تعليق على سورة الجاثية (45)
التوراة حكم ونبوة:
ولقد آتَيْنا بني إسرائيل الكتابَ والحُكم والنبوّة، ورزقناهم من الطيبات، وفضّلناهم على العالمين، وآتيناهم بيّناتٍ من الأمر، فما اختلفوا إلا بعد ما جاءهمُ العِلم بَغْياً بينهم. إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون (آيتا 16 ، 17).
فقوله الكتاب يعني التوراة وقوله الحُكم أي معرفة أحكام الله (كما قال الخازن). وقال النسفي: الحكمة والفقه أو فصل الخصومات بين الناس لأن المُلك كان فيهم، وإنما اختلفوا لبغْيٍ حدث بينهم، أي لعداوةٍ وحسدٍ بينهم، لأن مقصودهم كان طلب الرياسة والتقدم . فلم يقل إن التوراة فُقدت بل كانت موجودة، وإنما هو الاختلاف الناشىء عن حب الرياسة كالمشاهَد الآن، فإن كل طائفةٍ تنابذ الأخرى طمعاً في الرياسة، وتؤيّد طريقتها ومذهبها من التوراة. وهذا الاختلاف يكون من أقوى الأسباب لصيانة التوراة وحفظها.