من كتاب التكوين الفصول 1 إلى 5
بداية الإنسان
الله يخلق آدم في اليوم السادس
وقال الله ليكن نور. وليكن فاصل بين مياه ومياه أسماه سماء. ولتظهر اليابسة، وتنبت الأرض عشبا وشجرا. وعمل الله النورين العظيمين والنجوم. وقال لتمتلئ المياه والأرض بذوات النفس الحية، وليكثر الطير. وقال نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض. وجبل الله آدم ترابا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفسا حية. ثم أوقع الله سباتا على آدم فنام. فأخذ واحدة من أضلاعه وبناها امرأة. وقال كل شجر يبذر بذرا يكون لكم طعاما. ورأى الله كل ما عمله فإذا هو حسن جدا. فرضي في اليوم السابع عن جميع عمله.
وضع الإنسان في الجنة
عمل الله الجنة ليحيا فيها آدم
وغرس الله جنة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم. وأنبت الله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل. وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة. ومن هناك ينقسم فيصير أربعة رؤوس: اسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب. وذهب تلك الأرض جيد. هناك المقل وحجر الجزع. واسم النهر الثاني جيحون وهو المحيط بجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل وهو الجاري شرقي أشور. والنهر الرابع الفرات.
الله يوصى آدم بعدم الأكل من شجرة واحدة
وأوصى الله آدم قائلا من جميع شجر الجنة تأكل أكلا، وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها لأنك يوم تأكل منها موتا تموت.
س: ماذا نتعلم من خلق الله لشجرة منع آدم من الأكل منها؟ ليفهم الإنسان أن حرية الاختيار هي من أهم هبات الخالق سبحانه للإنسان. فالله عز وجل لا يرضى بعبادة يقدمها له الإنسان آلياً وهو مسَيَّر مسلوب الإرادة بلا اختيار وبلا شوق حقيقي إلى لقاء ربه.
تأسيس شريعة الزواج
الله يخلق حواء من أحد أضلاع آدم
وقال الله: ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينا نظيره. فأوقع الله سباتا على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما، وبنى الله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم.
س: ماذا نتعلم من خلق الله لحواء؟ خلق الله أمنا حواء بعد أن خلق كل شئ، وهذا يعني أن كمال الكون يكمن في استمراريته حيث توج الله خليقته بأمنا حواء. فقد بدأ الله بخلق الجماد (مادة فقط) ثم خلق الحيوان (جسدا ونفسا) وأخيرا خلق الإنسان آدم ثم حواء (جسدا ونفسا وروحا). أما الروح فهو ما يتميز به الإنسان ويجعله قادرأً على التواصل مع ربه عز وجل.
الله يؤكد على أن العلاقة بين الزوجين طاهرة
فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرء أُخذت، لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا، وكانا كلاهما عريانين آدم وامرأته وهما لا يخجلان.
الله يوصى آدم وحواء أن يثمرا ويتكاثرا
وباركهم الله وقال لهم اثمروا وأكثروا واملأوا الأرض أخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض.
آدم وحواء يعصيان الله
المُجَرِّب (الحية أو الشيطان)
وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الله، فقالت للمرأة: أحقا قال الله لا تأكلا من كل شجر الجنة؟
س: ما معنى كلمة معصية؟ ولماذا اعتبر الأكل من تلك الشجرة معصية؟ المعصية هي السير في طريق معاكس لطريق لله، مما ينم عن عدم خضوع وتمرد داخلي، وقال البعض انه يعني الكفر بكلام الله والتمرد عليه. فكأن الأكل من الشجرة المحرمة هو تعبير صامت عن كل تلك الأمور.
التجربة
وقالت المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل، وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا، وقالت الحية للمرأة: لن تموتا، بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر
س: هل خلق الله أبوينا آدم وحواء معصومين؟ ولماذا؟ ليس كامل ومعصوم إلا الله وحده سبحانه. وكونه -عز وجل- يعصم إنسانا فهذا معناه أنه يجرده من حريته في الاختيار لكي لا يفعل الإنسان إلا ما يريده الله فقط. والحرية هي أول عطية وهبها الخالق القدير للإنسان. فسبحانه لا يرضى أن يعبده إنسان مسَيَّراً مسلوب الإرادة أو غير مخير. بل يحب أن يأتي إليه فقط ذلك العابد الذي يشتاق من قلبه إلى لقاء ربه.
السقوط
فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل، وأنها بهجة للعيون، وأن الشجرة شهية للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضا معها فأكل، فانفتحت أعينهما وعلما انهما عريانان فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر.
س: اشرح دور أمنا حواء، ومسئولية أبينا آدم في هذه المعصية؟ لقد عصت أمنا حواء وهي أم كل بشر فمدت يدها إلى ما حرَّمه الله، وعصى أبونا آدم ربه وهو أبو الأنبياء فلم يقاوم تلك الرغبة أيضاً.
الهروب من المسئولية
وسمعا صوت الله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الله في وسط شجر الجنة، فنادى الله آدم وقال له: أين أنت، فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت، فقال من أعلمك انك عريان هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها، فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت، وقال الله للمرأة: ما هذا الذي فعلت؟ فقالت المرأة: الحية غرتني فأكلت.
نتيجة الخطية
بالنسبة للحية
فقال الله للحية: لأنك فعلت هذا ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين، وترابا تأكلين كل أيام حياتك، واضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.
بالنسبة للمرأة
وقال للمرأة تكثيرا أكثر أتعاب حبلك. بالوجع تلدين أولادا، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك.
بالنسبة لآدم
وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلا لا تأكل منها، ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك، وشوكا وحسكا تنبت لك. بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود إلى الأرض التي أخذت منها. لأنك تراب والى تراب تعود. وصنع الله لآدم وامرأته أقمصة من جلد وألبسهما. فأخرجه الله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان.
س: كيف عاقب الله أبوينا على معصيتهما؟ كان العقاب الذي أوقعه الله بأبوينا آدم وحواء هو الطرد من جنة الوجود في محضره.
موت آدم
وعرف آدم حواء امرأته فحبلت و ولدت قايين. ثم عادت فولدت هابيل. ثم عرف آدم امرأته أيضا فولدت ابنا ودعت اسمه شيث. فكانت كل أيام آدم التي عاشها تسع مئة وثلاثين سنة ومات.
س: ماذا نتعلم من طرد الله لأبوينا آدم وحواء من الجنة رغم أنه هو الذي خلقهما ويعلم ضعفهما؟ نتعلم أن الله قدوس عزيز ولا مكان في جنة محضره لساهِ أو لاهِ مهما كان تدين ذلك الإنسان أو مكانته في المجتمع.
س: هل غفر الله لأبوينا عندما تابا عن معصيتهما؟ وماذا نتعلم من رفض الله لعودتهما للجنة؟ إن ولادتنا خارج الجنة دليل واضح على عدم عودة أبوينا إليها، رغم اعترافهما بمعصيتهما وتوبتهما عنها. وهذا يبين لنا أنه لابد أن للقصة بقية!!