النزاع الإسلامي بعد موت محمد
لم يكن محمد الشخص الوحيد الذي نادى بنبوّته في شبه الجزيرة العربية، فبعد موته قام ثلاثة أنبياء ونبيَّة جمعوا من حولهم الأتباع، وارتدّ كثيرون من أهل شمال شبه الجزيرة العربية وجنوبها وشرقها عن الإسلام. وهاجم بعضهم المدينة. في هذا الوقت طلب أبو بكر من زيد بن ثابت أن يجمع القرآن.
فلو صدَقت نظرية د. بوكاي أن النزاع المسيحي في القرن الأول سبَّب تحريف الكتب المقدسة، لصدقت النظرية نفسها على القرآن. وإننا لنأسف لضياع كتابات مسيلمة وغيره ممن ادَّعوا النبوة، التي اعتبرها المسلمون كتباً أبوكريفية رغم ما فيها من دراسة تاريخية.
وقد استمر النزاع في العالم الإسلامي، فقتل فيروزُ العبد الفارسي الخليفة الثاني عمر عام 23 هـ . وبعد أقل من 25 سنة من موت محمد (عام 35 هـ ) دخل مسلمون غاضبون بيت عثمان وقتلوه، فبويع علي بن أبي طالب خليفة، ولكن تلك المبايعة لاقت المقاومة، فقامت عائشة (أرملة محمد) ومعها طلحة والزبير بجمع جيش يخلع عليّاً، فجنَّد علي جيشاً عام 35 هـ (أكتوبر ت 1 ، 656م) ولأول مرة حارب جيشٌ مسلم جيشاً مسلماً. وانتصر علي بعد ذلك في موقعة الجمل وقُتل طلحة والزبير، وأُعيدت عائشة إلى مكة. ومن المؤلم أن الذين قادوا الحرب كانوا من الأقربين لمحمد: فعلي ابن عم محمد وزوج ابنته فاطمة، والزبير ابن عم محمد ومن أوائل المسلمين، وأحد العشرة المبشَّرين بالجنة. وكان طلحة بمثابة حفيدٍ لأبي بكر الخليفة الأول، وكان أحد الصحابة المميَّزين، فقد أنقذ محمداً في موقعة أُحد، وهو أيضاً أحد العشرة المبشرين بالجنة.
وقد قتل أحد الخوارج علياً بعد ذلك عام 40 هـ (661م) والخوارج طائفة ثارت على علي.
وقد قصدنا بهذه الفذلكة التاريخية أن نبيّن وجود نزاعات كبيرة في أول العهد بالإسلام. وفي ما عدا طائفة الشيعة، لا يقول مسلمٌ بحدوث تحريف في القرآن نتيجة للمنازعات.
فعلى أي أساس يقول د. بوكاي أو غيره إن الخلاف بين الرسل تسبَّب في حدوث تحريف في الإنجيل؟!