رابعاً - لو أن اللّه صار إنساناً
لجاء مختلفاً عن كل البشر!
كان تأثير يسوع على الناس عظيماً حتى وقفوا معه أو ضده، ولكنهم لم يملكوا أن يكونوا لا مبالين معه! ويقول القرآن عنه: المسيح عيسى بن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة، ومن المقربين (آل عمران آية 45) ويقول البيضاوي: وجيهاً في الدنيا بالنبّوَة وفي الآخرة بالشفاعة ويقول الرازي: الوجاهة في الدنيا هي النبّوَة أو استجابة دعائه، أو براءته من العيوب. وفي الآخرة الشفاعة، أو علّو درجته ومنزلته، أو كثرة ثوابه .
ويقول بسكال: من أين للبشيرين أن يعرفوا صفات البطولة الكاملة، حتى يرسموها بكل هذا الكمال والجلال في المسيح يسوع؟ .
ويقول مارتن سكوت: من كل وجه كان يسوع إنساناً حقيقياً بل وأعظم من إنسان (9). فإن يسوع هو اللّه الذي ظهر في الجسد تحت ظروف الزمن، وهذه فكرة غير عادية. كانت حياته مقدسة، وكلماته صادقة. كان الحق متجسداً، بلا مثيل في الكمال والطهر والاتزان العاطفي والعقلي، له النظرة الصافية والبصيرة النفاذة.
ويقول جون يونج في كتابه مسيح التاريخ : كيفيمكن أنه في كل الأجيال لم يُقْم شخص كامل كيسوع؟ إن ما عمله اللّه للتقوى والفضيلة على الأرض في وقت ما وفي حالة ما، يمكن أن يتكرَّر في أوقات وحالات أخرى. ولو كان يسوع إنساناً فقط لأقام اللّه، على توالي الأجيال، أشخاصاً مثله يكونون نماذج للبشر في القداسة والتعليم والنهوض بالعالم. ولكن اللّه لم يفعل! (27).
ويقول كارنيجي سمبسون: لا يمكن أن تضع يسوع في نفس المستوى مع الآخرين، فعندما نقرأ اسمه في قائمة العظماء من كونفوشيوس إلى جوته نشعر أننا أسأنا إلى اللياقة والذوق، فإن يسوع ليس واحداً من هؤلاء العظماء. تحدَّثْ عن الاسكندر الأكبر أو شرلمان العظيم أو نابليون العظيم - كما شئت.. ولكن يسوع يقف وحده، فهو ليس الأكبر! إنه الوحيد . إنه يسوع الفريد وكفى! إنه لا يخضع للتحليل. إنه يسمو فوق كل نقد. إنه يبعث فينا الاحترام الكامل له (19).
ويقول فيليب شاف: لم تنحرف غيرته إلى انفعال، ولا ثباته إلى عناد، ولا إحسانه إلى ضعف، ولا رقّته إلى مجرد عواطف. لقد كان اجتماعياً شديد المبالاة بالناس، رغم أن روح العالم لم تسيطر عليه. كانت عظمته خالية من الكبرياء والجرأة، وكان تعلّقه بالناس بعيداً عن رفع التكلّف الذي لا داعي له، وإنكاره لنفسه بدون كآبة، واعتداله بلا تزمّت.. لقد جمع براءة الأطفال بقوة الرجال، وحوى التعبّد العميق للّه مع الاهتمام الكامل بخير البشر. جمع بين الحب الرقيق للخطاة والقسوة الشديدة على الخطية. وجمع بين الوقار الآسر والتواضع الجاذب. جمع بين الشجاعة التي لا تخاف والحذر الحكيم، وحوى الحزم الذي لا يستسلم مع اللطف الجميل (6).
في حديث بين روبرت براوننج وتشارلس لام عن انطباعاتهما لو أن أحد الموتى دخل عليهما، سُئل لام عما يفعله لو أن المسيح دخل الحجرة قال: لو أن شكسبير دخل الحجرة لقُمنا كلنا لنقابله، ولكن لو أن هذا الشخص (يسوع) دخل إليها لخررنا جميعاً محاولين أن نقّبل هدب ثوبه (19).
ويقول شاف: ما يعترف به الجميع... أن يسوع قد علّم أطهر مبادئ الأخلاق، التي تُلقي بكل النظريات الأخلاقية الأخرى وحكمة أحكم الحكماء، في الظلال (6).
ويقول جوهان تفريدفون هردر (في الموسوعة الدينية): إن يسوع المسيح، بأسمى معاني الكلمة هو المثال الأعلى للبشرية، باعتراف الجميع .
وقال نابليون بونابرت: إنني عليم بالناس، ولكني أقول إن يسوع المسيح ليس مجرد إنسان، فليس بينه وبين أي إنسان آخر في العالم مجال للمقارنة. لقد أسّست أنا والاسكندر وقيصر وشرلمان إمبراطوريات، لكن عَلاَمَ أرسينا قواعدها؟ على القوة! ولكن يسوع المسيح أسّس إمبراطوريته على الحب. وفي هذه اللحظة هناك الملايين المستعدون أن يموتوا من أجله (22).
يقول ثيودور باركر، أحد الموحّدين المشهورين (ممن ينكرون التثليث): إن يسوع يجمع في نفسه أسمى المبادئ مع أروع الأفعال السماوية، وفي صورة أسمى من كل ما حلم به الأنبياء والحكماء، فهو يخلو من كل ظنون عصره وأمته، ويفيض بالتعاليم الجميلة كالنور، والطاهرة كالسماء، والصادقة كاللّه. وها قد مرَّت ثمانية عشر قرنا منذ أن ارتفعت شمس البشرية إلى الذروة في يسوع المسيح. وأي إنسان أو أي مذهب استطاع أن يستوعب كل فكرِه ويدرك كل تعاليمه ويطبقها تماماً على الحياة ؟.
ويقول فيلبس بروكس: في يسوع المسيح نرى تنازل اللّه ورفعة البشرية .
وإليك ما يقوله بعض معارضي المسيح:
يقول العبقري جوته قرب نهاية حياته، وهو يتطلع إلى التاريخ: لو أن كائناً إلهياً ظهر في التاريخ لكان هو المسيح ... إن العقل البشري، مهما تقدم في مختلف الميادين، لن يسمو فوق قِيَم وآداب المسيحية التي تشرق وتتوهّج في الأناجيل (7) ويقول: إنني أحترم الأناجيل وأعتبرها صحيحة، فمنها يشرق نور الجلال والسمّو من شخص المسيح السماوي الذي لم يظهر له مثيل في الأرض (2).
وعندما سئل المؤرخ ه-. ج. ويلز عن الشخص الذي ترك أعمق أثر دائم على التاريخ، قال: إنه بمقياس العظمة التاريخية يجيء يسوع أولاً (26).
ويقول أرنست رينان: مهما جاءت مفاجئات المستقبل، فلن يُعلَى على يسوع (6).
ويشير توماس كارلايل إلى يسوع بالقول: إنه الرمز السماوي، أعلى مما يستطيع الفكر البشري أن يبلغه. إنه الشخصية اللانهائية التي تتطلَّب الدرس الدائم (6).
ويقول روسو: هل يمكن أن يكون الشخص الذي تقدمه الأناجيل إنساناً؟ يا للحلاوة! يا للخلق الطاهر! ما أعظم الصلاح الآسر في تعاليمه! يا لروعة أقواله! يا لعمق حكمة تعاليمه! يا لحضور ذهنه وبراعة حكمه في إجاباته الرائعة المفحمة! نعم! إن كان سقراط قد عاش ومات كفيلسوف، فإن يسوع المسيح قد عاش ومات كاللّه (2).
ونختم باقتباس قول جونستون روس: هل فكرت في المكانة الخاصة التي احتلها يسوع من جهة جنسه؟ إن النساء والرجال يجدون صعوبة على السواء وهم يحاولون الوصول إلى مثاله.. فكل ما في الرجال من قوة وعدل وحكمة، وكل ما في النساء من رقة وطهر وبصيرة، نراه في المسيح بدون أن يكون ثمة ما يعوق ظهور كل هذه الفضائل المتباينة في شخص واحد .