- تعليق على سورة يس (36)
الرسولان والقرية:
واضرب لهم مثلاً أصحابَ القرية إذ جاءها المرسَلون، إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذّبوهما فعزَّزْنا بثالثٍ فقالوا إنّا إليكم مرسَلون (آيتا 13 ، 14) (حتى عدد 27).
قالوا إن عيسى أرسل إلى أنطاكية اثنين، فلما قربا من المدينة رأيا حبيباً النجار يرعى، فسألهما فأخبراه. فقال: أمعكما آية؟ فقالا: نشفي المريض ونبرىء الأكمه والأبرص. وكان له ولدٌ مريض فمسحاه فبرأ، فآمن حبيب وفشا الخبر، فشُفي على حديثهما خلقٌ. وبلغ حديثهما إلى الملك وقال لهما: ألنا إلهٌ سوى آلهتنا؟ قالا: من أوجدك وآلهتك؟ قال: انتظرا حتى أنظر في أمركما. فحبسهما. ثم بعث عيسى شمعونَ، فدخل متنكراً وعاشر أصحاب الملك حتى استأنسوا به وأوصلوه إلى الملك فأنس به، فقال له يوماً: سمعتُ أنك حبستَ رجلين، فهل سمعت ما يقولانه؟ قال: لا. فدعاهما فقال شمعون: من أرسلكما؟ قالا الله الذي خلق كل شيء. فقال صِفَاه وأوجِزا. قالا: يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. قال: وما آيتكما؟ قالا: ما يتمنى الملك. فدعا بغلامٍ مطموس العينين، فدعَوَا الله حتى انشقّ له بصر، وأخذا بُنْدُقَتَيْن فوضعاهما في حدقتيه فصارتا مُقلتين. فقال شمعون: أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا حتى يكون لك وله الشرف؟ قال: ليس لي عنك سر. إلهنا لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع. فإنْ قَدِر إلهُكما على إحياء ميتٍ آمنّا به . فدعوا بغلام مات منذ سبعة أيام فقام، وقال: إني أُدخلت في ستة أودية من النار، وإني أحذّركم ما أنتم فيه، فآمِنوا. وقال: فُتحت أبواب السماء فرأيت شاباً حسناً يشفع لهؤلاء الثلاثة. قال الملك: من هم؟ قال شمعون وهذان. فلما رأى شمعون أن قوله أثّر فيه نصحه فآمن في جمع، ومن لم يؤمن صاح عليهم جبريل فهلكوا (القرطبي في تفسير هاتين الآيتين).
وكتاب الله يعلمنا أن المسيح أرسل رسُله اثنين اثنين ليبشّروا بالإنجيل، فعملوا الآيات والمعجزات الباهرة، وأنبأهم بأنهم سيُسجَنون، ولكن لم يرد في الإنجيل أن اثنين حُبسا، وأن المسيح أرسل شمعون على الملك بهذه الحيلة.