6 - الكلام المفكّك
س 205: جاء في سورة الإسراء 17: 106 وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً .
قال البيضاوي: وقرآناً فرقناه نزلناه مفرّقاً منجّماً. وقرئ بالتشديد لكثرة نجومه فإنه نزل فيتضاعيف عشرين سنة. لتقرأه على الناس على مكث على مهل وتؤدة، فإنه أيسر للحفظ وأعون في الفهم... ونزلناه تنزيلاً حسب الحوادث.
وجاء في سورة الفرقان 25: 32 وَقَالَ الذِينَ كَفَرُوالوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ .
قال البيضاوي: وقال الذين كفروالولا نزل عليه القرآن أي أنزل عليه كخبر بمعنى أخبر لئلا يناقض قوله جملة واحدة دفعة واحدة كالكتب الثلاثة. وهو اعتراض لا طائل تحته لأن الإعجاز لا يختلف نزوله جملة أو مفرقاً. مع أن للتفريق فوائد منها ما أشار إليه بقوله كذلك لنثبّت به فؤادك أي كذلك أنزلناه مفرّقالتقوى بتقوية فؤادك على حفظه حيث كان عليه الصلاة والسلام أمياً وكانوا يكتبون. فلو أُلقي عليه جملةً لتعنَّى بحفظه ولعله لم يستتب له. فإن التلقّف لا يتأتّى إلاّ شيئاً فشيئاً، ولأن نزوله بحسب الوقائعيوجب مزيد بصيرة وغوصاً في المعنى. ولأنه إذا نزل منجماً وهو يتحدى بكل نجم فيه فيعجزون عن معارضته زاد ذلك قوة قلبه. ولأنه إذا نزل به جبريل حالاً بعد حال يثبت به فؤاده. ومنه معرفة الناسخ والمنسوخ. ومنها انضمام القرائن الحالية إلى الدلالات اللفظية فإنه يعين على البلاغة. وكذلك صفة مصدر محذوف والإشارة إلى إنزاله مفرقاً فإنه مدلول عليه بقوله لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة. ويحتمل أن يكون من تمام كلام الكفرة ولذلك وقف عليه ليكون حالا والإشارة إلى الكتب السابقة واللام على الوجهين متعلق بمحذوف ورتلناه ترتيلا وقرأناه عليك شيئاً بعد شيء على تؤدة وتمهُّل عشرين سنة أو ثلاثة وعشرين .
ونحن نسأل: كيف يكون القرآن وحياً وهو متقطع مفرق، يأتي بعضه في وقت ويتأخر بعضه إلى وقت آخر؟ لقد كان محمد يرتبك عندما كان العرب أو اليهود أو النصارى يسألونه، وأحياناً كان يحتج بأن جبريل تأخر لسبب وجود الكلاب!