فعالية الشفاعة
لو أن للشفاعة فعالية، فلماذا قال أبو بكر لو أن إحدى قدميَّ في الجنة والأخرى خارجها لا آمَنُ مكر ربي - مع أنه واحد من العشرة الذين بشَّرهم نبي الإسلام بالجنة!
وقرأ أبو ميسرة ما جاء في سورة مريم 19:71 وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا (جهنم). كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً . فكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال يا ليت أمي لم تلدني فقيل: ما يُبكيك يا ميسرة؟ قال أخبرَنا أنّا واردوها ولم يخبرنا أنا صادرون عنها .
وبكى عبد الله بن رواحة في مرضه فبكت امرأته، فسألها: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيتُ. قال ابن رواحة إني قد علمتُ أني وارد النار فما أدري أناجٍ منها أنا أم لا . وقال قيس بن أبي حازم: كان عبد الله بن رواحة واضعٌ رأسه في حِجر امرأته، فبكى فبكت امرأته. قال: ما يُبكيكِ؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت. قال: إني ذكرت قول الله وإن منكم إلا واردها فلا أدري أنجو منها أم لا (تفسير الطبري على سورة مريم 71).
من سورة الشعراء 26:81 يبدو خليل الله إبرهيم متأكداً من الموت والبعث، فيقول وَالذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ . ولكنه غير متأكد من غفران خطيته كما يبدو ذلك من الآية التالية: وَالذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين . ويبدو عدم التأكيد هذا واضحاً في قول موسى وهارون لفرعون إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ المُؤْمِنِينَ (سورة الشعراء 26:51).
ويبدو واضحاً عدم تأكد الأبرار الصالحين من غفران خطاياهم من استعمال كلمة عسى . ففي سورة القصص 28:67 فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنْ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ المُفْلِحِينَ . وجاء في سورة التحريم 66:8 يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ . وجاء في سورة التوبة 9:18 إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ .
وهذا يعني أن الكافرين مصيرهم النار. أما المؤمنون فيقفون أمام الله وحيدين بلا شفيع ولا نصير، عسى أن يكونوا من المفلحين المهتدين.