كفاءة لوقا كجامع للمعلومات
يقول الرسول بولس عن لوقا إنه الطبيب الحبيب (كولوسي 4:14) فهذه الشهادة، بالإضافة إلى الأسلوب الراقي لكتابة لوقا باليونانية، يعلنان عن درجة ثقافة لوقا العالية. وقد صحب لوقا بولسَ في مناسبتين على الأقل: مرة لفترة قصيرة من ترواس في تركيا إلى فيلبي في اليونان (أعمال 16:10-40). ومرة ثانية لعدة سنوات سافر خلالها مع الرسول بولس من فيلبي إلى أورشليم، وانتظر مع بولس سنتين مدة سجنه في أورشليم، ثم قضى معه سنتين أخريين أثناء سجنه في روما (أعمال 20:6-28:31). وأثناء وجود لوقا مع بولس في فلسطين سنحت له الفرصة أن يلتقي بكثيرين ممن عرفوا المسيح، مثل يعقوب أخي الرب غير الشقيق. ويصف لوقا هذا اللقاء بالقول: وَفِي الغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ، وَحَضَرَ جَمِيعُ المَشَايِخِ (أعمال 21:18). ولقد كان يعقوب هذا يعلم كل شيء عن ميلاد المسيح العذراوي، وكيف عمل مع يوسف في النجارة. وينفرد لوقا بذكر المناقشة التي دارت بين المسيح وشيوخ اليهود في أورشليم لما كان المسيح في الثانية عشرة من العمر (لوقا 2:41-50) وهي حقيقة يسهل عليه أن يعرفها من يعقوب هذا.
ونقرأ في 1كورنثوس 15:7 أن المسيح بعد قيامته ظهر ليعقوب، ولا بد أن لوقا سأل يعقوب عن هذا الظهور وما قاله المسيح له أثناءه.
وبالإضافة إلى شهادة يعقوب، فربما كانت العذراء مريم حية، ويكون أن لوقا سألها شخصياً عن الميلاد العذراوي، لأنه الوحيد الذي أورد كلمات الملاك جبرائيل لها: اَلرُّوحُ القُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ العَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذ لِكَ أَيْضاً القُدُّوسُ المَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللّه (لوقا 1:35 و36).
ولا بد أن لوقا سأل مئات الأشخاص الذين رأوا معجزات المسيح، أثناء إقامته مدة السنتين اللتين كان بولس فيهما مسجوناً في فلسطين. ولا بد أنه التقى ببعض الخمسمئة أخ الذين ظهر المسيح لهم بعد قيامته، دفعةً واحدة (1 كورنثوس 15:6).
كما أن البشير لوقا كان يعرف البشير مرقس لأنهما كانا مع بولس في وقت واحد. ويقول بولس في نهاية رسالته إلى كنيسة كولوسي: يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ المَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا,,, يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الحَبِيبُ ,
(كولوسي 4:10 و14).
ولقد رأينا في حديث بابياس أن البشير مرقس كتب بشارته عن فم بطرس. وبمقارنة بشارتي مرقس ولوقا نكتشف أن لوقا لا بد قد اطّلع على بشارة مرقس واتَّخذها كأحد مراجعه. وربما حصل على بشارة مرقس من كاتبها مباشرة أثناء سجن بولس. وكل هذه شواهدٌ تبرهن أن لوقا تحقَّق من كل ما حصل عليه من معرفة بأقوال المسيح وأعماله من شهود عدول، كما فعل زيد بن ثابت ورفاقه في تحقيق صحّة آيات القرآن.