مسألة تحريف الكتاب المقدس
القران في عرف القران
نطلب من القارئ الكريم قراءة
هذا البحث بنزاهة واهتمام ، قبل الإسراع بالاتهام.
فما هو سر قوله ( وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) ؟ الأحقاف 10 .
أولا : الوحي والتنزيل تعبيران متشابهان في القران
يعلن القران العربي عن نفسه بأنه وحي من الله ، وتنزيل من رب العالمين .
ولكن الوحي والتنزيل من المتشابهات في القران ، فلا يقطع لفظهما بمعنى محدد
فيهما.
1)
الوحي في لغة القران
الوحي تعبير يطلقه القران على
أشياء متفاوتة ، من الجماد ، إلى الحيوان إلى الإنسان، إلى الشيطان ، إلى الملاك ،
إلى الله.
فقد أوحى الله إلى الأرض : (إذ زلزلت الأرض زلزالها ، وخرجت الأرض أثقالها ،
وقال الإنسان : ما لها ؟ يومئذ تحدث أخبارها ، بان ربك أوحى لها ) الزلزال 1-5 .
( وأوحى ربك إلى النمل ) النمل 68.
( بل أوحى في كل سماء أمرها) فصلت 12 .
وفي تصرف أم موسى بأمر ابنها : (
وأوحينا إلى أم موسى ) القصص 116 و 159 ؛ يونس 87 ؛ طه 77 ؛ الشعراء 53 و46 .
ويؤكد ( أوحينا إلى أم موسى ما يوحى) طه 38 – وهو مثل قوله لفظا : ( فأوحى إلى عبده ما أوحى ) النجم 10 .
وزكريا : (خرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم بان سبحوا بكرة وعشيا) مريم
11 .
(وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا : شياطين الأنس والجن ، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف
القول ) الأنعام 112 .
( وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم ) الأنعام 121.
لذلك ، بسبب تلك المتشابهات في تعبير (الوحي) ، عندما يذكر القران العربي
مرارا وتكرارا وحيه الى محمد ، لا نستبين طريقة الوحي إليه يقينا ،والتعبير لا يقطع
بمعنى محدود .
2) التنزيل في لغة القران
ان تعبير (التنزيل ) أيضا متشابه في لغة القران .
( انزل من الماء ماء )
البقرة 22 ؛ قابل الرعد 19؛ ايراهيم 32 ؛ النحل 65 ؛ طه 53 ؛ السجدة 63 ؛ فاطر 27 ؛
الزمر 21 ) .
والتنزيل أيضا على الأرض : ( فإذا أنزلناعليها الماء) الحج 5.
( وأنزلنا عليكم المن ) البقرة 57 ؛ قابل الأعراف 159 .
( وأنزل لكم من الأنعام ) الزمر 6
: فالأنعام على أنواعها منزلة من الله.
( وأنزلنا الحديد ، فيه بأس شديد) الحديد 25 . كذلك الحديد منزل من الله.
( أنزل الله سكينته ) التوبة 9 و 41 ؛ الفتح 4 و 18 و26 .
( وانزل جنودا لم تروها ) التوبة 9 .
( وانزل الذين ظاهروهم من صياصيهم
) الأحزاب 26 .
وقد يكون للشياطين تنزيل : ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين ؟ تنزل على كل
أفاك أثيم) الشعراء 220 –222 .
اما القران : ( ما تنزلت به الشياطين ) الشعراء 210 .
وقد يدس الشيطان تنزيله في تنزيل الله : ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ، ولا
نبي ، إلا إذا تمنى (قرأ) ألقى الشيطان في أمنيته ؛ فينسخ الله ما يلقي الشيطان )
الحج 56 .
لتلك الاعتبارات كلها ، والمتشابهات جميعها ، في تعبير (التنزيل) فعندما
يذكر القران العربي تنزيله من الله ، لا نستبين طريقة تنزيل يقينا كقوله : ( الله
الذي انزل الكتاب بالحق ، والميزان ) الشورى 17 . فالكتاب والميزان كلاهما تنزيل
الله .
والقران نفسه ، الذي يؤكد مرارا وتكرارا تنزيله ، يجهل هو نفسه الطريقة : (
إنما انزل بعلم الله ) هود 14 ؛ فقد
( أنزله بعلمه ) النساء 156 .
اجل ان القران : ( تنزيل العزيز الرحيم ) يس 5 ، ( تنزيل من الرحمن الرحيم )
فصلت 2 ؛
( تنزيل من حكيم حميد ) فصلت 42 ؛ ( تنزيل من رب العالمين ) الواقعة 80 ؛
الحاقة 43 .
لكن طريقة التنزيل مجهولة او مطوية : ( إنما انزل بعلم الله ) الشعراء 192 ؛
النساء 156.
فالتشابه قائم في معنى التنزيل ، وفي طريقته : تلك هي النتيجة المحتومة
الحاسمة لتلك القرائن القرآنية .
لذلك عندما يصرح : وانه لتنزيل رب العالمين …. وانه لفي زبر الأولين )
الشعراء 193-197
يصح ان نستنتج انه ان القران تنزيل من (زبر الأولين ) ، أي تفصيل الكتاب
الذي قبله (يونس 37).
وعندما يؤكد : ( قل : نزله روح القدس من ربك بالحق ) النحل 102 لا يزل
الإبهام في طريقة التنزيل ؛ ونتساءل ما سر قوله: (وانك لتلقي القران من لدن حكيم
عليم) النمل 2 ؟ هل من جواب في تصريحه : ( فلا تكن في مرية من لقائه ، وجعلناه هدى
لبني إسرائيل ، وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) السجدة 23-24 ؟ - وبنو إسرائيل
الذين يقتدى بهداهم ويستشهد بهم هم ( النصارى) ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه
يعدلون ) الأعراف 158.
فهل ( الحكيم العليم) الذي يلقي القران على محمد هو الذي ينوه به في تصريحه:
(وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله ) الأحقاف 10 ؟.
ذاك التساؤل ، وذاك الاستنتاج ، هما حق ؛ لان معنى التنزيل وطريقة التنزيل
في القران هما من المتشابه فيه .