الباب الثاني

صحّة الكتاب المقدس

في دراستنا لصحّة الكتاب المقدس سنتطرق إلى أربعة فصول:

1 الكتاب المقدس كتاب منزل

2 الكتاب المقدس غير مُحرّف

3 الكتاب المقدس لم يُنسخ

4 الكتاب المقدس يجب مطالعته والعمل به

الفصل الأول:

كتاب منزل

الكتاب المقدس هو الكتاب الموحى به من الله عزّ وجل، والتاريخ الصادق لسيرة ابنه الإلهي المتأنّس، وأعماله وتعاليمه، وهو الدستور الأدبي والاجتماعي الذي به وفيه تمدُّن البشر وترقّيهم في معارج الكمال. يؤمن به المسيحي، ويعتبره الركن الوطيد لدينه، وينظر إليه غيره بعين الإجلال كسِفْرٍ منزَل من عند الله.

ويثبت تنزيل الكتاب إسلامياً من:

1 - الآيات القرآنية التي تصرّح بذلك.

2 - الألقاب التي لقّب بها القرآن الكتاب المقدس والتي تدل على تنزيله.

3 - الصفات التي نعت بها القرآن الكتاب المقدس.

أولاً: تنزيل الكتاب المقدس

تنزيل التوراة:

وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلّ كُمْ تَهْتَدُونَ (البقرة 2: 53). ويقول البيضاوي في تفسيره: الفرقان يعني التوراة الجامع بين كونه كتاباً منزلاً وحجة تفرق بين الحق والباطل.

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ (الأنبياء 21: 48) وقال البيضاوي: أي الكتاب الجامع لكونه فارقاً بين الحق والباطل وضياء يستضاء به في ظلمات الحيرة والجهالة، وذكراً يتعظ به المتقون، أو ذكر ما يحتاجون إليه من الشرائع.

وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ (الجاثية 45: 16) وقال البيضاوي: الكتاب هو التوراة، والحكم الحكمة النظرية والعلمية أو فصل الخصومات، والنبوّة إذ كثر فيهم الأنبياء ما لم يكثر في غيرهم وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ,,,وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (الصافات 37: 114 و117) .

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلاَ تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (السجدة 32: 23) .

قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الّذي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ,,, قُلِ اللّهُ (الأنعام 6: 91) .

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ هُدىً وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (غافر 40: 53 ،54) .

وَمِنْ قَبْلِهِ (أي من قبل القرآن) كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً (هود 11: 17)

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ (البقرة 2: 87) .

وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللّهِ (المائدة 5: 43) .

وإِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ (المائدة 5: 44) .

تنزيل الزبور (المزامير)

وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (الأنبياء 21: 105).

وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً (الإسراء 17: 55

تنزيل الإنجيل:

تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ,,, وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ (سورة البقرة 2: 87 و253

وثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ (سورة الحديد 57: 27)

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ,,, وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (سورة المائدة 5: 46 ، 47) .

وقَالَ إِنِّي عَبْدُ اللّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (سورة مريم 19: 30) 4.

وَيُعَلّمهُ (المسيح) الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (سورة آل عمران 3: 48)

وإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ,,, عَلّمتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (سورة المائدة 5: 110) ;

تنزيل الكتاب المقدس:

والّذينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ (سورة الأنعام 6: 20)

وفَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الّذينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ (سورة يونس 10: 94)

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ ويَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ (سورة العنكبوت 29: 27)

وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ (سورة الشورى 42: 15)

وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الّذينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالّذي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ (سورة العنكبوت 29: 46).

وأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ (سورة آل عمران 3: 3 ، 4)

وجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (سورة فاطر 35: 25)

ومَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ (سورة الأنبياء 21: 7)

فَمِن الآيات الصريحة السابقة (وكثير غيرها) يتضح جلياً أنّ القرآن يشهد للكتاب المقدس (بعهديه القديم والجديد) بالوحي والتنزيل من لدن الله تعالى. وإنّا لا نرى لوضوحها وصراحتها حاجة إلى التعليق عليها.

ثانياً: ألقاب الكتاب المقدس

فالقرآن يدعوه الكتاب. وقد ذُكر هذا التعبير وصفاً للكتاب المقدس أكثر من عشرين مرة في سُوَر آل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأحزاب. كما دعاه الفرقان في سورتي الفرقان والبقرة. كما سمّاه الذِكر في سورة الأنبياء.

ومعلوم أنّ هذه الألقاب - الكتاب والذِكر والفرقان - لَقَّب بها القرآن نفسه (راجع سُوَرَ آل عمران والفرقان وطه وغيرها). فإذا كان القرآن قد أعطى الكتاب المقدس نفس الألقاب التي لقب بها نفسه، فهذا اعتراف صريح منه بتنزيل الكتاب المقدس ووحيه.

 

ثالثاً: صفات الكتاب المقدس

وحسبنا هنا أن نورد هذه الآيات:

إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ (سورة المائدة 5: 44)

وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ,,, وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (سورة المائدة 5: 46)

ومِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً (سورة هود 11: 17

وأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ هُدىً وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ (سورة غافر 40: 53 ، 54) ,

ولَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً (سورة القصص 28: 43)

وثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الّذي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً (سورة الأنعام 6: 154)

فنرى القرآن في هذه الآيات قد وصف الكتاب المقدس بأوصاف لا تليق إلا بكتاب منزل.

فيحق لنا أن نقول إنّ القرآن يضع الكتاب المقدس وإياه في صف واحد بلا أدنى تمييز، معتبراً إياه كتاباً منزلاً.

الخلاصة

نستخلص مما سبق أنّ القرآن يصرّح، بما ذكر عن الكتاب المقدس من صريح الآيات، أنّه كتاب منزل، لا يأتيه الشك من بين يديه ولا من خلفه.

 

الصفحة الرئيسية