اسأل ونحن نجيب

* أديل 458

"أود أن أقول إن الإسلام هو آخر الديانات وبه يجب أن نؤمن.

أنا أومن بالإنجيل لأن المسلم لابد أن يؤمن بكتب الله ورسله وملائكته واليوم الآخر والقَدَرْ خيره وشره.

والغريب أن الله أنزل إنجيلاً واحداً لا ثلاثة أو أربعة إن الله كشف ألاعيب الرهبان وهذا يظهر بُطلان ما عندكم.

والإسلام جاء كخاتم الرسالات ومحمد كآخر الأنبياء وهو مذكور في الإنجيل فهل تراكم تهتدون؟

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والله هو الهادي."


    سعدت باستلام رسالتك ويسعدني أكثر أن أقوم بالرد عليها لتوضيح بعض المفاهيم وهدفي هو أن نبحث معاً عن الحق، حتى يكون إيماننا مبني على اقتناع. ولقد أثرت في رسالتك عدة نقاط نوجزها فيما يلي:

    1 الإسلام آخر الديانات وبه يجب أن نؤمن:

    - إن الإسلام لم ينسخ المسيحية ولم يلغها، بل ذكر ديانات أخرى سابقة وطالب المسلمين بأن يقيموا كتبهم ويعملوا بها. (سورة المائدة 46 - 47).

    - إن التنوع في الأديان، أي وجود ديانات مختلفة في العالم هو مشيئة الله ولو شاء ربك لوحد الأديان.

    - لقد تُرك لأهل الكتاب أي اليهود والمسيحيين أن يظلوا على شرائعهم مع دفع الجزية، ولا يمكن أن تكون الجزية بدلاً عن عدم الإسلام. (سورة التوبة 9).

    - لقد أباح الإسلام الزواج بالمسيحيات، مع بقائهن على إيمانهن، وهذا دليل على استمرارية المسيحية، حتى يوم القيامة عندما يكون الحكم لله ولله وحده.

    - إن الإسلام في المفهوم القرآني، هو الإسلام بالمعنى العام الشامل الذي يعني جميع الأديان، وليس الإسلام كعقيدة لفئة خاصة، فعندما قال المسيح من أنصاري إلى الله، كان جواب الحواريون وأنه له لمسلمون.

    2 ادعاء تحريف الكتاب المقدس:

    الصديق العزيز: ما أسهل أن تُلقى الاتهامات جُزافاً، وإني أسألك وأرجو أن تجيبني بصدق: هل قرأت الإنجيل حتى تتهمنا بتحريفه؟ إني أرجوك أن تحصل على نسخة من الإنجيل وتقرأه، وإني واثق أنه بعد ذلك سوف يكون لك رأي آخر إذا ما قرأته بانفتاح القلب والابتهال لله الواحد أن يرشدك للحق.

    هل تدري يا صديقي ماذا قال القرآن عن الإنجيل؟ سوف أذكرك ببعض الآيات القرآنية عن الإنجيل:

    "وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه آتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة، وهدى وموعظة للمتقين" (المائدة 49).

    "وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس" (آل عمران 3).

    "أولئك الذين آتيناهم الكتاب، يتلونه حق تلاوته، أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون" (البقرة 121).

    "وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور… وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" (المائدة 49 - 50).

    وهنا دعوة لأهل الإنجيل أن يحكموا بإنجيلهم، فهل يدعوهم إلى أن يحكموا بكتاب محرف، أم أن هذا برهان أكيد على أن الكتاب الذي بين أيديهم في زمن محمد كتاب صحيح وغير محرف.

    - "ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل، وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم" (المائدة 69).

    وهنا نرى أن إقامة التوراة والإنجيل والعمل بأحكامهم مصدر خير وسعادة لهم. وأسألك ما رأيك في هذه الآيات؟

    "فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فأسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك" (يونس 93).

    هل يحيل القرآن النبي إلى كتاب محرف وأناس محرفين؟

    "لا بدل لكلمات الله" (الأنعام 34).

    "لا تبديل لكلمات الله" (يونس 64).

    "إنا نحن أنزلنا الذكر وإنّا له لحافظون" (الحجر 9).

    عزيزي الفاضل: إذا درست الآيات القرآنية التي تتحدث عن التحريف، لا توجد آية واحدة تقول إن الإنجيل قد حرف وأن المسيحيون حرفوا إنجيلهم، ارجع إلى "أسباب النزول" والتفاسير مثل الرازي والطبري وغيرهم. وفي انتظار ردك. وبدراسة النصوص مرة أخرى لا نجد أنها تذكر تحريف لفظي بل تحريف في التأويل والتفسير وكما قال الرازي. "التحريف يحتمل التأويل الباطن، ويحتمل تغيير اللفظ وقد بينّا فيما تقدم أن الأولى أولى، لأن الكتاب المنقول بالتواتر لا يتأتى فيه تغيير اللفظ، وهذا ينطبق على كل الكتب لكل الأديان.

    لقد شهدنا الكتاب المقدس نفسه لصحته ووحيه الصادق وإليك بعض آياته في ذلك:

    "إن الكتاب بكل ما فيه قد أوحى به من الله. وهو مفيد للتعليم والتوبيخ والتقويم وتهذيب الإنسان في البر، لكي يجعل إنسان الله مؤهلاً تأهيلاً كاملاً ومجهزاً لكل عمل صالح" (الرسالة الثانية لتيموثاوس 2 : 16).

    "لم تأت نبوة قط بإرادة بشرية، بل تكلم بالنبوات جميعاً رجال الله القديسون مدفوعين بوحي الروح القدس" (رسالة بطرس الثانية 1 : 20).

    إن الكتاب المقدس يستحيل تحريفه وذلك:

    1. تاريخياً: إن تهمة التحريف لا تستند إلى فاعل أو مفعول بعينه، فلا تصدق شائعة مغرضة عن أن رهبان أو غيرهم قد حرفوه هدفها تضليل الناس وحرمانهم من الانفتاح على الحق.

    من المحرف؟ ومتى وأين تم التحريف؟ وما هي الآيات التي حرفت؟

    إن إثبات تهمة التحريف تاريخياً تقتضي إظهار النص الأصلي والنص المحرف، ثم مقابلتهما معاً

    2. منطقياً: من المسلمات البديهية أن لا يجتمع الإيمان بشىء والكفر به على صعيد واحد وفي آن واحد. فلا يمكن أن يؤمن المسيحيون بإنجيلهم ثم يغيرونه، وهب أن مجموعة غير مؤمنة قصدت أن تفعل ذلك، فلا يعقل أن يكفر الجميع معاً حتى يحرفوا كتابهم المقدس. وإذا ما فعلت القلة غير المؤمنة لتصدت لها وأبطلت محاولتها الكثرة المؤمنة في كل العالم.

    - من المؤكد - بشهادة التاريخ والمخطوطات - أن الإنجيل قد انتشر قبل مجيء محمد انتشاراً عظيماً، الأمر الذي يجعل محاولة تحريفه شيئاً مستحيلاً، فلا يمكن أن يتواطأ جميع الناس من كل الأمم وكل اللغات والأجناس على جمع كل النسخ، وكل المخطوطات والترجمات ويحرفوا الإنجيل، دون أن يعترض على ذلك أحد، ودون أن تسلم بعض النسخ من التحريف.

    3. أثرياً: لدينا مخطوطات للكتاب المقدس تعود إلى القرون الأولى، محفوظة في متاحف العالم الكبرى مثل المخطوطة السينائية والاسكندرانية والفاتيكانية وغيرها، البعض كُتب قبل ظهور الإسلام، والبعض الآخر بعده وهي مطابقة للنص الموجود بين أيدينا مما يؤكد عدم صحة دعوى التحريف.

    صديقي الفاضل: أنت تؤمن أن الله أنزل التوراة على موسى، والزابور على داود، والإنجيل على عيسى والقرآن على محمد، أي أن كل الكتب المنزلة هي كلام الله. وتؤمن أن الله قد حفظ القرآن من التحريف والتبديل. فهل لم يستطع الله أن يحفظ الكتاب المقدس؟ وهل حرفه أهل الكتاب رغم عن إرادة الله سبحانه وتعالى؟! هل هذا معقول يا رجل؟!

    إن الكتاب المقدس يحمل رسالة محبة الله لكل الناس في كل الأرض، ويحمل رسالة المصالحة والسلام بين الله والناس والنفس، رسالة صالحة لكل زمان ومكان وتحريف هذا الكتاب يقضي على هذه الرسالة ولذلك فنحن نثق أن الله مسئول عن حفظ كتابه. وندعوك أن تشارك معنا في قراءة هذه الرسالة أي رسالة محبة الله عبر كل الكتاب المقدس.

    * أما بخصوص قولك بأن الله أنزل إنجيلاً واحداً لا أربعة، نعم نحن نؤمن أنه لا يوجد إنجيل قد أنزل على عيسى، بل أن عيسى هو كلمة الله المتجسد، وأن الذين قاموا بكتابة الإنجيل هم رسله وحواريوه بوحي من الروح القدس أي روح من الله. ولكن هو إنجيل واحد دوّن بواسطة أربعة أشخاص باتفاق المعاني واختلاف الألفاظ بسبب اختلاف البيئات الأربع التي دون الإنجيل فيها ولها قبل غيرها. هل تعرف يا صديقي أن القرآن قد أنزل على سبعة أحرف، وأجمع المفسرون على أن اختلاف الأحرف السبعة هو اختلاف الألفاظ باتفاق المعاني، وقيل إنه نزل بسبع لغات وأمر بقراءته على سبعة ألسن، باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني. والأحرف السبعة ليست - بالطبع - هي القراءات الموجودة اليوم كما يعلم كل المتبحرون في دراسة هذا الموضوع. فوجود نسخ أربعة لإنجيل واحد، تتحدث عن شخص واحد هو المسيح الذي تحققت فيه كل النبوءات التي يبلغ عددها 332 بالتوراة، وتحمل رسالة واحدة تدعوك للإيمان بالمسيح، الذي مات على الصليب لتنال مغفرة الخطايا وتضمن دار النعيم في الآخرة. ليست دليل تحريف بالمرة.

    * أما بخصوص أن محمداً مذكور في التوراة والإنجيل:

    فإني أسأل ما هي المشكلة في أن يُذكر محمر في التوراة والإنجيل أو لا يُذكر؟

    وإني أدعوك لقراءة الإنجيل بعد أن تأكدت أنه كتاب صحيح وغير محرف، ومتى عثرت على أي نص يؤكد صحة دعواك، فلا تتوانى أن تكتب لي.

    مع خالص حبي وتقديري لغيرتكم وبحثكم والله الموفق.

الصفحة الرئيسية