- تعليقات على سورة الأحزاب (33)
ضاع منها:
عن در بن حبيس قال: قال لي أُبيّ بن كعب كم تُعد سورة الأحزاب؟ قلت اثنتين وسبعين آية أو ثلاثاً وسبعين. قال: إنها (أي سورة الأحزاب) كانت لتعدل سورة البقرة وإنّا كنا نقرأ فيها آية الرجم. قلت: وما آية الرجم؟ قال: إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم (الإتقان للسيوطي. باب الناسخ والمنسوخ).
هذا كلام أئمتهم، وهم يُقرّون بحذف وضياع كثير من القرآن. فهل الله ليس قادراً على حفظ كلامه؟ فلو كان القرآن من عند الله ما ضاع منه حرف، فلله وعد في كتابه السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول (متى 24: 35).
طاعة الكافرين:
يا أيها النبيُّ اتّقِ الله ولا تُطِعِ الكافرين والمنافقين (آية 1).
لما هاجر محمد إلى المدينة كان يحب إسلام اليهود، فكان يلين لهم جانبه، ويكرم صغيرهم وكبيرهم، وإذا أتى منهم قبيحٌ تجاوز عنه، وكان يسمع منهم.
ورُوي أن أهل قريش بعثوا لمحمد وفداً وهو في المدينة قالوا له: قل إن لآلهتنا شفاعةً، وندعك وربك. فشقّ ذلك على النبي، فقد مال محمد ليرضي قومه، فنهره الله بقوله: اتّق الله ولا تطع الكافرين .
محمد يأخذ زوجة زيد:
وإذْ تقولُ للذي أنعم اللهُ عليه وأنعمْتَ عليه: أمسِكْ عليك زوجَك، واتّقِ الله، وتخفي في نفسك ما الله مُبْديه، وتخشى الناسَ واللهُ أحقّ أن تخشاه. فلما قضى زيدٌ منها وطراً زوَّجناكَها، لكيلا يكون على المؤمنين حَرجٌ في أزواج أدعيائهم إذا قَضَوْا منهنّ وطراً. وكان أمر الله مفعولاً (آية 37).
قالها في زينب، وذلك أن محمداً أتى زيداً ذات يوم لحاجةٍ، فأبصر زينب في درعٍ وخمارٍ، وكانت بيضاء جميلة ذات خلق من أتم نساء قريش، فوقعت في نفسه وأعجبه حسنُها. فقال: سبحان الله مقلِّب القلوب، وانصرف. فلما جاء زيدٌ ذكرت له ذلك، ففطن زيدٌ وأتى محمداً فقال: إني أريد أن أفارق صاحبتي. فقال له: ما لك؟ أَرَابك منها شيء؟ قال: لا والله. ما رأيت منها إلا خيراً، ولكنها تتعظم عليَّ بشرفها، وتؤذيني بلسانها. فقال له محمد: أمسك عليك زوجك واتّق الله في أمرها (أي لا تفارقها). غير أن محمداً قال بعد ذلك إن الله عاقبه وقال له: لِمَ قلتَ أمسِكْ عليك زوجك؟ هل خفتَ من لائمة الناس أن يقولوا: أمر رجلاً بطلاق امرأته ثم نكحها؟ فلا تخشَ الناس يا محمد.
قال أنس: كانت زينب تفتخر على أزواج محمد. تقول: زوّجكنَّ آباؤكن وزوّجني الله من فوق سبع سموات. وكانت تقول لمحمد: إني لأدل عليك بثلاث، ما من امرأة من نسائك تدل بهنّ، جدّي وجدّك واحد، وإني أنكحنيك الله في السماء، وإن السفير جبريل (الطبقات الكبرى ابن سعد ح 8 باب زوجات محمد).
امرأة تهب نفسها لمحمد:
وامرأةً مؤمنةً إن وهبَتْ نفسها للنبي، إن أراد النبي أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين (آية 50).
أخرج ابن سعد عن منير بن عبد الله الدؤلي: أن أم شُرَيْك الدوسية عرضت نفسها على النبي وكانت جميلة، فقبلها. فقالت عائشة: ما في امرأة حين تهب نفسَها لرجلٍ خير! قالت أم شريك: فأنا تلك. فسمّاها محمد مؤمنة فقال: وامرأةً مؤمنةً الخ . فلما قال محمد هذا قالت عائشة: إن الله يسارع لك في هواك (أسباب النزول للسيوطي سبب نزول هذه الآية).
تخيير محمد في أمر نسائه:
تُرجِي من تشاءُ منهنّ وتؤوي إليك من تشاء، ومَن ابتغيتَ ممن عزلت، فلا جُناح عليك. ذلك أدنى أن تَقَرَّ أعينُهنّ ولا يحزنّ ويرضَيْن بما آتيتهنّ كلهنّ (آية 51). (أرجَى أي أخَّر).
قال الحسن: معنى هذه العبارة أن الله فوّض له أن يترك نكاح من شاء من نسائه، وينكح من شاء منهن وأخرج الشيخان عن عائشة أنها كانت تقول: أَمَا تستحي المرأة أن تهب نفسها؟ (أي لرجل آخر) فقال محمد هذه العبارة، فقالت عائشة: أرى ربك يسارع لك في هواك . وقد آوى محمد إليه من نسائه عائشة وحفصة وأم سلَمَة وزينب، وكان يقسم بينهن سواء، وأرجى من نسائه خمساً: أم حبيبة وميمونة وسودة وجويرية وصفية، فكان يقسم لهن ما يشاء (الكشاف في تفسير هذه الآية).
فإذا طعِمْتُم فانتشروا:
يا أيها الذين آمنوا، لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يُؤذَن لكم إلى طعامٍ غيرَ ناظرين إِناه. ولكن إذا دُعيتم فادخلوا، فإذا طعِمْتُم فانتشروا، ولا مُسْتَئْنِسين لحديثٍ. إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم، والله لا يستحي من الحق (آية 53).
أقام محمد وليمةً ليلة زواجه بزينب، ودعا القوم وأطعمهم، وكان يتمنَّى أن ينصرفوا لانشغال باله بالعروس، فتهيّأ للقيام، فقام البعض. ثم تهيأ للقيام ثانية فبقي البعض، وتهيأ ثالثة للقيام فانصرفوا. فدخل بيته، فتبعه أنس، فمنعه بإلقاء الحجاب، وقال: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يُؤذَن لكم . نعم الذوق واجب، ولكن لا يجوز أن يشتغل الوحي بمثل هذه الأمور! وهل هذا كان في اللوح المحفوظ! (أسباب النزول للسيوطي سبب نزول الأحزاب 53).
ولا تنكحوا أزواجه من بعده:
وما كان لكم أن تُؤْذوا رسول الله، ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً. إن ذلكم كان عند الله عظيماً (آية 53).
صرَّح هنا بعدم جواز اقتران أحدٌ بإحدى نسائه، وأتى طلحة إحدى زوجات محمد، فكلَّمها، وهو ابن عمِّها. فقال محمد: لا تقومنّ هذا المقام بعد يومك فقال: إنها ابنة عمي. والله ما قلتُ لها منكراً ولا قالت لي . فقال محمد: ليس أحدٌ أغْيَر من الله، وإنه ليس أحد أغْيَر مني . فمضى، ثم قال: إذا مات محمد لأتزوجنَّ عائشة من بعده . فقال: ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً (أسباب النزول للسيوطي سبب نزول هذه الآية).