اللَّـه يحـبـك
القمص زكريا بطرس
لأن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا"
(رو5: 8)
أولاً: دليل محبة الله لنا -------- 8
ثانياً: مفاعيل محبة الله لنا ------- 12
ثالثاً: دور كل منا إزاء هذه المحبة الفائقة:-- 15
يتصور البعض أن الله جبار منتقم، يقتص من الإنسان، ويعاقبه على أخطائه، كقاض عادل ليس إلاَّ.
والواقع أن هذه صورة غير كاملة عن الله. فالله أيضاً رحيم متحنن، يشفق على الإنسان ويتراءف عليه لأنه يحبه، والسر في ذلك هو ما وضحه الكتاب المقدس بقوله: "الله محبة" (1يوحنا4: 8). وحب الله هذا هو حب بلا حدود، لأن الله غير محدود.
وحيث أن الله محبة فهو يحب كل الناس الذين في العالم، كما يقول يوحنا الرسول: "هكذا أحب الله العالم ..." (بشارة يوحنا 3: 16).
وبما أنه يحب كل الناس إذن فهو يحبك أنت شخصيا، ويحبني أنا أيضا شخصيا رغم عدم استحقاقنا، وهذا ما أكده بولس الرسول بقوله: "الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي" (غلاطية 2: 20).
من هذا المنطلق أريد بنعمة الله أن أوضح بعض الأمور الأساسية عن محبة الله الفائقة التي بلا حدود وهي:
v دليل محبة الله لنا.
v مفاعيل محبة الله لنا.
v دور كل منا إزاء هذه المحبة الفائقة.
أولاً: دليل محبة الله لنا
ما هو الدليل الذي يبرهن على أن الله فعلا يحبك أنت شخصيا؟
الواقع أن هناك أدلة عديدة تثبت ذلك ولكني أقتصر على ما يلي:
(1) أنه خلقك على صورته:
فعندما خلق الله الإنسان لم يخلقه على صورة ملاك أو أي كائن أرضي، بل يقول الكتاب المقدس أنه خلقه على صورته " فخلق الله الإنسان على صورته" (تكوين1: 27)
والحقيقة أن الله ليس له صورة مادية، ولكن معنى ذلك هو أن الله خلق الإنسان في صورة البر والقداسة. فعاش الإنسان الأول في جنة عدن في بر وقداسة وطهارة روحية.
دليل آخر على محبة الله لك هو:
(2) أنه وضعك في فردوسه:
فقبل أن يخلق الله الإنسان أعد له مكانا رائعا ليتمتع بما فيه، فقد خلق له جنة في عدن كما يقول الكتاب المقدس "وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا، ووضع هناك آدم الذي جبله" (تكوين2: 8)
كما أن هناك دليل آخر هو:
(3) أنك موضوع مسرته:
يقول الرب في سفر الأمثال: "مسرتي مع بني آدم" (أمثال8: 31)
هذا ما يشهد الرب به عن نفسه بأنه مسرور بالإنسان. وهذا عين ما أنشدت به الملائكة ليلة ميلاد السيد المسيح قائلين: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو2: 14)
ويضاف إلى ذلك دليل آخر هو:
(4) أنك عندما أخطأت مات المسيح لأجلك:
الواقع أنه رغم محبة الله للإنسان إلا أن آدم قد انفصل عن الله بكسر الوصية الإلهية وأكله من شجرة معرفة الخير والشر. وبهذا وقع عليه الحكم الإلهي "يوم أن تأكل منها موتا تموت" (تك2: 17) لأنه كما يقول الرسول "أجرة الخطية موت" (رو6: 23).
ولكن الله في محبته الفائقة قد دبر لنا خطة الفداء الثمين إذ أرسل المسيح ليكفر عن خطايانا بموته على الصليب، كما هو مكتوب "أن المسيح مات من أجل خطايانا" (1كو15: 3)
وثمة دليل آخر على محبة الله الشديدة لك هو:
(5) أنه يقرع على باب قلبك:
يقول الرب يسوع المسيح "هأنذا واقف على الباب وأقرع، إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا3: 20)
نعم الرب يسوع واقف على باب قلبك بكل الحب والاهتمام يريد أن يدخل إليك ليحمل لك بركات الخلاص، ويسكن في داخلك. فهل تقبله؟
ثانيا: عمل محبة الله لنا
ماذا يفعل الله لنا بمحبته؟ إنه يفعل الكثير فهو:
(1) يغفر خطاياك:
فبكل الحب، الرب مستعد أن يغفر خطايانا مهما كانت بشعة وقبيحة، فقط إن كنا نعترف بها ونطلب منه المعونة حتى يحفظنا منها مستقبلا. فالكتاب المقدس يقول: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يو1: 9).
ومن أعمال محبته أيضا أنه:
(2) يقوي ضعفك ويعينك:
فالله يعرف أننا ضعفاء أمام الخطية، لأننا كثيرا ما نخطئ رغم بغضنا للخطية. ولهذا فإن الله مستعد أن يؤيدنا بروح القوة من الأعالى بحلول الروح القدس علينا ليقوينا ويشددنا ويعضدنا في حروبنا مع الخطية. فالكتاب يقول: "لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن" (أف3: 16)
(3) يدافع عنك:
ما أكثر الأعداء الذين يحاربونك، فهناك الشيطان بكل خبثه، والعالم بكل إغرائه، والأشرار بكل مؤامراتهم. فهل يقف الله مكتوف الأيدي ويتركك كريشة في مهب الريح؟! حاشا. فهو الأب المحب الذي يدافع عن أولاده، إذ يقول الكتاب "الرب يقاتل عنكم وأنت تصمتون" (خر14: 14)
(4) يهبك الحياة الأبدية:
الأمل الذي يصبو إليه كل إنسان هو أن لا يحرم من الحياة الأبدية. والحقيقة هي أن الحياة الأبدية هبة وعطية مجانية من الله لأولاده الذين يحبونه، ويحبون أن يقضوا معه الأبدية، إذ يقول الكتاب: "هبة الله حياة أبدية" (رو6: 23). والرب يسوع المسيح نفسه قال: "لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت" (لو12: 32).
كان هذا عن عمل محبة الله لنا، والواقع أن عطايا الله لا تحصى ولا تعد، وهذا كله ناتج عن محبته الشديدة لنا.
ثالثا: دورنا إزاء محبة الله
ما هو المطلوب منا أن نفعله إزاء هذا العطاء الإلهي غير المحدود؟ المطلوب ليس بالكثير، ولكن لابد أن نبرهن على تبادل حبنا مع محبة الله، حتى لا يكون حبه غير المحدود هو حب من جانب واحد.
وإليك بعض ما هو مطلوب منا:
(1) الرغبة في التجاوب مع حبه:
الله في محبته لا يجبر إنسانا على قبوله، ولكنه يقف على الباب ويقرع بالحب، وينتظر من الإنسان أن يتجاوب معه بالحب. ولهذا قال يوحنا الحبيب: "نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً" (1يو4: 19)
(2) قبول عرضه:
والأمر الآخر المطلوب من الإنسان تجاوبا مع الحب الإلهي هو قبول ما يعرضه المسيح من نعمة غنية، أي قبول أن يدخل المسيح إلى قلبك وحياتك، ولهذا يقول: "إن سمع أحد صوتي" (رؤ3: 20)، أي إن قبل أحد عرضي ومحبتي.
(3) دعوته ليدخل إلى قلبك:
والأمر الثالث الذي ينبغي أن يقوم به من يتجاوب مع محبة الله، هو أن يسأل الرب يسوع المسيح أن يتفضل ويحل فيه بروحه القدوس، ليسكن فيه ويعمل في داخله مطهرا قلبه ومالئا كيانه، وهكذا يعيش مع الرب في شركة قلبية اختبارية. فلا يكون إيمانه مجرد معلومات نظرية أو معرفة سطحية، بل خبرة عملية واتحادا روحيا.
(4) الثقة بدخوله:
متى طلب الإنسان من الرب أن يدخل في قلبه عليه أن يثق أن الرب يستجيب مثل هذه الطلبة فورا بلا تأخير. فهو الذي قال "إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه" (رؤ3: 20) إذن فلا ينبغي أن تشك في استجابة الرب لك، وأنه فعلا الآن في قلبك إذا كنت فعلا طلبته بإخلاص ورغبة صادقة.
(5) الارتباط بوسائط النعمة:
إذ قد طلبت الرب بقلبك، فعليك أن تتمم وسائط النعمة اللازمة. فاذهب إلى الكنيسة وتقابل مع أب الاعتراف وقدم توبة صادقة حتى تنال غفرانا، وتتقدم إلى سر التناول لتثبت في الرب ويثبت الرب فيك.
(6) السلوك معه:
الآن وقد أعلنت بالتوبة رغبتك في أن تتبع الرب وأن تعيش بحسب فكره ووصاياه، عليك إذن أن تسلك معه في الطريق المقدس، وهو لن يتخلى عنك، بل يحفظك في الطريق حتى إذا سقطت عن ضعف وعدم خبرة، يرفعك ويعينك، كما قال الكتاب: "من قبل الرب تثبت خطوات الإنسان وفي طريقه يسر، إذا سقط لا ينطرح لأن الرب مسند يده" (مز37: 23و24). وسيظل الرب معك إلى نهاية الطريق حيث يكلِّلُك بإكليل الجهاد في سماء المجد في الحياة الأبدية التي إليها دعيت.
أخي الحبيب المبارك هل أدركت حب الله الذي بلا حدود لشخصك؟
وهل ترغب في أن تبادله حبا بحب؟
وهل تريد أن تتمتع ببركات هذا الحب، من فداء وغفران وحياة أبدية؟
هل تحب أن تطلب منه الآن لكي يحل في قلبك؟ وهل تثق أنه يستجيب لك؟
هل أنت مستعد أن تتمم خلاصك في محيط هذا الحب اللانهائي.
طلبتي إلى الله أن يعطيك نعمة لكي تتخذ قرارا حاسما الآن، ولا تؤجل الفرصة فربما لا تحين لك بعد.
الرب معك ويبارك حياتك. واذكرني في صلواتك.
المحب
القمص زكريا بطرس
E-mail: coptic@btinternet.com
Web Site: www.Coptic-church.org.uk