المبحث الرابع
تمهيد
صرّحت الشريعة الإسلامية وكذلك الشريعة المدنية أن عقاب الخطيئة أو الجرم يكون عظيماً أو زهيداً بالنسبة إلى الشخص الذي نخطئ إليه, فإذا شتم التلميذ رفيقه في المدرسة يُعاقب عقاباً جزئياً ،وإذا شتم مدرّسه يُطرد من المدرسة, وإذا شتم الرجل صاحبه يُحسب ذنبه مخالفة في عرف المشترعين ،وإذا شتم الرجل الحاكم فله قصاص أعظم ،ولكنه إذا شتم الملك فلا بد من أن له عقاباً أعظم مما سبق, أما إذا أخطأ إلى الله غير المتناهي في العظمة والقداسة فماذا يكون عقابه؟ لا شك أنه يكون عذاباً أليماً غير متناه أبدياً,
ولما كان الله عادلاً فهو لا يترك مثقال ذرة ،لذلك وجب علينا أن نسلم أن كل الخاطئين إلى الله إِذِ الجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللّهِ - رومية 3 :23 - لا بد أن يقيموا في النار مخلدين عقاباً لهم, فإذا تم هذا فأين رحمة الله؟ وإذا رحم الله هؤلاء الخطاة وغفر لهم ولم يعذبهم ،فأين عدله ،لذلك دبر هو وسيلة للتوفيق بين عدله ورحمته,