أدوار القرآن الأولى
قال لي المسلمون الذين ناقشتُهم إن أول آيات القرآن نزلت على محمد قبل الهجرة بنحو أربعة عشر عاماً (نحو سنة 609م). وخلال 14 سنة كانت ثُلثا آيات القرآن قد أُنزلت. وقد كتبوها على الرقاع (ورق يُصنع من الجِلد)، واللخاف (حجارة بيض رِقاق)، وأكتاف الأنعام، والعُسُب (جريد النخل يُكشَط خوصه)، وصدور الرجال.
ولما سألت عن عدد المسلمين الذين هاجروا من مكة إلى المدينة مع محمد، قال البعض إن عددهم 75 وقال آخرون إنهم 150 مسلماً. ولا يذكر القرآن عددهم، لكن سورة الأنفال 8:26 (من سنة 2 هـ ) تقول: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . وبالإضافة إلى المهاجرين من مكة كان هناك مسلمون بالمدينة، كما كان بعض العبيد في مكة قد أسلموا، ولكنهم عجزوا عن مصاحبة محمد إلى المدينة. ولعل العدد يكون فعلاً 150 مسلماً.
ويواجهنا سؤال: كيف تتأكد أن نقل القرآن جاء صحيحاً، مع أنه لم يكن هناك سوى 150 مسلماً مُخْلصين لإسلامهم؟ ربما ضاعت بعض الرقاع بما عليها من آيات. وكيف تضمن عدم حدوث تحريف؟
ستقول لي: لقد حفظوا القرآن في صدورهم، وكان بعض المهاجرين موجودين مع محمد لما تلا السور. ثم أن محمداً كان معهم يصحّح ما قد يخطئون فيه . ومع أني لا أختلف معه في هذه الإجابة، إلا أن المسلم لا يملك برهاناً على ما يقوله، فليست لديه سورة واحدة أصلية من التي كُتبت على الجلد أو الأكتاف! فالمسألة إذاً مسألة إيمان، لا برهان مادي عليه. هذا افتراض أساسي.