الفصل الرابع:

الكتاب المقدس يجب مطالعته والعمل بما فيه

يثبت وجوب مطالعة الكتاب المقدس على المسلمين والعمل بتعاليمه من:

أولاً: الآيات القرآنية التي توجب على المسلمين مطالعته. مثل قوله: وَلاَ تَجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الّذينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالّذي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (سورة العنكبوت 29: 46) فهذه الآية خطاب للمسلمين يلزمهم بالإيمان بما أُنزل إلينا، فكيف يؤمنون به إن لم يطالعوه؟

قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ,,, وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ (سورة آل عمران 3: 84) .فهذه الآية كسابقتها تحض صراحة على الإيمان بما أُوحي إلى موسى وعيسى، وتوجب ضمناً مطالعة التوراة والإنجيل.

وَالّذينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلكَِ وَبِالَآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ,,, أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَّبِهِمْ (سورة البقرة 2: 4 و5) .أولئك هم الذين لا يؤمنون بالقرآن فقط، بل ويؤمنون بما أُنزل من قبله وهو التوراة والإنجيل.

أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (سورة الأنعام 6: 156) فالمسلم الذي لا يطالع الكتاب المقدس مسلم غافل. قد جعل نفسه في زمرة الذين يخاطبهم القرآن بهذا التوبيخ.

أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ الّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (سورة البقرة 2: 85)

إِنَّ الّذينَيَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً وَالّذينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيِهمْ أُجُورَهُمْ (سورة النساء 4: 150 - 152) وهذه الآيات كافية لأن توضح للمسلم خطأه في الاكتفاء بمطالعة القرآن والإيمان به دون التوراة والإنجيل.

لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ,,, أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (سورة النساء 4: 162) فهذه الآية قد وعدت بالأجر العظيم لمن آمن بما أُنزل قبل محمد وهو التوراة والإنجيل دون أن يكتفي بالإيمان برسالة محمد فقط.

فظاهر من الآيات السابقة، وما يشبهها، أن الكتاب المقدس كتاب يجب مطالعته والإيمان به ككتاب منزل، وهي تحض المسلمين على ذلك، مبيِّنة أن الاكتفاء بالإيمان بالقرآن وحده لا يكفي لنوال الأجر العظيم وليكون المؤمن من المفلحين الذي هم على هدى من ربهم.

ثانياً: ليس هناك ما يبطل تلك الأوامر القرآنية الموجبة على المسلمين مطالعة الكتاب المقدس والعمل بما فيه، فهو كتاب لم يحرّف ولم ينسخ كما أثبتنا هذا فيما سبق.

 

ثالثاً: رأينا في البحث الأول من هذا الباب أن القرآن يشهد بتنزيل الكتاب المقدس ووحيه. فإذا كانت مطالعة القرآن واجبة، فكذلك يجب مطالعة التوراة والإنجيل,

خلاصة الباب الثاني

رأينا في البحوث السابقة أن القرآن يعلّم عن الكتاب المقدس أنه:

(1) كتاب مُنزل من لدن الله تعالى لهداية البشر سواء السبيل.

(2) كتاب سليم من التحريف.

(3) كتاب لم يُنسخ.

(4) كتاب يجب مطالعته والعمل بما فيه.

وكفى بهذا كله من حقائق هامة.

الصفحة الرئيسية