- تعليقان على سورة السجدة (32)
يوم ألف أو خمسون ألف سنة:
يدبِّر الأمرَ من السماءِ إلى الأرضِ، ثم يَعْرُجُ إليه في يومٍ كان مقداره ألفَ سنةٍ مما تَعُدُّون (آية 5).
يعني مسافة ما بين السماء والأرض خمسمائة سنة، فيكون مقدار نزوله إلى الأرض ثم صعوده إلى السماء استغرق ألف سنة، لو ساره أحدٌ من بني آدم. ولكن جبريل ينزل ويصعد في مقدار يوم من أيام الدنيا وأقل من ذلك. وقيل: معنى هذه العبارة هو أنه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا، ثم يعرج إليه، أي يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا في يومٍ كان مقداره ألف سنة. تَعْرُجُ الملائكةُ والروحُ إليه في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة (المعارج 70: 4). فقالوا إن الخمسين ألف سنة هي مدة المسافة بين الأرض وسدرة المنتهى، التي هي مقام جبريل. وقيل: إن المراد في العبارتين يوم القيامة. أما ابن عباس فقال: أيامٌ سمّاها الله تعالى لا أدري ما هي، وأكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم, يعني أنها من الطلاسم المجهولة (القرطبي في تفسير السجدة 32: 5 الرازي في تفسير المعارج 70: 4).
التوراة هدى
ولقد آتينا موسى الكتابَ فلا تكن في مِرْيةٍ من لقائه، وجعلناه هدى لبني إسرائيل، وجعلنا منهم أئمَّةً يَهْدون بأمرنا لمَّا صَبَروا وكانوا بآياتنا يوقِنون. إن ربَّك هو يفصِل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (آيات 23 25).
المراد بالكتاب التوراة. فلا تكن في شك من تلقّي موسى الكتاب، أو لقائك موسى ليلة المعراج، أو من لقاء موسى ربَّه يوم الآخرة. وجعلنا الكتاب المنزَل على موسى لقومه هدى، وإن أئمتهم يدعون الناس إلى ما في التوراة من دين الله وشرائعه. وقوله بآياتنا أي التوراة يعلّمون علماً لا يخالجه شك. وقوله يفصل بينهم يوم القيامة أي بين الأنبياء وأممهم، أو بين المؤمنين والمشركين . والمعنى ظاهر وصريح فإذا كانت التوراة فُقدت قبل عصر محمد فكيف يقول إنها هُدَى، وكيف يُمعنون فيها النظر وهي مفقودة؟