- تعليقات على سورة الحِجْر (15)
خلق الجان:
والجانَّ خلقناه مِن قَبْلُ من نار السَّموم (آية 27).
وقالوا: الجان أبو الجن كما أن آدم أبو البشر. وفي الجن مسلمون وكافرون يأكلون ويشربون ويحيون ويموتون كبني آدم. وأما الشياطين فليس منهم مسلمون ولا يموتون. ومعنى نار السَّموم نار جهنم. وقال ابن مسعود: هذه السموم جزء من سبعين جزءاً من السموم التي خُلق منها الجان. وهي تقدر أن تتولَّج في بواطن الحيوانات وتنفذ في منافذها الضيقة نفوذ الهواء المستنشَق (الرازي في تفسير هذه الآية). ولكن ذهب العقلاء إلى أنه إذا كان للجن أجسامٌ وأنهم يتوالدون دون أن نراهم، جاز أن يكن بحضرتنا جبالٌ وبلاد لا نراها، وأبواقٌ وطبولٌ لا نسمعها!
والحق هو ما ورد في التوراة من أنه لا يوجد سوى الملائكة الأخيار والملائكة الأشرار، أو أرواح طاهرة وأرواح شريرة. ولا وجود لشيء يُقال له جن.
تبشير إبراهيم:
إنّا نبشّرك (يعني إبراهيم) بغلام (آية 53).
مع أنه في هود 11: 74 يقول: إن الملائكة بشّروا امرأته ولكننا نعلم أن الإنباء بهلاك سدوم هو بخلاف البشارة بميلاد اسحق.
سبعة أبواب جهنم والصراط:
وإنّ جَهنَّم لَمَوْعِدُهم أجمعين، لها سبعةُ أبوابٍ، لكل بابٍ منهم جزءٌ مقسوم (آيتا 43 ، 44).
قال علي بن أبي طالب: تَدْرون كيف أبواب جهنم؟ ووضع إحدى يديه على الأخرى، أي سبعة أبواب بعضها فوق بعض. قال ابن جريج: النار دركات، أوّلها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية . قال الضحاك: في الدركة الأولى أهل التوحيد الذين دخلوا النار يُعذَّبون فيها بقدر ذنوبهم، ثم يُخرَجون منها. وفي الثانية النصارى، وفي الثالثة اليهود، وفي الرابعة الصابئون، وفي الخامسة المجوس، وفي السادسة أهل الشِرك، وفي السابعة المنافقون .
ويقول المسلمون إن الصراط ممدود على ظهر جهنم، يعبر عليه جميع الخلائق، المؤمن وغير المؤمن. ولذا ورد قوله: وإنْ منكم إلا واردُها، كان على ربك حَتْماً مَقْضياً (مريم 19: 71) يعني يدخل البَرُّ والفاجر في جهنم، ثم ينجّي الله الذين اتَّقوا. كان على ربك حتماً مقضياً أي كان ورود جهنم قضاء لازماً قضاه الله عليكم، وأوجبه. قال القرآن ثم ننجّي الذين اتَّقوا .
وقد أنكر المعتزلة هذا. وقالوا إن من كان أدقّ من الشعر وأحدّ من غرار السيف لا يمكن عقلاً العبور عليه. وإن أمكن العبور فلا يمكن إلا مع مشقّة عظيمة، ففيه تعذيب للمؤمنين. فردّوا على ذلك بأن القادر المختار يسهّل على المؤمنين (أنظر الطبري في مريم 19: 70 ، 71).