية أخرى تقول: إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجواري، فلمّا رآها رسول الله (ص) قال لها: يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك، هو في يدك اليوم؟ فقالت نعم يا رسول الله. إلاّ أن يكون حراماً فتنهاني عنه. فقال رسول الله (ص): بل هو حلال. فادن منّي حتّى أعلّمك. فدنت منه. فقال: يا أم حبيبة، إذا أنت فعلت فلا تُنهِكي، فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج ومعنى «لا تُنهِكي» لا تبالغي في القطع والخفض، ويؤكّد هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول (ص) قال «يا نساء الأنصار إختفضن (أي إختتن) - ولا تُنهِكن» (أي لا تبالغن في الخفض) وهذا الحديث جاء مرفوعاً برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما [43] .
وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول (ص) إلى ختان النساء ونهيه عن الإستئصال. وقد علّل هذا في إيجاز وإعجاز، حيث أوتي جوامع الكلم فقال «فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج».
وهذا التوجيه النبوي إنّما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مخرج البول، لضبط الإشتهاء، والإبقاء على لذّات النساء، واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله. وبذلك يكون الإعتدال، فلم يعدم المرأة مصدر الإستمتاع والإستجابة، ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الإستهتار، وعدم القدرة على التحَكّم في نفسها عند الإثارة.
لمّا كان ذلك: كان المستفاد من النصوص الشرعيّة، ومن أقوال الفقهاء على النحو المبيّن والثابت في كتب السُنّة والفقه أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الإلتزام بها. على ما يشير إليه تعليم رسول الله كيفيّة الختان، وتعبيره في بعض الروايات بالخفض، ممّا يدل على القدر المطلوب في ختانهن.
قال الإمام البيضاوي: إن حديث «خمس من الفطرة» عام في ختان الذكر والأنثى. وقال الشوكاني [44] : إن تفسير الفطرة بالسُنّة لا يراد به السُنّة الإصطلاحيّة المقابلة للفرض والواجب والمندوب، وإنّما يراد بها الطريقة، أي طريقة الإسلام، لأن لفظ السُنّة في لسان الشارع أعم من السُنّة في إصطلاح الأصوليّين.
ومن هنا: إتّفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره، وأنه أمر محمود، ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا القول بمنع الختان للرجال أو للنساء، أو عدم جوازه أو إضراره بالأنثى، إذا هو تم على الوجه الذي علّمه الرسول (ص) لأم حبيبة في الرواية المنقولة آنفاً.
أمّا الإختلاف في وصف حُكمه، بين واجب وسُنّة ومَكرُمَة، فيكاد يكون إختلافاً لفظيّاً في الإصطلاح الذي يندرج تحته الحُكم.
يشير إلى هذا: ما نقل في فقه الإمام أبي حنيفة [45] من أنه لو إجتمع أهل مصر على ترك الختان، قاتلهم الإمام (ولي الأمر) لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه.
كما يشير إليه أيضاً أن مصدر تشريع الختان هو إتّباع مِلّة إبراهيم، وقد إختتن، وكان الختان من شريعته. ثم عدّه الرسول (ص) من خصائل الفطرة، وأميل إلى تفسيرها بما فسّرها به الشوكاني - حسبما سبق - بأنها السُنّة التي هي طريقة الإسلام ومن شعائره وخصائصه، كما جاء في فقه الحنفيين.
وإذ قد إستبان ممّا تقدّم أن ختان البنات المسؤول عنه من فطرة الإسلام وطريقته على الوجه الذي بيّنه رسول الله (ص) فإنه لا يصح أن يترك توجيهه وتعليمه إلى قول غيره ولو كان طبيباً، لأن الطب علم والعلم متطوّر، تتحرّك نظرته ونظريّاته دائماً، ولذلك نجد أن قول الأطبّاء في هذا الأمر مختلف. فمنهم من يرى ترك ختان النساء، وآخرون يرون ختانهن، لأن هذا يهذّب كثيراً من إثارة الجنس لا سيما في سن المراهقة التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة، ولعّل تعبير بعض روايات الحديث الشريف في ختان النساء بأنه مَكرُمَة يهدينا إلى أن فيه الصون، وأنه طريق للعفّة، فوق أنه يقطع تلك الإفرازات الدهنيّة التي تؤدّي إلى إلتهابات مجرى البول وموضع التناسل، والتعرّض بذلك للأمراض الخبيثة.
هذا ما قاله الأطبّاء المؤيّدون لختان النساء. وأضافوا أن الفتاة التي تعرض عن الختان تنشأ من صغرها وفي مراهقتها حادّة المزاج سيّئة الطبع، وهذا أمر قد يصوّره لنا ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل وتزاحم، بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة والزحام التي لا تخفى على أحد، فلو لم تقم الفتاة بالإختتان لتعرّضت لمثيرات عديدة تؤدّي بها - مع موجبات أخرى، تزخر بها حياة العصر، وانكماش الضوابط فيه، إلى الإنحراف والفساد.
وإذا كان ذلك: فما وقت الختان شرعاً؟
إختلف الفقهاء في وقت الختان: فقيل حتّى يبلغ الطفل، وقيل إذا بلغ تسع سنين. وقيل عشراً، وقيل متى كان يطيق ألم الختان وإلاّ فلا [46] .
والظاهر من هذا: إنه لم يرد نص صريح صحيح من السُنّة بتحديد وقت للختان. وإنه متروك لولي أمر الطفل بعد الولادة - صبيّاً أو صبيّة - فقد ورد أن النبي (ص) ختن الحسن والحسين رضي الله عنهما يوم السابع من ولادتيهما. فيفوّض أمر تحديد الوقت للولي، بمراعاة طاقة المختون ومصلحته.
لمّا كان ذلك، ففي واقعة السؤال: قد بأن أن ختان البنات من سُنَن الإسلام وطريقته لا ينبغي إهمالها بقول أحد. بل يجب الحرص على ختانهن بالطريقة والوصف الذي علّمه رسول الله (ص) لأم حبيبة. ولعلنا في هذا نسترشد بما قالت حين حوارها مع الرسول: هل هو حرام فتنهاني عنه؟ فكان جوابه عليه الصلاة والسلام وهو الصادق الأمين: «بل هو حلال».
كل ما هنالك ينبغي البعد عن الخاتنات اللاتي لا يحسن هذا العمل. ويجب أن يجرى الختان على هذا الوجه المشروع. ولا يترك ما دعا إليه الإسلام بقول فرد أو أفراد من الأطبّاء لم يصل قولهم إلى مرتبة الحقيقة العلميّة أو الواقع التجريبي، بل خالفهم نفر كبير من الأطبّاء أيضاً وقطعوا بأن ما أمر به الإسلام له دواعيه الصحيحة الجمّة نفسيّاً وجسديّاً.
هذا: وقد وكّل الله سبحانه أمر الصغار إلى آبائهم وأولياء أمورهم وشرّع لهم الدين وبيّنه لسان رسول الله (ص). فمن أعرض عنه كان مضيّعاً الأمانة التي وكّلت إليه على نحو ما جاء في الحديث الشريف فيما روى البخاري ومسلم [47] عن إبن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله (ص) قال «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيّتها. والخادم راع في مال سيّده وهو مسؤول عن رعيّته. والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيّته. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيّته».
والله سبحانه وتعالى أعلم.
االختان
(مقدّمة الدكتور علي أحمد الخطيب)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد رحمة العالمين وعلى آله وصحبه وتابعيه - بإحسان - إلى يوم الدين.
وبعد:
فنحمد الله - تعالى- الذي يسّر للأزهر الشريف أن يقف المسلمين - أوّلاً بأوّل - على ما يحتاجون أحكامه وبيانه من هذا الدين الحنيف فنأى الشبهات، ووفّر لهم وضوحاً لآياته البيّنات.
وفي الحق أنه - يسيء إلى هذا الإسلام - من الناس فريقان: مسلم أو مسلمة كلاهما يمارس بعض شعائر هذا الدين على حال ليست من الإسلام في شيء، فلا هو أدّى الشعيرة على خير وجوهها، ولا هو صان الشريعة بالرجوع إلى المختصّين، ليقع عمله على أحسن ما يريد هذا الدين.
وعدو كاشح يتلمّس هذه الأخطاء فتدفعه بغضاؤه إلى الحمل على الدين، والكيد له، وإطلاق ألسنته على شعائره. من أولئك الذين قال الله - تعالى - فيهم: «ولا يزالون يقاتلونكم حتّى يردّونكم عن دينكم إن إستطاعوا» ( البقرة 217:2).
وكم للقتال من أساليب وهذا أحدها! يرمون من ورائه اليوم إلى إبطال شعيرة ختان البنات، والله من ورائهم محيط.
أمام هذا الكيد يسّر الله - تعالى - للقائمين على تحرير هذه المجلّة تذكّر فتوى لفضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي في «الختان» فأتينا بها - خالصة لوجه الله - لتكون هديّة هذا العدد الذي يصدر ووجوه قوم معفّرة من نفخ الرماد رغبة في الغيم على الإسلام!؟
«يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون» (الصف 8:61-9).
ولسوف تقرأ - أخي المسلم - في هذه الفتوى:
تعريفاً للختان وخير وقته، متى يكون، ومتى يَحْرُم؟ وبياناً لكيفيته وحُكم الجور فيه الخ. وسوف تستطيع أن تلم - بهذا كلّه - فتكون على علم بما يدفع عنك الشبهة، ويهبك القدرة على الذود عن دينك إزاء الجاحدين.
وفّقنا الله وإياك إنه سميع مجيب.
القاهرة - السبت، 25 من ربيع الآخر 1415 هـ 10 من أكتوبر 1994 م
د. علي أحمد الخطيب.
(نص الفتوى)
التعريف:
الختان والختانة لغة: الإسم من الختن، وهو قطع الغلفة من الذكر والنواة من الأنثى، كما يطلق الختان على موضع القطع. يقال: ختن الغلام والجارية يختنها ويختنهما ختناً. ويقال: غلام مختون، وجارية مختونة، وغلام وجارية ختين. كما يطلق عليه: الخفض والإعذار، وخص بعضهم الختن بالذكر، والخفض بالأنثى، والإعذار مشترك بينهما [49] . والعذرة: الختان، وهي كذلك الجلدة يقطعها الخاتن - وعذر الغلام والجارية يعذرهما عذراً واعذرهما ختنهما. والعذار والإعذار والعذيرة طعام الختان [50] .
في مصطلح الفقهاء:
ولا يخرج إستعمال الفقهاء عن معناه اللغوي.
قال الله تعالى: «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين» (سورة النحل 123:16). وفي الحديث الشريف [51] : «إختتن إبراهيم وهو إبن ثمانين سنة». وروى أبو هريرة [52] رضي الله عنه قال رسول الله (ص) «الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والإستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر». وقد تحدّث الإمام النووي الشافعي [53] في تفسير الفطرة بأن أصلها الخلقة. قال الله تعالى: «فطرة الله التي فطر الناس عليها» (الروم 30:30). وأختلف في تفسيرها في الحديث: قال الشيرازي والماوردي وغيرهما: الدين. وقال الإمام أبو سليمان الخطابي: فسّرها أكثر العلماء في الحديث بالسُنّة. ثم عقّب النووي بعد سرد هذه الأقوال وغيرها بقوله: قلت: تفسير الفطرة هنا بالسُنّة هو الصواب. ففي صحيح البخاري عن إبن عمر عن النبي (ص) قال: «من السُنّة قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر». وأصح ما فسّر به غريب الحديث تفسيره بما جاء في رواية أخرى، لا سيما في صحيح البخاري.
حُكمه واختلاف الأئمّة فيه:
وقد إختلف أئمّة المذاهب وفقهاؤها في حُكم الختان:
قال إبن قيّم [54] :إختلف الفقهاء في ذلك: فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد: هو واجب وشدّد فيه مالك حتّى قال: من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تُقبل شهادته. ونقل كثير من الفقهاء عن مالك، أنه سُنّة، حتّى قال القاضي عيّاض: الختان عند مالك وعامّة العلماء سُنّة، ولكن السُنّة عندهم يأثم تاركها. فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب. وقال الحسن البصري وأبو حنيفة: لا يجب بل هو سُنّة. وفي فقه الإمام أبي حنيفة [55] : إن الختان للرجال سُنّة. وهو من الفطرة، وللنساء مَكرُمَة. فلو إجتمع أهل مصر (بلد) على ترك الختان قاتلهم الإمام، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه. والمشهور في فقه الإمام مالك في حُكم الختان للرجال والنساء كحُكمه في فقه الإمام أبي حنيفة. وفقه الإمام الشافعي [56] : إن الختان واجب على الرجال والنساء. وفقه الإمام أحمد بن حنبل [57] : إن الختان واجب على الرجال ومَكرُمَة في حق النساء وليس بواجب عليهن، وفي رواية أخرى عنه أنه واجب على الرجال والنساء كمذهب الإمام الشافعي.
وخلاصة هذه الأقوال [58] : إن الفقهاء إتّفقوا على أن الختان في حق الرجال، والخفاض في حق الإناث مشروع.
ثم إختلفوا في وجوبه، فقال الإمام أبو حنيفة ومالك: هو مسنون في حقّهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه. وقال الإمام الشافعي: هو فرض على الذكور والإناث. وقال الإمام أحمد: هو واجب في حق الرجال. وفي النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب.
والختان في شأن الرجال: هو قطع الجلدة التي تغطّي الحشفة، بحيث تنكشف الحشفة كلّها. وفي شأن النساء: قطع الجلدة التي فوق مخرج البول دون مبالغة في قطعها ودون إستئصالها، وسمّي هذا بالنسبة لهن (خفاضاً).
الدليل على خفاض النساء:
وقد إستدل الفقهاء على خفاض النساء بحديث أم عطيّة رضى الله عنها قالت: إن إمرأة كانت تختن بالمدينة. فقال لها النبي (ص): «لا تُنهِكي، فإن ذلك أحظى للزوج. وأسرى للوجه». وجاء ذلك مفصّلاً في رواية أخرى تقول: «إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة، وقد عرفت بختان الجواري، فلمّا رآها رسول الله (ص) قال لها: يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ فقالت نعم يا رسول الله. إلاّ أن يكون حراماً فتنهاني عنه. فقال رسول الله (ص): بل هو حلال، فأدن منّي حتّى أعلّمك. فدنت منه. فقال: يا أم حبيبة، إذا أنت فعلت فلا تُنهِكي، فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج» [59] .
ومعنى (لا تُنهِكي) لا تبالغي في القطع والخفض، ويؤكّد هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول (ص) قال: «يا نساء الأنصار إختفضن (أي إختتن) ولا تُنهِكن (أي لا تبالغن في الخفض)». وهذا الحديث جاء مرفوعاً [60] برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما.
وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول (ص) إلى ختان النساء ونهيه عن الإستئصال. وقد علّل هذا في إيجاز وإعجاز، حيث أوتي جوامع الكلم فقال: «فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج».
وهذا التوجيه النبوي إنّما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مخرج البول، لضبط الإشتهاء، مع الإبقاء على لذّات النساء، واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله. وبذلك يتحقّق الإعتدال، فلم يعدم المرأة مصدر الإستمتاع والإستجابة، ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الإستهتار، وعدم القدرة على التحَكّم في نفسها عند الإثارة.
لمّا كان ذلك: كان المستفاد من النصوص الشرعيّة، ومن أقوال الفقهاء على النحو المبيّن والثابت في كتب السُنّة والفقه أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الإلتزام بها. على ما يشير إليه تعليم رسول الله (ص) كيفيّة الختان، وتعبيره في بعض الروايات بالخفض، ممّا يدل على القدر المطلوب في ختانهن.
ومقتضى ما قاله الإمام البيضاوي عن حديث «خمس من الفطرة» [61] إنه عام في ختان الذكر والأنثى؛ حيث قال: إن معنى الفطرة في هذا الحديث تتمثّل في مجموع ما ورد من أن الفطرة: هي السُنّة القديمة التي إختارها الأنبياء، واتّفقت عليها الشرائع، فكأنها أمر جبلي ينطوون عليه. وقال الشوكاني [62] : إن تفسير الفطرة بالسُنّة لا يراد به السُنّة الإصطلاحيّة المقابلة للفرض والواجب والمندوب، وإنّما يراد بها الطريقة، أي طريقة الإسلام، لأن لفظ السُنّة في لسان الشارع أعم من السُنّة في إصطلاح الأصوليّين.
الختان من شعائر الإسلام
ومن هنا: إتّفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره، وأنه أمر محمود، ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا - قول بمنع الختان للرجال أو النساء، أو عدم جوازه أو إضراره بالأنثى، إذا هو تم على الوجه الذي علّمه الرسول (ص) لأم حبيبة في الرواية المنقولة آنفاً.
أمّا الإختلاف في وصف حُكمه، بين واجب وسُنّة ومَكرُمَة، فيكاد يكون إختلافاً في الإصطلاح الذي يندرج تحته الحُكم.
يشير إلى هذا: ما نقل في فقه الإمام أبي حنيفة [63] من أنه لو إجتمع أهل مصر على ترك الختان، قاتلهم الإمام (ولي الأمر) لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه.
كما يشير إليه أيضاً أن مصدر تشريع الختان هو إتّباع مِلّة إبراهيم، وقد إختتن، وكان الختان من شريعته، ثم عدّه الرسول (ص) من خصائل الفطرة، وأميل إلى تفسيرها بما فسّرها الشوكاني وغيره - حسبما سبق - بأنها السُنّة التي هي طريقة الإسلام ومن شعائره وخصائصه، كما جاء في فقه الحنفيين وليس المراد السُنّة الإصطلاحيّة - كما تقدّم آنفاً.
ويؤيّد هذا ما ذهب إليه الفقه الشافعي والحنبلي، ومقتضى قول سحنون من المالكيّة من أن الختان واجب على الرجال والنساء [64] . وهو مقتضى قول الفقه الحنفي [65] إنه لو إجتمع أهل بلدة على ترك الختان حاربهم الإمام، كما لو تركوا الأذان، وهذا ما أميل إلى الفتوى به.
وإذ قد إستبان ممّا تقدّم أن ختان البنات موضوع هذا البحث من فطرة الإسلام وطريقته على الوجه الذي بيّنه رسول الله (ص) فإنه لا يصح أن يترك توجيهه وتعليمه إلى قول غيره ولو كان طبيباً، لأن الطب علم والعلم متطوّر، تتحرّك نظرته ونظريّاته دائماً.
رأي الأطبّاء:
وآية هذا أن قول الأطبّاء في هذا الأمر مختلف. فمنهم من يرى ترك ختان النساء، وآخرون يرون ختانهن، لأن هذا يهذّب كثيراً من إثارة الجنس لا سيما في سن المراهقة التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة، ولعّل تعبير بعض روايات الحديث الشريف في ختان النساء بأنه مَكرُمَة يهدينا إلى أن فيه الصون، وأنه طريق للعفّة فوق أنه يقطع تلك الإفرازات الدهنيّة التي تؤدّي إلى إلتهابات مجرى البول وموضع التناسل، والتعرّض بذلك للأمراض الخبيثة.
هذا خلاصة ما قاله الأطبّاء المؤيّدون لختان النساء. وأضافوا أن الفتاة التي تعرض عن الختان تنشأ من صغرها وفي مراهقتها حادّة المزاج سيّئة الطبع، وهذا أمر قد يصوّره لنا ويحذّر من آثاره ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل وتزاحم، بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة والزحام التي لا تخفى على أحد، فلو لم تختتن الفتيات على الوجه الذي شرحه حديث رسول الله (ص) لأم حبيبة لتعرّضن لمثيرات عديدة تؤدّي بهن - مع موجبات أخرى تزخر بها حياة العصر وانكماش الضوابط فيه إلى الإنحراف والفساد.
مقدار ما يقطع في الختان:
يكون ختان الذكور بقطع الجلدة التي تغطّي الحشفة، وتسمّى الغلفة، والغرلة، بحيث تنكشف الحشفة كلّها. وفي قول عند الحنابلة: إنه إذا أقتصر على أخذ أكثرها جاز. وفي قول إبن كج من الشافعيّة: إنه يكفي قطع شيء من الغلفة، وإن قل بشرط أن يستوعب القطع تدوير رأسها.
ويكون ختان الأنثى بقطع ما يطلق عليه الإسم من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول، والسُنّة فيه أن لا تقطع كلّها بل جزء منها [66] . وذلك لحديث أم عطيّة - رضي الله عنها - سالف الذكر من أن إمرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي (ص): «لا تُنهِكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل» [67] .
وقت الختان:
ذهب الشافعيّة والحنابلة إلى أن الوقت الذي يصير فيه الختان واجباً هو ما بعد البلوغ؛ لأن الختان من أجل الطهارة، وهي لا تجب عليه قَبله، ويستحب ختانه في الصغر إلى سن التمييز لأنه أرفق به، ولأنه أسرع برءاً فينشأ على أكمل الأحوال.
وللشافعيّة في تعيين وقت الإستحباب وجهان. والصحيح المفتى به أنه يوم السابع، ويحتسب يوم الولادة معه لحديث جابر: «عق رسول الله عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيّام» [68] .
وفي مقابله، وهو ما عليه الأكثرون أنه اليوم السابع بعد يوم الولادة، وفي قول الحنابلة والمالكيّة: إن المستحب ما بين العام السابع إلى العاشر من عمره؛ لأنها السن التي يؤمر فيها بالصلاة.
وفي رواية عن مالك أنه وقت الإثغار إذا سقطت أسنانه، والأشبه عند الحنفيّة أن العبرة بطاقة الصبي؛ إذ لا تقدير فيه فيترك تقديره إلى الرأي. وفي قول: إنه إذا بلغ العاشرة لزيادة الأمر بالصلاة إذا بلغها. وكره الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة الختان يوم السابع، لأن فيه تشبّها باليهود [69] .
ولمّا كان الظاهر ممّا تقدّم أنه لم يرد نص صريح من السُنّة بتحديد وقت للختان، فيترك لولي أمر الطفل بعد الولادة - صبيّاً أو صبيّة؛ إذ إن ما ورد من أن النبي (ص) ختن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - يوم السابع غير مسلّم بثبوته من البيهقي ومن الذهبي كما تقدّم. ومن ثم أميل إلى الفتوى بتفويض أمر تحديد وقت وسن الختان للولي بمشورة الطبيب للتثبّت من طاقة المختون - ذكراً أو أنثى - ومن مصلحته، ويكون هذا قَبل البلوغ الطبيعي لكل منهما.
ختان من لا يقوى على الختان:
من كان ضعيف الخلقة بحيث لو ختن خيف عليه، لم يجز أن يختن حتّى عند القائلين بوجوبه بل ويؤجّل حتّى يصير بحيث يغلب على الظن سلامته؛ لأنه لا تعبّد فيما يفضي إلى التلف، ولأن بعض الواجبات يسقط بخوف الهلاك.
وللحنابلة تفصيل في هذا ملخّصه: إن وجوب الختان يسقط عمّن خاف تلفاً، ولا يحرّم مع خوف التلف لأنه غير متيقّن. أمّا من يعلم أنه يتلف به، وجزم بذلك فإنه يحرّم عليه الختان [70] في قول عامّة الفقهاء لقوله تعالى: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» (البقرة 195:2).
قولهم فيمن مات غير مختون:
إتّفقت كلمة الفقهاء على أنه: لا يختن الميّت الأغلف الذي مات غير مختون لأن الختان كان تكليفاً وقد زال بالموت، ولأن المقصود من الختان التطهير من النجاسة وقد زالت الحاجة بموته. ولأنه جزء من الميّت فلا يقطع، كيده المستحقّة في قطع السرقة، أو القصاص وهي لا تقطع من الميّت. وخالف الختان قص الشعر والظفر لأن هذين يزالان في الحياة للزينة، والميّت يشارك الحي في ذلك. أمّا الختان فإنه يفعل للتكليف به، وقد زال بالموت. وفي قول ثان للشافعيّة: إنه يختن الكبير والصغير لأنه كالشعر والظفر وهي تزال من الميّت. والقول الثالث عندهم: إنه يختن الكبير دون الصغير لأنه وجب على البالغ دون الصغير [71] .
متى يضمن الخاتن؟
إتّفق الفقهاء على تضمين الخاتن إذا مات المختون بسبب سراية جرح الختان، أو إذا جاوز القطع الحشفة أو بعضها، أو قطع في غير محل القطع. وحُكمه في الضمان حُكم الطبيب، أي أنه يضمن من التفريط أو التعدّي، وكذلك إذا لم يكن من أهل المعرفة بالختان [72] . وللفقهاء تفصيل في هذه المسألة:
فذهب الحنفيّة إلى أن الخاتن إذا ختن صبيّاً، فقطع حشفته ومات الصبي فعلى عاقلة الخاتن نصف ديته. وإن لم يمت فعلى عاقلته الديّة كلّها؛ وذلك لأن الموت حصل بفعلين: أحدهما مأذون فيه وهو قطع الغلفة، والأخر غير مأذون فيه وهو قطع الحشفة، فيجب نصف الضمان. أمّا إذا بريء فيجعل قطع الجلدة وهو المأذون فيه كأن لم يكن، وقطع الحشفة غير مأذون فيه فيجب ضمان الحشفة كاملاً وهو الديّة، لأن الحشفة عضو مقصود لا ثاني له في النفس، فيقدّر بدله ببدل النفس كما في قطع اللسان [73] .
وذهب المالكيّة إلى أنه لا ضمان على الخاتن إذا كان عارفاً متقناً لمهنته، ولم يخطئ في فعله، كالطبيب؛ لأن الختان فيه تغرير فكأن المختون عرّض الخاتن لما أصابه. فإن كان من أهل المعرفة بالختان وأخطأ في فعله فالديّة على عاقلته. فإن لم يكن من أهل المعرفة عوقب. وفي كون الديّة على عاقلته، أو في ماله قولان: فلابن القاسم أنها على العاقلة، وعن مالك وهو الراجح أنها في ماله لأن فعله عمد والعاقلة لا تحمّل عمداً [74] .
وذهب الشافعيّة إلى أن الخاتن إذا تعدّى بالجرح المهلك، كأن ختنه في سن لا يحتمله لضعف أو نحوه أو شدّة حر أو برد، فمات لزمه القصاص. فإن ظن كونه محتملاً فالمتّجه عدم القود لانتفاء التعدّي. ويستثنى من حُكم القود الوالد وإن علا؛ لأنه لا يقتل بولده، وتلزمه ديّة مغلظة في ماله؛ لأنه عمد محض - فإن إحتمل الختان وختنه ولي، أو وصي أو قيّم فمات فلا ضمان في الأصح؛ لإحسانه بالختان إذ هو أسهل عليه ما دام صغيراً بخلاف الأجنبي لتعدّيه، ولو مع قصد إقامة الشعائر. ولم ير الزركشي القود في هذه الحالة على الأجنبي أيضاً؛ لأنه ظن أنه يقيم شعيرة [75] .
وذهب الحنابلة إلى أنه لا ضمان على الخاتن إذا عرف منه حذق الصنعة ولم تجن يده؛ لأنه فعل فعلاً مباحاً فلم يضمن سرايته كما في الحدود. وكذلك لا ضمان إذا كان الخاتن بإذن وليّه، أو ولي غيره أو الحاكم. فإن لم يكن له حذق في الصنعة ضمن؛ لأنه لا يحل له مباشرة القطع. فإن قطع فقد فعل محرّماً غير مأذون فيه، لقوله (ص): «من تطبّب ولا يُعلم منه طب فهو ضامن» [76] . وكذلك يضمن إذا أذن له الولي، وكان حاذقاً، ولكن جنت يده، ولو خطأ، مثل إن جاوز قطع الختان فقطع الحشفة أو بعضها أو غير محل القطع، أو قطع بآلة يكثر ألمها أو في وقت لا يصلح القطع فيه، وكذلك يضمن إذا قطع بغير إذن الولي [77] .
لمّا كان ذلك:
وكان الختان للذكور وللإناث من سُنّة الإسلام، أي طريقته وسماته كما سبق النقل عن الشوكاني. وكان للختان أو الخفاض للفتيات أنواع أربعة كما هو واضح من الشرح الطبّي السابق في مقدّمة الموضوع:
النوع الأوّل: وفيه يتم قطع الجلدة أو النواة فوق رأس البظر.
النوع الثاني: وفيه يتم إستئصال جزء من البظر وجزء من الشفرين الصغيرين.
النوع الثالث: وفيه يستأصل كل البظر وكل الشفرين الصغيرين.
النوع الرابع: وفيه يزال كل البظر، وكل الشفرين الصغيرين وكل الشفرين الكبيرين.
وكانت توجيهات وتعليمات رسول الله (ص) لأم حبيبة التي كانت صناعتها خفاض البنات قال: «أشِمِّي ولا تُنهِكي» أي: أتركي الموضع أشم، والأشم المرتفع كما قال الجويني. وقال الماوردي: وأمّا خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل كالنواة ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها [78] .
وكانت مذاهب الأئمّة الشافعي وأحمد في أظهر أقواله، ومالك فيما قال به سحنون، ومقتضى الفقه الحنفي حيث أوجب قتال البلدة التي تترك الختان - كان مقتضى هذا - وجوب الختان للذكور والإناث، وكان ما يقطع لخفاض الأنثى ما بيّنه الرسول (ص) في تعليم الخاتنة أم حبيبة على ما جاء في حديث أم عطيّة سالف الذكر.
لمّا كان ذلك:
كان النوع الأوّل من طرق الختان أو الخفاض للبنات، وهو قطع الجلدة أو النواة فوق رأس البظر هو الواجب الإتّباع؛ لأنه الوارد به النص الشرعي في حديث رسول الله (ص) لأم حبيبة «أشِمِّي ولا تُنهِكي» أي: أتركي الموضع أشم، والأشم المرتفع، والمعنى: إقطعي الجلدة التي كعرف الديك فوق البظر، ولا يستأصل البظر نهائيّاً، وقد علّل رسول الله (ص) هذا بعبارة جامعة في رواية أخرى قال: «فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج».
آداب الختان:
تشرّع الوليمة للختان، وتسمّى الإعذار والعذار والعذرة والعذير. والسُنّة: إظهار ختان الذكر، وإخفاء ختان الأنثى. وصرّح الشافعيّة بأنها تستحب في الذكر، ولا بأس بها في الأنثى للنساء فيما بينهن [79] .
هذا:
وفي الختام - وفي شأن الختان عامّة للذكر والأنثى - نذكّر المسلمين بما جاء في فقه مذهب الإمام أبي حنيفة: لو إجتمع أهل بلد على ترك الختان قاتلهم الإمام (أي ولي الأمر)؛ لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه [80] . إذ مقتضى هذا لزوم الختان للذكر والأنثى، وأنه مشروع في الإسلام. والله - سبحانه وتعالى أعلم.
شيخ الأزهر: جاد الحق علي جاد الحق
الختان شأن قديم ترجع معرفة الناس به إلى عهد إبراهيم عليه السلام. وكانوا يختنون الذكور والإناث. وقد رويت فيه عن النبي (ص) عدّة أحاديث، إتّفق المحدّثون على صحّة بعضها، وضعف البعض الآخر. فما أتّفق عليه قول النبي (ص): «خمس من الفطرة: الإستحداد والختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر». وقوله (ص): «إختتن إبراهيم خليل الرحمن» وهو متّفق عليه بين البخاري ومسلم.
وقال العلماء: «الفطرة السُنّة القديمة التي إختارها الأنبياء، واتّفقت عليها الشرائع، وكانت لذلك كالأمر الجبلي الذي تدعو إليه الخلقة وتقتضيه فيما يختص بالتطهر والنظافة».
وممّا ناله تضعيف المحدّثين: حديث «من أسلم فليختتن» وقوله لمن جاء إليه وقد أسلم: «ألق عنك شعر الكفر واختتن» وقوله للمرأة التي كانت تختن الإناث: «أشِمِّي ولا تُنهِكي» ومعناه: خفّفي ولا تبالغي في القطع، وقوله: «الختان سُنّة في الرجال، مَكرُمَة في النساء».
وأمام هذه الأحاديث إختلف الفقهاء في حُكم الختان، شأنهم في كل ما لم يرد فيه نص صريح قاطع.
فرأى الشافعيّة أنه واجب في الذكور والإناث، ووافقهم الحنابلة على الوجوب في الذكور فقط، ورأى الحنفيّة والمالكيّة أنه سُنّة في الذكور، ومَكرُمَة في الإناث.
وقد قال الإمام الشوكاني بعد إستعراض المرويّات في الموضوع من جهة الرواية والأدلّة: «والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب، والمتيقّن السُنّية، كما في حديث: «خمس من الفطرة» ونحوه، والوجوب: الوقوف على المتيقّن إلى أن يقوم ما يوجب الإنتقال عنه».
ومن هنا يتبيّن أن الأدلّة لا تعطي أكثر من أن الختان سُنّة، وقد كان العموم في حديث السنيّة الصحيح وهو: «خمس من الفطرة» يقضي بالمساواة بين الذكر والأنثى في سنيّة الختان، ولكن كثيراً من المذاهب رأى أنه مَكرُمَة في الإناث وسُنّة في الذكور. ولعّل هذه التفرقة ترجع فيما وراء الأحاديث إلى إعتبار آخر يقضي بأهمّية الختان في الذكر والتأكيد فيه؛ وهو أن داخل الغلفة منبت خصب لتكوّن الإفرازات التي تؤدّي إلى تعفّن يغلب معه سكون جراثيم لأمراض ضارّة. وإلى الإعتبار يشير الإمام أحمد بقوله في الفرق بين الذكر والأنثى «أن الرجل إذا لم يختتن فتلك الجلدة مدلاّة على الكمرة، ولا ينقى ما ثم».
ونظراً إلى أن ختان الذكر كان دائراً عند الأئمّة بين الوجوب والسُنِّية المؤكّدة. وفيه هذا الإعتبار الوقائي الذي تعنى به الشريعة أيّما عناية، قال الفقهاء: إنه من شعائر الإسلام، حتّى لو إجتمع أهل مصر أو قرية على تركه يحاربهم الإمام، وهذا في الذكور خاصّة.
أمّا الإناث فلعدم تحقّق هذا الإعتبار الصحّي فيهن فقد نزل الحُكم فيهن عن درجة السُنّية إلى درجة المَكرُمَة. ولعّل ذلك يرجع إلى أن تلك «الزائدة» من شأنها أن تحدث عند الممارسة مضايقة للأنثى، أو للرجل الذي لم يألف الإحساس بها، ويشمئز منها، فيكون خفضها مَكرُمَة للأنثى، وفي الوقت نفسه مَكرُمَة للرجل في الفترات المعروفة.
وختان الأنثى بهذا الإعتبار لا يزيد عمّا تقتضيه الراحة النفسيّة واستدامة العاطفة القلبيّة بين الرجل وزوجته، من التزيّن، والتطيّب، والتطهير من الزوائد الأخرى التي تقترب من هذا الحمى.
أمّا ما يراه بعض الناس من لزوم ختان الأنثى نظراً إلى أن تركه يشعل لديها الغريزة الجنسيّة فتندفع إلى ما لا ينبغي، فهو ممّا تحتاج في قبوله وترتيب الحُكم عليه إلى فحص واستقراء غالب. على أن الإنزلاق إلى ما لا ينبغي كثيراً ما يوجد في المختونات كما هو معروف في الجنايات العرضيّة، والمستور منها أكثر ممّا يعرفه الناس. والواقع أن الشأن في هذا لا يرجع إلى ترك الختان، وإنّما يرجع - كما قرّرته الدكتورة كوكب حفني ناصف - إلى سلامة البنية، ونشاط الغدد وضعفها؛ ثم - من جانبنا - يرجع أيضاً إلى الخلق والبيئة، والرعاية، والرعاية في التربية، والإشراف والحزم في المراقبة، والقبض على ناصية الأمر وعدم إرسال الحبل على الغارب في الإختلاط الذي كان يقضي على العفّة والكرامة.
وكذلك ما يراه بعض آخر من منع الختان نظراً إلى أنه يضعف في الأنثى النزعة الجنسيّة، فيحتاج الرجل - تمكينا لها من تلك النزعة - إلى الإستعانة بتناول المواد المعروفة ومن ذلك وجب ختانها حفظاً للرجل من تناول هذه المواد الضارّة.
والواقع في هذا الإعتبار أن الذين يعتادون تناول هذه المواد لا يقصدون سوى تلبية نزعتهم الخاصّة في الجانب الجنسي، وأن كثيراً منهم يتناولها لعادة تحَكّمت فيه، وصارت بها لديهم من المكيّفات اللازمة كما هو الحال عند مدمني الشاي والدخان.
ومن هذا نرى أن هذا الإعتبار لا ينهض حجّة في منع ختان الأنثى، كما أن الإعتبار السابق لا ينهض حجّة في لزومه. ولذلك سلم لغير الشافعيّة من الفقهاء القول «بأن الأنثى ليس واجباً ولا سُنّة، وإنّما هو مَكرُمَة للرجال أو النساء».
هذا والشريعة تقرّر مبدأ عامّاً وهو: إنه متى ثبت بطريق البحث الدقيق، لا بطريق الآراء الوقتية التي تُلقى تلبية لنزعة خاصّة، أو مجاراة لتقاليد قوم معيّنين، أن في أمر ما ضرراً صحّياً، أو فساداً خلقيّاً، وجب شرعاً منع ذلك العمل دفعاً للضرر أو الفساد. وإلى أن يثبت ذلك في ختان الأنثى فإن الأمر فيه على ما درج عليه الناس وتعوّدوه في ظل الشريعة الإسلاميّة، وعلم رجال الشريعة من عهد النبوّة إلى يومنا هذا، وهو أن ختانها مَكرُمَة، وليس واجباً ولا سُنّة.
أمّا ما يراه بعض الكاتبين من أنه «عمليّة وحشيّة» فمن رأيي أنه إسراف في التعبير ومبالغة في التنفير. وقد تكون «الوحشيّة» المتخيّلة في أصل ختانها ناشئة من تحكيم الحال في عمليّات تجريها الجاهلات، المحترفات لهذه العمليّة. ويرجع ذلك إلى تقصير أولياء الأمر في مراقبة هذا الجانب، ومنع من لا يحسن العمليّة من مباشرتها. والشريعة تقرّر في هذا وأمثاله وجوب الحجر على المتطبّب الجاهل، والجرّاح الجاهل، وتوجّب على أولياء الأمر، حفظاً لصحّة الناس ووقاية لهم من الضرر، منع من يسيئون في الأعمال العامّة، كما توجب تعزيرهم عند المخالفة بما يردعهم ويردع أمثالهم.
أمّا بعد: فهذا هو حُكم الشريعة - فيما نرى - في موضوع الختان أخذاً من النصوص ومقارنة الأدلّة.
ختان الأنثى
قال صاحبنا: إختلفت آراء الأطبّاء في ختان الأنثى، فمنهم من سمح به وأيّده، ومنهم من أنكره وحذّره. والناس على رغم هذا الإختلاف متمسّكون به، حريصون عليه: يفعلونه ويقيمون له الولائم الأسريّة، ويرون أنه شأن يدعو إليه الدين، ويجعله شعاراً خاصاً للمسلمين، فهل لنا أن نعرف حُكم الإسلام فيه! وأن نعرف وقته من عمر الطفل؟
وليس صاحبنا هذا بأوّل من يطلب حُكم الإسلام في عمليّة الختان، وليس ما أكتبه اليوم جواباً له أوّل ما كتبت فيها. فقد كتبت فيها مرّات كثيرة. غير أنها كانت لخصوص السائلين، لا لعموم القارئين. وقد آثرت اليوم أن أحقّق رغبته الكريمة فأتحدّث فيها عن طريق منبر له صوته في آذان الناس من جهة ما ترهف أسماعهم إليه، وهو حُكم الدين وحُكم الإسلام، فيعرف السائل وغير السائل موقف الشرع من هذه العمليّة، ويكون القارئون على بينة من الأمر في علاقتها بالشرع والدين.
الختان شأن قديم:
وعمليّة الختان قديمة، عرفها كثير من الناس منذ فجر التاريخ، واستمرّوا عليها حتّى جاء الإسلام، واختتنوا وختنوا - ذكوراً وإناثاً - في ظلّه. غير أننا لا نعرف بالتحديد: أكان مصدرها لديهم التفكير البشري وهداية الفطرة في إزالة الزوائد التي لا خير في بقائها، أو التي قد يكون في بقائها شيء من الأذى والقذر، أم كان مصدرها تعليماً دينيّاً، ظهر على لسان نبي أو رسول في حقب التاريخ الماضية؟ والذي يهمّنا هو معرفة علاقته بالدين وحُكم الإسلام فيه.
الفقهاء والختان:
وقد أثرت في شأنه جملة من المرويّات، كان الفقهاء أمامها في حُكمه على مذاهب شأنهم في كل ما لم يرد فيه نص صريح. فمنهم من رأى أنه واجب ديني في الذكور والإناث، وأنه فيهم «مَكرُمَة»، وكما إختلف الفقهاء في حُكمه على هذا الوجه - الذي تتباعد وجهات النظر فيه إلى أقصى حد للتباعد، وتتقارب إلى أقصى حد للتقارب - إختلفوا في الوقت الشرعي الذي تجرى فيه عمليّته على هذا الوجه أيضاً. فمنهم من رأى أنه لا يختص بوقت معيّن، ومنهم من حرّمه قَبل أن يبلغ الطفل عشر سنين، ومنهم من جعل وقته بعد أسبوع من الولادة، ومنهم ومنهم إلى آخر ما نقل عنهم في ذلك من آراء.
وجهات النظر المختلفة:
وإذا كان لنا أن نأخذ من إختلافهم هذا - وهو الشأن الكثير الغالب بينهم في كل ما لم يرد فيه نص صحيح صريح - ما ننتفع به في معرفة الوضع الحقيقي للتشريع الإسلامي، فإن أوّل ما نأخذه أن القوم كانوا على حرّية واسعة المدى وهم يبحثون عن حُكم الشرع فيما وصل إليهم أو وصلوا إليه من مصادر تشريعيّة، لم تنل قطعيّة الدليل ولا كمال الحجّة المتّفق عليها، لا يعيب أحدهم على صاحبه ولو كان على نقيض رأيه، وكانوا يستمعون الحجج فيقبلون أو يرفضون دون تزمّت أو إسراف في التجهيل أو الإنحراف.
وليس أغرب من أن يستدل الذاهبون إلى وجوب الختان بقوله تعالى: «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16) ويقولون إنه قد جاء في الحديث: «أن إبراهيم إختتن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة» والإتّباع الذي أمر به محمّد وأصحابه يقضي عليهم أن يفعلوا ما فعله إبراهيم، وإذاً يكون الختان وقد فعله إبراهيم واجباً على محمّد وأتباعه.
إسراف في الإستدلال، غاية ما قوبل به عدم التسليم له، وهو من نوع إستدلال آخر للقائلين بالوجوب أيضاً وهو: إن الختان أحد الأمور التي إبتلى الله بها إبراهيم وأتى ذكرها بعنوان «الكلمات» بقوله تعالى: «وإذ إبتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهن» (البقرة 124:2). قالوا: وورد عن إبن عبّاس أن تلك الكلمات هي خصال الفطرة: وهي الختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، إلى آخر ما قالوا ونقرؤه في المتداول من كتب التفسير.
رأينا في الموضوع:
وقد خرجنا من إستعراض المرويّات في مسألة الختان على أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلاً على «السُنّة الفقهيّة»؛ فضلاً «عن الوجود الفقهي» وهي النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين، وعبّر عنها بقوله: «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع» وأن كلمة «سُنّة» التي جاءت في بعض المرويّات معناها، إذا صحّت، الطريقة المألوفة عند القوم في ذلك الوقت، ولم ترد الكلمة على لسان الرسول بمعناها الفقهي الذي عرفت به فيما بعد.
والذي أراه أن حُكم الشرع لا يخضع لنص منقول، وإنّما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعيّة عامّة: وهي أن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلاّ لمصالح تعود عليه، وتربو على الألم الذي يلحقه.
ختان الذكر:
ونحن إذا نظرنا إلى الختان في ضوء ذلك الأصل نجده في الذكر غيره في الإناث، فهو فيهم ذو مصلحة تربو بكثير عن الألم الذي يلحقهم بسببه. ذلك أن داخل «الغلفة» منبت خصيب لتكوين الإفرازات التي تؤدّي إلى تعفّن تغلب معه جراثيم تهيئ للإصابة بالسرطان أو غيره من الأمراض الفتّاكة. ومن هنا، يكون الختان طريقاً وقائيّاً يحفظ للإنسان حياته. ومثل هذا يأخذ في نظر الشرع حُكم الوجوب والتحتيم.
ختان الأنثى:
أمّا الأنثى فليس لختانها هذا الجانب الوقائي حتّى يكون كختان أخيها. نعم، حُكم الناس فيه جانباً آخر يدور ما يتحدّث به بعض الأطبّاء من «إشعال الغريزة الجنسيّة وضعفها». فيرى بعضهم أن ترك الختان يشعل تلك الغريزة، وبها تندفع إلى ما لا ينبغي. وإذاً، يجب الختان وقاية للشرف والعرض. ويرى آخرون أن الختان يضعفها فيحتاج الرجل إلى إستعانة بمواد تفسد عليه حياته. وإذاً يجب تركه حفظاً لصحّة الرجل العقليّة والبدنيّة.
إسراف هنا وهناك:
ولعلّي لا أكون مسرفاً أيضاً إذا قلت: ما أشبه إسراف الأطبّاء في وجهات نظرهم إسراف الفقهاء في أدلّة مذاهبهم. فإن الغريزة الجنسيّة لا تتبع في قوّتها أو ضعفها ختان الأنثى أو عدمه، وإنّما تتبع البنية والغدد قوّة وضعفاً، ونشاطاً وخمولاً. والإنزلاق إلى ما لا ينبغي كثيراً ما يحدث للمختونات كما هو مشاهد ومقروء من حوادث الجنايات العرضيّة، والمستور منها أكثر ممّا يعلمه الناس.
والذين يتناولون المواد الضارّة إنّما يتناولونها بحُكم الإلف الواصل إليهم من البيئات الفاسدة، وليس ما يحسّونه في جانب الغريزة إلاّ وهما خيّله لهم تخدير الأعصاب.
والواقع أن المسألة في جانبيها «الإيجابي والسلبي» ترجع إلى الخلق والبيئة وإحسان التربية وحزم المراقبة. ومن هنا يتبيّن أن ختان الأنثى ليس لدينا ما يدعو إليه، وإلى تحتيمه، لا شرعاً، ولا خلقاً، ولا طبّاً.
قد يكون مَكرُمَة:
نعم قد يكون ختان الأنثى - كما يقول بعض الفقهاء - مَكرُمَة للرجال الذين لم يألفوا الإحساس «بالزائدة» وهو في ذلك لا يزيد عمّا تقتضيه الفطرة البشريّة من التجمّل والتطيّب وإزالة ما ينبت حول الحمى.
أمّا بعد: فهذا هو حُكم الختان للذكر والأنثى فيما أرى، أخذاً من القواعد العامّة للشريعة، لا أخذاً من نصوص تشريعيّة خاصّة بالموضوع.
أن الفقهاء إتّفقوا على أن الختان في حق الرجال، والخفاض في حق النساء أمر مشروع، ثم إختلفوا في وجوبه. فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك هو مسنون في حقّهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه. وقال الإمام الشافعي هو فرض على الذكور والإناث. وقال الإمام أحمد هو واجب في حق الرجال، وفي حق النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب. وهو في شأن النساء قطع الجلدة التي فوق مخرج البول دون مبالغة في قطعها ودون إستئصالها، وسمّي هذا خفاضاً. وقد إستدل الفقهاء على خفاض النساء بحديث أم عطيّة رضي الله عنها قالت أن إمرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي (ص): «لا تُنهِكي فإن ذلك أحظى للزوج وأسرى للوجه». ومعنى لا تُنهِكي لا تبالغي في القطع والخفض. ويؤكّد هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول (ص) قال: «يا نساء الأنصار إخفضن (أي إختتن) ولا تُنهِكن (أي لا تبالغن في القطع)». وهذا الحديث جاء مرفوعاً برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول (ص) إلى ختان الإناث ونهيه عن الإستئصال. وقد علّل هذا في إيجاز وإعجاز إذ قد أوتي جوامع الكلم. وهذا التوجيه النبوي إنّما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة. فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مجرى البول لضبط الإشتهاء والإبقاء على لذّات النساء واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله. وبذلك يكون الإعتدال. فلم يحرم المرأة مصدر الإستمتاع والإستجابة، ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الإستهتار وعدم القدرة على التحكّم في نفسها عند الإثارة. لمّا كان ذلك المستفاد من النصوص الشرعيّة ومن أقوال الفقهاء على النحو المبيّن والثابت في كتب السُنّة والفقه أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الإلتزام بها على ما يشير إليه تعليم رسول الله (ص) كيفيّة الختان وتعبيره عنه في بعض الروايات بالخفض ممّا يدل على القدر المطلوب في ختانهن والله سبحانه وتعالى أعلم.
السيّد الدكتور علي عبد الفتا ح وزير الصحّة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: فبناء على الخطاب المرسل من السيّد الدكتور محمود إبراهيم القسط، مدير عام الإدارة العامّة للثقافة والإعلام الصحّي بشأن الحُكم الشرعي بالنسبة لختان البنات، نفيد سيادتكم بما يلي:
1 - إتّفق الفقهاء على أن الختان بالنسبة للذكور من شعائر الإسلام. ومن الأحاديث النبويّة الشريفة التي إعتمد عليها الفقهاء في ذلك، ما رواه الحاكم والبيهقي عن السيّدة عائشة - رضي الله عنها - أن النبي (ص) ختن الحسن والحسين في اليوم السابع من ولادتهما.
2 - وأمّا الختان - أو الخفاض - بالنسبة للإناث، فلم يرد بشأنه حديث يحتج به، وإنّما وردت آثار حَكم المحقّقون من العلماء عليها بالضعف. ومنها حديث: «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء» وحديث «لا تُنهِكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل». ومعنى «لا تُنهِكي» لا تبالغي في إستقصاء الختان. وفي رواية «أشِمِّي ولا تُنهِكي» أي: إقطعي شيئاً يسيراً. ومنها حديث «ألق عنك شعر الكفر واختتن» وحديث: «من أسلم فليختتن».
وقد ذكر هذه الأحاديث جميعها الإمام الشوكاني في كتابه نيل الأوطار وحَكم عليها بالضعف - بعد الكلام المفصّل عن أسانيدها - وذكر قول الإمام إبن منذر: «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع» [85] .
وقال صاحب كتاب عون المعبود شرح سُنَن أبي داوود - بعد أن ذكر ما جاء في الختان - «وحديث ختان المرأة روي من أوجه كثيرة، وكلّها ضعيفة معلولة، مخدوشة لا يصح الإحتجاج بها كما عرفت». ثم قال: «وقال إبن عبد البر في التمهيد «والذي أجمع عليه المسلمون أن الختان للرجال» [86] .
3) وجاء في كتاب (الفتاوى) لفضيلة المرحوم الشيخ محمود شلتوت تحت عنوان: «ختان الأنثى» قوله «وقد خرجنا من إستعراض المرويّات في مسألة الختان على أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلاً على السُنّة الفقهيّة فضلاً عن الوجود الفقهي. وهي النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين، وعبّر عنها بقوله: ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع» [87] .
4) وقال فضيلة الشيخ سيّد سابق في كتابه (فقه السُنّة): «أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء» [88] .
5) وكتب فضيلة المرحوم الشيخ محمّد عرفة - عضو جماعة كبار العلماء - بحثاً عن الختان بمجلّة الأزهر جاء فيه: «وخفاض المرأة موضوع يبحث فيه العالم الشرعي لبيان حُكمه في الشرع. ويبحث فيه العالم بوظائف الأعضاء ليبيّن وظيفة هذا العضو الذي يقع عليه الخفاض. ويبحث فيه العالم الإجتماعي ليبيّن آثار الخفاض الإجتماعيّة، أهي آثار حسنة أو آثار سيّئة. وعلم وظائف الأعضاء يرى أن هذا العضو حسّاس، وأنه معين على إتمام عمليّة التخصيب، وأن قطعه وإنهاكه يبعد الشهوة. وبعض علماء الإجتماع يرى أن الخفاض سبب في إنتشار المخدّرات في البلاد التي تزاوله ومنها مصر. ولأن الزوج يجد شهوته أقرب من شهوتها، فيستعين ببعض العقاقير التي شاع خطأ أنها تبطئ موافاة الماء من الرجل. ويزيدون فيقولون: «إذا أريد القضاء على آفة إستعمال الحشيش والأفيون والمواد المخدّرة، فينبغي القضاء على أسبابها، وهو ختان المرأة لتكون طبيعيّة، ويكون الرجل طبيعيّاً». ثم قال فضيلته: «فإذا ثبت كل ذلك، فليس على من تختتن من النساء من بأس، ومن إختتنت فيجب ألاّ ينهك هذا العضو منها. وإذا منع في مصر كما منع في بعض البلاد الإسلاميّة كتركيا وبلاد المغرب فلا بأس» [89] .
6 - والذي نراه بعد أن إستعرضنا آراء بعض العلماء القدامى والمحدثين في مسألة الختان أنها سُنّة أو واجبة بالنسبة للذكور لوجود النصوص الصحيحة التي تحض على ذلك.
أمّا بالنسبة للنساء، فلا يوجد نص شرعي صحيح يحتج به على ختانهن. والذي أراه أنه عادة إنتشرت في مصر من جيل إلى آخر وتوشك أن تنقرض وتزول بين كافّة الطبقات ولا سيما طبقات المثقّفين.
ومن الأدلّة على أنها عادة ولا يوجد نص شرعي يدعو إليها، أننا نجد معظم الدول الإسلاميّة، الزاخرة بالفقهاء، قد تركت ختان النساء. ومن هذه الدول: السعوديّة ومعها دول الخليج وكذلك دول اليمن والعراق وسوريا وشرق الأردن وفلسطين وليبيا والجزائر والمغرب وتونس الخ.
وما دام الأمر كذلك، فإني أرى أن الكلمة الفاصلة في مسألة ختان الإناث مردّها إلى الأطبّاء. فإن قالوا في إجرائها ضرر تركناها لأنهم أهل الذكر في ذلك. وإن قالوا غير ذلك فعلى وزارة الصحّة في مصر أن تتّخذ كافّة الإجراءات القانونيّة لإجراء هذه العمليّة بالنسبة للإناث بطريقة يتوفّر فيها الستر والعفاف والكرامة الإنسانيّة التي تصون للفتاة أنوثتها السويّة. وبالله التوفيق.
ختان البنات
سؤال: ما حُكم الإسلام في ختان البنات؟
جواب: هذا الموضوع إختلف فيه العلماء والأطبّاء أنفسهم، وقامت معركة جدليّة حوله في مصر منذ سنوات. من الأطبّاء من يؤيّد، ومنهم من يعارض. ومن العلماء من يؤيّد ومنهم من يعارض. ولعّل أوسط الأقوال وأعدلها وأرجحها، وأقربها إلى الواقع، وإلى العدل في هذه الناحية، هو الختان الخفيف، كما جاء في بعض الأحاديث - وإن لم تبلغ درجة الصحّة - أن النبي (ص) قال لامرأة كانت تقوم بهذه المُهمّة، قال لها: «أشِمِّي ولا تُنهِكي، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج». والإشمام هو التقليل، ولا تُنهِكي أي لا تستأصلي، فهذا يجعل المرأة أحظى عند زوجها، وأنضر لوجهها فلعّل هذا يكون أوفق. والبلاد الإسلاميّة تختلف بعضها عن بعض في هذا الأمر. فمنها من يختن ومنها من لا يختن. وعلى كل حال، من رأى أن ذلك أحفظ لبناته فليفعل، وأنا أؤيّد هذا، وخاصّة في عصرنا الحاضر. ومن تركه فلا جناح عليه، لأنه ليس أكثر من مَكرُمَة للنساء، كما قال العلماء، وكما جاء في بعض الآثار.
أمّا الختان للذكور فهو من شعائر الإسلام، حتّى قرّر العلماء أن الإمام لو رأى أهل بلد تركوه لوجب عليه أن يقاتلهم حتّى يعودوا إلى هذه السُنّة المميّزة لامة الإسلام. والحمد لله رب العالمين.
ختان البنات ليس سُنّة ولا مَكرُمَة [91]
منذ أن أذاعت محطة التلفزيون العالميّة CNN تقريراً مصوّراً عن عمليّة ختان تجرى في القاهرة لطفلة مصريّة بريئة، وموضوع الختان، خاصّة ختان الإناث، يستولي على قدر غير قليل من الإهتمام العام، ليس في مصر وحدها، ولكن في بقاع عديدة أخرى، لا سيما في الوطن العربي والإسلامي.
وقد كتب كثيرون محاولين تقرير حُكم الإسلام في هذا الختان، وكان أغلب ما كُتِب يدور حول إثبات صحّة مشروعيّة الختان. وبالغ بعضهم فوصفه بأنه من السُنّة، وغالى بعض آخر من الكاتبين فقال أن مقتضى الفقه «لزوم الختان للذكر والأنثى».
ليس ختان الذكور موضوع خلاف، فلا حاجة إلى بيان حُكم الشرع فيه.
وحُكم الشريعة الإسلاميّة يؤخذ من مصادرها الأصليّة المتّفق عليها: وهي القرآن الكريم، والسُنّة النبويّة الصحيحة، والإجماع بشروطه المقرّرة في علم أصول الفقه، والقياس المستوفي لشروط الصحّة.
أمّا فقه الفقهاء، فهو العمل البشري الذي يقوم به المتخصّصون في علوم الشرع لبيان أحكام الشريعة في كل ما يهم المسلمين، بل الناس أجمعين، أن يعرفوا حُكم الشريعة فيه. ولا يُعَد كلام الفقهاء «شريعة» ولا يحتج به على أنه دين، بل يحتج به على أنه فهم للنصوص الشرعيّة، وإنزال لها على الواقع، وهو سبيل إلى فهم أفضل لهذه النصوص وكيفيّة إعمالها، لكنّه ليس معصوماً، ويقع في الخطأ كما يقع في الصواب. والمجتهد المؤهّل من الفقهاء مأجور أجرين حين يصيب، ومأجور أجراً واحداً حين يخطئ.
فإذا أردنا أن نتعرّف على حُكم الشريعة الإسلاميّة في مسألة ختان الإناث، فإننا نبحث في القرآن الكريم ثم السُنّة النبويّة ثم الإجماع ثم القياس، وقد نجد في الفقه ما يعيننا فنطمئن به إلى فهمنا ونؤكّده، وقد لا نجد فيه ما ينفع في ضوء علم عصرنا وتقدّم المعارف الطبّية خاصّة، فنتركه وشأنه ولا نعول على ما هو مدوّن في كتبه.
وقد خلا القرآن الكريم من أي نص يتضمّن إشارة من قريب أو بعيد إلى ختان الإناث، وليس هناك إجماع على حُكم شرعي فيه، ولا قياس يمكن أن يُقبل في شأنه.
أمّا السُنّة النبويّة فإنها مصدر ظنِّ المشروعيّة، لما ورد في مدوّناتها من مرويّات منسوبة إلى الرسول (ص) في هذا الشأن. والحق أنه ليس في هذه المرويّات دليل واحد صحيح السند يجوز أن يستفاد منه حُكم شرعي في مسألة بالغة الخطورة على الحياة الإنسانيّة كهذه المسألة. ولا حجّة، عند أهل العلم، في الأحاديث التي لم يصح نقلها، إذ الحجّة فيما صح سنده دون سواه.
والروايات التي فيها ختان الإناث أشهرها حديث إمرأة كانت تسمّى أم عطيّة، وكانت تقوم بختان الإناث في المدينة المنورة، زعموا أن النبي (ص) قال لها: «يا أم عطيّة: أشِمِّي ولا تُنهِكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج»، وهذا الحديث رواه الحاكم والبيهقي وأبو داوود بألفاظ متقاربة، وكلّهم رووه بأسانيد ضعيفة كما بيّن ذلك الحافظ زين الدين العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين للغزالي [92] .
وقد عقّب أبو داوود، والنص المروي عنده مختلف لفظه عن النص السابق، على هذا الحديث بقوله «روي عن عبد الله بن عمرو عن عبد الملك بمعناه وإسناده. وليس هو بالقوي، وقد روي مرسلاً [...] وهذا الحديث ضعيف» [93] .
وقد جمع بعض المعاصرين طرق هذا الحديث، وكلّها طرق ضعيفة لا تقوم حجّة حتّى قال أخونا الدكتور العلاّمة محمّد الصبّاغ في رسالته عن ختان الإناث: «فأنظر رعاك الله إلى هذين الإمامين الجليلين أبي داوود والعراقي وكيف حَكما بالضعف ولا تلتفت إلى من صحّحه من المتأخّرين».
فحديث أم عطيّة - إذاً - بكل طرقه لا خير فيه ولا حجّة تستفاد منه. ولو فرضنا صحّته جدلاً، فإن التوجيه الوارد فيه لا يتضمّن أمراً بختان البنات، وإنّما يتضمّن تحديد كيفيّة هذا الختان إن وقع، وأنها «إشمام» وصفه العلماء بأنه كإشمام الطيب، يعني أخذ جزء يسير لا يكاد يحس من الجزء الظاهر من موضع الختان وهو الجلدة التي تسمّى «الغلفة». وهو كما قال الإمام الماوردي: «[...] قطع هذه الجلدة المستعلية دون إستئصالها». وهو كما قال الإمام النووي: «قطع أدنى جزء منها». فالمسألة مسألة طبّية دقيقة تحتاج إلى جرّاح متخصّص يستطيع تحديد هذا «الجزء المستعلي» الذي هو «أدنى جزء منها»، ولا يمكن أن تتم - لو صح جوازها - على أيدي الأطبّاء العاديين فضلاً عن غير المتخصّصين في الجراحة من أمثال القابلات والدايات وحلاّقي الصحّة... الخ، كما هو الواقع في بلادنا وغيرها من البلاد التي تجرى فيها هذه العمليّة الشنيعة للفتيات.
والحديث الثاني الذي يوازي في الشهرة حديث أم عطيّة هو ما يروى أن النبي (ص) قال: «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء»، وقد نص الحافظ العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين على ضعفه أيضاً. ولذلك، ولغيره، قال العلاّمة الشيخ سيّد سابق في فقه السُنّة: «أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء» [94] .
وقد نص الحافظ إبن حجر في كتابه «تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير» على ضعف هذا الحديث، ونقل قول الإمام البيهقي فيه إنه ضعيف منقطع. وقول إبن عبد البر في «التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد»: إنه يدور على رواية راو واحد لا يحتج به [95] .
وكلام الحافظ أبي عمر إبن عبد البر في كتابه المذكور نصّه: «واحتج من جعل الختان سُنّة بحديث أبي المليح هذا، وهو يدور على حجّاج بن أرطأة، وليس ممّن يحتج بما إنفرد به، والذي أجمع المسلمون عليه: الختان في الرجال [...] « [96] .
وعلى ذلك فليس في هذا النص حجّة، لأنه نص ضعيف، مداره على راو لا يحتج بروايته، فكيف يؤخذ منه حُكم شرعي بأن أمراً معيّناً من السُنّة أو من المكرمات وأقل أحوالها أن تكون مستحبّة، والإستحباب حُكم شرعي لا يثبت إلاّ بدليل صحيح.
ولا يُرَدّ على ذلك بأن لهذا الحديث شاهداً أو شواهد من حديث أم عطيّة السابق ذكره. فإن الشواهد التي أوردها بعض من ذهب إلى صحّته، معلولة بعلل قادحة فيها، مانعة من الإحتجاج بها.
وعلى الفرض الجدلي أن الحديث صحيح، وهو ليس كذلك، فإنه ليس فيه التسوية بين ختان الذكور وختان الإناث في الحُكم، بل فيه التصريح بأن ختان الإناث ليس بسُنّة، وإنّما هو في مرتبة دونها. وكأن الإسلام حين جاء وبعض العرب يختنون الإناث أراد تهذيب هذه العادة بوصف الكيفيّة البالغة منتهى الدقّة، الرقيقة غاية الرقّة، بلفظ «أشِمِّي ولا تُنهِكي» الذي في الرواية الضعيفة الأولى، وأراد تبيين أنه ليس من أحكام الدين ولكنّه من أعراف الناس بذكر أنه «سُنّة للرجال [...]» - وهي «أي السُنّة» هنا بمعنى العادة لا بالمعنى الأصولي للكلمة، في الرواية الضعيفة الثانية.
ولا تحتمل الروايتان على الفرض الجدلي بصحّتهما تأويلاً سائغاً فوق هذا. ولو أراد النبي (ص) التسوية بين الرجال والنساء لقال: «أن الختان سُنّة للرجال والنساء»، أو لقال: «الختان سُنّة»، وسكت. فإنه عندئذ يكون تشريعاً عامّاً ما لم يقم دليل على خصوصيته ببعض دون بعض. أمّا وقد فرّق بينهما في اللفظ، لو صحّت الرواية، فإن الحُكم يكون مختلفاً. وكونه سُنّة، بالمعنى الأعم لهذه الكلمة، يكون في حق الرجال فحسب. وهذا هو ما فهمه الإمام إبن عبد البر القرطبي حين عرّض بالذين قالوا إنه «سُنّة» لاعتمادهم تلك الرواية الضعيفة وبيّن أن الإجماع منعقد على ختان الرجال.
ولمثل هذا الفهم قال الإمام إبن المنذر «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع» [97] . وقال الإمام الشوكاني: «ومع كون الحديث لا يصلح للإحتجاج به فهو لا حجّة فيه على المطلوب» [98] .
وفي بعض ما نشر مؤخّراً في مصر حول هذا الموضوع، ذِكر إمرأة سمّوها (أم حبيبة)، وذِكر حديث لها في هذا الشأن مع النبي (ص). وهذا الحديث لا يوجد في كتب السُنّة وليس هناك ذكر فيها لامرأة بهذا الإسم كانت تقوم بهذا العمل. فكلامهم هذا لا حجّة فيه، بل لا أصل له.
وقد إحتجّوا بحديث روي عن عبد الله بن عمر، فيه خطاب لنساء الأنصار يأمرهن بالختان. وهو حديث ضعيف كما في المصدر الذي نقلوه منه نفسه [99] . فلا حجّة لأحد في هذا الأمر المزعوم كذلك.
وفي السُنّة الصحيحة عن عائشة رضي الله عنها، مرفوعاً إلى رسول الله (ص)، وموقوفاً على عائشة، حديث يروى بألفاظ متقاربة تفيد أنه: «إذا إلتقى الختانان فقد وجب الغسل». روى هذا الحديث مالك في الموطّأ، ومسلم في صحيحه، والترمذي وابن باجة في سُنَنهما، وغيرهم من أصحاب مدوّنات الحديث النبوي.
وموضع الشاهد هنا قوله (ص) «الختانان» إذ فيه تصريح بموضوع ختان الرجل والمرأة، ممّا قد يراه بعض الناس حجّة على مشروعيّة ختان النساء.
ولا حجّة في هذا الحديث الصحيح على ذلك. لأن اللفظ هنا جاء من باب تسمية الشيئين أو الشخصين أو الأمرين بإسم الأشهر منهما، أو بإسم أحدهما على سبيل التغليب. ومن ذلك كلمات كثيرة في صحيح اللغة العربيّة منها العُمَران (أبو بكر وعمر) والقمران (الشمس والقمر) والنيِّران (هما أيضاً، وليس في القمر نور بل إنعكاس نور الشمس عليه) والعشاءان (المغرب والعشاء) والظهران (الظهر والعصر). والعرب تغلّب الأقوى والأقدر في التثنية عادة. ولذلك قالوا للوالدين (الأبوان) وهما أب وأم. وقد يغلّبون الأخف نطقاً كما في العمرين (لأبي بكر وعمر) أو الأعظم شأناً كما في قوله تعالى: «وما يستوي البحران هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج» (الفرقان 53:25). فالأوّل النهر والثاني البحر الحقيقي. وقد يغلّبون الأنثى في هذه التثنية ومن ذلك قولهم: (المروتان) يريدون جبلي الصفا والمروة في مكّة المَكرُمَة. وكل ذلك مشهور معروف عند أهل العلم بلسان العرب [100] .
وهكذا يتبيّن أن السُنّة الصحيحة لا حجّة فيها على مشروعيّة ختان الأنثى. وأن ما يحتج به من أحاديث الختان للإناث كلّها ضعيفة لا يستفاد منها حُكم شرعي. وأن الأمر لا يعدو أن يكون عادة من العادات، ترك الإسلام للزمن ولتقدّم العلم الطبّي أمر تهذيبها أو إبطالها.
وبقي أن نذكّر الداعين إلى ختان الإناث، والظانّين أنه من الشرع، أن هذا الختان الذي نتحدّث عنه ليس معنى مجرّداً نظريّاً يجوز أن يتجادل فيه الناس حول الصحّة والفساد العقليين، وإنّما هو عادة سائدة تدل الإحصائيّات المصريّة المنشورة على أن 95% من الإناث المصريّات تجرى لهن عمليّة الختان [101] . وهي تجرى بإحدى صور ثلاث كلّها تخالف ما يدعو المؤيّدون لختان الإناث إلى إتّباعه فيها.
وبجميع الصور التي يجرى بها الختان للإناث في مصر فإنه يقع تحت مسمّى «النهك» الذي ورد في نص الحديث الضعيف. أي أنه لا فائدة من الإحتجاج بما يحتجّون به من هذا الحديث لأن العمل لا يجري على وفقه، بل يجري على خلافه. والختان الذي يجري في مصر، بصوره الثلاث، عدوان على الجسم يقع تحت طائلة التجريم المقرّر في قانون العقوبات [102] .
والمسؤوليّة الجنائيّة والمدنيّة عن هذا الفعل يستوي فيها الأطبّاء وغير الأطبّاء، لأن الجهاز التناسلي للأنثى في شكله الطبيعي الذي خلقه الله تعالى عليه ليس مرضاً، ولا هو سبب لمرض، ولا يسبّب ألماً من أي نوع يستدعي تدخّلاً جراحيّاً. ومن هنا فإن المساس الجراحي بهذا الجهاز الفطري الحسّاس، على أيّة صورة كان الختان عليها، لا يُعد - في صحيح القانون - علاجاً لمرض أو كشفاً عن داء أو تخفيفاً لألم قائم أو منعاً لألم متوقّع؛ ممّا تباح الجراحة بسببه. فيكون الإجراء الجراحي المذكور غير مباح وواقعاً تحت طائلة التجريم [103] .
وقد نهى رسول الله (ص) عن تغيير خلق الله، وصح عنه لعن «المغيّرات خلق الله»، والقرآن الكريم جعل من المعاصي قطع بعض الأعضاء ولو من الحيوان، بل هو ممّا توعّد الشيطان أن يضل به بني آدم في أنعامهم وقرنه بتغيير خلق الله، فقال تعالى عن الشيطان: «لعنه الله وقال لاتّخذن من عبادك نصيباً مفروضاً. ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيّرن خلق الله ومن يتّخذ الشيطان من دون الله فقد خسر خسراناً مبيناً» (النساء 118:4-119) [104] .
والختان بصورته التي يجرى بها في مصر، وفي أجزاء أخرى من العالم الإسلامي، فيه تغيير خلق الله، ومن قطع بعض أعضاء الإنسان المعصومة ما لا يخفى. وإذا كان هذا في الحيوان من إضلال الشيطان فكيف يكون في حق الإنسان؟؟
ومن المعلوم للكافّة أن هذا الموضع الذي يجرى فيه الختان هو أحد المواضع الشديدة الحساسيّة للإستثارة الجنسيّة، وأنه يتوقّف على كيفيّة ملامسته إرواء المرأة من متعة التواصل الواجب مع الزوج أو حرمانها منها، وعلى إكتمال الشعور بهذا الإرواء يتوقّف إحساس المرأة بالإشباع العاطفي، وهو يكتمل باكتماله وينقص بقدر نقصانه. وكل مساس جراحي بهذا الجزء من الجسم ينتقص، بلا خلاف، من شعور المرأة بهذين الأمرين. وهذا عدوان صريح على حقّها المشروع في المتعة بالصلة الحميمة بينها وبين زوجها وفي السلام النفسي المترتّب على إستيفائها لهذا الحق. وقد خلق الله أعضاء كل إنسان على صورة خاصّة به غير متكرّرة بتفصيلاتها في غيره، وهو أعلم بما خلق ومن خلق، ولم يكن صنعه في أحد من خلقه عبثاً أو غفلة حتّى تأتي الخافضة برأي هؤلاء الداعين إلى ختان الإناث فتصحّحه. إنّما جعلت أعضاء كل إنسان لتؤدّي وظائفها له على أكمل نحو وأمثله، وحرمانه من ثمرات بعض هذه الوظائف عدوان عليه بلا شك.
والذين يدعون إلى إستمرار ختان الأنثى يتجاهلون هذه الحقيقة ويؤذون النساء بذلك أشد الإيذاء، وهو إيذاء غير مشروع، والضرر المترتّب عليه لا يمكن جبره، والألم النفسي الواقع بسببه لا يستطيع أحد تعويضها عنه.
وإذا كان الختان ليس مطلوباً للأنثى، ولا يقوم دليل واحد من أدلّة الشرع على وجوبه ولا على كونه سُنّة، فبقى أنه ضرر محض لا نفع فيه. وليس كما يزعم الداعون إليه أنه «يهذّب كثيراً من إثارة الجنس، لا سيما في سن المراهقة [...]» إلى أن قالوا «وهذا أمر قد يصوّره لنا، ويحذّر من آثاره ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل وتزاحم بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة التي لا تخفى على أحد فلو لم تختن الفتيات [...] لتعرّضن لمثيرات عديدة تؤدّي بهن مع موجبات أخرى تزخر بها حياة العصر وانكماش الضوابط فيه إلى الإنحراف والفساد»!!
أقول إن الأمر ليس كما يزعمون، لأن موضع الختان لا تتحقّق الإثارة الجنسيّة فيه إلاّ باللمس الخاص المباشر، الذي لا يقع قطعاً في حالات التداخل والتزاحم ومجالات الملاصقة (التي أظهرُها وسائل المواصلات العامّة) التي يتحدّثون عنها. وهذه المجالات يجرى فيها تلامس غير جائز بين الرجال والنساء في أجزاء شتّى من الجسم البشري، فهل تعالج هذه الحالات بقطع هذه الأجزاء من أجسام الناس جميعاً؟؟
ومعلوم أن كل عفيف وكل صائنة نفسها يكونان في غاية الألم والأسى إذا وقع شيء من ذلك، وهو يقع عادة دون قصد أو تعمّد. ومع هذه الحالة النفسيّة، التي يكون فيها الأسوياء من الناس، نساء ورجالاً، تعساء آسفين مستغرقين حياء وخجلاً، لا تقع إستثارة جنسيّة أصلاً، لأن مراكز الإحساس في المخ تكون معنيّة بشأن آخر، غير هذا الشأن الذي لا يكون إلاّ في طمأنينة تامّة وراحة كاملة واستعداد راض، اللهم إلاّ عند المرضى والشواذ، وهم لا حُكم لهم.
إن العفّة والصوّان المطلوبين للنساء والرجال على سواء، هما العاصم ممّا لا يحمد من نتائج اللقاء المتقارب بين النساء والرجال. والتربية على الخلق القويم هي الحائل الحقيقي بين هذا اللقاء وبين إحداث آثار ممنوعة شرعاً مستهجنة خلقاً. أمّا ما يدعون إليه من ختان الإناث فلا فائدة فيه، بل هو ضار ضرراً محضاً كما بينّا.
ومن واجب الدولة في مصر، وفي غيرها من البلاد الإسلاميّة التي تشيع فيها هذه العادة السيّئة، إصدار التشريع المانع لممارستها، لا سيما على الوجه الذي تمارس به الآن، ولا يجوز أن يمنع من ذلك جمود بعض الجامدين على ما ورثوه من آراء السابقين. فقد نص الفقهاء على أن في قطع الشفرين (وهما اللحمان المحيطان بموضع الجماع) الديّة الكاملة. والديّة عقوبة لمن يدفعها وتعويض لمن يستحقّها. وعلّلوا ذلك بأنه بهذين الشفرين «يقع الإلتذاذ بالجماع». فكل فوات لهذا الإلتذاذ أو بعض منه يوجب هذه العقوبة التعويضيّة، ومنع سببه جائز قطعاً، بل هو أولى من إنتظار وقوعه ثم محاولة تعليله أو تحليله [105] .
وهكذا يتبيّن حُكم الشرع في ختان الأنثى: إنه لا واجب ولا سُنّة، ولم يدل على واحد منهما دليل، وليس مَكرُمَة أيضاً لضعف جميع الأحاديث الواردة فيه. بل هو عادة، وهي عادة ليست عامّة في كل بلاد الإسلام بل هي خاصّة ببعضها دون بعض. وهي عادة ضارّة ضرراً محضاً لا يجوز إيقاعه بإنسان دون سبب مشروع. وهو ضرر لا يعوّض لا سيما النفسي منه. وقد أوجب الفقهاء إذا فاتت بسببه، أو بسبب الحيف فيه على ما يجرى الآن في بلادنا في جميع حالات الختان، متعة المرأة بلقاء الرجل، أوجب الفقهاء فيه القصاص أو الديّة.
فليتق الله أولئك الذين يسوّغون ما لا يسوغ، وينسبون إلى الشرع ما ليس منه. وليذكروا وصيّة الرسول (ص) بالنساء: « إستوصوا بالنساء خيراً ». وليضعوا أنفسهم موضع هؤلاء المسكينات اللاتي حرمن بهذا الختان، الذي لم يرد به شرع، متعة لو حُرِمها هؤلاء الرجال ما عوّضهم عنها شيء قط!!
وداعاً للخلاف في أمر الختان
«ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً» (الكهف 10:18).
أختي المسلمة. الزوجة والأم. أعرف أنك تعانين نفسيّاً، لكونك أم تريد الإطمئنان على بناتها وأبنائها، وأجدك تتساءلين كثيراً بينك وبين نفسك، أو بينك وبين الأخريات، هل تقومين باختتنان أبنائك أم لا؟
ولا أكذب عليك، فقد جرّبت هذه الحيرة كثيراً، إلى أن هداني الله لإجراء بحث عملي لمعرفة كيفيّة الختان ومعرفة فوائده الكثيرة.
وقد قمت بهذا البحث، لكوني مسلمة تريد إتّباع هدى الرسول الكريم (ص)، ودكتورة صيدلانيّة عندي معرفة من الناحية الطبّية، إلى حد ما، يؤهلني لذلك، وأنثى يمكنها أن تفيد بنات جنسها، وزوجة، وأم. «من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً» (الكهف 17:18).
أختي المسلمة. أم البنين والبنات، يقول الحق تبارك وتعالى: «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه نطفة في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين» (المؤمنون 12:23-14). «الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين. ثم جعل من سلالة من ماء مهين. ثم سوّاه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون» (السجدة 7:23-9). «إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً» (الإنسان 2:76).
لقد خلق الله الإنسان في بادئ الخلق من طين، ثم جعل تناسله وتكاثره من نطفة أمشاج (خليط) من ماء الرجل (الحيوانات المنويّة) وماء الأنثى (البويضة) مكوّنا اللاقحة التي تعلّق بجدار رحم الأنثى فيخلقها الله إلى إنسان كامل في أحسن تقويم، فتبارك الله أحسن الخالقين. الله الذي خلق هذا الإنسان، أمره بالحفاظ على أعضائه التناسليّة وحمايتها، لضمان قيامها بوظائفها التي خلقها الله من أجلها، وهي التناسل والتكاثر لإنتاج الذرّية. فشرّع لنا الختان وأمر به أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام. ولقد إتّبع رسولنا الكريم محمّد (ص) سُنّة أبيه إبراهيم عليه السلام وأمرنا بإتّباعها، وهدانا إلى كيفيّة القيام بها.
وفي بحثي المتواضع حاولت الإلمام بالكثير ممّا يخص أمر الختان للبنين والبنات، من حيث التعريف بالختان، كيفيّة ختان الذكر، كيفيّة ختان الأنثى، السند من السُنّة النبويّة الشريفة على وجوب الختان، فوائد الختان بالنسبة للذكر والأنثى، وقت الختان، ممّا يهم كثيراً من الأمّهات والآباء لتهدأ نفوسهما ويحمدا الله على أن جعلهم من المسلمين.
الختان
التعريف: الختان: بكسر الخاء، الإسم من الختن، وهو موضع القطع من الذكر والأنثى. وفي الحديث: «إذا إلتقى الختانان فقد وجب الغسل». ويطلق الختان على الذكر والأنثى. ويقال لقطعهما الإعذار والخفض.
الختان: صناعة الختن، والختن فعل الخاتن للغلام. هذا من حيث اللغة. أمّا في الشرع نجد ما يلي: عرّف علماء الشرع الختان بأنه: قطع بعض مخصوص من عضو مخصوص. والعذرة: الختان وهي كذلك الجلدة يقطعها الخاتن. وعذر الغلام والجارية يعذرهما عذراً وأعذرهما: ختنهما. والعذار والإعذار والعذيرة: طعام الختان.
ختان الذكر: يكون ختان الذكر بقطع الجلدة التي تغطّي الحشفة، وتسمّى الغلفة، بحيث تنكشف الحشفة كلّها.
ختان الإناث: ذُكِرَ في مجلّة الأزهر [107] . إن الخفاض للفتيات له أنواع أربعة معروفة هي:
النوع الأوّل: وفيه يتم قطع الجلدة أو النواة فوق رأس البظر.
النوع الثاني: وفيه يتم إستئصال جزء من البظر، وجزء من الشفرين الصغيرين.
النوع الثالث: وفيه يستأصل كل البظر، وكل الشفرين الصغيرين.
النوع الرابع: وفيه يزال كل البظر، وكل الشفرين الصغيرين وكل الشفرين الكبيرين.
وأرجو من سيادة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الشريف أن يسمح لي بالتعليق على أنواع الختان هذه من وجهة نظري الطبّية ونتاج لبحث عملي قمت به للتيقن من هذا الأمر.
التعليق الأوّل: البظر هو عضو الحس الجنسي للأنثى وله أهمّية كبيرة في الجماع والمعاشرة الزوجيّة وإزالته أو إزالة جزء منه يؤدّي إلى البرود الجنسي.
التعليق الثاني: إزالة الشفرين الكبيرين (الشفتين بالنسبة للفرج) أو تركهما لا يؤثّر على العمليّة الجنسيّة، وتركهما ليس منه أي ضرر صحّي. ولذا أفضّل تركهما، لأن لهما دور هام في حماية الجهاز التناسلي للأنثى، ولأن إستئصالهما فيه تشويه لهذه المنطقة من الأنثى.
التعليق الثالث: الجلدة التي كعرف الديك فوق البظر عبارة عن غشاء هرمي الشكل مشقوق من جانب واحد، وهذا الغشاء ليس له أي تأثير على المعاشرة الزوجيّة. ولذا فإن إزالته نهائيّاً لا تؤثّر على الجماع. ولكن هذا الغشاء يغلّف البظر وهو العضو الحسّاس والمؤثّر في اللقاء الجنسي. ومن هنا كان قول الرسول (ص) لأم حبيبة: «أشمّي ولا تُنهِكي فإنه أبهى للوجه، وأحظى لها عند الزوج» (لا تُنهِكي: يعني لا تبالغي في القطع) هو للحفاظ على البظر من قطع جزء منه أو قطعه نهائيّاً، وذلك لأن طريقة القطع آنذاك كانت تتم بشد الغشاء الذي يغلّف البظر ثم قطعه رأسيّاً باستعمال شفرة أو ما يعادلها من آلة القطع. أمّا الآن فيمكن إزالة هذا الغشاء، واستئصاله نهائيّاً دون إلحاق أي ضرر بالبظر وذلك بقصّه دائريّاً حول البظر عند طبيب متخصّص. وهذا أكثر فائدة من الناحيتين الجنسيّة والطبّية. ولذلك أرى أن هذا هو الختان المقصود في السُنّة الشريفة.
السند من السُنّة النبويّة على وجوب الختان:
عن رسول الله (ص) أنه قال: «الفطرة خمس: الإختتان والإستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط»؛ «الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء»؛ «إن من الفطرة: المضمضة والإستنشاق والسواك وغسل البراجم ونتف الإبط والإستحداد والإختتنان والإنتضاح» وسقط منه تقليم الأظافر. عن النبي (ص) قال: «إختتن إبراهيم عليه السلام بعد أن مرّت عليه ثمانون سنة، واختتن بالقدوم». وسئل النبي (ص) في الأغلف يحج إلى بيت الله؟ قال: «لا حتّى يختتن».
فوائد ختان الأنثى:
الفائدة الأولى: ترك هذا الغشاء الذي يغلّف البظر وهو - كما قلت - هرمي الشكل مشقوق من جهة واحدة، أي أنه يشبه الجراب، ممّا يجعله دائماً غير نظيف، نتيجة لدخول بعض الإفرازات المهبليّة وجزء من البول وتراكمها فيه، وهذه الإفرازات وبقايا البول تكوّن بيئة ملائمة لنمو وتكاثر أنواع عديدة من البكتيريا والفطريّات التي تسبّب الكثير من الأمراض البكتيريّة والأمراض الفطريّة لكل من الجهازين: البولي (الكليتين والحالبين والمثانة) والتناسلي (المبيضين والرحم والمهبل) للأنثى، وذلك لشدّة قرب فتحتي الإخراج لكل من الجهاز التناسلي والجهاز البولي للأنثى.
فعلى سبيل المثال: من الأمراض البكتيريّة التي تضر الجهاز البولي: إلتهاب المثانة، أو إلتهاب الحالبين، أو إلتهاب الكليتين الذي يسبّبه نوع من البكتيريا إسمه بيسودوموناس Pseudomonas . ومن الأمراض الفطريّة التي تسبّب إلتهابات في الجهاز التناسلي للأنثى تكون نتيجة للإصابة بفطر الكانديدا Candida أو فطر ترايكوموناس Trichomonas .
أمّا الإلتهابات التي تصيب الجهاز التناسلي للأنثى نتيجة للتلوّث البكتيري، فتسبّبها أنواع من البكتيريا العنقوديّة والسبحيّة اللاهوائيّة مثل بكتيريا جونوكوكاي Gonococci وبكتيريا نيسريا السيلان Chlamydia والتي تسبّب، في حالات الإصابة الشديدة، العقم.
الفائدة الثانية: ترك هذا الغشاء يؤدّي إلى الشبق الجنسي وأيضاً الإكثار من العادة السرّية وذلك لكثرة إحتكاك هذا الغشاء بالبظر.
الفائدة الثالثة: وجود بقايا البول والإفرازات الجنسيّة داخل هذا الغشاء يكون مصدراً لنجاسة الثوب والبدن وبالتالي نقص عنصر الطهارة بالنسبة للمسلمة.
فوائد ختان الذكر:
الفائدة الأولى: إزالة الغلفة لها تأثير طيّب على المعاشرة الزوجيّة ويخلِّص المرء من خطر انحباس الحشفة أثناء التمدّد.
الفائدة الثانية: يخفّف الختان خطر الإكثار من إستعمال العادة السرّية لأن وجود الغلفة ووجود الإفرازات الجنسيّة المختزنة بها يثير الأعصاب التناسليّة المنبثّة حول قاعدة الحشفة وتدعو المراهق إلى حكّها والإستزادة من مداعبتها ومداعبة عضوه.
الفائدة الثالثة: إزالة الغلفة يزيد من مدّة الجماع قَبل القذف لذلك فإن المختونين أكثر إستمتاعاً وأكثر إمتاعاً وإرضاءاً.
الفائدة الرابعة: وجود بقايا البول والإفرازات الجنسيّة داخل الغلفة في حالة عدم الختان تكون مصدراً لنجاسة الثوب والبدن وبالتالي نقص عنصر الطهارة بالنسبة للمسلم.
الفائدة الخامسة: إذا لم تقطع الجلدة التي تغطّي الحشفة، فإنها تحوي دائماً بعض قطرات من البول وبعض الإفرازات الجنسيّة كالسائل المنوي والحيوانات المنويّة وكل هذه الإفرازات وبقايا البول تكوّن بيئة ملائمة لتغذية وتكاثر العديد من أنواع البكتيريا والفطريّات التي تسبّب الكثير من الأمراض البكتيريّة أو الفطريّة لكل من الجهاز البولي (الكليتين والحلبتين والمثانة) والجهاز التناسلي (الخصيتين وقناة المني وكيس المني وغدّة البروستاتة والقضيب) للذكر، وذلك لاشتراك الجهازين في فتحة إخراج واحدة بالقضيب، ممّا يسهّل إصابتهما.
أمّا عن أنواع البكتيريا والفطريّات التي تصيب الجهاز البولي أو التناسلي للذكر، فهي نفس الأنواع التي ذكرتها من قَبل والتي تصيب نفس الجهازين للأنثى تقريباً، وتسبّب العديد من الإلتهابات لكل من الجهازين، ممّا يؤدّي إلى تلف في بعض خلايا الكلى أو الفشل الكلوي في حالات الإصابة الشديدة للجهاز البولي، أو تسبّب إلتهابات شديدة في الخصيتين أو غدّة البروستاتة تكون نتيجتها إمّا ضعف القدرة على الإنجاب أو العقم.
ملاحظة: الأمراض الفطريّة أو البكتيريّة التي تصيب الجهاز البولي أو التناسلي، لأي من الزوج أو الزوجة، تكون مصدراً لإصابة الطرف الآخر. ولهذا فإن صحّة وسلامة كل من الزوجين مهم جدّاً بالنسبة للآخر.
وقت الختان:
بعد أن تعرّفنا على فوائد الختان، يستحب ختان الذكر في سن الصغر كلّما أمكن لأنه أرفق به، ولأنه أسرع برءاً فينشأ على أكمل الأحوال بدنيّاً ونفسيّاً. والصحيح المفتى به أنه يوم السابع. ويحتسب من يوم الولادة معه لحديث جابر: عق رسول الله (ص) عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيّام [108] .
هذا بالنسبة للذكر. أمّا الأنثى فبعد أن تعرّفنا على فوائد الختان لها والضرر من عدم الختان، وبعد أن تعرّفنا على الطريقة السليمة للختان، يستحب أيضاً أن يكون ختانها في الصغر كلّما أمكن ذلك. ويستحب أن يكون قَبل البلوغ والنضج الجنسي قدر الإمكان. فيكون ختانها من السابع بعد الولادة حتّى بداية البلوغ الجنسي.
ختان من لا يقوى على الختان:
من كان ضعيف الخلقة بحيث لو خيف عليه، لم يجز أن يختتن عند القائلين بوجوبه بل يؤجّل حتّى يصير بحيث يغلب على الظن سلامته، لأنه لا تعبّد فيما يفضي إلى التلف، ولأن بعض الواجبات يسقط بخوف الهلاك.
العذيرة:
هي الوليمة للختان وتسمّى: العذار والإعذار والعذرة. والسُنّة إظهار ختان الذكر، وإخفاء ختان الأنثى. وفي مذهب الإمام الشافعي بأنها تستحب في الذكر، ولا بأس بها في الأنثى للنساء فيما بينهن.
من مات غير مختون:
إتّفقت كلمة الفقهاء على أنه لا يختتن الميّت الأغلف الذي مات غير مختون، لأن الختان كان تكليفاً وقد زال بالموت.
ردود على الذين يهاجمون الختان [109]
1) الذين يقولون: إن هذا الغشاء خلقه الله فلماذا يزال. أقول لهم: الله خلق لنا الأظافر وشعر العانة (الشعر الموجود تحت الإبط وحوالي الفرج)، فلماذا نقصّه أو نزيله؟ والإجابة: إن إطالة الأظافر يجعل تنظيفها صعباً، كما أن عدم إزالة شعر العانة يكون سبباً في الإصابة بالكثير من الأمراض البكتيريّة والفطريّة. لأن الشعر الطويل في هذه المناطق دائماً يكون رطباً مبلّلاً بالعرق الذي يحتوي على مواد تساعد على نمو البكتيريا والفطريّات في هذه المناطق. فالنظافة وقاية من الأمراض، والوقاية خير من العلاج. هكذا تعلّمنا.
2) الذين يقولون: إن الختان يسبّب فشل كلوي وعقم للفتاة أقول لهم: لقد ذكرت في هذا البحث أن عدم الختان وعدم نظافة هذه المنطقة هو السبب في هذه الأمراض.
3) الذين يقولون: إن الختان يسبّب نزيف حتّى الموت. أقول لهم: إن الختان جرح كأي جرح آخر في أيّة عمليّة جراحيّة، لا يحدث منه نزيف إلاّ في حالات ثلاث: الحالة الأولى: قيام جاهلين (حلاّقين ودايات) بهذه الجراحة. الحالة الثانية: إجراء الختان بطريقة خطأ كالتي يزال فيها كل البظر وكل الشفرين الصغيرين وكل الشفرين الكبيرين. فجرح مستعرض كهذا لا يمكن التحَكّم فيه من قِبَل الجاهلين القائمين به. والحالة الثالثة: هي أن بعض الناس يعانون من مرض سيولة الدم (عدم قدرة الدم على التجلط). وأقول لهؤلاء: هل عند إستئصال اللوزتين أو الزائدة الدوديّة أو إجراء عمليّة بالقلب أو غير ذلك من العمليّات الجراحيّة، هناك ما يمنع حدوث نزيف فيموت المريض نتيجة لهذا النزيف؟ فالختان السليم أبسط من هذه الجروح جميعاً إذا قام به أطبّاء متخصّصون (أمراض نساء أو جرّاحين).
4) الذين يقولون من الأطبّاء: إن ختان الإناث ليس من الصحّة. أقول لهم: إذا أكل أحدكم في طبق به لحم أو حساء أو بيض أو سمك أو لبن، وترك هذا الطبق به بقايا تلك الأطعمة يوم أو يومين دون تنظيف، هل سيأكل هذا الطبيب في ذلك الطبق دون غسيل؟ بالطبع لا. فالجاهل الذي لا يقرأ ولا يكتب لا تقبل نفسه مجرّد شم رائحة التعفّن الخارجة من الطبق. أمّا أنت أيها الطبيب فسوف تقول لنفسك فوراً: إن هذه الرائحة الكريهة ناتجة عن بكتيريا التسمّم الغذائي Clostridium botulinum التي تكاثرت على بقايا تلك الأطعمة والتي يسبّب القليل منها الموت. فإذا فكّر الجاهل في غسل هذا الطبق مرّة واحدة، فسيغسله هذا الطبيب عشر مرّات حتّى يغلب على ظنّه خلو الطبق من البكتيريا نهائيّاً. فهل يقبل أحد هؤلاء الأطبّاء جماع زوجة له بها منطقة دائمة التعفّن وبؤرة لنمو وتكاثر البكتيريا والفطريّات والفيروسات؟
5) الذين يقولون: إن ختان الأنثى كانت عادة موجودة في الجاهليّة. أقول لهم: نعم أنا أتّفق معكم في ذلك. ولكن هل هذه هي العادة الوحيدة التي كانت توجد قَبل الإسلام ثم أقرّها الإسلام؟ لا، فقد كانت توجد عادات كثيرة قَبل الإسلام منها: الصدق والكذب، الأمانة والخيانة، وأكل أموال الناس بالباطل، الصبر واليأس، العفّة والشرف، والزواج والبغاء وصاحبات الرايات الحمر، والسحاق واللواط، والعدل والظلم، والوفاء بالعهود والغدر، الكرم والبخل، الشجاعة والجبن، والمكر والخديعة، السحر، أكل الميّتة والدم ولحم الخنزير، وشرب الخمر ولعب الميسر، قطع الطريق والرق، نقص الميزان والمكيال، الديّوث المستحسن على أهله، بالإضافة إلى عادة الختان. فجاء الرسول الكريم برسالة الله إلى البشر وأحل الطيّب من هذه العادات وحرّم الخبيث منها. فكون الختان موجوداً قَبل الإسلام ليس سنداً لأن يتّخذه البعض نقطة ضعف يهدم بها صحّة أجيال وأجيال من الإناث.
وفي ختام بحثي هذا أحب أن أضيف أن ختان الأنثى لا يهم المرأة المسلمة فقط، بل يهم المرأة في كل بقعة من بقاع العالم أيّاً كانت ديانتها. فهي مسألة تحميها من الأمراض إذا أجريت بطريقة سليمة، على أيدي أطبّاء متخصّصين. فصحّة المرأة يترتّب عليها صحّة الأولاد والزوج. فمن ينادون الآن من الرجال بعدم ختان المرأة، هم أوّل من سيجني آثار المرض الناتج عن ذلك. فالأمراض التي تصيب المرأة في هذه المنطقة كما قلت تكون نتيجة للإصابة بالبكتيريا والفطريّات. وهذه البكتيريا وتلك الفطريّات سهلة الإنتقال إلى الرجل أثناء الجماع، وسيكون أيضاً مصيره كمصيرها فيصاب بالفشل الكلوي أو العقم، فضلاً عن أن وجود هذا الغشاء سيساعد على إنتشار مرض الإيدز لامتلاء هذا الغشاء بالفيروس الذي يجد الغذاء الكافي (بقايا دم حيض وإفرازات مهبليّة وحيوانات منويّة) للنمو والتكاثر حتّى ينتقل من الأنثى إلى الرجل وبذلك تعم البلوى.
ولتكن دعوانا في ختام هذا البحث كما بدأناه «ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً» (الكهف 81:01).
السؤال: سائل يقول إن نصرانياً وزوجته أرادا الدخول في الإسلام فأمرهما مقدّم الإستفتاء بغسل البدن وبالنطق بالشهادتين عن طوع ورضا واستسلام والختان. ويسأل هل هذا صحيح أو لا؟ ويرجو الكتابة إليه بأقوال السلف وبالكيفيّة التي كانت تجرى لدخول الكافر في الإسلام في عهد النبي (ص).
الجواب: إن طريقة رسول الله (ص) في دعوة الكفّار إلى الإسلام أن يأمرهم بشهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً رسول الله. فإن هم أجابوه إلى ذلك دعاهم إلى بقيّة شرائع الإسلام حسب أهمّيتها وما تقتضيه الأحوال. وممّا ورد في ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن إبن العبّاس رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) لمّا بعث معاذاً إلى اليمن قال له: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أوّل ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلاّ الله. وفي رواية أن يوحّدوا الله. فإن أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله إفترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم. فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي (ص) قال لعلي رضي الله عنه حينما أعطاه الراية يوم خيبر: أنفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ثم أدعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. وفي رواية أخرى: فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً رسول الله.
وقد إختلف السلف في حُكم الغسل بالنسبة لمن كان كافراً فأسلم فقال بوجوبه مالك وأحمد وأبو ثور رحمهم الله لما رواه أبو داوود عن النسائي عن قيس بن عاصم رضي الله عنه قال: «أتيت النبي (ص) أريد الإسلام فأمر أن أغتسل بماء وسدر». والأمر يقتضي الوجوب. وقال الشافعي وبعض الحنابلة يستحب أن يغتسل إلاّ أن يكون قد حدثت به جنابة زمن كفره فيجب عليه الغسل. وقال أبو حنيفة لا يجب عليه الغسل بحال وبكل حال فالمشروع له الغسل لهذا الحديث ولما في معناه.
وأمّا الختان فواجب على الرجال ومَكرُمَة في حق النساء. لكن لو أخّرت دعوة من رغب في الإسلام إلى الختان بعض الوقت حتّى يستقر الإسلام في قلبه ويطمئن إليه لكان حسناً خشية أن تكون المبادرة بدعوته إلى الختان منفّرة له من الإسلام.
وعلى هذا فما أمرت به الرجل وزوجته عند إسلامهما صحيح. وصلّى الله على نبيّنا محمّد وآله وصحبه وسلم.
أحد الطلاّب الجامعيين يقول في رسالته: إنه قرأ في إحدى المجلاّت النسائيّة العربيّة حواراً مع أحد الأطبّاء الكبار [...] يرى في ختان الأنثى بأنه عادة غير مفيدة صحّياً ولا نفسيّاً ولا فيسيولوجيّاً، وأن لها مضار أثناء الولادة حيث يضطر الأطبّاء إلى شق الإلتصاقات الناتجة عن الختان. كما أن ختان الأنثى معناه فقد عضو هام له علاقة بالسعادة الجنسيّة عند الزوجة. وعادة الختان هذه لم تكن معروفة في جزيرة العرب [...]
وجهة نظر الطبيب المحاور غير صحيحة. أوّلاً لأن عرب الجزيرة عرفوه ومارسوه. وثانياً لأن الرسول (ص) وجّه النساء اللاتي يباشرن عمليّات ختان البنات إلى الطريقة الصحيحة لجعل الختان سليماً لا يضر بالمرأة، وكشف عن السر والحِكمة فيه.
فهو، أي الختان، بصفة عامّة وكما جاء في المراجع الفقهيّة، واجب على الذكور ومَكرُمَة في حق الإناث وليس بواجب عليهن. وقد ثبت طبّياً وصحّياً الأثر الطيّب لختان الذكور. أمّا ختان الأنثى فهو مشروع ولكنّه ليس واجباً كختان الرجل. وقد روي عن النبي (ص) قوله «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء».
أمّا توجيه الحكيم في كيفيّة إجرائه بالنسبة للأنثى فهو قوله للخافضة، أي الخاتنة، وهي أم عطيّة، إمرأة كانت تختن البنات في المدينة المنورة على عهد الرسول (ص): «أشِمِّي ولا تُنهِكي فإنه أبهى للوجه وأحظى عند الزوج» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
فهو قد نهى الخاتنة أن تستأصل العضو كلّه، وأمرها أن تكتفي بقطع الجلدة التي تكون في أعلى العضو كالنواة أو عرف الديك. وقد أورد ذلك الحافظ إبن حجر في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح الإمام البخاري) نقلاً عن الماوردي أحد أئمّة الشافعيّة. كما أورد حديث أم عطيّة الذي ذكرناه آنفاً.
وبهذا يتبيّن أن ختان الأنثى كان معروفاً عند عرب الجزيرة وأن الإسلام أقرّه وعدّه مَكرُمَة للنساء لأنه يخفّف من حدّة الشهوة عندهن ويحتفظ في الوقت نفسه باستمتاعهن المشروع ما لم يستأصل العضو كلّه وهو ما نهى عنه الرسول (ص) في حديث أم عطيّة المذكور.
ما حُكم ختان البنات؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله (ص).
موضوع الختان بالنسبة للبنات وهو ما يسمّى بالخفاض إختلف فيه الأطبّاء بين مؤيّد ومعارض. والمطلوب هو رأي الفقهاء في ذلك. وقد ثبت من تتبّع أقوالهم أن ختان الذكر واجب شرعاً ولا خلاف بينهم في ذلك لأنه شعار المسلمين وكان في مِلّة إبراهيم عليه السلام.
أمّا ختان الأنثى فالصحيح عند الشافعيّة أنه واجب. وذهب الحنابلة كما في المغني لابن قدامة إلى أنه واجب في حق الذكور، وليس بواجب بل هو سُنّة وتكرمة في حق الإناث. وهو قول كثير من أهل العلم! وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنه سُنّة وليس بواجب. وبهذا يتّضح أن أكثر أهل العلم يرى أن خفاض الأنثى ليس واجباً. وعلى هذا فترك الختان للبنات لا يوجب الإثم كما أن من إختار الختان لا إثم عليه كذلك بل فعل السُنّة، لما أخرجه أبو داوود من حديث أم عطيّة. أن إمرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي: لا تُنهِكي فإن ذلك أحظى للمرأة. يعني لا تجوري.
وبهذا من فعله فلا إثم عليه، ومن تركه فلا إثم عليه وعند فعله تراعى وصيّة النبي التي وصّى بها المرأة التي كانت تباشر هذه العمليّة في المدينة. والله أعلم.
رأي الدين الإسلامي في عمليّة الخفاض
قال الله تعالى في سورة الكهف: «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنّات الفردوس نزلاً خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً. قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربّي لنفذ البحر قَبل أن تنفذ كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مداداً قل إنّما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنّما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربّه أحداً» (الكهف 107:18-110). صدق الله العظيم.
ويقول الله تعالى «وقد كرّمنا بني آدم» (الإسراء 70:17). ويقول الرسول (ص) «من أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً».
أيها السادة: ندرك ممّا تقدّم من الآيات والأحاديث أن الإسلام إهتم في تشريعاته كلّها بما يتعلّق بسعادة الإنسان. وقد أستنت من التشريعات ما يحافظ على دمه وماله وعرضه. وقد حثّه على العمل الصالح والمحافظة على نظافة جسمه وسلامة جوارحه وعدم تعرّضه للأذى. ويحدّثنا رواة الحديث أن النبي (ص) كان يجلس مع أصحابه ويوقد مصباحاً فانطفأ ذلك المصباح وتحوقل النبي أي قال لا حول ولا قوّة إلاّ بالله فقال له أصحابه أيعتبر انطفاء المصباح مصيبة فقال كل شيء يؤذي المؤمن فهو مصيبة.
من هنا يتبيّن لنا أن الدين يحارب كل شيء يتسبّب في تعريض حياة الإنسان إلى الأذى جسيماً كان أم بسيطاً فهو مخلوق كرّمه الله على سائر المخلوقات. لذلك لا عجب أن نلتقي اليوم لنتصدّى بالحديث والبحث في أمر يهم المجتمع الإنساني على نطاق هذه المعمورة. ورسول الله يقول من لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. وهذا أمر يهم المسلمين وغيرهم من بني البشر فنرجو من الله التوفيق والسداد بالوصول إلى نتائج تدرأ الخطر الناتج عن بعض العادات الضارّة بحياة الطفولة والمجتمع الإنساني.
الختان والخفاض:
لا بد لنا أن نوضّح أن الختان خاص بالرجال والخفاض خاص بالمرأة. بالنسبة للرجل فالأمر واضح من الناحية الطبّية فهو مهم لأمور تحدّث عنها علماء الطب وسيكون حديثنا عن عمليّة الخفاض.
فالخفاض عمليّة قد تكون موغلة في القدم أحاط لمعرفتها كل الناس من فجر التاريخ يمارسونها حتّى جاء الإسلام. فما رأي الإسلام في هذه العمليّة، عمليّة الخفاض كما يسمّى؟
أوّلاً: نستطيع أن نقول بوضوح تام أن هذه العمليّة لو كانت تمت إلى الدين بصلة من قريب أو بعيد لسمّيت بالخفاض الإسلامي.
ثانياً: لم يعرف لها مصدر أو مرتكز وهل كان مصدرها التفكير البشري وهداية الفطرة في إزالة بعض الزوائد أو يكون في بقائها شيء من الأذى والقذر أم كان مصدرها تعليماً دينيّاً ظهر على لسان نبي أو رسول في حقب التاريخ. والذي يعنينا في الأمر الآن علاقته بالدين وحُكم الإسلام فيه.
أيها السادة: إن الإسلام إهتم بالمرأة إهتماماً بالغاً وعظيماً. فنجد في القرآن سورة النساء. ونجد أحاديث الرسول (ص): رفقاً بالعذارى فإنهن خلقن من ضلع أعوج؛ والجنّة تحت أقدام الأمّهات؛ وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.
وأفرد الإسلام أبواباً خاصّة بالمرأة: الحيض والنفاس والحمل والرضاعة وعدّة المرأة والمطلّقة والمتوفّى عنها زوجها والخطبة. وقد أفرد في ذلك نصوصاً ولم نجد بين تلك النصوص والإهتمامات بشئون المرأة في الإسلام ما يشير إلى أهمّية الخفاض. وذلك بحسبان أن هذه العادة دخيلة على الإسلام ولا تشكّل في نظر الإسلام أهمّية. ولو كانت كذلك لاهتم بها الدين الإسلامي. ومن الأشياء الهامّة في الفقه الإسلامي أصول الفقه وهي الفرض والركن الواجب والسُنّة والمندوب. ولم نجد للخفاض مدخلاً واحداً من هذه الأبواب.
هناك بعض الناس أوردوا حديثاً ضعيفاً لم يؤخذ به في هذا الشأن. والحديث يقول للمرأة الخافضة: أخفضي ولا تُنهِكي. إستدل بعض الناس بأن الختان هو أحد الأمور التي أبتلى بها سيّدنا إبراهيم عليه السلام والتي ذكرها بعنوان الكلمات «إذ إبتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهن» (البقرة 124:2). وروي عن إبن العبّاس تلك الكلمات هي الخصال الخمس في الفطرة وهي الختان للرجل وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر وإزالة العانة.
ولعلّني أوافق ما جاء في قول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق: ليس في الختان ما يصح أن يكون دليلاً على السُنّة الفقهيّة ولا خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع. والذي أراه أن حُكم الشرع في الختان لا يخضع لنص منقول وإنّما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعيّة عامّة هي: إن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلاّ لمصلحة تعود عليه وتربو على الألم الذي يلحقه. وقد برهن الأطبّاء بما لا يدع مجالاً للشك بأن كثيراً من المعاناة في الدورة الشهريّة والحمل والولادة والعقم يرجع إلى ما يسمّى بالخفاض. ويرى بعض الأطبّاء أن الخفاض يضعف الغريزة الجنسيّة فيحتاج الرجل إلى الإستعانة بمواد قد تفسد عليه صحّته العقليّة والبدنيّة.
يقول بعض الناس أن الخفاض فيه حفظ على شرف المرأة. وهذا القول مردود لأن العزّة والشرف ليس في الخفاض وإنّما هي تربية وسلوك وخلق. هناك قاعدة فقهيّة هامّة للغاية يجب أن نعيها ولا نغفل عنها: وهي أن الإسلام أمرنا أن نأخذ برأي الطبيب في ركن من أركان الإسلام وهو الصوم. فإذا ما نصحنا الطبيب بعدم الصوم الذي ربّما تعرّضنا بسببه للهلاك. فما بالنا وقد قدّم لنا الأطبّاء النصح بل وضعوا أيدينا على الخطر الكبير الذي تتعرّض له المرأة بسبب الخفاض. فما دمنا قد أخذنا بنصحه وتوجيهه في الصوم وهو ركن من أركان الإسلام فيجب علينا أن نحارب هذه العادة وهي ليست بفرض ولا ركن ولا واجب ولا سُنّة ولا تسمو لدرجة المندوب، بل كل ما قيل عنها أنها مَكرُمَة وأثبت الطب بطلان هذا القول.
ومن هنا يتّضح لنا أن خفاض الأنثى ليس لدينا ما يدعو إليه لا شرعاً ولا خلقاً ولا طبّاً.
لقد آن الأوان لتبصير المجتمع واستخدام وسائل الإعلام وقيام رجال الدين بدورهم المتعاظم في نشر الوعي وعقد المؤتمرات ونشر الكتيّبات وتأكيد رأي الدين في محاربته لهذه العادة التي قد تؤدّي إلى إنقراض الجنس البشري وانتشار الأوبئة. وإن الإسلام الذي قال رسول الله (ص) «فر من االمجذوم كما تفر من الأسود»، هو الإسلام الذي يحافظ على سلامة أجسام الناس وصحّة الناس وينهاهم أن يلقوا بأيديهم إلى التهلكة. ويقول (ص) وهو يحذّر من التعرّض بالأذى للمسلم: «من آذى مسلماً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله».
وقد أجمع علماء الطب أن الخفاض ضرب من ضروب الأذى وقد إستمعت من قَبل في ورشة العمل التي عقدتها جمعيّة بابكر بدري العلميّة والتي ضمّت كبار علماء الطب وعلماء التربية وعلماء الدين. وقد بين لنا الدكتور «آبو» الخطر المذهل الذي تتعرّض له الطفولة والأمومة بسبب الخفاض ورأي الدين يتّفق مع الطب تماماً في درأ الخطر.
ومن هذا المنطق إن العلم بتطوّره وتقدّمه يتّفق مع الدين في محاربة وإزالة العادات التي تضر بسلامة الإنسان وتحد من نشاطه وتقدّمه أو تحول بينه وبين ما خلق الله من طيّبات الحياة. والرسول (ص) يقول: «أن الله جميل يحب الجمال». ويقول (ص) حين رفع يديه إلى السماء يطلب من الله أن يمنحه أربعة أشياء فقال: «اللهم أغنني بالعلم وأكرمني بالتقوى وجمّلني بالعافية وزيّني بالحلم».
وهكذا نجد أن العافية تتمثّل في الإعتناء بصحّة وسلامة الإنسان هي التي حث عليها الدين وكان حرباً على الجهل والفقر والمرض ومسبّباته من عادات بالية أثبت الطب عدم جدواها وأكّد خطورتها ليس فقط بالقول فحسب ولكن بالعمل المجد الملموس وكان من أخطرها الخفاض الذي أصبح ضرره أكثر من نفعه.
في الختام فإن الدين الذي يقوم على مصادر هي القرآن والسُنّة والقياس والإجماع يدعو إلى التمسّك بالأصلح والأنفع ويقول لنا رسوله «أنتم أعلم بشئون دنياكم». ودنيانا اليوم هي دنيا العلم والتقدّم والرقي وقد إستخلفنا الله في الأرض لعمارتها بالخير.
1) لزوم الختان ولو بعد سنين
1- محمّد بن علي بن الحسين، بإسناده عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، قال: قال علي عليه السلام: لا بأس بأن لا تختتن المرأة، فأمّا الرجل فلا بد منه [115] .
2- في عيون الأخبار، بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام، أنه كتب إلى المأمون: والختان سُنّة واجبة للرجال، ومَكرُمَة للنساء [116] .
3- محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا أسلم الرجل إختتن ولو بلغ ثمانين سنة. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب مثله [117] .
4- عن علي بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعاً، عن محمّد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيم عليه السلام، في حديث طويل، أن رجلاً من الرهبان أسلم على يده - إلى أن قال: فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبّة خز وقميص قوهي وطيلسان وخف وقلنسوة فأعطاه إيّاه وصلّى الظهر وقال: إختتن. فقال: قد إختتنت في سابعي [118] .
5- بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال علي عليه السلام: وجدنا صحيفة أن الأغلف لا يترك في الإسلام حتّى يختتن ولو بلغ مائتي سنة [119] .
6- الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق، نقلاً من طب الأئمّة عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله، أنه قال: أختنوا أولادكم يوم السابع، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم. وقال: إن الأرض تنجّس ببول الأغلف أربعين صباحاً [120] .
7- فقه الرضا عليه السلام: وسمّه اليوم السابع وأختنه واثقب أذنه - الخ [121] .
8- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليهم السلام، قال: وجدنا في قائم سيف رسول الله صلّى الله عليه وآله في صحيفة: إن الأغلف لا يترك في الإسلام حتّى يختن ولو بلغ ثمانين سنة [122] .
9- وبهذا الإسناد، عن علي عليه السلام، قال: أوّل من قاتل في سبيل الله، إبراهيم عليه السلام، إلى أن قال: وأوّل من إختتن إبراهيم، إختتن بالقدوم على رأس ثمانين سنة من عمره. ورواهما في دعائم الإسلام، مثله [123] .
2) إن الختان من الحنيفيّة وإنه من سُنَن الأنبياء
1- محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة إبن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: إن ثقب أذن الغلام من السُنّة وختانه لسبعة أيّام من السُنّة [124] .
2- عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: [...] وختان الغلام من السُنّة [125] .
3) عن محمّد بن يعقوب، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن القاسم بن بريد، عن أبي بريد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من سُنَن المرسلين الإستنجاء والختان. ورواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، مثله [126] .
4- عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: من الحنيفيّة الختان [127] .
5- عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبي محبوب، عن محمّد بن قذعة، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن من عندنا يقولون: إن إبراهيم عليه السلام ختن نفسه بقدوم على دن، فقال: سبحان الله ليس كما يقولون، كذبوا على إبراهيم عليه السلام، فقلت: كيف ذلك؟ قال: إن الأنبياء كانت تسقط عنهم غلفتهم مع سررهم في اليوم السابع فلمّا ولد لإبراهيم من هاجر عيّرت سارة هاجر بما تعيّر به الإماء فبكت هاجر واشتد ذلك عليها. فلمّا رآها إسماعيل تبكي بكى لبكائها. فدخل إبراهيم عليه السلام فقال: ما يبكيك يا إسماعيل؟ فقال إن سارة عيّرت أمي بكذا وكذا فبكت وبكيت لبكائها. فقام إبراهيم إلى مصلاّه فناجى فيه ربّه وسأله أن يلقي ذلك عن هاجر فألقاه الله عنها فلمّا ولدت سارة إسحاق وكان يوم السابع سقطت عن إسحاق سرّته ولم تسقط عنه غلفته فحرجت من ذلك سارة، فلمّا دخل إبراهيم قالت له: ما هذا الحادث الذي حدث في آل إبراهيم وأولاد الأنبياء؟ هذا إبني إسحاق قد سقطت عنه سرّته ولم تسقط عنه غلفته - إلى أن قال: فأوحى الله عز وجل إليه أن يا إبراهيم هذا لمّا عيّرت سارة هاجر فآليت أن لا أسقط ذلك عن أحد من أولاد الأنبياء لتعيير سارة هاجر فاختن إسحاق بالحديد وأذقه حر الحديد. قال فختنه إبراهيم بالحديد وجرت السُنّة بالختان في أولاد إسحاق بعد ذلك. ورواه الصدوق في العلل، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب جميعاً، عن الحسن بن محبوب، إلاّ أنه قال: فجرت السُنّة في الناس بعد ذلك. ورواه البرقي في المحاسن، عن أبيه، عن إبن محبوب، نحوه [128] .
6- عن عيون الأخبار، بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام، أنه كتب إلى المأمون: والختان سُنّة واجبة للرجال، ومَكرُمَة للنساء [129] .
7- العيّاشي في تفسيره، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ما بقّت السُنّة شيئاً حتّى إن منها قص الشارب والأظفار والأخذ من الشارب والختان [130] .
8- عن طلحة بن زيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن الله عز وجل بعث خليله بالحنيفيّة، وأمره بأخذ الشارب وقص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة والختان [131] .
9- محمّد بن علي بن الحسين في كتاب إكمال الدين، عن عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس، عن علي بن محمّد بن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن محمّد بن الحسين بن يزيد [زيد - خ] عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزدي يعني إبن أبي عمير، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام، يقول لمّا ولد الرضا عليه السلام: إن إبني هذا ولد مختوناً وطاهراً مطهّراً، وليس من الأئمّة عليهم السلام أحد يولد إلاّ مختوناً طاهراً مطهّراً، ولكنا سنمر الموسى لإصابة السُنّة وإتّباع الحنيفيّة [132] .
10- عن علي بن الحسين بن الفرج المؤذن، عن محمّد بن الحسن الكرخي، عن أبي هارون، رجل من أصحابنا في حديث: إن صاحب الزمان عليه السلام ولد مختوناً وأن أبا محمّد عليه السلام قال: هكذا ولد، وهكذا ولدنا، ولكنا سنمر عليه الموسى لإصابة السُنّة [133] .
11- محمّد بن يعقوب، عن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ختان الغلام من السُنّة وخفض الجارية ليس من السُنّة [134] .
12- محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: الختان سُنّة في الرجال، ومَكرُمَة في النساء [135] .
13- إبن الوليد، عن الصفّار، عن البرقي عن إبن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: خمس من السُنَن في الرأس وخمس في الجسد: أمّا التي في الرأس فالسواك وأخذ الشارب وفرق الشعر والمضمضة والإستنشاق. وأمّا التي في الجسد فالختان وحلق العانة ونتف الإبطين وتقليم الأظفار والإستنجاء [136] .
14- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: خمس من الفطرة: تقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة والإختتان [137] .
15- أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبي الجوزا، قال: الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم، لأنه ضيّع من السُنّة أعظمها، ولا تُقبل له شهادة ولا يُصلّى عليه إذا مات إلاّ أن يكون ترك ذلك خوفاً على نفسه [138] .
16- عن النبي صلّى الله عليه وآله: الختان سُنّة للرجال، مَكرُمَة للنساء [139] .
17- وقال الصادق عليه السلام: الختان سُنّة في الرجال، مَكرُمَة للنساء [140] .
18- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن علي عليه السلام، قال: قيل لإبراهيم خليل الرحمن عليه السلام: تطهّر فأخذ من أظفاره، ثم قيل له: تطهّر فنتف تحت جناحيه. ثم قيل له: تطهّر فحلق هامته. ثم قيل له: تطهّر فاختتن [141] .
19- دعائم الإسلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، أنه قال: الختان الفطرة [142] .
20- فقه الرضا عليه السلام: قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وآله: «واتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16) فهي عشرة سُنَن - إلى أن قال: والإستنجاء والختان [143] .
3) عِلّة الختان فإنه أطهر وأن الأرض تضج من بول الأغلف
1- الحسن الطبرسي في مكارم الأخلاق، قال: قال عليه السلام: سبع خصال في الصبي إذا ولد من السُنّة: أوّلاهن يسمّى، والثانية يحلق رأسه والثالث يتصدّق بوزن شعره ورقاً أو ذهباً إن قدر عليه، والرابعة يعق عنه، والخامسة يلطّخ رأسه بالزعفران، والسادسة يطهّر بالختان، والسابعة يطعم الجيران من عقيقته [144] .
2- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، ومحمّد بن عبد الله بن جعفر جميعاً، عن عبد الله بن جعفر، أنه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام، أنه روى عن الصادقين عليهم السلام: إن أختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فإن الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأغلف - الخبر. ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله [145] .
3- عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: طهّروا أولادكم يوم السابع فإنه أطيب وأطهر وأسرع لنبات اللحم، وإن الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً. ورواه الصدوق في الخصال، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، مثله. وبإسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة، مثله. وزاد بعد قوله «يوم السابع: ولا يمنعكم حر ولا برد». ورواه الحميري في قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف، عن الحسن بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليه السلام، مثله وترك الزيادة [146] .
4- وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أختنوا أولادكم لسبعة أيّام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم، وإن الأرض تكره بول الأغلف. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب [147] .
5- أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الإحتجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام في سؤال الزنديق، قال: أخبرني هل يعاب شيء من خلق الله؟ قال: لا. قال: فإن الله خلق خلقه غرلاً فلم غيّرتم خلق الله، وجعلتم فعلكم في قطع الغلفة أصوب ممّا خلق الله، وعبتم الأغلف والله خلقه، ومدحتم الختان وهو فعلكم، أم تقولون: إن ذلك كان من الله خطأ غير حِكمة؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ذلك من الله حِكمة وصواب غير أنه سن ذلك وأوجبه على خلقه كما أن المولود إذا خرج من بطن أمّه وجدتم سرّته متّصلة بسرّة أمّه كذلك أمر الله الحكيم فأمر العباد بقطعها، وفي تركها فساد بين المولود والأم، وكذلك أظفار الإنسان أمر إذا طالت أن تقلّم، وكان قادراً يوم دبّر خلقة الإنسان أن يخلقها خلقة لا تطول، وكذلك الشعر في الشارب والرأس يطول ويجز، وكذلك الثيران خلقها فحولة وإخصاؤها أوفق، وليس في ذلك عيب في تقدير الله عز وجل [148] .
6- محمّد بن علي بن الحسين في كتاب إكمال الدين، بالإسناد عن أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسدي فيما ورد عليه من التوقيع، عن محمّد بن عثمان العمري في جواب مسائله، عن صاحب الزمان عليه السلام، قال: وأمّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي تنبت غلفته بعد ما يختن هل يختن مرّة أخرى. فإنه يجب أن تقطع غلفته فإن الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأغلف أربعين صباحاً [149] .
7- محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: يقول: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلّى الله عليه وآله وإتّباع منّا لك ولدينك بمشيئتك وبإرادتك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّي، اللهم فطهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم». قال أبو عبد الله عليه السلام: من لم يقلها عند ختان ولده فليقلها عليه من قَبل أن يحتلم فإن قالها كفى حر الحديد من قتل أو غيره [150] .
8- عن الصادق عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: يقول: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلواتك عليه وآله وإتّباع مثالك وكتبك بمشيئتك وإرادتك وقضائك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذفته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّا. اللهم طهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع في جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم» [151] .
9- من طب الأئمّة، عن النبي صلّى الله عليه وآله، قال: أختنوا أولادكم في السابع، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم. وقال: إن الأرض تنجّس ببول الأغلف أربعين يوماً [152] .
10- الصدوق في الهداية، عن الصادق عليه السلام، أنه قال: ... وفي حديث آخر: إن الأرض تضج إلى الله من بول الأغلف [153] .
11- دعائم الإسلام، عن علي عليه السلام، أنه قال: أسرعوا بختان أولادكم فإنه أطهر لهم [154] .
4) الدعاء عند الختان
1- محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن مرازم بن حكيم، عن أبي عبد الله عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلّى الله عليه وآله وإتّباع منّا لك ولدينك بمشيئتك وبإرادتك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذقته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّي، اللهم فطهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع عن جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم». قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: ومن لم يقلها عند ختان ولده فليقلها عليه من قَبل أن يحتلم فإن قالها كفى حر الحديد من قتل وغيره [155] .
2- عن الصادق عليه السلام في الصبي إذا ختن، قال: يقول: «اللهم هذه سُنّتك وسُنّة نبيّك صلواتك عليه وآله وإتّباع مثالك وكتبك بمشيئتك وإرادتك وقضائك لأمر أردته وقضاء حتّمته وأمر أنفذته فأذفته حر الحديد في ختانه وحجامته لأمر أنت أعرف به منّا، اللهم طهّره من الذنوب وزد في عمره وادفع الآفات عن بدنه والأوجاع في جسمه وزده من الغنى وادفع عنه الفقر فإنك تعلم ولا نعلم» [156] .
5) فضل الوليمة في الختان
النوفلي، عن السكوني، بإسناده، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله، الوليمة في أربع: العرس، والخرس وهو المولود يعق عنه ويطعم له، وإعذار وهو ختان الغلام، والإياب وهو الرجل يدعو إخوانه إذا آب من غيبته [157] .
6) إن أوّل من إختتن آدم وإبراهيم عليهما السلام
1- محمّد بن علي بن الحسين في عيون الأخبار، عن محمّد بن عمر البصري، عن محمّد بن عبد الله الواعظ، عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام في حديث الشامي، أنه سأله عن أوّل من أمر بالختان، فقال: إبراهيم - الخبر [158] .
2- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليهم السلام، قال: أوّل من قاتل في سبيل الله إبراهيم عليه السلام - إلى أن قال: وأوّل من أختن إبراهيم أختن بالقدوم على رأس ثمانين سنة من عمره [159] .
3- الشيخ المفيد في الإختصاص، عن إبن عبّاس في حديث مسائل عبد الله بن سلام، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله - إلى أن قال: قال: من أختن لآدم؟ قال: إختتن بنفسه. قال: ومن إختتن بعد آدم؟ قال: إبراهيم خليل الرحمن. قال: صدقت يا محمّد [160] .
7) أفضل الأوقات للختان يوم السابع
1- محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن ثقب أذن الغلام من السُنّة وختانه لسبعة أيّام من السُنّة [161] .
2- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى ومحمّد بن عبد الله بن جعفر جميعاً، عن عبد الله بن جعفر، أنه كتب إلى أبي محمّد عليه السلام، أنه روي عن الصادقين عليهم السلام أن أختنوا أولادكم يوم السابع يطهروا، فإن الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأغلف، وليس جعلني الله فداك لحجّامي بلدنا حذق بذلك، ولا يختنونه يوم السابع، وعندنا حجّامو اليهود فهل يجوز لليهود أن يختنوا أولاد المسلمين أم لا إن شاء الله؟ فوقَّع عليه السلام: السُنّة يوم السابع، فلا تخالفوا السُنَن إن شاء الله [162] .
3- عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: طهّروا أولادكم يوم السابع فإنه أطيب وأطهر وأسرع لنبات اللحم، وإن الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً. ورواه الصدوق في الخصال، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، مثله وبإسناده عن علي عليه السلام في حديث الأربعمائة، مثله وزاد بعد قوله: يوم السابع: ولا يمنعكم حر ولا برد [163] .
4- وعنه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: أختنوا أولادكم لسبعة أيّام، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم، وأن الأرض لتكره بول الأغلف. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب [164] .
5- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد. عن الحسين بن علي بن يقطين، عن أخيه الحسن، عن أبيه علي بن يقطين، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ختان الصبي لسبعة أيّام من السُنّة هو، أو يؤخّر فأيهما أفضل؟ قال: لسبعة أيّام من السُنّة، وإن أخِّر فلا بأس. ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله [165] .
6- عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيّرة، عمّن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: المولود يعق عنه ويختن لسبعة أيّام [166] .
7- عبد الله بن جعفر في قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن عنوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام، قال: سمّى رسول الله صلّى الله عليه وآله الحسن والحسين عليهما السلام لسبعة أيّام وعق عنهما لسبع وختنهما لسبع - الخبر [167] .
8- أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال: أختنوا أولادكم يوم السابع فإنه أطهر وأطيب وأسرع لنبات اللحم، فإن الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً [168] .
9- بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه صلوات الله عليهم، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أختنوا أولادكم يوم السابع، فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم [169] .
10- فقه الرضا عليه السلام: وسمّه اليوم السابع وأختنه واثقب أذنه واحلق رأسه وزن شعره بعدما تجفّفه بفضّة أو بالذهب وتصدّق بها وعق عنه كل ذلك في اليوم السابع - الخبر [170] .
8) ليس على النساء ختان وخفضها مَكرُمَة لها
1- محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه عليه السلام، قال: قال علي عليه السلام: لا بأس بأن لا تختتن المرأة، فأمّا الرجل فلا بد منه [171] .
2- محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن إبن رئاب، عن أبي بصير يعني المرادي، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجارية تسبى من أرض الشرك فتسلم فيطلب لها من يخفضها فلا يقدر على إمرأة. فقال: أمّا السُنّة فالختان على الرجال، وليس على النساء [172] .
3- عن علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: خفض النساء مَكرُمَة، وليس من السُنّة ولا شيئاً واجباً، وأي شيء أفضل من المَكرُمَة؟ [173]
4- محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابه، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: الختان سُنّة في الرجال ومَكرُمَة في النساء [174] .
5- فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون: العقيقة عن المولود الذكر والأنثى واجبة، وكذلك تسميته وحلق رأسه يوم السابع ويتصدّق بوزن الشعر ذهباً أو فضّة، والختان سُنّة واجبة للرجال ومَكرُمَة للنساء [175] .
6- عن النبي صلّى الله عليه وآله: الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء [176] .
7- قال الصادق عليه السلام: الختان سُنّة في الرجال مَكرُمَة للنساء [177] .
9) عدم الإستئصال في خفض النساء وإبقاء شيء منها للذّاتهن
1- ومن تهذيب الأحكام عن الصادق عليه السلام، قال: لمّا هاجرت النساء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، هاجرت فيهن إمرأة يقال لها أم حبيبة وكانت خافضة تخفض الجواري. فلمّا رآها رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لها: يا أم حبيبة، العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم؟ قالت: نعم يا رسول الله، إلاّ أن يكون حراماً فتنهاني عنه. قال: لا بل حلال فادني منّي حتّى أعلّمك. قال: فدنت منه. فقال: يا أم حبيبة إذا أنت فعلت فلا تُنهِكي أي لا تستأصلي وأشِمِّي فإنه أشرق للوجه وأحظى عند الزوج. قال: فكانت لأم حبيبة أخت يقال لها أم عطيّة، وكانت مقيّنة يعني ماشطة. فلمّا إنصرفت أم حبيبة إلى أختها، أخبرتها بما قال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله. فأقبلت أم عطيّة إلى النبي، فأخبرته بما قالت لها أختها. فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله: ادني منّي يا أم عطيّة، إذا أنت قيّنت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة، فإن الخرقة تذهب بماء الوجه [178] .
2- الجعفريّات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: إن عليّاً عليه السلام قال: يا معشر الناس، إذا خفضن بناتكم فبقّين من ذلك شيئاً فإنه أنقى لألوانهن وأحظى لهن [179] .
3- وبهذا الإسناد، عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: أخبرني جدّي القسم بن محمّد بن أبي بكر، عن عايشة، أنها كانت تقول: يا معشر النساء، إذا خفضن بناتكن فبقّين إبقاء للذّاتهن في الأزواج [180] .
01) أوّل من إختتن من النساء هاجر أم إسماعيل عليه السلام
1- محمّد بن علي بن الحسين في عيون الأخبار، عن محمّد بن عمر البصري، عن محمّد بن عبد الله الواعظ، عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام في حديث الشامي، أنه سأله عن أوّل من أمر بالختان. فقال إبراهيم. وسأله عن أوّل من خفض من النساء فقال: هاجر أم إسماعيل. خفضتها سارة لتخرج عن يمينها [فإنها كانت حلفت لتذبحنها - خ] - الخبر [181] .
2- في العلل، عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد الله عليه السلام، في قول سارة: اللهم لا تؤاخذني بما صنعت بهاجر، أنها خفضتها لتخرج من يمينها بذلك [182] .
3- القطب الراوندي في لب اللباب: ولم يبايع النبي صلّى الله عليه وآله أحداً من النساء إلاّ مختونة. وأوّل من إختتن من النساء هاجر لحلف سارة أن تقطع عضواً منها، فأمر الله تعالى باختتانها [183] .
11) زمان خفض الجارية وأنه بعد سبع سنين
دعائم الإسلام، عن علي عليه السلام، أنه قال: لا تخفض الجارية دون أن تبلغ سبع سنين [184] .
الختان
هو قطع غرلة الصبي ونوف الجارية. وختان الذكر من الفروض الدينيّة عند الإسرائيليين. وكان في الأيّام القديمة مفروضاً على جميع صبيانهم وعبيدهم. إن الله تعالى أريد به إبراهيم عليه السلام وموسى عمّمه ولم ينقطعوا عنه إلاّ في زمن التيه في البرّية. ويختنون أولادهم في اليوم الثامن من ولادتهم. وكان جارياً عند المصريّين والسوريين. وكان بعض الأجانب من المسيحيّين يختنون الذكور والإناث. وفيثاغور إختتن ليتمكّن من تحصيل العلوم المصريّة الدينيّة من كهنة مصر. والأدوميين والعمونيين والموآبيين والإسماعيليين. وكان جارياً في بلاد الهند والإفريقيّة وغيرها كما ذكره البستاني [186] .
وفي كمال الدين ص 287 في التوقيع قال عليه السلام: أمّا ما سألت عنه من أمر المولود الذي تنبت غرلته بعد ما يختن هل يختن مرّة أخرى فإنه يجب أن يقطع غلفته فإن الأرض تضج إلى الله عز وجل من بول الأغلف أربعين صباحاً.
وذكره المجلسي في مرآة العقول [187] باب عِلّة الختان، سئل الصادق عليه السلام: ما العِلّة في حلق شعر المولود، قال تطهير من شعر الرحم. وعنه عليه السلام قال: أختنوا أولادكم لسبعة أيّام فإنه أطهر وأسرع لنبات اللحم وإن الأرض لتكره بول الأغلف (الأغلف).
وفي حديث آخر: وإن الأرض تنجّس من بول الأغلف أربعين صباحاً. وفي حديث آخر: وإن الأرض تضج إلى الله من بول الأغلف. وعن علي عليه السلام قال: إذا أسلم الرجل إختتن ولو بلغ ثمانين. قال المجلسي (ره) في المرآة يدل على إستحباب الختان في السابع للوالدين ولا خلاف فيه بين الأصحاب ولا في أنه يجب الختان عليه بعد البلوغ، وإنّما الخلاف في أوّل وقت وجوبه. فذهب الأكثر إلى أنه لا يجب إلاّ بعد البلوغ كغيره من التكاليف.
وقال العلاّمة في التحرير: لا يجوز تأخيره إلى البلوغ. وربّما كان مستنده إطلاق الروايات المتضمّنة لأمر الولي - إلى أن قال: فلو ولد مختوناً خلقة سقط. أقول: ولكن في بعض الأحاديث يستحب مع ذلك إمرار الحديد والأخذ منه قليلاً من الحشفة كما وقع الأمر فيّ وكنت مختوناً حين ولادتي.
وفي حديث آخر من هذا الباب عن الصادق عليه السلام قال: إن الأنبياء عليهم السلام كانت تسقط عنهم غلفتهم مع سررهم في اليوم السابع. فلمّا ولد إبراهيم من هاجر (إسماعيل) عيّرت سارة هاجر بما تعيّر به الإماء. فبكت هاجر واشتد ذلك عليها. فلمّا رآها إسماعيل تبكي بكى لبكائها. - إلى أن قال: فلمّا ولدت سارة إسحاق وكان يوم السابع سقطت عن إسحاق سرّته ولم تسقط عنه غلفته. فقام إبراهيم عليه السلام إلى مصلاّه فناجى ربّه وقال: رب ما هذا الحادث الذي قد حدث في آل إبراهيم وأولاد الأنبياء، وهذا إبني إسحاق قد سقطت عنه سرّته ولم تسقط عنه غلفته؟ فأوحى الله تعالى إليه أن يا إبراهيم هذا لمّا عيّرت سارة هاجر فآليت أن لا أسقط ذلك عن أحد من أولاد الأنبياء عليهم السلام لتعيير سارة هاجر. فاختن إسحاق بالحديد فختنه. وجرت السُنّة بالختان في أولاد إسحاق بعد ذلك.
وفي حديث آخر قال عليه السلام: الختان لسبعة أيّام من السُنّة وإن أخّر فلا بأس. وفي حديث آخر قال عليه السلام: ختان الغلام من السُنّة وخفض الجواري ليس من السُنّة، ولكن مَكرُمَة عند البعل، يعني بسببه يصرن كرائم عند أزواجهن. وفي المجمع قال: قال بعضهم أن أربعة عشر من الأنبياء ولدوا مختونين وهم: آدم وشيت ونوح وهود وصالح ولوط وشعيب ويوسف وموسى وسليمان وزكريّا وعيسى وحنظلة بن صفوان نبي أصحاب الرس ونبيّنا محمّد عليهم السلام. وفي حديث آخر يقع الإمام عليه السلام مختوناً يعني من بطن أمّه.
بحث في الختان عند الأمم الإسلاميّة وأنه أثر من آثار الإسرائيليّات في الإسلام
الإهداء
إلى النفس الأبيّة التي تربأُ أن تكون صنيعة للمضلّلين يتّخذون منها صنماً لضحايا التضليل.
إلى الفكر الحر الذي أوتي من سعة الأفق وعمق الإنسانيّة ما يحفزه إلى التمرّد على الأباطيل.
إلى اليد القويّة التي تواتيها الشجاعة فتبطل ممارسة الختان ببلادنا رحمة بالطفولة المعذّبة بهذا التقليد الأخرق الذي يشوّه كل سنة أجساد ربع مليون صبي تشويهاً لا يمحى أثره مدى الحياة.
مدخل إلى الكتاب: الإسرائيليّات والأديان
ولِع العبريّون بتلفيق الأكاذيب وبرعوا في تلبيس الحق بالباطل، وعرف العالم منهم ذلك فأصبحت نسبة مذهب فكري إلى اليهود أشنع مثلبة يُزَنُّ بها المذهب.
وقد طرح كهنة اليهود أسفارهم المقدّسة على نضد الجراحة ولبثوا قرابة ألف عام يعملون فيها مباضعهم بتراً وزرعاً ويثخنونها إضافة وحذفاً.
ولم يكن حظ الديانة المسيحيّة مع بني إسرائيل خيراً من سابقتها. فقد جاءهم المسيح يكمّل ناموسهم ويهذّب طباعهم، فصدفوا عنه وأعرضوا عن بشارته وأسلموه إلى عُداته، ثم راحوا يعبثون بتعاليمه لإغراء الأمميين بالدخول في دينه متجاهلين قوله: «ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه» (متّى 26:16).
الإسرائيليّات في الإسلام
ولم تسلم ديانة المسلمين من أذى بني إسرائيل. فقد خلبت أباطيل اليهود بعض رجال الدين في صدر الإسلام فقفَوا على آثارهم وطابت نفوسهم، وهم الأميّون، أن يتّخذوا من ثياب أحبار أهل الكتاب زيّاً تقليديّاً يميّزهم وأقبلوا يَعُبّون من منهل توراتهم وتلمودهم ويذيعون تقاليدهم ويشيعون آراءهم. وطالت الحال على هذا المنوال فأختلط الأمر على ناس من المسلمين وسرى في وهمهم أن هذه الشعائر اليهوديّة والتقاليد الإسرائيليّة والأساطير العبريّة التي يضيّعون فيها أوقاتهم ويشغلون بها أذهانهم إنّما هي من صميم الدين ومقوّمات الإيمان فأحسنوا تقبّلها واستمسّكوا بها وحرصوا عليها حرص اليهود أنفسهم. وهكذا أجتمع على إيذاء مفاهيمنا الدينيّة مُسلمة اليهود ومُتهوّدة المسلمين.
وقد سلم القرآن الكريم من عبثهم إذ إستظهره حملته ودوّنه القَوَمَة بالأمر في مصحف محفوظ: «إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون» (الحجر 9:15). فامتنع على هؤلاء المُمَخرقين أن يحرّفوا كلمات الله كدأبهم: «وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون» (البقرة 75:2). فقالوا في أنفسهم لئن لم نجد السبيل إلى تبديل كلمات الله إن السبيل إلى تبديل معانيها لمعبّدة لنا، وإن في ميدان التفسير والتأويل لمتّسعاً لكل تدليس وتضليل.
لقد تاح للذين دانوا بالمسيحيّة من يهود القرنين الميلاديين الأوّلين ومن إليهم أن يصوغوا من يسوع المسيح إلهاً على غرار آلهة الوثنيّين. وتاح للذين دخلوا الإسلام من يهود القرنين الهجريين الأوّلين ومن إليهم أن ينحتوا من نبي المسلمين نموذجاً متأخّراً لأنبياء بني إسرائيل. وواطأتهم طائفة من مشيخة المسلمين على تغيير صورته والعبث بسيرته. فنحّلوه أحاديث لم يُحَدّث بها ونسبوا إليه معجزات لم ينسبها إلى نفسه نسجوا بردتها بمحاكاة معجزات الأنبياء من بني إسرائيل. فأصبحت له معجزات تكرّر معجزاتهم كما تكرّر معجزات عيسى معجزات موسى واليشع، وكما يكرّر يشوع إبن نون بأعماله ومعجزاته ما أتاه موسى من هذا القبيل. وأدخلوه هو وربّه في مساومة ملِحَّة، وأنبتوا شجرة نسب تربط بينه وبين اليهود بآصرة قربى كاذبة وقوّلوه في هذا المعنى حديثاً لم يجرِ به لسانه، يقول: «إن الله إصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم، فأنا خيار من خيار من خيار».
وبما أنهم جعلوا من إسماعيل جدّاً للنبي فقد وجدوا ممّا يجب له أن ينحلوه شرفاً يعوّضه من الشرف الذي أسبغوه على النبي (ص) بانتحال أبوّة إسماعيل له. فزعموا أنه هو الذي إنطلق بصحبة إبراهيم: «فلمّا بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام إني أذبحك فأنظر ماذا ترى، قال يا أبتِ إفعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين» (الصافات 102:37). وأنكروا أن هذه القصّة تتّصل بأخيه إسحاق.
ولقد طاب لبعض من «أسلموا» مقادهم من بني إسرائيل دون أن يحسُنَ إيمانهم أن يزفّوا إلينا بعض ما يعلمون من جغرافية الجنّة (دون أن يلاحظوا أن الجنّة عندنا في السماء لا على الأرض كما يفهم من التوراة الحاليّة) وأن يدسّوا في أثناء الشريعة الإسلاميّة أموراً هي من أسس الديانة اليهوديّة، مثل تحريم النحت والتصوير وهما ما تنهى عنه الثانية من وصاياهم العشر، ومثل التورّع عن ذكر كلمة «الله» أو ما في معناها، وهو ما تنهى عنه الوصيّة الثالثة. فقد تجد مدرّساً للغة العربيّة يقول في إعراب كلمة «وجه الله» مثلاً: وجه مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه.
ونشط اليهود إلى ترويج أخبار الجان وهوّلوا في أخطار السحر والحسد ونوّهوا بالتكهّن والتطيّر ومعالجة الأمراض بالرقي والتمائم، ممّا صرف عقول العامّة عن الربط بين العلل والمعلولات وجعلهم يلتمسون للمسبّبات أسباب غيبيّة لا يدركها الحس ولا يتناولها المنطق. ثم أنهم زيّنوا لمن تابعهم على مذهبهم من المسلمين أن يتّجهوا بعنايتهم إلى ظاهر مراسم العبادات وإلى الذكر وما إليه، وأن يدوروا بمباحثهم في حلقة مفرغة من الجدليّات، وأن يَعنُفوا بأصحاب الآراء المخالفة لهم. فاقفلوا بذلك باب الإجتهاد وأصابوا الفكر بالركود والأسن وطبعوا الدين اليُسر بطابع الصرامة والقساوة.
وقد إستطاع الذين أسلموا من اليهود في زمن مبكّر أن يطمسوا على عقول طائفة من شيوخ المسلمين كانوا يشعرون بعوزهم إلى العلم وقصورهم في الفقه، وأن يزحموا حافظتهم بتفصيلات التاريخ الديني اليهودي ممّا حدث وما لم يحدث وأن يبلغوهم حُكماً من أحكام دينهم لا يسيغه الدين السمح ولا يقرّه القرآن الكريم. ذلك هو قتل كل من إستبان له فساد فيما يلقّنون من عقائد فارتد عنها يبحث عن الحقيقة. بل لقد أوشكوا أن يغلّلوا المسلمين بما غلّلت التوراة به اليهود من الأوامر والنواهي التي أبطلها القرآن الكريم: «ويحل لهم الطيّبات ويحرّم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم» (الأعراف 157:7).
وقد إستمرأ بعض الذين كتبوا في التفسير مرعى اللاهوت الإسرائيلي. فكلّما إعتاص على أحدهم تفسير آية من آي القرآن الكريم أو رغب في التزيّد في إبراز واسع إلمامه، والتدليل على غزارة نبعه، وإفهام الخلق أن عنده علم الكتاب، وإيهام القرّاء أنه أوتي معارف الأوّلين والآخرين... رجع إلى الكتاب المقدّس يغترف منه منهله كأنه هو الكتاب الأصلي المفصَّل والقرآن صورة موجزة منه. ولقد يشير الذكر الحكيم في معرض الوعظ والإرشاد إشارة عابرة إلى قصّة قديمة من قصص اليهود حظيت في الجاهليّة بحظ من الشيوع والإنتشار واستحقّت أن يشار إليها لموضع العبرة منها. وقد كان من أسلوبه الحكيم أن ينقّي هذه القصص ممّا يشوبها وأن يسمو بها إلى حقائقها. فإذا هؤلاء المفسّرون يفزعون إلى كتب اليهود الدينيّة يفتّشونها وينقّبون فيها. ثم إذا هم يسهبون فيما نبذه كتابنا الديني من أباطيل تلك القصّة؛ ويضعون في حواشي الكتاب الكريم ما تنزّه الكتاب عنه، يحسبون أنهم يتمّمون بذلك تفسيره. فتراهم يذكرون في عرض حديثهم أسماء أبطال القصّة وانذالها وأشخاصها الثانويين. حتّى لتحس وأنت تقرأ كلامهم إنك تتلو صفحات من التوراة، بل إنهم ليركبون في بعض الأحيان متن الشطط فيضيفون على من يرد ذكرهم في القصّة من كهّان اليهود وأنبيائهم قدسيّة لم تجُد بمثلها أريحيّة كاتبي الكتاب المقدّس أنفسهم.
ولسنا نزري على رجال الدين الإسلامي مطالعتهم الكتاب المقدّس، بل إننا لنحثّهم على ذلك لأننا نعرف أن هذا الكتاب السامي الأصيل مرجع كبير النفع للمشتغلين بأصول اللغة العربيّة ولمن يبتغون التفقّه في علوم الدين الإسلامي ونعلم أنه يقيهم العثرات عندما يفسّرون آيات مثل: «ولا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سم الخياط» (الأعراف 40:7)، «يا أخت هرون ما كان أبوك إمرأ سوء» (مريم 28:19)، «الذين يتّبعون الرسول النبي الأمّي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل [..] فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمّي الذي يؤمن بالله وكلماته واتّبعوه لعلّكم تهتدون» (الأعراف 157:7-158)، «حتّى إذا فُتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون» (الأنبياء 96:21)، «قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتّقوا الله ولا تخزوني في ضيفي» (هود 78:11).
بيد أنّا نود أن يكون ملحوظاً من بادئ الأمر أن دراسة الكتاب المقدّس يجب ألاّ تفتح الباب لمزيد من الإسرائيليّات، بل بعكس ذلك أن تيسّر لنا تبيّن أصول الإسرائيليّات التي تشوب نقاءه ليسهّل علينا إجتثاثها من جذورها وتنقيته من تلك الشوائب وصهر قضاياها في بوتقة التحليل العلمي ونفي الخبث العالق بها من مخلّفات اليهوديّة.
لقد أدلى الكثيرون من مشيخة المسلمين في مناسبات شتّى بما ينبئ بأنهم على بصر بدسيسة الإسرائيليّات. غير أنهم لم يجاوزوا هذا الحد. فلم يجرّد أحد منهم نفسه ويشمر عن ساعده ليستخرج من جسم الدين تلك الزوائد التي نمت فيه وتضخّمت حتّى سترت بعض حقائقه. وهكذا ظل هذا الواجب الجسيم مطروحاً يرقب من ينهض به.
لقد خيّل إلى بعض من أسلموا من اليهود أن ديننا إستمرار لدينهم. فما زالوا بنا حتّى خلطوا شعائرهم بشعائرنا دون الوقوف عند ما ميّز الإسلام منها، وفرضوا علينا أن نتخذ شريعتهم مصدراً من مصادر التشريع عندنا دون التفات إلى أن القاعدة القائلة بأن «شرع من قَبلنا شرع لنا» إنّما تمضي حيث «لم يرد نكير». وكلمة من قَبلنا في هذا المقام إنّما يراد بها اليهود وحدهم، إذ إن الديانة المسيحيّة تكاد تكون خلواً من التشريع. وقد باركت المسيحيّة شريعة اليهود ولم تنسخ من أحكامها غير القليل.
ثم إنهم وسّعوا نطاق «السُنّة» وكانت تُستَمد من قول الرسول العربي أو من عمله أو من إقراره فأباحوا حماها وأولجوا فيها ما كان من عمل أنبيائهم وأحبارهم ممّا لم يُقرّه الرسول قولاً أو عملاً. وأطلقوا على تلك السُنَن العبريّة «سُنَن الفطرة».
الختان
وهكذا سن العبريّون علينا سُنّة الختان. فجعلنا منذ قرون نمارس هذا الخصاء الجزئي بإسم «الطهارة» ونكابد عند إجرائه ألماً مُمِضّاً ونتعرّض لأخطار معروفة من قديم الزمان. ثم يعتورنا من جرّائه شعور مخجل بفتور الحمية الجنسيّة. فيعمد بعض الجاهلين إلى العياذ من هذا التبلّد الطارئ عليهم بتعاطي العقاقير المخدّرة واصطناع الأوضاع المنحرفة.
وقد إنتحل العبريّون لهذه السُنّة الإسرائيليّة من الأحاديث المكذوبة ما يعزّزونها به:
روى إبن وهب عن... عن... عن رسول الله أنه قال: «الفطرة خمس: الإختتنان والإستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط».
ونسبوا إلى إبن عبّاس أنه لم يقنع بأن يكون للإختتنان من جلالة الخطر مثل ما لقص الشارب وتقليم الأظفار، فعمد إلى الآية: «وإذ إبتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهن» (البقرة 124:2). ففسّرها بقوله: «إبتلاه بالطهارة. خمس في الرأس وخمس في الجسد. في الرأس قص الشارب والمضمضة والإستنشاق والسواك وفرق الرأس. وفي الجسد الإختتان وتقليم الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء».
وفسّر بعضهم قوله تعالى: «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16) بأن ذلك يوجب الختان على محمّد وأتباعه. وقد علّق الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت على تفسير هذه الآية السابقة بقوله: وهذا إسراف في الإستدلال، غاية ما قوبل به عدم التسليم له.
وخشى مروّجو الإسرائيليّات أن يتبادر إلى أذهان المسلمين هذا السؤال: إذا كان الختان فرضاً على المسلمين أو في الأقل عملاً مرضيّاً عنه من رب العالمين فكيف فات النبي أن يدع القوم يجرون له هذا المنسك؟ وقد أجمعوا الرأي على أن ذلك لم يفته فقد ختن يقيناً. أمّا متى وأين وكيف فقد تباروا في سبيل الإجابة عنها، كل على ما خيّلت. وأنجبت المباراة عن ثلاثة آراء ليس وراءها جديد لمستزيد.
الرأي الأوّل، وهو أيسرها جميعاً، أن النبي قد ختنه جدّه. وإذا كان بين المعاصرين يومئذ من يستريب في ذلك فسيزول بزوال جيلهم كل ريب. وهكذا زعم إبن عبّاس، أو بالأحرى المتّحدثون بإسمه: «أن عبد المطّلب ختن النبي (ص) يوم سابعه وجعل له مأدبة وسمّاه محمّداً». وهو خبر لم يرضه المتقدّمون ولم يسلم من نقدهم وهم صيارفة الحديث وجهابذته. قال أبو عمر: هذا حديث مسند غريب.
والرأي الثاني، أن ختانه لم يكن بأيدي الناس بل بأيدي الملائكة. نقل لنا الجزء الأوّل من البخاري ممّا رُوي في تأييد هذا الزعم أن إبن الناظور، وكان سُقُفَّاً على نصارى الشام، ذكر أن هرقل حين قدم إيلياء أصبح يوماً خبيث النفس. فقال بعض بطارقته قد إستنكرنا هيئتك. قال إبن الناظور: وكان هرقل حزّاءً ينظر في النجوم. فقال لهم حين سألوه إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمّة؟ قالوا ليس يختتن إلاّ اليهود فلا يهمّنك شأنهم واكتب إلى مدائن ملكك فيقتلوا من فيهم من اليهود. فبينما هم على أمرهم أُتِيَ هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله. فلمّا إستخبره هرقل قال إذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا. فنظروا إليه فحدّثوه أنه مختتن. وسأله عن العرب فقال هم يختتنون. فقال هرقل: هذا ملك هذه الأمّة قد ظهر.
ونقل المقريزي أن بعضهم يقولون أن جبريل عليه السلام ختنه لمّا طهّر قلبه الشريف. وهذا الرأي، القائل بأن النبي خُتن بأيدي الملائكة، ينطوي على معجزة إسرائيليّة الطراز أفتريت على النبي العربي الذي أيّده الله بخير معجزة وهي القرآن الكريم، يصدع بآياته البيّنات صفوف المتشكّكين ويسلب الباب المفكّرين بما يحتويه من بيان ساحر وما يوقعه من موسيقى مذهلة وما ينشره من حِكمة عميقة دون أن يكون النبي (ص) بحاجة إلى إصطناع الأعاجيب والإتيان بمثل ما يتأتّى به اللعّابون من ألاعيب.
والرأي الثالث من إبتداع كعب الأحبار أشهر مسلمة اليهود، وفحواه أن النبي ولد مختوناً. قال أبو الفرج الجوزي: حُدّثت عن كعب الأحبار قال: خلق من الأنبياء ثلاثة عشر مختونين: آدم وشيت وإدريس ونوح وسام ولوط ويوسف وموسى وشعيب وسليمان ويحيى وعيسى والنبي (ص). ويلاحظ أن الستّة الأوائل من أولئك الأنبياء عاشوا قَبل إشتراع شرعة الختان، وأن يحيى لم يأخذ بهذا التقليد، وأن الأناجيل الأربعة لم تذكر من أمر ختان عيسى غير تلك الجملة التي يشوبها الغموض وقد إنفرد بذكرها إنجيل لوقا (21:2). وذكر أبو نعيم الحافظ بإسناده أن النبي ولد مختوناً. وهكذا تعدّدت المسالك فاختلفت الروايات في أمر ما كان يجوز أن نختلف فيه.
وليت هؤلاء الذين ساروا في أثر اليهود وقفوا حيث وقف أولئك، فاقتصروا على ختان الذكر دون خفاض الأنثى. لا بل قد شطّوا في الحيدة عن الطريق السوي وأبعدوا في المسير فعمّموا هذه الجراحة بين الجنسين معاً ولم يتورّعوا - كدأبهم - عن إختلاق الأحاديث المكذوبة والروايات الملفّقة يؤيّدون بها دعاواهم. ذكر الطبري أن الحجّاج بين أرطأة، وهو ليس ممّن يحتج بهم، روى عن... عن... أن رسول الله (ص) قال: «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء».
وقد إنتهت الحكومة المصريّة أخيراً إلى إبطال ختان النساء بعد أن ثبت لديها أنه يورثهن إرهاقاً ويوسعهن إيذاءً. وبعد أن إستبان بها أن ترك هذه الجراحة جملة: «أنضر للوجه وأحظى عند الزوج» [189] .
لقد نشأت المسيحيّة على أنها فِرقة يهوديّة. وكان الختان مفروضاً على اليهود ومن بعدهم على المسيحيّين. فلمّا جاء القدّيس بولس وضع هذا الأِصر عمّن دخل النصرانيّة من غير الإسرائيليين وأعفاهم من تجشّم هذه الجراحة المقبوحة: «دُعي أحد وهو مختون فلا يصر أغلف، دعي أحد في الغرلة فلا يختتن. ليس الختان شيئاً وليست الغرلة شيئاً بل حفظ وصايا الله» (1 قورنتس 18:7-19). أمّا المتزمّتون من مشايخ المسلمين فإنهم بخلاف ذلك قد إستحبّوا في الرجل الكبير يسلم أن يختتن.
وقد رجعنا إلى أصل شعيرة الختان. فإذا هي شعيرة همجيّة شرّعت في العصر الحجري حين كان الناس في غيابة الجهل لم يبلغوا من الرقي أن يعرفوا النحاس والحديد فكانوا يتّخذون لهم سكاكين من الظرّان: «فصنع يشوع سكاكين من صوّان وختن بني إسرائيل في تلّ الغلف» (يشوع 3:5). ولقد عرفت الختان فيما مضى شعوب وقبائل وثنيّة شتّى.
ذكر الطبري فيما خبّر به عن غزوة رسول الله (ص) هوازن بحنين: «والإختتان من العادات القديمة الشائعة بين العرب الجاهليين الوثنيّين. أمّا العرب النصارى فلم يكونوا يختتنون. فالحنفاء [190] في هذه العادة والوثنيّون سواء». وفي أخبار معركة حنين أن الأنصار حينما أجهزوا على قتلى ثقيف ممّن سقطوا في هذه المعركة مع هوازن وجدوا عبداً. عندما كشف ليستلب ما عليه وجد أغرل. فلمّا تبيّن ذلك للأنصار نادى أحدهم بأعلى صوته: يعلم الله أن ثقيفاً غرل ما تختتن. فقام إليه المغيّرة بن شعبة، وهو من ثقيف، فأخذ بيده وخشي أن يذهب ذلك عن قومه في العرب، فقال له: لا تقل ذلك فداك أبي وأمي، إنّما هو غلام لناصراني. ثم جعل يكشف له قتلى قومه ويقول: ألا تراهم مختتنين؟
نقل الدكتور جوّاد علي هذه النبذة في الجزء السادس من كتابه: «تاريخ العرب قَبل الإسلام» المطبوع بمطبعة المجمع العلمي العراقي ببغداد وعلّق عليها بقوله: «يتبيّن من هذا الخبر أن العرب كانوا يعدّون الغرل شيئاً معيباً ومنقصة تكون حديث الناس. وهناك خبر آخر يفيد أن العرب جميعاً كانوا يختتنون وأن الختان كان من السمات التي تميّزهم عن غيرهم وانهم في ذلك كاليهود. وقد ورد في الموارد اليهوديّة، كما أشرت فيما سلف، ما يفيد إختتنان العرب. ولعّل التوراة التي ذكرت قصّة إختتان إسماعيل أخذت خبرها هذا من تقاليد العرب الشماليين التي كانت شائعة بينهم في ذلك العهد» اهـ.
وتتحدّث السجلاّت المصريّة القديمة عن دم سال من قضيب «رع» عندما أحدث لنفسه هذا النوع من البتر. وورد فيما دوّنوه في السنة الرابعة والأربعين من حُكم رمسيس الثاني ذكر لليوم الذي كان الرجال يأتون فيه لإجراء هذه الجراحة حتّى يتخلّصوا من دناستهم بين يدي معبودهم آمون.
ويقول العهد القديم أن بني إسرائيل كانوا يختتنون وهم في مصر: «إن جميع الشعب الخارجين من مصر الذكور جميع رجال الحرب ماتوا في البرّية على الطريق بخروجهم من مصر. لأن جميع الشعب الذين خرجوا كانوا مختونين» (يشوع 4:5-5). ممّا يحمل على الإعتقاد أن الختان تقليد مصري نقله اليهود عن مصر وأدرجوه في ديانتهم كما أدرجوا فيها ذبح الحيوان بالطريقة المعروفة وبأيدي الموطنين (لا الأجانب) وتحريم لحم الخنزير الخ الخ وكلّها أشياء يرجع الأمر فيها إلى مصر مهد الحضارة البشريّة.
والمقصود بالختان عند بني إسرائيل أن يذكّرهم في كل لحظة أن إلههم يهوه صك لهم عهداً بتمليكهم فلسطين وتوريثهم ما بين النيل الكبير والفرات الصغير من أراض وأصقاع: «في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقاً قائلاً: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات» (التكوين 18:15). ولقد وقّع خليل الله إبراهيم هذه الوثيقة بإسم العبريين وهو في التاسعة والتسعين من عمره الطويل. لم يوقّعها بمداد الحبر بل بدم الختان. فالختان تذكِرة للعبريين بحلف إفتراه أوائلهم على الله ليُذْكوا في أنفسهم الحمية العنصريّة والعصبيّة الدمويّة المغلقة عليهم. وقد أريد به أن يكون حافزاً لهم إلى الإنقضاض على جيرانهم العرب بين الحين والحين واصطلامهم فريقاً بعد فريق على النحو الذي خبرناه منهم في «دير ياسين»: «لا أطردهم من أمامك في سنة واحدة لئلاّ تصير الأرض خربة فتكثر عليك وحوش البرّية. قليلاً قليلاً أطردهم أمامك إلى أن تثمر وتملك الأرض» (خروج 29:23-30).
وأنه لمن الغفلة ونحن نرى أثر هذه الأسطورة في قلوبهم وسريان هذا الأثر في دمائهم وتغلغله على مضيّ السنين في قلوبهم، واستمرار الدجاجلة منهم في الإنتفاع بها لإثارة الجماهير وتأليب العامّة للعدوان على أراض لا حق لهم فيها: «وأعطيكم أرضاً لم تتعبوا عليها ومدناً لم تبنوها وتسكنون بها ومن كروم وزيتون لم تغرسوها تأكلون» (يشوع 13:24 - تثنية 10:6-11). من الغفلة أن نتابعهم على إحياء شعيرة الختان وهي شعيرة أجنبيّة عنّا معادية لنا ضارّة بنا. وحسبنا أن الذكر الحكيم لم يفرضها علينا أو يرغّبنا فيها [191] أو يتحدّث عنها حتّى فيما يتّصل بعيسى ومن سبقه من أنبياء بني إسرائيل مبتدعي هذه البدعة. وأن الرسول الكريم لم يمارسها أو يحض عليها [192] وأن الذين يعوّل عليهم من كتّاب السيرة كابن إسحاق وابن هشام قد عفّوا عن ذكر هذه الضلالة. فهل يقال بعد ذلك أن الختان سُنّة على المسلمين؟
إليكم فتيا الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت: «والذي أراه أن حُكم الشرع في الختان لا يخضع لنص منقول وإنّما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعيّة عامّة وهي أن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلاّ لمصالح تعود عليه وتربو على الألم الذي يلحقه». إلى أن قال: «وقد خرجنا من إستعراض الروايات في مسألة الختان على أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلاً على «السُنّة الفقهيّة» فضلاً عن «الوجود الفقهي» وهي النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين، وعبّر عنها بقوله: «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع». وقال: «وكلمة «سُنّة» الواردة في بعض الروايات معناها، إذا صحّت، الطريق المألوفة. ولم ترد الكلمة على لسان رسول الله بمعناها الفقهي الذي عُرفت به فيما بعد» اهـ.
وقصارى القول إن الختان إن هو إلاّ ضلالة مؤذية دسّها علينا أحبار بني إسرائيل. وقد آن لنا أن نطهّر ديننا وتقاليدنا من الأدران التي شابهما بها أحبار بني إسرائيل. وقمين بنا أن نعفي أفلاذ أكبادنا من هذه الجراحة الهمجيّة التي سنّها برابرة العصر الحجري من بني إسرائيل ومن لف لفّهم في هذا السبيل.
مرشد الحيران في عمليّة الختان
من المعلوم أن عادة الختان واحدة من الشعائر الرئيسيّة في ديانة اليهود، إن لم تكن كما يفهم من بعضهم على رأس تلك الشعائر كلّها. فلقد بلغ من تحمّس البعض لها أن قال: إن الله تعالى حين خلق العالم لم يكن يهدف إلى شيء سوى تهيئة الوسط المناسب لوجود الإنسان الذي تجرى له عمليّة الختان! وإذا بدا لك أن هذا الكلام نوع من المبالغة بقصد التشنيع فما عليك إلاّ أن تفتح صفحة 75 من كتاب إسمه «اليهوديّة» كتبه يهودي يدعى آرثر هرتزبرج، وهو كتاب - إذا كان يهمك الأمر - أمريكي الصنع!
فبينما كان إبراهيم في التاسعة والتسعين من العمر (شايف الدقّة؟!) كلَّمه إلهه المسمّى «يهوه» مخطراً إيّاه بأنه قد فرض عليه شريعة الختان هو وذرّيته، وأن كل طفل يولد في أي بيت يهودي يجب أن يختن حتّى ولو كان من العبيد، ولا يحول دون تختينه أن يكون قد ولد ميّتاً! والختان يجب على وجه التحديد أن يتم في اليوم الثامن لميلاد الطفل، لا يمنع من ذلك أن يتصادف كون ذلك اليوم يوم السبت! وطوال تلك الأيّام الثمانية يكون البيت مليئاً بالأرواح النجسة الشرّيرة التي لا تنصرف إلاّ بإجراء العمليّة المقدّسة.
وسجّلت هذه الشريعة كما زعموا في وثيقة بين إبراهيم وربّه، تلك الوثيقة التي لم يوقّعها الأوّل بالحبر مثل سائر الوثائق الرسميّة وإنّما بالمادّة المناسبة للمقام وهي دم الختان!!
ويزعم الكتاب الذي سلفت الإشارة إليه أن بني إسرائيل أرادوا أن يخرجوا من مصر الفرعونيّة فاستوقفهم المصريّون قائلين:
- لماذا لا تكفّون عن الختان فيشب أولادكم مثل المصريّين وتنزع عن أعناقكم قيود الأسر؟
فنفخ بنو إسرائيل في ترفع وكبرياء قائلين:
- هل نسى ابراهام وإسحاق ويعقوب أباهم الذي في السماء حتّى ننساه نحن؟!
وهذه والحق يقال درّة الدرر في ذلك الفن الذي تتجلّى فيه على الدوام عبقريّة بني إسرائيل، فن الكذب والتدجيل! فمثل هذه المحاورة يستحيل أن تكون دارت بينهم وبين المصريّين لسبب بسيط جدّاً هو أن المصريّين قد إعتادوا ممارسة الختان منذ آلاف السنين قَبل أن يتردّد على وجه الأرض صوت واحد أخنف لكائن يهودي!
وفي أي يوم تذهب فيه إلى سقارة أو الأقصر يمكنك أن ترى على جدران المعابد صورة للعمليّة سجّلها الرسام الفرعوني بواقعيته المعروفة. بل كان الفراعنة في أعقاب المعارك يحصون عدد القتلى من الأعداء عن طريق فرزهم للجثث غير المختونة!
وليس الفراعنة الذين بنوا الأهرام واخترعوا الأبجديّة والتقويم هم الذين إبتكروا عادة الختان، بل هم ورثوها عن عصور موغلة في القدم، كواحدة من الرواسب البدائيّة التي لم ينجح الفرعوني المتحضّر في التخلّص منها، وهو معذور والله ما دام حفيده مصري القرن العشرين لم ينجح هو الآخر في التخلّص منها! وكان إستمرار هذه العادة البدائيّة راجعاً بالطبع إلى الكهنة الذين يرفضون التخلّي عن القديم مهما كان سخيفاً، والذين بلغ من تمسّكهم بذلك القديم أنهم أصرّوا على إجراء العمليّة بالأسلحة الحجريّة حتّى بعد أن دخلت مصر في عصر النحاس.
وهي ليست بالطبع عادة مصريّة فحسب، بل هي عادة متفشّيّة بين كثير من الشعوب القديمة. ولقد تعدّدت الآراء في تفسير الفائدة التي توهّم الإنسان البدائي أن يحصل عليها من وراء عادة الختان، بين رأي يقول إنها نوع من قرابين الدماء التي ظن ذلك البدائي التعس أنها ترضي الآلهة، وبين رأي يقول إنها بديل رمزي للتضحية بالفرد كلّه على مذبح الآلهة. أي أن الرجل الذي كان يذبح تضحية للإله لا يمكنه اليوم أن يعترض على إقتطاع هذه العيّنة الصغيرة من جسمه! وهناك رأي ثالث بأن الإنسان البدائي قد إهتم بتلك العمليّة لاعتبارات فيسيولوجيّة، وذلك بسبب ما يحدثه ذلك الغلاف الجلدي من إنتقاص للحساسيّة مهدّداً بذلك ما هو مطلوب في الرجل من الخصوبة الكاملة.
وهذا الرأي الأخير يناقض نفسه تماماً، حيث إنه إذا كانت زيادة الحساسيّة هي الغرض من تختين الذكور فما معنى إجراء العمليّة للإناث وليس ثمة نتيجة لذلك سوى الإلغاء الكلّي أو الجزئي لتلك الحساسيّة؟! ولقد كان تختين الإناث موجوداً أيضاً في مصر القديمة، على الأقل إذا صح ما قرّره المؤرّخ الإغريقي سترابو من مشاهدته تلك العمليّة بنفسه.
فإذا وافقنا على الرأي الأخر القائل بأن الختان هو نوع من القربان الجزئي فإننا لا نملك إلاّ أن نتساءل: لماذا وقع الإختيار على هذا المكان بالذات من جسم الإنسان؟؟ لماذا لم يعمد مقدّم القربان - ما دامت المسألة مجرّد عيّنة - إلى إقتطاع حلمة أذنه مثلاً؟!
إن هذا التساؤل يغرينا بأن ننحاز لرأي آخر، ذلك الرأي القائل بأن الختان ما هو إلاّ رمز لعادة قديمة، كانت تجرى في غياهب التاريخ، عادة الإستئصال الكامل لعضو التناسل عند الطفل الذكر، حيث كان الأب البدائي أو زعيم العشيرة يعمد إلى هذا الإجراء القاسي خوفاً من أن يكبر الأولاد وينافسونه على إناث العشيرة، بعد أن يقتلوه إن إستطاعوا، وهو نوع من القسوة قد يبدو غريباً لعقلنا المتحضّر، ولكنّنا لا نلبث أن نتذكّر الخصيان و«الأغوات» الذين غصّت بهم قصور الكثير من الحكّام من مختلف الأديان توقّياً لاعتدائهم على الحريم.
وسواء أخذنا بهذا الرأي أو ذاك - وكلّها فروض نظريّة - فنحن في النهاية أمام ظاهرة همجيّة محضة، وأمام تعبير صريح عن كل اللبس والتشويش والخوف الخرافي الذي إقترن بالمسألة الجنسيّة في ذهن الإنسان البدائي. وهي في الوقت نفسه مثل مجسّم للسادزم الذي عرف به الكهنة في كافّة العصور. والسادزم إن كنت لا تعلم هو القسوة الجنسيّة التي يحلو لها في بعض الأحيان - كما هو الحال هنا - أن تتّخذ لنفسها صورة دينيّة زائفة. ومن ثم فقد كان «يهوه» إلهاً غريباً حقاً، إذ إختار لشعبه المختار تلك العادة الهمجيّة لتكون حجر الزاوية في دينهم، مثبتاً بذلك أنه لا يزيد عن كونه تجسيداً عبريّاً جديداً لتلك الآلهة الدمويّة العتيقة التي توقّف عندها خيال الإنسان البدائي.
واليوم يعمد بعض الفهلويين من هواة السادزم إلى التمسّح في العلم، قائلين لنا أن ذلك الغلاف الجلدي من عادته أن يحتجز في ثناياه بعض المواد الضارّة التي يمكنها على المدى الطويل أن تصيب عضو الذكر بالسرطان، وهذا نوع من الجدل الذي يثير كلاًّ من الغيظ والرثاء. فلماذا نفترض وجود ذلك الرجل الفذ في قذارته، الذي يرفض الإغتسال ويترك إفرازات جسمه تتراكم يوماً بعد يوم حتّى تصيبه بالسرطان؟! وإذا صح وجود مثل هذا الحلّوف أفلا ترى معي أنه يستحق أن يصاب بالسرطان فعلاً؟! وأن السرطان ليصيب الأنثى بين حين وآخر في ثديها أو رحمها، فهل يدفعنا هذا - وفقاً لنفس المنطق - إلى أن نستأصل لكل أنثى تولد ثدييها ورحمها في اليوم الثامن؟! وما رأي أصحاب ذلك الكلام في أن عدد الأطفال الذين ماتوا بسبب الختان يبلغ أضعاف عدد الذين ماتوا من السرطان؟! والدليل على ذلك ما نسبوه إلى «يهوه» من أنه يعفي من الختان كل طفل ثالث يكون أخواه السابقان قد ماتا بسبب العمليّة! فلو لم يكن قد تكرّر حدوث الوفاة بسبب الختان لماذا كان «ينزل» هذا الإعفاء؟! ومن هنا يبدو لنا أن الكاهن الفرعوني كان أكثر حِكمة من «يهوه» إذ رفض أن يجري العمليّة للطفل الوليد مؤجّلاً إيّاها إلى سن البلوغ حيث يمكن للغلام أن يتحمّلها بغير خطر كبير على حياته.
فهذا الرأي البائس هو أقصى ما يستطيع أن يسوقه دعاة الختان «العلميين» من حجج لتبرير العمليّة، وفي مقابله تقوم أكثر من حجّة منطقيّة وعلميّة تدعونا إلى نبذ العمليّة نبذاً تامّاً. فماذا يدعوني - أنا الإنسان المعاصر - إلى أن أخضع جسمي للتشويه إنصياعاً لعادة تنحدر إلى ممّا قَبل العصر الحجري؟ وكيف أسمح لنفسي بأن أتورّط في هذا التوهّم الساذج بأن خالق هذا الكون العظيم يمكن أن يبدي كل هذا الإهتمام بقطعة جلد مهينة تتدلّى منّي؟! وإذا كان الله هو الذي خلق بنفسه تلك القطعة، فأي منطق هذا الذي يقول إنه ما خلقها إلاّ لكي يأمرني بأن اقطعها؟!
فإذا تناولنا العمليّة من ناحية نتائجها فقد رأينا كيف تسبّبت في وفاة الكثير من الأطفال لا سيما قَبل أن تتقدّم أساليب الجراحة والتمريض. وهي كما مر بنا تضاعف الحساسيّة عند الذكر في الوقت الذي تهبط بها عند الأنثى إلى الحد الأدنى. فهل لعاقل منكم أن يخبرني بالسبب الذي يدعونا إلى أن نضع الذكر - لا سيما إذا كان مراهقاً تعساً - في حالة إستعداد مستمر للتهيّج الموضعي، أو الذي يدعونا إلى أن نحرم الأنثى من حق التلذّذ الذي وهبتها الطبيعة إيّاه؟!
وأهم من كل ذلك في نظري ما لا بد أن يصاحب تلك العمليّة من ضرر عصبي بالغ، لا سيما عند موافقة «يهوه» على إجرائها في اليوم الثامن. فهناك في علم النفس ما يعرف بصدمة الولادة التي يتعرّض لها كل طفل. ولا شك إنك لاحظت من عواء الوليد أنه ليس سعيداً كل السعادة بالخروج إلى الحياة. فأنت تتخيّل بالطبع ما لا بد أن تقترن به عمليّة «الخروج» من أوجاع للطفل المسكين، كما تتخيّل ضخامة العبء الذي يلقى فجأة على الجهاز العصبي للطفل، لكي يمكنه من أن يتنفّس الهواء للمرّة الأولى ومن أن يتحمّل البرد القارس الذي خرج إليه فجأة من دفء الرحم. إلى صدمة الولادة هذه يعزون كثيراً من الإضطرابات العصبيّة التي تلازم الإنسان في مختلف مراحل حياته، بل يبالغ بعض العلماء فينسبون معظم الأمراض النفسيّة إلى ما يسمّونه بالحنين اللاشعوري للعودة إلى الرحم.
وها هم يريدون أن يجعلوا المصيبة مصيبتين، وبدلاً من صدمة الولادة وحدها يضيفون إليها صدمة الختان! فلا شك أن الجهاز العصبي سوف يجد نفسه مضطراً إلى بذل مجهود ضخم جديد لكي يواجه هذه الآلام غير المتوقّعة، إلى جانب ما يلقى على الجسم من جهد يحقّق به إلتئام الجرح ومقاومة الميكروبات التي تهجم بالملايين على الجسم الطري التعس. أضف إلى ذلك ما ورد في فقرة من كتاب سأحدّثك عنه بعد قليل، وتلك الفقرة تقول «أظهرت البحوث الأخيرة أن السبب في تخثّر الدم هو فيتامين ك، وهو لا يكون في الأطفال الأصحّاء قَبل اليوم العاشر من العمر. كما أظهرت أن الطفل يرث من أمّه مقداراً من «البروترومبين» يبدأ من حياته، ثم يأخذ هذا المقدار في التناقص خلال الأيّام القليلة الأولى من عمره إلى أن يبدأ جسمه في إكتساب هذه الصفة ذات الأهمّية الحيويّة، فإذا ختن الطفل مبكّراً عرقل ذلك إكتسابه هذه الصفة».
فإذا أجريت العمليّة حين يكبر الطفل بعض الشيء - عامين مثلاً - فهناك الخطر النفسي البالغ الذي تهدّده به، لما يمكن أن يترسّب في لا وعيه من أنها نوع من الخصاء على سبيل العقوبة. وأعتقد أنك قرأت أكثر من مرّة عمّا يسمّى بعقدة الخصاء التي طالما سبّبت للرجل البالغ كثيراً من المتاعب النفسيّة. فإذا ما أجّلت العمليّة إلى سن البلوغ كما هو الحال عند الفراعنة فهذا لا يحول دون ما لا بد أن تتركه في نفس الغلام من المهانة ومن إحساس مستمر بفكرة النجاسة الملازمة لكل ما يتعلّق بالجنس.
ومن كل هذا أعتقد أنك قد بدأت توافقني موافقة تامّة - بعقلك على الأقل - على أن الختان عادة همجيّة يجب تحريمها، وإن كنت بالطبع أسمع ذلك السؤال الذي يتردّد في ذهنك طول الوقت قائلاً: إذا إتّفقنا على أن الختان عادة همجيّة يجب أن نترفع عنها، وإذا سلمنا بأن العبريين قد نسبوها إلى السماء زوراً وبهتاناً، فكيف أمكن لها أن تصل إلينا نحن المسلمين بوصفه شيئاً يباركه ديننا؟!
وهنا نصل إلى ذلك الكتاب الذي أشرت إليه، وهو كتاب صغير عنوانه «الختان ضلالة إسرائيليّة مؤذية»، ألّفه مفكّر أمريكي حر إسمه جوزيف لويس، وترجمه الأستاذ عصام الدين حفني ناصف، وطبعته دار الشعب التابعة للإتّحاد الإشتراكي العربي، وقد صدّره المترجم بمقدّمة طويلة تجيب عن ذلك التساؤل الخاص بالعلاقة بين الختان والإسلام.
يرى الكاتب أن الأسانيد التي تؤيّد الختان كعادة يقرّها الإسلام هي التالية:
أوّلاً - الحديث النبوي الذي يقول: الفطرة خمس: الختان والإستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط.
ويقول الكاتب أن هذا حديث مكذوب مثل الأحاديث الكثيرة التي دسّها اليهود بين نصوص الإسلام ترويجاً لشعائرهم الخاصّة. وحتّى إذا صح - أقول أنا - أن الحديث ليس مكذوباً فهو كما ترى لا يرفع الختان إلى درجة الشعائر، وواضح بداهة أن الذي لا يقص شاربه أو ينتف إبطه لا يرتكب بذلك فاحشة تدرجه في قائمة الخطأة!
ثانياً - الآية الكريمة التي تقول: «وإذ إبتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمّهن» (البقرة 124:2) والآية الثانية التي تقول: «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً» (النحل 123:16). فقد فسّر البعض الآية الأولى أنها تشير إلى الختان، وفسّروا الثانية بأن الختان شيء أساسي في مِلّة إبراهيم ومن ثم فهو ملزم للمسلمين. وفي ذلك يستشهد الكاتب برأي الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت بأن هذا إسراف في الإستدلال، غاية ما قوبل به هو عدم التسليم له.
ثالثاً - الحديث النبوي الذي يقول: الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء، وهو حديث يرى الكاتب أنه مكذوب أيضاً، وأنه - مثل الحديث السابق - لم يرد عند كتب السيرة الذين يعول عليهم.
ويختم كلامه بفتيا الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت التي تقول: «والذي أراه أن حُكم الشرع في الختان لا يخضع لنص منقول وإنّما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعيّة عامّة وهي أن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلاّ لمصالح تعود عليه وتربو على الألم الذي يلحقه. وقد خرجنا من إستعراض الروايات في مسألة الختان على أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلاً على «السُنّة الفقهيّة» فضلاً عن «الوجود الفقهي» وهي النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين وعبّر عنها بقوله: ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع».
وأنا لا يسعني إلاّ أن أشكر الأستاذ عصام الدين حفني ناصف على الجهد الذي بذله في كتابة هذه المقدّمة وفي إختيار هذا الكتاب للترجمة، كما أشكر دار الشعب التي تبنّت الكتاب ونشرته، وإن كنت ألومها بالطبع على هذه «السرّية» الشديدة التي صدر بها الكتاب دون أن يسمع به أحد، مع أنه يجب أن تكون هناك نسخة منه في كل بيت مصري حديث، عسى أن يفكّر الناس مرّتين قَبل أن يلحقوا بأطفالهم الأبرياء كل ذلك الإيلام والإيذاء والإذلال.
وأنا أعرف أن هناك نوعاً من الناس يحب على الدوام أن يمسك العصا من وسطها، ويرفض أن يأخذ بفكرة الأحاديث المكذوبة مخافة أن تكون على عكس ما يرى الشرّاح صادقة. ولهؤلاء أقول إنه حتّى لو صحّت تلك الأحاديث فهي - كما رأينا - لا ترفع الختان إلى مرتبة أكبر من مرتبة نتف الإبط، أو أكبر من كونها نوعاً من «المَكرُمَة». ولعّل عادة الختان كانت أثيرة لدى عرب الجاهليّة إلى الدرجة التي لم تجعل من اللازم صدم مشاعرهم بتحريم شيء لا تبدو له - وفقاً لظروف ذلك العصر - أضرار واضحة. فنحن اليوم لا نأثم إذا إمتنعنا عن عادة أقرّها الإسلام في ظروف معيّنة، تماماً كما لم نأثم عندما كففنا عن قطع يد السارق، ولا عندما اكتفينا بحبس الزاني والزانية بدلاً من دفنهما في الرمال ورجمهما حتّى الموت. ونحن لا نأثم بالطبع حين ندعو إلى الحد من تعدّد الزوجات وإلى تحديد النسل، وذلك بعد أن تغيّرت الظروف وأوشك حي واحد من أحياء القاهرة - مثل شبرا - أن يفوق في عدد سكّانه كافّة سكّان مكّة في وقت ظهور الإسلام. فالمهم في الدين - أي دين - هو روحه العامّة الخالدة لا مجموعة التفصيلات التشريعيّة التي تصبح في بعض الأحيان - مع التطوّر الإجتماعي والإقتصادي والثقافي - غير ذات موضوع.
فإذا لم يتطوّر الإنسان ويسمو إلى مستوى عصره فهذا هو الجمود الفكري الذي يهدّده بالتخلّف والسقوط من ركب الحياة. وكان الله في عون طفل يسلّم جسده - متوجّعاً باكياً - إلى موس كاهن يهودي أقرع من مخلّفات العصر الحجري، في الوقت الذي نسمع فيه عن دراسة الصخور القمريّة المقتطعة في معامل روسيا وأمريكا، بعد أن تمّت أكبر عمليّة ختان في القرن العشرين - عمليّة الختان لكوكب القمر!
[...] ليس في القرآن كلّه حرف واحد زائد أو ليس مسطوراً في الكتاب لحِكمة بالغة، فهذا كتاب الله الذي أتقن كل شيء وقال وقوله الحق فيما خلق من شيء: «ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار» (آل عمران 119:3). قد يقول قائل لقد فرض علينا الختان فأصبح هذا خلقاً زائداً يجب إستئصاله. ونقول إنه قد فرض علينا حقاً ولكنّه لم يفرض علينا بأمر ربّنا بل فرضناه نحن على أنفسنا وقلنا أن الرسول فرضه علينا بل قلنا إنه هو نفسه (ص) قد ختن قَبل أن يدري أو يدري أحد ما الكتاب وما الإيمان. ولو بحثنا أصل الختان في التاريخ لوجدناه عند بني إسرائيل بقولهم (وقال الله لإبراهيم وأنت فاحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك، وأعطيك أرض غربتك لك ولنسلك من بعدك جميع أرض كنعان ملكاً مؤبّداً وأكون لهم إلهاً. وقال الله لإبراهيم وأنت فاحفظ عهدي أنت ونسلك من بعدك مدى أجيالهم. هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم وبين نسلك من بعدك: يختن كل ذكر منكم، فتختنون الغلفة من أبدانكم ويكون ذلك علامة عهد بيني وبينكم. وابن ثمانية أيّام يختن كل ذكر منكم مدى أجيالكم المولود في منازلكم والمشترى بفضّة من كل غريب ليس من نسلكم، يختن المولود في بيتك والمشترى بفضّتك فيكون عهدي في أبدانكم عهداً مؤبّداً. وأي أغلف من الذكور لم تختن الغلفة من بدنه تقطع تلك النفس من شعبها إذ قد نقض عهدي» (التكوين 17: 10-15).
هكذا فرض الختان على اليهود وتقرّر الجزاء على مخالفة هذا الأمر، بقطع النفس من الشعب نبذاً أو نفياً أو إعداماً الله أعلم بهم. وقيل أن هذا الأمر إنّما فرض عليهم ليكون علامة عهد بينهم وبين ربّهم لينظر إلى الناس فيميّز شعبه المختار بهذه العلامة الغريبة. ولقد قالوا مثل ذلك عندما زعموا أنهم أمروا بتلطيخ أبوابهم بالدماء حتّى تتميّز بيوتهم فلا يدمّرها وهو يدمّر بيوت المصريّين: «وأنا أجتاز في أرض مصر في تلك الليلة وأقتل كل بكر في أرض مصر من الناس والبهائم وبجميع آلهة المصريّين أصنع أحكاماً أنا الرب. فيكون الدم لكم علامة على البيوت التي أنتم فيها فأرى الدم وأعبر عنكم ولا تحل بكم ضربة هلاك إذا ضربت أرض مصر» (الخروج 13:12-14). ونرى أن هؤلاء القوم قد ظنّوا أن لهم ربّاً لا يراهم إلاّ بعلامات مميّزة فأرادوا أن يتميّزوا ليراهم ربّهم فختنوا الغلفة ولطّخوا أبوابهم بالدماء فيما يزعمون. ولم ترد أيّة إشارة في القرآن الكريم لهذا المنطق العجاب وتعالى الله علواً كبيراً أن يرد على هذا المنطق فهو سبحانه لا يقول هزلاً ولا ينبغي للرحمن أن يرد على هزل: «إنه لقول فصل. وما هو بالهزل. إنهم يكيدون كيداً. وأكيد كيداً. فمهل الكافرين أمهلهم رويداً» (الطارق 13:86-17). لقد خلقهم الله وخلق كل شيء ممّا هو أصغر من الذرة إلى ما هو أكبر من المجرّة ممّا نعلم وممّا لا نعلم من خلقه سبحانه فكيف لا يعلم من خلق حتّى يتميّزوا: «واسروا قولكم أو أجهروا به إنه عليم بذات الصدور. ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الحكيم» (الملك 13:67-14). ولئن سألت عن الغلفة فلا ينبغي لنا أن نقول إلاّ ما علّمَنا ربّنا في كتابه العزيز: «ربّنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك» (آل عمران 191:3). ويحلوا للبعض أن يقول إنّما نختن أبناءنا من باب الصحّة فهل هلك المسيحيّون أو أصابتهم عِلّة من عدم الختان؟ هذه آية فرضها اليهود على أنفسهم ونسخها الإنجيل بالحق. أمّا كيف أحييناها ولماذا جعلناها فريضة أكبر في النفس من الصوم ومن الصلاة، ولماذا نصر عليها إذا كان اليهود الذين فرضوها لا يصرّون عليها إلاّ ليتميّزوا عند ربّهم، الله أعلم وهو ينبئ الناس يوم القيامة يما كانوا فيه يختلفون.
ورب قائل يجادل عن الشعر أو الأظافر فيقول أليس ذلك بالشيء الذي يزيد في أبداننا؟ وتلك حجّة على الختان وليس حجّة له. لأن الله قد أنزل في الشعر وفي الأظافر قرآناً: «لتدخلن المسجد الحرام أن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصّرين» (الفتح 27:42). وسبحان الله الذي فصل كل شيء في الكتاب تفصيلاً. ولو أن الغلفة نفل يسيء إلى أبداننا أو يشوّهها أو يعرّضها لأي ضرر لكان الله قد أنزل قرآناً بالختان كما أنزل الله قرآناً بالحلاقة والتقصير: «يا بني إنها إن تك مثقال حبّة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت الله بها إن الله لطيف خبير» (لقمان 16:31). بهذه الآيات البيّنات يرد الله تبارك وتعالى على هزل اليهود وعلى كل زيف، سبحانه وتعالى يقذف بالحق علاّم الغيوب.
وجهة نظر في الختان
أعتقد أن قضيّة الختان - للرجال والنساء على السواء - قد أخطأت طريقها عندما عولجت من منطلق الدين. وإن هذا كان يمكن لو كنّا يهوداً وفي كتابنا المقدّس نصوص قاطعة عن الختان. ولكنّنا والحمد لله لسنا كذلك. والختان بالنسبة للإسلام لا يعد من مقدّساته أو أساسيّاته في شيء. فليس له علاقة بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر. وليس في القرآن الكريم كلمة واحدة عنه.
صحيح هناك بعض أحاديث ينسبونها إلى الرسول يقول واحد منها أنه «مَكرُمَة للمرأة» ويقول الآخر «لا تُنهِكي». وقضيّة مصداقيّة الحديث لم يسدل ستارها - كما يتصوّرون - بما وضعه المحدّثون من فنون الجرح والتعديل الخ... فضلاً عن أن الفقهاء والمحدّثون أنفسهم يعلمون ويقرّون أن من الأحاديث ما لا يعد تشريعاً. وأنه في هذا القسم يدخل كل ما يتعلّق بالعادات وأن الملزم من الحديث هو ما يصدر عن الرسول تبليغاً عن الله أو تبياناً لبعض ما أجمله القرآن. والختان لا يدخل في هذين. ولعّل ما يُصدِّق ذلك أن الختان لا يمارس في دول إسلاميّة عديدة، بما فيها السعوديّة.
والذي حدث هو أن الكتّاب في مصر، وبعض الدول الأخرى، مدنيين أو فقهاء، تمسّكوا بما وجدوا عليه آباءهم من عادات وتقاليد. لأن التحرّر من هذا أو الآخذ بما يخالفه يتطلّب شجاعة وأصالة فقدناهما منذ أن أعطى المسلمون عقولهم أجازة لمدّة ألف عام بإغلاق باب الإجتهاد - أي إعمال العقل. والأخذ بما كان عليه الآباء والأجداد يحظى بالموافقة ويتّفق مع مبدأ «الجهد الأقل». فهو مريح سلباً وإيجاباً حتّى وإن كانت ضحيّته هي الحقيقة. ومن قَبل قال المتنبي:
قد تعيش النفوس في الضيم حتّى لترى الضيم أنها لا تضام
على أننا لو عالجناها من منطلق إسلامي، فإن ما جاء في القرآن «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» (التين 4:95) يفنّد ما يدّعونه من أن الختان يصحّح نقصاً في طبيعة خلق الإنسان، وهو ما ينافي النص القرآني. لقد أراد الله للرجال والنساء أن يكونوا كما خلقهم - «في أحسن تقويم». فلا مبرّر للإفتيات باجتهادات لا بد أن تكون خاطئة. لأنها أخذت بعداً مظنوناً وأغفلت أبعاداً عديدة محقّقة.
ولعّل هذه النقطة ليست بعيدة عن قضيّة «قداسة الجسد الإنساني» وعدم العبث به بأي حجّة. إن الطبيب الذي يجري جراحة لإنقاذ مريضه من خطر محقّق يستأذن ويأخذ موافقة كتابيّة من المريض قَبل إجراء هذه الجراحة التي تُعمِل المشرط في اللحم الحي وقد تؤدّي إلى إزالة ما. من هذا المنطلق نقول إن ولاية الآباء على الأطفال من أبنائهم والتزامهم الخير لهم من تعليم أو علاج يؤمِّن مستقبلهم عندما يشبّون لا يدخل فيه أبداً هذه العمليّة التي لا تتضمّن إضافة، ولكن بتراً - حتّى لو كان القصد خيراً. لأن تعريض الملايين من الأطفال (في بعض الإحصائيّات 13 مليون طفل و2 مليون طفلة) للموس أمر لا داعي له على الإطلاق. وليس من المبالغة أن تفوق أضراره مزاياه المزعومة لأنه يغلب أن يؤدّى بيد جاهلة وبوسائل بدائيّة ممّا يؤدّي إلى مضاعفات عديدة عضويّة ونفسيّة فضلاً عن مخالفته لمبدأ قداسة الجسد الإنساني وعدم العبث به. ناهيك بتعريض هؤلاء الأبرياء الصغار لتجربة مؤلمة لو كانت لديهم القوّة لرفضوها.
وأنا مؤمن كل الإيمان أن من حق الرجال والنساء أن يعيشوا كما خلقهم الله وأن الله تعالى جعل كل الأعضاء «في أحسن تقويم»، بما في ذلك أعضاء الجهاز التناسلي للرجل والمرأة، وأنه أراد لهما أن يستمتعا باللقاء الجنسي الإنساني وأن هذه المتعة - وما يصحبها من حب - هي ما تميّز الأداء الجنسي الإنساني عن الأداء الجنسي بين الحيوانات الذي يعتمد على الغريزة وحدها، وأن هذه المتعة هي من حق المرأة خالصة لها أكثر من الرجل لأنها هي التي تتحمّل آثارها في المستقبل.
فإذا أضفنا إلى هذا الآثار السيّئة - أو قل المروعة - التي تترتّب على أداء عمليّة الختان بصورة بدائيّة، والصدمة التي تصاب بها الطفلة بوجه خاص. لأن الجهاز التناسلي للأنثى ينفذ في الداخل على عكس الجهاز التناسلي للرجل. ولهذا يتطلّب ختان الفتاة معاناة مؤلمة وخبرة دقيقة قلّما تتوفّر فيمن يمارسوه. ويغلب أن يترتّب عليه حرمانها من الإرتواء العاطفي. لأن الختان يهبط بدرجة الإستثارة لدى المرأة - بينما يزيدها لدى الرجل ممّا يوجد إختلالاً في اللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة يحول دون أدائه بتوافق وانسجام. وينشأ عن هذا الخلل آثار بعيدة المدى على نفسيّة المرأة ومشاعرها وسلوكها وقد يثير فيها الشقاء والتعاسة والغضب والحرمان.
نقول إذا أضفنا هذا العامل فلا يخالجنا شك في أن الختان، وبوجه خاص للمرأة، جناية على قداسة جسد الأنثى ومصادرة لسلامة نفسيتها.
ولو أردنا أن نتوسّع لعدنا بالختان كظاهرة إجتماعيّة إلى أصوله الفرعونيّة التي ربّما تحدَّرت إلى اليهود آونة والعرب آونة أخرى وأن هذا إتّفق مع النزعة الرجوليّة أو الذكوريّة التي يتلاقى فيها حرص الرجل على إمتلاك المرأة لتكون أم أولاده بنزعة الشرف المزعومة دون أيّة علاقة بالإسلام. ولتحدّثنا عن آثاره المدمّرة وكيف أنه قد يؤدّي إلى عكس ما أريد منه حتّى يحقّق للمرأة حقّها الطبيعي في الإشباع والإرتواء العاطفي، وحتّى تتحرّر من آثار صدمة العمليّة الوحشيّة. ولكنّنا نؤثر أن نعرض «رأس الموضوع» ونعزف عن إيراد التفاصيل حتّى لو كانت برهنة. لأنها قد تميّع أو توهن الحقيقة الكلّية التي يبرزها رأس الموضوع، وهي أن ختان الأنثى ليس له علاقة بأصول الإسلام وأنه أثر من آثار القرون الأولى ومظهر من مظاهر أنانيّة الرجال الذين تملّكوا المجتمع ووضعوا له عاداته وتقاليده. باختصار إن ختان الأنثى جناية يجب إيقافها.
خفاض الإناث وختان الذكور في الشريعة الإسلاميّة
1) تقسيم أحكام الشريعة الإسلاميّة
تتنوع الأحكام في الشريعة الإسلاميّة إلى خمسة أنواع أو درجات، هي:
1- الفرض وهو المطلوب جزماً ويثاب فاعله ويعاقب تاركه.
2- المستحب وهو المطلوب بلا جزم ويثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
3- المباح وهو المخيّر فيه ولا يطلب فعله ولا تركه.
4- المكروه وهو المنهي عنه بلا جزم ويثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.
5- المحرّم وهو المنهي عنه جزماً ويثاب تاركه ويعاقب فاعله.
وبعضهم يضع درجة بين المستحب والفرض تسمّى الواجب عند بعضهم ويسمّيها البعض الآخر سُنّة مؤكّدة كما يضعون أيضاً درجة بين المكروه والمحرّم تتعادل في النهي مع السُنّة المؤكّدة. وليس هذا موضوع بحثنا ولكن الذي يعنينا هو أين يضع فقهاؤنا خفاض الإناث وختان الذكور وما هو الدليل.
2) خفاض الإناث
لقد تجاوز الفقهاء جميع تلك المسمّيات ووضعوا للخفاض إسماً أو توصيفاً غريباً عن كل تلك الدرجات هو قولهم: «الخفاض للنساء مَكرُمَة» ولم يبيّنوا لنا بياناً قاطعاً أين نضع هذا التوصيف: هل نضعه بين المباح والمستحب أو بين المستحب والسُنّة أو بين السُنّة والفرض. لقد تخبّطوا في هذا تخبّطاً شنيعاً تبعاً لتخبّطهم في فهم الدليل الواحد الذي ورد في هذا الموضوع وهو قوله (ص) للخافضة «أم حبيبة» وقيل «أم عطيّة» أخفضي، وفي رواية أشمّي ولا تُنهِكي فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج ممّا جعل الكثير من البلاد الإسلاميّة تطرحه جانباً مع كثرة العلماء المتمسّكين بما هو مستحب وما هو أقل من المستحب. بينما بعض البلاد تتمسّك به أكثر من صلاتها وصيامها حيث تترك نسبة لا بأس بها الصلاة أو الصيام ولا تترك ختان البنات ويتعصّب له الجهلاء والعلماء على السواء. ونرى كثيراً من كبار العلماء يدخّنون بشراهة ومنهم من تولّى مشيخة الأزهر وإذا سألهم البعض عن ذلك قالوا على إستحياء: إنه مكروه كما أن بعضهم يحلق لحيته «زلبطة» ولا يرى فيها أكثر من مستحب مع أن الأحاديث الواردة فيها تقرّبها من الفريضة. فإذا ذُكِر ختان البنات وأضراره نراه ينتفض كالليث الهصور مدافعاً عن إستحبابه وربّما قال بوجوبه ولا دليل عنده غير أقوال بعض الفقهاء الذين لم يفهموا حديث أم عطيّة أو تأثّروا في فهمه ببعض عادات الجاهليّة.
ولكي نفهم الحديث على وجهه الصحيح بعيداً عن التأثّر بالتقاليد الجاهليّة علينا أن نلاحظ التالي:
أوّلاً: إنه لم يرد أي توجيه من رسول الله (ص) للمسلمين أو لأي واحد من أصحابه بختان بناته لا على سبيل الوجوب ولا على سبيل الإستحباب.
ثانياً: إنه لم يرد عنه (ص) ولا عن أحد من أصحابه أنه قام بختن بناته. وكل ما يمكن أن يقال في هذا الصدد أنه علم بوجوده ولم ينه عنه وهذا يفيد الإباحة أو المشروعيّة.
ثالثاً: إن صيغة السؤال الموجّه إلى الخاتنة يدل على أن العادة لم تكن منتشرة وإلاّ لما إحتاج إلى السؤال عنها.
رابعاً: إن إرتياع أم عطيّة أو أم حبيبة من السؤال وخوفها من التحريم يدل على شيء بدا لها في نبرات الصوت أو ملامح الوجه.
خامساً: إن إقرار الرسول (ص) بالحل أو الإباحة كان مشروطاً بشرط صعب التنفيذ وهو الخفض مع التحذير من الإنهاك. وإذا نظرنا إلى بعض الروايات التي تضع الإشمام بدل الخفض «أشِمِّي ولا تُنهكي» نعلم أن ما أباحه رسول الله (ص) من ختان البنات لا يتجاوز ما يعرف الآن بالختان الرمزي ألا وهو كشط جزء من الجلدة المغلّفة للبظر دون المساس بالبظر نفسه.
سادساً: إن قوله (ص) للخاتنة: إن كنت فاعلة يدل على أن الأمر من أوَّله لآخره مكروه وأن الأفضل البعد عنه نهائيّاً.
سابعاً: الإحتجاج بأن هناك في الحديث أمر ونهي «أخفضي ولا تُنهِكي» والأمران مطلوبان يدل على سوء فهم للأساليب العربيّة وربّما دعا البعض للقول بأن الخروج من المسجد واجب عقب صلاة الجمعة فوراً لوجود فعل الأمر «فانتشروا في الأرض» (الجمعة 10:62). وهذا لا يقول به عاقل ولا جاهل.
وعلى ذلك نسوق هذه الأمثلة التوضيحيّة:
1- يستأذنني إبني في السفر ليلاً فأقول له سافر ولا تزد السرعة عن 50 كم. ففعل الأمر «سافر» ليس للوجوب ولا للإستحباب ولا للترغيب وإنّما هو للسماح على مضض مع الكراهة.
2- طبيب يقول للمريض الذي لا يستطيع ترك التدخين: إذا كنت لا بد فاعلاً دخّن عشر سجاير ولا تزد عليها. فعل الأمر «دخّن» ليس للوجوب ولا للإستحباب بل ترك العشرة إذا أمكن مستحب.
3- طبيب يقول لمدمن القهوة المريض القلب: إشرب ثلاثة فناجين صغيرة يومياً ولا تزد عليها. لا شك أن الطبيب سيكون مسروراً أكثر لو أعلن مريضه الإقلاع نهائيّاً عن شرب القهوة.
وأخيراً هناك آلاف الأمثلة من هذا القبيل يمكن إيرادها غير أن أصحابنا يمكن أن يجادلوا فيها ويقولون لماذا لا يكون الأمران مطلوبان أي شرب ثلاثة فناجين من القهوة ومطلوب عدم الزيادة عليها؟ هكذا نفهمها وأنتم تخالفوننا في الفهم وليس فهمكم أولى من فهمنا.
ونحن نقول لهم إن الحُكم ليس لنا ولكم ولكن للعِلّة التي أوجبت الحُكم ويقرّرها الأطبّاء لا نحن ولا أنتم. وفي الختان أو الخفاض هناك عِلّة إنبط بها الحُكم وهي قوله (ص) «فإنه أسرى للوجه وأحظى للزوج». فالقرار هنا لعلماء الطب والنفس والإجتماع ولعامّة الأزواج والزوجات فإن قرّروا أن ترك الخفاض نهائيّاً هو الأصلح للأزواج نساءً ورجالاً فعليكم أن تعفونا من فهمكم السيّئ ولكم منّا صالح الدعوات.
3) ختان الذكور في الإسلام
عندما كنت مبعوثاً للأزهر في الولايات المتّحدة الأمريكيّة جيء إلي بشاب يرغب في إعتناق الإسلام لأنه يهيم حبّاً بفتاة مسلمة ويريد الزواج بها وهي تصر على إسلامه قَبل تحقيق رغبته. وبعد أن علّمته مبادئ الإسلام وفرائضه ونطق بالشهادتين طلبت منه الإختتان وشرحت له فوائده الصحّية ورغّبته فيه فبدا عليه شيء من الإمتعاض وتساءل إن كان قبوله في الإسلام يتوقّف على هذا الأمر. فما كان منّي إلاّ أن بيّنت له أن الأمر لا يزيد على الترغيب في عمليّة ثبتت فائدتها لدى وزارة الصحّة الأمريكيّة التي شجّعت عليها ونصحت المجنّدين بعملها. وهي تجريها لهم مجّاناً إن هم رغبوا في ذلك. كما أنها مرغوبة في الإسلام وفي كل الأديان السماويّة. ومنذ ذلك التاريخ، حوالي 35 عاماً، لم أجد في كتاب الله تعالى ولا في سُنّة رسوله (ص) ولا في أقوال الفقهاء الذين يعتد بأقوالهم ما يدل دلالة قاطعة أو ظنّية على أكثر من الترغيب والإستحباب. وكل ما زاد على ذلك ينقصه الدليل ويعتبر من شطحات الفقهاء ومبالغاتهم وما أكثرها في الفقه الإسلامي.
لا يوجد عن ختان الذكور في السُنّة ما يعتد به أكثر من وصف وقصّة. فأمّا وصفه بأنه من الفطرة فإنه يضعه جنباً إلى جنب مع التصرّفات الفطريّة مثل الطعام والشراب والجماع والتبوّل والتبرز والنوم الخ، ممّا لا يعني شيئاً أكثر من الإباحة أو المشروعيّة.
وأمّا قصّة إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام الذي إختتن بعد بلوغه سن الثمانين فلا تدل على أكثر من أن الرجل بعد طول تجوال من العراق إلى الشام إلى فلسطين إلى مصر ثم العودة مرّة أخرى إلى فلسطين، وقد وجد عند المصريّين عادة إقتنع بفائدتها - والحِكمة ضالة المؤمن يلتقطها آني وجدها - فجرّبها رغم قسوتها في ذلك السن ونصح بها ذرّيته من بعده وتوارثتها الذرّية جيلاً بعد جيل حتّى إنتهت إلى المسلمين.
وهذا ما صرّح به شيخ الأزهر نفسه حيث يقول فيما نقلته عنه جريدة الوفد ما نصّه: «وخلاصة هذه الأقوال أن الختان في حق الرجال والخفاض في حق النساء مشروع ثم إختلفوا في وجوبه الخ». ومعنى كلام شيخ الأزهر هذا بصريح العبارة أن القدر المتّفق عليه بين الفقهاء لا يزيد على المشروعيّة أي الإباحة. وكل ما زاد على ذلك إختلفت فيه أقوالهم وتفرّقوا أيدي سبا. حتّى وصل بعضهم إلى درجة من الغرابة والشذوذ تستعصي على المعقوليّة. فمن الإستحباب أو السُنّة الضعيفة التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها إلى السُنّة المؤكّدة التي تشبه الواجب في معاقبة تاركها إلى الفرضيّة وهي ما ثبت بدليل قطعي مع أنه لا قطعي هناك ولا ظنّي ثم إرتقى به بعضهم إلى أن جعله من شعائر الإسلام التي يقاتل على تركها الإمام.
وممّا يزيد من بلة الطين أن يختار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر هذا الرأي ويتحيّز له وهو بذلك يراهن على الجواد الخاسر ولا حجّة له سوى أقوال بعض الفقهاء وهو يعلم ونحن نعلم أن أقوال الفقهاء مهما علت مكانتهم إذا عريت عن الدليل فإنها لا تساوي في قيمتها الحبر الذي كتبت به.
ومع أن ختان الذكور لم يكن في أي وقت من الأوقات موضوع مناقشة أو مصدر مشكلة فإن فضيلة الإمام الأكبر قد أفاض فيه كثيراً وأطال من غير داع يدعو إلى ذكره فضلاً عن الإفاضة فيه ممّا إضطرنا للإفاضة في الرد عليه وإبطال القول بوجوب الختان بدون برهان سوى أن بعض الفقهاء قد قال به.
فقد تبيّن لنا الهدف النهائي لهذه الإفاضة وذلك عندما حاول فضيلة الإمام الأكبر بطريقة لولبيّة ذكيّة أن يحشر حشراً موضوع الخفاض في موضوع الختان باعتبار ما إشتهر عنه عند العامّة بإسم ختان البنات مع أنه فقيه يحترم نفسه والفقه لا يتحدّث عنه إلاّ بإسم الخفاض. وإذا أطلقت كلمة الختان إنصرفت فوراً إلى ختان الرجال ولا يمكن أن تتسع لخفاض البنات إلاّ عند من يقولون: كلّه عند العرب صابون.
4) هل خفاض الإناث وختان الذكور من شعائر الإسلام؟
إذا كان للأديان أن تفتخر بشعائرها ومبادئها فإن الإسلام يتيه فخراً بأنه دين العدالة المطلقة بين البعيد والقريب والعدو والحبيب: «ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا» (المائدة 8:5). دين التعارف بين الشعوب والمساواة المطلقة: «وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات 13:49). دين الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: «ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» (آل عمران 104:3). دين تحرير الأرقاء وإطعام الفقراء: «فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيماً ذا مقربة أو مسكيناً ذا متربة» (البلد 13:90-15). «والبدن جعلناها لكم من شعائر الله [...] فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر» (الحج 35:22). دين السعي في جنبات الأرض ومناكبها ابتغاء فضل الله ورزقه كما سعت هاجر بين الصفا والمروة بحثاً عن فضل الله.
أمّا جعل الختان من شعائر الإسلام وخصائصه مهما كان القائل بذلك قديماً أو حديثاً فإن ذلك قول لا دليل عليه على الإطلاق بل هو في الواقع إهانة للإسلام إذ يجعل شعيرته - أي علامته التي يتميّز بها - هي قطع غلفة الذكر أو بظر الأنثى. بل إن ذلك - إلى جوار ما فيه من إهانة للإسلام - يدل على جهل بالشرائع، فهي ميّزة يشاركنا فيها اليهود والمشركون وعبدة الأوثان. وإنه لمن المعلوم لدى العلماء والجهلاء على السواء أن الختان سابق على مِلّة إبراهيم عليه السلام الذي إقتبسه من قدماء المصريّين كعادة شائعة إقتنع بحسنها وفائدتها. وما من دليل واحد على أنها وحي من الله تعالى ولو كان الختان كذلك لما ترك الله تعالى خليله إبراهيم يتجوّل بغرلة أكثر من ثمانين عاماً ثم يأمره بإزالتها بعد أن بلغ من الكبر عتياً.
5) ختان الذكور في المسيحيّة والحملة ضدّه في الغرب
لقد تسلسل الختان في ذرّيته إسحاق عليه السلام حتّى وصل إلى المسيح عليه الصلاة والسلام الذي كان مختوناً هو وجميع الحوّاريين وكل من آمن به من بني إسرائيل.
ثم حدث أن الدعوة بين بني إسرائيل لم تحقّق آمال المسيح عليه السلام فقرّر الخروج بها إلى الأمم المجاورة بعد أن ظلّت لألفي عام محصورة في ذرّية إبراهيم وابنيه إسماعيل وإسحاق عليهم جميعاً منّا الصلاة والسلام وقال للحوّاريين قولته المشهورة «أكرزوا بالإنجيل في سائر الأمم» (مرقس 15:16). فانطلقوا في ربوع الدولة الرومانيّة من الإسكندريّة إلى روما حيث ألقى القدّيس بطرس عصا الترحال فأثمرت وأينعت.
وقد إنضم إلى النشاط التبشيري واحد ممّن لم ير المسيح في حياته ولم يؤمن به إلاّ بعد رفعه إلى السماء هو القدّيس بولس. ومع ذلك كان أكثرهم نشاطاً حتّى أنه طبع المسيحيّة فيما بعد بطابعه رغم ما أخذه عليه بعض زملائه لتقديمه الكثير من التنازلات للرومان الذين رفضوا الإلتزام بالختان وترك لحم الخنزير فقبلهم على هذا الأساس. وتطوّر الأمر من مجرّد إباحة عدم الختان إلى تحريم الختان وفرض مذهب الرومان بالقوّة على جميع الأقاليم حتّى على المسيحيّين من أصل عبري الذين كانوا يختتنون منذ عهد إبراهيم عليه السلام وحتّى على المصريّين الذين علّموا إبراهيم الختان.
واستمر الأمر كذلك إلى أن تراخت قبضة الكنيسة ورجالها وأبعدت تماماً عن الشئون السياسيّة ومعظم الشئون المدنيّة وبدأ إكتشاف الأمراض التي يسبّبها عدم الختان وخطورتها على صحّة الإنسان. فبدأ الكثيرون يمارسون الختان حتّى وصل فيما سمعت إلى 80% في الولايات المتّحدة.
وهناك قامت القيامة ولم تقعد ضد هذه الظاهرة يحمل وزرها مجموعة من الملحدين الذين لا مِلّة لهم ولا دين ويهولهم أن يستيقظ الشعور الديني في أي مظهر من مظاهره أو أي شكل من أشكاله ومجموعة أخرى من المتعصّبين لمسيحيّة القدّيس بولس ويسوءهم العودة إلى كل ما هو شرقي حتّى ولو كان هو الدين الصحيح لسيّدنا يسوع المسيح عليه وعلى سيّدنا محمّد أفضل الصلاة وأتم التسليم. والتقت أهداف الطرفين على شن حملة شعواء ضد ختان الرجال الذي إنتشر في الولايات المتّحدة فأعلنوها حرباً شرسة حشدوا لها كل ألوان الدعاية والتزييف والتضليل والترويع والتهويل. ولقد حاولت أن ألقي نظرة على أهم الحجج التي يتذرّعون بها وجرى حوار بيني وبين بعضهم أوجزه فيما يلي:
يحتج بعضهم على وصفي للحركة ضد الختان بأنها حركة أساسها الإلحاد بانياً إحتجاجه على أن الحركة تضم الملحدين والمؤمنين من يهود ومسيحيّين. فوصف الحركة بالإلحاد فيه تعميم خاطئ. وأقول: إن هذا يتوقّف على تعريف الإلحاد عند الفريقين فالبعض يحصر الإلحاد في مفهوم ضيّق هو إنكار الألوهيّة الذي يترتّب عليه إنكار الرسل والكتب واليوم الآخر وكل ما يدخل تحت مفهوم «ما وراء الطبيعة». أمّا مفهوم الإلحاد عندنا معشر المسلمين فيكفي أن أضرب له مثلاً يؤخذ منه التعريف الكافي الوافي. فإن من يرتكب جريمة الزنا عندنا نعتبره مؤمناً عاصياً أو مذنباً أو مجرماً إذا أقر بحرمة الزنا. أمّا أن يبيح الزنا ويعتبره غير محرّم فإنه ملحد حتّى ولو لم يرتكب جريمة الزنا وحتّى ولو آمن بجميع الأنبياء والكتب واليوم الآخر وصلّى وصام وزكّى وحج البيت الحرام. ويعتبر عندنا ملحداً من آمن برسالة محمّد (ص) وأنكر رسالة عيسى أو موسى أو إبراهيم أو وجّه إلى أحد منهم أيّة إهانة أو إنتقاص من قدرهم.
وربّما يقول البعض إن المسألة هي مجرّد إختلاف في المفاهيم. فهي إختلاف شكلي. فليكن له تصوّره ووجهة نظره. ولكن هذا لا ينفي أن الحملة ضد الختان تمثّل إهانة لجميع الأنبياء والمرسلين الذين مارسوا الختان ورغبوا فيه بمن فيهم محمّد وعيسى وموسى وإبراهيم عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأتم التسليم. ولعّل هذا الرأي يمثّل صدمة لجميع المؤمنين المشتركين في هذه الحملة بينما هم يعتبرون أنفسهم من المؤمنين المخلصين لدينهم وعقيدتهم أيّاً كان ذلك الدين. وهم لا يريدون لأنفسهم أن يصنّفوا تحت قائمة الملحدين. ولذلك يحاولون التنصّل من هذا الإتّهام بالتبريرات التالية:
أوّلاً: يقولون إن محمّد وعيسى وموسى وإبراهيم لم يستعملوا الكهرباء ولا السيّارات ولا الطيّارات. فهل يمنعنا ذلك من إستعمالها لأنهم لم يستعملوها؟ وهل تقف البشريّة عند عصرهم لا تتقدّم؟ وأقول إن محمّداً وعيسى وموسى لم تكن عندهم الكهرباء فتركوها واستعملوا مصابيح الغاز أو الزيت. ولم تكن عندهم السيّارات فتركوا ركوب السيّارات وركبوا الجمال والخيل والحمير. وعندما وجدوا الختان مفيداً للبشريّة إستعملوه. فترك الختان ليس تقدّماً إلى الأمام وإنّما هو تقهقر إلى الوراء وعودة بالبشريّة إلى العصور الحجريّة ورجوع إلى ما قَبل عصور الأنبياء والمرسلين.
ثانياً: إذا قلت لهم إن عيسى عليه السلام وجميع من آمن به من العبريين والمصريّين كانوا مختونين يقولون لك إن عيسى كان كغيره ضحيّة من ضحايا الختان كما أنه ضحيّة للصلب. فهل نصلب أنفسنا كما صلب عيسى؟ ونسألهم: هل كان عيسى ضحيّة مريم الغبيّة الجاهلة التي تسوق رضيعها إلى مصيره المؤلم كما تساق الذبيحة أم ضحيّة عشيرها يوسف النجّار؟ وهل تضعون مريم البتول التقيّة الطاهرة التي كانت على صلة بالروح القدس قَبل وأثناء وبعد حملها بالمسيح - هل تضعونها في صف واحد مع السفّاحين والجلاّدين الذين حكموا على المسيح عليه السلام بالصلب؟ وإذا كان موسى وعيسى ومحمّد ضحايا الجهل والخرافة أما كان الأجدر لهم أن ينهوا أتباعهم عن التعرّض لهذه الأضرار والأخطار ما داموا قد أرسلوا لهداية البشريّة؟ أم أن الإلحاد كامن وراء هذه الحملة ضد الختان شئتم أم أبيتم؟ ثم إذا كان من الممكن أن يتحوّل أمر من الأمور من مقدّس إلى مباح وبعد ذلك إلى محرّم أي ينتقل من النقيض إلى النقيض على مدى قرن أو قرنين من الزمان ألا يمكن أن يجرى هذا التطوّر على العقيدة نفسها من التوحيد الخالص عند العبريين إلى التثليث الخالص عند الرومان؟ خاصّة إذا كانت الأرضيّة ممهّدة وهي تصوّر الرومان لآلهتهم على أنها أشياء تشبه السوبرمان بل إن أحد الرومان وصف المسيح نفسه في حياته بأنه إله بني إسرائيل عندما سمع عمّا يصنعه من العجائب والمعجزات التي تعجز آلهتهم عن صنع مثلها وكل همّها هو السطو على بنات آدم. وهل يخشى المتعصّبون لمنع الختان أنه إذا عاد الناس للختان على أنه أصل من أصول المسيحيّة أن يكون هذا مدعاة إلى البحث عن كثير من الأصول الأخرى المفقودة على مر التاريخ وتراكم الزمن؟
ثالثاً: يعترف الملحدون ومن شابههم من المتعصّبين بأن الختان يقي من كثير من الأضرار والأخطار التي قد تصل إلى السرطان. إذ لا يمكن أن يتحوّل 80% من الأمريكيّين إلى الختان حبّاً في العودة إلى أصول المسيحيّة المفقودة. ولمجابهة هذا اليقين المعترف به يقول معارضو الختان إننا يمكن أن نتّقي هذه الأضرار بدوام الغسل النظيف والتطهير المستمر حتّى نزيل ما يتراكم تحت هذه الغلفة من قاذورات وميكروبات. ونقول لهم أليس الأولى أن نقطع هذه الجلدة ونستريح منها بدلاً من عناء التنظيف المستمر الذي لا ندري هل يكون حاسماً وفعّالاً أم يمكن أن يختفي تحت طيّات هذه الجلدة بعض الميكروبات رغم كل ما يبذل من جهد مستمر لتنظيفها.
رابعاً: يقول الملحدون دفاعاً عن هذه الغلفة أن الطبيعة لم تخلق شيئاً عبثاً ويخدعون المتديّنين بقولهم إن الله لم يخلق شيئاً عبثاً. ونحن نريح الفريقين بقولنا أن الطبيعة التي خلقها الله لم تصنع شيئاً عبثاً. فقد أعطت الإنسان الأظافر عندما كان في أشد الحاجة إليها لتسلق الأشجار وحفر الأرض. أمّا الآن فقد إستغنى عنها وأصبح يقصّها ويلقي بها في صناديق القمامة. كذلك أعطت الطبيعة الإنسان شعراً كثيفاً يقيه الحر والبرد وتزداد كثافته في الأماكن الحسّاسة من جسمه. وبعد أن هداه الله إلى صنع الملابس من الجلود ثم المنسوجات بدأ يستغني عن الشعر. وكانت المرأة أسبق من الرجل لقرارها في البيت وتجوّله في الغابات. ومع وجود الملابس أصبح الشعر الكثيف في الأماكن الحسّاسة مصدراً للعرق والرائحة الكريهة. فهل يعاب علينا التخلّص منه لأن الطبيعة لم تخلق شيئاً عبثاً؟ كذلك الغلفة كانت في يوم من الأيّام تمثّل الوقاية لرأس الذكر أثناء تسلق الأشجار أو التجوّل عارياً في غابات السافانا. بل إن رجلاً عارياً يمشي وسط سنابل القمح سيخرج ذكره مضرّجاً بالدماء. أمّا الآن وبعد إختراع الملابس الخفيفة والكثيفة وحصول الجسم على وقاية كاملة فإن الغلفة أصبحت مثل الأظافر وشعر العانة مصدراً للقذارة والجراثيم والأمراض ومكانها المناسب هو نفس مكان الأظافر، أي صناديق القمامة، ومعها شعر الإبط والعانة. وإن التخلّص من هذه الغلفة بالختان يعتبر بحق من أعظم منجزات عصور الفراعنة الطبّية الوقائيّة. وسوف يظل كذلك إلى الأبد لا تغني عنه منظّفات ولا مطهّرات ولا مضادّات حيويّة بما لها من آثار جانبيّة. لهذا أرى أن إستعمال كلمة بتر الذكر أو تشويه الذكر بدل كلمة الختان هو إستعمال لا يخلو من الوضاعة. إلاّ إذا جاز لنا أن نقول عن قص الأظافر إنه بتر الأصابع ونقول عن حلق العانة أنه سلخ الفرج. وما أعظم إستعمال الفلاّحين عندنا لكلمة «الطهارة» purity فهي فعلاً الكلمة المناسبة. أمّا إستعمال عبارات التنفير لمخاطبة العواطف فهو دليل الإفلاس في البحث عن دليل: إن بعض الناس قد إختلط عليهم أسلوب البحث العلمي بأساليب الدعاية والإعلان. وأستاذهم في ذلك هو جوبلز وزير الدعاية الألماني الذي يقول إكذب ثم إكذب ثم إكذب حتّى يصدّقك الناس. ويبدو أن أعداء الختان قد صدّقوا أنفسهم عندما إنخدع بهم بعض الناس وصدّقوا أكاذيبهم.
خامساً: من أساليب الدعاية النازية التي يتّبعها أعداء الختان التقاط صورة لبعض الأخطاء في عمليّة الختان قد تكون حقيقة أو مزيفة لأن الطبيب الذي يخطئ لا يستدعي المصوّرين ليصوّروا خطأه. وعلى فرض صحّتها فإننا لو تتبّعنا أخطاء الأطبّاء في عمليّاتهم الجراحيّة لألغينا مهنة الطب من أوّلها إلى آخرها.
سادساً: نراهم يعزفون على نغمة الألم ويذرفون دموع التماسيح رحمة وشفقة بالطفل المسكين ضحيّة الآباء الجهلة والمغفّلين منذ عهد إبراهيم عليه السلام أو ما قَبل عهده إلى يومنا هذا. وأراني مضطراً للرد على هذا الأسلوب الوضيع إلى حكاية قصّة ختاني:
في أحد المناسبات كالأعياد والأعراس تجمّع للختان مجموعة من الصبيان بين سن الخامسة والعاشرة. وهي أخصب سن في ذاكرة الأطفال بالنسبة لمشاعر الألم أو السرور. وقد كنت أحد هذه المجموعات التي أجريت لها عمليّة الختان منذ أكثر من ستّين عاماً في قرية وسط الصعيد لا تعرف شيئاً عن الطب والتخدير والتعقيم في ذلك الزمن. وبعد العمليّة بوقت قصير كنّا نجلس نتلقّى التهاني وقد زالت كل آثار الألم إلاّ ما يحدث عند الحركة المفاجئة. وكان بعضنا يمازح بعضاً. والذين تحمّلوها دون بكاء أو مع بكاء قليل يسخرون من الذين أكثروا البكاء ويعتبرونهم جبناء. إن قصّة الألم التي يتحدّث عنها الملحدون ويذرفون عليها دموع التماسيح لم تكن بالصورة التي يصوّرونها مليئة بالرعب والفزع وبعضهم يزعم أنها ربّما تسبّب صدمة عصبيّة. وهذا نوع من الإغراق في الخيال أو إغراق في الكذب. وكم أنا مشتاق لأبصق في وجوه هؤلاء جميعاً وأقول لهم إن قطعة القطن مغموسة في صبغة اليود أو الكحول من قَبل إختراع المكروكروم توضع على جرح سطحي كانت أكثر ألماً عشرات المرّات من ألم الختان كما عرفناه ومارسناه بلا تخدير ولا تعقيم. لقد كنّا نعيش في القرى ونجري على صخورها وجذورها ونقع ونتعرّض لكثير من الجروح والأكثرون حفاة الأقدام والقليل جدّاً منّا كان آباؤهم يضعون له صبغة اليود. أمّا الأكثرون فكانوا يكتفون بالتبوّل عليها ويخفونها عن آبائهم خوفاً من صبغة اليود التي يضعها بعض الآباء للأطفال رغماً عنهم. ولو أن أبي إستشارني في تلك السن في أمر صبغة اليود لما وافقت عليها مهما كانت الظروف والنتائج. فهل كان على أبي أن ينتظر حتّى أبلغ رشدي ثم يأخذ رأيي في إستعمال صبغة اليود لأنه لا يحق له ولا لغيره أن يتصرّف في جسمي على غير رغبتي كما يزعم الملحدون الأفّاكون؟
سابعاً: يقول أعداء الختان أعداء الأديان أعداء الإنسان أعداء الله أولياء الشيطان فيما يلقونه ويكرّرونه من أكاذيب أن قطع الغلفة يقلّل من اللذّة الجنسيّة بسبب وجود أعصاب شديدة الحساسيّة جنسيّاً في الجلدة المقطوعة. وأنا أتّفق معهم في النتيجة وإن كنت أختلف في سببها الذي هو فقدان رأس الذكر لبعض الحساسيّة نتيجة التعرّض للهواء والإحتكاك الدائم بالثياب. وهذا في نظرهم من أضرار الختان مع أن ذلك من أعظم حسناته ويأتي في المقام الأوّل قَبل الوقاية من السرطان وغيره من الأمراض. ذلك لأن شدّة الهيجان الجنسي أو سرعته تؤدّي حتماً إلى سرعة القذف التي تعتبر من أخطر أمراض العصر. ذلك لأن أعظم لذّة الرجل قدرته على الإستمرار في العمليّة الجنسيّة حتّى يكتمل ارتواء زوجته. أمّا أن يكمّل هو شهوته ويقذف ويرتخي قَبل أن ترتوي فذلك مدمّر للطرفين معاً لأنه قد يدفع الزوجة إلى الفاحشة بالبحث عن آخر يكمّل إرتواءها أو تجد معه متعتها أو يصيبها بالإحباط والإكتئاب إن كان دينها وتربيتها يمنعانها من إرتكاب الفاحشة. كما أنه يصيب الزوج بالإحباط والشعور بالعجز والشك في زوجته. وغالباً ما يلجأ إلى المخدّرات لتبريد هذا الهيجان وإطالة أمد العمليّة الجنسيّة. وذلك هو السبب الرئيسي وراء الحملة التي تشنّها وزارة الصحّة بالتعاون مع وزارة الداخليّة ضد ختان البنات الذي يقلّل من سرعة ارتوائهن فيضطر الرجال الذين أبتلوا بهذه المصيبة إلى إستعمال المخدّرات وخاصّة الأفيون الذي يساعد الرجل على إطالة العمليّة الجنسيّة تحقيقاً لارتواء المرأة. كما أن طول العمليّة الجنسيّة هدف في حد ذاته وليس الهدف هو سرعة الهيجان والقذف السريع. وبعض الناس يستعين بالغطاء الذكري لإطالة العمليّة ولو لم يكن بحاجة إليه لمنع الحمل. لذا لا أستطيع أن أخفي دهشتي من أولئك الذين وصل بهم الجرأة على التزييف والتضليل وقلب الحقائق أن يعدّوا أعظم حسنات الختان من قبيل السيّئات وأعظم سيّئات عدم الختان يدرجونها تحت بند الحسنات. وقديماً قيل في الأمثال: الجاهل عدو نفسه. وورد في الآثار «إذا لم تستح فأصنع ما شئت». وقال الشاعر العربي:
إذا محاسني اللاتي أتيه بها عدّت ذنوباً فقل لي كيف أعتذر
ولكن أساليب الدعاية والإعلان المعتمدة على التزييف والتضليل والتشويه والتنفير والمبالغة والتهويل لا هدف لها سوى طمس الحقيقة وحشد الأدلّة المزيّفة للحيلولة بين الناس وبين رؤية الحقيقة واضحة كشعاع الشمس يحاولون تغطّيتها بسحب كثيفة من الأكاذيب السخيفة.
ثامناً: من أسخف الأكاذيب التي قرأتها في منشوراتهم ضد الختان تلك الأكذوبة التي تدّعي أن الختان يسبّب الميول العدوانيّة. ودليلهم على ذلك الصراع الناشب بين اليهود والمسلمين منذ نصف قرن من الزمان والفريقان المتصارعان من أهل الختان. ووجود هذا الدليل ضمن الأدلّة - وكلّها سخيفة - يدل على إستهانة بالعقليّة الأمريكيّة. بل يدل على هوان العقليّة الأمريكيّة وعدم قدرتها على التفكير السليم وتحويلها إلى آلة صمّاء تقودها أجهزة الدعاية والإعلان إلى حتفها دون وعي أو تفكير. لأنهم لو فكّروا لتساءلوا: إذا كان الختان هو سبب الصراع بين العرب واليهود لمدّة نصف قرن فما سبب الصراع الذي إستمر قروناً بين إسبانيا والبرتغال وإنكلترا وفرنسا وألمانيا وروسيا وأمريكا واليابان والفرس والرومان وقرطاجنّة في سالف العصر والزمان. إنه لو كان صحيحاً أن المعارضين للختان قد حوّلوا 30% من أنصار الختان إلى صفوفهم في مدّة عشر سنوات فقط فإنه أمر يدعو إلى شدّة الأسف الشديد لا بالنسبة لموضوع الختان فقط ولكن بالنسبة لمصير الأمّة الأمريكيّة ومقدرة البعض على أن يقودها من آذانها إلى حيث يريد. وهو تنازل عن أخص خصائص الإنسان.
أيها القارئ الكريم: لا أستطيع أن أجيب عن كل السخافات التي يعرضها أعداء ختان الذكور وحسبي أن قدّمت لك بعض النماذج لتشعل تفكيرك وتفتح عقلك وتدرك وحدك أنها كلّها سخافات وتفاهات لا تقوم إلاّ في غياب العقل السليم والتفكير القويم.
6) عقدة الخلاف
لماذا صغرت مسألة ختان الإناث وهانت حتّى أهملت نهائيّاً في بعض الدول ومنها من يتمسّك بأهون المستحبّات وينفخ فيها حتّى يحوّلها إلى ما يشبه الواجبات بينما تضخّمت في البعض الآخر حتّى أصبحت عمليّاً من الواجبات أو الشعائر. وحتّى رأينا معظم علماء الأزهر وعلى رأسهم شيخ الأزهر يتورّطون في القول بوجوبها ويدافعون عن بقائها وكأنها ركن الإسلام الأعظم على الرغم من كل ما ثبت لها من أضرار وأخطار وعلى الرغم من أن الدليل الوحيد الوارد في شأنها لا يرقى إلى إفادة الإستحباب فضلاً عن إفادة الوجوب المزعوم.
لو إستطعنا أن نفهم لماذا حرّم ختان الرجال في المسيحيّة. فربّما ساعدنا ذلك على إجابة شافية للسؤال السابق.
فمن المعلوم بالضرورة أن ختان الرجال إتّخذ صبغة دينيّة منذ عهد إبراهيم عليه السلام حتّى أصبح من الطقوس أو الشعائر المقدّسة لدى ذرّيته من أبناء إسماعيل وإسحاق عليهما السلام ولم يخرج المسيح والحوّاريون عن هذه القاعدة إلى أن جاء القدّيس بولس الذي كان من أنشط الدعاة للمسيحيّة بين الرومان بعد أن رفضها معظم اليهود الذين كانت الدعوة أوّل الأمر محصورة فيهم «ما بعثت إلاّ إلى خراف إسرائيل الضالّة» (متّى 24:15)، «إن خبز البنين لا ينبغي أن يطرح للكلاب» (متّى 26:15) ولكن البنين رفض معظمهم الخبز فوجد المسيح نفسه مضطراً لإلقائه للكلاب إذا أراد لدعوته أن تنتشر من بعده وهنا قال للحوّاريين قولته المشهورة «أكرزوا بالإنجيل في جميع الأمم» (مرقس 15:16).
ولكن الأمم لا تقوى على ممارسة الختان ولا تستغني بسهولة عن شرب الخمر وأكل لحم الخنزير. فاضطر القدّيس بولس إلى تقديم الكثير من التنازلات في سبيل جذب أكبر عدد من الأتباع معتمداً على أن المسيح عليه السلام كان يهتم بالجوهر أكثر من المظهر. ولقد كانت مسيحيّة القدّيس بولس هي الأوسع إنتشاراً أو سيطرة في نهاية المطاف رغم معارضة بعض الرسل الأقدم والأقرب إلى المسيح منه واتّهام بعضهم له بالكفر وبأنه لم ير المسيح في حياته. والذي يعنينا من هذا الموضوع كلّه هو أن إباحة دخول الرومان في المسيحيّة بدون ختان تحوّلت مع مرور الزمان من مجرّد إباحة عدم الختان إلى تحريم الختان بمن فيهم المسيحيّون الشرقيّون الإسرائيليون والمصريّون الذين علّموا إبراهيم عليه السلام الختان. وهذا التطوّر سببه الصراع الحاد القاتل بين المسيحيّة واليهوديّة وكراهيّة كل منها للآخر ونفور كل منها من شعائر الآخر. فتباعدت المسافة بين الفريقين الذين هم أساساً من أصل ديني واحد. ثم فرضت السلطة الرومانيّة مسيحيتها على الشرق بحُكم الإستعمار. حتّى أن المصريّين الذين هم أصل الختان أجبروا على تركه.
ولكن ما علاقة ذلك بختان البنات؟
إننا لو نظرنا إلى بلاد الإسلام التي رفضت ختان البنات لا نجد فيها مسيحيّين. أمّا مصر التي تنتشر فيها المسيحيّة من قَبل دخول الإسلام إليها فإن المسلمين فيها يتمسّكون بختان الرجال والبنات بينما يحرّم المسيحيّون ختان الرجال والبنات. لأن كل فريق يحب أن يظهر متمايزاً عن الآخر ومخالفاً له ومحتفظاً بهويّته أو ذاتيّته.
والآن هل يمكن أن نلتقي عند كلمة سواء فيعود المسيحيّون إلى أصل دينهم فيمارسون ختان الرجال ويترك المسلمون ختان النساء الذي لم يعد له أي أساس ديني يعتمد عليه بعد التوضيح السابق؟ كما أن الأضرار المؤكّدة التي تترتّب عليه تعتبر كافية لتحريمه وتجريمه حتّى لو ثبت أنه مستحب وهو أقصى ما يطمح إليه مؤيّدو الختان إذ لا أمل أقصى من إستحبابه. وبينهم وبين ذلك بعد ما بين الشرق والمغرب.
وكذلك الختان أيضاً عندي إحدى عللها تقليل النكاح وإضعاف هذه الآلة حتّى يقصر هذا الفعل ويجمّ ما أمكن. وقد ظُنَّ أن هذا الختان هو تكميل نقص خلقة، فوجد كل طاعن موضعاً للطعن. وقيل كيف تكون الأمور الطبيعيّة ناقصة حتّى تحتاج لتكميل من خارج مع ما تبيّن من منفعة تلك الجلدة لذلك العضو. وليس هذه الفريضة لتكميل نقص الخلقة، بل لتكميل نقص الخُلق. وتلك الأذيّة الجسمانيّة الحاصلة لهذا العضو هي المقصودة التي لا يختل بها من الأفعال التي بها قوام الشخص، ولا بطل بها التناسل، ولكن نقص بها الكَلَب والشره الزائد على ما يحتاج. وأمّا كون الختان يضعف قوّة الإنعاظ، وقد ربّما نقّص اللذّة، أمر لا شك فيه، لأن العضو إذا أُدمي، وأزيلت وقايته من أوّل نشوئه، فلا شك، أنه يضعف. وببيان قالوا الحُكماء عليهم السلام: إنه من الصعب أن تفارق المرأة الأغلف الذي جامعها، فهذا أوكد أسباب الختان عندي. ومن يتبدّئ بهذا الفعل إلاّ إبراهيم الذي شهر من عفّته ما ذكروه الحُكماء عليهم السلام في قوله: «أنا أعلم أنك إمرأة جميلة المنظر» (التكوين 11:12).
وفي الختان أيضاً عندي معنى آخر وكيد جدّاً وهو أن يكون أهل هذا الرأي كلّهم، أعني معتقدي توحيد الله، لهم علامة واحدة جسمانيّة تجمعهم، فلا يقدر من ليس هو منهم يدّعي أنه منهم، وهو أجنبي، لأنه قد يفعل ذلك كي ينال فائدة، أو يغتال أهل هذا الدين.
وهذا الفعل لا يفعله الإنسان بنفسه، أو بولده إلاّ عن إعتقاد صحيح. لأن ما ذلك شرطة ساق أو كيّة في ذراع، بل أمر كان مستصعباً جدّاً جدّاً. معلوم أيضاً قدر التحابب والتعاون الحاصل بين أقوام كلّهم بعلامة واحدة وهي بصورة العهد والميثاق. وكذلك هذه الختانة هي العهد الذي عهد إبراهيم أبونا على إعتقاد توحيد الله. وكذلك كل من يُختن إنّما يدخل في عهد إبراهيم والتزام عهده لاعتقاد التوحيد: «لأكون لك إلهاً ولنسلك من بعدك» (التكوين 71:7). وهذا أيضاً معنى وكيد مثل الأوّل في تعليل الختان، ولعلّه أوكد من الأوّل.
وكمال هذه الشريعة، وتخليدها إنّما تم بكون الختان في سن الصغر. ففي ذلك ثلث حِكَم:
الأولى أنه لو ترك الصغير حتّى يكبر، قد لا يفعل.
والثانية كونه لا يتألّم كتألّم الكبير للين جلده، ولضعف خياله، لأن الكبير يستهول ويستصعب الأمر الذي يتخيّل وقوعه قبل أن يقع.
والثالثة أن الصغير يتهاون والده بأمره عند ولادته لأنه لم تتمكّن إلى الآن الصورة الخياليّة الموجبة لمحبّته عند والديه. لأن تلك الصورة الخياليّة إنّما تزيد بالمباشرة، وهي تنمي مع نموّه ثم تأخذ في الإنحطاط والإغماء أيضاً، أعني تلك الصورة الخياليّة. فإن ليس محبّة الأب والأم للمولود عندما يولد كمحبّتهما إيّاه وهو إبن سنة، ولا محبّة إبن سنة كمحبّة إبن ست. فلو ترك سنتين، أو ثلث، لكان ذلك يوجب تعطيل الختان لشفقة الوالد ومحبّته له. وأمّا عند ولاده فتلك الصورة الخياليّة ضعيفة جدّاً، وبخاصّة عند الوالد الذي هو المأمور بهذه الفريضة.
وأمّا كون الختان في الثامن، لأن كل حيوان عندما يولد ضعيف جدّاً في غاية رطوبة وكأنه إلى الآن في البطن إلى إنقضاء سبعة أيّام، وحينئذ ينعد من المباشرين للهواء. ألا ترى أن في البهائم أيضاً لحظ هذا المعنى: «سبعة أيّام يكون مع أمّه» الخ (خروج 29:22). فكأنه قَبل ذلك سقط. وكذلك في الإنسان بعد إنقضاء سبعة أيّام يختن وصار الأمر مضبوطاً ولا تترك أمورك إلى الإختلافات. وممّا إشتملت عليه أيضاً هذه الجملة النهي عن إفساد آلات النكاح من كل ذكر من الحيوان مطرداً على أصل: «رسوم وأحكام عادلة» (تثنية 8:4)، أعني تعديل الأمور كلّها لا يفرط في الجماع كما ذكرنا، ولا يعطّل أيضاً بالكلّية الأمر وقال: «أثمري وأكثري» (التكوين 22:1). كذلك هذه الآلة تضعف بالختان، ولا تستأصل بالقطع بل يترك الأمر الطبيعي على طبيعته ويُتحفّظ من الإفراط.
بسم الله الرحمن الرحيم
بإسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإداريّة العليا
دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيّد الأستاذ المستشار علي فؤاد الخادم، رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضويّة السادة الأساتذة المستشارين رائد جعفر النفراوي وجودة عبد المقصود فرجات ومحمّد عبد الرحمن سلامة وسامي أحمد محمّد الصبّاغ، نوّاب رئيس مجلس الدولة.
وحضور السيّد الأستاذ المستشار عصام عبد العزيز، مفوّض الدولة
وحضور السيّد يونان ميخائيل، سكرتير المحكمة
أصدرت الحُكم الآتي
في الطعون أرقام 5204 لسنة 43 ق.ع، 5834 لسنة 43 ف.ع، 6091 لسنة 43 ق.ع
المقام أوّلهم من: 1- رئيس مجلس الوزراء بصفته، 2- وزير الصحّة بصفته ضد السيّد مدير محمّد فوزي الحو. والمقام ثانيهم من: نقيب الأطبّاء بصفته ضد السيّد منير محمّد فوزي الحو. والمقام ثالثهم من 1- جمعيّة تنظيم الأسرة، 2- جمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة، 3- الجمعيّة المصريّة للسكّان والتنمية ضد السيّد مدير محمّد قوزي الحو عن الحُكم الصادر بجلسة 24 من يونيو سنة 1997 من محكمة القضاء الإداري (دائرة الأفراد أ) في الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق.
الإجراءات
في يوم الإثنين الموافق 14 من يوليو سنة 1997 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن كل من السيّد رئيس مجلس الوزراء والسيّد وزير الصحّة بصفتهما قلم كتّاب المحكمة الإداريّة العليا تقرير طعن قيّد بجدول المحكمة تحت رقم 5204 لسنة 43 ق.ع ضد السيّد الدكتور مدير محمّد فوزي الحو عن الحُكم الصادر بجلسة 24 من يونيو سنة 1997 من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد أ) في الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإداريّة المصروفات، وطلب الهيئة الطاعنة للأسباب التي أوردتها بتقرير الطعن الحُكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحُكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإداريّة العليا لتقضي فيه بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحُكم المطعون فيه والقضاء مجدّداً بالآتي:
أصليّاً: عدم قبول الدعوى لإنتفاء المصلحة.
إحتياطيّاً: برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدّه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وفي يوم الإثنين الموافق 11 من أغسطس سنة 1997 أودع الأستاذ محمّد سليم العوّا المحامي بالنقض بصفته وكلياً عن السيّد الدكتور نقيب الأطبّاء قلم كتّاب المحكمة الإداريّة العليا تقرير طعن قيّد بجدول المحكمة تحت رقم 5834 لسنة 43 ق.ع ضد السيّد الدكتور مدير محمّد فوزي الحو عن ذات الحُكم الصادر بجلسة 24 من يونيو سنة 1997 في الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق المطعون فيه بوقف الطعن الأوّل وطلب الطاعن للأسباب التي أبداها بتقرير الطعن الحُكم بـ:
أوّلاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحُكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن.
ثانياً: وبعد إحالة الطعن إلى المحكمة الإداريّة العليا الحُكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحُكم المطعون فيه والقضاء مجدّداً برفض الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق وإلزام رافعها المصروفات عن درجتي التقاضي.
ثالثاً: وإحتياطيّاً بإحالة الدعوى إلى ثلاثة خبراء من أساتذة كلّية الطب المتخصّصين في طب أمراض النساء والتشريح والطب النفسي الذين لم تكن لهم صلة بالدعوى، تكون مهمّتهم بيان الرأي الطبّي في مدى الضرر الذي يلحقه الختان بالإناث، وبيان ما إذا كان الجهاز التناسلي للأنثى به جزء يقابل الغلفة التي يجري ختان الذكور بإزالتها، وما إذا كان ختان الأنثى يعتبر ضرورة طبّية أو كانت هناك حاجة عامّة لإجرائه للإناث دون تمييز تجعل التدخّل الجراحي بسببها من المباحات، وما إذا كان الجزء الذي يجرى الختان بإزالته يعد زائد لا حاجة له أم أنه ذو وظيفة عضويّة ونفسيّة محدّدة لا تتم كاملة إذا أزيل كلّه أو بعضه ومدى إمكان إجراء الختان مع أمن الحيفة في الحالات التي تقتضي تدخّلاً جراحيّاً إن وجدت والشروط الواجب توافرها لذلك فيمن يجريه من الأطبّاء في هذه الحالات.
وفي يوم الخميس الموافق 21 من أغسطس سنة 1997 أودع الأستاذ أحمد عبد العزيز الديب المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الأستاذ علي عبد الفتّاح الشلقاني المحامي بالنقض والوكيل عن: 1- جمعيّة تنظيم الأسرة بالقاهرة، 2- جمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة، 3- الجمعيّة المصريّة للسكّان والتنمية - تقرير طعن قلم كتّاب المحكمة الإداريّة العليا قيّد بجدول المحكمة تحت رقم 6091 لسنة 43 ق.ع وطلب الطاعن للأسباب التي ضمّنها تقرير الطعن الحُكم بـ:
أوّلاً: قبول الطعن شكلاً
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء الحُكم المطعون فيه بجميع مشتملاته والقضاء مجدّداً بطلبات الطاعنين مع إلزام المطعون ضدّه بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وجرى إعلان تقارير الطعن إلى المطعون ضدّه على النحو المبيّن بالأوراق.
وقدّمت هيئة مفوّضي الدولة تقريراً مسبّباً بالرأي القانوني في الطعنين رقمي 5204 لسنة 43 ق.ع، 5834 لسنة 43 ق.ع خلصت فيه إلى طلب الحُكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحُكم الصادر في الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق والقضاء برفضها مع إلزام المطعون ضدّه المصروفات كما قدّمت تقريراً في الطعن رقم 7091 لسنة 43 ق.ع رأت فيه:
أوّلاً: عدم إختصاص المحكمة الإداريّة العليا بنظر طعن جمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة، والجمعيّة المصريّة للسكّان والتنمية، وإحالته إلى محكمة القضاء الإداري لنظره في الحدود المقرّرة لالتماس إعادة النظر.
ثانياً: عدم إختصاص المحكمة الإداريّة العليا بنظر طعن جمعيّة تنظيم الأسرة، وإحالته إلى محكمة القضاء الإداري التي أصدرت الحُكم المطعون فيه لنظره في الحدود المنصوص عليها في المادّة 193 من قانون المرافعات مع إبقاء الفصل في المصروفات في الحالتين.
حدّدت جلسة أوّل سبتمبر سنة 1997 لنظر الطعن رقمي 5204 لسنة 43 ق.ع، 5834 لسنة 43 ق.ع أمام دائرة فحص الطعون، وجلسة 29 من سبتمبر سنة 1997 لنظر الطعن رقم 6091 لسنة 43 ق.ع وجرى تداول الطعون الثلاثة أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بالمحاضر حيث حضر الأستاذان حسني عبد الواحد وأحمد الديب المحاميان عن جمعيّة تنظيم الأسرة وجمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بالصحّة وطلبا تدخّلهما منضمّين إلى الطاعنين في الطعن رقم 5204 لسنة 43 ق.ع وإلى الطاعن في الطعن رقم 5834 لسنة 43 ق.ع، كما حضر الأستاذ محمّد سليم العوّا المحامي عن نقيب الأطبّاء بصفته وطلب تدخّله خصماً منضمّاً إلى الطاعنين في الطعن رقم 5204 لسنة 43 ق.ع.
وبجلستي 17/11/1997 و1/12/1997 قرّرت دائرة فحص الطعون إحالة الطعون الثلاثة إلى هذه المحكمة حيث نظرتهم بجلستها المنعقدة في 30/11/1997 و14/12/1997 وقرّرت بهذه الجلسة الأخيرة ضم الطعنين رقم 5834 لسنة 43 ق.ع و6091 لسنة 43 ق.ع إلى الطعن رقم 5204 لسنة 43 ق.ع ليصدر فيهم حُكم واحد بجلسة 28/12/1997. وصرّحت تقديم مذكّرات خلال ثلاثة أيّام وأمسك أطراف الطعون الثالثة تقديم مذكّرات خلال الأجل الذي ضربته المحكمة.
وصدر الحُكم بالجلسة المحدّدة له وأودعت مسودّته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين رقم 5204 لسنة 43 ق.ع، 5834 لسنة 43 ق.ع إستوفيا سائر أوضاعهما الشكليّة. فمن ثم يتعيّن قبولهما شكلاً. أمّا عن الطعن رقم 6011 لسنة 43 ق.ع فإن المحكمة ستعرض لمسألة قبوله في ثنايا هذا الحُكم عند بحث طلبات التدخّل في الطعنين المشار إليهما آنفاً بمراعاة أن جمعيّتين من الجمعيّات الثالث الطاعنة في هذا الطعن، وهما جمعيّة تنظيم الأسرة وجمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة، تقدّمتا بطلب للتدخّل إنضماماً للطاعنين فيهما.
وحيث إن عناصر المنازعة تتحصّل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 14/6/1996 أقام الدكتور منير محمّد فوزي الحو الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحّة بصفتيهما طلب فيها الحُكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر من وزير الصحّة والذي قضى بمنع إجراء ختان النساء نهائيّاً على أن يكون التنفيذ بمسودّة الحُكم الأصليّة، ثم الحُكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتّب على ذلك من آثار وإلزام المدّعى عليهما المصروفات وأتعاب المحاماة.
وذكر المدّعي شرحاً لدعواه أن المدّعى عليه الثاني (وزير الصحّة) أصدر بتاريخ 9/7/1996 قراراً بمنع ختان الإناث نهائيّاً بجميع وحدات وزارة الصحّة سواء بالمستشفيات العامّة أو المركزيّة، وحظر على جميع العاملين بالقطاع الطبّي من أطبّاء وهيئات تمريض وكذلك الأطبّاء بالقطاع الخاص إجراء هذه العمليّة.
ونعى المدّعي على هذا القرار أنه جاء على غير أساس من الواقع فضلاً عن مخالفته الدستور وانطوائه على إساءة إستعمال السلطة إذ إن المادّة الثانية من الدستور تنص على أن الشريعة الإسلاميّة هي المصدر الرئيسي للتشريع. وبذلك فإن القرار المطعون فيه قد منع الختان فإنه يكون مخالفاً للدستور نظراً لمخالفته السُنَن الثابتة عن رسول الله (ص) والمؤكّدة لمشروعيّة الختان طِبقاً للأحاديث الشريفة التي أوردها المدّعى في صحيفة دعواه. وفضلاً عن ذلك فإن الختان له حِكمته وهو الإستقرار في الحياة الزوجيّة الذي يؤدّي بدوره إلى سلامة المجتمع الإسلامي، كما أن المسلمين تواتروا على العمل به في مصر ممّا يقطع بأنه يتّفق مع الأعراف والعادات والمعتقدات. ولقد أكّد فضيلة المرحوم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق على الأصل الشرعي لختان الإناث. وبالإضافة إلى ما تقدّم فإن القرار المطعون فيه يضر بصحّة الإناث اللاتي في سن الختان على وجه الخصوص إذ سيتّجهن إلى الدهاليز الخلفيّة لإجراء هذه العمليّات في الخفاء مع ما في ذلك من خطورة مؤكّدة عليهن إذا ما أجريت على أيدي غير المتخصّصين. وأنهى المدّعي دعواه بطلباته سالفة البيان.
وإثناء نظر الشق العاجل من الدعوى حضر الأستاذ أحمد الخولي المحامي بجلسة 26/9/1996 وطلب تدخّل كل من الأساتذة كامل فؤاد صالح، أمين ياسين السرجياني، صفوت حسن لطفي، عبد المنعم عجينة، حاتم سعد إسماعيل، علاء الدين عبد العزيز الجندي، محمّد توفيق غنيم، عادل حسن عبد الفتّاح، عادل أحمد إمام، أحمد محمّد علي مسعود،سعيد زكي محمود، أحمد الشواربي، أحمد عبد الرؤوف الخولي، عادل رشاد غزال، هاني حنفي، محمّد عبد العظيم علي، يحيى زايد، محمّد السعيد زويل، مصطفى كامل، محمود الشنّاوي، سمير سليم، عبد الفتّاح رزين، كمال عبد اللطيف القط، علاء الدين زيدان، جمال أحمد صبحي، عصام عبد الرحمن العشري، محمّد جلال هريدي، مجدي محمّد زكي، جمال كرم، محمود عادل علي، أحمد فؤاد رضوان، حسن علي السمني، الصغير السيّد الصغير، علي عبد العال أمين، علاء محمّد سويلم، عبد الحق عمران، عاصم جمال الدين، أحمد هاني زايد، كمال عبد اللطيف بدر، عزيز عبد المولى، محمّد رأفت دياب، بشير محمّد أبو النصر، عماد أحمد صبحي، علي سالم سعد، محمّد إسماعيل نصّار، مصطفى عبد الفتّاح، عبد العزيز العقدي، عبد الفتّاح عبد العزيز قنديل، خصوماً منضمّين للمدّعي في طلباته.
كما حضر بذات الجلسة كل من الأساتذة محمّد سليم العوّا المحامي عن نقيب الأطبّاء، ومصطفى حسّان المحامي عن السيّدة منى ذو الفقار عضو المنظّمة الدوليّة لحقوق الإنسان، سهام عبد السلام محمّد عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان وطلبوا تدخّلهم إنضماميّاً إلى جانب الجهة الإداريّة.
وقرّرت المحكمة بهذه الجلسة ضم الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق إلى الدعوى رقم 1668 لسنة 49 ق ليصدر فيهما حُكم واحد. وجرى تداولهما بعد الضم على النحو الثابت بالمحاضر حيث حضر بجلسة 20/5/1997 الأستاذ مصطفى حسّان المحامي عن الأستاذة منى ذو الفقار المحامية عن السيّدة عزيزة حسين رئيسة جمعيّة تنظيم الأسرة وطلبت تدخّل الجمعيّة إنضماميّاً مع الجهة الإداريّة.
وقدّمت الجهة المدّعى عليها مذكّرة تمسّكت فيها أصليّاً بعدم قبول الدعوى لإنتفاء مصلحة المدّعي وطلبت إحتياطيّاً الحُكم برفضها في شقيها العاجل والموضوعي.
وبجلسة 24 من يونيو سنة 1997 أصدرت محكمة القضاء الإداري حُكمها (المطعون عليه) قضت فيه في خصوص الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإداريّة المصروفات. وذهبت في الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى إلى أن المدّعي، وباعتباره أستاذاً لأمراض النساء والتوليد بكلّية طب جامعة عين شمس له مصلحة شخصيّة ومباشرة في الدعوى بحسبان أن القرار المطعون فيه يتضمّن حظر إجراء ختان الإناث في المستشفيات العامّة والخاصّة أو العيادات العامّة والخاصّة ما عدا الحالات المرضيّة، فضلاً عن مصلحته باعتباره مسلماً.
وعن طلب التدخّل الإنضمامي للجهة الإداريّة المدّعى عليها والمقدّم من نقيب الأطبّاء ذكرت المحكمة أن من بين أهداف النقابة والتي تعمل على تحقيقها العمل على رفع مستوى مهنة الطب وقائيّاً وعلاجيّاً وتطويرها بما يحقّق للشعب أكبر قدر من الرعاية فضلاً عن إقتراح المشروعات الصحّية وذلك على النحو الذي بيّنته نصوص القانون رقم 45 لسنة 1969 بشأن تلك النقابة. ولذلك فإن لنقيب الأطبّاء بصفته مصلحة في التدخّل في الدعوى بالنظر إلى أنها تتعلّق بنزاع له صلة بمهنة الطب سواء بالنسبة للأطبّاء أو أماكن ممارستهم عملهم الطبّي ولذلك تقضي المحكمة بقبول طلب تدخّل نقيب الأطبّاء بصفته في الدعوى منضمّاً إلى الجهة الإداريّة.
وعن طلب تدخّل كل من منى ذو الفقار كعضو للمنظّمة الدوليّة لحقوق الإنسان وسهام عبد السلام عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى جانب جهة الإدارة فإن كلاًّ منهما لم تثبت صفتها التي طلبت التدخّل في الدعوى على أساسها. كما لم تفصح كل منهما عن مصلحة الجهة التي أشارت إليها في بقاء القرار المطعون فيه. ولذلك تقضي المحكمة برفض تدخّلهما مع إلزامهما مصروفات التدخّل.
وعن باقي طلبات التدخّل سواء إلى جانب المدّعي أو إلى جانب الجهة الإداريّة المدّعى عليها فطالما كان الثابت أن المتدخّلين مسلمون فإنهم بهذه الصفة وحدها يتحقّق في شأنهم شرط المصلحة اللازم توافره في طلب التدخّل طِبقاً لنص المادّة 126 من قانون المرافعات.
وعن موضوع الدعوى ذكرت المحكمة أن فقهاء الشريعة الإسلاميّة لم يجتمعوا على رأي واحد بالنسبة لختان الإناث فذهب بعضهم إلى أن الشريعة تحض على إجراء هذه العمليّة واستندوا في ذلك إلى ما يلي:
1) بعض الأحاديث التي نسبت إلى الرسول عليه السلام.
2) البحث الذي أعدّه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر السابق المرحوم جاد الحق علي جاد الحق بتاريخ 31 من مايو سنة 1992 والذي جاء به أن «المستفاد من النصوص الشرعيّة وأقوال الفقهاء أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الإلتزام بها.
3) الفتوى الأولى لمفتي الجمهوريّة الدكتور محمّد سيّد طنطاوي (حاليّاً شيخ الأزهر الشريف) الصادرة في 28/12/1993.
4) الفتوى الصادرة من لجنة البحوث الفقهيّة ومجلس مجمع البحوث الإسلاميّة بتاريخ 24/11/1994 والتي خلصت إلى أن ختان الأنثى (أي خفاضها) مشروع في الإسلام ولا يجوز تحريمه.
واستطردت المحكمة قائلة أنه على خلاف ما تقدّم ذهب البعض الآخر من فقهاء الشريعة الإسلاميّة إلى مذهب مغاير مقتضاه أن الشريعة لم يرد فيها نص قطعي على ختان الإناث واستندوا على ذلك بالأسانيد الآتية:
1) الفتوى الصادرة من فضيلة شيح الأزهر الأسبق المرحوم شلتوت والواردة بكتاب الفتاوى ص 302 وجاء بها أنه بعد إستعراض المرويّات في شأن الختان يبيّن أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلاً على السُنّة الفقهيّة فضلاً عن الوجود الفقهي وأنه ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع.
2) رأي المرحوم الشيخ عبد الوهاب خلاّف أستاذ الشريعة الإسلاميّة السابق المنشور بالعدد الأوّل من مجلّة اللواء الإسلامي الصادر في يونيو سنة 1951 والذي أورد فيه أنه يجب على الأطبّاء أن يوسّعوا دائرة الإستقراء، وأن يقارنوا من الوجهة الصحّية بين من إختتنت ومن لم تختتن. فإذا أتمّوا هذا الإستقراء وكانت النتيجة أن ختان البنات ضار بهن أو رأوا منعه فهذا المنع لا يعارض نصّاً في الدين ولا إجماعاً من فقهاء المسلمين.
3) الفتوى الصادرة في أوّل أكتوبر سنة 1994 من فضيلة الدكتور محمّد سيّد طنطاوي مفتي الجمهوريّة السابق والموجّهة إلى السيّد الدكتور وزير الصحّة [199] وجاء بها أن الختان أو الخفاض بالنسبة للإناث لم يرد بشأنه حديث يثق به، وإنّما وردت آثار حكم المحقّقون عليها بالضعف.
وخلصت محكمة القضاء الإداري إلى أن المستفاد من إستعراض الآراء الفقهيّة المتقدّمة أن الشريعة الإسلاميّة لم تتضمّن حُكماً فاصلاً أو نصّاً قطعيّاً يوجب ختان الإناث أو يحظره، ومن ثم فإن الأحكام التي وردت في هذا الشأن كلّها ظنّية.
وحيث إن الطب لم يجمع أيضاً على رأي واحد. وإنّما ذهب البعض إلى أن ختان الإناث يحقّق مصلحة طبّية بينما ذهب البعض الآخر إلى أنه يلحق بهن أشد الأضرار النفسيّة والطبّية.
وحيث إن لولي الأمر أن ينظّم الأمور التي لم يرد فيها نص شرعي قطعي في كتاب الله أو سُنّة رسوله ولم يرد فيها إجماع وكذلك المسائل الخلافيّة التي لم يستقر فيها الفقه على رأي واحد. وبصفة عامّة جميع المسائل التي يجوز فيها الإجتهاد، وأن مسلك ولي الأمر في ذلك ليس مطلقاً، وإنّما يجب أن يكون مستهدفاً بتنظيمه تلك المسائل تحقيق مصلحة عامّة للناس أو رفع ضرر عنهم بما لا يناهض نصّاً شرعيّاً ولا يعاند حُكماً قطعيّاً، وفي مجال تحديد الأداة القانونيّة التي يجوز لولي الأمر بموجبها تنظيم أي من هذه المسائل فيجب الرجوع إلى النظام القانوني العام وفي صدارته الدستور.
وحيث إن القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن مزاولة مهنة الطب أجاز في مادته الأولى ممارسة هذه المهنة وإجراء العمليّات الجراحيّة للمصري الذي يكون إسمه مقيّداً بسجل الأطبّاء بوزارة الصحّة وبجدول نقابة الأطبّاء، ومؤدّى هذا النص أن من كان مستوفياً شروط مزاولة مهنة الطب له أن يباشر جميع الأعمال الطبّية التي تدخل في نطاق إختصاصه.
وحيث إن عمليّة الختان سواء تعلّقت بالذكور والإناث تعتبر عملاً طبّياً لأنه يترتّب على إجرائها إحداث جرح ينتج من قطع في جلدة الطفل أو الفتاة، ولذلك لا يجريها إلاّ طبيب، ولا يجوز حظر هذا العمل الطبّي على الأطبّاء إلاّ إذا وجد مبرّر قوي يدعو إلى ذلك لتحقيق مصلحة عامّة أو درء مفسدة عامّة، كما لا يجوز تقييد حق الأطبّاء من مزاولة مهنتهم المنظّمة بقانون يسمح لهم بإجراء كافّة العمليّات الجراحيّة اللازمة لحفظ حياة الإنسان أو لتخفيف ضرر يتهدّده، إلاّ بقانون وليس بأداة أدنى من ذلك. وفضلاً عمّا سلف فإن إعتبار أمراً معيّناً ليس من أسباب الإباحة المنصوص عليها في المادتين 7 و60 من قانون العقوبات لا يجوز أن يتم إلاّ بقانون.
وحيث إن مؤدّى الحظر الذي فرضه القرار المطعون فيه على الأطبّاء في إجراء عمليّة ختان الإناث تعرّضهم للمساءلة الجنائيّة والتأديبيّة، وفي ذلك خروج على حُكم المادّة 66 من الدستور الأمر الذي تخلص معه المحكمة إلى أن هذا القرار إقتحم مجالاً لا يجوز وطأه بقرار وزاري، ومن ثم يكون قد تجاوز حدود سلطاته واختصاصاته متعدّياً إلى دائرة لا يقوى على خوضها باعتبارها شأناً من شئون المشرّع بمدلوله الضيّق، وليس لغيره أن يتولّى هذا الأمر، وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد خالف صحيح حُكم القانون ممّا يتعيّن معه الحُكم بإلغائه مع ما يترتّب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الطعن رقم 6091 لسنة 43 ق.ع إنفرد بالنص على الحُكم المطعون فيه مخالفته القانون لرفضه قبول تدخّل الأستاذة منى ذو الفقار المحامية بصفتها وكيلة عن جمعيّة تنظيم الأسرة بالقاهرة رغم إثبات طلب هذا التدخّل ورغم التوكيل الصادر لطالبة التدخّل بجلسة 20/5/1997.
واشتركت الطعون الثلاثة فيما تنعاه على الحُكم المشار إليه من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب التالية:
1) إنعدام مصلحة المطعون ضدّه (المدّعي) في إقامة الدعوى لأن القرار الطعين لم يمس مصلحة شخصيّة له أو يؤثّر فيها تأثيراً مباشراً. ولا يكفي في ذلك ما ذهب إليه الحُكم المطعون فيه من أن للمطعون ضدّه - وباعتباره مسلماً - مصلحة في الدعوى - وذلك أنه طالما لم يجتمع علماء الشريعة على رأي واحد بالنسبة لمسألة الختان، كما لم تتضمّن الشريعة الإسلاميّة حُكماً فاصلاً أو قطعيّاً في وجوب الختان، فمن ثم لا يصح إسناد تحقيق المصلحة في الدعوى إلى صفة الإسلام.
2) إن الحُكم المطعون فيه أطلق الحق للأطبّاء في إجراء العمليّات الجراحيّة وفقاً لأحكام القانون رقم 415 لسنة 1954 بشأن مزاولة مهنة الطب وجعل ذلك أمراً مباحاً لا يجوز تقييده إلاّ بقانون مخالفاً بذلك ما هو مقرّر من أن الإباحة الطبّية التي تباشر على جسم المريض تحكمها عدّة روابط منها أن الحصول على ترخيص أو إذن في مباشرة العمل الطبّي قد يكون شاملاً لجميع الأعمال الطبّية، وقد يكون مقتصراً على بعض هذه الأعمال، فضلاً عن ضرورة أن يكون العمل بقصد العلاج وأن يتّفق مع الأصول الفنّية المقرّرة. فإذا كان ذلك وكان ختان البنات يدخل ضمن العمليّات الجراحيّة، فإن إجراء هذه العمليّة لا تكون الإباحة فيها مطلقة لمن يزاول مهنة الطب، وإنّما يتعيّن أن تتم بمعرفة طبيب تتوافر فيه الدراية الكاملة والمعرفة بالأصول المرعيّة والثابتة في علم أمراض النساء والتوليد وبناء على إقتراح من الطبيب المعالج وهذا هو عين ما قضى به القرار المطعون فيه.
3) إن القرار المطعون فيه صدر إعمالاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 268 لسنة 1975 باختصاصات وتنظيم وزارة الصحّة التي لها رسم السياسة الصحّية في إطار السياسة العامّة للدولة. ولقد جاء هذا القرار إبتغاء المحافظة على صحّة الإناث بعد أن كثر إجراء عمليّات الختان لهن في غير الحالات التي تقتضيها، ولا يعدو هذا القرار أن يكون تنظيماً لممارسة ختان الإناث إستهدفت به جهة الإدارة غرضاً وقائيّاً هو المحافظة على الصحّة العامّة كعنصر من عناصر التنظيم العام. وليس في هذا القرار خروج على حُكم المادّة 2 من الدستور التي تقضي بأن مبادئ الشريعة الإسلاميّة المصدر الأساسي للتشريع، كما إنه لا يخالف نص المادّة 46 من الدستور والتي تنص على أن تكفل الدولة حرّية العقيدة وحرّية ممارسة الشعائر الدينيّة.
4) القرار المطعون فيه لم يخالف كذلك حُكم المادّة 66 من الدستور التي تنص على أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلاّ بناء على قانون»، وإذا كان الحُكم الطعين قد خلص إلى أن إصطلاح القانون يؤخذ هنا بالمعنى الضيّق فإن ذلك يجافي صحيح القواعد العامّة التي تحكم تدرّج القوانين ومقتضاها أن لا جريمة ولا عقوبة إلاّ بناء على قانون أو لائحة تستند إلى قانون أو قرارات وزاريّة تصدر بناء على نص المادّة 144 من الدستور.
5) إن الحُكم المطعون فيه وقد إنتهى إلى أن ختان الإناث مباح باعتبار أن الفقهاء لم يتّفقوا على تحريمه، فإنه يكون قد جاء مشوباً بالفساد في الإستدلال وقصور في التسبيب لأن الإباحة التي هي حُكم شرعي من الأحكام الخمسة وهي (الوجوب والندب والتحريم والكرهيّة والإباحة) لا تثبت بمجرّد الخلاف الفقهي وإنّما يجب أن يقوم عليها دليل من الكتاب أو السُنّة أو من سكوت الشارع عن التشريع أصلاً في مسألة معيّنة مع عدم إنطباق الأدلّة العامّة في الشريعة عليها إباحة أو منعاً.
6) إن مقتضى أدلّة الشريعة الإسلاميّة هو تحريم ختان الإناث أخذاً بحديث الرسول (ص) بأن «لا ضرر ولا ضرار» والأصل الشرعي في المضار كلّها بعد بعثة النبي (ص) هو التحريم، أمّا المنافع فالأصل فيها الإباحة. وليس بين أهل الطب الذين يعتد بعلمهم ويؤخذ برأيهم خلاف من أي نوع في أن ختان الإناث بجميع صوره ضار بالأنثى ضرراً محضاً لا يمكن جبره وما أصدرته منظّمة الصحّة العالميّة في هذا الشأن كاف وواف.
7) لا حجّة في قانون العقوبات على إباحة ختان الإناث. واستدلال الحُكم بنص المادّة 7 من قانون العقوبات على مشروعيّة الختان باعتباره من الحقوق الشخصيّة المقرّرة في الشريعة الغرّاء هو إستدلال معيب. فالختان ليس حقاً لأحد على أحد، وهو في حق الإناث فعل ضار ضرراً محضاً لا يجبر ومثله لا تبيحه الشريعة بحال.
8) إستدلال الحُكم المطعون فيه بأن الختان عادة قديمة وعرف ثابت معتبر، إستدلال باطل لأن العرف الذي يعتد به يجب ألاّ يكون مصادماً لنص شرعي والختان مصادم لنصوص تجريم الجراحة أو قطع الأعضاء والإضرار بالأخرى، فلا يبيحه فعل الناس له مهما طال زمنه، لأن إستعمال الناس ليس حجّة فيما يخالف النصوص الشرعيّة.
وخلص الطاعنون إلى طلب الحُكم بالطلبات الآنفة بيانها. وأودعت الجهة الإداريّة الطاعنة في الطعن رقم 5204 لسنة 43 ق.ع حافظتي مستندات، كما أودعت الجمعيّات الطاعنة حافظتي مستندات في الطعن رقم 6091 لسنة 43 ق.ع.
وعقّب المطعون ضدّه على ما ورد بتقارير الطعن بتقديم خمس مذكّرات بدفاعه يخلص ما جاء بها فيما يلي:
1) التمسّك بالدفع بعدم دستوريّة القرار المطعون فيه لمخالفته نصوص المواد 2، 45، 46، 66 من الدستور وذلك على النحو المبيّن تفصيلاً بالمذكّرات المشار إليها.
2) إنه لا حجّة لما إنتهى إليه السيّد الأستاذ المستشار مفوّض الدولة في تقريره من الأخذ ببعض الفتاوى المتناثرة لعدد من الفقهاء وترك البعض الآخر دون دليل أو سند وذلك للتدليل على عدم وجود حُكم شرعي قاطع في وجوب ختان الإناث، خصوصاً وأن الفتاوى المؤيّدة لهذا الوجوب صادرة من الجهات الرسميّة في مصر وتتّفق مع أحكام الأئمّة الأربعة التي أخذ بها المسلمون طوال القرون الماضية. كذلك فإن إستناد التقرير المقدّم من هيئة مقوضي الدولة إلى أقوال بعض الأطبّاء غير المتخصّصين للتدليل على مضار الختان هو إستناد معيب لأنه إهدار آراء غيرهم ممّن رأوا أهمّية سُنّة ختان الإناث جسديّاً ونفسيّاً وعدم وجود أيّة أضرار لهذه العمليّة التجميليّة البسيطة عند إجرائها بالأسلوب الصحيح.
3) إن الختان هو من سُنَن الفطرة الخمس. ويتم إجراؤه سواء للذكور أو الإناث لا بقصد العلاج وإنّما بقصد إتّباع سُنّة الرسل، ووجود هذه السُنّة قَبل البعثة المحمّديّة يؤكّد أنها من أمور الشرع المرتبطة بالفطرة الإلهيّة التي فطر الله الناس عليها والتي جاء بها الشرع الحنيف على لسان رسل الله جميعاً.
4) إنه لا حجّة لما زعمته الجهة الإداريّة الطاعنة من أن القرار المطعون فيه يدخل ضمن أحقيّة ولي الأمر والحاكم في أن ينقل الحُكم من الوجوب أو الحرام أو المباح إلى مقابله، فينتقل الإباحة إلى الوجوب أو التحريم. فهذا الزعم باطل وخطير لأنه يعطي الحاكم أو ولي الأمر - وحاشى لله - حقاً إلهيّاً في التشريع للعباد وإلغاء ما يعن له من أحكام واستحداث ما يراه من أحكام بدلاً منه.
وأجمل المطعون ضدّه طلباته في تمسّكه بالدفع بعدم دستوريّة القرار المطعون فيه، وطلب الحُكم برفض الطعن مع تأييد الحُكم المطعون فيه وأودع ثلاث حوافظ مستندات.
وحيث إنه في خصوص ما تنعاه الجهة الإداريّة الطاعنة على الحُكم المطعون فيه من خطأ في تطبيق القانون وتفسيره وذلك فيما قضى به من رفض الدفع المثار منها وموضوعه عدم قبول الدعوى لإنتفاء شرط مصلحة المدّعي في رفعها فإنه ولئن كانت المادّة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن لا تُقبل الطلبات الآتية:
أ) الطلبات االمقدّمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصيّة.
ب) ........
كما تنص المادّة 3 من قانون المرافعات المدنيّة والتجاريّة معدّلة بالقانون رقم 81 لسنة 1996 بأن «لا تُقبل أي دعوى أو أي دفع إستناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصيّة ومباشرة وقائمة يقرّها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الإحتياط لدفع ضرر محدق أو الإستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع منه». وقد إضطردت أحكام المحكمة الإداريّة العليا على أنه يجب أن تكون المصلحة المبرّرة لإقامة الدعوى شخصيّة ومباشرة، إلاّ أنه في مجال دعاوى الإلغاء - وحيث تتّصل هذه الدعوى بقواعد واعتبارات الشرعيّة والنظام العام - فإن القضاء الإداري يؤازره الفقه لا يقف في تفسير شرط المصلحة الشخصيّة عند ضرورة وجود حق يكون القرار الإداري المطلوب إلغاؤه قد أهدره أو مس به كما هو الحال بالنسبة لدعاوى التعويض وسائر الدعاوى الحقوقيّة، وإنّما يتجاوز ذلك بالقدر الذي يتّفق ويسهم في تحقيق مبادئ المشروعيّة وإرساء مقتضيات النظام العام بحيث يتسع شرط المصلحة الشخصيّة لكل دعاوى إلغاء يكون رافعها في حالة قانونيّة خاصّة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنه أن تجعل هذا القرار مؤثّراً في مصلحة جدّية له، وجدير بالذكر أن إتّساع شرط المصلحة الشخصيّة في دعوى الإلغاء على النحو السابق لا يعني الخلط بينهما وبين دعوى الحسبة. فلا يزال قبول دعوى الإلغاء منوطاً بتوافر شرط المصلحة الشخصيّة لرافعها، ولكن لا يلزم أن تكون هذه المصلحة عاجلة وإنّما يكفي أن تكون مصلحة آجلة. وليس من ريب في أن رغبة المطعون ضدّه - وهو طبيب متخصّص في أمراض النساء والتوليد - والمتدخّلين إنضماميّاً له أمام محكمة القضاء الإداري - وهم ممّن يدينون بالإسلام - في الوقوف على الحُكم الصحيح شرعاً في شأن ختان الإناث صدوراً عن عقيدة لديهم من أنه أمر تندب إليه الشريعة سواء باعتباره من سُنَن الإسلام أو بوصفه مَكرُمَة للمرأة، هو ما يمثّل مصلحة شخصيّة للمطعون ضدّه في إقامة الدعوى المطعون على الحُكم الصادر فيها بموجب الطعون الماثلة، وفي قبول تدخّل المنضمّين إليه، وهي مصلحة يؤثّر فيها تأثيراً مباشراً القرار المطلوب إلغاؤه والذي حظر إجراء عمليّات الختان للإناث في غير الحالات المرضيّة. فمن ثم فإن الحُكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح وجه القانون إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى إعراضاً عن الزعم بانتفاء المصلحة فيها.
وحيث إنه عن طلبات التدخّل في الطعنين رقمي 5204 لسنة 43 ق.ع و5834 لسنة 43 ق فإنها تتمثّل ممّا يلي:
أوّلاً: طلب من الأستاذ محمّد سليم العوّا المحامي وكيلاً عن نقيب الأطبّاء بصفته للتدخّل إنضماماً إلى الجهة الإداريّة الطاعنة في الطعن رقم 5204 لسنة 43 ق.ع.
ثانياً: طلب من الأستاذين حسني عبد الواحد وأحمد الديب المحاميين عن جمعيّة تنظيم الأسرة وجمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة للتدخّل إنضماميّاً إلى الجهة الإداريّة الطاعنة في الطعن رقم 5204 لسنة 43 ق.ع وإلى الطاعن (نقيب الأطبّاء بصفته) في الطعن رقم 5834 لسنة 43 ق.ع.
وحيث إنه عن الطلب الأوّل فالثابت أن السيّد نقيب الأطبّاء بصفته كان قد طلب قبول تدخّله أمام محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق منضمّاً للجهة الإداريّة المدّعى عليها، وقبلت المحكمة هذا التدخّل بموجب حُكمها المطعون فيه، ومن ثم تتوافر للطالب في الطعن رقم 5204 لسنة 43 ق.ع إنضماميّاً إلى جانب الجهة الإداريّة الطاعنة الصفة والمصلحة المبرّرتين لقبول تدخّله.
أمّا عن طلب التدخّل الثاني المقدّم من جمعيّة تنظيم الأسرة وجمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة، فإن قبول هذا التدخّل مرتبط بالفصل في مدى جواز قبول الطعن رقم 6091 لسنة 43 ق المقام من الجمعيّتين طالبتي التدخّل فضلاً عن الجمعيّة المصريّة للسكّان والتنمية.
وحيث إن الجمعيّات الثلاث الطاعنة نعت على الحُكم المطعون عليه مخالفة القانون لرفضه قبول تدخّلهم إنضماميّاً للجهة المدّعى عليها في الدعوى رقم 5100 لسنة 50 ق حيث أورد الحُكم الصادر في هذه الدعوى بمدوّناته «وحيث إنه عن طلب تدخّل كل من منى ذو الفقار كعضو للمنظّمة الدوليّة لحقوق الإنسان وسهام عبد السلام عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان إلى جانب جهة الإدارة فإن كل منهما لم تثبت صفتها التي طلبت التدخّل في الدعوى على أساسها، كما لم تفصحا عن مصلحة أي من الجهتين اللتين أشارتا إليها في إستمرار بقاء القرار المطعون فيه. ولذلك تقضي المحكمة رفض طلب تدخّلهما مع إلزامهما مصروفات التدخّل».
وتجمل أسباب الطعن على ما أورده الحُكم بهذا الخصوص فيما يلي:
أوّلاً: ثابت بأوراق الدعوى رقم 9100 لسنة 50 ق أنها تضم التوكيل العام الرسمي الصادر من الأستاذة عزيزة سيّد شكري بصفتها رئيسة جمعيّة تنظيم الأسرة بالقاهرة إلى الأستاذة منى صلاح ذو الفقار المحامية لتمثيل الجمعيّة المذكورة، ولقد تم إثبات هذا التوكيل بجلسة 20/5/1997 واطّلعت عليه هيئة المحكمة، والتوكيل المشار إليه كاف لإسباغ صفة الخصومة على طالبة التدخّل (جمعيّة تنظيم الأسرة بالقاهرة) ومن أغراض هذه الجمعيّة الدفاع عن صحّة المرأة والطفل وحماية الأسرة.
ثانياً: من المقرّر قانوناً أن عدم توافر صفة التدخّل في الخصومة مع ثبوت قيامه يؤدّي إلى الحُكم بعدم قبول التدخّل وليس إلى رفضه. والحُكم بعدم القبول - على عكس الحُكم بالرفض - لا يعد قضاء في الموضوع، ويجيز لطالب التدخّل معاودة التدخّل مع إقامة الدليل على صفته ومصلحته.
ثالثاً: من المقرّر قانوناً أن المتدخّل إنضماميّاً لأحد الخصوم لا يطلب الحُكم لنفسه بطلبات شخصيّة وإنّما ترتبط مصلحته بمصلحة الخصم الذي طلب التدخّل منضمّاً له. ولا ريب في أن الجمعيّة المتدخّلة تستمد مصلحتها من مصلحة الجهة الإداريّة المدّعى عليها. وهذه المصلحة كافية بذاتها لقبول تدخّلها وقبول تدخّل الجمعيّتين الأخرتين باعتبار أن الدفاع عن صحّة المرأة والطفل والوقاية من الممارسات الضارّة هي من أغراضهما.
وحيث إنه ومع إفتراض التسليم بصحّة ما تدّعيه الجمعيّات الطاعنة من أن الحُكم المطعون فيه أغفل الفصل في الطلب المقدّم منها للتدخّل في الدعوى 9100 لسنة 50 ق، فقد كان يتعيّن عليها عندئذ أن يعلن خصمها بصحيفة للحضور أمام ذات المحكمة المقدّم إليها التدخّل لكي تعاود نظره وتفصل فيما أغفلت الفصل فيه وذلك كلّه عملاً بحُكم المادّة 193 من قانون المرافعات، وبمراعاة أن هذا الإجراء لا يزال مطروحاً على محكمة القضاء الإداري، وما كان يجوز للجمعيّات الطاعنة أن تستعيض عن هذا الإجراء بسلوك سبيل الطعن على الحُكم إذ ليس ثمة قضاء في هذا الطلب الذي إدّعت إغفال محكمة القضاء الإداري الفصل فيه ممّا يمكن أن يكون محلاً للطعن.
وحيث إنه وفي ضوء ما تقدّم فإن الطعن رقم 6091 لسنة 43 ق.ع قد أقيم ممّن هو خارج عن الخصومة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الخارج عن الخصومة لا يجوز له الطعن أمام المحكمة الإداريّة العليا في الحُكم الذي تعدّى أثره إليه، وإنّما عليه أن يسلك طريق التماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحُكم تأسيساً على أنه طِبقاً لنص المادّة 22 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 فإن الأحكام الصادرة في دعوى الإلغاء تكون حجّة على الكافّة وأن مؤدّى هذه الحجّية لحُكم الإلغاء سريانه في مواجهة كافّة الناس سواء في ذلك من طعن في القرار المطلوب إلغاؤه ومن لم يطعن عليه إذ إن قصر هذه الحجّية على من كان طرفاً في دعوى مهاجمة القرار هو حد لإطلاق الحجّية لا يجوز إلاّ إستناداً إلى نص صريح في القانون.
كذلك فإن تحديد طرف الطعن في الأحكام هو من عمل المشرّع وحده يرد حظر في القانون المنظّم لها. وقد حدّدت المادّة 23 من قانون مجلس الدولة المشار إليه أحوال الطعن أمام المحكمة الإداريّة العليا وهي لا تتسع لأن يطعن أمامها من الخارج عن الخصومة فالطعن أمام المحكمة الإداريّة العليا لا يجوز إلاّ لمن كان طرفاً في الخصومة التي إنتهت بصدور الحُكم المطعون فيه. ولقد ألغى قانون المرافعات المدنيّة والتجاريّة الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 طرق الطعن في الأحكام باعتراض الخارج عن الخصومة الذي نظّمه القانون القائم قَبله في المادّة 45 منه، وأضاف حالة إعتراض من يعتبر الحُكم الصادر في الدعوى حجّة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخّل فيها إلى أوجّه التماس إعادة النظر. وبذلك يكون قانون المرافعات قد ألغى طريق الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإداريّة العليا من قِبَل الغير ممّن لم يكونوا خصوماً في الدعوى التي صدر فيها الحُكم المطعون فيه، أو أدخلوا أو تدخّلوا فيها ممّن تعدّى أثر هذا الحُكم إليهم، إذ إن ذلك أصبح وجهاً من وجوه التماس إعادة النظر في أحكام محكمة القضاء الإداري ووفقاً لما تنص عليه المادّة 51 من قانون مجلس الدولة، فإنه يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإداريّة والمحاكم التأديبيّة بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنيّة والتجاريّة أو قانون الإجراءات الجنائيّة حسب الأحوال وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه وبناء على ما تقدّم وإذ كان الثابت أن أي من الجمعيّات الطاعنة لم تكن طرفاً أصليّاً في الخصومة التي إنتهت بصدور الحُكم المطعون فيه ولم تقضي محكمة القضاء الإداري بقبول أي من الجمعيّات المشار إليها، ومن ثم فإنها جميعاً تعتبر خارجة عن الخصومة الأمر الذي ينبغي معه الحُكم بعدم جواز نظر الطعن رقم 6091 لسنة 13 ق.
وحيث إنه وبناء على ما تقدّم ولمّا كان من المقرّر في قضاء هذه المحكمة أن طلب التدخّل أمام المحكمة الإداريّة العليا لا يُقبل إلاّ ممّن كان طرفاً في الحُكم المطعون فيه سواء بصفة أصليّة أو كأثر لقبول طلب تدخّله في الخصومة التي صدر فيها هذا الحُكم،
وإذا كان الثابت أن أي من جمعيّة تنظيم الأسرة أو جمعيّة الوقاية من الممارسات الصارة بصحّة المرأة لم يكن طرفاً في الحُكم الصادر في الدعوى رقم 6100 لسنة 50 ق إذ لم يصدر قضاء من محكمة القضاء الإداري بقبول تدخّل أي من هاتين الجمعيّتين فمن ثم يتعيّن القضاء بعدم قبول تدخّلهما في الطعنين رقمي 5204 لسنة 43 ق.ع و5834 لسنة 43 ق.ع.
وحيث إنه عن موضوع الطعن فإن أساسه وصلبه هو بحث مشروعيّة قرار وزير الصحّة والسكّان رقم 261 لسنة 1996 الصادر في 8 من يوليو سنة 1996 والذي ينص في المادّة 1 منه على أن «يحظر إجراء عمليّات الختان للإناث سواء بالمستشفيات أو العيادات العامّة أو الخاصّة، ولا يسمح بإجرائها إلاّ في الحالات المرضيّة فقط والتي يقرّها رئيس قسم أمراض النساء والولادة بالمستشفى وبناء على إقتراح الطبيب المعالج». أمّا المادّة 2 من القرار فهي الخاصّة بنشره في الوقائع المصريّة والعمل به من تاريخ هذا النشر. وأن الفصل في هذه المشروعيّة يقتضي لزوماً بحث المسـألتين الآتيتين:
المسألة الأولى: حُكم الشريعة الإسلاميّة في ختان الإناث.
المسألة الثانية: ختان الإناث من منظور طبّي وقانوني.
ونجتزئ بداءة فنشير إلى أن الختان عموماً عادة تأصّلت منذ قرون طويلة في بعض البلاد الإفريقيّة على وجه الخصوص ولا تزال موجودة وتمارس في مصر وفي أواسط إفريقيا والصومال والسودان وبعض أجزاء اليمن. ويرجّح أن هذه العادة إنتقلت من إفريقيا إلى بلاد العرب في الجاهليّة. وهي لا تمارس حاليّاً في البلاد العربيّة غير الإفريقيّة إلاّ نادراً وتكاد تكون معدومة في الجزيرة العربيّة وآسيا.
وهناك عدّة مسمّيات تطلق على ممارسة ختان الإناث فتسمّى أحياناً بالطهارة وتارة بالخفاض. وهي على أربع درجات بقدر ما يستأصل من فرج الأنثى في الشفرين الكبيرين والصغيرين والبظر. ومن المحقّق أن هذه العادة كانت تمارس في مصر قَبل ظهور المسيحيّة والإسلام ولذا يرجّح البعض أن ختان الذكور عادة فرعونيّة حسبما ثبت من بعض الرسومات والنقوش الموجودة بالمعابد.
وكان ختان الذكور معروفاً بين الشعب اليهودي فقد ورد في سفر التكوين 10:17: «وقال الله لإبراهيم: هذا عهدي فتختنون في غرلكم فيكون علامة عهد بيني وبينكم». أمّا ختان الإناث فليس فيه إشارة.
وفي المسيحيّة لم يعد ختان الذكور أمراً محتّماً. وقد حسم الرسل في القرون الأولى للميلاد هذا الأمر في مجمع أورشليم. فلم يعد مفروضاً على المسيحيّين من غير اليهود أن يمارسوا ختان الذكور وليس لعادة الختان أي أساس ديني من وجهة نظر المسيحيّة.
أمّا عن المسألتين مدار البحث ففيما يلي بيانها على وجه التفصيل:
المسألة الأولى: حُكم الشريعة الإسلاميّة في ختان الإناث
من المعلوم أن مصادر الشريعة الإسلاميّة التي إتّفق عليها جمهور المسلمين أربعة هي: القرآن، والسُنّة النبويّة الصحيحة، والإجماع بشروطه المقرّرة في علم أصول الفقه، والقياس المستوفي لشروط صحّته.
أمّا القرآن الكريم فليس فيه نص خاص عن الختان مع أنه عرض لكثير من شئون المرأة مثل الزواج والطلاق والرضاعة والحيض والنفاس.
فإذا إنتقلنا إلى المصدر الثاني وهو السُنّة المتمثّلة فيما صدر عن رسول الله (ص) من قول أو فعل أو تقرير، وكان مقصوداً به الإقتداء، ونقل إلينا بمصدر صحيح يفيد القطع أو الظن الراجح بصدقه فإنه يكون حجّة على المسلمين، ومصدراً تشريعيّاً يستنبط منه المجتهدون الأحكام الشرعيّة لأفعال المكلّفين. وبذلك تكون الأحكام الواردة في هذه السُنَن مع الأحكام الواردة في القرآن قانوناً واجب الإتّباع. وهناك أقوال وأفعال صدرت عن الرسول ولكنّها لم تعتبر من السُنّة إذ لم يقصد بها التشريع والإقتداء ومن ذلك ما صدر عنه عليه السلام بمقتضى بشريّته وطبيعته الإنسانيّة من قيام وقعود ومشي ونوم وأكل. فذلك كلّه ليس تشريعاً ما لم يدل دليل على أن المقصود من فعله الإقتداء به.
وهناك أيضاً ما صدر عنه بمقتضى الخبرة الإنسانيّة والحذق والتجارب في شئون الدنيا من إتّجار أو زراعة أو تنظيم جيش أو تدبير حربي أو وصف دواء لمريض أو نحوه. فذلك ليس تشريعاً أيضاً لأنه ليس صادراً عن رسالته، وإنّما هو صادر عن خبرته الدنيويّة وتقديره الشخصي. ولهذا لمّا رأى في بعض غزواته أن ينزل الجند في مكان معيّن قال له بعض صحابته: أهذا منزل أنزلكه الله أو هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. فقال الضحّاك: ليس هذا بمنزل، وأشار بإنزال الجند في مكان آخر لأسباب حربيّة بيّنها للرسول. ولمّا رأي الرسول أهل المدينة يؤبّرن النخل أشار عليهم أن لا يؤبّروا. فتركوا التأبير وتلف الثمر. فقال لهم أبّروا أنتم أعلم بأمور دنياكم. فما هو المأثور من السُنَن النبويّة الشريفة الواجبة الإتّباع في شأن ختان الإناث؟
هناك عدّة أحاديث غير مقطوع بصحّة إسنادها تعرّضت لموضوع الختان. واختلف العلماء بشأنها. ومع ذلك يحسن إيرادها كما جاءت بالمواجع المختلفة مع بيان سندها والحُكم المستفاد منها.
الحديث الأوّل: عن إمرأة كانت تسمّى أم عطيّة، وكانت تقوم بختان الإناث في المدينة المنورة. وذكر أن النبي (ص) قال لها: «يا أم عطيّة أشمّي ولا تُنهِكي فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج» (رواه الحاكم والبيهقي وأبو داوود بألفاظ متقاربة لا تخرج عن معناه) وكلّهم رووه بأسانيد ضعيفة كما بين ذلك الحافظ بن زيد الدين العراقي في تعليقه على كتاب إحياء علوم الدين للغزالي (1/148). وعقد أبو داوود - والنص المروى عنه مختلف في لفظه عن النص السابق - على هذا الحديث بقوله: «روي عن عبد الله بن عمرو عن عبد الملك بمعناه السابق وإسناده، وليس هو بالقوي. وقد روي مرسلاً، ومحمّد بن حسّان أحد ناقلي الحديث مجهول، وهو ضعيف (سُنَن أبي داوود مع شرحها 3/125-126).
ومع الإفتراض بصحّة الحديث فإن التوجيه الوارد به لا يتضمّن أمراً بختان الإناث. وإنّما يبيّن كيفيّة إجراء هذا الختان إن وقع، ودعوة كريمة من الرسول إلى الخاتنة بأن تترفّق بالأنثى فلا تؤذها ولا تجور على ما تستأصله منها. وهو ما عبّر عنه بلفظ «إشمام» ووصفه بعض العلماء بأنه كإشمام الطيب. والمقصود به أنه قدر يسير لا يكاد يمس من الجزء الظاهر من موضع الختان وهي الجلدة التي تسمّى الغلفة وقال فيها الإمام النووي قطع أدنى جزء منها.
وقال آخرون في تفسير معنى أشمّي، أي أتركي بقيّة من البظر شمّاء (أي مرتفعة) وابتعدي عن الإخفاء والإنهاك وهو الإستئصال الكامل العميق للبظر.
ومن يقرأ الحديث يمكنه أن يخلص إلى أن النبي لم يصادر به عرفاً جرت به عادة العرب وتأصّل في نفوسهم زمناً، وإنّما أراد أن يخفّف من غلواء هذه العادة فجرى حديثه للخاتنة بهذا التوجيه الكريم. وعليه فإن رواية الحديث على الفرض بصحّتها لا تحتمل تأويلاً سائغاً يجاوز هذا المعنى.
الحديث الثاني: روي عن النبي (ص) قال: الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء». وجاء في كتاب إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد بن محمّد الغزالي. أخرجه أحمد (75:5) والبيهقي من رواية إبن المليح إبن أسامة عن أبيه بإسناد ضعيف. ونص الحافظ العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين على ضعفه أيضاً، كما نص الحافظ بن حجر في كتابه «تلخيص الخبير في تخريج الرافعي الكبير» على ضعف الحديث لأنه يدور على حجّاج إبن أرطأة وليس يحتج بما إنفرد به. ونقل قول البيهقي في أنه ضعيف ومنقطع وقول أبي عبد البر في كتاب المجتهد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد (21/59) أنه يدور على رواية راو لا يحتج به. وقال الشوكاني في تعليقه على الحديث «ومع كون الحديث لا يصلح للإحتجاج به فهو لا حجّة فيه على المطلوب». وقال الشيخ محمود محمّد خضر من علماء الحديث بالأزهر أن «حديث الختان سُنّة للرجال ومَكرُمَة للنساء ليس ضعيفاً فحسب وإنّما هو غير صحيح إذ الواضح أن هذا الكلام من أساليب الفقهاء وليس من أساليب الرسول (ص) لأن إستعمال كلمة السُنّة في الحُكم المتوسّط بين الفرض والنافلة هو من عمل الفقهاء في العصور المتأخّرة. أمّا حقيقة السُنّة فهي كل ما أثر عن النبي في قول أو فعل أو تقرير شامل لأداء الفرائض والسُنَن. وكم من أقوال الصحابة والتابعين أو الفقهاء رفعت إلى رسول الله (ص) عن سوء قصد أو عن حسن قصد. وقد تكفّل المحدّثون بتضعيف الحديث من حيث السند. وتكفّلت (أي الكاتب) بتضعيفه من حيث المتن. وعليه فليس في هذا الحديث حجّة لأنه ضعيف مداره على راو لا يحتج بروايته فكيف يؤخذ منها حُكماً شرعي بأن أمراً معيّناً من السُنّة أو من المكرمات، وأقل أحوالها أن تكون مستحبّة، والإستحباب حُكم شرعي لا يثبت إلاّ بدليل صحيح.
ولا يرد على ذلك بأن لهذا الحديث شاهد أو شواهد من حديث أم عطيّة السابق ذكره. فإن جميع الشواهد التي أوردها من ذهب بصحّته معلولة بعلل قادحة في ضعفها مانعة من الإحتجاج بها. وعلى الفرض الجدلي البحث بصحّة الحديث وهو ليس كذلك، فليس فيه ما يفيد التسوية بين ختان الذكور وختان الإناث في الحُكم، بل فيه التصريح بأن ختان الإناث ليس سُنّة وإنّما هو مرتبة دونها. والسُنّة هنا تؤخذ بمعنى العادة وليس بالمعنى الأصولي للكلمة ولو أراد الرسول (ص) التسوية في الحُكم بين الرجل والمرأة لقال «الختان سُنّة للرجال والنساء». أو لقال: «سُنّة» وسكت. فإنه يكون عندئذ تشريعاً عامّاً ما لم يقم دليل على خصوصيته. أمّا وقد فرّق بينهما في اللفظ - لو صحّت الرواية - فإن الحُكم يكون مختلفاً. وكونه سُنّة بالمعنى الأعم لهذه الكلمة فإنه كذلك في حق الرجال فحسب. وهذا ما فهمه الإمام أبي عبد الرحمن حين عرّض بالذين قالوا أنه سُنّة لاعتمادهم على تلك الرواية، ويبيّن إن الإجماع منعقد على ختان الذكور وحدهم.
الحديث الثالث: يقول عن رسول الله (ص) «الفطرة خمس الختان والإستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر» (رواه البخاري ومسلم). وذهب بعض الفقهاء أن لفظ الختان الوارد بالحديث يخص الرجال. يرجّح ذلك قوله عليه السلام «إختتن إبراهيم خليل الرحمن» وفي حديث آخر «الختان سُنّة للرجال». وكان لفظ الختان يطلق على موضع القطع من الرجل، أمّا المرأة فكان يطلق على ما يجرى في شأنها الخفاض. وفضلاً عمّا سبق فإنه بإمعان النظر في أمور الفطرة الخمس المذكورة في الحديث وهي الختان، والإستحداد (أي قطع الشعر بآلة حادّة) ونتف الإبط، وقص الشارب وتقليم الأظافر، لوجدنا أن إتّباعها أمر بدهي طبيعي في فطرته. ومن هنا فإن مفهوم الحديث لا يعدو الأفعال البدهيّة التي يستحب فعلها دون أن يحمل مقصوده إلى السُنّة بمعناها الإصطلاحي.
الحديث الرابع: قيل بأن نسوة من الأنصار دخلن على النبي فقال: «يا نساء الأنصار أخضبن غمساً واخفضن ولا تُنهِكن، فإنه أحظى عند أزواجكن وإيّاكن وكفران النعم». روي هذا الحديث عن عبد الله بن عمر عن طريق أبي نعيم مندل بن علي، عن أبي جريح، عن إسماعيل إبن أميّة، عن نافع، عن أبي عمر. وأجمع الرواة على أن مندل ضعيف (نيل الأوطار من أحاديث سيّد الأخيار للأمام الشوكاني 1/139).
الحديث الخامس: عن السيّدة عائشة رضي الله عنها مرفوعاً إلى الرسول (ص)، وفي بعض الروايات ورد موقوفاً عليها، وله حُكم المرفوع قالت: «إذا إلتقى الختانان وجب الغسل». وروى هذا الحديث مالك في الموطّأ، ومسلم في صحيحه، والترمذي، وابن ماجة في سُنَنيهما، وغيرهم من أصحاب مدوّنات الحديث النبوي. وموضع الشاهد في الحديث قوله (ص) «الختانان» إذ فيه تصريح بموضع ختان الرجل والمرأة ممّا يراه البعض حجّة في شأن وجوب ختان الإناث. وعلى عكس ما سبق يرى بعض الفقهاء أنه لا حجّة في هذا الحديث الصحيح على وجوب ختان الإناث مستدلّين على ذلك بأن الحديث هو في وجوب الغسل عند إلتقاء الختانين وليس في وجوب الختان. واستعمال لفظ «الختانان» هو نوع من الأدب الرفيع في التعبير عن أعضاء الذكورة والأنوثة أو هو تسمية لموضع القطع من ذكر الرجل وفرج الأنثى ربّما لعادة جرى عليها الناس. وحتّى لو كانت هذه العادة واجبة أو مطلوبة لجاء بها أمر حاسم سواء في القرآن أو السُنّة. وعلى أيّة حال فلا يستفاد من الحديث حُكم حاسم بشأن ختان الإناث.
الحديث السادس: روي عن إبن هريرة رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: «من أسلم فليختتن». وفي رواية للزهري: «من أسلم فليختتن ولو كان كبيراً». وواضح من لغة الحديث أن الخطاب فيه موجّه للرجال لا للنساء للأمر بالإختتان.
ذلك هو موقف القرآن والسُنّة المنقولة عن طريق الأحاديث التي نسبت إلى الرسول (ص) والتي تساند إليها من قال بوجوب ختان الإناث. وهي أحاديث ورد جلّها بأسانيد ضعيفة وليس فيها ما يجعل ختان الأنثى سُنّة أو حتّى يحمل على أنه دعوة من النبي الكريم على إجراء الختان. دليل ذلك أن الرسول (ص) كانت له أربع بنات لم يؤثّر في سيرته أنهن إختتن. ولقد روي عن الحسن أنه قال: «دعي عثمان بن العاص إلى طعام فأبى أن يجيب. فقيل له هل تدري ما هذا. هذا ختان جارية فقال «إنّا كنّا لا نأتي الختان على عهد رسول الله (ص) ولا ندعى إليه» (الشوكاني نيل الأوطار في شرح منتقى الأخيار ج 6 ص 186).
وإذا كان الأمر كذلك في شأن حُكم السُنّة في ختان الإناث فما هو حُكم الإجماع والقياس؟ الإجماع في إصطلاح الأصوليّين هو إتّفاق جمهور المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول على حُكم شرعي في واقعة. وهو لا ينعقد شرعاً إلاّ بتحقّق الأركان الخمسة الآتية:
1) إتّفاق المجتهدين: ويراد بالإتّفاق الإشتراك إمّا في الإعتقاد أو القول أو في الفعل. وكونه إتّفاق المجتهدين ليخرج إتّفاق العوام إذ لا عبرة بقولهم خالفوا أو وافقوا.
2) أن يتحقّق الإتّفاق من جميع المجتهدين على الحُكم. فلو إتّفق أكثرهم لا ينعقد باتّفاق الأكثر إجماعاً مهما قل عدد المخالفين وكثر عدد المتّفقين. لأنه ما دام قد وجد إختلاف، وجود إحتمال الصواب في جانب والخطأ في جانب آخر، فلا يكون إتّفاق الأكثر حجّة شرعيّة قطعيّة ملزمة.
3) أن يكون إتّفاق المجتهدين بإبداء كل واحد منهم رأيه صريحاً في الواقعة سواء أكان إبداء الواحد منهم رأيه قولاً بأن أفتى في الواقعة بفتوى، أو فعلاً بأن قضى فيها بقضاء.
4) أن يكون الإتّفاق على حُكم شرعي ليخرج الإتّفاق على الأحكام العقليّة والعرفيّة واللغويّة. ذلك لأننا نبحث في الإجماع دليلاً شرعيّاً يرجع إليه للتعرّف على الأحكام وإثباتها.
5) أن يتّفق على الحُكم الشرعي في الواقعة جميع المجتهدين من المسلمين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول. وذلك لئلاّ يتوهّم أن المراد هو إتّفاق المجتهدين في جميع العصور إلى يوم القيامة. فإن هذا ما يظهر بطلانه لكونه يؤدّي إلى عدم ثبوت الإجماع أصلاً كدليل شرعي.
وأمّا القياس في إصطلاح الأصوليّين فهو إلحاق واقعة لا نص على حُكمها بواقعة ورد نص بحُكمها في الحُكم الذي ورد به النص لتساوي الواقعتين في عِلّة هذا الحُكم.
وبالرجوع إلى فقهاء المذاهب الأربعة نجد أن بعض علماء الشافعيّة رأى وجوب الختان على الذكور والإناث معاً، ولقد إنفردوا دون غيرهم بهذا الرأي، الذي لا سند لما يؤيّده كما قال الشوكاني الذي ناقش الموضوع وأستعرض الروايات المختلفة فيه ثم قال: «والحق أنه لم يقم دليل صحيح على وجوب الختان». أمّا فقهاء الحنفيّة والمالكيّة فيرون أن الختان سُنّة للذكور ومندوب للإناث. ويرى الحنابلة أنه واجب للذكور مَكرُمَة للإناث. ومن المعلوم أن هناك فرق في الحُكم بين الفرض والواجب والسُنّة والمَكرُمَة، وخاصّة المَكرُمَة أنها ليست محتّمة مثل الفرض والسُنّة. وورود حديث «الختان سُنّة للرجال، مَكرُمَة للإناث» على فرض صحّته - دليل قاطع على الإستحباب للنساء دون الوجوب. ولعّل الحِكمة من ذلك أن الختان للذكر يختلف عن الختان للأنثى ووجه الخلاف قائم في الشكل والحُكم والفائدة.
وإذا كان ما سبق هو رأي فقهاء الشريعة الأربعة في شأن الختان فإن الفقهاء المحدّثين لم يكونوا أكثر إتّفاقاً ممّن سبقهم في حُكمه. فمنهم من يراه من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام، ومنهم من يرى غير ذلك. وفيما يلي بيان بأهم الفتاوى التي صدرت في شأن الختان مرتّبة بحسب تاريخ صدورها.
1) فتوى الشيخ علاّم نصّار مفتي الديار المصريّة الصادرة بتاريخ 11 سبتمبر سنة 1950 برقم 380/63 ونصّها «أن ختان الأنثى من شعائر الإسلام وردت به السُنّة النبويّة واتّفقت كلمة فقهاء المسلمين وأئمّتهم على مشروعيّته ومع إختلافهم في كونه واجباً أو سُنّة فإننا نختار للفتوى القول بسُنّيته لترجيح سنده ووضوح وجبته. والحِكمة من مشروعيّته ما فيه من تلطيف الميل الجنسي في المرأة والإتّجاه به إلى الإعتدال المحمود».
2) رأي فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر - كتاب الفتاوى الصادر في ديسمبر سنة 1959 ص 304 وما بعدها
«إن إستدلال القائلين بوجوب الختان أو سُنّيته فيه إسراف في الإستدلال قوبل بعدم التسليم، وإن ما روي في هذا الشأن ليس فيه ما يصح أن يكون دليلاً على السُنّة الفقهيّة فضلاً عن الوجود الفقهي. وهي النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين وعبّر عنها الإمام إبن منذر - وهو من كبار العلماء في الفقه والحديث بقوله: «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع» وأن كلمة (سُنّة) التي جاءت في بعض المرويّات معناها، إذا صحّت، الطريقة المألوفة عند القوم في ذلك الوقت، ولم ترد الكلمة على لسان الرسول بمعناها الفقهي الذي عرفت به فيما بعد.
والذي أراه أن حُكم الشرع لا يخضع لنص منقول، وإنّما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعيّة عامّة هي أن إيلام الحي لا يجوز شرعاً إلاّ لمصلحة تعود عليه وتربو على الألم الذي يلحقه. ونحن إذا نظرنا إلى الختان في ضوء ذلك الأصل نجد أنه يحقّق لذكور مصلحة تربو بكثير على الألم الذي يلحقهم بسببه. ذلك أن داخل «الغلفة» منبت خصيب لتكوين الإفرازات التي تؤدّي إلى تعفّن تغلب معه جراثيم تهيئ للإصابة بالسرطان أو غيره من الأمراض الفتّاكة. ومن هنا، يكون ختان الذكور طريقاً وقائيّاً يحفظ للإنسان حياته. ومثل هذا يأخذ في نظر الشرع حُكم الوجوب والتحتيم.
أمّا الأنثى فليس لختانها هذا الجانب الوقائي حتّى يكون كختان أخيها. نعم، حُكم الناس فيه جانباً آخر يدور حول ما تحدّث به بعض الأطبّاء من إشعال الغريزة وضعفها. فيرى بعضهم أن ترك الختان يشعل تلك الغريزة، ومنهن من تندفع إلى ما لا ينبغي. وإذاً، يجب الختان وقاية للشرف والعرض. ويرى آخرون أن الختان يضعفها فيحتاج إلى الإستعانة بمواد تفسد عليه حياته. وإذاً يجب تركه حفاظاً لصحّة الرجل العقليّة والبدنيّة. ولعلّي لا أكون مسرفاً أيضاً إذا قلت: ما أشبه إسراف الأطبّاء في وجهات نظرهم إسراف الفقهاء في أدلّة مذاهبهم. فإن الغريزة الجنسيّة لا تتبع في قوّتها أو ضعفها ختان الأنثى من عدمه، وإنّما تتبع البنية والغدد قوّة وضعفاً، ونشاطاً وخمولاً».
3) فتوى فضيلة الدكتور محمّد سيّد طنطاوي بتاريخ 27 من ديسمبر سنة [1993] [200] منشورة برقم 3483 بمجموعة الفتاوى الإسلاميّة الصادرة عن دار الإفتاء المصريّة المجلّد الحادي والعشرون الصادر سنة 1414 هـ، 1994 م ونصّها:
«إن الفقهاء إتّفقوا على أن الختان في حق الرجال، والخفاض في حق النساء أمر مشروع، ثم إختلفوا في وجوبه. فقال الإمامان أبو حنيفة ومالك هو مسنون في حقّهما وليس بواجب وجوب فرض ولكن يأثم بتركه تاركه. وقال الإمام الشافعي هو فرض على الذكور والإناث. وقال الإمام أحمد هو واجب في حق الرجال، وفي حق النساء عنه روايتان أظهرهما الوجوب. وهو في شأن النساء قطع الجلدة التي فوق مخرج البول دون مبالغة في قطعها ودون إستئصالها، وسمّي هذا خفاضاً. وقد إستدل الفقهاء على خفاض النساء بحديث أم عطيّة رضي الله عنها قالت إن إمرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي (ص) «لا تُنهِكي فإن ذلك أحظى للزوج وأسرى للوجه». ومعنى لا تُنهِكي لا تبالغي في القطع والخفض. ويؤكّد هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول (ص) قال يا نساء الأنصار أخفضن (أي إختتن) ولا تُنهِكن (أي لا تبالغن في القطع). وهذا الحديث جاء مرفوعاً برواية أخرى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول (ص) إلى ختان الإناث ونهيه عن الإستئصال. وقد علّل هذا في إيجاز وأعجاز إذ قد أوتي جوامع الكلم. وهذا التوجيه النبوي إنّما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة. فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مجرى البول لضبط الإشتهاء والإبقاء على لذّات النساء واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله. وبذلك يكون الإعتدال. فلم يحرم المرأة مصدر الإستمتاع والإستجابة، ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الإستهتار وعدم القدرة على التحكّم في نفسها عند الإثارة. لمّا كان ذلك المستفاد من النصوص الشرعيّة ومن أقوال الفقهاء على النحو المبيّن والثابت في كتب السُنّة والفقه أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الإلتزام بها على ما يشير إليه تعليم رسول الله (ص) كيفيّة الختان وتعبيره عنه في بعض الروايات بالخفض ممّا يدل على القدر المطلوب في ختانهن والله سبحانه وتعالى أعلم».
4) ذهب فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر في فتواه الصادة في 31 من مايو سنة 1992 إلى:
«إن الروايات الواردة في شأن ختان الإناث تحمل دعوة الرسول (ص) على إجرائه ونهيه عن الإستئصال. وقد علّل ذلك في إيجاز وعمق حيث أوتي جوامع الكلم فقال: «أشمّي ولا تُنهِكي فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج».
وهذا التوجيه النبوي إنّما هو لضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة فأمر بخفض الجزء الذي يعلو مخرج البول، لضبط الإشتهاء، مع الإبقاء على لذّات النساء، واستمتاعهن مع أزواجهن، ونهى عن إبادة مصدر هذا الحس واستئصاله. وبذلك يتحقّق الإعتدال، فلم يعدم المرأة مصدر الإستمتاع والإستجابة، ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلى الإستهتار، وعدم القدرة على التحَكّم في نفسها عند الإثارة.
لمّا كان ذلك وكان المستفاد من النصوص الشرعيّة، ومن أقوال الفقهاء على النحو المبيّن والثابت في كتب السُنّة والفقه أن الختان للرجال والنساء من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام وحث على الإلتزام بها. على ما يشير إليه تعليم رسول الله (ص) كيفيّة الختان، وتعبيره في بعض الروايات بالخفض، ممّا يدل على القدر المطلوب في ختانهن.
ومقتضى ما قاله الإمام البيضاوي عن حديث (خمس من الفطرة) أنه عام في ختان الذكر والأنثى؛ حيث قال: إن معنى الفطرة في هذا الحديث تتمثّل في مجموع ما ورد من أن الفطرة: هي السُنّة القديمة التي إختارها الأنبياء، واتّفقت عليها الشرائع، فكأنها أمر جبلي ينطوون عليه. وقال الشوكاني في نيل الأوطار: إن تفسير الفطرة بالسُنّة لا يراد به السُنّة الإصطلاحيّة المقابلة للفرض والواجب والمندوب، وإنّما يراد بها الطريقة، أي طريقة الإسلام، لأن لفظ السُنّة في لسان الشارع أعم من السُنّة في إصطلاح الأصوليّين.
ومن هنا إتّفقت كلمة فقهاء المذاهب على أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره، وأنه أمر محمود، ولم ينقل عن أحد من فقهاء المسلمين فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا - قول بمنع الختان للرجال أو النساء، أو عدم جوازه أو إضراره بالأنثى، إذا هو تم على الوجه الذي علّمه الرسول (ص) لأم حبيبة في الرواية المنقولة آنفاً.
أمّا الإختلاف في وصف حُكمه، بين واجب وسُنّة ومَكرُمَة، فيكاد يكون إختلافاً في الإصطلاح الذي يندرج تحته الحُكم. يشير إلى هذا ما نقل في فقه الإمام أبي حنيفة من أنه لو إجتمع أهل مصر على ترك الختان، قاتلهم الإمام (ولي الأمر) لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه. كما يشير إليه أيضاً أن مصدر تشريع الختان هو إتّباع مِلّة إبراهيم، وقد إختتن، وكان الختان من شريعته، ثم عدّه الرسول (ص) من خصال الفطرة، وأميل إلى تفسيرها بما فسّرها الشوكاني وغيره - حسبما سبق - بأنها السُنّة التي هي طريقة الإسلام ومن شعائره وخصائصه، كما جاء في فقه الحنفيين وليس المراد السُنّة الإصطلاحيّة - كما تقدّم آنفاً.
ويؤيّد هذا ما ذهب إليه الفقه الشافعي والحنبلي، ومقتضى قول سحنون من المالكيّة من أن الختان واجب على الرجال والنساء، وهو مقتضى قول الفقه الحنفي أنه لو إجتمع أهل بلدة على ترك الختان حاربهم الإمام، كما لو تركوا الأذان، وهذا ما أميل إلى الفتوى به.
وإذ قد إستبان ممّا تقدّم أن ختان البنات موضوع هذا البحث من فطرة الإسلام وطريقته على الوجه الذي بيّنه رسول الله (ص) فإنه لا يصح أن يترك توجيهه وتعليمه إلى قول غيره ولو كان طبيباً، لأن الطب علم والعلم متطوّر، تتحرّك نظرته ونظريّاته دائماً.
وآية ذلك أن قول الأطبّاء في هذا الأمر مختلف. فمنهم من يرى ترك ختان النساء، وآخرون يرون ختانهن، لأن هذا يهذّب كثيراً من إثارة الجنس لا سيما في سن المراهقة التي هي أخطر مراحل حياة الفتاة، ولعّل تعبير بعض روايات الحديث الشريف في ختان النساء بأنه مَكرُمَة يهدينا إلى أن فيه الصون، وأنه طريق للعفّة، فوق أنه يقطع تلك الإفرازات الدهنيّة التي تؤدّي إلى إلتهابات مجرى البول وموضع التناسل، والتعرّض بذلك للأمراض الخبيثة.
هذا خلاصة ما قاله الأطبّاء المؤيّدون لختان النساء. وأضافوا أن الفتاة التي تعرض عن الختان تنشأ من صغرها وفي مراهقتها حادّة المزاج سيّئة الطبع، وهذا أمر قد يصوّره لنا ويحذّر من آثاره ما صرنا إليه في عصرنا من تداخل وتزاحم، بل وتلاحم بين الرجال والنساء في مجالات الملاصقة والزحام التي لا تخفى على أحد، فلو لم تختتن الفتيات على الوجه الذي شرحه حديث رسول الله (ص) لأم حبيبة لتعرّضن لمثيرات عديدة تؤدّي بهن - مع موجبات أخرى، تزخر بها حياة العصر، وانكماش الضوابط فيه إلى الإنحراف والفساد».
5) تعقيب من لجنة البحوث الفقهيّة ومن مجلس مجمع البحوث الإسلاميّة على فتوى الختان الصادرة من فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق بتاريخ 31 من مايو سنة 1992:
«عرضت هذه الفتوى على لجنة البحوث الفقهيّة بالجلسة رقم 2 بالدورة 31 المنعقدة بتاريخ 8 جمادى الأولى سنة 1415 هـ الموافق 13 أكتوبر سنة 1995 م.
وبعد المداولة قرّرت اللجنة الموافقة على فتوى فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بشأن موضوع الختان والتي نشرت بمجلّة الأزهر بعدد جمادى الأولى سنة 1415 هـ - أكتوبر 1994 م.
وعرض الموضوع على مجلس المجمع في جلسته المقبلة. ثم عرضت الفتوى على مجلس مجمع البحوث الإسلاميّة، بجلسته رقم 2، 3 الدورة 31 الرقم العام 227، 228) بتاريخ 22 من جمادى الأولى سنة 1415 هـ الموافق 27 من أكتوبر سنة 1994 م، 20 من جمادى الآخرة سنة 1415 هـ الموافق 24 من نوفمبر سنة 1994. وبعد المداولة وافق المجلس على هذه الفتوى بالقرار التالي ونصّه:
أوّلاً: إن ختان الأنثى (أي خفاضها) مشروع في الإسلام ولا يجوز تحريمه.
ثانياً: إن ختان الأنثى لا يجوز أن يكون إلاّ بخفاضها دون مبالغة إستجابة في هذا لما جاء في الأثر (أشمّي ولا تُنهِكي) أي لا تجوري، وبذلك لا يكون فيه عدوان أو ظلم، وإنّما فيه مصلحة ومَكرُمَة».
6) خطاب فضيلة الدكتور محمّد طنطاوي مفتي الجمهوريّة (سابقاً) وحاليّاً شيخ الأزهر المؤرّخ 8/10/1994 الموجّه إلى السيّد الدكتور وزير الصحّة ونصّه [201] :
«بشأن الحُكم الشرعي بالنسبة لختان البنات نفيد بالآتي:
يرى جمهور الفقهاء على أن الختان سُنّة بالنسبة للذكور، ويرى بعضهم أنه واجب. وقد رجّح الإمام الشوكاني في كتابه (نيل الأوطار) ج 1 ص 139 أنه سُنّة فقال (والحق أنه لم يقم دليل صحيح على الوجوب والمتيقّن السُنّة كما في حديثه (خمس من الفطرة) ونحوه والواجب الوقوف على المتيقّن إلى أن يقوم ما يوجب الإنتقال عنه.
ومن الأحاديث الصحيحة التي وردت في شأن الختان بالنسبة للذكور ما جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: «إختتن إبراهيم خليل الرحمن، بعد ما أتت عليه ثمانون سنة).
وروى البخاري أيضاً عن سعيد بن جبير قال: «سئل إبن عبّاس مثل من أنت حين قبض رسول الله (ص) فقال: أنا يومئذ مختون. وكانوا لا يختنون الرجل حتّى يدرك» أي: حتّى يبلغ.
وروى الحاكم والبيهقي عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي (ص) ختن الحسن والحسين اليوم السابع من ولادتهما. وأخذ العلماء من هذين الحديثين أن الختان بالنسبة للذكور لا يختص بوقت معيّن وإن كان بعضهم يرى أن من الأفضل أن يكون في سن الصغر.
وأمّا الختان - أو الخفاض - بالنسبة للإناث، فلم يرد بشأنه حديث يحتج به، وإنّما وردت آثار حَكم المحقّقون من العلماء عليها بالضعف. ومنها حديث: «الختان سُنّة للرجال مَكرُمَة للنساء» وحديث «لا تُنهِكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل». ومعنى «لا تُنهِكي» لا تبالغي في إستقصاء الختان. وفي رواية «أشِمِّي ولا تُنهِكي» أي: إقطعي شيئاً يسيراً. ومنها حديث «ألق عنك شعر الكفر واختتن» وحديث: «من أسلم فليختتن».
وقد ذكر هذه الأحاديث جميعها الإمام الشوكاني في كتابه (نيل الأوطار ج 1 ص 137، 140) وحَكم عليها بالضعف - بعد الكلام المفصّل عن أسانيدها - وذكر قول الإمام إبن منذر: «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع».
وقال صاحب كتاب عون المعبود شرح سُنَن أبي داوود ج 14 ص 183 وما بعدها - بعد أن ذكر ما جاء في الختان - «وحديث ختان المرأة روي من أوجه كثيرة، وكلّها ضعيفة معلولة، مخدوشة لا يصح الإحتجاج بها كما عرفت». ثم قال: «وقال إبن عبد البر في التمهيد «والذي أجمع عليه المسلمون أن الختان للرجال».
وجاء في كتاب الفتاوى ص 302 لفضيلة الشيخ محمود شلتوت تحت عنوان: «ختان الأنثى» قوله «وقد خرجنا من إستعراض المرويّات في مسألة الختان على أنه ليس فيها ما يصح أن يكون دليلاً على السُنّة الفقهيّة فضلاً عن الوجود الفقهي» وهي النتيجة التي وصل إليها بعض العلماء السابقين، وعبّر عنها إبن المنذر بقوله: «ليس في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع».
وقال فضيلة الشيخ سيّد سابق في كتابه (فقه السُنّة) ج 1 ص 33: «أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شيء».
وكتب فضيلة المرحوم الشيخ محمّد عرفة - عضو جماعة كبار العلماء - بحثاً في الختان بمجلّة الأزهر المجلّد 24 لسنة 1952 ص 1242 جاء فيه: «وخفاض المرأة موضوع يبحث فيه العالم الشرعي لبيان حُكمه في الشرع. ويبحث فيه العالم بوظائف الأعضاء لبيان وظيفة هذا العضو الذي يقع عليه الخفاض، ويبحث فيه العالم الإجتماعي لبيان آثار الخفاض الإجتماعيّة، أهي آثار حسنة أو آثار سيّئة. وعلم وظائف الأعضاء يرى أن هذا العضو حسّاس، وأنه معين على إتمام عمليّة التخصيب، وأن قطعه وإنهاكه يبعد الشهوة. وبعض علماء الإجتماع يرى أن الخفاض سبب في إنتشار المخدّرات في البلاد التي تزاوله ومنها مصر. ولأن الزوج يجد شهوته أقرب من شهوتها، فيستعين ببعض العقاقير التي شاع خطأ أنها تبطئ موافاة الماء من الرجل. ويزيدون فيقولون: وإذا أريد القضاء على آفة إستعمال الحشيش والأفيون والمواد المخدّرة، فينبغي القضاء على أسبابها، وهو ختان المرأة لتكون طبيعيّة، ويكون الرجل طبيعيّاً». ثم قال فضيلته: «فإذا ثبت كل ذلك، فليس على من تختتن من النساء من بأس، ومن إختتنت فيجب ألاّ ينهك هذا العضو منها. وإذا منع في مصر كما منع في بعض البلاد الإسلاميّة كتركيا وبلاد المغرب فلا بأس».
والذي نراه بعد أن إستعرضنا آراء العلماء القدامى والمحدّثين في مسألة الختان أنها سُنّة أو واجبة بالنسبة للذكور لوجود النصوص الصحيحة التي تحض على ذلك.
أمّا بالنسبة للنساء، فلا يوجد نص شرعي صحيح يحتج به على ختانهن. والذي أراه أنه عادة إنتشرت في مصر من جيل إلى آخر وتوشك أن تنقرض وتزول بين كافّة الطبقات ولا سيما طبقات المثقّفين.
ومن الأدلّة على أنها عادة ولا يوجد نص شرعي يدعو إليها، أننا نجد معظم الدول الإسلاميّة - الزاخرة بالفقهاء - قد تركت ختان النساء. ومن هذه الدول: السعوديّة ومعها دول الخليج وكذلك دول اليمن والعراق وسوريا وشرق الأردن وفلسطين وليبيا والجزائر والمغرب وتونس الخ.
وما دام الأمر كذلك، فإني أرى أن الكلمة الفاصلة في مسألة ختان الإناث مردّها إلى الأطبّاء. فإن قالوا في إجرائها ضرر تركناها لأنهم أهل الذكر في ذلك. وإن قالوا غير ذلك فعلى وزارة الصحّة في مصر أن تتّخذ كافّة الإجراءات القانونيّة لإجراء هذه العمليّة بالنسبة للإناث بطريقة يتوفّر فيها الستر والعفاف والكرامة الإنسانيّة التي تصون للفتاة أنوثتها السويّة. وبالله التوفيق».
وهذه الفتوى تمثّل عدولاً من فضيلة الشيخ الدكتور محمّد الطنطاوي عن فتواه السابقة الصادرة في 27 من ديسمبر سنة 1987 [202] . ومن المعروف فقهاً وأصولاً أن للفقيه الحرّية المطلقة في الرجوع عن قول قاله أو رآه. وكان أبو حنيفة رضي الله عنه ينهى تلاميذه عن الكتابة ويقول لهم: «إني أرى الرأي اليوم وأرجع عنه غداً فلا تكتبوا عني».
7) فتوى فضيلة الدكتور نصر فريد واصل مفتي جمهوريّة مصر العربيّة الصادرة برقم 360/140 في 20/5/1997 عن بيان الحُكم الشرعي في الختان:
«قال الله تعالى في كتابه الكريم: «ثم أوحينا إليك أن إتّبع مِلّة إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين» ( الآية 123 من سورة النحل). وفي الحديث الشريف: «إختتن إبراهيم وهو إبن ثمانين سنة».
وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) «الفطرة خمس أو خمس من الفطرة: الختان والإستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر». ومن المقرّر شرعاً أن جمهور الفقهاء إتّفقوا على أن الختان في حق الرجال واجب شرعي وهو من شعائر الإسلام التي يجب على المسلمين أن يحرصوا على فعله وعدم تركه لصحّة ما ورد فيه بنصوص قطعيّة الدلالة على ذلك.
أمّا بالنسبة للإناث فإنهم قد إختلفوا فيه.
ففي فقه الإمام أبو حنيفة والمشهور في فقه الإمام مالك أنه بالنسبة للنساء مَكرُمَة، وعند الشافعيّة أن الختان واجب على الرجال والنساء وعند أحمد بن حنبل أن الختان واجب على الرجال مَكرُمَة في حق النساء وليس بواجب عليهن.
وخلاصة هذه الأقوال أن الفقهاء إتّفقوا على أن الختان في حق الرجال والخفاض في حق الإناث مشروع للجميع لعموم الأدلّة الواردة في ذلك. وجاءت النصوص تؤكّده في حق الرجال وتتركه بالنسبة للنساء وشأنهن.
ودار الإفتاء ترى أن ختان الإناث سُنّة تنظيميّة. فليس واجباً فعله ولا منهيّاً عن تركه وذلك لأن النصوص الواردة بشأنه تنهى ولا تأمر بالفعل ولا تنه عن الترك، بل تدل في مجموعها على مبدأ المشروعيّة للجميع وإن كان بالنسبة للمرأة أن الأمر التشريعي فيه هو أمر تنظيمي يتعلّق بعادات الناس ومصالحهم وأن ختان الإناث متروك بما يتناسب ومصلحة ذوي الشأن. فإن رأى أهل الخبرة من الأطبّاء العَدول الخير في فعله فعلوه، وإلاّ تركوه لأنه يختلف باختلاف البيئات والأفراد وبما لا يضر العلاقات الأسريّة حيث إن القاعدة الشرعيّة تقرّر «لا ضرر ولا ضرار».
وخلاصة ما سلف أنه ليس ثمة إجماع بين الفقهاء وأئمّة المجتهدين على وجوب الختان (الخفاض) في حق الإناث. والكثير منهم عارضوا فعله صراحة مستندين في ذلك إلى حجّتين رئيسيتين:
الأولى: إن السُنّة الصحيحة لا حجّة فيها على وجوب ختان الإناث، وأن ما يحتج به من أحاديث في هذا الشأن كلّها ضعيف وهش وفيه طعون ومن ثم لا يستفاد منها نص صريح قاطع أو حُكم شرعي. ولقد أدّى ذلك إلى وجود إختلاف بين المذاهب الأربعة في أمر ختان الإناث. والرأي الغالب أنه مَكرُمَة. وهناك فرق واضح بين الفرض والواجب والسُنّة والمَكرُمَة. ومن مميّزات المَكرُمَة أنها ليست أمراً محتّماً مثل الفرض والواجب والسُنّة. أي أن فيها حرّية وتفضيل. وهذا يدل على تسامح الدين الإسلامي الحنيف. وطالما أن ختان الأنثى لا يعد واجباً لعدم ورود ما يفيد ذلك في كتاب الله ولا سُنّة رسوله، فإن ترك الختان على هذا الوجه لا يستوجب الإثم.
والثانية: إنه لو كان ختان الأنثى أمراً واجباً أو مطلوباً لجاء بها أمر حاسم سواء في القرآن الكريم أو السُنّة الشريفة. ولم يذكر أحد أن رسول الله (ص) قد ختن بناته الأربع أو حتّى إحداهن. وإذا كان البعض يقول إن الأصل في هذه العادة الإخفاء والمداراة فإن الرد على ذلك سهل وميسور ذلك أن السيّدة عائشة رضي الله عنها لم تترك في فقه النساء موطّأ إلاّ وطأته ولا مدخلاً إلاّ ودخلته معلّمة ومرشدة لبنات جنسها بتفاصيل الدين الحنيف. ولم تجد رضوان الله عليها حرجاً في شرح أدق تفاصيل العلاقة الزوجيّة مع سيّد الخلق وأفضل المرسلين. فكيف والأمر كذلك يحتج بأن عادة الختان للأطفال أولى بالإخفاء والمداراة والتكتيم عليها في الوقت الذي تم فيه التعرّض لتفاصيل أدق وأخص العلاقات بالشرح والتوضيح والتعليم إعمالاً لمبدأ أن لا حياء في الدين. وإذا كان الأمر كذلك فكيف يدعو البعض إلى إتّباع عادة لم يثبت أن سيّدنا رسول الله قد إتّبعها مع أهل بيته أو أمر صراحة بأن يتّبعها المسلمون.
ولا حجّة بعد عدم إجماع الفقهاء على رأي في شأن ختان الإناث، لاستخلاص دليل في خصوصه من القياس لأن وجه الخلاف بين ختان الذكور وختان الإناث قائم في الشكل والحُكم والفائدة. ومن ثم ينتفي مناط القياس بينهما لاختلاف عِلّة الواقعتين.
المسألة الثانية: ختان الإناث من منظور طبّي وقانوني
مثلما إختلف الفقه والفقهاء في وجوب الختان، إختلف الطب والأطبّاء في نفعه. وكل يدلي برأيه فيه دعماً وسناداً أو نكثاً واعتراضاً. فمنهم من يرى فيه ضرورة لكبح جماح شهوات الأنثى والحد من غلوائها فضلاً عن كونه سبيلاً لوقايتها من الأمراض إذ به تكفل نظافة الفرج من الإفرازات الدهنيّة. ويرى آخرون في الختان نوعاً من الإنتهاك البدني والتشويه المتعمّد للأعضاء التناسليّة للأنثى التي خلقت بحسب أصلها في صورة متكاملة لتؤدّي وظيفتها، وأن هذا التشويه وما ينجم عنه من أضرار وأخطار كثيراً ما يصيب الأنثى بأمراض نفسيّة وعصبيّة فضلاً عن المضار العضويّة إذ يفوّت عليها فرصة الإستمتاع باللقاء الجنسي مع الزوج. ولا صحّة لما يقول به البعض من أن الختان يحد من غلواء الشهوة عن الفتيات ويصون عليهن عفّتهن لأن العفّة لا تصان بعمليّة جراحيّة يبتر فيها أحد أعضاء جهازها التناسلي وإنّما تتحقّق بالتربية الدينيّة السليمة والتوعية المناسبة.
أمّا عن المنظور القانوني للختان فقد بسط الشارع حمايته على كل أعضاء جسم الإنسان ظاهره وباطنه. وإذا كان يغاير في العقاب على الإيذاء في بعض الأحيان فليس في هذه المغايرة إقرار بسيادة عضو على غيره، وإنّما المناط هو جسامة العدوان وليس قيمة العضو الذي كان محلاً لهذا العدوان. ويتحقّق المساس بسلامة الجسم بكل فعل من شأنه أن يعرّض وظائف الجسم للخلل أو يسبّب لصاحبه آلاماً نفسيّة أو بدنيّة تقلّل من حقّه في التمتّع بسلامة بدنه، ويقوم حق الإنسان في سلامة جسمه ( intégrité corporelle ) على ثالثة عناصر:
الأوّل: هو الإحتفاظ بالسير الطبيعي لوظائف الأعضاء. فيعتبر إعتداء على الحق في سلامة الجسم كل فعل يهبط بالمستوى الصحّي أو البدني أو العقلي أو النفسي للمجني عليه سواء ترتّب على ذلك حدوث مرض لم يكن موجوداً من قَبل أو تفاقم مرض كان يعاني منه.
والثاني: الإحتفاظ بكل أعضاء الجسم كاملة غير منقوصة. فاستواء الهيئة وكمال الخلقة هي من مقوّمات الجسم الآدمي. ويعتبر إعتداء على سلامة البدن ويقع تحت طائلة التجريم كل فعل ينتقص من أعضاء الجسم أو يخل بتماسك خلاياه أو يضعف من قدرته على المقاومة. ومن ذلك بتر عضو من أعضائه أو إستئصال جزء منه أو إحداث جرح ولو يسير. ولا يخرج عن ذلك سوى الأفعال التي يقوم بها بسبب من أسباب الإباحة ( cause de justification ). وإن فكرة التكامل الجسدي التي تعني إحتفاظ الجسم بكامل أجزائه هي التي يقوم عليها سبب تحريم الأعمال الطبّية والجراحيّة لما تنطوي عليه من مساس بمادّة الجسم - ولو أجريت برضاء المجني عليه بل ولو ترتّب عليها تحسن صحّته - ما لم يتوفّر لها سبب الإباحة في تصريح القانون للأطبّاء بمزاولة مهنتهم.
والثالث والأخير هو التحرّر من الآلام البدنيّة والنفسيّة. ويتمثّل هذا العنصر في ضرورة المحافظة على الهدوء والسكينة التي يتمتّع بها الجسم. وعلى ذلك يتحقّق الإعتداء على حق الإنسان في سلامة جسمه بكل فعل يؤدّي إلى إشعار المجني عليه بألم لم يكن موجوداً من قَبل أو بزيادة قدر الألم الذي يعاني منه، ولو لم يترتّب على ذلك الهبوط بمستواه الصحّي أو المساس بمادّة جسمه.
وإذ كانت ممارسة الأعمال الطبّية تتطلّب المساس بسلامة جسم الإنسان حيث يحرّم المشرّع الجنائي جميع الأفعال التي تمس به من ضرب أو جرح أو إعطاء مواد، فمن ثم فإن الأصل أن الأعمال الطبّية تتطابق مع النموذج القانوني لجرائم المساس بسلامة الجسم، إلاّ أن أحكام القانون الجنائي الخاص بالضرب أو الجرح لا تسري على الأعمال التي يباشرها الطبيب أو الجرّاح على جسم المريض لأن هذه الأعمال وإن مسّت بمادّة الجسم إلاّ أن ذلك كان من أجل صيانته وحمايته والحفاظ عليه حتّى يسير سيراً طبيعيّاً - وليس إهداراً لمصلحته أو إيذائه فالأعمال الطبّية والجراحيّة لا تعتبر من قبيل أفعال الإعتداء على الحق في سلامة الجسم وتزول عليه تجريمها وتتقرّر بمناسبتها الإباحة التي توفّر للطبيب الحق في مزاولة مهنته بإجراء الجراحات أو وصف الدواء ومباشرة إعطائه للمريض. ولقد ورد هذا النص على هذا الحق فيما نصت عليه المادّة 6 من قانون العقوبات من أنه «لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل أرتكب بنيّة سليمة عملاً بحق مقرّر بمقتضى الشريعة». ومن المسلّم به أن لفظ الشريعة في هذا النص كما ينصرف للأحكام المقرّرة بمقتضى الشريعة الإسلاميّة التي تبيح ممارسة الأعمال الطبّية بالرغم من مساسها بسلامة الجسم طالما كان الغرض منها شفاء المريض حيث يقول الرسول الكريم من «تطبّب ولم يعرف منه طب فهو ضامن» فإنها تنصرف أيضاً إلى القوانين المختلفة. ومن ثم يتمتّع الطبيب بسبب إباحة إذا كان العمل الذي يباشره على جسم المريض يعد عملاً طبّياً مستوفياً لشروطه.
ولقد إستقر الفقه على تعريف العمل الطبّي بأنه كل عمل يكون ضروريّاً أو ملائماً لاستعمال الطبيب حقّه في ممارسة المهنة الطبّية. فيدخل في الأعمال الطبّية كل ما يتعلّق بالكشف عن المرض مثل الفحوص البكتريولوجيّة والتحاليل، وتشخيصه ووصف الدواء وإعطاء الإستشارات الطبّية والعقاقير وإجراء العمليّات الجراحيّة إبتغاء تحقيق الشفاء من المرض أو تخفيف آلامه أو الحد منها، كما يدخل في الأعمال الطبّية الوقاية من الأمراض والمحافظة على صحّة الإنسان الجسميّة والنفسيّة.
وثمة شروط تتطلّب في العمل الطبّي الهدف منها حصر هذا العمل المباح في المجال الذي يفيد المجتمع حتّى لا يساء إستعماله فينقلب شرّاً يصيبه. ونجمل هذه الشرط فيما يلي:
1) الترخيص القانوني بمزاولة العلاج: فحتّى يكون العمل الطبّي مباحاً يجب أن يباشره شخص مرخّص له قانوناً بمزاولة مهنة الطبيب حيث تنص المادّة 1 من القانون رقم 415 لسنة 1954 على أنه «لا يجوز لأحد إبداء مشورة طبّية أو عيادة مريض أو إجراء عمليّة جراحيّة أو مباشرة ولادة أو وصف أدوية أو علاج مريض أو أخذ عيّنة من العينات التي تحدّد بقرار من وزير الصحّة العموميّة من جسم المرضى الآدميين للتشخيص الطبّي المعملي بأي طريقة كانت أو وصف نظّارات طبّية، وبوجه عام مزاولة مهنة الطب بأي صفة كانت إلاّ إذا كان مصرياً أو كان من بلد تجيز قوانينه للمصريّين مزاولة مهنة الطب بها، وكان إسمه مقيّداً بسجل الأطبّاء بوزارة الصحّة العموميّة وبجدول الأطبّاء البشريين، وذلك مع عدم الإخلال بالأحكام الخاصّة المنظّمة لمهنة التوليد...». والترخيص بمزاولة مهنة الطب قد يكون عامّاً شاملاً لجميع أعمال المهنة، وقد يكون خاصاً بمباشرة أعمال محدّدة منها. وفي هذه الحالة لا تتحقّق الإباحة إلاّ إذا كان العمل داخلاً في حدود الترخيص.
2) رضاء المريض: فلا يكون العمل الطبّي مباحاً إلاّ إذا رضي المريض به. فرضاء المريض سابق لمباشرة العمل الطبّي عليه. وعِلّة هذا الشرط هو رعاية ما لجسم الإنسان من حصانة، بحيث لا يجوز لأحد أن يمس به إلاّ برضاء صحيح من المريض. وهو لا يكون كذلك إلاّ إذا كان حرّاً ومتبصّراً وصادراً عن ذي أهليّة. فإذا وقع المريض في غلط أو تدليس أو إكراه فإن رضاؤه يتجرّد من القيمة القانونيّة. وكذلك يجب أن يكون رضاء المريض مبنيّاً على أساس من العلم المستنير بطبيعة ونوعيّة ومخاطر النتائج المحتملة للعمل الطبّي الذي ينصرف إليه رضاؤه وإلاّ كان الطبيب مسؤولاً. ذلك أنه لا يتسنّى للمريض قبول أو رفض تحمّل مخاطر العلاج إلاّ بعد تبصّره بحقيقة هذا العلاج ومدى ما ينطوي عليه من مخاطر.
ويجب أيضاً أن يصدر الرضاء ممّن هو أهل له، ومتى كان المريض بالغاً رشيداً متمتّعاً بكل قواه العقليّة فإن رضاه المتبصّر بالتدخّل العلاجي أو الجراحي لا يثير مشكلة. أمّا إذا كان في وضع لا يسمح له بإبداء ذلك الرضاء لكونه في غيبوبة أو عديم الأهليّة (الصبي دون السابعة) أو ناقصها (القاصر) فيلزم أن يصدر الرضاء بالتدخّل الطبّي أو الجراحي ممّن ينصّبه القانون ممثّلاً له.
3) قصد العلاج: لا يكون العمل الذي يأتيه الطبيب أو الجرّاح مشروعاً إلاّ إذا كان مقصوداً منه علاج مريض. فعلاج المريض هو الغرض الذي يقوم عليه حق الأطبّاء في التطبيب والجراحة، واستهدافه يوفّر شرط حسن النيّة. وعلى ذلك لا يكون الطبيب مستعملاً حقّه إذا وجّه فنّه إلى غير القصد المذكور ولو كان برضاء المريض أو تحت إلحاحه. ذلك أن سلامة جسم الإنسان من النظام العام، وحمايتها أمر يقتضيه الصالح العام، ولا يجوز الخروج على هذا الأصل إلاّ إذا كان فعل المساس بسلامة الجسم تحقّق فائدة للإنسان ذاته بعلاجه من مرض ألمَّ به. ولا يؤثّر في تجريم فعل الطبيب الذي يتم بغير قصد العلاج شرف الباعث أو سلامة الغاية إذ إنه لا يعتبر كل من الباعث والغاية عنصراً في الجريمة. وقد نصت المادّة 14 من قرار وزير الصحّة رقم 234 لسنة 1974 بإصدار لائحة آداب وميثاق شرف مهنة الطب البشري على ضرورة أن «يبذل الطبيب كل ما في وسعه نحو مرضاه، وأن يعمل على تخفيف الألم، وأن تكون معاملته لهم مشبّعة بالعطف والحنان». وفي هذا إشارة صريحة إلى ضرورة توافر قصد العلاج في عمل الطبيب إثناء مزاولة المهنة.
وتقضي القواعد العامّة بأنه إذا تخلّف أحذ شروط الإباحة المتقدّمة فإن الفعل يكون غير مشروع لأنه خاضع أصلاً لنص تجريم فلا يخرج من نطاقه إلاّ بتوافر سبب الإباحة بكل شروطه.
وحيث إن الثابت طبّياً لا سيما في علوم طب النساء وعلم التشريح أن الجهاز التناسلي للأنثى في شكله الذي خلقه الله تعالى ليس مرضاً، ولا هو سبب لمرض، ولا يسبّب ألماً من أي نوع ممّا يقتدي تدخّلاً جراحيّاً، فمن ثم فإن المساس بهذا الجهاز الفطري بالغ الحساسيّة على أيّة صورة كان الختان عليها لا يعد في صحيح حُكم القانون علاجاً لمرض أو كشفاً عن داء أو تخفيفاً لألم قائم أو منعاً لألم متوقّع ممّا تباح الجراحة بسببه. ويعتبر هذا التدخّل إذا كان لغير ضرورة صحّية تقتضيه أو لغير قصد العلاج من تشوّه خلقي أو حالة مرضيّة، عملاً غير مشروع إذ يفتقد عندئذ أحد شروط إباحة الأعمال الطبّية التي يقوم عليها حق الطبيب أو الجرّاح في علاج المرضى.
وحيث إنه في ضوء ما تقدّم جميعه يمكن إستخلاص الأحكام والنتائج التالية في شأن ختان الإناث:
أوّلاً: إن الختان عموماً عادة تأصّلت منذ قرون طويلة سابقة على اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام، وكان ختان الذكور معروفاً من الشعب اليهودي. أمّا ختان الإناث فليست فيه إشارة، وليس لعادة الختان أي أساس ديني من وجهة نظر المسيحيّة.
ثانياً: إنه لم ترد في القرآن الكريم أيّة إشارة إلى ختان الإناث. أمّا السُنّة النبويّة فثمّة أحاديث نسبت إلى الرسول (ص) غير أن جلّها ضعيف من حيث السند وليس فيها مع ضعف سندها ما يستفاد من أن الحُكم الشرعي في ختان الإناث هو الوجوب، وأن كل ما ورد في الحديث منسوباً إلى النبي الكريم أن الختان في حق الأنثى مَكرُمَة تزيّنها وتتحبّب به إلى زوجها على أن يترفّق من يقوم به بالأنثى فيكتفي بقطع جزء يسير ممّا يكون بارزاً ويترك الباقي مرتفعاً فلا يشوّه الخلقة ولا يميت الرغبة.
ولمّا كان من المعلوم فقهاً أن هناك فرق واضح بين الواجب والفرض والسُنّة والمَكرُمَة. ومن مميّزات المَكرُمَة أنها ليست أمراً محتّماً فعله أو نهيه مثل الفرض والواجب والسُنّة، لأن فيها حرّية وتفضيل، فمن ثم فإن ترك الختان للأنثى لا يستوجب الإثم.
ثالثاً: وفيما يتعلّق بموقف المذاهب الأربعة من الختان فقد إختلفوا فيه. فيرى الإمام الشافعي أن الختان واجب على الذكور والإناث معاً، أمّا فقهاء المالكيّة والحنفيّة فيرون أن الختان سُنّة للذكور - وهو من الفطرة - ومندوب للإناث، ويرى الحنابلة أنه واجب للرجال ومَكرُمَة للإناث.
ولقد إختلف الفقهاء المحدّثون أيضاً في شأن الختان. فمنهم من يراه من صفات الفطرة التي دعا إليها الإسلام، ومنهم من يرى أنه طالما لم يرد في الختان خبر يرجع إليه ولا سُنّة تتّبع فإن الأمر يحسم في ضوء آثاره ونفعه من الناحيتين الطبّية والإجتماعيّة.
رابعاً: وكما كان الختان مثار إختلاف بين أهل الفقه المتقدّمين منهم والمحدّثين، فإن الأمر على نحوه بين أهل الطب. فمنهم من يرى ضرورته للحد من غلواء الشهوة الجنسيّة لدى الإناث فضلاً عن كونه سبيلاً لوقايتهن من الأمراض. ويرى آخرون أن الختان يمثّل نوعاً من الإنتهاك البدني والتشويه المتعمّد للأعضاء التناسليّة للمرأة فيعطّل وظيفتها، وأن هذا التشويه يسبّب لها مضارّاً عضويّة كما يصيبها في كثير من الأحيان بأمراض نفسيّة وعصبيّة كحرمانها من فرصة الإستمتاع باللقاء الجنسي مع الزوج.
إزاء ما سبق كان حقاً على وزير الصحّة والسكّان بل واجباً عليه أن يتصدّى لموضوع ختان الإناث خصوصاً بعد الجدل الفقهي والطبّي الذي ثار حول شرعيّته ونفعه. وبمراعاة أن عمليّة الختان لا يعدو الأمر فيها أن تكون عملاً من أعمال الطب والجراحة التي تمس حق الإنسان في سلامة جسمه. وهي أعمال لا تباح قانوناً - ومع توافر شروطها - إلاّ للأطبّاء والجرّاحين، فأصدر بتاريخ 8/7/1996 القرار رقم 261 لسنة 1996 متضمّناً الحُكمين التاليين:
الأوّل: حظر إجراء عمليّات الختان للإناث سواء بالمستشفيات أو العيادات العامة أو الخاصّة إلاّ في الحالات المرضيّة التي يقرّها رئيس قسم أمراض النساء والولادة بالمستشفى وبناء على إقتراح الطبيب المعالج.
والثاني: إعتبار قيام غير الأطبّاء بهذه العمليّة جريمة يعاقب عليها طِبقاً للقوانين واللوائح.
والحُكم الثاني من القرار هو مجرّد تطبيق لا لبس فيه لنص المادّة 1 من قانون مزاولة مهنة الطب رقم 415 لسنة 1954 والتي تحظر على غير الأطبّاء مزاولة هذه المهنة بأي صورة كانت.
أمّا الحُكم الأوّل فقد كان مثار خلاف إذ إدّعى المطعون ضدّه عدم مشروعيّته من وجهين:
الأوّل: مخالفة نصوص المواد 2، 45، 46 من الدستور وهو ما تمسّك المطعون ضدّه بالدفع به أثناء نظر الطعن الماثل.
والثاني: مخالفة نص المادّة 60 من قانون العقوبات والمادّة 1 من قانون مزاولة مهنة الطب.
وحيث إنه في خصوص مخالفة القرار المطعون فيه لمواد الدستور الآنف بيانها، فإن المادّة 2 من الدستور تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربيّة لغتها الرسميّة ومبادئ الشريعة الإسلاميّة المصدر الرئيسي للتشريع». وتنص المادّة 45 على أن «لحياة المواطنين الخاصّة حرمة يحميها القانون» وأخيراً فإن المادّة 46 تقضي بأن «تكفل الدولة حرّية العقيدة وحرّية ممارسة الشعائر الدينيّة».
وحيث إن المسلّم به إعمالاً للنصوص المتقدّمة أن مبادئ الشريعة الإسلاميّة هي المصدر الرئيسي للتشريع وأن ذلك إنّما يتمخض عن قيد يجب على السلطتين التشريعيّة والتنفيذية الإلتزام به فيما تصدرانه من قوانين ولوائح، فلا يجوز نص فيهما أن ينافي الأحكام الشرعيّة القطعيّة في ثبوتها ودلالتها باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الإجتهاد فيها ممتنعاً لأنها تمثّل من الشريعة الإسلاميّة مبادئها الكلّية وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلاً أو تبديلاً ومن غير المتصوّر أن يتغيّر فهمها تبعاً لتغيّر الزمان والمكان إذ هي عصيّة على التعديل ولا يجوز الخروج عليها أو الإلتواء بها عن معناها فينبغي تغليبها على كل قاعدة قانونيّة تعارضها بحُكم أن المادّة الثانية من الدستور تقدّم على هذه القواعد أحكام الشريعة الإسلاميّة بأصولها ومبادئها الكلّية، إذ هي إطارها العام وركائزها الأصليّة التي تفرض متطلّباتها دوماً وتحوّل دون إقرار أيّة قاعدة قانونيّة على خلافها وإلاّ أعتبر ذلك تشهيّاً وإنكاراً لما علم عن الدين بالضرورة. وعلى خلاف ما تقدّم الأحكام الظنّية غير المقطوع بثبوتها أو دلالتها أو بهما معاً ذلك أي دائرة الإجتهاد تنحصر فيهما ولا تمتد لسواها وهي بطبيعتها متطوّرة تتغيّر بتغيّر الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويّتها ولمواجهة النوازل والعوارض على إختلافها تنظيماً لشئون العباد بما يكفل رعاية مصالحهم المعتبرة شرعاً وتحقّق المقاصد العامّة للشريعة بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
ومن حيث إن ليس في ختان الإناث حُكم شرعي قطعي الثبوت والدلالة يوجبه القرآن الكريم أو مستمدّاً من سُنّة نبيّه (ص) ولقد إختلف أئمّة المذاهب الأربعة وأهل الفقه المحدّثين في شأنه وجوباً أو ندباً أو أقل من ذلك. فمن ثم فإن صدور القرار المطعون فيه بتنظيم إجرائه عند لزومه لا يعد خروجاً على نص المادّة 2 من الدستور لأن هذا التنظيم لا يصادم نصّاً شرعيّاً قطعيّاً في ثبوته ودلالته فضلاً عن عدم مخالفته نص المادتين 45 و46 من الدستور لأن تعطيل إجراء الختان لغير ضرورة لا يمثّل إعتداء على حرّية الحياة الخاصّة للمواطنين ولا على حقّهم في ممارسة شعائرهم الدينيّة. ومن ثم فإن الدفع بعدم دستوريّة القرار المطعون فيه لا يقوم في حقيقته على أسباب جدّية ويتعيّن لذلك الإلتفات عنه.
وحيث إنه لا وجه أيضاً - وحسبما ذهب إلى ذلك الحُكم المطعون فيه للقول بأن القرار الطعين يتضمّن مخالفة لنص المادّة 60 من قانون العقوبات التي تقضي «بألاّ تسري أحكامه على كل فعل أرتكب بنيّة سليمة عملاً بحق مقرّر بمقتضى الشريعة» أو أن يخالف نص المادّة 1 من القانون رقم 415 لسنة 1954 التي تقصر مزاولة مهنة الطب في أيّة صورة من صورها سواء بإبداء مشورة طبّية أو عيادة مريض أو إجراء عمليّات جراحيّة أو مباشرة ولادة أو وصف أدوية... الخ إلاّ لمن كان مرخّصاً له بذلك ومقيّداً إسمه بسجل الأطبّاء بوزارة الصحّة وبجدول نقابة الأطبّاء البشريين وذلك على سند من الإدّعاء بأنه وفقاً لحُكم هذين النصّين فمن كان مستوفياً لشروط مزاولة مهنة الطب له أن يباشر جميع الأعمال الطبّية التي تدخل في نطاق إختصاصه ولا يجوز حظر العمل الطبّي إلاّ إذا وجد مبرّر قوي كتحقيق مصلحة أو درء مفسدة وأنه ما كان يجوز أخذاً لهذا النظر تقييد حق الأطبّاء المنظّم بقانون مزاولة مهنة الطب إلاّ بقانون، وأن القرار المطعون فيه إذا إشتمل على حظر عام ومطلق ومن شأن هذا الحظر تعريض الأطبّاء الذين يجرون عمليّات الختان بالمخالفة له للمساءلة الجنائيّة والتأديبيّة وفي ذلك خروج على الحُكم العام المقرّر دستورياً بموجب نص المادّة 66 والذي يقضي بألاّ جريمة ولا عقوبة إلاّ بناء على قانون».
لا وجه لما تقدّم جميعه لأن هذا النعي منقوض من أساسه بما سبق بيانه تفصيلاً من أن طالما أن الختان عمل جراحي خلت أحكام الشريعة الإسلاميّة من حُكم يوجبه فالأصل ألاّ يتم بغير قصد العلاج. وهذا هو عين ما قضى به القرار المطعون فيه فيما تضمّنه من نص خاص بحظر عمليّات الختان للإناث في غير الحالات المرضيّة التي يقرّها رئيس قسم أمراض النساء والولادة بالمستشفى باعتبار أن تقرير الحالة التي تستلزمه هي من لأمور التخصّصيّة التي تدخل في حيّز تقديره. وليس في القرار الطعين تقييد لحق الأطبّاء من ممارسة مهنتهم طِبقاً لما يخوّلهم إيّاها القانون رقم 315 لسنة 1954 لأن حق الطبيب في التدخّل الجراحي لا يقوم إلاّ إذا كان مقصوداً به العلاج من مرض. فإذا كان قرار وزير الصحّة قد ناط تقدير الحالة المرضيّة بمتخصّص بمراعاة ما يتوفّر له من علم وخبرة ودراية في مسألة يدق فيها الأمر وأختلف أهل الطب حول ضرورتها ونفعها فإن القرار المشار إليه يكون قد إلتزم أحكام القانون رقم 415 لسنة 1954 المشار إليه فضلاً عن الضوابط والشروط المقرّرة لاعتبار أعمال الطب والجراحة أحد أسباب الإباحة. فالجراحة أيّاً كانت طبيعتها وجسامتها التي تجرى دون توافر سبب الإباحة بشروطه كاملة تعتبر فعلاً محرّماً شرعاً وقانوناً إلتزاماً بالأصل العام الذي يقوم عليه حق الإنسان في سلامة جسمه وتجريم كل فعل لم يبحه المشرّع يؤدّي إلى المساس بهذه السلامة.
وحيث إن لا سند لذلك في القول بأن القرار المطعون فيه تضمّن مصادرة لأحد الحقوق الشخصيّة المقرّرة بمقتضى الشريعة الإسلاميّة وأن ذلك فيه مخالفة لحُكم المادّة 7 من قانون العقوبات التي تقضي بألاّ تخل أحكام هذا القانون في أي حال من الأحوال بالحقوق الشخصيّة المقرّرة في الشريعة الإسلاميّة الغرّاء ذلك أن ختان الإناث لا يعتبر حقاً لأحد على أحد، إذ هو ليس فرضاً أو واجباً وفقاً لحُكمه الشرعي، بل إن غالبيّة أهل الطب ممّن يوثق برأيهم ويعتد بعلمهم إعتبروه من الأفعال الضارّة بالأنثى ضرراً محضاً لا يجبر إذا أجري لغير ضرورة علاجيّة. ومن المقرّر فقهاً وشرعاً أن «لا ضرر ولا ضرار» وأن «درء المفاسد أولى من جلب المصالح ومقدّم عليه».
ومن حيث إن وزير الصحّة أصدر القرار رقم 261 لسنة 1996 المطعون فيه إستنهاضاً للإختصاص المنوط به بحُكم المادّة 157 من الدستور والتي تقضي بأن «الوزير هو الرئيس الإداري الأعلى لوزارته، ويتولّى رسم سياسة الوزارة في حدود السياسة العامّة للدولة ويقوم بتنفيذها»، فضلاً عن الإختصاصات الموكولة لوزارة الصحّة بموجب قرار رئيس الجمهوريّة رقم 268 لسنة 1975 حيث نيط بها بحُكم المادّة الأولى منه الحفاظ على صحّة المواطنين عن طريق الخدمات الصحّية والوقائيّة والعلاجيّة، ولها بموجب هذه الإختصاصات رسم السياسة الصحّية في إطار السياسة العامّة للدولة، والقيام بالمتابعة والتوجيه، والرقابة اللازمة لتنفيذ السياسة الصحّية القوميّة، وتحقيق أهداف الخطّة الموضوعة لتطوير الخدمات الصحّية، والعمل على كفايتها ورفع مستواها تمشّياً مع التقدّم العلمي والتكنولوجي العالمي. ولقد صدر قرار رئيس الجمهوريّة رقم 242 لسنة 1996 بتنظيم وزارة الصحّة والإسكّان مؤكّداً هذه الإختصاصات فيما نصت عليه مادته الثانية من أن «تختص وزارة الصحّة والسكّان بما يلي:
1) رسم السياسة الصحّية والسكّانيّة في إطار السياسة العامّة للدولة ووضع الضوابط التي تضمن حماية صحّة المواطن ووقايته من جميع الأخطار التي يتعرّض لها».
وحيث إن القرار الطعين يجد سنده كذلك فيما ناطه القانون رقم 415 لسنة 1954 في شأن تنظيم مهنة الطب - بوزير الصحّة - بموجب نص المادّة 17 منه من إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، ومن ثم فإن هذا القرار لا يعدو أن يكون إجراءً تنظيميّاً أصدرته جهة الإدارة في حدود ما لها من صلاحيّات للمحافظة على صحّة فئة معيّنة من المواطنين ووقايتهم ممّا قد يتعرّضون له من مضار وأخطار فضلاً عن كونه تنظيماً لممارسة الأطبّاء بصفة عامّة لعلمهم في خصوص إجراء جراحات ختان الإناث دون أن يتضمّن حظراً عامّاً ومطلقاً على ممارسة هذا العمل ممّا تضيق به نصوص القانون رقم 415 لسنة 1954، فهذا الحق باق لهم ما دام يمارس في إطار القانون الذي أذن بمباشرته ووفقاً للقواعد والضوابط المقرّرة في هذا الشأن والتي تضمّنها القرار المطعون فيه، والتنظيم الذي أورده القرار إنّما يرد الأمر في مزاولة الجراحات المشار إليها إلى قواعده الأصوليّة المقرّرة والتي يتعيّن على فئة الأطبّاء مراعاتها والإلتزام بها عند مزاولتهم عملهم ووفقاً لهذه القاعدة يحظر إجراء أيّة جراحة ومنها ختان الإناث إلاّ لعلاج حالة مرضيّة.
وبناء عليه وطالما أن القرار المطعون فيه هو ترديد لهذه القاعدة دون أن يتضمّن خروجاً عليها أو مصادرة لها فلم يكن الأمر في حاجة إلى إستصدار قانون بهذا التنظيم حسبما ذهب إليه ذلك الحُكم محل الطعن.
وحيث إن ترتيباً على ما سلف جميعه فإن القرار موضوع الطعن لا يصادم دستوراً ولا قانوناً ولا يخرج عليهما. وقد صدر في حدود الصلاحيّات والسلطات المقرّرة لمصدره فمن ثم ينتفي عنه بالتالي وصف عدم المشروعيّة الذي أسبغه عليه الحُكم المطعون فيه الأمر الذي ينبغي معه القضاء بإلغاء هذا الحُكم، وإلزام المطعون ضدّه مصروفات التقاضي عن الدرجتين عملاً بحُكم المادّة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة
أوّلاً: بعدم جواز نظر الطعن رقم 6091 لسنة 43 ق.ع وألزمت الطاعنين المصروفات.
ثانياً: بقبول الطعنين رقمي 5204 لسنة 43 ق.ع و5834 لسنة 43 ق.ع شكلاً وقبول تدخّل نقيب الأطبّاء بصفته في الطعن رقم 5204 منضمّاً إلى الجهة الإداريّة الطاعنة وعدم قبول تدخّل كل من جمعيّة تنظيم الأسرة وجمعيّة الوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة.
ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء الحُكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدّه المصروفات.
صدر هذا الحُكم وتلي علناً بجلسة يوم الأحد 26 من شعبان سنة 1418 هـ الموافق 28 من ديسمبر سنة 1997 م بالهيئة المبيّنة بصدره.
سكرتير المحكمة
رئيس مجلس الدولة
ورئيس المحكمة
المستشار على فؤاد الخادم
نذكر هنا فقط المراجع العربيّة التي إعتمدنا عليها في هذا الكتاب. وهذه المراجع مرتّبة حسب الترتيب الأبجدي بداية من إسم العائلة أو الشهرة، آخذين بالإعتبار (الـ) التعريف حيث وجدت. هذا وقد أشرنا إلى تاريخ وفاة المؤلّفين، خاصّة القدامى منهم، بعد ذكر إسمهم، معتمدين في ذلك على كتاب الجابي: «معجم الأعلام» فيما يخص المؤلّفين العرب والمسلمين. والتواريخ المذكورة هنا كما في الكتاب هي حسب التقويم الميلادي (ق.م = قَبل المسيح) ما عدا حالات شاذّة حيث أتبعنا التاريخ بـ(هـ) إشارة إلى السنة الهجريّة. وقد ذكرنا بين قوسين النصوص التي ألحقناها بكتابنا.
إبراهيم، دسوقي: ختان الأنثى في الإسلام، الرسالة. عدد 546، ديسمبر 1943، ص 1019.
إبن باز، عبد العزيز بن عبد الله: مجموع فتاوى، دار الوطن، الرياض، 1995.
أبو السعود، نعمت: خبرات ميدانيّة عن عادة ختان الإناث في مصر، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 107-112.
أسامة، ع.: ختان البنات في مصر، الرسالة، عدد 544، ديسمبر 1943، ص 976-977.
أسعد، ماري: الخلفيّة التاريخيّة والإجتماعيّة لعادة ممارسة ختان الإناث في مصر، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 71-76.
آل نوري، عبد الله: الأمثال الدارجة في الكويت، دار السلاسل، الكويت، 1981.
إبراهيم، عبد المنعم: الفرقان في حُكم البنات والصبيان، دار الفتح، الشارقة، 1995.
إبراهيم، نجاشي علي: الختان في الشريعة الإسلاميّة، المكتبة التوفيقيّة، القاهرة، 1997.
إبن أبي أصيبعة، موفق الدين (توفّى عام 1236): عيون الأنباء في طبقات الأطبّاء، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1998.
إبن أبي الدنيا، عبد الله بن محمّد (توفّى عام 894): كتاب العيال، تقديم وتحقيق وتعليق نجم عبد الرحمن خلف، دار الوفاء، المنصورة، 1997.
إبن الأثير، المبارك بن محمّد (توفّى عام 1210): جامع الأصول في أحاديث الرسول، مكتبة الحلواني، [دمشق]، 1969.
إبن الجلاب، عبيد الله بن الحسن (توفّى عام 988): التفريع، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1987.
إبن الجوزي، أبو الفرج (توفّى عام 1021): أحكام الحمقى والمغفلين، دار إحياء العلوم، بيروت، 1988.
إبن الجوزي، أبو الفرج (توفّى عام 1021): أحكام النساء، مكتبة الشرق الجديد، بغداد، 1989.
إبن الحاج، أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن محمّد (توفّى عام 1336): المدخل، مكتبة دار التراث، القاهرة، دون تاريخ.
إبن الحاج، محمّد بن محمّد (توفّى عام 1336): المدخل، مكتبة دار التراث، القاهرة، دون تاريخ.
إبن العربي، أبو كر محمّد إبن عبد الله (توفّى عام 1148): أحكام القرآن، دار الفكر، بيروت، 1972.
إبن العربي، محمّد إبن عبد الله (توفّى عام 1148): أحكام القرآن، دار الفكر، بيروت، 1972.
إبن العسّال، الصفي أبي الفضائل (توفّى حوالي عام 1265): المجموع الصفوي، اعتنى بنشره وشرح مواده وإضافة تذييلات عليه جرجس فيلوثاوس عوض، طبعة خاصّة لدارسي القانون الكنسي في مجلّدين، دون تاريخ (تاريخ الطبعة الأساسيّة: 1908).
إبن أنس، مالك (توفّى عام 795): موطّأ الإمام مالك، رواية إبن كثير، طبعة عربي إنكليزي، دار الفكر، بيروت، 1994.
إبن أنس، مالك (توفّى عام 795): موطّأ الإمام مالك، رواية محمّد بن الحسن الشيباني (توفّى عام 804)، تعليق وتحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، المجلس الأعلى للشئون الإسلاميّة، القاهرة، طبعة 5، 1996.
إبن باز، عبد العزيز: الأدلّة النقليّة والحسّية على جريان الشمس وسكون الأرض وإمكان الصعود إلى الكواكب، مؤسّسة مكّة للطباعة والإعلام، مكّة، 1395هـ.
إبن تيميّة (توفّى عام 1328): فتاوى النساء، تحقيق قاسم الشماعي الرفاعي، دار القلم، بيروت، 1987.
إبن تيميّة (توفّى عام 1328): فقه الطهارة، دار الفكر العربي، بيروت، طبعة جديدة منقحة، 1991.
إبن جزي، محمّد بن أحمد (توفّى عام 1340): قوانين الأحكام الشرعيّة، دار العلم للملايين، بيروت، 1979.
إبن حجر، أحمد بن علي (توفّى عام 1449): فتح الباري بشرح صحيح الإمام أبي عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري (توفّى عام 870)، إداراة البحوث العلميّة، الرياض، دون تاريخ.
إبن حزم، علي بن أحمد (توفّى عام 1064): المحلّى، دار الآفاق الجديدة، بيروت، دون تاريخ.
إبن حنبل، أحمد (توفّى عام 855): مسند أحمد بن حنبل، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1991.
إبن خلدون، عبد الرحمن بن محمّد (توفّى عام 1406): المقدّمة، مطبعة بن شقرون، القاهرة، دون تاريخ.
إبن رشد (توفّى عام 1198): فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحِكمة من الإتّصال، طبعة عربيّة مع ترجمة فرنسيّة (أنظر المراجع باللغات الأجنبيّة تحت ( Ibn Rochd .
إبن طولون، شمس الدين محمّد (توفّى عام 1546): نقد الطالب لزغل المناصب، دار الفكر المعاصر، بيروت، 1992.
إبن عابدين، محمّد أمين (توفّى عام 1836): رد المحتار على الدر المختار، دار إحياء التراث العربي، بيروت، طبعة 2، 1987.
إبن عاشور، محمّد الطاهر: تفسير التحرير والتنوير، الدار التونسيّة للنشر، تونس، 1984.
إبن عساكر، علي بن الحسن (توفّى عام 1176): تبيين الإمتنان بالأمر بالختان، دراسة وتحقيق مجدي فتحي السيّد، دار الصحابة للتراث، طنطا، 1989.
إبن قدامة، أبو محمّد عبد الله (توفّى عام 1223): المغني، دار الكتاب العربي، بيروت، 1983.
إبن قيّم الجوزيّة، شمس الدين (توفّى عام 1351): الطب النبوي، دار الكتاب الحديث، القاهرة، طبعة 2، 1996
إبن قيّم الجوزيّة، شمس الدين (توفّى عام 1351): تحفة المودود بأحكام المولود، دار الكتاب العربي، بيروت، 1997. ونشرته أيضاً مكتبة الأيمان، القاهرة، دون تاريخ؛ ومكتبة القرآن، القاهرة، 1988؛ ومكتبة دار البيان، دمشق، 1987؛ ومكتبة مؤسّسة الريان، بيروت، دون تاريخ - تحت عنوان تحفة الودود بأحكام المولود (الجزء الخاص بالختان ملحق بكتابنا).
إبن قيّم الجوزيّة، شمس الدين (توفّى عام 1351): زاد المعاد في هدى خير العباد، دار الفكر، دمشق، دون تاريخ.
إبن كثير، إسماعيل (توفّى عام 1373): البداية والنهاية، تحقيق أحمد عبد الوهاب فتيح، دار الحديث، القاهرة، 1993.
إبن كثير، إسماعيل (توفّى عام 1373): تفسير القرآن العظيم، دار المعرفة، بيروت، 1980.
إبن ماجة، محمّد بن يزيد (توفّى عام 887): سُنَن إبن ماجة، بشرح محمّد بن عبد الهادي السندي (توفّى عام 1726) وبحاشيته تعليقات مصباح الزجاجة في زوائد إبن ماجة للإمام البوصيري، تحقيق خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، 1996.
إبن مفلح، محمّد (توفّى عام 1362): كتاب الفروع، عالم الكتب، بيروت، طبعة 3، 1402 هـ.
إبن منظور، محمّد بن مكرم (توفّى عام 1311): لسان العرب، نشر أدب الحوزة، قم، 1405 هـ.
إبن ميمون القرطبي، موسى (توفّى عام 1204): دلالة الحائرين، تحقيق حسين اتاي، كلّية الإلهيات، جامعة أنقرة، 1974. أعادت نشره مكتبة الثقافة الدينيّة، القاهرة، دون تاريخ (النص الخاص بالختان ملحق بكتابنا).
ابن هشام، عبد الملك (توفّى عام 828): السيرة النبويّة لابن هشام، المكتبة التوفيقية، القاهرة، دون تاريخ.
أبو السعود، نعمت: خبرات ميدانيّة عن عادة ختان الإناث في مصر، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 107-112.
أبو داوود، سليمان بن الأشعث (توفّى عام 889): سُنَن أبو داوود، إعداد وتعليق عزّت عبيد الدعّاس وعادل السيّد، دار الحديث، حمص، 1974.
أبو زهرة، محمّد (توفّى عام 1974): أصول الفقه، دار الفكر العربي، القاهرة، دون تاريخ.
أبو سبيب، حسن أحمد: فتوى، نص عربي في Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, Sénégal, 6-10 février 1984, p. 247-250 (ملحق بكتابنا).
أبو شهبة، محمّد محمّد: الإسرائيليّات والموضوعات في كتب التفسير، دار الجيل، بيروت، 1992.
أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم (توفّى عام 798): كتاب الخراج، المطبعة السلفيّة، القاهرة، طبعة 5، 1396 هـ.
أحمد، أنور: آراء علماء الدين الإسلامي في ختان الإناث، الجمعيّة المصريّة للوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة والطفل، القاهرة، 1989.
إدريس، محمّد جلاء: يهود الفلاشا أصولهم ومعتقداتهم وعلاقاتهم بإسرائيل، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1993.
إستمناء، الموسوعة الفقهيّة، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة، الكويت، مجلّد 4، 1984، ص 97-112.
إستمناء، موسوعة الفقه الإسلامي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامي، القاهرة، مجلّد 8، دون تاريخ، ص 77-81.
أسعد، ماري: الخلفيّة التاريخيّة والإجتماعيّة لعادة ممارسة ختان الإناث في مصر، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 71-106.
أسعد، موريس: الأصل الأسطوري لختان الإناث في العصور الفرعونيّة، دون دار نشر، القاهرة، 1995.
أسعد، موريس: ختان البنات من منظار مسيحي، جمعيّة تنظيم الأسرة بمحافظة القاهرة، القاهرة، دون تاريخ.
إسماعيل، يحيى: تعقيب مشفوع بعتاب، جريدة الشعب (القاهرة)، 18/11/1996. والنص أيضاً في كتاب محمّد رمضان: ختان الإناث دراسة علميّة وشرعيّة، دار الوفاء، المنصورة، 1997، ص 213-216.
إطفيش، محمّد يوسف (توفّى عام 1914): شرح كتاب النيل وشفاء العليل، مكتبة الإرشاد، جدّة، طبعة 3، 1985.
الآبي، صالح عبد السميع: جواهر الإكليل شرح مختصر العلاّمة خليل في مذهب مالك إمام دار التنزيل، إبن شقرون، القاهرة، دون تاريخ.
الأصبهاني، أحمد بن عبد الله (توفّى عام 1036): كتاب دلائل النبوّة، عالم الكتب، بيروت، 1988.
الألباني، محمّد ناصر الدين: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، مجلّد 2، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، طبعة 4، 1985.
الأنبا غريغوريوس: الختان في المسيحيّة، لجنة النشر للثقافة القبطيّة والأرثوذكسيّة، الفجّالة، 1988.
الأنبا غريغوريوس: القيم الروحيّة في سر المعموديّة، جزء 2: مقالات في المعموديّة المسيحيّة والمفهوم الأرثوذكسي للخلاص، لجنة النشر للثقافة القبطيّة والأرثوذكسيّة، الفجّالة، 1988.
الأنبا غريغوريوس: القيم الروحيّة في سر المعموديّة، لجنة النشر للثقافة القبطيّة والأرثوذكسيّة، الفجّالة، طبعة ثانية مزيدة، 1988.
الأنصاري، زكريّا (توفّى عام 1520): شرح المنهج، بهامش حاشية الجمل، المكتبة التجاريّة الكبرى، القاهرة، دون تاريخ.
الأهدل، حسن محمّد مقبولي: مصطلح الحديث ورجاله، مكتبة الجيل الجديد، صنعاء، طبعة 3، 1991.
الباجي، سليمان بن خلف (توفّى عام 1081): كتاب المنتقى شرح موطّأ إمام دار الهجرة سيّدنا مالك بن أنس (توفّى عام 795)، مطبعة دار السعادة، القاهرة، 1332 هـ.
البار، محمّد علي: الختان، دار المنار، جدّة، 1994.
البار، محمّد علي: المسؤوليّة الطبّية وأخلاقيّات الطبيب، ضمان الطبيب وإذن المريض، دار المنارة، جدّة، 1995.
البخاري، محمّد بن إسماعيل (توفّى عام 870): صحيح البخاري، دار كثير واليمامة، بيروت ودمشق، 1993.
البرّي، زكريّا: ما حُكم البنت وهل هو ضروري؟ جريدة الأخبار، 16/9/1979، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 95-96.
البنّا، جمال: وجهة نظر في الختان، 1997 (نص غير منشور ملحق بكتابنا).
البنّا، محمّد: رأي، مجلّة لواء الإسلام، عدد 1، سنة 5، 1951، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 79-80.
البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس (توفّى عام 1641): شرح منتهى الإرادات، دار الفكر، دمشق، 1975.
البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس (توفّى عام 1641): كشّاف القناع عن متن الإقناع، عالم الكتب، بيروت، 1983.
البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين (توفّى عام 1066): السُنَن الكبرى، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1994.
البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين (توفّى عام 1066): معرفة السُنَن والآثار، جامعة الدراسات الإسلاميّة، كراتشي، 1991.
التجاني، محمّد بن أحمد (توفّى بعد عام 1309): تحفة العروس ومتعة النفوس، رياض الريّس، لندن، قبرص، 1992.
الترمذي، محمّد بن عيسى (توفّى عام 892): الجامع الصحيح وهو سُنَن الترمذي، تحقيق وشرح أحمد محمّد شاكر، دار الكتب العلميّة، بيروت، دون تاريخ.
الثعلبي، أحمد بن محمّد بن إبراهيم النيسابوري (توفّى عام 1035): قصص الأنبياء المسمّى عرائس المجالس، دار المعرفة، بيروت، دون تاريخ.
الجابي، بسام عبد الوهاب: معجم الأعلام، معجم تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستشرقين، الجفّان والجابي، قبرص، 1987.
الجاحظ، أبو عثمان عمر بن بحر (توفّى عام 868): كتاب الحيوان، بتحقيق وشرح عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، 1996.
الجزائري، أبو كر جابر: يا علماء الإسلام أفتونا، مطابع الرشيد، المدينة، 1992.
الجزيري، عبد الرحمن: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، دار الفكر، بيروت. دون تاريخ.
الجمل، أبو آلاء كمال علي: نهاية البيان في أحكام الختان، مكتبة الإيمان، المنصورة، 1995.
الجمل، سليمان (توفّى عام 1790): حاشية الجمل على شرح المنهج لزكريّا الأنصاري، المكتبة التجاريّة الكبرى، القاهرة، دون تاريخ.
الحائري، محمّد حسين الأعلمي: دائرة المعارف الشيعيّة العامّة، مؤسّسة الأعلمي، بيروت، 1993 (النص الخاص بالختان ملحق بكتابنا).
الحدّاد، يوسف: إنجيل برنابا شهادة زور على القرآن الكريم، دون دار نشر ودون مكان النشر، 1964.
الحديدي، محمّد سعيد: ختان الأولاد بين الطب والإسلام، مجلّة الشباب المسلمين، العدد الأوّل، سنة 12، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 65-72.
الحريري، أبو موسى: قس ونبي، دار لأجل المعرفة، ديار عقل، 1985.
الحسيني، أيمن: ممنوع لأقل من 16 سنة، مراهقون ومراهقات وأسئلتهم الحائرة، مكتبة إبن سينا، القاهرة، 1994.
الحطاب، أبو بد الله محمّد بن محمّد (توفّى عام 1547): مواهب الجليل لشرح مختصر خليل، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1992.
الحلبي، علي بن برهان الدين (توفّى عام 1635): السيرة الحلبيّة، المكتبة الإسلاميّة، بيروت، دون تاريخ.
الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ.
الخرشي، محمّد بن عبد الله (توفّى عام 1690): الخرشي على مختصر سيدي خليل، وبهامشه حاشية الشيخ علي العدوي (توفّى عام 1775)، دار صادر، بيروت، دون تاريخ.
الخوانساري، أحمد: جامع المدارك في شرح المختصر النافع، مكتبة الصدوق، طهران، 1405 هـ ق.
الدردير، أبو البركات سيدي أحمد (توفّى عام 1786): الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، دار المعارف، القاهرة، 1991.
الدسوقي، محمّد عرفة (توفّى عام 1815): حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لأبي البركات سيدي أحمد الدردير، عيسى البابي، القاهرة، دون تاريخ.
الذيب، سامي: ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيّين والمسلمين، الجدل الديني، رياض الريّس، بيروت، 2000.
الرازي، أبو بكر محمّد بن زكريّا (توفّى عام 925): رسائل فلسفيّة، جامعة فؤاد الأوّل، كلّية الآداب، القاهرة، 1939.
الرازي، الفخر (توفّى عام 1209): التفسير الكبير، دار الكتب العلميّة، طهران، 1978.
الرستاقي، خميس بن سعيد بن علي بن منصور الشقصي (القرن 17): منهج الطالبين بلاغ الراغبين، وزارة التراث القومي والثقافة، مسقط، دون تاريخ.
الرملي الأنصاري، شمس الدين محمّد بن أبي العبّاس (توفّى عام 1596): نهاية المحتاج في شرح المنهاج في الفقه على مذهب الإمام الشافعي، مكتبة الحلبي، القاهرة، دون تاريخ.
الريامي، حسن بن خلف: العادة السرّية، الإستمناء من الناحيتين الدينيّة والصحّية، مكتبة الضامري، السيب (عُمان)، 1994.
الزبيدي، محمّد بن محمّد (توفّى عام 1790): شرح تاج العروس من جواهر القاموس، دار إحياء التراث الإسلامي، بيروت، دون تاريخ (إعادة للطبعة الأولى الصادرة عن المطبعة الخيريّة، مصر، 1306 هـ).
الزحيلي، وهبة: التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، دار الفكر المعاصر، بيروت ودار الفكر، دمشق، طبعة 5، 1991.
الزحيلي، وهبة: الفقه الإسلامي وأدلته، دار الفكر، دمشق، 1984.
الزرقاني، محمّد عبد العظيم: مناهل العرفان في علوم القرآن، دار الكتاب المصري، القاهرة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1980.
الزركلي، خير الدين: الأعلام، دار العلم للملايين، بيروت، طبعة 7، 1986.
الزغبي، فتحي محمّد: القرابين البشريّة والذبائح التلموديّة عند الوثنيّين واليهود، مطابع غيّاشي، طنطا، 1990.
الزمخشري، محمود بن عمر (توفّى عام 1144): الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار المعرفة، بيروت، 1970.
السرجاني، وفيه: قراءات في الزواج، جمعيّة تنظيم الأسرة بالقاهرة، راجع المادّة العلميّة إبراهيم كمال، طبعة 2، 1989.
السعداوي، نوال: إنتصار العقل على النقل حتّى في الختان، الأهالي، 28/8/1997.
السعداوي، نوال: المرأة والجنس، مكتبة مدبولي، القاهرة، طبعة 5، 1983.
السعداوي، نوال: المرأة والصراع النفسي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1983.
السعداوي، نوال: الوجه العاري للمرأة العربيّة، المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت، 1974.
السعداوي، نوال: حقائق الطب الجديدة في الولايات المتّحدة حول ختان الذكور والإناث، أكتوبر، العدد 954، 5/2/1995، ص 70.
السعداوي، نوال: حول رسالة الطبيبة الشابّة، الأهرام، 18/5/1995، ص 8.
السعداوي، نوال: مرّة أخرى حول رسالة الطبيبة الشابّة، الأهرام، 7/6/1995، ص 8.
السعيد، ناصر: تاريخ آل سعود، منشورات إتّحاد شعب الجزيرة العربيّة، (دون مكان)، جزء 1، 1948.
السكّري، عبد السلام عبد الرحيم: ختان الذكر وخفاض الأنثى من منظور إسلامي، دار المنار، هليوبوليس، 1988 (نفس الكتاب طبعة دوليّة: الدار المصريّة للنشر والتوزيع، نيقوزيا، 1989).
السيّد، مجدي فتحي: حُكم ختان النساء في الإسلام، دار الصحابة للتراث، طنطا، 1993.
الشافعي، محمّد إبن إدريس (توفّى عام 820): الأم، دار المعرفة، بيروت، دون تاريخ.
الشريف، محمّد بن شاكر: الختان من شعار الإسلام، دار طيّبة الخضراء، مكّة، 2000.
الشعراوي، محمّد متولّي: قضايا إسلاميّة، إعداد مجدي الحفناوي، دار الشروق، القاهرة وبيروت، 1977.
الشوكاني، محمّد بن علي بن محمّد (توفّى عام 1834): فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، دار المعرفة، بيروت، 1979.
الشوكاني، محمّد بن علي بن محمّد (توفّى عام 1834): نيل الأوطار من أحاديث سيّد الأخيار، شرح منتقى الأخبار، دار الجيل، بيروت، دون تاريخ. نشرته أيضاً دار الكتب العلميّة، بيروت، دون تاريخ (الجزء الخاص بالختان ملحق بكتابنا).
الشيخ الصدوق، أبي جعفر محمّد بن علي إبن الحسن بن موسى بن بابويه (توفّى عام 991): علل الشرائع، دار البلاغة، [بيروت]، دون تاريخ.
الصادق، عبد الله: تجربة القذافي في إطار الموازين الإسلاميّة، دون دار نشر ودون مكان النشر، 1981.
الصاوي: أحمد بن محمّد (توفّى عام 1825): حاشية بهامش الدردير: الشرح الصغير على أقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك، دار المعارف، القاهرة، 1991.
الصبّاغ، محمّد بن لطفي: الحُكم الشرعي في ختان الذكور والإناث، منظّمة الصحّة العالميّة، المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط، الإسكندريّة، 1995.
الصعيدي، عبد المتعال: بين الدين والعلم في ختان الأنثى، الرسالة، عدد 547، ديسمبر 1943، ص 1036.
الصليبي، كمال: خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل، دار الساقي، لندن، 1988.
الطبأطبائي، محمّد حسين: الميزان في تفسير القرآن، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1983.
الطبرسي، الفضل إبن الحسن (توفّى عام 1153): تفسير جوامع الجامع، طهران، 1989.
الطبرسي، الفضل إبن الحسن (توفّى عام 1153): مكارم الأخلاق، تحقيق حسن الأعلمي، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1994.
الطبري، محمّد بن جرير (توفّى عام 923): تاريخ الطبري، تاريخ الأمم والملوك، عز الدين، بيروت، طبعة 3، 1992.
الطبري، محمّد بن جرير (توفّى عام 923): تفسير الطبري، دار الفكر، بيروت، 1978.
الطفل نشوؤه وتربيته، قسم الأطفال والناشئين لمؤسّسة البعثة (بنياد بعثت)، طهران، 1410 هـ (الجزء الخاص بالختان ملحق بكتابنا).
الطوسي، أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي (توفّى عام 1067): النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى، إنتشارات قدس محمّدي، قم، 1987.
العاملي: محمّد بن الحسن الحر (توفّى عام 1692): وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، المكتبة الإسلاميّة، طهران، 1982.
العاملي، زين الدين الجبعي (توفّى عام 1559): الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة، منشورات جامعة النجف، النجف، دون تاريخ.
العبّودي، ناصر حسين: الختان في دولة الإمارات، مجلّة المأثورات الشعبيّة، سنة 1، عدد 3، يوليو 1986، ص 63-71.
العدوي، عبد الرحمن: رأي، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 97-98.
العدوي، علي الصعيدي (توفّى عام 1775): حاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة إبن أبي زيد، دار الفكر، بيروت، دون تاريخ.
العراقي، زين الدين أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسن (توفّى عام 1404)، وابنه العراقي، ولي الدين أبي زرعة (توفّى عام 1423): كتاب طرح التثريب في شرح التقريب، دار إحياء التراث العربي، بيروت، دون تاريخ.
العلاّمة الحلي، جمال الدين الحسن بن يوسف (توفّى عام 1325): تبصرة المتعلّمين في أحكام الدين، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، 1984.
العلي، إبراهيم: صحيح السيرة النبويّة، دار النفائس، عمان، 1995.
العوّا، محمّد سليم: تعقيب على التعقيب، جريدة الشعب (القاهرة)، 22/11/1996. والنص أيضاً في كتاب محمّد رمضان: ختان الإناث دراسة علميّة وشرعيّة، دار الوفاء، المنصورة، 1997، ص 217-222.
العوّا، محمّد سليم: ختان البنات ليس سُنّة ولا مَكرُمَة، جريدة الشعب (القاهرة)، 18/11/1994. والنص أيضاً في كتاب محمّد بن لطفي الصبّاغ: الحُكم الشرعي في ختان الذكور والإناث، منظّمة الصحّة العالميّة، المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط، الإسكندريّة، 1995، ص 26-34، وفي مقدّمة كتاب محمّد رمضان: ختان الإناث دراسة علميّة وشرعيّة، دار الوفاء، المنصورة، 1997، ص 13-24 (ملحق بكتابنا).
العوّا، محمّد سليم: مفاهيم مغلوطة، جريدة الشعب (القاهرة)، 1/11/1996. والنص أيضاً في كتاب محمّد رمضان: ختان الإناث دراسة علميّة وشرعيّة، دار الوفاء، المنصورة، 1997، ص 207-212.
العيني، محمود بن أحمد (توفّى عام 1451): البناية في شرح الهداية، دار الفكر، بيروت، دون تاريخ.
الغزالي، محمّد بن محمّد (توفّى عام 1111): إحياء علوم الدين، دار المعرفة، بيروت، 1976.
الغوّابي، حامد: ختان البنات بين الطب والإسلام، مجلّة لواء الإسلام، العدد 7، 8 و11، سنة 11 [1951]، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 49-63.
الفتاوى الهنديّة (1664-1672)، تأليف جماعة من علماء الهند على رأسهم الشيخ الهمام (توفّى عام 1679)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، طبعة 3، 1980.
الفنجري، أحمد شوقي: الختان في الطب وفي الدين وفي القانون، دار الأمين، القاهرة، 1995
القادري، عبد الرحمن: الختان بين الطب والشريعة، دار إبن النفيس، دمشق، 1996.
القبّاني، صبري: حياتنا الجنسيّة، دار العلم للملايين، بيروت، إعادة طبع 32، 1995.
القرّافي، شهاب الدين أحمد بن إدريس (توفّى عام 1285): الذخيرة، تحقيق محمّد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1994.
القرضاوي، يوسف: هدى الإسلام: فتاوى معاصرة، دار القلم، الكويت، طبعة 3، 1987 (الفتوى الخاصّة بالختان ملحقة بكتابنا).
القرطبي، عبد الله محمّد بن أحمد الأنصاري (توفّى عام 1273): الجامع لأحكام القرآن، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، 1987.
القمني، سيّد: النبي إبراهيم والتاريخ المجهول، سينا للنشر، القاهرة، 1990.
الكتاب المقدّس، المطبعة الكاثوليكيّة، بيروت، 1951.
الكتاب المقدّس، دار المشرق، بيروت، طبعة 3، 1988.
الكليني، أبو عفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق (توفّى عام 941): الفروع من الكافي، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1981.
اللبان، محمّد محمّد: رأي، مجلّة لواء الإسلام، عدد 1، سنة 5، 1951، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 83-86.
اللويحق، جميل بن حبيب: التشبّه المنهي عنه في الفقه الإسلامي، دار الأندلس الخضراء، جدّة، 1999.
المحقّق الحلي، جعفر بن الحسن (توفّى عام 1277): شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، مؤسّسة إسماعيليان، قم، 1409 هـ.
المرداوي، علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان (توفّى عام 1480): الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل، تحقيق محمّد حامد الفقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، طبعة 2، 1986.
المرصفي، سعد: أحاديث الختان حجيتها وفقهها، مكتبة المنار الإسلاميّة، الكويت، مؤسّسة الريان، بيروت، 1994. صدر أيضاً تحت إسم المرصفي، سعد محمّد الشيخ في «مجلّة الشريعة والدراسات الإسلاميّة»، الكويت، سنة 8، عدد 20، مايو 1993، صفحة 99-176.
المرغيناني، علي بن أبي بكر (توفّى عام 1197): الهداية شرح بداية المبتدي، دار الكتب العلميّة، بيروت، 1990.
المصري، سناء: تمويل وتطبيع، قصّة الجمعيّات غير الحكوميّة، سينا للنشر، القاهرة، 1998.
المقريزي، أحمد بن علي (توفّى عام 1441): المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والأخبار المعروف بالخطط المقريزية، مدبولي، القاهرة، 1997.
الممارسات التقليديّة الضارّة بصحّة المرأة والطفل، دليل مكافحة ختان الإناث، جمعيّة تنظيم الأسرة، [القاهرة]، دون تاريخ.
المنّاوي، محمّد المدعو بعبد الرؤوف (توفّى عام 1622): فيض القدير شرح الجامع الصغير، دار المعرفة، بيروت، 1995.
المنتخب من السُنّة، المجلس الأعلى للشئون الإسلاميّة، القاهرة، 1992.
المهدوي، مصطفى كمال: البيان بالقرآن، الدار الجماهيريّة للنشر والتوزيع والإعلان، مصراته، ودار الآفاق الجديدة، الدار البيضاء، 1990 (القسم الخاص بالختان ملحق بكتابنا).
الموصلي بن مودود، عبد الله بن محمود (توفّى عام 1284): الإختيار لتعليل المختار، دار المعرفة، بيروت، دون تاريخ.
النجّار، عبد الرحمن: موقف الإسلام من ختان الإناث، الجمعيّة المصريّة للوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة والطفل، القاهرة، طبعة 4، 1990.
النديم، [نشرة مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي]، القاهرة، 1997.
النزوي: أبو بكر أحمد بن عبد الله بن موسى الكندي السمدي (توفّى عام 1162): المصنّف، وزارة التراث القومي والثقافة، مسقط، دون تاريخ.
النسائي، أحمد بن علي (توفّى عام 915): سُنَن النسائي، بشرح جلال الدين السيّوطي (توفّى عام 1505) وحاشية الإمام السندي (توفّى عام 1726)، دار الجيل، بيروت، (دون تاريخ).
النفزاوي، محمّد بن أبي بكر (توفّى عام 1324): الروض العاطر في نزهة الخاطر، تحقيق جمال جمعة، رياض الريّس، بيروت، طبعة 2، 1993.
النمر، عبد المنعم: علم التفسير، دار الكتاب المصري، دار الكتب الإسلاميّة ودار الكتاب اللبناني، القاهرة وبيروت، 1985.
النووي، أبو زكريّا محيي الدين (توفّى عام 1277): المجموع شرح المهذّب، دار الفكر، بيروت، 1990.
النووي، أبو كريا محيي الدين (توفّى عام 1277): المنهاج في شرح صحيح مسلم، دار الخير، بيروت ودمشق، 1994.
النووي، أبو كريا محيي الدين (توفّى عام 1277): فتاوى الإمام النووي المسماة بالمسائل المنثورة، حقّقه محمّد الحجار، دار السلام، [القاهرة؟]، طبعة 4، 1986.
الهوّاري، محمّد: الختان في اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام، كلّية الآداب، جامعة عين شمس، 1987.
أمين، أحمد (توفّى عام 1954): قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصريّة، مكتبة النهضة المصريّة، القاهرة، 1992.
أمين، فيصل محمّد مكي: خفاض المرأة، منشورات معهد سكينة، أم درمان، 1990.
إنجيل برنابا، ترجمة خليل سعادة، نشر محمّد رشيد رضا، مجلّة المنار، القاهرة، 1908.
باشا، حسّان شمسي: أسرار الختان تتجلّى في الطب الحديث، ضمن «موسوعة الطب النبوي بين الإعجاز والعلم الحديث» رقم 5، مكتبة السوادي، جدّة، طبعة 2، 1993.
بدوي، عبد الرحمن: من تاريخ الإلحاد في الإسلام، سينا للنشر، القاهرة، ط 2، 1993.
برسوم، عوني: التقنين الكنسي، تقنين الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، مطابع مكتب الأعمال الفنّية، القاهرة، 1994.
بوحديبة، عبد الوهاب: الإسلام والجنس، ترجمة وإعداد هالة العوري، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1987.
جاد الحق، جاد الحق علي (توفّى عام 1996): الختان، هديّة مجانيّة ملحقة بمجلّة الأزهر لشهر جمادى الأولى 1415 هـ (أكتوبر 1994) (ملحق بكتابنا).
جاد الحق، جاد الحق علي (توفّى عام 1996): فتوى، الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد التاسع، القاهرة، 3891، ص 3119-3125 (ملحق بكتابنا).
جبران، جبران خليل (توفّى عام 1931): النبي، في المجموعة الثانية من مؤلّفات جبران خليل جبران، مكتبة صادر ودار جبران، بيروت، 1981.
جمال، أحمد محمّد: يسألونك، دار إحياء العلوم، بيروت، طبعة 3، 1994 (الفتوى الخاصّة بالختان ملحقة بكتابنا).
حريز، سيّد حامد ومنصور، محمّد إبراهيم: دور الحياة البشريّة في مجتمع الإمارات، جامعة الإمارات العربيّة، العين، 1997.
حسب الله، علي: أصول التشريع الإسلامي، دار المعارف، القاهرة، 1987.
حسين، طه (توفّى عام 1973): في الأدب الجاهلي، دار المعارف، القاهرة، طبعة 12، 1977.
حسين، طه (توفّى عام 1973): في الشعر الجاهلي، دار الكتب المصريّة، القاهرة، 1926. أعيد نشر هذا النص في مجلّة «القاهرة» عدد 159، فبراير 1996، ص 389-449.
حسين، طه (توفّى عام 1973): في الشعر الجاهلي، دار الكتب المصريّة، القاهرة، 1926. أعيد نشر هذا النص في مجلّة «القاهرة» عدد 159، فبراير 1996، ص 389-449.
حمروش، إبراهيم: رأي، مجلّة لواء الإسلام، عدد 1، سنة 5، 1951، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 75.
خضر، محمود محمّد: خفاض الإناث وختان الذكور في الشريعة الإسلاميّة، 1997 (نص غير منشور ملحق بكتابنا).
خلاّف، عبد الوهاب: رأي، مجلّة لواء الإسلام، عدد 1، سنة 5، 1951، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 76.
خليفة، رشاد (توفّى عام 1990): معجزة القرآن الكريم، دار العلم للملايين، بيروت، 1983.
داوود، الأمين: الخفاض الفرعوني، في كتاب محمّد بن لطفي الصبّاغ: الحُكم الشرعي في ختان الذكور والإناث، منظّمة الصحّة العالميّة، المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط، القاهرة، 1995، ص 19-25.
راشد، نور السيّد: وداعاً للخلاف في أمر الختان، دار الوفاء، المنصورة، 1995 (ملحق بكتابنا).
رزق، سامية سليمان: نحو إستراتيجيّة إعلاميّة لمواجهة الختان الإنتهاك البدني لصغار الإناث، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، 1994.
رزق، سامية سليمان: نحو إستراتيجيّة إعلاميّة لمواجهة الختان الإنتهاك البدني لصغار الإناث، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، 1994.
رضوان، سعد: أهل الطب والختان، طبيبك الخاص، نوفمبر 1994، ص 60-63.
رمضان، محمّد: ختان الإناث دراسة علميّة وشرعيّة، تقديم محمّد سليم العوّا، دار الوفاء، المنصورة، 1997.
زكريّا، هدى: البعد الإجتماعي لقضيّة الختان، ندوة ختان الإناث - منظور علمي إجتماعي، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، مركز دراسات المرأة الجديدة، جمعيّة التنمية الصحّية والبدنيّة، القاهرة 2/12/1994، ص 15-18.
سالم، محمّد إبراهيم: رأي، مجلّة لواء الإسلام، عدد 1، سنة 5، 1951، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 81-82.
سبينوزا (توفّى عام 1677): رسالة في اللاهوت والسياسة، ترجمة الدكتور حسن حنفي، مراجعة الدكتور فؤاد زكريّا، الطليعة، بيروت، طبعة 3، 1994.
سليم، محمّد إبراهيم: دليل الحيران في حُكم الخفاض والختان كما يراه الفقهاء والأطبّاء، مكتبة القرآن، القاهرة، 1994
سليم، محمّد إبراهيم: دليل الحيران في حُكم الخفاض والختان كما يراه الفقهاء والأطبّاء، مكتبة القرآن، القاهرة، 1994
سيف الدولة، عايدة: قراءة في الصراع الدائر حول قضيّة ختان الإناث، في ندوة ختان الإناث - منظور علمي إجتماعي، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، مركز دراسات المرأة الجديدة، جمعيّة التنمية الصحّية والبدنيّة، القاهرة 2/12/1994، ص 31-35.
شبير، محمّد عثمان: أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي، مكتبة الفلاّح، الكويت، 1989.
شلتوت، محمود (توفّى عام 1964): الفتاوى: دراسة لمشكلات المسلم المعاصر في حياته اليوميّة والعامّة، دار الشروق، القاهرة وبيروت، طبعة 10، 1980 (الفتوى الخاصّة بالختان ملحقة بكتابنا).
شلتوت، محمود (توفّى عام 1964): رأي، مجلّة لواء الإسلام، عدد 1، سنة 5، 1951، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 87-90 (ملحق بكتابنا).
شوكت، صابر: الغشاء وأحلام العذارى، دار الجنتل، المعادي، 1998.
شيخو، لويس (توفّى عام 1927): النصرانيّة وآدابها بين عرب الجاهليّة، دار المشرق، بيروت، طبعة 2، 1989.
صبحي، أحمد محمود؛ زيدان، محمود فهمي: في فلسفة الطب، دار النهضة العربيّة، بيروت، 1993.
طنطاوي، محمّد سيّد: فتوى موجّهة إلى السيّد الدكتور علي عبد الفتا ح في 8/10/1994 (ملحق بكتابنا).
طنطاوي، محمّد سيّد: فتوى، الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد 21، القاهرة، 1994، ص 7864 (ملحق بكتابنا).
طه، محمود أحمد: ختان الإناث بين التجريم والمشروعيّة، دار النهضة العربيّة، القاهرة، 1995.
طوبيا، ناهد: التشويه الجنسي للإناث، نداء من أجل حملة عالميّة، منظّمة رينبو، نيويورك، 1996.
عبد الباقي، محمّد فؤاد: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، دار إحياء التراث العربي، بيروت، دون تاريخ.
عبد الرازق، أبو بكر: الختان، رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989.
عبد السلام، سهام: التشويه الجنسي للإناث (الختان) أوهام وحقائق، مجموعة العمل المعنيّة بمناهضة ختان البنات، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، دون تاريخ.
عبد السلام، سهام: التشويه الجنسي للإناث (الختان) أوهام وحقائق، مجموعة العمل المعنيّة بمناهضة ختان البنات، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان القاهرة، دون تاريخ.
عبد السلام، سهام: ختان الإناث بأيدي الأطبّاء إنتهاك لآداب المهنة، في ندوة ختان الإناث - منظور علمي إجتماعي، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، مركز دراسات المرأة الجديدة، جمعيّة التنمية الصحّية والبدنيّة، القاهرة 2/12/1994، ص 25-29.
عبد السلام، سهام؛ حلمي، مجدي: مفاهيم جديدة لحياة أفضل، دليل الصحّة الإنجابيّة، اللجنة القوميّة للمنظّمات غير الحكوميّة، القاهرة، 1998.
عبد الفتّاح، كاميليا: الأضرار النفسيّة لختان البنات، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 65-70.
عبد الهادي، آمال: كفاح قرية مصريّة للقضاء على ختان الإناث، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 1998.
عبد الهادي، آمال؛ عبد السلام، سهام: موقف الأطبّاء من ختان الإناث، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، القاهرة، 1998.
عبده، محمّد (توفّى عام 1905): تفسير القرآن الكريم الشهير بتفسير المنار، دار المعرفة، بيروت، 1980.
عرنوس، محمود: رأي، مجلّة لواء الإسلام، عدد 1، سنة 5، 1951، منقول عن كتاب أبو بكر عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، دار الاعتصام، القاهرة، 1989، ص 91-94.
عفيفي، محمّد: مرشد الحيران في عمليّة الختان، مجلّة الهلال، أبريل 1971، ص 120-126 (ملحق بكتابنا).
علوان، عبد الله ناصح: تربية الأولاد في الإسلام، طبعة 8، دار السلام، القاهرة، 1985.
علي، جوّاد: المفصّل في تاريخ العرب قَبل الإسلام، جزء 6، دار العلم للملايين، بيروت ومكتبة النهضة العربيّة، بغداد، طبعة 3، 1980.
علي، محمّد قرّه: الضاحكون، مؤسّسة نوفل، بيروت، طبعة 5، 1988.
عمّار، رشدي: الأضرار الصحّية الناتجة عن ختان البنات، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 44-53.
عمّار، رشدي: الأضرار الصحّية الناتجة عن ختان البنات، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 44-53.
عويس، صلاح محمود: ختان الإناث في ضوء قواعد المسؤوليّة الجنائيّة والمدنيّة في القانون المصري، الجمعيّة المصريّة للوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة والطفل، القاهرة، طبعة 3، 1996.
غبّاش، موزه عبيد: سوسيولوجيا العادات والتقاليد لمرحلة الميلاد في مجتمع الإمارات، دار القراءة للجميع، دبي، 1998.
فيّاض، سليمان: أصوات، المجموعة القصصيّة، القسم الثاني، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، 1995.
فيّاض، محمّد: البتر التناسلي للإناث: ختان البنات، دار الشروق، القاهرة وبيروت، 1998.
قليوبي وعميرة: حاشية الإمامين الشيخ شهاب الدين القليوبي والشيخ عميرة على شرح جلال الدين المحلّي على منهاج الطالبين للنووي، دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة، دون تاريخ.
كامل، مجدي: أوهام الجنس، دون دار نشر، [القاهرة؟]، طبعة 3، 1995.
كشك، محمّد جلال: خواطر مسلم في المسألة الجنسيّة، مكتبة التراث الإسلامي، القاهرة، طبعة 3، 1992.
كلاس، جوزيف: مسيرة الطب في الحضارات القديمة، دار طلاس، دمشق، 1995.
كمال، عبد الله: التحليل النفسي للأنبياء، دار الخيّال، [القاهرة]، 1996.
لويس، جوزيف: الختان ضلالة إسرائيليّة مؤذية، نقله إلى العربيّة عصام الدين ناصف، وقدّم له ببحث في الختان عند الأمم الإسلاميّة وأنه اثر من آثار الإسرائيليّات في الإسلام، دار مطابع الشعب، القاهرة، (1971؟) (أنظر العنوان الإنكليزي الأصلي في قائمة المراجع تحت إسم Lewis, Joseph ) (المقدّمة ملحقة بكتابنا).
مؤتمر الصحّة الإنجابيّة للمرأة: ورشة عمل حول ختان الإناث 25-26 مارس 1995، إعداد آمال عبد الهادي، [القاهرة]، دون تاريخ.
مجلّة البحوث الإسلاميّة، الرياض، فتوى عن الختان، عدد 25، 1409 هـ، 1989 م، ص 61-62 (ملحق بكتابنا).
محاكمة طه حسين، المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت، 1972.
محمود، زكي نجيب: تجديد الفكر العربي، دار الشروق، بيروت والقاهرة، طبعة 3، 1974.
محمود، زكي نجيب: ثقافتنا في مواجهة العصر، دار الشروق، بيروت والقاهرة، 1976.
محمود، عبد الرحمن حسن: حُكم الإسلام في الختان قَبل البلوغ وبعده، مكتبة الآداب، القاهرة، 1994.
مخلوف، حسين محمّد: فتوى، الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد الثاني، القاهرة، 1981، ص 449 (ملحق بكتابنا).
مسلم (توفّى عام 875): صحيح مسلم بشرح محيي الدين أبو زكريّا النووي (توفّى عام 1277)، دار الخير، بيروت، 1994.
مطلوب، عبد المجيد محمود: أصول الفقه الإسلامي، دار النهضة العربيّة، القاهرة، طبعة 2، 1992.
معروف، بشار عواد (وآخرون): المسند الجامع لأحاديث الكتب الستّة، ومؤلّفات أصحابها الأخرى وموطّأ مالك، ومسانيد الحميدي، واحمد بن حنبل، وعبد بن حميد وسُنَن الدارمي، وصحيح إبن خزيمة، دار الجيل، بيروت والشركة المتّحدة، الكويت، 1993.
مغنيّة، محمّد جوّاد: إسرائيليّات القرآن، تفسير إسرائيليّات القرآن يظهر حقيقة اليهود وعقيدتهم الصهيونيّة، نشر عبد الحسين مغنيّة، دار جوّاد، بيروت، طبعة 2، 1984.
مغنيّة، محمّد جوّاد: التفسير الكاشف، دار العلم للملايين، بيروت، 1991.
منّاع، حسن مراد: فتاوى وتوجيهات، دار الصفوة، الكويت، طبعة 2، 1990 (الفتوى الخاصّة بالختان ملحقة في كتابنا).
مهران، ماهر: الأضرار الطبّية في ختان الإناث، في الحلقة الدراسيّة عن الإنتهاك البدني لصغار الإناث، 14-15 أكتوبر 1979، جمعيّة تنظيم الأسرة، القاهرة، دون تاريخ، ص 58-64.
ندوة ختان الإناث - منظور علمي إجتماعي، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، مركز دراسات المرأة الجديدة، جمعيّة التنمية الصحّية والبدنيّة، القاهرة 2/12/1994.
نصّار، علاّم: فتوى، الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد السادس، القاهرة، 2891، ص 5891-1986 (ملحق بكتابنا).
يانسن، روزاليند وجاك: الطفل المصري القديم، ترجمة أحمد زهير أمين، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، القاهرة، 1997.
نذكر هنا فقط المراجع باللغات الغربيّة التي إعتمدنا عليها في هذا الكتاب. وهذه المراجع مرتّبة حسب الترتيب الأبجدي، آخذين بالإعتبار إسم العائلة أو الشهرة. هذا وقد أشرنا إلى تاريخ وفاة المؤلّفين، خاصّة القدامى منهم، بعد ذكر إسمهم. والتواريخ المذكورة هي حسب التقويم الميلادي. وقد إستعملنا B.C . للإشارة إلى ما قَبل المسيح.
A call to the Hebrew man and to the Hebrew woman, flyer, Association for struggle against circumcision in Israel and in the World .
Abd-el-Salam Muhammad, Seham: Attitudes of Egyptian intellectuals towards genital integrity for all, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 83-98.
Abd-el-Salam, Seham: A comprehensive approach for communciation about female genital mutilation in Egypt, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 317-330 .
Abd-el-Salam, Seham: Female sexuality and the discourse of power, the case of Egypt, Thesis for the degree of Master of Arts, American University in Cairo, School of Humanities, Cairo, 1998 .
Abuse and neglect of children, report, Doc. 8041. Parliamentary Assembly, 17 March 1998, www.stars.coe.fr/doc/doc 98/edoc8041.htm.
Ad hoc working group of international experts on violations of genital mutilation, POB 197, Southfields, New York 10975 USA (statistics).
Albucasis (died 1036): On surgery and instruments, arabic text and english translation by M. S. Spink and G. L. Lewis, The Welcome Institute of the history of medicine, London, 1973 .
Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Circoncision masculine, circoncision feminine: débat religieux, medical, social et juridique, L'Harmattan, Paris, 2001.
Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Jehovah, his cousin Allah, and sexual mutilations, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 41-62 .
Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Les musulmans face aux droits de l'homme, religion & droit & politique, étude et documents, Winkler, Bochum, 1994 .
Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: L'impact de la religion sur l'ordre juridique, cas de l'Egypte, non musulmans en pays d'Islam, Editions universitaires, Fribourg, 1979 .
Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: Muslims' genitalia in the hands of the clergy: religious arguments about male and female circumcision, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 131-171 .
Aldeeb Abu-Sahlieh, Sami A.: To mutilate in the name of Jehovah or Allah: legitimization of male and female circumcision, Medicine and law, 1994, 13, p. 575-622 .
Aldeeb, Sami: Discriminations contre les non-juifs tant chrétiens que musulmans en Israël, Pax Christi, Lausanne, 1992 .
Aldeeb, Sami: Mariages entre partenaires suisses et musulmans, connaître et prévenir les conflits, Institut suisse de droit comparé, 3ème édition, Lausanne, 1998 .
Allègre, Claude: Dieu face à la science, Fayard, Paris, 1997 .
Altshul, M. S.: Larger numbers needed, Pediatrics, 1987, 80, p. 763-764 .
American Academy of Pediatrics, report of the Task force on circumcision, Pediatrics, 1989, 84, p. 388-391 .
American Academy of Pediatrics, Task Force on Circumcision: Circumcision Policy Statement (RE9850), Pediatrics, 1999, 103, p. 686-693 .
American Academy of Pediatrics: Care of the uncircumcised penis, 1984 .
Annand, Mathilde: Aborigènes: la loi du sexe, L'Harmattan, Paris, 2000.
Armstrong, Herbert W.: The missing dimension in sex, Everest House, New York, 3 ème éd., 1981.
Asali, Abed (et al.): Ritual female genital surgery among Bedouin in Israel, Beersheva, s.d .
Assaad, Marie Bassili: Female circumcision in Egypt; current research and social implications, Cairo, American University in Cairo, 1979 .
Augustin (died 430): La cité de Dieu, Institut d'études augustuniennes, Paris, 1993 .
Australian Association of Paediatric Surgeons: Guidelines for Circumcision, 1996 .
Australian Medical Association: circumcision deterred, 1997 .
Ayalon, David: Outsiders in the lands of Islam: Mamluks, Mongols and Eunuchs, Variorum reprints, London, 1988 .
Azomahou, Nicolas; Madeleine, Mama Sika: Les pratiques traditionnelles affectant la santé des femmes et des enfants en Afrique, l'expérience de la république populaire du Bénin , Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 195-200 .
Baasher, Taha: Psychological aspects of female circumcision, Traditional practices affecting the health of women and children, Report of a Seminar, Khartoum, 10-15 February 1979, p. 71-105 .
Badinter, Elisabeth: XY de l'identité masculine, Editions Odile Jacob, Paris, 1992 .
Baer, Zenas: Circumcision, are baby boys entitled to the same protection as baby girls regarding genital mutilation? in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 197-203 .
Bagatti, Bellarmino: L'Eglise de la circoncision, Imprimerie des Pères franciscains, traduction d'Albert Storme, Jérusalem, 1967 .
Barbier, Patrick: Histoire des castrats, Grasset, Paris, 1989 .
Barth, M. Lewis (editor): Berit Mila in the Reform Context, Berit Mila Board of Reform Judaism, s.l., 1990 .
Beck-Karrer, Charlotte: Frauenbeschneidung und Migration: Arbeitsbericht aus der Schweiz, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 131-141 .
Beck-Karrer, Charlotte: Refugee women in Switzerland and their views on FGM: a report based on interviews, in Gallo; Viviani: Female genital mutilation: a public health (see the bibliography), p. 58-64 .
Bensley, Gillian A.; Boyle, Gregory J.: Physical, sexual, and psychological effects of male infant circumcision: an exploratory survey, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 207-240.
Bettelheim, Bruno: Les blessures symboliques, essai d'interprétation des rites d'initiation, trad. par C. Monod, suivi d'un discours par André Green et Jean Pouillon, Gallimard, Paris, 1971 .
Bigelow, Jim: The joy of uncircumcising, 2nd edition, Hourglass, Aptos, 1995 .
Bissada, Nabil K. (et al.): Post-circumcision carcinoma of the penis, Journal of urology, vol. 135, no 2, February 1986, p. 283-285 .
Bissland, Julie; Lawand, Kathleen: Report of the Symposium, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the bibliography), p. 11-32 .
Bivas, Natalie: Private letter to her mother and father, Palo Alto, California, 20 May 1986 .
Bloch, Maurice: From blessing to violence, history and ideology in the circumcision ritual of the Merina of Madagascar, Cambridge University Press, Cambridge (USA), first published 1986, reprint 1994 .
Bodily integrity for both: the obligation of Amnesty International to recognize all forms of genital mutilation of males as Human rights violations, Amnesty international Bermuda, prepared by LeYoni Junos, Section Director, second printing, revised, August 1, 1998 .
Bollgren, I.; Wimberg, J.: Reply to: Is it time for Europe to reconsider newborn circumcision? Acta Paediatrica Scandinavica, 1991, 80, p. 575-577 .
Bonner, Charles A.: The Oxford Declaration, a call for the worldwide prohibition of the genital mutilation of Children, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 497-503 .
Bonsirven, Joseph: Textes rabbiniques des deux premiers siècles chrétiens pour servir é l'intelligence du Nouveau Testament, Pontificio Istituto Biblico, Roma, 1955 .
Boyd, Billy Ray: Circumcision exposed, rethinking a medical and cultural tradition, The Crossing Press, Freedom (California), 1998 .
Bo yle, Gregory J: Ending the forced genital cutting of children and the violation of their human rights: ethical, psychological and legal considerations , in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 1-18.
Brandes S. B.; McAninch, J. W.: Surgical methods of restoring the prepruce: a critical review, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 109-113 .
British Medical Association: Circumcision of male infants, Guidance for Doctors, September 1996 .
Brosch, Maria: Genitalverstümmelung ?chten, M?dchen und Frauen schützen, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 222-228 .
Bruce, James: Voyage aux sources du Nil en Nubie et en Abyssinie, 1768-1772, traduit par J. H. Castera, Londres, 1790-1792 .
Bulletin, publié par le Comité inter-africain sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants, Genève .
Bullough, Vern L.: Sexual variance in society and history, University of Chicago press, Chicago and London, 1976 .
Burger, R; Guthrie, T. H.: Why circumcision? Pediatrics 1974, 54, p. 362-364.
Burmester, O. H. E.: The sayings of Michael, metropolitan of Damietta, Orientalia Christiana Periodica, vol II, n. I-II, 1936, p. 101-128 .
Burrington, John: Just a little off the top? Lifestyle, Gazette Telegraph, 11 february 1997, section E .
Burt, James C.: Surgery of Love, Carlton Press, New York, 1975 .
Burton, Richard (died 1890): Love, war and fancy, notes to the Arabian Nights, Kimber, London, 1954 .
Bynum, Caroline: Jeûnes et festins sacrés, les femmes et la nourriture dans la spiritualité médiévale, trad. par Claire Forestier Pergnier et Eliane Utudjian Saint-André, Cerf, Paris, 1994 .
Catechismo della chiesa cattolica, Libreria editrice vaticana, città del Vaticano, 1992 .
Caufeynon (psydonyme de Jean Fauconney): La cintura di castità, sua storia e suo impiego in passato e ai nostri tempi, Société Parisienne d'édition, Paris, 1904, trad. Gianni Mauro, Editrice Nanni Canesi, Roma, [1970 ?].
Celsus, Aulus Cornelius (died ca 50): De medicina, Book VII (vol. III), Heinemann, London, 1961 .
Chabukswar, Y. V.: A barbaric method of circumcision amongst some of the Arab tribes of Yemen, in Indian Medical Gazette (Calcutta), vol. 56, no 2, February 1921, p. 48-49 .
Chebel, Malek: Dictionnaire des symboles musulmans: rites, mystique et civilisation, Albin Michel, Paris, 1995 .
Chebel, Malek: Histoire de la circoncision des origines à nos jours, Editions Balland, Paris, 1992 .
Cicéron (died 43 B.C): De la république, Garnier-Flammarion, Paris, 1965 .
Circoncision posthume, Le Soir, 17 août 1993 .
Circumcision, Encyclopaedia judaica, Keter publishing House, Jerusalem, vol. 5, fourth edition, 1978, col. 568-576 .
Cohen, A.: Everyman's Talmud, Schocken Books, New York, 1975 .
Cohen, Eugene J.: Guide to ritual circumcision and redemption of the first-born son, Ktav Publishing House, New York, 1984 .
Cold, C. J.; Taylor, J.: The prepuce, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 34-44 .
Comitato nazionale per la bioetica: Problemi bioetici in una società multietnica: la circoncisione, profili bioetici, 25 settembre 1998 .
Committee on bioethics: Informed consent, parental permission, and assent in pediatric practice, Pediatrics, 1995, 95, p. 314-317 .
Conant, Mary; Katz Sperlich, Betty: Nurses for the rights of the child an update, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 185-188 .
Cook, Robert: Damage to physical health from pharaonic circumcision (infibulation) of females. A review of the medical literature, World Health Organization: Regional Office for the Eastern Mediterranean, 1976. Text also in Traditional practices affecting the health of women and children, Report of a Seminar, Khartoum, 10-15 February 1979, p. 53-69 .
Corréa, Paul: L'excision, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 59-71 .
Couchard, Françoise: La femme infibulée: entre blessure narcissique et plaisir fantasmé, Nouvelle revue d'Ethnopsychiatrie, no 18, 1991, p. 141-150 .
Crowley I. P.; Kesner, K. M.: Ritual circumcision (umkhwetha) amongst the Xhosa of the Ciskei, British Journal of Urology, 66, 1990, p. 318-321 .
Cutting edge, Nursing Times, February 19, vol. 93, no 8, 1997, p. 2-3 .
Cyrille d'Alexandrie (died 444): Lettres festales, Cerf, Paris, 1991 .
Dagher R., Selzer M. L., Lapides J.: Carcinoma of the penis and the anti-circumcision crusade, The Journal of urology, vol. 110. July 1973, p. 79-80 .
Darby, Robert: A source of serious mischief: the demonization of the foreskin and the rise of preventive circumcision in Australia, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 153-198.
Davis, Elizabeth Gould: The first sex, Penguin Books, New York, 1972 .
De Villeneuve, Annie: Etude sur une coutume somalie: les femmes cousues, Journal de la société des africanistes, 1937, p. 30 .
DeMeo, James: Saharasia, the 4000 BCE origins of child abuse, sex-repression, warfare and social violence in the deserts of the old world, the revolutionary discovery of a geographic basis to human behavior, Greensprings, Oregon (USA), 1998 .
DeMeo, James: The geography of male and female genital mutilations, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 1-15 .
Denniston, George C. & Milos, Marilyn Fayre (editors): Sexual mutilations a human tragedy, Plenum Press, New York and London, 1997 .
Denniston, George C.: Circumcision: an iatrogenic epidemic, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 103-109 .
Denniston, George C.: Tyranny of the victims: an analysis of circumcision advocacy, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 221-240 .
Denniston, George C.; Hodges, Frederick Mansfield; Milos, Marilyn Fayre (editors): Male and female circumcision: medical, legal, and ethical considerations in pediatric practice, Kluwer Academic/Plenum Publishers, New York and London, 1999 .
Denniston, George C.; Hodges, Frederick Mansfield; Milos, Marilyn Fayre (editors): Understanding circumcision: a multi-disciplinary approach to a multi-dimensional problem, Kluwer Academic/Plenum Publishers, New York and London, 2001.
Denniston, George C.; Milos, Marilyn Fayre (editors): Sexual mutilations a human tragedy, Plenum Press, New York and London, 1997 .
Dictionnaire d'archéologie chrétienne et de liturgie, Tome 3, partie 2, Librairie Letouzey, Paris, 1914 .
Dingwall, Eric John: Male infibulation, Bale; Danielsson, London, [1925].
Dingwall, Eric John: The girdle of chastity, a medico-historical study, Routledge, London, 1931 .
Dirie, Waris; Miller, Cathleen: Fleur du désert: du désert de Somalie au monde des top-models, l'extraordinaire combat d'une femme hors du commun, Albin Michel, Paris, 1998 .
Doiteau, Victor: L'esthétique du prépuce selon l'art et les artistess, Paris. 17 octobre 1926, http://perso.wanadoo.fr/enfant.org/doiteau.htm.l.
Donnell, Steve C: Diagnosis and treatment of phimosis, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 63-65 .
Dorkenoo, Efua: Cutting the Rose, Female Genital Mutilation: The practice and its prevention, Minority Rights Publications, London, 1994 .
Du Pasquier, Roger: Découverte de l'Islam, Institut islamique de Genève & Editions des trois continents, Genève, 1979 .
Editor: Routine circumcision at birth?, Journal of the american medical association, 91, 1928, p. 201 .
Egalité et démocratie: utopie ou défi?, Actes, Conférence organisée par le Conseil de l'Europe, Strasbourg, 9-11 février 1995 .
Egypt demographic and health survey, 1995, National Population Council, Cairo, September 1996 .
El-Dareer, Asma: Woman, why do you weep, circumcision and its consequences, Zed Press, London, 1982 .
El-Masry, Youssef: Le drame sexuel de la femme dans l'Orient arabe, Laffont, Paris, 1962 .
El-Saadawi, Nawal: The hidden face of Eve, women in the Arab World, Zed Press, London, 1980 .
Epiphanius, S. P. N.: Adversus octaginta haereses, Patrologiae cursus completus, series graeca, accurante J.-P. Migne, vol. 41, Lutetia Parisiorum, Paris, 1863 .
Erickson, John: Foreskins for sale, www.sexuallymutilatedchild.org/f4sale.htm .
Erlich, Michel: La mutilation, Presses universitaires de France, Paris, 1990 .
Erlich, Michel: Les mutilations sexuelles, Presses universitaires de France, Paris, 1991 .
Erodoto (died 424 B.C.): Le storie, 2 vol., Oscar Mondadori, Milano, 2 ed., 1982 .
Eusèbe (died 340): Histoire ecclésiastique, trad. par Emile Grapin, Librairie Alphonse Picard, Paris, livres I-IV (1905), V-VIII (1911), IX-X (1913) .
Evangile de Barnabé, recherches sur la composition et l'origine par Luigi Cirillo, texte et traduction par Luigi Cirillo et Michel Frémaux, Beauchesne, Paris, 1977.
Favazza, Armando R.: Bodies under siege, self-mutilation and body modification in culture and psychiatry, 2nd edition, John Hopkins University Press, Baltimore and London, 1996 .
Feldman, Louis: Jew and Gentile in the Ancient World, attitudes and interactions from Alexander to Justinian, Princeton University Press, Princeton, 1993 .
Female genital mutilation, a joint WHO/UNICEF/UNFRA statement, World Health Organization, Genève, 1997 .
Female genital mutilation, an overview, World Health Organization, Geneva, 1998 .
Female genital mutilation: report of a WHO technical working group, Geneva, 17-19 July 1995, WHO, Geneva, 1996 .
Feucht, Erika: Das Kind im Alten #0196gypten: die Stellung des Kindes in Familie und Gesellschaft nach alt?gyptischen Texten und Darstellungen, Campus Verlag, Frankfurt & New York, 1995 .
Fink, Aaron J.: A possible explanation for heterosexual male infrection with AIDS, New England Journal of Medicine, 1986, 315, p. 1167 .
Fink, Aaron J.: Circumcision: a parent's decision for life, Kavanah Publishing, Los Altos (CA), 1988 .
Fleiss, Paul M.: An analysis of bias regarding circumcision in American medical literature, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 379-402 .
Fleiss, Paul M.: Where is my foreskin? The case against circumcision, Mothering, Winter 1997 .
Fleming, J. B.: Clitoridectomy, the disastrous downfall of Sir Isaac Baker Brown, 1867, The Journal of Obstetrics and Gynecology of the British Empire, vol. 67, no. 6, Dec. 1960, p. 1017-1034 .
Fletcher, Christopher R.: Circumcision in America in 1998: attitudes, beliefs, and changes of American physicians, in Denniston; Hodges; Milos : Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 259-271 .
Fortunati, Leopoldina: Problemi aperti e prospettive nel dibattito socio-culturale sulle mutilazioni sessuali femminili, in Gallo; Viviani: Le mutilazioni sessuali femminili (see the bibliography), p. 63-76 .
Freeman, M.: A child's right to circumcision, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 74-78 .
Freud, Segmund: L'homme Moïse et la religion monothéiste, Gallimard, Paris, 1986.
Freud, Sigmund: Totem et tabou, Payot, Paris, 1965 .
Funani, Lumka Sheila: Circumcision among the Ama-Xhosa, a midical investigation, Skotaville Publishers, Braamfontein, South Africa, 1988 .
Gairdner, D.: The fate of the foreskin, a study of circumcision, British Medical Journal, 1949 , vol. 2, p. 1433-1437 .
Gallo, P. Grassivaro (et al.): Edpidemiological, medical, legal and psychological aspects of mutilation/at-risk girls in Italy, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 241-257 .
Gallo, Pia Grassivaro (et al.): Epidemiological surveys on female genital mutilation in Italy, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 153-157 .
Gallo, Pia Grassivaro: La circoncisione femminile in Somalia, una ricerca sul campo, Franco Angeli, Milano, [1986] .
Gallo, Pia Grassivaro; Rabuffetti, Lydia; Viviani, Franco: Sunna Gudnin: an alternative ritual to infibulation in Merka Somalia, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 99-113.
Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco (a cura di): Le mutilazioni sessuali femminili, Giornata di studi, 23 ottobre 1992, Unipress, Padova, 1993 .
Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco (editors): Female genital mutilation: a public health issue also in Italy, Proceedings of the 1994 International symposium on female genital mutilation, May 3rd, 1994, Padua, Unipress, Padua, 1995 .
Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco: Il ruolo dell'olfatto nella sessualità di donne infibulate, in Gallo; Viviani: Le mutilazioni sessuali femminili (see the bibliography), p. 11-16 .
Gallo, Pia Grassivaro; Viviani, Franco: Weibliche Genitalverstümmelung in Italien und die FGM - Arbeitsgruppe Padua, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 121-130 .
Galpaz-Feller, Pnina: The stela of King Piye: a brief consideration of «clean» and «unclean» in Ancient Egypt and the Bible, Revue biblique, vol. 102, 1995, p. 506-521.
Ganzfried, Rabbi Chlomoh: Abrégé du choul'hane arouckh, 2 vol., trad. G. A. Guttel et L. Cohn, Librairie Colbo, Paris, 1983 .
Gayman, Dan: Lo, children... our heritage from God, Church of Israel, Schell City (MO), 1991 .
Gemmell, Tracey; Boyle, Gregory J.: Neonatal circumcision: its long-term harmful effects, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 241-252.
Gender-related persecution: an analysis of recent trends, UNHCR Division of international protection, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the bibliography), p. 79-113.
Ginzberg, Louis: The legends of the Jews, The Jewish publication society of America, Philadelphia, 12th edition, 1937 .
Giorgis, Belkis Wolde: Female circumcision in Africa, Economic commission for Africa, United Nations, 1981 (St/ECA/ATRCW/81/02) .
Glass, J. M.: Religious circumcision: a Jewish view, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 17-21 .
Glick, Leonard B.: Jewish circumcision: an enigma in historical perspective, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 19-54.
Glick, Shimon: Letter to the author dated 8/9/1994 .
Goldman, Ronald: Circumcision the hidden trauma, how an American cultural practice affects infants and ultimately us all, Foreword by Ashley Montagu, Vanguard publications, Boston, 1997 .
Goldman, Ronald: Circumcision: a source of Jewish pain, Jewish spectator, fall 1997, vol. 62, no 2, p.16-20 .
Goldman, Ronald: Fax to Tim Hammond, 15 May 1996 .
Goldman, Ronald : Letter to the author, 12 August 1995 .
Goldman, Ronald: Questioning circumcision: a jewish perspective, Circumcision Resource Center, Boston, 1995 .
Goldman, Ronald: The psychological impact of circumcision, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 93-102 .
Gonzàlez de Lara, Eva: L'excision: tradition cruelle ou phénomène d'intégration sociale?, mémoire, Faculté de philosophie et lettres, Université libre de Bruxelles, 1999 .
Goodman, Jenny: Challenging circumcision, a Jewish perspective, in Denniston, George C. & Milos, Marilyn Fayre (editors): Sexual mutilations a human tragedy, Plenum Press, New York and London, 1997, p. 175-178 .
Goodman, Jenny: Jewish circumcision: an alternative perspective, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 22-27 .
Goodman, Jenny: Open letter, Syllabos of Abstracts of the fourth international symposium of sexual mutilations, University of Lausanne, 9-11 August 1996, p. 7-9.
Goodman, Jenny: Open letter, Syllabus of Abstracts of the fourth international symposium of sexual mutilations, University of Lausanne, 9-11 August 1996, p. 7-9.
Gordon, E. M.; Dunsmuir, W. D.: The history of circumcision, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 1-12 .
Greek papyri of the British Museum, edted by F. G. Kenyon, British Museum, London, vol. 1, 1893 .
Green, André: De la bisexualité au gynocentrisme, in Bettelheim, Bruno: Les blessures symboliques, essai d'interprétation des rites d'initiation, Gallimard, Paris, 1971, p. 213-234 .
Griffiths, R. Wayne: Current practices in foreskin restoration: the state of affairs in the United States, and results of a survey of restoring men, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 295-302 .
Gross, Jane: Girls seek beauty under knife, U.S. teens' plastic surgery rises, International Herald Tribune, 30.11.1998 .
Groupe de spécialistes sur l'intolérance, le racisme et l'égalité entre les femmes et les hommes, rapport final d'activités, Conseil de l'Europe, CDEG/ECRI (98) 1, 2 mars 1998 .
Groupe mixte de spécialistes sur les migrations, la diversité culturelle et l'égalité entre les femmes et les hommes, rapport final d'activités, Conseil de l'Europe, EG/MG (96) 2 rev .
Haberfield, L.: Responding to Male circumcision: medical or ritual? J Law Med 1997; 4, p. 379-85 .
Haberfield, L.: The law and male circumcision in Australia: medical, legal, and cultural issues, Monash University Law Review, 1997, 23, p. 92-122 .
Hammond, Tim: A preliminary poll of men circumcised in infancy or childhood, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 85-92 .
Hammond, Tim: Long-term consequences of neonatal circumcision a preliminary poll of circumcised males, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 125-129.
Hass, Herta: Warum ich bin gegen weibliche Genitalverstimmelung, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 111-113 .
Hassan, Sirad Salad: La donna mutilata, Loggia di Lanzi, Florence, 1996.
Hathaway, J.: The law of refugee status, Butterworths Canada Ltd, Toronto, 1991 .
Hecht, Esther: The cutting edge, The Jerusalem Post Magazine, 27 February 1998, p. 13-15 .
Hecht, Esther: The cutting edge, The Jerusalem Post Magazine, 27 February 1998, p. 13-15 .
Henninger, Joseph: Eine eigenartige Beschneidungensform in Südwestarabien, in Arabica varia, Universit?tsverlag, (CH-) Freiburg, 1989, p. 393-432 (first published in 1938) .
Hicks, Esther K.: Infibulation: female mutilation in Islamic Northeastern Africa, Transaction Publishers, New Brunswick; London, 1996 .
Hidiroglou, Patricia: Les rites de naissance dans le judaïsme, Belles lettres, Paris, 1997 .
Hieronymus (d. 420): Comment. in epistolam ad Galatas, Patrologiae cursus completus, series latina, vol. 26, Garnier, Paris, 1884.
Hirshfeld, Joseph: The Jewish circumcision before a medical tribunal, American Medical Monthly, 1858, 9, p. 272-275 .
Hodges, Frederick Mansfield: The history of phimosis from antiquity to the present, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 37-62 .
Hodges, Frederick: A short history of the institutionalization of involuntary seuxal mutilation in the United States, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 17-40 .
Hodges, Frederick: The historical role of Jews in the American medical view of circumcision, Fathering Magazine, Internet, 1998 .
Hoffman, Lawrence A: Covenant of blood, circumcision and gender in rabbinic judaism, University of Chicago Press, Chicago & London, 1996 .
Hofvander, Yngve: Circumcision of boys in Sweden: proposal for government regulation, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 147-152.
Homer: The Odyssey, transl. Murray, William Heinemann, London, 1919.
Hosken, Fran P.: The Hosken Report, genital and sexual mutilation of females, Women's International Network News, Lexington (MA), 4th ed., 1993 .
Iaria, Antonino (et al.): Several accounts of female african adolescents, in Gallo; Viviani: Female genital mutilation: a public health (see the bibliography), p. 24-30 .
Iaria, Antonino; Scalise, Maria Grazia. L'infibulazione nello sviluppo psico-sessuale della donna in Somalia, in Gallo; Viviani: Le mutilazioni sessuali femminili (see the bibliography), p. 17-25 .
Ibn Abd Al-Hakam (died 870): The history of the conquest of Egypt, North Africa and Spain, known as the Futuh Misr, ed. by Charles C. Torrey, Yale University Press, New Haven, 1922 .
Ibn Rochd (Averriès) (died 1198): Traité décisif (façl al-maqal) sur l'accord de la religion et de la philosophie, suivi de l'appendice (dhamima), texte arabe, traduction française remaniée avec notes et introduction par Léon Gauthier, 3ème édition, Vrin, Paris, 1983 .
Immerman, Ronald S.; Mackey, Wade C.: A biocultural analysis of circumcision, Social biology, 1998, 44, p. 265-275 .
Immerman, Ronald S.; Mackey, Wade C.: A proposed relationship between circumcision and neural reorganization, Journal of genetic psychiatry, 1998, 159 (3), p. 367-378 .
Ingerflom, Claudio Sergio: Communistes contre castrats, in Nikolaï, Volkov: La secte russe des castrats, traduit par Zoé Andreyev, Belles lettres, Paris, 1995 .
Isaac, Erich: Enigma of circumcision, Commentary, vol. 43, no 1, Jan. 1967 .
Isenberg, Seymour; Elting, L. Melvin: A guide to sexual surgery, Cosmopolitan, vol. 181, no. 5, Nov. 1976. p. 104-108 .
Ismail, Ina: Das Wichtigste sind Aufkl?rung und Verst?ndnis, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 61-67 .
Jaffrey, Zia: Les derniers eunuques, en Indes avec les hijras, transl. Fr. Thau-Baret, Payot, Paris, 2001.
Janssen, Rosalind M. and Jack J.: Growing up in Ancient Egypt, Rubicon Press, London, 1990 .
Jaussen, Antonin: Coutumes des arabes au pays de Moab, Librairie Victor Lecoffre, Paris, 1908 .
Josephus (died 100): Against Apion, (vol. I), transl. by Thackeray, Harvard University Press, Cambridge (USA), 1961 .
Josephus (died 100): Jewish antiquities, I (vol. IV), transl. by Thackeray, Harvard University Press, Cambridge (USA), 1961 .
Josephus (died 100): Jewish antiquities, XI (vol. VI), transl. by Thackeray, Harvard University Press, Cambridge (USA), 1958 .
Josephus (died 100): Jewish antiquities, XII-XIV (vol. VII), Heinemann, London, 1961 .
Josephus (died 100): The life, (vol. I), transl. by Thackeray, Harvard University Press, Cambridge (USA 1961).
Jousseaume, F.: Impressions de voyage en Apharras [1889-1900]: anthropologie, philosophie, morale d'un peuple errant, berger et guerrier, Librairie Baillière, Paris, 1914 .
Justin (died v. 165): Dialogue avec Tryphon, in l'Oeuvre de Justin, nouvelle édition, Deslée de Brouwer, Paris, 1982 .
Juvénal (died v. 130): Satires, Belles lettres, Paris, 1967 .
Kacimi El Hassani, M.: Le mouchoir, L'Harmattan, Paris, 1987 .
Kalthegener, Regina: Recht auf k?rperliche Unversehrtheit: Rechtliche Regelungen gegen genitale Verstümmelungen in Deutschland und Europa, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 201-212 .
Kalthegener, Regina; Ruby, Sigrid: Zara Yacoub: «Ich gebe nicht auf. Ich k?mpfe weiter gegen Genitalverstümmelung», in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 84-90 .
Kamara, Sylviane: L'excision, au-delà des passions, Jeune Afrique, février 1980 .
Kargbo, Thomas K.: Synthèse d'un document sur les problèmes obstetriques et gynécologiques de l'excision en Sierra Leone, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 112-117 .
Karsenty, Nelly: A mother questions Brit Milla, Humanistic Judaism, vol. XVI, Number III, Summer 1988, p. 14-21 .
Kasser, Rodolphe: L'Evangile selon Thomas, présentation et commentaire théologique, Delachaux & Niestlé, Neuchâtel, 1961 .
Katz, Michael: The compulsion to circumcise is constant: the reasons keep changing, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 55-60.
Kaziz, Françoise: Morale professionnelle et médecine en Grande-Bretagne au XIXe siècle, réflexion autour de certaines mutilations génitales féminines à visées thérapeutique, Presses universitaires du Septentrion, Paris, 1997 .
Kellison, Catherine: $100 Surgery for a million dollar sex life, Playgirl, vol. 2, no. 12, May 1975, p. 52 .
Kellison, Catherine: Circumcision for women the kindest cut of all, Playgirl, vol. 1, no. 5, Oct. 1973, p. 76, 124 .
Kenyatta, Jomo: Au pied du mont Kenya, Maspero, Paris, 1967 .
Keshavjee, Shafique : Le roi, le sage et le bouffon, Seuil, Paris, 1998 .
Khalifa, Rashad (d. 1990): Quran, Hadith and Islam, Islamic productions, Tucson (USA), 1982 .
Kilanowski, Kerstin: Ein typischer APGWA-Workshop im Dorf Pirang/Gambia, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 165-166 .
Kim, D. (et al.): Male circumcision: a Korean perspective, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 28-33 .
Kister, M. J.: And he was born circumcised, some notes on circumcision in hadith, Oriens, vol. 34, 1994, p. 10-30 .
Klein, Isaac: A guide to Jewish religious practice, The Jewish theological seminary of America, New York, 1979 .
Koriech, O. M.: Penile shaft carcinoma in pubic circumcision, in British Journal of Urology, vol. 60, July 1987, p. 77 .
Koso-Thomas, Olayinka: Aperçu sur la stratégie d'éradication de l'excision en Sierra Leone, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 112-123 .
Koso-Thomas, Olayinka: The circumcision of women: a strategy for eradication, Zed Books, London, 1987 .
Kreiss, J. K.; Hopkins, S. G.: The association between circumcision statues and human immunodeficiency virus infection among homosexual men, J Infect Dis 1993, 168, p. 1404-1408.
La Bible de Jérusalem, Cerf, Paris, 1984 .
La violence à l'égard des femmes: étude juridique comparative de la situation dans les Etats membres du Conseil de l'Europe, par Jill Radford, éd. provisoire, Conseil de l'Europe: 27 août 1998, EG (98) 1 prov.
Lander, M. Mervyn: The human prepuce, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 77-83 .
Lander, M. Mervyn: The man behind restoration, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 311-315 .
Lantier, Jacques: La cité magique et magie en Afrique noire, Paris, Fayard, 1972 .
Lanval, Marc: Les mutilations sexuelles dans les religions anciennes et modernes, Le Rouge et le Noir, Paris; La Laurier, Bruxelles, 1936 .
Larue, Gerald: Religious traditions and circumcision, Second international symposium on circumcision, San Francisco, 30 April - 3 May 1991 (from the homepage of NOCIRC) .
Laufer, Ines: Das ist eben eine andere Kultur, da kannst du dich sowieso nicht einmischen, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 105-110 .
Laumann, E. O. (et al.): Circumcision in the United States: prevalence, prophylactic effects, and sexual practice, JAMA 1997; 277, p. 1052-1057 .
Le cas Galilée: «le douloureux malentendu appartient désormais au passé», Documentation catholique, 20 déc. 1992, no 2062, p. 1062-1072 .
Le Talmud de Jérusalem, trad. Moïse Schwab, Maisonneuve et Larose, Paris, 1977 .
Leben und Offenbarungen der wiener Begine Agnes Blannbekin, Edition und Uebersetzung von Dinzelbacher, Peter & Vogeler, Renate, Kümmerle Verlag, G?ppingen, 1994 .
Lefeuvre, Martine: Le devoir d'excision, La Revue du Mauss, 1988, no 1, p. 65-95.
Les conciles oecuméniques, Tome I: l'histoire, Tome II, 1 et 2: les décrets, Cerf, Paris, 1994 .
Les mutilations sexuelles féminines et leur abolition: une lutte africaine, Sentinelles, Lausanne, 1987 .
Leslau, Wolf: Coutumes et croyances des Falachas (Juifs d'Abyssinie), Institut d ' Ethnographie, Paris, 1957 .
Lewis, Joseph: In the name of humanity, Eugenics publishing Company, New York, 1949 .
Leye, Els: The struggle against female genital mutilation/female circumcision: the European experience, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 113-129.
Liberles, Robert: Religious conflict in social context, the resurgence of orthodox judaism in Frankfurt am Main, 1838-1877, Greenwood Press, Westport, 1985 .
Lightfoot-Kelin, Hanny: Similarities in attitudes and misconceptions about male and female sexual mutilations, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 131-135 .
Lightfoot-Klein, Hanny: Prisoners of rituals, an odyssey into female genital mutilation in Africa, Harrington Park Press, New York; London, 1989 .
Lightfoot-Klein, Hanny: Weibliche Genitalverstümmelung unter afrikanischen Einwanderinnen - Gedanken zu einem besseren Verst?ndnis, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 99-104 .
Lightfoot-Klein, Hanny; Chase, Cheryl; Hammond, Tim; Goldman, Ronald: Genital surgery on children below the age of consent, in Szuchman, Leonore T.; Muscarella, Frank (editors): Psychological perspectives of human sexuality, John Wiley; Sons, New York, 2000, p. 440-478 .
Lilith, Encyclopaedia judaica, Keter publishing House, Jerusalem, vol. 11, 1971, col. 245-249 .
Linder, Amnon: The Jews in the legal sources of the early middle ages, Wayne State University Press, Detroit, 1997 .
Lindsey, Dennis Gordon: Harmony of science and Scripture, vol. II, Christ for the Nations, Dallas, 1994.
Llewellyn, David J.: Some thoughts on legal remedies, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 471-483 .
Loir, A.: La circoncision chez les indigènes israélites et musulmans de Tunis, Revue tunisienne, 1900, 7ème année, janvier 1900, no 25, p. 54-61 .
Lorenzoni, Piero: Histoire secrète de la ceinture de chasteté, Zulma, s.l., 1994 .
Lünsmann, Gabriela: Drohende Genitalverstümmelung - (k)ein Asylgrund? in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 219-221 .
Luther, Martin (died 1546): Oeuvres, Labor et Fides, Genève, tomes 2-1966, 4-1958, 9-1961, 11-1983, 12-1985, 15-1969 et 16-1972 .
Maertens, Jean-Thierry: Le corps sexionné, essai d'anthropologie des inscriptions génitales, avec la collaboration de Marguerite Debilde, Aubier Montaigne, Paris, 1978 .
Maïmonide, Moïse (died 1204): Le guide des égarés, Verdier, Lagrasse, 1979 .
Maïmonide, Moïse (died 1204): Le livre de la connaissance, trad. V. Nikiprowetzky et A. Zaoui, Quadrige & PUF, Paris, 1961.
Malek b. Anas (died 795): Al-Muwatta', narrated by Yahya b. Yahya b. Kathir [Arab and English translation], rendered to English by F. Amira Zrein Matraji, Dar al-fikr, Beirut, 1994 .
Mantovani, Piera Arata: Circoncisi ed incirconcisi, Henoch, vol. 10, 1988, p. 51-68 .
Markuze, Keren: Negev Bedouin say it's a women's issue, Jerusalem Post, 1st August 1996, p. 7 .
Martial (died v. 104): Epigrammes, Belles Lettres, Paris, 1973 .
Marx, Emanuel: Circumcision feasts among the Negev Bedouins, in Middle East Studies, 4, 1973, p. 411-427 .
Marx, Jean L.: Circumcision may protect against the AIDS virus, Science 1989, 248, p. 470-471 .
Matter of Kasinga, Board of immigration appeals, Interim decision 3278, 13 June 1996, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the bibliography), p. 213-234 .
McGrath, Ken: The frenular delta: a new preputial structure, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 199-206.
McGrath, Ken; Young, Hugh: A review of circumcision in New Zealand: I never liked doing them and I was pleased to give them up, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 129-146.
McMillen, S. I. M.: None of these diseases, revised, updated and expanded by David E. Stern, Revell, Grand Rapids (MI), 15th printing, 1995 .
McNamara, Dennis: Welcome and Introduction, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the bibliography), p. 5-6 .
Mehra, L.: The World health organization (WHO)'s position on FGM, in Gallo; Viviani: Female genital mutilation: a public health (see the bibliography), p. 31-48 .
Meinardus, Otto F. A.: Christian Egypt: faith and life, The American University in Cairo Press, Cairo, 1970 .
Menage, Janet: Post-traumatic stress disorder after genital medical procedures, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 215-219 .
Menuhin, Moshe: La saga des Menuhin, autobiographie de Moshe Menuhin, Payot, Paris, 1986 .
Mestiri, Saïd: Abulcassis, Abulqacim Khalef Ibn Abbès Az-Zahraoui, grand maître de la chirurgie arabe, Arcs Editions, Tunis, 1997 .
Miller, Alice: Banished knowledge, facing childhood injuries, Doubleday, New York, 1990 .
Mohl, P. C. (et al.) Prepuce restoration seekers, psychiatric aspects, Arch Sex Behav 1981, 10, p. 383-393 .
Money, J.; Davison, H.: Adult penile circumcision: erotosexual and cosmetic sequelae, Journal of sex research, 19, 1983, p. 289-92 .
Montagu, Ashley: Mutilated humanity, Second international symposium on circumcision, San Francisco, 30 April - 3 May 1991 (from the homepage of NOCIRC).
Morgan, William: The rape of the phallus, Journal of the American Medical Association, 193, 1965, p. 223-234 .
Moses, S. (et al.): Male circumcision assessment of health benefits and risks, Sex Transm Inf, 1998, 74, p. 368-373 .
Moss, Lisa Braver: A Jewish Inquiry, Midstream, January 1992, p. 20-23 .
Moss, Lisa Braver: The Jewish roots of anti-circumcision arguments, Second international symposium on circumcision, San Francisco, 30 April - 3 May 1991 (from the homepage of NOCIRC) .
Mueller, E. R. (et al.): The incidence of genitourinary abnormalities in circumcised and uncircumcised boys presenting with an initial urinary tract infection by 6 months of age (abstract), Pediatrics, 1997, 100, p. 580 .
Mutilations sexuelles féminines, dossier d'information, Organisation mondiale de la santé, 1994 .
Nadel, S.: The Nuba: an Anthropological study of the hill tribes in Kordofan, Geoffrey Cumberlege, Oxford University Press, London, 1947 .
Nefzaoui, Sceicco (died 1324): Il giardino profumato, in I capolavori della letteratura erotica, Alberto Peruzzo editore, Sesto San Giovanni, s.d., p. 179-371 .
Niswander, Dennis: Silence = mutilation, www.noharmm.org/silence.htm .
Nous protégeons nos petites filles, Ministère du travail et des affaires sociales, [Paris], octobre 1996 .
Odent, Michel: Learned helplessness a concept of the future, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 121-124 .
Odundan, Olu; Onadeka, Modupe: L'excision ou la circoncision féminine au Nigeria, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 101-111 .
Ogata, Sadoko: Foreword, UNHCR Symposium on gender-based persecution (see the bibliography), p. 1-2 .
O'Hara, K.; O'Hara, J.: The effect of male circumcision on the sexual enjoyment of the female partner, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 79-84 .
Ombolo, Jean-Pierre: Les mutilations sexuelles en Afrique noire, polycopié, Yaoundé, 1981 .
Origène (died 254 ): Homélie sur la Genèse, Cerf, Paris, 1985 .
Ossoukine, Abdelhafid: La circoncision et l'excision: deux cas d'anthropologie juridique appliquée, Polycopié, Oran, 1995 .
?ster, Jakob: Further fate of the foreskin: incidence of preputial adhesions, phimosis, and smegma among Danish schoolboys, Arch Dis Child, 1968, 43, p. 200-203 .
Pang, Myung-Geol; Kim, Sae Chul; Kim, Daisik: Male circumcision in South Korea: history, statistics, and the role of doctors in creating a circumcision rate of over 100%, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 61-82.
Parvati Baker, Jeannine: The wound reveals the cure a Utah model for ending the cycle of sexual mutilation, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 179-183 .
Parvati Baker, Jeannine: Unifying language: religious and cultural considerations, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 195-200 .
Peterson, Shane E.: Assulted and mutilated: a personal account of circumcision trauma, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 271-290.
Peyrefitte, Roger: Les clés de Saint Pierre, Flammarion, Paris 1955 .
Philipson, David: The reform movement in Judaism, Ktav Publishing House, New York, 1967 (reprint) .
Philon d'Alexandrie (died 54): De migratione Abrahami, trad. J. Cazeaux, Cerf, Paris, 1965 .
Philon d'Alexandrie (died 54): De specialibus legibus, I-II, trad. S. Daniel, Cerf, Paris, 1975 .
Philon d'Alexandrie (died 54): Quaestiones et solutiones in Exodum, trad. A. Terian, Cerf, Paris, 1992 .
Philon d'Alexandrie (died 54): Quaestiones et solutiones in Genesim, III-VI, trad. Charles Mericer, Cerf, Paris, 1984 .
Platon (died ca 348 B.C): Le banquet, Le livre de Poche, Paris, 1979 .
Platon (died ca 348 B.C): Timée, Garnier-Flammarion, Paris, 1969 .
Plutarque (died ca. 125): Oeuvres morales, tome V, 2ème partie, Isis et Osiris, Belles Lettres, Paris, 1988 .
Pollack, Miriam: Circumcision: a jewish feminist perspective, in Jewish women speak out, expanding the boundaries of psychology, edited by Kayla Weiner and Arinna Moon, Canopy Press, Seattle, 1995, p. 171-185 .
Pollack, Miriam: Redefining the sacred, in Denniston, George C. & Milos, Marilyn Fayre (editors): Sexual mutilations a human tragedy, Plenum Press, New York and London, 1997, p. 163-173 .
Pouillon, Jean: Une petite différence? in Bettelheim, Bruno: Les blessures symboliques, essai d'interprétation des rites d'initiation, Gallimard, Paris, 1971, p. 235-243 .
Poulter, Sebastian: English law and ethnic minority customs, Butterworths, London, 1986 .
Prescott, James W.: Genital Pain vs. Genital Pleasure: Why The One and Not The Other?, The Truth Seeker , July/August 1989, 1, p. 14-21 .
Prescott, James W.: The Ashley Montagu resolution to end the genital mutilation of children worldwide, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 217-220 .
Price, Christopher: Male circumcision: an ethical and legal affront, Bulletin of Medical Ethics Number 128, May 1997. (see in www.cirp.org/library/legal/price/).
Price, Christopher: Male non-therapeutic circumcision: the legal and ethical issues, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 425-454 .
Provera, Mario E.: Il vangelo arabo dell'infanzia secondo il Ms. laurenziano orientale no 387, Franciscan Printing Press, Jerusalem, 1973 .
Queensland law reform commission: Consent to medical treatment of Young people, discussion paper WP44, May 1995 .
Rabello, Alfredo Mordechai: Giustiniano, Ebrei e Samaritani alla luce delle fonti storico-letterarie, ecclesiastiche e giuridiche, Giuffrè, Milano, 1988 .
Rabello, Alfredo Mordechai: The ban on circumcision as a cause of Bar Kokhba's rebellion, Israel Law Review, vol. 29, 1-2, 1995, p. 176-214 .
Rachewiltz, Boris de: Eros noir, moeurs sexuelles de l'Afrique de la préhistoire à nos jours, Terrain vague, Paris, 1993 .
Rahman, Anika; Toubia, Nahid: Female genital mutilation: a guide to laws and policies worldwide, Zed Book, London and New York, 2000.
Ramos, Samuel; Boyle, Gregory J.: Ritual and medical circumcision among Filipino boys: evidence of post-traumatic stress disorder, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 253-270.
Rapport de la Conférence régionale sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Addis Abeba, 19-24 nov. 1990 .
Rapport du séminaire régional sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Addis Abeba, 6-10 avril 1987 .
Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, Sénégal, 6-10 février 1984 .
Ras-Work, Berhane: Female genital mutilation, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 137-152 .
Ras-Work, Berhane: L'excision: propositions d'éradication, Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles ayant effet sur la santé des femmes et des enfants en Afrique, Dakar, 6-10 février 1984, p. 74-85 .
Rathmann, W. G.: Female circumcision, indications and a new technique, in General Practitioner (Kansas City, MO), vol. 20, no 3, September 1959, p. 115-120 .
Richter, Gritt: Terre des femmes: Aktiv gegen weibliche Genitalverstümmelung, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 114-120 .
Rickwood, A. M. K.: Medical indications for circumcision, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 45-51 .
Ritter, Thomas J.: Say no to circumcision, foreword by Ashley Montagu, Hourglass, Aptos, 1992 .
Rizvi, S. A. H. (et al.): Religious circumcision: a Muslim view, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 13-16 .
Romberg, Henry C.: Bris Milah, a book about the Jewish ritual of circumcision, Feldheim, Jerusalem and New York, 1982 .
Romberg, Rosemary: Circumcision and the Christian Parent, s.l., s.d .
Romberg, Rosemary: Circumcision, the painful dilemma, Bergin; Garvey Publishers, Massachusetts, 1985 .
Rosner, Fred: Sex ethics in the writings of Moses Maimonides, Bloch publishing, New York, 1974 .
Rosner, Fred: Sex ethics in the writings of Moses Maimonides, Bloch publishing, New York, 1974 .
Rothenberg, Joshua: The Jewish religion in the Soviet Union, Ktav Publishing House, New York, 1971 .
Rothenberg, Moshe: Ending circumcision in the Jewish community?, Second international symposium on circumcision, San Francisco, April 30-May 3, 1991 (from the homepage of NOCIRC).
Saintyves, P.: Les reliques et les images légendaires, Mercure de France, Paris, 1912 .
Sanderson, Lilian Passmore: Against the mutilation of women, the struggle to end unnecessary suffering, Ithaca Press, London, 1981 .
Sarkis, Marianne M.: Activism on the world wide web: the role of the internet in the dissemination of circumcision-related information, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 351-356 .
Sasson, Jean P.: Sultana, traduit par M.-T. Cuny, Fixot, Paris, 1993 .
Saurel, Renée: Bouches cousues: les mutilations sexuelles féminines et le milieu médical, Tierce, Paris, 1985 .
Schnüll, Petra: Einleitung, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 13-18 .
Schnüll, Petra; Terre des Femmes (Hrsg.): Weibliche Genitalverstümmelung eine Fundamentale Menschenrechtsverletzung, Textsammlung, Terre des femmes, G?ttingen, 1999 .
Schoen, E. J.: Benefits of newborn circumcision: is Europe ignoring medical evidence? Arch Dis Child, 1997, 1997, p. 258-260.
Schoen, E. J.: Is it time for Europe to reconsider newborn circumcision? Acta Paediatrica Scandinavica, 1991, 80, p. 573-574 .
Schoen, E. J.: The relationship between circumcision and cancer of the penis, CA Cancer J Clin, 1991, 41, p. 306-309 .
Schoen, E. J.: The status of circumcision of newborns, N Engl J Medical 1990, 322, p. 1308-1312 .
Schultheiss, Dirk: The history of foreskin restoration, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 285-294 .
Scott, Steve: The anatomy and physiology of the human prepuce, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision ( see in the bibliography), p. 9-18 .
Serhane, Abdelhak: L'amour circoncis, Editions Eddif, Casablanca, 3ème édition, 1998 .
Shame on TVO, The Canadian Jewish News, 17 October 1996 .
Shapiro, Garry R.: Letter to the author dated 9 August 1994 .
Shaye, J. & Cohen, D.: Why aren't Jewish women circumcised? Gender & History, vol. 9, no. 3, November 1997, p. 560-579 .
Shechet, Rabbi Jacob: Letter to the editor, The Jewish Reporter (Las Vegas, Nevada), 24 January 1997 .
Sidibe, Binta: Meine pers?nliche Erfahrung mit weiblicher Genitalverstümmelung, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 68-72 .
Siegel, Judy: Baby recovers from brit mila amputation, dans: Jerusalem Post, 14 août 2000 (sur internet).
Siegel, Judy: Baby's penis reattached after botched circumcision, dans: British Medical Journal, vol. 321, 2 septembre 2000, p. 529.
Simonsen, J. N. (et al.): Human immunodeficiency virus infection among men with sexually transmitted diseases: experience from a center in Africa, N Engl J Med, 1988, 319, p. 274-278 .
Singer, Raymond: Private letter to Natalie Bivas, from Sante Fe, New Mexico, 17 February 1992 .
Smallwood, E. Mary: The legislation of Hadrian and Antonius Pius against circumcision, Latomus, Tome XVIII, 1959, p. 334-96 .
Snyder, L. James: The doctor as expert withness in United States courts, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 485-494 .
Somerville, Margaret, A.: Respect in the context of infant male circumcision: can ethics and law provide insights?, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 413-424 .
Somerville, Margaret: Medical intervention and the criminal law: lawful or excusable wounding? McGill Law Journal, 1980, 26(1), p. 82-86 .
Sonnen, Johannes: Die Beduinen am See Genesareth, K?ln, 1952 .
Sophocle: Oedipe roi, Editions du Félin, Paris, (s.d.).
Sorrells, Morris L.: The history of circumcision in the United States: a physician's perspective, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision ( see in the bibliography), p.331-338 .
Soubhy, Saleh: Pèlerinage à la Mecque et à Médine, Imprimerie nationale, Le Caire, 1894 .
Sperlich, Betty Katz and Conant, Mary: A handbook for R.N. conscientious objectors to infant circumcision, a guide for nurses, Santa Fe, (s.d.).
Sperlich, Betty Katz and Conant, Mary: Facing circumcision: eight physicians tell their stories, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 273-274 .
Sperlich, Betty Katz; Conant, Mary; Hodges, Frederick: R. N. Conscientious objectors to infant circumcision: a model for nurse empowerment, Revolution, the journal of nurse empowerment, spring 1996, p. 86-88 .
Spinosa (died 1677): Traité théologico-politique, traduction et notes par Charles Appuhn, Garnier-Flammarion, Paris, 1965 .
Spock, Benjamin: Circumcision, it is not necessary, Redbook magazine, April 1989.
Spock, Benjamin: Letter to Editor, Moneysworth, vol. 5, no 5, March 29, 1976, p. 12 .
Steinberg, Leo: La sexualité du Christ dans l'art de la rennaissance et son refoulement moderne, préface d'André Chastel, Gallimard, Paris, 1987 .
Stengers, Jean; Van Neck, Anne: Histoire d'une grande peur: la masturabation, Editions de l'université de Bruxelles, Bruxelles, 1984 .
Storia della cintura di castità (autore incerto), Colonnese Editore, Napoli, 1989, Edizione condotta su quella romana del 1893 .
Strabon (died 21 or 25 A.D.): Géographie de Strabon, trad. par Amédée Tardieu, vol. 3, Hachette, Paris, 1909 .
Svoboda, J. Steven: Attaining international acknowledgment of male genital mutilation as a human rights violation, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 455-469 .
Svoboda, J. Steven: Routine infant male circumcision, examining the human rights and constitutional issues, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 205-215 .
Svoboda, J. Steven: The limits of the law: comparative analysis of legal and extralegal methods to control child body mutilation practices, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 297-366.
Sylla, Abdou: Pratiques mutilantes et féminité: questions d'esthétiques de la femme africaine, Bulletin de l'Institut fondamental d'Afrique Noire, Série B. Sciences humaines, Dakar, 1986-87, tome 46, no 3-4, p. 305-342 .
Taha, A. H.: Female circumcision, Traditional practices affecting the health of women and children, Report of a Seminar, Khartoum, 10-15 February 1979, p. 43-52 .
Tangwa, Godfrey B.: Circumcision, an african point of view, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 183-193 .
Taylor, J. R.(et al.): The prepuce specialized mucosa of the penis and its loss to circumcision, British Journal of Urology, 1996, 77, p. 291-295 .
Terre des Hommes: Les mutilations sexuelles féminines infligées aux enfants, complément, Terre des Hommes, Lausanne, mars 1979 .
Terre des Hommes: Les mutilations sexuelles féminines infligées aux enfants, Conférence de presse de Terre des Hommes, Genève, 25 avril 1977 .
Tertullien (died v. 220 A.D.): Le mariage unique (de monogamia), trad. Paul Mattei, Cerf, Paris, 1988 .
The abolition of circumcision by Israel, in The Messiah's Advocate, October 1997, p. 6-9 .
The Ashley Montagu commemorative resolution to bring an end to the genital mutilations of children worldwide, San Diego's Humanism in Action, May 1995, p. 1-8 .
The book of legends, sefer Ha-Aggadah, legends from the Talmud and Midrash, edited by H. N. Bilaik & Y. H. Ravnitzky, traslated by W. G. Braude, Schocken Books, New York, 1992 .
The book of the dead, the papurus of Ani in the British museum, transl. E. A. Wallis Budge, British museum, 1895.
The Gospel of Barnabas, edited and translated by Lonsdale and Laura Ragg, Clarendon Press, Oxford, 1907, reprint by Al-Kitab, Lahore, 1981, and Ministry of awqaf and islamic Affairs, Doha, 1996 .
The Midrash rabbah, Soncino Press, London, Jerusalem, New York, 1977 .
The Mishnah, a new translation by Jacob Neusner, Yale University Press, New Haven & London, 1988 .
The Talmud of Babylonia: an Amercian translation. Translated by Jacob Neusner, Scholars Press, Atlanta, 1993 .
The Talmud of the Land of Israel, translated by Jacob Neusner, The University of Chicago Pres, Chicago & London, 1991 .
The U. N. Convention on the rights of the Child, a guide to the «Travaux préparatoires», Martinus Nijhoff Publishers, London, 1992 .
Thesiger, Wilfred: Arabian Sands, Longmans, London, 1959 .
Thiam, Awa: La parole aux négresses, Denoël, Paris, 1978 .
Third regional conference on traditional practices, Addis Ababa, 11-15 april 1994 .
Thomas d'Aquin (died 1274): Somme théologique, Cerf, Paris, volumes 2-1984, 3-1986 et 4-1986 .
Tishby, Isaiah: The wisdom of the zohar, an anthology of texts, transl. by David Goldstein, Oxford University Press, Oxford, 1989 .
Toualbi, Noureddine: La circoncision blessure narcissique ou promotion sociale, SNED, Alger, 1975 .
Toubia, Nahid F: Evolutionary cultural ethics and the circoncision of children, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 1-7 .
Toubia, Nahid: Verstümmelung ist kein Massstab für meinen Wert, meine Ethik oder meinen Stolz, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 77-80 .
Touré, Abdou: L'Afrique traditionnelle savait éduquer ses enfants mais l'Occident est venu et tout s'est effondré, Le Temps Stratégique, no 79, janvier/février 1998, p. 12-28 .
Trachtenberg, Joshua: Jewish magic and superstition, a study in folk religion, Behrman's jewish book house, New York, 1939 .
Tractenberg, Moisés: Psychoanalysis of circumcision, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 209-214 .
Traditional practices affecting the health of women and children, Report of a Seminar, Khartoum, 10-15 February 1979 .
Travis, John W.: Circumcision as a component of the normative abuse of children: introducing the proclamation for transforming the lives of children, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 367-376.
Turner, J. Neville: Doctors, be warned: circumcise today, and you could be sued tomorrow, in Denniston; Hodges; Milos: Understanding circumcision (see in the bibliography), p. 291-296.
UNHCR Symposium on gender-based persecution, Geneva, 22-23 February 1996, International Journal of Refugee Law, Special Issue, Autumn 1997 .
Van Howe, Robert S. (et al.): Involuntary circumcision: the legal issues, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 63-73 .
Van Howe, Robert S.: Anaesthesia for circumcision, a review of the literature, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 67-97 .
Van Howe, Robert S.: Does circumcision influence sexually transmitted diseases?: a litterature review, BJU International, vol. 83, suppl. 1, Janurary 1999, p. 52-62 .
Van Howe, Robert S.: Neonatal circumcision and HIV infrection, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 99-129 .
Van Howe, Robert S.: Peer-Review bias regarding circumcision in American medical publishing: subverting the dominant paradigm, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 357-378 .
Van Howe, Robert S.: Why does neonatal circumcision persist in the United States?, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 111-119 .
Vatsyayana, Mallanaga: Kamasutra, codice indiano dell'amore, I capolavori della letteratura erotica, Alberto Peruzzo editore, Sesto San Giovanni, s.d .
Verdoodt, Albert: Naissance et signification de la Déclaration universelle des droits de l'homme, Warny, Louvain, 1964 .
Vergiat, A. M.: Les rites secrets des primitifs de l'Oubangui, Payot, Paris, 1951 .
Verroust, Jacques (et. al.): Le cochon: histoire, symbolique et cuisine du porc, Sang de terre, Paris, 1987 .
Verwaltungsgericht Magdeburg, 1. Kammer, I A 185/95, 20.6.1996, in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 213-218 .
Vincent, Bernard: Les Morisques et la circoncision, Actes du 2ème symposium international du CIEM sur religion, identité et sources: documentaires sur les Morisques andalous, 2ème tome, Publications de l'Institut supérieur de documentation, no 4, Tunis, 1984 .
Volkov, Nikolaï: La secte russe des castrats, traduit par Zoé Andreyev, précédé de communistes contre castrats par Claudio Sergio Ingerflom, Belles lettres, Paris, 1995 .
Voltaire: Oeuvres complètes, Garnier, Paris, 1877 .
Walden, William D.: Letter to the Editor, Playgirl, vol. 3, no. 5, Oct. 1975. p. 6 .
Wallerstein, Edward: Circumcision and anti-semitism: an update, Humanistic Judaism, vol. 11, no 4, Winter 1983, p. 43-46 .
Wallerstein, Edward: Circumcision: an American health fallacy, Springer Publishing, New York, 1980 .
Warner, E.; Strashin, E.: Benefits and risks of circumcision, Can Med Assoc J 1981, 125, p. 967-977 .
Warren, John P.: Foreskin restoration (circumcision reversal), in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 303-309 .
Warren, John P.: Norm UK and the medical case against circumcision, a British perspective, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 77-83 .
Weiss G. N.; Weiss, E. B.: A perspective on controversies over neonatal circumcision, Clin Pediatr Phila, 1994, 33, p. 726-730.
Wesch, Ulrike: Asili Barre-Dirie: «Ich m?chte das Selbstbewusstsein der Frauen st?rken», in Schnüll; Terre des Femmes: Weibliche Genitalverstümmelung (see in the bibliography), p. 91-98 .
Wiswell, T. E. (et al.): Declining frequency of circumcision: implications for changes in the absolute incidence and male to female sex ratio of urinary tract infections in early infancy, Pediatrics, 1987, 79, p. 338-342 .
Wiswell, T. E.: Circumcision - an update, N Engl. Med 1997, 336, p. 1244-1245 .
Wiswell, T. E.: Circumcision circumspection, Curr Probl Pediatr 1992, 22, p. 424-31 .
Wiswell, T. E.: Routine neonatal circumcision: a reappraisal, American family physician 1990, 41, p. 859-63 .
Wolbarst, Abraham L.: Circumcision and penile cancer, Lancet 1932, 1, p. 150-153.
Wollman, Leo: Female Circumcision, Journal of the American Society of Psychosomatic Medicine and Dentistry, vol. 20, no. 4, 1973, p. 130-131 .
Zajde, Nathalie: Portrait de groupe avec circoncision, Nouvelle revue d'Ethnopsychiatrie, no 18, 1991, p. 57-67 .
Zighelboim, Ari: Guns and penises, Dear Camille, Column, People, 12 May 1999 .
Zoltie, N.: Suffer little children? BMA News Review: The voice of doctors, August 1998, p. 22 .
Zoossmann-Diskin, Avshalom; Blustein, Raphi: Challenges to circumcision in Israel: the Israeli association against genital mutilation, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 343-350 .
Zwang, Gérard: Functional and erotic consequences of sexual mutilations, in Denniston; Milos: Sexual mutilations a human tragedy (see in the bibliography), p. 67-76 .
Zwang, Gérard: Histoire des peines de sexe, Maloine, Paris, 1994 .
Zwang, Gérard: La fonction érotique, Editions Robert Laffont, Paris 3ème édition, vol 3, supplément, 1978 .
Zwang, Gérard: Les mutilations sexuelles féminines, techniques et résultats, Les mutilations sexuelles féminines infligées aux enfants, Terres des Hommes, Conférence de presse, Genève, 25 avril 1977 .
Zwang, Gérard: Motivations for modifications of the human body, in Denniston; Hodges; Milos: Male and female circumcision (see in the bibliography), p. 201-207 .
Zwang, Gérard: Sexologie, Masson, Paris, 5ème édition, 1998.
[1] هذا النص قسم من كتاب إبن قيّم الجوزيّة: تحفة المودود بأحكام المولود، الذي نشرته دور نشر عربيّة كثيرة. أنظر قائمة المراجع.
[2] إبن ماجة: ح 608، واصله عند مسلم.
[3] البخاري: ح 3356، مسلم: ح 2370.
[4] البيهقي: 8/225.
[5] رواه البخاري في الأدب المفرد، ح 1250. قصص الأنبياء لابن كثير، 167.
[6] تهذيب تاريخ دمشق 2/149. كشف الخفاء 1/313.
[7] أحمد 5/421، الترمذي: ح 1080.
[8] البخاري في كتاب اللباس باب تقليم الأظافر: ح 5891. مسلم: في كتاب الطهارة باب خصال الفطرة: ح 257.
[9] أحمد: 4/264، إبن ماجة: ح 294. والبراجم: عقد الأصابع.
[10] أحمد: 3/415.
[11] أبو داوود: ح 356.
[12] كنز العمّال: ح 45310.
[13] أحمد: 5/75.
[14] النسائي: عمل اليوم والليلة ح 3.
[15] أحمد: 4/366، والترمذي: ح 2762.
[16] البخاري: ح 5063، مسلم: ح 1401.
[17] أحمد: 4/16، 127، الترمذي: ح 2676.
[18] أحمد: 4/366، والترمذي: ح 2762.
[19] البخاري: ح 6299.
[20] البخاري ح 76، مسلم ح 504.
[21] البيهقي: 8/324 و326.
[22] البيهقي: 8/324 و326.
[23] ميزان الإعتدال: 2/65 و3/567.
[24] أبو داوود: ح 5271.
[25] أبو داوود: ح 5271.
[26] أبو داوود: ح 4586، والنسائي: ح 483، وإبن ماجة: ح 3466.
[27] مسلم: ح 1377.
[28] الاستيعاب: 1/15، الجامع الكبير: 2/461، المعجم الصغير للضبراني: 2/59.
[29] المصدر السابق.
[30] الاستيعاب: 1/51.
[31] هذا النص باب من كتاب نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار للشوكاني. ويجد القارئ بين قوسين {...} الحديث الذي يتبعه تعليق الشوكاني. وقد إعتمدنا هنا على طبعة دار الكتب العلميّة، بيروت، دون تاريخ، جزء أول، ص 111-114، وعلى طبعة دار الجيل، بيروت، دون تاريخ، جزء أول، ص 137-141.
[32] الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد الثاني، القاهرة، 1981، ص 449. صدرت هذه الفتوى في أول شعبان 1368 هـ - 28 مايو 1949.
[33] الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد السادس، القاهرة 1982، ص 1985-1986. صدرت هذه الفتوى في 19 رمضان 1970 هـ - 23 يونيو 1951.
[34] الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد التاسع، القاهرة 1983، ص 3199-3125. صدرت هذه الفتوى في 23 ربيع الأول 1401 هـ - 29 يناير 1981.
[35] متّفق عليه - البخاري في كتاب بدء الخلق وفي باب الختان في كتاب الاستئذان - ومسلم في باب فضائل إبراهيم - في كتاب الفضائل.
[36] متّفق عليه - شرح السُنّة للبغوي جـ 12 ص 109 باب الختان.
[37] في المجموع جـ 1 ص 284.
[38] هامش شرح السُنّة للبغوي جـ 2 ص 110 في باب الختان.
[39] الإختيار شرح المختار للموصلي جـ 2 ص 121 في كتاب الكراهيّة.
[40] جـ 1 ص 297 من المهذّب للشيرازي وشرحه المجموع للنووي.
[41] المغني لإبن قدامة جـ 1 ص 70 مع الشرح الكبير.
[42] الإفصاح عن معاني الصحاح ليحيى بن هبيرة الحنبلي جـ 1 ص 206.
[43] نيل الأوطار للشوكاني جـ 1 ص 113.
[44] في نيل الأوطار جـ 1 ص 113.
[45] الإختيار شرح المختار جـ 2، ص 121.
[46] المراجع السابقة.
[47] زاد المسلم فيما إتّفق عليه البخاري ومسلم جـ 1 ص 302.
[48] صدرت هذه الفتوى في كتيّب كهدية مجانية ملحقة بمجلّة الأزهر لشهر جمادى الأولى 1415 هـ (أكتوبر 1994). وكان الشيخ جاد الحق عند إبدائه هذه الفتوى شيخاً للأزهر وبقي في هذا المنصب حتى وفاته في مارس 1996. هذه الفتوى تأخذ حرفياً بما جاء في الفتوى السابقة وتضيف عليها عناوين الفقرات وفقرات أخرى. وهذه الفتوى مسبوقة بمقدّمة كتبها د. علي أحمد الخطيب، رئيس تحرير مجلّة الأزهر. ومن المعروف إن هذه الفتوى صدرت بعد بث التلفزيون الأمريكي حادثة ختان بنت في القاهرة.
[49] لسان العرب والمصباح المنير مادّة (ختن).
[50] لسان العرب والمصباح المنير مادّة (عذر).
[51] متّفق عليه - البخاري في كتاب بدء الخلق وفي باب الختان في كتاب الاستئذان - ومسلم في باب فضائل إبراهيم - في كتاب الفضائل.
[52] متّفق عليه - شرح السُنّة للبغوي جـ 12 ص 109 باب الختان.
[53] في المجموع جـ 1 ص 284.
[54] في كتابه (تحفة المودود) هامش شرح السُنّة للبغوي جـ 2 ص 110 في باب الختان.
[55] الإختيار شرح المختار للموصلي جـ 2 ص 121 في كتاب الكراهيّة.
[56] جـ 1 ص 297 من المهذّب للشيرازي وشرحه المجموع للنووي.
[57] المغني لابن قدامة جـ 1 ص 70 مع الشرح الكبير.
[58] الإفصاح عن معاني الصحاح ليحيى بن هبيرة الحنبلي جـ 1 ص 206.
[59] هذا الحديث رواه أبو داوود في السُنَن وأعلّه بمحمّد بن حسّان فقال عنه: إنه ضعيف - أنظر في هذا المنّاوي جـ 1 ص 216، وسُنَن أبي داوود جـ 5 ص 421 تحقيق عزّت دعّاس، ونيل الأوطار للشوكاني جـ 1 ص 113، ومجمع الزوائد جـ 1 ص 884. وقد ورد الحديث أيضاً في مختصر سُنَن أبي داوود للحافظ المنذري ومعالم السُنَن للخطابي وفي تهذيب الإمام إبن قيّم جـ 8 ص 116 بطريق آخر وقال عنه أبو داوود ليس بالقوي. وفي تحفة المودود بأحكام المولود لإبن قيّم ص 193 إن هذا الحديث رواه الإمام أحمد عن أم عطيّة. وأخرجه الحاكم في المستدرك جـ 3 ص 525 عن الضحّاك بن قيس، وسكت عنه الحاكم والذهبي. وفي هامش كتاب إحياء السُنّة وإخماد البدعة ص 263 تحقيق وتعليق أحمد عبد الله باجور ط ثانية الأزهر الشريف قال: وأخرجه السيّوطي في الجامع الصغير أولى برقم 279 سنة 1406 هـ - 1985 رواية الطبراني والحاكم عن الضحّاك بن قيس وأشار إليه بعلامة الصحّة. وللحديث شواهد أخرى تقوّيه فقد جاء في فتح الباري للحافظ بن حجر شرح صحيح البخاري جـ 10 ص 263 عقب نقله قول أبي داوود عن هذا الحديث - ليس بالقوي، قلت وله شاهدان من حديث أنس ومن حديث أم أيمن عن أبي الشيخ في كتاب العقيقة وآخر عن الضحّاك بن قيس عند البيهقي. ويشهد له حديث (خمس من الفطرة) المتّفق عليه بتفسير الفطرة بالمعنى المتقدّم. وحديث إذا إلتقى الختانان وجب الغسل - قال الإمام أحمد وفي هذا إن النساء كن يختتن - كما في تحفة المودود لإبن قيّم ص 192.
[60] نيل الأوطار للشوكاني جـ 1 ص 113.
[61] رواه البخاري 10/295 في اللباس، باب تقليم الأظفار، ومسلم برقم 257 في الطهارة باب خصال الفطرة، وأنظر ص 160 في تحفة المودود بأحكام المولود لإبن قيّم، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري جـ 10 ص 262 ط الخيريّة 1325 هـ، ونيل الأوطار للشوكاني، جـ 1، ص 109.
[62] في نيل الأوطار جـ 1 ص 113 ومثله في فتح الباري شرح البخاري جـ 10 في الحديث عن الفطرة وتفسيرها وخصالها ص 262 و263 ط الخيريّة سنة 1325 هـ.
[63] الإختيار شرح المختار ص 121 جـ 2.
[64] المجموع جـ 1 ص 298، 299، 301، وقليوبي وعميرة جـ 4 ص 11 وفتح الباري جـ 10 ص 341، وكشاف القناع جـ 1 ص 801، والمنتقى جـ 7 ص 232.
[65] الإختيار شرح المختار للموصلي جـ 2 ص 121.
[66] المجموع جـ 1 ص 302، الخرشي جـ 3 ص 48، البداية جـ 1 ص 273، كشّاف القناع جـ 1 ص 85.
[67] أنظر الهامش الخاص بهذا الحديث سابقاً.
[68] أخرجه البيهقي جـ 8 ص 324 - وفي إسناده راو متكلّم فيه - وقد أورد الذهبي من مناكيره هذا الحديث- وفي نيل الأوطار للشوكاني «إن النبي (ص) ختن الحسن والحسن يوم السابع من ولادتهما».
[69] حاشية إبن عابدين جـ 5 ص 478، مواهب الجليل جـ 3 ص 258، المجموع جـ 1 ص 313، الإنصاف جـ 1 ص 124، حاشية الجمل على شرح المنهج جـ 5 ص 174، النووي على مسلم جـ 3 ص 148.
[70] المجموع جـ 1 ص 304، فتح القدير جـ 1 ص 43، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي جـ 2 ص 152، الخرشي على خليل جـ 3 ص 48 ومطالب أولي النهي جـ 1 ص 91.
[71] المجموع جـ 1 ص 304، جـ 5 ص 183، فتح القدير جـ 1 ص 451، الخرشي على خليل جـ 2 ص 136، مطالب اولي النهي جـ 1 ص 858، كشّاف القناع جـ 1 ص 97.
[72] فتح القدير جـ 7 ص 206، حاشية إبن عابدين جـ 5 ص 364، ص 400، نهاية المحتاج جـ 8 ص 33-34، حاشية الدسوقي جـ 4 ص 28، جواهر الإكليل جـ 2 ص 191، كشّاف القناع جـ 4 ص 34-35.
[73] فتح القدير جـ 7 ص 206، حاشية إبن عابدين جـ 5 ص 364، ص 400.
[74] حاشية الدسوقي جـ 4 ص 28.
[75] نهاية المحتاج جـ 8 ص 33-34.
[76] أخرجه أبو داوود جـ 4 ص 710 والحاكم من حديث عبد الله بن عمر وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي.
[77] كشّاف القناع جـ 4 ص 34-35.
[78] تحفة المودود في أحكام المولود لإبن قيّم الجوزيّة، في الفصل الثامن في بيان ما قد يؤخذ في الختان - وراجع ذلك فيما سبق.
[79] فتح الباري جـ 10 ص 266 ط الخيريّة 1325 هـ، قليوبي وعميرة جـ 3 ص 294 ط إحياء الكتب العربيّة - الحلبي، والمدخل لابن الحاج جـ 3 ص 60.
[80] الإختيار شرح المختار - مرجع سابق.
[81] نشر في مجلّة لواء الإسلام، العدد الأول، السنة الخامسة، يونيو 1951. ونقلنا هذا النص عن: عبد الرازق: الختان: رأي الدين والعلم في ختان الأولاد والبنات، ص 87-90.
[82] شلتوت: الفتاوى، دراسة لمشكلات المسلم المعاصر، ص 330-334. أخذنا هنا بتاريخ طبعة الجامع الأزهر.
[83] الفتاوى الإسلاميّة من دار الإفتاء المصريّة، المجلّد 21، القاهرة 1994، ص 7864. صدرت هذه الفتوى في 28 ديسمبر 1993 ولم تنشر بعد. نقلناها عن حكم المحكمة الإداريّة العليا الصادر في 28/12/1997، غير منشور، ننشره كاملاً في الملحق 26 في آخر الكتاب.
[84] إعتمدنا هنا على نسخة من الفتوى الرسميّة المؤرّخة في 8/10/1994. وقد نشرت معظم هذه الفتوى جريدة الأخبار في 28/10/1994، ص 7. وقد كان الشيخ الطنطاوي مفتي الجمهورية عند إبدائه هذه الفتوى. وقد عيّن شيخ للأزهر بعد وفاة الشيخ جاد الحق في مارس 1996.
[85] الشوكاني: نيل الأوطار، جزء 1، ص 137 و140.
[86] كتاب عون المعبود شرح سُنَن أبي داوود جـ 14 ص 183 وما بعدها.
[87] محمود شلتوت: الفتاوى، ص 302.
[88] سيد سابق: فقه السُنّة، جـ 1 ص 33.
[89] مجلّة الأزهر، المجلّد 24 لسنة 1952 ص 1242.
[90] القرضاوي: هدى الإسلام: فتاوى معاصرة، ص 443. إعتمدنا في تاريخ هذه الفتوى على تاريخ الطبعة الثالثة من هذا الكتاب.
[91] مقال نشرته جريدة الشعب (القاهرة)، 18/11/1994، وجاء نصّه أيضاً في كتاب محمّد بن لطفي الصبّاغ: الحكم الشرعي في ختان الذكور والإناث، منظّمة الصحّة العالميّة، المكتب الإقليمي لشرق المتوسّط، الإسكندرية 1995، ص26-34.
[92] الحافظ زين الدين العراقي في تعليقه على إحياء علوم الدين للغزالي، 1/148.
[93] سُنَن أبي داوود مع شرحها عون المعبود، جـ 31، ص 125-126.
[94] سيد سابق في فقه السُنّة، جـ 1، ص 33.
[95] عون المعبود في شرح سُنَن أبي داوود لشمس الحق العظيم آبادي، جـ 14، ص 124.
[96] التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد، جـ 21، ص 59.
[97] نقله عنه: شمس الحق العظيم آبادي في شرحه لسُنَن أبي داوود، جـ 14، ص 126.
[98] نيل الأوطار للشوكاني، جـ 1، ص 139.
[99] نيل الأوطار للشوكاني، جـ 1، ص 139 حيث يقول: في إسناد أبي نعيم، أحد مخرجيه، مندل بن علي وهو ضعيف وفي إسناد إبن عدي خالد بن عمرو القرشي وهو أضعف من مندل!
[100] من المراجع المشهورة بين أيدي الطلاّب في هذا المعنى: النحو الوافي لعبّاس حسن، جـ 1، ص 118-119.
[101] حقائق علميّة حول ختان الإناث، الجمعيّة المصريّة للوقاية من الممارسات الضارّة بصحّة المرأة والطفل، 1993، ص 11.
[102] ختان الأنثى في ضوء المسؤوليّة الجنائيّة والمدنيّة في القانون المصري، للمستشار صلاح عويس، نائب رئيس محكمة النقض.
[103] المصدر السابق، ص 9.
[104] التبتيك: القطع.
[105] أنظر المحلّى لابن حزم الظاهري، جـ 10، ص 458، حيث نقل آراء الفقهاء في ذلك وخالفهم إلى إيجاب القصاص على المتعمد، ونفى الديّة عن المخطئ؛ والمغني لابن قدامة، جـ 12 ص 158، وجـ 11 ص 546 حيث نقل رأيين أحدهما يجيز القصاص في قطع الشفرين، والثاني يكتفي بالديّة لاعتبارات فنّية تتصل بإجراء القصاص.
[106] راشد: وداعاً للخلاف في أمر الختان (أنظر قائمة المراجع). اكتفينا هنا بالمتن دون الهوامش إلاّ نادراً. وقد قمنا بتصحيح الأغلاط التي جاءت في كتابة الكلمات الطبّية باللغة اللاتينية.
[107] شهر جمادى الأول 1415هـ ص 27، وهذه إشارة إلى فتوى الشيخ جاد الحق الثانية السالفة الذكر.
[108] العق من العقيقة، وهي ما يذبح عن الطفل يوم سابعه، وهي سُنَّة عن الرسول، تفيد أن الولد يذبح عنه شاتين، أمّا البنت فشاة واحدة.
[109] ورد هذا النص كملحق مرفق بالكتيّب.
[110] مجلّة البحوث الإسلاميّة، الرياض، عدد 25، 1409 هـ، 1989 م، ص 61-62. تحمل الفتوى رقم 1557 وتاريخ 23/5/1397 هـ.
[111] جمال: يسألونك، ص 770-771 (أنظر قائمة المراجع). والمؤلّف أستاذ التفسير بجامعة أم القرى في مكّة. إعتمدنا في تاريخ هذه الفتوى على تاريخ الطبعة الثالثة من الكتاب.
[112] منّاع: فتاوى وتوجيهات، ص 81 (أنظر قائمة المراجع). والمؤلّف مستشار شرعي بوزارة الأوقاف والشئون الإسلاميّة بالكويت. إعتمدنا في تاريخ هذه الفتوى على تاريخ الطبعة الثانية من الكتاب.
[113] أبو سبيب: نص عربي في Rapport du séminaire sur les pratiques traditionnelles, p. 247-250 . والمؤلّف شيخ في جامع في أم درمان في السودان. إعتمدنا في تاريخ هذه الفتوى على تاريخ المؤتمر.
[114] الطفل نشوؤه وتربيته، ص 135-151 (أنظر قائمة المراجع).
[115] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 8.
[116] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 9.
[117] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 1.
[118] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 2.
[119] البحار: جـ 104 ص 125 ح 83.
[120] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 4.
[121] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 39 ص 622 ح 1.
[122] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 40 ص 622 ح 1.
[123] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 40 ص 622 ح 2.
[124] الوسائل: جـ 15 ص 159 ح 1.
[125] الوسائل: جـ 15 ص 160 ح 3.
[126] الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 2.
[127] الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 3.
[128] الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 6.
[129] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 9.
[130] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 10.
[131] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 11.
[132] الوسائل: جـ 15 ص 164 ح 1.
[133] الوسائل: جـ 15 ص 164 ح 2.
[134] الوسائل: جـ 15 ص 167 ح 2.
[135] الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 1.
[136] البحار: جـ 104 ص 109 ح 10.
[137] البحار: جـ 104 ص 109 ح 11.
[138] البحار: جـ 104 ص 112 ح 24.
[139] البحار: جـ 104 ص 123 ح 73.
[140] البحار: جـ 104 ص 126 ح 90.
[141] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 1.
[142] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 2.
[143] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 5.
[144] الوسائل: جـ 15 ص 142 ح 17.
[145] الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 3.
[146] الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 4.
[147] الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 5.
[148] الوسائل: جـ 15 ص 162-163 ح 7.
[149] الوسائل: جـ 15 ص 167 ح 1.
[150] الوسائل: جـ 15 ص 169 ح 1.
[151] البحار: جـ 104 ص 124 ح 75.
[152] البحار: جـ 104 ص 124 ح 78. وفي الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 3، عن عيون الأخبار: ص 197، وعن صحيفة الرضا: ص 3، زاد في نسخة منه: «وأروح للقلب».
[153] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 3.
[154] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 39 ص 622 ح 2.
[155] الوسائل: جـ 15 ص 169 ح 1.
[156] البحار: جـ 104 ص 124 ح 75.
[157] البحار: جـ 104 ص 115 ح 37.
[158] الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 2.
[159] ورواهما في دعائم الإسلام، مثله مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 40 ص 622 ح 2.
[160] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 79 ص 635 ح 12.
[161] الوسائل: جـ 15 ص 159 ح 1. وفي البحار: جـ 104 ص 108 ح 3، عن قرب الإسناد، ص 7، فيه: «وختانه من السُنَّة لسبعة أيّام [...]».
[162] ورواه الصدوق بإسناده عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله الوسائل: جـ 15 ص 160 ح 1. وفي البحار: جـ 104 ص 123 ح 74، عن مكارم الأخلاق، ص 263، عن عبد الله بن جعفر الحميري، مثله.
[163] ورواه الحميري في قرب الإسناد، عن الحسن بن ظريف، عن الحسن بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام مثله وترك الزيادة الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 4.
[164] الوسائل: جـ 15 ص 161 ح 5.
[165] الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 1.
[166] الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 2.
[167] الوسائل: جـ 15 ص 165 ح 4.
[168] البحار: جـ 104 ص 109 ح 12.
[169] البحار: جـ 104 ص 112 ح 19. وفي المستدرك: جـ 2 ب 38 ص 622 ح 2، عن الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق، نقلاً من طب الأئمّة عليهم السلام، فيه: «أختتنوا».
[170] مستدرك الوسائل: جـ 2 ب 32 ص 621 ح 8.
[171] الوسائل: جـ 15 ص 163 ح 8.
[172] الوسائل: جـ 15 ص 166-167 ح 1.
[173] ورواه الحميري في قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب الوسائل: جـ 15 ص 167 ح 3. وفي البحار: جـ 104 ص 108 ح 3، عن قرب الإسناد: ص 7، عن هارون، عن إبن صدقة. وج 104 ص 124 ح 79، عن مكارم الأخلاق: ص 264، عن الصادق عليه السلام.
[174] الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 1.
[175] البحار: جـ 104 ص 110 ح 13.
[176] البحار: جـ 104 ص 123 ح 73.
[177] البحار: جـ 104 ص 126 ح 90.
[178] البحار جـ 104 ص 124 ح 8.
[179] مستدرك المسائل: جـ 2 ب 42 ص 622 ح 1.
[180] مستدرك المسائل: جـ 2 ب 42 ص 622 ح 2.
[181] الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 2.
[182] الوسائل: جـ 15 ص 168 ح 3.
[183] مستدرك المسائل: جـ 2 ب 42 ص 622 ح 4.
[184] مستدرك المسائل: جـ 2 ب 42 ص 622 ح 3.
[185] الحائري: دائرة المعارف الشيعيّة العامّة، جـ 9، ص 57-59. الفقرة الأولى من هذا النص غريبة التركيب. ولكننا أبقيناها كما هي.
[186] جـ 7 ص 340.
[187] جـ 3 ص 537 وفي العلل ط 2 ص 171.
[188] هذا النص مقدّمة كتبها عصام الدين حفني ناصف في بداية ترجمته لكتاب جوزيف لويس: الختان ضلالة إسرائيليّة مؤذية، دار مطابع الشعب، القاهرة (1971؟). وهو كتاب مفقود من الأسواق. وقد نقلنا هنا فقط صفحة الإهداء والصفحات 12-56. ونشير هنا إلى إن الصفحات التي بينهما هي تصدير للكتاب تتكلّم عن حرّية الفكر. وقد اكتفينا هنا بنسخ المتن دون الحواشي، إلا نادراً. هذا ونأمل إن يقوم أحد الناشرين العرب بتبنّي الكتاب ونشره كاملاً لما فيه من فائدة. وعصام الدين حفني ناصف مفكّر مصري حر. وهو شقيق الكاتبة ملك حفني ناصف المعروفة بلقب باحثة البادية، وهي من أوائل المدافعات عن حقوق المرأة في مصر في مطلع القرن العشرين. كما إن شقيقته د. كوكب حفني ناصف من أوائل النساء المصريّات اللاتي عملن بمهنة الطب في مصر.
[189] زعموا إن النبي (ص) مر بخاتنة معروفة تخفض إحدى الصبايا فقال لها: «يا أم عطيّة. أشمّيه (أي خذي منه قليلاً) ولا تنهكيه. فانه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج».
[190] هم فرقة من العرب نزعت إلى الزهد وصدفت عن عبادة الأصنام. وقد نشأت بتأثير اليهوديّة والنصرانيّة غير أن أصحابها لم يكونوا يهوداً ولا نصارى. وقد عدّهم بعض المستشرقين شيعة من شيع النصرانيّة. نقل «بلوغ الأرب» عن الأخفش إنه قال: «كان يقال في الجاهليّة لمن إختتن وحج البيت حنيف لان العرب لم تتمسّك في الجاهليّة بشيء من دين إبراهيم غير الختان والحج فكل من إختتن وحج قيل له حنيف. فلمّا جاء الإسلام تمادت الحنيفيّة فالحنيف المسلم».
[191] قال الشيخ السيّد سابق في ص 56 من كتابه «فقه السُنّة» المطبوع سنة 1950 عن الختان: «ولم يرد تحديد له ولا ما يفيد وجوبه».
[192] قال إبن حنبل في ص 217 من الجزء الرابع: «دُعي عثمان بن أبي العاص إلى ختان فأبى أن يجيب. فقيل له فقال: انا كنّا لا نأتي الختان على عهد رسول الله، ولا ندعى إليه».
[193] عفيفي: مرشد الحيران في عمليّة الختان، مجلّة الهلال، إبريل 1971، ص 120-126. هذا تعليق على كتاب جوزيف لويس: الختان ضلالة إسرائيليّة مؤذية، ترجمة عصام الدين ناصف، دار مطابع الشعب، القاهرة (1971؟). محمّد عفيفي كاتب مصري ساخر رشيق العبارة.
[194] المهدوي: البيان بالقرآن، مجلّد 1، صفحة 348-350 (أنظر المراجع).
[195] الكاتب مفكّر عُني بالتجديد الإسلامي الذي يجاوز الأطر التقليديّة، وله كتابات عديدة، كما إنه الشقيق الأصغر للإمام حسن البنّا، مؤسّس حركة الإخوان المسلمين في مصر. وهذا النص لم ينشر سابقاً وقد كتبه مؤلّفه خصّيصاً لنا. فله منّا بالغ الشكر.
[196] المؤلّف هو شيخ متقاعد من علماء الأزهر، مدرّس التفسير وعلوم القرآن بالأزهر سابقاً. يرد المؤلّف في هذا النص على فتوى شيخ الأزهر جاد الحق التي ذكرناها سابقاً عن ختان الذكور والإناث (الملحق 6 في آخر الكتاب) وعلى الحملة ضد ختان الذكور في الغرب. وهذا النص لم ينشر سابقاً وقد تكرّم مؤلّفه مشكوراً بالإذن لنا بنشره هنا.
[197] إبن ميمون القرطبي: دلالة الحائرين، ص 702-705 (طبعة القاهرة). ونحن ننقل هذا النص حرفيّاً رغم غرابة بعض كلماته.
[198] هذا القرار غير منشور رغم أهمّيته.
[199] هذه الرسالة بتاريخ 8/10/1994- ملاحظة من المؤلّف.
[200] هذه الفتوى بتاريخ 28/12/1993 - ملاحظة من المؤلّف.
[201] نص هذا الخطاب في بدايته يختلف عن النص الرسمي الذي بين أيدينا والذي نقلناه في الملحق 11 في آخر الكتاب - ملاحظة من المؤلّف.
[202] هذه الفتوى بتاريخ 28/12/1993 - ملاحظة من المؤلّف