أسئلة سابقةنادر - جريتا - أيمنس: مات المسيح من أجل كل الجنس البشري على الصليب. لو أن الإيمان بموته هو الطريق الوحيد للخلاص, فماذا إذن عن أعمالي على الأرض. وهل سأذهب إلى السماء بمجرد إيماني بموته؟ج: لقد خلق الله الإنسان, وأعطاه وصايا وأمره أن يطيعها, وإن لم يُجازَ المعتدي, فإنها تصبح بلا قيمة. وسوف يأتي اليوم الذي فيه يقف الإنسان أمام الله الديان للمحاسبة. وفي الرسالة إلى العبرانيين 9 : 27 "فكما أن مصير الناس المحتوم, هو أن يموتوا مرة واحدة ثم تأتي الدينونة". وفي الرسالة إلى مؤمني روما 14 : 12 "إذاً, كل واحد منا سيؤدي حساباً عن نفسه لله". وفي الإنجيل كما دونه متى 12 : 36 "... أقول لكم: إن كل كلمة باطلة يتكلم بها الناس, سوف يؤدون عنها الحساب في يوم الدينونة". فكيف يتبرر الإنسان أمام الله؟ قال البعض بالتوبة, لأن كل الناس خطأة وخيرهم التائبون... ولكن التوبة غير كافية, لأن التوبة هي قرار يتخذه الشخص - بعد فعل شئ خطأ- بعدم فعله في المستقبل. ولكن ماذا عن كل الماضي أو الخطايا التي فعلناها قبل التوبة؟. لنفترض أن شخصاً قُدم للمحاكمة عن جريمة قتل ووقف أمام القاضي وقال له: نعم لقد قتلت ولكني الآن وأمام هيئة المحكمة وأمام هؤلاء الشهود, أعلن ندمي وتوبتي وأقر أمامكم صادقاً أني لن أفعل هذا مرة ثانية. هل تعتقد أن القاضي سوف يقول له: لقد سعدنا بسماع هذه الأقوال, ونحن نصدقك وتوبتك كافية, ولذلك حكمنا بالبراءة. بالطبع هذا كلام غير منطقي, لأن الشخص قاتل وجريمته واضحة وثابتة ولابد أن ينال عقاباً عليها, والتوبة لن تعفيه من العقاب ولابد أن يدفع ثمن ما جنته يداه. قال البعض الآخر: إن الأعمال تبرر والحسنات يذهبن السيئات. نوضح ذلك بمثل: تصدر الدولة - أي دولة - قوانين, وعلى رعية هذه الدولة إطاعة هذه القوانين ومن يكسرها يقدم للمحاكمة ويعاقب. فإذا افترضنا أن شخصاً قتل إنساناً ما, وقدم للمحاكمة ووقف أمام القاضي واعترف بجريمته قائلاً: نعم لقد قتلت ولكن لا تنسَ أنني رجل صالح أطيع بقية القوانين الأخرى, فلم أسرق ولم أكذب, وأؤدي عملي على خير وجه, أحب عائلتي ولي أولاد صالحون, أي أن لي أعمال صالحة إذا وضعت في ميزان مقابل جريمتي التي ارتكبتها, تكون كافية لبراءتي. هل هذا يقنع القاضي لإصدار حكم البراءة؟ بالطبع لا ... فإذا كان هذا لا يقنع القاضي الأرضي.. ولأن القاضي لن يقوم ببحث عن ماضي حياتي لمعرفة أعمالي الصالحة - بل سوف يصدر حكماً بالعقاب المناسب لجريمتي دون أي اعتبار لأعمالي الصالحة, فبالأولى أعمالي ليست كافية لتبريري أمام الله. ثم هناك شئ آخر: إن الله خلق الإنسان طاهراً نقياً وأمره بعدم ارتكاب الخطيئة فإذا أخطأ الإنسان فهو بذلك قد كسر وصية الله, أي أن الخطأ موجه إلى الله نفسه, والله غير محدود وأعمالنا مهما عظمت فهي محدودة بمحدوديتنا كبشر, فهي بذلك لا تستطيع أن تفي مطالب قداسة الله غير المحدودة. إذاً فالأعمال غير كافية لتبرير الإنسان أمام الله. وحتى لا نبخس العمل الصالح الذي يقوم به غير المؤمن, فإننا نضيف أن العمل الصالح ينفع غير المؤمن هنا على الأرض, ولكنه ليس وسيلة للتبرير أمام الله, فالذي يعمل الخير يرضى عن نفسه, ويرضى الناس عنه. شبه أحدهم غير المؤمن (بعمل المسيح الكفاري على الصليب) الذي عمل العمل الصالح بشخص نزل ملعب كرة القدم في أثناء مباراة, واستطاع أن يودع الكرة شبكة المرمى, لقد أصاب الهدف, لكنها إصابة لا تحتسب له. إن الإصابة لا تحتسب إلا إذا كان اللاعب أحد أفراد الفريق الذي يلعب. هكذا يجب أن يكون الإنسان أحد أبناء الله أي من المؤمنين حقاً به وبما عمله الله من أجله حتى يحسب له العمل الصالح. مما سبق نرى أن التوبة والأعمال الصالحة غير كافية لنوال التبرير أو الغفران. لذلك أخذ الله زمام المبادرة وأوضح لنا أن الطريق الوحيد للخلاص هو الذبيحة, ولم تكن الذبائح الحيوانية بكافية في ذاتها, بل كانت رمزاً لموت المسيح الفدائي على الصليب. وبالتالي فالإيمان بموت المسيح على الصليب هو الوسيلة الوحيدة للخلاص. وهذا واضح ومعلن في كثير من المواضع في الكتاب المقدس نذكر منها: قال الوحي المقدس عن السيد المسيح: "إنه يرفع خطية العالم": الإنجيل كما دونه يوحنا 1 : 29 "هذا هو حمل الله الذي يزيل خطيئة العالم". "أُسلم من أخل خطايانا": الرسالة إلى مؤمني روما 4 : 25"الذي أسلم للموت من أجل معاصينا ثم أقيم من أجل تبريرنا". "بذل نفسه لأجل خطايانا": الرسالة إلى مؤمني غلاطية 1 : 4"الذي بذل نفسه من أجل خطايانا لكي ينقذنا من العالم الحاضر الشرير...". "كفارة لخطايانا": رسالة يوحنا الأولى 2 : 2 "فهو كفارة لخطايانا, لا لخطايانا فقط بل لخطايا العالم كله". "إن من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا": رسالة يوحنا الأولى 2 : 12 "أكتب إليكم أيها الأولاد, لأن الله قد غفر لكم خطاياكم إكراماً لاسم المسيح". "إنه يطهرنا من كل خطية, يغفر خطايانا, يطهرنا من كل إثم": رسالة يوحنا الأولى 1 : 7 - 10 "ولكن, إن كنا فعلاً نعيش في النور, كما هو في النور, تكون لنا حقاً مشاركة بعضنا مع بعض, ودم ابنه يسوع يطهرنا من كل خطيئة. إن كنا ندعي أن لا خطيئة لنا, نخدع أنفسنا, ولا يكون الحق في داخلنا. ولكن, إن اعترفنا لله بخطايانا, فهو جدير بالثقة وعادل, يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم. فإن كنا ندعي أننا لم نرتكب خطيئة, نجعل الله كاذباً, ولا تكون كلمته في داخلنا!" والإنجيل كما دونه يوحنا 16:3 "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد, لكي لا يهلك كل من يؤمن به, بل تكون له الحياة الأبدية". والإيمان بموت المسيح الكفاري على الصليب, هو الطريق الوحيد للخلاص: الرسالة إلى مؤمني أفسس 2 : 8 - 10 "فإنكم بالنعمة مخلصون, بالإيمان, وهذا ليس منكم. إنه هبة من الله, لا على أساس الأعمال, حتى لا يفتخر أحد. فإننا نحن تحفة الله, وقد خلقنا في المسيح يسوع لأعمال صالحة أعدها سلفاً لنسلك فيها". وفي أعمال الرسل 16 : 31 ".. آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك!". وفي الإنجيل كما دونه يوحنا 3 : 18 "فالذي يؤمن به لا يدان, أما الذي لا يؤمن به فقد صدر عليه حكم الدينونة..". وفي الرسالة إلى مؤمني روما 10 : 9 "أنك إن اعترفت بفمك بيسوع رباً, وآمنت في قلبك بأن الله أقامه من الأموات, نلت الخلاص". والإيمان هنا ليس ثمن للخلاص, حتى نقول إنه غير كاف في قيمته, ومن ثم نضيف إليه الأعمال الصالحة, لكن الإيمان هو الوسيلة التي بها ننال الخلاص, لأن ثمن الخلاص هو دم المسيح دون سواه. فالخلاص كلف المسيح موته على الصليب, ونحن لا نستطيع أن ندفع ولو جزءاً يسيراً من هذا الثمن, لذلك وُهب لنا مجاناً, والحياة الأبدية أعطيت لنا مجاناً "أما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا". كما جاء في الرسالة إلى مؤمني روما 6 : 23 "لأن أجرة الخطيئة هي الموت, وأما هبة نعمة الله فهي الحياة الأبدية في المسيح يسوع ربنا." فالأعمال ليس لها أي دور في خلاصنا ولكن يجب أن ندرك: أن المؤمن - بعد الإيمان بموت المسيح الفدائي على الصليب - أصبح عضواً في دائرة ملكوت الله, وهذه العضوية تحتم عليه سلوكاً مسيحياً وأعمالاً صالحة, هي نتيجة للإيمان أو ثمرة هذا الإيمان. فالمؤمن بعد الخلاص أصبح إنساناً يحيا في المسيح. الرسالة إلى مؤمني غلاطية 2 : 20 "مع المسيح صلبت, وفيما بعد لا أحيا أنا بل المسيح يحيا فيّ...". وهذه الحياة تظهر في السلوك المسيحي الكامل وفي الأعمال الصالحة.. الرسالة إلى مؤمني أفسس 2 : 10 "فإننا نحن تحفة الله, وقد خلقنا في المسيح يسوع لأعمال صالحة أعدها سلفاً لنسلك فيها". وفي الإنجيل كما دونه متى 5 : 48 قال السيد المسيح "فكونوا أنتم كاملين, كما أن أباكم السماوي هو كامل!". فهو يطلب منا أن نكون كاملين بعد الإيمان, فالكمال نتيجة للحياة الجديدة, وليس الكمال هو الذي يهبنا الحياة الجديدة. ومقياس الكمال هنا هو الله نفسه. وسوف يذهب الإنسان إلى السماء بالإيمان بموت المسيح لأجله ولكنه لا يمكن أن يكون مؤمناً ولا يظهر ثمر الإيمان في أعماله الصالحة وكل ناموس الله ووصاياه هي إشارات ترشدنا في مسيرتنا في برية هذا العالم, إلى أن نكون معه في ملكوته الأبدي في السماء. |