ثانياً: ملاحظات من الحديث عن الوحي القرآني:
- 1 - جاء في صحيح مسلم عن أنس أن نصرانياً كان يكتب الوحي لمحمد، وكان هذا النصراني يقول: لا يريد محمدٌ إلا ما كتبتُ أنا . (صحيح مسلم - باب جمع القرآن- نزول الوحي).
- 2 - جاء في السيوطي عن أسباب نزول الأنعام 6: 93 أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب للنبي، فيملي عليه عزيز حكيم فيكتب غفور رحيم ثم يقرأ عليه، فيقول النبي: نعم سواء . فرجع عن الإسلام ولحق بقريش. وكان يقول: إن كان محمدٌ يوحَى إليه فقد أُوحي إليَّ، وإن كان الله يُنزِّله فقد أنزَلْتُ مثل ما أنزل الله. قال محمد: سميعاً عليماً، فقلت أنا: عليماً حكيماً .
وقال عبد الله بن سعد: كنت أصرف محمداً حيث أريد. كان يُملي عليّ عزيز حكيم فأقول عليم حكيم فيقول: نعم، كلٌّ صواب حتى قال لي آخر الأمر: أكتب ما شئت .
وجاء أيضاً عن عبد الله بن سعد هذا أنه كان يوماً يكتب لمحمد المؤمنون 23:13 : ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طين، ثم جعلناه نطفةً في قرارٍ مكين إلى قوله ثم أنشأناه خلقاً آخر . فلما بلغ هذا الموضع من الكلامقال عبد الله بن سعد: تبارك الله أحسن الخالقين (المؤمنون 23: 14) فقال محمد: اكتبها فكذلك نزلت . فشكّ عبد الله وقال: لئن كان محمد صادقاً، لقد أُوحي إليَّ كما أُوحي إليه. ولئن كان كاذباً فقد قلتُ كما قال (القرطبي في تفسير الأنعام 6: 93).
- 3 - وكان عبد الله بن مسعود من كتبة الوحي، وقد رُوي عنه أن محمداً أملى عليه آية فكتبها، ثم التمسها ثاني يوم في مصحفه فلم يجدها، وكانت الصحيفة خالية، فأخبر النبي، فقال له: إنها نُسخت من ليلتها (الإتقان للسيوطي، الناسخ والمنسوخ).
- 4 - وروى البخاري وغيره أن عمراً قال: وافقتُ ربي في ثلاث. قلت: يا رسول الله لو أخذتَ من مقام إبراهيم مصلّى. فنزلت: “وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى ; (البقرة 2: 125). وقلت: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البَرّ والفاجر، فلو أمرتَهن أن يحتجبْنَ. فنزلت آية الحجاب: “وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَا سْأَلوُهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ; (الأحزاب 33: 53). واجتمع على رسول الله نساؤه في الغيرة، فقلت لهن: عسى ربه إن طلَّقكن أن يبدّله أزواجاً خيراً منكنّ. فنزلت كذلك “عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ ; (التحريم 66: 5) (الإتقان للسيوطي ما نزل من القرآن على الصحابة).
- 5 - للسيوطي عن سبب نزول (البقرة 2: 284 و286) : روى أحمد ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: لما نزلت: وإن تُبدوا ما في أنفسكم أو تُخفوه يحاسبكم به الله اشتدَّ ذلك على الصحابة، فأتوا رسول الله ثم جثوا على الرُّكب وقالوا: قد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها... فنسخها وأنزل: لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها. لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت (أسباب النزول للنيسابوري في سبب نزول البقرة 2: 284 286).
- 6 - وللسيوطي عن سبب نزول الأحزاب 33: 50 : “وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ; أن أم شريك الدوسية عرضت نفسها على النبي وكانت جميلة فقبلها. فقالت عائشة: ما مِن امرأةٍ حين تهب نفسها لرجلٍ خير . فنزلت (الأحزاب 50). فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة: إن الله يسرع لك في هواك (السيوطي أسباب نزول 33: 50).
- 7 - روى المسوّر بن محزمة أن عبد الرحمن بن عوف قال: ألم نجد في ما أُنزل علينا (جاهدوا كما جاهدتم أول مرة) فإننا لا نجدها . قال: أُسقطت فيما أُسقط من القرآن . ورُوي عن ابن عمر: لا يقولنّ أحدكم أخذتُ القرآن كله، وما يدريه ما كلّه. قد ذهب منه قرآن كثير. ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر (الإتقان للسيوطي باب الناسخ والمنسوخ).