من كتاب التكوين الفصول 25 إلى 36
وكان اسحق ابن أربعين سنة لما اتخذ لنفسه زوجة وصلى اسحق إلى الله لأجل امرأته لأنها كانت عاقرا. فاستجاب. و قال لها الله: في بطنك (أمتَّان) ومن أحشائك يفترق شعبان، شعب يقوى على شعب وكبير يستعبد لصغير. فلما كملت أيامها لتلد إذا في بطنها توأمان. فخرج الأول، فدعوا اسمه عيسو، وبعد ذلك خرج أخوه ويده قابضة بعقب عيسو فدعي اسمه يعقوب. فكبر الغلامان. وكان عيسو إنسانا يعرف الصيد (إنسان البرية) ويعقوب إنسانا كاملا يسكن الخيام، فأحب اسحق عيسو لأن في فمه صيدا، وأما رفقة فكانت تحب يعقوب.
الابن البكر يتنازل عن بركته
وطبخ يعقوب طبيخا فأتى عيسو من الحقل وهو قد أعيا. فقال عيسو ليعقوب: أطعمني. فقال يعقوب: بعني اليوم بكوريتك. فباع بكوريته ليعقوب، فأعطى يعقوب عيسو خبزا وطبيخ عدس، فأكل وشرب وقام. ومضى فاحتقر عيسو البكورية.
س: ما رأيك في قيام عيسو ببيع البَرَكة الخاصة به؟ فضل عيسو الشبع المؤقت عما هو باقٍ.
استمرار الوعد بالبركة
ذهب اسحق إلى أبيمالك ملك الفلسطينيين إلى جرار. وظهر له الله وقال: تغرب في هذه الأرض فأكون معك وأباركك. فمضى اسحق من هناك إلى بئر سبع. فظهر له الله في تلك الليلة وقال: أنا اله إبراهيم أبيك. لا تخف لأني معك. وأباركك وأكثر نسلك من اجل إبراهيم عبدي. فبنى هناك مذبحا ودعا باسم الله ونصب هناك خيمته. وحدث لما شاخ اسحق وكلت عيناه عن النظر انه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له أنني قد شخت ولست أعرف يوم وفاتي. اخرج إلى البرية وتصيد لى صيدا لآكل حتى تباركك نفسي. وأما رفقة فكلمت يعقوب ابنها قائلة: اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جديين جيدين من المعزى فاصنعهما أطعمة لأبيك كما يحب ليأكل حتى يباركك قبل وفاته. فقال يعقوب: أجلب على نفسي لعنة لا بركة. فقالت له أمه لعنتك عليَّ يا ابني. اسمع لقولي فقط. فذهب وأخذ وأحضر لأمه، فصنعت أمه أطعمة كما كان أبوه يحب.
س: هل يستحق عيسو بركة الابن البكر؟ اذكر سبب إجابتك. إنه على الإنسان أن يحافظ على النعمة التي أعطاها الله له، وإلا فقدها وأعطاها الله لغيره.
لمن البركة؟
أخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر وألبست يعقوب ابنها الأصغر، فدخل إلى أبيه، فقال اسحق ليعقوب: الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو. ولم يعرفه، فقال قدم لي لآكل من صيد ابني حتى تباركك نفسي. فقدم له فأكل وقبله فشم رائحة ثيابه وباركه وقال: فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطة. كن سيدا لاخوتك. ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين. وحدث عندما فرغ اسحق من بركة يعقوب ويعقوب قد خرج من لدن اسحق أبيه أن عيسو أخاه أتى من صيده، فصنع هو أيضا أطعمة ودخل بها إلى أبيه. فقال له اسحق أبوه من أنت؟ فقال أنا ابنك بكرك عيسو. فارتعد اسحق ارتعادا عظيما جدا وقال فمن هو الذي اصطاد صيدا واتى به إليَّ فأكلت من الكل قبل أن تجيء وباركته، نعم ويكون مباركا. فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخة عظيمة ومرة جدا.
س: هل رغبة يعقوب في البركة تبرر وسيلته لنوالها؟ الغاية لا تبرر الوسيلة. ولكل رغبة عواقبها وقد قضى يعقوب طوال عمره يدفع ثمن رغبته تلك.
حقد وخوف
وقال (عيسو) لأبيه باركني أنا أيضا يا أبى إلا أن اسمه دعي يعقوب فقد تعقبني الآن مرتين. أخذ بكوريتي وهوذا الآن قد أخذ بركتي. ثم قال أما أبقيت لي بركة؟ فأجاب اسحق: بسيفك تعيش ولأخيك تستعبد. فحقد عيسو على يعقوب وقال أقتل يعقوب أخي. فأخبرت رفقة يعقوب، وقالت له قم اهرب إلى أخي لابان إلى حاران حتى يرتد غضب أخيك عنك وينسى ما صنعت به. فخرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران، وصادف مكانا وبات هناك. ورأى حلما: وإذا سلم منصوبة على الأرض ورأسها يمس السماء، وهوذا ملائكة الله صاعدة ونازلة عليها، وهوذا الله واقف عليها فقال أنا الله اله إبراهيم أبيك واله اسحق. يكون نسلك كتراب الأرض، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض. فاستيقظ يعقوب من نومه، وخاف، وقال ما أرهب هذا المكان. ما هذا إلا بيت الله وهذا باب السماء . وهذا الحجر الذى أقمته عمودا يكون بيت الله.
اصرار ومعاناة
وذهب إلى أرض بني المشرق و أبصر يعقوب راحيل بنت لابان خاله فكان حين سمع لابان ركض للقائه وأتى به إلى بيته. وكان للابان ابنتان اسم الكبرى ليئة واسم الصغرى راحيل. وأحب يعقوب راحيل. فقال أخدمك سبع سنين براحيل ابنتك الصغرى. فخدم يعقوب براحيل سبع سنين. فجمع لابان جميع أهل المكان وصنع وليمة. وكان في المساء انه اخذ ليئة ابنته وأتى بها إليه فدخل عليها. وفي الصباح إذا هي ليئة فقال للابان لماذا خدعتني. فقال لابان لا يفعل هكذا في مكاننا أن تعطى الصغيرة قبل البكر. اكمل أسبوع هذه فنعطيك تلك أيضا. فأكمل أسبوع هذه فأعطاه راحيل ابنته زوجة له. ورأى الله أن ليئة مكروهة ففتح رحمها (وأعطاها6بنين) ثم ولدت ابنة ودعت اسمها دينة (أما راحيل فكانت عاقرا). وذكر الله راحيل وسمع لها فحبلت وولدت ابنا فقالت قد نزع الله عاري. ودعت اسمه يوسف قائلة يزيدني الله ابنا آخر.
س: ما رأيك فى أسلوب لابان في تزويج إبنتيه ليعقوب؟ هل تجد هذا الأسلوب يتكرر فى وقتنا الحالى؟ لم يفكر لابان إلا في عادات قومه، متجاهلا رغبة كل من ابنتيه ورغبة يعقوب. وهكذا أيضا يخطئ كل شخص في حق أحبائه عندما يخنع للتقاليد العمياء.
صراع المشاعر
وحدث لما ولدت راحيل يوسف أن نظر يعقوب وجه لابان وإذا هو ليس معه كأمس وأول من أمس. فأرسل ودعا راحيل وليئة إلى الحقل إلى غنمه، وقال لهما: أنا أرى وجه أبيكما أنه ليس نحوي كأمس وأول من أمس. فقالتا له: لنا أيضا نصيب وميراث في بيت أبينا، ألم نحسب منه أجنبيتين لأنه باعنا وقد أكل أيضا ثمننا؟ فقام يعقوب وحمل أولاده ونساءه على الجمال، وساق كل مواشيه وجميع مقتناه الذي كان قد اقتنى ليجيء إلى اسحق أبيه إلى أرض كنعان. فلحق لابان يعقوب، وقال لماذا هربت خفية وخدعتني ولم تخبرني؟ فأجاب يعقوب وقال للابان: إني خفت لأني قلت لعلك تغتصب ابنتيك مني. فأجاب لابان وقال ليعقوب هلم نقطع عهدا أنا وأنت انك لا تذل بناتي ولا تأخذ نساء على بناتي. ليس إنسان معنا. انظر الله شاهد بيني وبينك. وذبح يعقوب ذبيحة في الجبل، ثم بكر ورجع لابان إلى مكانه.
عودة الابن
وأما يعقوب فمضى في طريقه. وأرسل رسلا قدامه إلى عيسو أخيه وأمرهم قائلا هكذا تقولون لسيدي عيسو هكذا قال عبدك يعقوب: تغربت عند لابان ولبثت إلى الآن. وقد صار لي بقر وحمير وغنم وعبيد وإماء. وأرسلت لأخبر سيدي لكي أجد نعمة في عينيك. فرجع الرسل إلى يعقوب قائلين: أتينا إلى أخيك إلى عيسو وهو أيضا قادم للقائك وأربع مئة رجل معه، فخاف يعقوب جدا وقال يعقوب يا إله أبى إبراهيم وإله أبى اسحق نجني من يد أخي من يد عيسو لأني خائف منه أن يأتي ويضربني الأم مع البنين. وأنت قد قلت إني أحسن إليك وأجعل نسلك كرمل البحر الذي لا يعد للكثرة. ثم قام في تلك الليلة واخذ امرأتيه وجاريتيه وأولاده الأحد عشر وأجازهم الوادي وأجاز ما كان له.
صراع آخر من أجل البركة
فبقي يعقوب وحده. وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر. ولما رأى انه لا يقدر عليه ضرب حق فخذه فانخلع حق فخذ يعقوب. وقال اطلقني لأنه قد طلع الفجر. فقال لا أطلقك إن لم تباركني. فقال له ما اسمك؟ فقال يعقوب، فقال لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت. وباركه هناك. فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلا لأني نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسي. وأشرقت له الشمس وهو يخمع على فخذه. ورفع يعقوب عينيه ونظر وإذا عيسو مقبل ومعه أربع مئة رجل. ركض عيسو للقائه وعانقه ووقع على عنقه وقبله وبكيا. ثم رفع عينيه وأبصر النساء والأولاد. وقال ما هؤلاء؟ فقال الأولاد الذين أنعم الله بهم على عبدك. فرجع عيسو ذلك اليوم في طريقه إلى سعير. ثم أتى يعقوب سالما إلى مدينة شكيم التي في أرض كنعان وأقام هناك مذبحا.
موت زوجة يعقوب ووالده
ثم قال الله ليعقوب قم اصعد إلى بيت إيل وأقم هناك واصنع هناك مذبحا. ففعل يعقوب. ثم رحلوا من بيت إيل. ولما كان مسافة من الأرض بعد حتى يأتوا إلى افراتة ولدت راحيل. وكان عند خروج نفسها لأنها ماتت أنها دعت اسمه بن اوني وأما أبوه فدعاه بنيامين. فماتت راحيل ودفنت في طريق افراتة التي هي بيت لحم. وجاء يعقوب إلى اسحق أبيه. وكانت أيام اسحق مئة وثمانين سنة، فأسلم اسحق روحه ومات وانضم إلى قومه شيخا وشبعان أياما. ودفنه عيسو ويعقوب ابناه. وسكن يعقوب في أرض غربة أبيه في أرض كنعان.
س: كيف تصف تلك الفترة من حياة يعقوب؟ هذا سؤال يجيب عليه القارئ.