الجزء الثامن
أسئلة علمية
1 -تمثال له خوار!!
س 178: جاء في سورة الأعراف 7: 148 وَا تَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدالهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ . وجاء في سورة طه 20: 87-88 وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ القَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَدالهُ خُوَارٌ .
ونحن نسأل: من أين استقى القرآن هذا الخبر الذي ليسله أساس تاريخي؟ وهل من المعقول أن العجل الذهبي يخور كالعجلالطبيعي؟ وهل يتمنّى السامري المزعوم ذلك، ويطلبه هرون من الله، فيوافق الله على تحسين الصنم فيخور ليغري الناس ليعبدوه مِن دون الله؟ فهل صار السامري وهرون والله شركة متحدة في صنع الصنم!
2 - الخاتم السحري!
س 179: جاء في سورة صَ 38: 34 و35 وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكالاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي .
قال مفسرو المسلمين إن سليمان قتل ملك صيدون وأخذ بنته جرادة لجمالها فكانت تبكي في بيت سليمان على أبيها. فأوصى سليمان الشياطين فعملوا تمثالالأبيها وضعته أمامها وكانت تسجد له أربعين يوماً. وكان لسليمان خاتم يلبسه. وكان إذا دخل للطهارة يعطيه لزوجته أمينة! فمرة دخل للطهارة وظهر الشيطان لأمينة في شكل سليمان وأخذ الخاتم وجلس على سرير الملك وتزوج بنساء سليمان! واستمر في المُلك أربعين يوماً، وسليمان مطرود يستنكره كل من رآه. وطار الشيطان وسقط منه الخاتم في البحر. وصاد الصيادون سمكاً وأعطوا سليمان سمكتين أجرة له على خدمته في حَمل السمك، فوجد الخاتم في جوف السمكة ولمالبسه عاد إليه الملك! فما معنى هذا الخاتم السحري الذي من يلبسه من الإنس أو الجن يصير ملكاً؟ وكيف يتزوج الشيطان النساء وهو من الأرواح؟ ومتى كان سليمان الملك شحاذاً وحمّال سمك أربعين يوماً؟
3 - عذاب القبر
س 180: جاء في سورة الجمعة 62: 8 قُلْ إِنَّ المَوْتَ الذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .
جاء في حديث البخاري: روي عن عائشة زوج النبي (صلعم).أنها قالت دخل عليَّ عجوزان من عجائز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يُعذَّبون في قبورهم. فكذبتُهما، فخرجتا. ودخل النبي (صلعم).فقلت له ما قالتا وإني لم أصدقهما في ذلك. فقال: صدقتَا. إنهم يعذَّبون في قبورهم عذاباً تسمعه البهائم كلها. فما رأيته بعد ذلك في صلاة إلا تعوَّذ من عذاب القبر . وروي عن مالك أن رسول الله (صلعم).كان يقول إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم. وأعوذ بك من عذاب القبر (بخاري جزء 4 ص 89). وروي أن الرسول (صلعم).قال إذا وُضع العبد في قبره وتولى أصحابه حتى أنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملَكان فأقعداه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد (صلعم(؟ فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله. فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار أبدَلك الله به مقعداً في الجنة. قال النبي (صلعم).فيراهما معاً. وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري. كنتُ أقول ما يقول الناس. فقال: لا دريت ولا تليت. ثم يضربانه بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقيلين (بخاري جزء 1 ص 173).
ونحن نسأل: إذا كان الميت يسمع ويتعذب في القبر فلماذا لا يسمع عذاب أهل القبر إلا البهائم؟ وإذا كان أهل المقابر الذين يعترفون بنبوة محمد يُعفَون من العذاب فلماذا كان النبي نفسه دائماً يتعوَّذ من عذاب القبر؟ لعل خرافة العجوزين (اللتين كذبتهما عائشة).تعود إلى أنهما سمعتا عن شخصٍ دُفن بسرعة بعد أن ظنوه مات. ولما أفاق في القبر استغاث وليس من يغيث حتى مات، فخرجت إشاعة إن أهل القبور يُعذبون.
4 - الناقة بنت الحَجَر!
س 181: جاء في سورة الأعراف 7: 73-78 وَإِلَى ثَمُودَ (أرسلنا).أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَا ذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الجِبَالَ بُيُوتاً فَا ذْكُرُوا آلَاءَ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ قَالَ المَلَأُ الذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوالمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ قَالَ الذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ المُرْسَلِينَ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ .
قال البيضاوي: روي (عن ثمود).أنهم بعد عاد عمّروا بلادهم وخلفوهم وكثروا وعمروا إعماراً طوالالا تفي به الأبنية، فنحتوا البيوت في الجبال. وكانوا في خصب وسعة فعثوا وأفسدوا في الأرض وعبدوا الأصنام. فبعث الله فيهم صالحاً من أشرافهم فأنذرهم فسألوه آية. فقال أية آية تريدون؟ قالوا: اخرُج معنا إلى عيدنا فتدعو إلهك وندعو آلهتنا فمَن استُجيب له نتبع. فخرج معهم فدعوا أصنامهم فلم تجبهم. ثم أشار سيدهم جندع بن عمرو إلى صخرة منفردة يقال لها الكاتبة، وقال له: أخرِج من هذه الصخرة ناقة مخترجة جوفاء وبراء. فإن فعلْتَ صدَّقناك. فأخذ عليهم صالح مواثيقهم: لئِن فعلت ذلك لتؤمنُن. فقالوا: نعم. فصلى ودعا ربه، فتمخّضت الصخرة تمخض النتوج بولدها. فانصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا وهم ينظرون. ثم نتجت ولداً مثلها في العظم. فآمن به جندع في جماعة، ومنع الباقين من الإيمان ذؤاب بن عمرو والحباب صاحب أوثانهم ورباب بن صغر كاهنهم. فمكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر وتَرِد الماء غباً، فما ترفع رأسها من البئر حتى تشرب كل ما فيها. ثم تتنحنح فيحلبون ما شاءوا حتى تمتلئ أوانيهم فيشربون ويدخرون. وكانت تصيّف بظهر الوادي فتهرب منها أنعامهم إلى بطنه. وتشتو ببطنه فتهرب مواشيهم إلى ظهره. فشق عليهم ذلك. وزينت عقرهالهم عنيزة أم غنم وصدقة بنت المختار، فعقروها واقتسموالحمها. فرقى ولدها جبلاً اسمه قارة. فرغا ثُلاثاً. فقال صالح لهم: أدركوا الفصيل عسى أن يُرفع عنكم العذاب. فلم يقدروا عليه، إذ انفجرت الصخرة بعد رُغائه، فدخلها. فقال لهم صالح: تصبح وجوهكم غداً مصفرة، وبعد غد محمرة، واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب. فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه فأنجاه الله إلى أرض فلسطين. ولما كان صحوة اليوم الرابع تحنّطوا بالصبر وتكفّنوا بالأنطاع، فأتتهم صيحة من السماء فتقطعت قلوبهم، فهلكوا .
ونحن نسأل: هل من المعقول أن الصخرة تتمخض وتلد ناقة؟ والناقة تشرب كل البئر وتطعم كل المدينة؟ وهل من المعقول أنه عندما تتسبب الناقة في أذية المدينة بطرد الأنعام شتاءً وصيفاً، فيذبحها الناس، يُهلك اللهُ المدينةَ كلها مقابل ذبح ناقة! وهل من المعقول أن تسمع الصخرة رُغاء الفصيل فتنشق ويدخل بها ويعود جزءاً من الصخرة كما كان؟ أليس هذا أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة؟!
5 - جذوة نار في ماء!
س 182: جاء في سورة الشعراء 26: 176-190 كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ المُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَا تَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ أَوْفُوا الكَيْلَ وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالقِسْطَاسِ المُسْتَقِيمِ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ وَا تَّقُوا الذِي خَلَقَكُمْ وَالجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ قَالُوا إِنَّمَا أَنَتْ مِنَ المُسَحَّرِينَ وَمَا أَنْتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الكَاذِبِينَ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ .
قال ابن عباس: فتح الله على مدين باباً من جهنم فأرسل عليهم منها حراً شديداً أخذ بأنفسهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء. فدخلوا في الأسراب ليهربوا فيها فوجدوها أشد حراً من الظاهر. فخرجوا هرباً إلى البرية. فبعث الله عليهم سحابة فيها ريح طيبة باردة. فأظلتهم الظلّة فوجدوالها برداً ونسيماً. فنادى بعضهم بعضاً حتى إذا اجتمعوا تحت السحابة ألهبها الله عليهم ناراً ورجفت بهم الأرض من تحتهم فاحترقوا كاحتراق الجراد في المقلى . وقال قتادة: بعث الله شعيباً إلى أصحاب الأيكة وإلى أهل مدين. فأما أصحاب الأيكة فأُهلكوا بالظلة. وأما أهل مدين فأخذتهم الرجفة صاح بهم جبريل صيحة فهلكوا جميعاً . وقال البيضاوي: سلط الله عليهم الحر سبعة أيام حتى غلت أنهارهم وأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا .
ونحن نسأل: لا نجد في الكتاب المقدس كلمة عن رجل اسمه شعيب أُرسل إلى مدين، ولا أن مدين هلكت بالنار. وهل من المعقول أن سحابة تبعث نسيماً عليلاً وهواء طيباً وهي نار حامية تحرق المدن فتفنيها؟
6 - روح الإنسان في الحيوان!
س 183: جاء في سورة الأعراف 7: 166 فَلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَالهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ .
قال البيضاوي: فلما عتوا عن ما نُهوا عنه - تكبروا (أي اليهود).عن ترك ما نُهوا عنه كقوله تعالى وعتوا عن أمر ربهم. قلنالهم كونوا قردة خاسئين - كقوله إنما قولنالشيء إذا أردناه أن نقول كن فيكون. والظاهر يقتضي أن الله تعالى عذبهم أولاً بعذاب شديد فعتوا بعد ذلك فمسخهم. ويجوز أن تكون الآية الثانية تقريراً وتفصيلاللأولى. ورُوي أن الناهين لما يئسوا عن اتعاظ المعتدين كرهوا مساكنتهم، فقسموا القرية بجدار فيه باب مطروق. فأصبحوا يوماً ولم يخرج إليهم أحد من المعتدين. فقالوا: إن لهم شأناً. فدخلوا عليهم فإذا هم قردة. فلم يعرفوا أنسباءهم، ولكن القردة تعرفهم. فجعلت تأتي أنسباءهم وتشم ثيابهموتدور باكية حولهم ثم ماتوا بعد ثلاث. وعن مجاهد مسخت قلوبهم لأبدانهم .
ونحن نسأل: هل من المعقول أن نقابل إنساناً مُسخ قرداً أو خنزيراً؟ ألا تعلّمنا الطبيعة أن كل شيء يبذر بذراً كجنسه؟ أليس من يقول إن القمح صار شعيراً وإن العنب صار تيناً كمن يقول إن الإنسان صار قرداً أو خنزيراً؟
7 - الجنّ والعفاريت!
س 184: جاء في سورة الحِجر 15: 27 وَالجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ . وجاء في سورة الذاريات 51: 56 وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاليَعْبُدُونِ . وجاء في سورة هود 11: 119 لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ . وجاء في سورة الأحقاف 46: 29 و30 وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقا لمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ . وجاء في سورة الجن 72: 1-17 قُلْ أُوحِيَ إِليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللهِ شَطَطاً وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً وَأَنَّالمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً وَأَنَّالاَ نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً وَأَنَّالمَّا سَمِعْنَا الهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً وَأَنَّا مِنَّا المُسْلِمُونَ وَمِنَّا القَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوالجَهَنَّمَ حَطَباً وَأَنْ لَوِ اسْتَقاَمُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقا لنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً . وجاء في سورة سبأ 34: 12 و13 وَلِسُلَيْمَانَ (سخّرنا).الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَالهُ عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ . وجاء في سورة النمل 27: 17 وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ . وجاء في سورة النمل 27: 38 و39 قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِين .
يعلّم القرآن بوجود خليقة غير الشياطين اسمها الجن والعفاريت، مخلوقون من نار جهنم. وهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ويحيون ويموتون. ومنهم المسلمون الذين كانوا يزدحمون حول محمد عند قراءته القرآن. وأنهم كانوا مسخَّرين من سليمان لبناء الهيكل والقصور والتماثيل وغير ذلك.
ونحن نسأل: إن كانت العفاريت مخلوقةً مِن نار وهي روحانية تصعد وتنزل وتخترق جميع الأماكن، فكيف تتزوج وكيف تموت؟
8 - العسل دواء لكل داء!
س 185: جاء في سورة النحل 16: 68 و69 وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ .
قال البيضاوي: شراب - يعني العسل لأنه مما يشرب. وفيه شفاء للناس - إما بنفسه كما في الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض إذ قلما يكون معجون إلا والعسل جزء منه. وعن قتادة: أن رجلاً جاء إلى رسول الله فقال: إن أخي يشتكي بطنه. فقال: اسقه العسل. فذهب ثم رجع فقال قد سقيتُه فما نفع. فقال: اذهب واسقه عسلاً، فقد صدق الله وكذب بطن أخيك!
ونحن نسأل: إذا كان المريض لم ينل الشفاء، فكيف يصدّق الله ويكذّب بطنه؟ وهل هذا الرد يبيّن صدق محمد، أم صدق تأثير العسل؟
9 - الإسراء
س 186: جاء في سورة الإسراء 17: 1 سُبْحَانَ الذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ .
قال البيضاوي: رُوي أن رسول الله كان نائماً في بيت أم هانئ بعد صلاة العِشاء، فأُسري به ورجع من ليلته. وقص القصة عليها وقال: مثل لي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فصلّيتُ بهم. ثم رجع إلى المسجد الحرام وأخبر به قريشاً. فتعجبوا منه استحالته. وارتدّ ناس ممن آمنوا به. وسعى رجال إلى أبي بكر رضى الله عنه، فقال لهم: إن كان قال فقد صدق. فسألوا: أتصدقه على ذلك؟ فقال إني أصدقه على أبعد من ذلك. فسُمّي الصديق. وكان ذلك قبل الهجرة بسنة. واختُلف في إن كان في المنام أو في اليقظة؟ بروحه أو بجسده؟ والأكثر على أنه أسرى بجسده إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى السموات حتى انتهى إلى سدرة المنتهى. ولذلك تعجّب قريش واستحالوه. والاستحالة مدفوعة بما ثبت في الهندسة إن ما بين طرفي قرص الشمس ضعف ما بين طرفي كرة الأرض مائة ونيف وستين مرة، ثم أن طرفها الأسفل يصل موضع طرفها الأعلى في أقل من ثانية. وأن الله قادر على كل الممكنات فيقدر أن يخلق مثل هذه الحركة السريعة في بدن النبي صلى الله عليه وسلم... .
ونحن نسأل: من هم شهود معجزة الإسراء المحمدية؟ إن من شروط المعجزة أن تكون أمام شهود، وأن تكون ذات فائدة. وهذا مالا يتوفر للإسراء والمعراج. كما أن المسجد الأقصى لم يكن موجوداً زمن محمد، بل بُني بعد موته بنحو مئة سنة. فكيف صلى فيه ووصف أبوابه ونوافذه؟
10 - الهدهد الفيلسوف!
س 187: جاء في سورة النمل 27: 20-28 وَتَفقَّدَ (سليمان).الطَّيْرَ فَقَالَ مَاليَ لاَ أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَالمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ أَلاَّ يَسْجُدُواللهِ الذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَا نْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ .
قال القرآن إن سليمان كان يعرف لغة الطيور والحشرات، وإن الجن والإنس والطير كانواله جنوداً، وإنه ذهب بجنوده هؤلاء إلى وادي النمل، فعرفته نملةٌ وعرفت أنه ملك وأنه نبي معصوم وأن كل هؤلاء جنوده، فحذرت زميلاتها النمل وقالت: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لئلا يحطمكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون! وأن سليمان تفقَّد الطير فقال: مالي لا أرى الهدهد؟ إن كان غائباً عن مجلسنا فسأعذّبه بنتف ريشه أو ذبحه عبرة لغيره أو يعتذر! ففي الحال جاء الهدهد يتيه زهواً على سليمان قائلاً: عرفت مالم تعرفه، وجئتك من سبأٍ بنبأٍ يقين. وما أنا أقل منك شأناً وإن علمك أصغر من علمي. فها أنا أنبئك أن ملكة سبأ تعبد الشمس من دون الله خالق السماوات والأرض والعارف بجميع خبايا الكون! فقال له سليمان: اذهب بخطابي هذا إليهالأعرف إن كنتَ صادقاً أم كاذباً! فذهب الهدهد بالخطاب وألقاه لملكة سبأ! فاستشارت قومها عما يجب أن تفعله رداً على الخطاب ثم أرسلت هدية إلى سليمان فلم يقبلها! وسأل سليمان من مجلسه عمن يذهب ليحضر له عرش ملكة سبأ خلسة؟ فقال عفريت من الجن: أنا أُحضره لك قبل أن تقوم من مكانك وإني على حمله وصيانته قوي أمين! فأبى سليمان إلا أن يحضر العرش في الحال. فقال أحدهم (لعله آصف بن برخيا وزير سليمان، أو جبريل(: أنا أحضره لك قبل أن يرتد إليك طرفك (عينك(! ولما جاء العرش غيَّر سليمان بعض معالمه. ولما جاءت ملكة سبأ سألها سليمان: أهذا عرشك؟ فقالت: كأنه هو! وأمرها الملك أن تدخل القصر. فلما شمَّرت عن ساقيها لتعبر ما ظنته مياهاً، فوجدته زجاجاً يصدم ساقيها فآمنت برب سليمان وصارت من المسلمين!
ونحن نسأل: كيف يتصور عاقل أن تكون حاشية سليمان الملك الحكيم من الجن والطيور؟ وكيف يكون الهدهد أكثر حكمة وعلماً ويتحدى سليمان قائلاً: أحطتُ بما لم تُحِط به وجئتك من سبأٍ بنبأٍ عظيم؟ وكيف يهجو الهدهد عبادة الأوثان ويمتدح الوحدانية؟ وكيف يقوم الهدهد بدور المراسلة؟ وكيف يتصرف الهدهد في مملكة سليمان تصرفاً يفوق تصرف الملوك والوزراء والفلاسفة؟
11 - دابة بين الأنبياء
س 188: جاء في سورة النمل 27:82 وَإِذَا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَآتِنَا لاَ يُوقِنُونَ .
قال البيضاوي: وإذا وقع القول عليهم - إذا دنا وقوع معنى القول عليهم، وهو ما وُعدوا به من البعث والعذاب. أخرجنا لهم دابة من الأرض - وهي الجساسة. رُوي أن طولها ستون ذراعاً، ولها أربع قوائم، وزغب وريش وجناحان، لا يفوتها هارب ولا يدركها طالب. ورُوي أنه عليه الصلاة والسلام سُئل من أين مخرجها؟ فقال: من أعظم المساجد حرمة على الله. يعني المسجد الحرام؟ تكلمهم - من الكلام وقيل من الكلم إذ قرئ تكلمهم. ورُوي أنها تخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان فتنكت بالعصا في مسجد المؤمن نكتة بيضاء فيبيضّ وجهه، وبالخاتم في أنف الكافر نكتة سوداء فيسودّ وجهه .
ونحن نسأل: هل من المعقول أن نتصوّر دابةً لها أربع قوائم مثل الحيوان وريش زغب وجناحان مثل الطيور، وتتكلم مثل الإنسان، وتعظ مثل الأنبياء بسلطان موسى وحكمة سليمان، وأنها تحتفظ بعصا موسى وخاتم سليمان؟
12 - ميت يتوكأ على عصا مدة سَنة!
س 189: جاء في سورة سبأ 34: 14 فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ (سليمان).المَوْتَ مَا دَلَّ هُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ (العصا).فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ .
قال البيضاوي: فلما قضينا عليه الموت - أي على سليمان. ما دلهم على موته - ما دل الجن وقيل آله. إلا دابة الأرض - أي الأرضة أُضيفت إلى فعلها. وقرئ بفتح الراء أرَض وهو تأثر الخشبة من فعلها. فيقال أرضت الأرضة الخشبة أرضاً. تأكل منسأته - عصاه، من نسأت البعير إذا طردته لأنه يطرد بها. فلما خر تبينت الجن - علمت الجن بعد التباس الأمر عليهم. إن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب المهين - إنهم لو كانوا يعلمون الغيب كما يزعمون لعلموا موته حينما وقع فلم يلبثوا بعده حولاً في تسخيره إلى أن خر أي ظهر أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا في العذاب. وذلك أن داود أسس بيت المقدس في موضع فسطاط موسى. فمات قبل تمامه، فوصى به إلى سليمان. فاستعمل الجن فيه، فلم يتم بعد أن دنا أجله واُعلم به. فأراد أن يعمّي عليهم موته ليُتِموه فدعاهم فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس له باب. فقام يصلي متكئاً على عصاه. فقبض روحه وهو متكئ عليها. فبقي كذلك حتى أكلتها الأرضة، فخرَّ. ثم فتحوا عنه وأرادوا أن يعرفوا وقت موته. فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت يوماً وليلة مقداراً فحسبوا على ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة .
ونحن نسأل: كيف يموت سليمان الملك ويستمر سنة دون أن يعلم به أحد؟ أين نساؤه؟ وأين أولاده؟ وأين حاشيته؟ وأين شعبه؟ ألا يوجد أحد من كل هؤلاء يسأل عنه؟ وهل يتصورونه قائماً يصلي على عصاه سنة كاملة بدون نوم ولا أكل ولا شرب ولا استحمام؟ وكيف لما مات متكئاً على العصالم يسقط؟ ألم يتحلل جسده ويصبْهُ النتن والتعفن. ولما أكلت الأرضة جزءاً من العصا ألم يختل توازنه ويسقط؟ أليس تآكل العصا في يوم يكفي لسقوط جسد الميت كتآكلها إلى آخرهالمدة سنة؟ وإذا كان سليمان قد بنى على نفسه صرحاً من قوارير ليعمي عين الإنس والجن عن موته، فلماذا لم يعلم مقدماً الدور الذي ستلعبه الأرضة؟
13 - جبل يحلّق في الجّو!
س 190: جاء في سورة النساء 4: 154 وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيَثاقِهِمْ . وجاء في سورة الأعراف 7: 171 وَإِذْ نَتَقْنَا (رفعنا).الجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .
قال البيضاوي تفسيرالسورة الأعراف 171: وإذ نتقنا الجبل فوقهم - أي قلعناه ورفعناه فوقهم وأصل النتق الجذب. كأنه ظُلّة - سقيفة وهو كل ما أظلك. وظنوا - وتيقنوا. انه واقع بهم - ساقط عليهم لأن الجبل لا يثبت في الجو ولأنهم كانوا يوعدون به، وإنما أطلق الظن لأنه لم يقع متعلقه. وذلك أنهم أبَوْا أن يقبلوا أحكام التوراة لثقلها فرفع الله الطور فوقهم وقيل لهم اقبلوا ما فيها وإلا فليقعن عليكم . وقال البيضاوي تفسيرالسورة النساء 154: ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم - بسبب ميثاقهم ليقبلوه .
ونحن نسأل: هل من المعقول أن يخلع الله جبلاً من الأرض يعلو في الفضاء ويظل معلقاً على لا شيء ليخيف الناس ويرغمهم ليقبلوا شريعته؟ وهل يوافق هذا علمياً ناموس الجاذبية، وأدبياً ناموس المحبة الإلهية؟
14 - جبل يتكلم
س 191: جاء في سورة سبأ 34: 10 وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جَبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّالهُ الحَدِيدَ .
قال البيضاوي: يا جبال أوّبي معه - رجِّعي معه التسبيح أو النوحة على الذنب، وذلك إما بخلق صوت مثل صوته فيها أو بحملها إياه على التسبيح إذا تأمل ما فيها أو سيري معه حيث سار .
وجاء في سورة الأحزاب 33: 72 إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً .
قال البيضاوي: ...وقيل إنه تعالى لما خلق هذه الأجرام خلق فيها فهماً. وقال لها إني فرضت فريضة. وخلقت جنة لمن أطاعني فيها ونارالمن عصاني. فقلن نحن مسخرات على ما خلقتنا لا نحتمل فريضة ولا نبتغي ثواباً ولا عقاباً. ولما خلق آدم عرض عليه مثل ذلك، فحمله، وكان ظلوما لنفسه بحمله ما يشق عليها جهولاً بوخامة عاقبته .
ونحن نسأل: هل للجبال فهمٌ يجعلها تدرك ما لا يدركه أكثر البشر، فترفض الأمانة المعروضة عليها؟ وهل للجبال عقل وتمييز وعواطف لتردد صلوات واعترافات وتسابيح داود؟
15 - الحديد يلين كالشمع!
س 192: جاء في سورة سبأ 34: 10 و11 وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جَبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّالهُ الحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصَيٌر .
قال البيضاوي: وألَنّاله الحديد - جعلناه في يده كالشمع يصرفه كيف يشاء من غير إحماء وطَرْقٍ بآلاته أو بقوته.
ونحن نسأل: كيف يغيّر الحديد خاصيته بين يدي داود فيفقد صلابته ويتحول إلى مرونة وليونة الشمع بغير إحماء أو طَرْق؟ وما هو الهدف من هذه المعجزة التي لو كانت قد جرت فعلا لذكرتها التوراة المقدسة؟
16 - نومة ثلاثمائة وتسع سنين!
س 193: جاء في سورة الكهف 18: 9-26 أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَالبِثُوا أَمَداً نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهالقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ فَأْوُوا إِلَى الكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مَنْ آيَاتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وَكَذَلِكَ بَعْثَنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوالبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَالبِثْتُمْ فَا بْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى المَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنوا عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً سَيَقُولُونَ ثَلاَثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَاءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مَائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لبِثُوا لهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَالهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً .
قال البيضاوي ما ملخصه: إن فتية في أيام اضطهاد دقلديانوس للمسيحية فرّوا إلى مغارة خارج مدينة أفسس ولبثوا فيها ثلاثمائة وتسع سنين نياماً يتقلبون على جنوبهم ولا يسمعون ثم استيقظوا. وعلم الناس أمرهم من النقود القديمة التي معهم .
ونحن نسأل: كيف يتسنى لسبعة غلمان وكلبهم أن يعيشوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين بدون أكل ولا شرب ولا مشي ولا تبوّل ولا تبرّز، تحسبهم أيقاظاً وهم رقود، يتقلبون ذات الشمال وذات اليمين وكلبهم باسط ذراعية بفناء المغارة؟ وما هو الدرس المستفاد من هذه القصة لنا اليوم؟!
17 - الريح تحت أمر سليمان!
س 194: جاء في سورة الأنبياء 21: 81 وَلِسُلَيْمَانَ (سخّرنا).الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ التِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ . وجاء في سورة سبأ 34: 12 وَلِسُلَيْمَانَ (سخّرنا).الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَالهُ عَيْنَ القِطْرِ . وجاء في سورة صَ 38: 36 فَسَخَّرْنَالهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَاب .
قال البيضاوي في تفسير سورة الأنبياء 21: 81 الريح عاصفة - شديدة الهبوب من حيث أنها تبعد بكرسيه في مدة يسيرة كما قال تعالى غدوها شهر ورواحها شهر وكانت رخاء في نفسها طيبة. وقيل كانت رخاء تارة وعاصفة أخرى حسب إرادته. إلى الأرض التي باركنا فيها - إلى الشام رواحاً بعدما سارت به منه بكرة .
ونحن نسأل: ما الفائدة من تسخير الريح لسليمان فتحمل عرشه متى شاء إلى أين شاء، وتشتد إذا رغب وتلين إذا رغب؟ وما هو الهدف من كل هذا ؟ ماذا عاد على بني إسرائيل أو على مملكة الله من كل هذا ؟
18 - الطير تحارب بالحجارة!
س 195: جاء في سورة الفيل 105: 1-5 أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ وتَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ .
قال البيضاوي: رُوي أن واقعة الفيل وقعت في السنة التي وُلد فيها رسول الله (صلعم). وقصتها أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملَك على اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس وأراد أن يصرف الحاج إليها. فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلاً فأغضبه ذلك فحلف ليهدمن الكعبة. فخرج بجيشه ومعه فيل قوي اسمه محمود وفيلة أخرى. فلما تهيّا للدخول وعبّأ جيشه قدم الفيل وكان كلما وجّهوه إلى الحرم برك ولم يبرح. وإذا وجّهوه إلى اليمن آو إلى جهة أخرى هرول. فأرسل الله تعالى طيراً كل واحد في منقاره حجر وفي رجليه حجران أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة فترميهم فيقع الحجر في رأس الرجل فيخرج من دبُره! فهلكوا جميعاً.
ونحن نسأل: كيف آثر الفيل أن يعاون الوثنيين ويهرب من معاونة المسيحيين، فكلما وجَّهوه لكعبة الأوثان رفض السير وكلما وجهوه إلى اليمن هرول؟ وكيف أدركت الطير ذلك فاشتركت في الحرب مع الوثنيين ضد المسيحيين؟ وكيف تفاهمت جماعات الطير وعرفت مكان الموقعة وأحضرت الحجارة وملأت أفواهها وأرجلها ورمت بها جيش المسيحيين دون الوثنيين؟ وكيف انحاز الرب للفيل وللطير ولأصحاب الكعبة الوثنيين ضد المسيحيين؟ وكيف ينزل الحجر الذي هو أصغر من الحمصة من فم الطير إلى رأس الرجل فيخترق رأسه وعنقه وصدره وبطنه ويخرج من دبُره؟
19 - شرّ العين
س 196: جاء في سورة يوسف 12: 67 وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَا دْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ .
قال البيضاوي: لأنهم كانوا ذوي جَمال وأبّهة مشتهرين في مصر بالقربة والكرامة عند الملك. فخاف عليهم أن يدخلوا كوكبة واحدة فيعانوا. ولِعلَّة لم يوصهم بذلك في المرَّة الأولى لأنهم كانوا مجهولين حينئذ أو كان الداعي إليها خوفه على بنيامين. وللنفس آثار منها العين. والذي يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام في عودته - اللهم إني أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة .
ونحن نسأل: من أين جاء القرآن بهذه القصة التي لم تذكرها التوراة، فنسب لواحدٍ من أنبياء الله خرافةً تنافي العلم وتنافي الإيمان بعناية الله؟
20 - بنو إسرائيل والبقرة!
س 197: جاء في سورة البقرة 2: 67-73 وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَِّه أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَا فْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاِقعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَِّينْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَا دَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللهُ المَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .
قال البيضاوي: وقصته أنه كان فيهم شيخ موسر. فقتل بنو أخيه ابنَه طمعاً في ميراثه وطرحوه على باب المدينة ثم جاءوا يطالبون بدمه. فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها ليحيا فيخبر بقاتله .
وتاريخ بني إسرائيل من أوله إلى آخره خالٍ من هذه القصة. ولعل صاحب القرآن أخذ طرفاً من روايته من التوراة، حيث تقول: إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِل هُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعاً فِي الحَقْلِ، لَا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ، يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلَى المُدُنِ التِي حَوْلَ القَتِيلِ. فَالمَدِينَةُ القُرْبَى مِنَ القَتِيلِ، يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ المَدِينَةِ عِجْلَةً مِنَ البَقَرِ لَمْ يُحْرَثْ عَلَيْهَا، لَمْ تَجُرَّ بِالنِّيرِ. وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلْكَ المَدِينَةِ بِالعِجْلَةِ إِلَى وَادٍ دَائِمِ السَّيَلَانِ لَمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلَمْ يُزْرَعْ، وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ العِجْلَةِ فِي الوَادِي. ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الكَهَنَةُ بَنُو لَاوِي - لِأَنَّهُ إِيَّاهُمُ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِاسْمِ الرَّبِّ، وَحَسَبَ قَوْلِهِمْ تَكُونُ كُلُّ خُصُومَةٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ - وَيَغْسِلُ جَمِيعُ شُيُوخِ تِلْكَ المَدِينَةِ القَرِيبِينَ مِنَ القَتِيلِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى العِجْلَةِ المَكْسُورَةِ العُنُقُِ فِي الوَادِي، وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لمْ تَسْفِكْ هذا الدَّمَ، وَأَعْيُنُنَا لمْ تُبْصِرْ. اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ الذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ، وَلَا تَجْعَلْ دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ. فَيُغْفَرُ لَهُمُ الدَّمُ. فَتَنْزِعُ الدَّمَ البَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلْتَ الصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ (تثنية 21: 1-9). فهذه هي شريعة التوراة التي تبين بشاعة القتل، وتعلن اعتراف شيوخ الشعب أنهم لا يعرفون القاتل بغسل أيديهم على الذبيحة رمز البراءة، ثم يطلبون الغفران لتلك الخطية المجهولة الفاعل. وهذا كله معقول. ولكن هل من المعقول أن قطعة لحم من العِجلة يُضرب بها القتيل فيحيا ويتكلم؟
21 - هل الرعد ملاك؟!
س 198: جاء في سورة الرعد 13: 13 وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ .
قال البيضاوي: عن ابن عباس سُئل النبي عن الرعد، فقال: ملَك موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب . وورد في الترمذي (رقم 3117).من حديث ابن عباس أن اليهود قالوا لمحمد: أخبرنا عن الرعد فقال ملَك من الملائكة موكل بالسحاب. وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم قال: بلغنا أن البرق ملَك له أربعة أوجه، وجه إنسان، ووجه ثور، ووجه نسر، ووجه أسد، فإذا مصع بأجنحته فذلك البرق. وعن ابن عباس قال: أقبلت اليهود إلى محمد فقالوا: أخبرنا عن الرعد ما هو؟ قال: ملَك من ملائكة الله موكل بالسحاب، بيده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله. قالوا: فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال: صوته. وفي حديث آخر: الرعد ملك يزجر السحاب، والبرق طرف ملك يقال له روفيل. وفي حديث آخر قال إن ملَكاً موكل بالسحاب، يلم القاصية، ويلحم الرابية، في يده مخراق فإذا رفع برقت، وإذا زجر رعدت، وإذا ضرب صعقت.
ونحن نسأل: إذا كان الرعد والبرق من الظواهر الطبيعية الناتجة عن احتكاك السحاب ببعض فكيف يقولون إنها ملائكة؟
22 - أذى السحر
س 199: جاء في سورة الفلق 113: 1-5 قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرّ ِ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ .
قال البيضاوي: ومن شر النفاثات في العقد - ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها، والنفث النفخ مع ريق. وتخصيصه لما رُوي أن يهودياً سحر النبي في إحدى عشرة عقدة في وترٍ دسَّه في بئر فمرض النبي ونزلت المعوَّذتان. وأخبره جبريل بموضع السحر. فأرسل علياً فجاء به، فقرأهما عليه. فكان كلما قرأ آية انحلّت عقدة ووجد بعض الخفة. ولا يوجب ذلك صدق الكفرة في أنه مسحور لأنهم أرادوا به أنه مجنون بواسطة السحر. وقيل المراد بالنفث في العُقد إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقد بنفث الريق ليسهل حلها وإفرادها بالتعريف لأن كل نفاثة شريرة بخلاف كل غاسق وحاسد .
وجاء في سورة البقرة 2: 102 وَا تَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىمُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوالمَنِ اشْتَرَاهُ مَالهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ .
قال البيضاوي: المراد بالسحر ما يُستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان ممالا يستقل به الإنسان. وذلك لا يستتب إلالمن يناسبه في الشهادة وخبث النفس. فإن التناسب شرط في النظام والتعاون. وبهذا تميز الساحر عن النبي والولي .
ونحن نسأل: كيف يصيب السحرُ المؤمنَ المحفوظ بعناية الله؟ لقد نهت شريعة الله عن السحر: لَا تَتَعَلَّمْ أَنْ تَفْعَلَ مِثْلَ رِجْسِ أُول ئِكَ الأُمَمِ. لَا يُوجَدْ فِيكَ مَنْ يُجِيزُ ابْنهُ أَوِ ابْنتَهُ فِي النَّارِ، وَلَا مَنْ يَعْرُفُ عِرَافَةً، وَلَا عَائِفٌ وَلَا مُتَفَائِلٌ وَلَا سَاحِرٌ، وَلَا مَنْ يَرْقِي رُقْيَةً، وَلَا مَنْ يَسْأَلُ جَانّاً أَوْ تَابِعَةً، وَلَا مَنْ يَسْتَشِيرُ المَوْتَى. لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَفْعَلُ ذ لِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ الرَّبِّ (تثنية 18: 9-12). وهاجم الرسول بولس بار يشوع الساحر بقوله: أيها الممتلئ كل غش وكل خبث، يا ابن إبليس، يا عدوَّ كل بر. ألا تزال تفسد سبل الله المستقيمة؟ فالآن يد الرب عليك فتكون أعمى لا تبصر الشمس إلى حين. ففي الحال سقط عليه ضباب وظلمة. فجعل يدور ملتمساً من يقوده بيده (أعمال 13: 9-12). وكذلك قال بطرس الرسول لسيمون الساحر فتُبْ مِن شرِّك هذا . ثم قال: لأني أراك في مرارة المرّ ورباط الظلم (أعمال 8: 22 و23). هذه هي شريعة الله حقاً، وهؤلاء هم رسل الله فعلاً، ينتهرون السحرة ويعطلون أعمالهم، وقوة الله فوق قوى الساحرين!