اسلام القرآن والاسلام (( النصرانى ))
اسلام
القرآن هو اسلام الكتاب
اى دين ابراهيم وموسى وعيسى الذى يشرعه القرآن
للعرب دينا واحدا
بلا تفرقة
ولا تفريق
[ الشورى13 ]
فى (( امة واحدة )) تؤمن
بالمسيح
امه
وهذه (( الامة الواحدة )) هى (( امة وسط ))
[ البقرة 143 ] بين اليهودية التى تكفر
بالمسيح وامه ,
وبين المسيحية التى (( تغلوا )) فى شأن المسيح
وامه.
وهذه
(( الامة الوسط )) كانت قائمة فى عهد
(( الفترة ))
ما بين المسيح ومحمد .
فقد انقسم اتباع المسيح , بعد العهد الرسولى
الى سنة وشيعة . وكان الفاصل بينهما مؤتمر صحابة المسيح فى اورشليم عام 49 م
. الذى حرر المسيحيين من الاممين من شريعة موسى والختان , وترك النصارى من بنى
اسرائيل احرارا فى اقامة التوراة والانجيل
: فتشيع النصارى
من بنى اسرائيل الى التوراة فاقاموها مع الانجيل
فكانوا (( شيعة النصارى )) [ اع 24 : 5 ] وتبع المسيحيون من الامم شرعة
الرسل فكانوا السنة المسيحية .
والفارق الجوهرى
بين الشيعة والسنة من اهل الانجيل هو فى الايمان
بالمسيح (( كلمة الله )) فقد
فسرها (( شيعة النصارى )) على ضوء الكلام الفيلونى . وكان فيلون المتكلم
اليهودى
الاكبر فى عصر الميلاد يفهم (( كلمة الله)) بأنه (( ملاك كلمة الله ))- [
فيلون : فى الارواح
1- 239 ] - فهو عنده أقدم
الملائكة واول الملائكة-
[ فيلون : فى بلبلة الالسن 146- 147 ] – اى اول خلق الله وواسطة الخلق كله .
فقال (( النصارى )) من بنى اسرائيل بان المسيح هو
(( كلمة الله القاها الى مريم وروح منه )) كما سياتى أيضا فى القرآن .
وقال اهل السنة المسيحيون بان المسيح ((
كلمة اللة )) اى نطقه الذاتى الذى يتسلسل فيه
كتسلسل ابن عن ابيه فى عالم المخلوق ولله المثل الاعلى [ فاتحة الانجيل بحسب يوحنا
] .
فكان ((النصارى )) من بنى اسرائيل بعقيدتهم فى المسيح (( امة وسطا )) بين اليهودية
الكافرة
والمسيحية المغالية فى نظرهم .
وهذه هى (( الامة الوسط ))
فى الاسلام القرآنى .
1-
اسلام القرآن هو اسلام أولى العلم القسطين .
·
هذه هى شهادة الفرآن للاسلام :
((
شهد الله انه لا اله الاهو ,
والملائكة
, واولوا العلم قائما بالقسط-
لا اله الا هو العزيز الحكيم-
ان الدين عند الله الاسلام . وما اختلف الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما
جاءهم العلم بغيا بينهم , ومن يكفر بآيات الله , انه سريع الحساب . فان حاجوك
فقل أأسلمتم ؟ وان أسلموا فقد أهتدوا وان تولوا فانما عليك البلاغ , والله
بصير بالعباد . ان الذين بكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق , ويقتلون
الذين يأمرون بالقسط من الناس , فبشرهم بعذاب أليم [ ال عمران 18- 21 ] .
فمن هم ((أولوا العلم ))
القائمون بالقسط والذين يشهدون مع الله
وملائكته (( ان الدين عند الله الاسلام )) ؟ والقرآن يشهد بشهادتهم : فاسلامه من
اسلامهم . هنا لابد لنا من استطراد
نستقرئ فيه القرآن لنرى من هم (( اولوا العلم ))
فى لغة واصطلاح القرآن
·
يأخذ القرآن تعبير (( العلم )) عادة بمعناه اللغوى كمرادف للمعرفة وذلك فى عشرات
الآيات . لكنه يستخدم أيضا تعبير (( العلم )) بمعنى اصطلاحى عندما يذكر اختلاف اهل
الكتاب من يهود ونصارى : ((وما اختلف اهل الكناب الا من
بعد ما جاءهم العلم )) [ ال عمران 19
والشورى 14
والجاثية 16 ] . فان (( العلم )) هنا اصطلاح له
معنى عام ومعنى خاص يظهران من اسم (( اولى العلم ))
ومن الصفة المتواترة (( قائما
بالقسط )) .
واصطلاح القرآن يقسم الذين يخاطبهم فى مكة والمدينة الى (( اهل الكتاب )) و
((الاممين )) العرب الذين ليس لهم كتاب منزل [ ال عمران 20 ]
ويسمى اهل الكتاب على العموم
(( الذين يعلمون )) تجاه المشركين الامميين الذين يسميهم
((الذين لا يعلمون )) [ البقرة 113 و 119 ]
. فاولوا العلم فى اصطلاحه هم اهل الكتاب
وهو يتحدى
المشركين الكافرين به بايمان اولى العلم , اهل الكتاب : (( قل : امنوا به او لا
تؤمنوا : ان الذين أوتوا العلم من قبله , اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجدا ))
[ الاسراء 109 ]
(( فالعلم ))
فى اصطلاح القرآن هو ((العلم )) المنزل فى الكتاب
و ((اولوا العلم )) هم اهل الكتاب وقد ((أوتوا العلم من
قبله )) فالعلم الذى يستشهد به القرآن موجود
معهم و من قبل القرآن .
ونلاحظ
ايضا ان القرآن يرادف بين اهل الكتاب واولى العلم واهل الذكر فى انتسابه واستشهاده
: (( فاسألوا اهل الذكر , ان كنتم لاتعلمون بالبينات والزبر )) [النحل 43 ]
فالذكر الحكيم والعلم المنزل مترادفان .
والقرآن يقسم
ايضا اولى العلم من اهل الكتاب الى فريقين
: اليهود الظالمين والنصارى
المقسطين- ويأمر بمعاملة مختلفة للفريقين :
((ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتى هى احسن- الا الذين ظلموا منهم)) [ العنكبوت 46
]-
فاليهود ظالمون بكفرهم بالمسيح ثم بمحمد , فتحق معاملتهم بغير الحسنى ,
اما النصارى فلا يصح جدالهم الا بالحسنى لانهم
مقسطون فى ايمانهم [ الاسراء 109- 110
و المائدة 85- 86 ] .
والقرآن عندما يعدد المخاطبين يميز النصارى بصفة اولى العلم :
(( والذين سعوا فى آباتنا معاجزين ( اليهود ) اولئك لهم عذاب من رجز أليم ! ويرى
الذين اوتوا العلم (النصارى ) الذى انزل اليك من ربك هو الحق ويهدى الى صراط العزيز
الحميد , وقال الذين كفروا ......... ام به جنة ( المشركون ) [ سبأ 5- 8 ] .
وفى هذه
الاية الاخرى يجمع المخاطبين كلهم , ويميز
النصارى بصفة (( اولى العلم )) فهم مختصون
به من دون العالمين
, ومن دون جماعة محمد : (( ليجعل ما يلقى الشيطان
فتنة للذين فى قلوبهم مرض ( المنافقين ) والقاسية
قلوبهم ( المشركين ) وان الظالمين
(اليهود ) لفى شقاق بعيد , وليعلم الذين أوتوا
العلم ( النصارى ) انه الحق من عند ربك , فيؤمنوا به , فتخبت له قلوبهم وان
الله لهاد الذين آمنوا ( جماعة محمد ) الى صراط
مستقيم )) [ الحج 53-
54 ] .
فصفة ( اولى العلم المقسطين )
ميزة النصارى فى القرآن كلما استشهد بهم : ((قال
الذين أوتوا العلم )) [ النحل 27 و الروم 56 ] وكفى بهم مع الله شهداء للدعوة
القرآنية : (( وقال الذين كفروا : لست مرسلا ! قل : كفى
بالله شهيدا ومن عنده علم الكتاب ))
[ الرعد 25 ] فعلم الكتاب هو ((العلم)) فى اصطلاح
القرآن , وهذا العلم موجود عند (( الذين يتلون الكتاب حق
تلاوته ))
[ البقرة 121 ] اى النصارى فى عرف القرآن لانهم (( الراسخون فى العلم منهم
(من بين اهل الكتاب ) والمؤمنون ( جماعة محمد ) يؤمنون بما انزل اليك وما انزل من
قبلك ))
[ النساء 161 ]
.
(( الراسخون فى العلم ))
صفة ثانية (( لاولى العلم قائما بالقسط )) وهم الذين يؤمنون ايضا بالمحكم والمتشابه
فى أيات القرآن بخلاف اليهود (( الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء
الفتنة وابتغاء تآويله , وما يعلم تآويله الا الله-
والراسخون فى العلم يقولون : آمنا به كل من عند ربنا , وما يذكر الا اولوا
الالباب (وهم جماعة محمد )
ربنا لا
تزغ قلوبنا
بعد اذ هديتنا ))
[ ال عمران 7و 8 ] . لذلك يجمع
اولى العلم المقسطين , الراسخين فى العلم اى النصارى
فى منزلة واحدة مع الذين آمنوا من العرب
(( يرفع الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) [المجادلة 11 ] .
فالنصارى هم العلماء الذين يشيد بهم فى قوله :
(( انما يخشى الله من عباده العلماء ))
[ فاطر 28 ]
لان منهم (( من هو قانت آناء الليل ساجدا قائما حذر للاخرة ويرجو رحمة ربه !
قل: هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) الزمر 9
التعبيران [ العلماء ] و [ الذين يعلمون ]
اصطلاح قرآنى مخصوص لا يصح فهمه بحسب اللغة كما
تفعل العامة .
ففى اصطلاح القرآ ن
, ان اولى العلم على التخصيص , اولى العلم
المفسطين , الراسخين فى العلم هم (( النصارى )) وحدهم
. وتعبير (( العلم ))
اصطلاح يعنى (( علم الكتاب ))
[ الرعد 45 ] بحسب تلاوتة الكتاب حق
تلاوته كما عند (( النصرانية )) .
بعد هذا الاستطراد , نعود الى الشهادة القرآنية بالاسلام .
فالذين يشهدون
مع الله وملائكته (( ان الدين عند الله الاسلام )) هم ((
اولوا العلم قائما بالقسط ))
اى النصارى-
والقرآن يشهد بالاسلام على شهادتهم :
فاسلام القرآن هو نفسه الاسلام((النصرانى))
.
وقد شذ عن هذا
(( الاسلام القرآنى والنصرانى )) اليهود من اهل الكتاب
: (( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ))
[ ال عمران 19 ] .
هذا تعميم يراد به التخصيص و كما تدل قرائن الاية كلها
.
فاليهود
ليسوا مقسطين فى (( العلم ))
فهم
(( يكفرون بآيات الله ,
ويقتلون النبيين بغير حق , ويقتلون الذين يأمرون
بالقسط من الناس : فبشرهم بعذاب اليم )) [ال عمران 21 ] -
وما أجمل هذه الشهادة القرآنية :
ان اليهود على عهد النبى العربى
كانوا يقتلون النصارى (( الذين يأمرون
بالقسط )) بسبب شهادتهم لصحة الدعوة القرآنية .
فاسلام القرآن هو اسلام النصارى (( اولى العلم قائما
بالقسط )) . فهم مع الله وملائكته يشهدون (( ان الدين عند الله الاسلام ))
والقرآن يشهد بشهادتهم .
2-القرآن
و (( النصارى )) امة واحدة .
·
ان الاسلام هو صفة النصارى منذ الحواريين صحابة
المسيح : (( فلما أحس عيسى منهم الكفر [من اليهود ] قال : من أنصارى الى الله ؟ قال
الحواريين : نحن أنصار الله , امنا بالله وأشهد بان
مسلمون , ربنا آمنا بما أنزلت [ فى الانجيل ] وأتبعنا الرسول[ عيسى ]
فاكتبنا مع الشاهدين ))
ال عمران 53
كأن القرآن يعرب هنا
((
نصارى )) بانصار
وما يقوله الحواريون للمسيح
يقوله النصارى أتباعهم لمحمد :
(( ربنا آمنا فأكتبنا مع الشاهدين ))
المائدة 86-
فما بين الحواريين وأتباعهم ,
ومحمد وأتباعه انما هو ايمان واحد واسلام واحد وأمة واحدة .
·
ان اهل الانجيل واهل القرآن هم فى عرف القرآن نفسه
(( امة واحدة )) من دون
العالمين , سواء من اهل الكتاب و من الامميين لايمانهم بالمسيح وامه ( آية
للعالمين )
فهو يختم ذكر الانبياء بقوله : (( والتى احصنت
فرجها , فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها اية للعالمين . ان
هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فأعبدون )) الانبياء 91 و 92 _
فليس محمد والمتقون معه من العرب امة واحدة مع اهل الكتاب
على الاطلاق
_ انما هم
امة واحدة مع النصارى المؤمنين بالمسيح وامه آية للعالمين .
ويختم ايضا ذكر الانبياء من نوح الى ابن مريم بقوله : (( وجعلنا ابن مريم
وامه آية وآويناهما الى ربوة ذات قرار ومعين ....
وان هذه امتكم أمة واحدة وانا ربكم فاتقون
)) المؤمنون 51- 53
فالايمان
بالله والايمان
بالمسيح
وامه آية
للعالمين , هو الذى يجعل اهل القرآن واهل الانجيل
(( امة واحدة )) فى عرف القرآن وعلى اسلام واحد .
·
وهذا الاسلام ((النصرانى )) هو الذى أمر محمد بأن ينضم الى أهله: (( وأمرت ان اكون
من المسلمين )) [ النمل 90 ] - المسلمون
موجودون قبل محمد وهو يؤمر بأن ينضم اليهم -
ان محمدا فى هدايته ينضم الى (( النصارى ))
((فالنصارى ))
هم المسلمون الاوائل حقا والقرآن نفسه يميزهم بأسم ((
المسلمين )) عن جماعة محمد
[ الذين امنوا ] من العرب :
((قل: نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين امنوا وهدى
وبشرى للمسلمين ))
نلاحظ دقة التعبير فى
قوله
[
هدى
وبشرى للمسلمين ]
فالهدى كناية عن التوراة : ولقد اتينا موسى
الهدى [ المؤمن 53 ] والبشرى ترجمة حرفية لكلمة
الانجيل .فالقرآن العربى هو توراة وانجيل للمسلمين
النصارى .
انه بشرى للمسلمين , او بشرى للمحسنين [ الاحقاف 12 ] كما انه هدى وبشرى للمؤمنين ,
من العرب [ البقرة 97 و النحل 2 ]
او رحمة وبشرى للمؤمنين , المتقين من العرب
[ النحل 89 ] .
· وبسبب هذه الوحدة بين القرآن والنصارى , فالقرآن يحيل اهله الى اهل الذكر المقسطين , النصارى من اهل الكتاب , فى امر الدين والنبوة والتنزيل : (( أسألوا اهل الذكر , ان كنتم لاتعلمون بالبينات والزبر )) [ النحل 43 و 44 ] .
· والقرآن يحيل النبى العربى نفسه , حين شكه من صحة التنزيل الذى يبلغ اليه , الى الذين يقرؤن الكتاب من قبلك , ويتلونه حق تلاوته [ البقرة 121 ] اى النصارى وهم اولى العلم المقسطين :
(( ان كنت فى شك مما أنزلنا اليك , فأسأل الذين يقرؤن الكتاب من قبلك : لقد جاءك
الحق من ربك, فلا تكونن من الممترين )) [ يونس 93 و94 ] .
فعلى محمد , حين الشك من أمره أن يطمئن لدى
الذين يقرؤن الكتاب من قبلك اولى العلم المقسطين الذين يشهدون للاسلام مع الله
وملائكته [ ال عمران 18 ] وذلك لانهم (( الراسخون
فى العلم )) لا اليهود (( الذين فى قلوبهم زيغ
ويبتغون الفتنة ))
[ ال عمران 7 ]
.
تلك الامثولة
المزدوجة
للنبى وآهله معا بالرجوع الى النصارى ,
اولى العلم المقسطين
هى تلقين خالد
فى الحوار بين الاسلام والمسيحية . اذا تشابه علينا شئ فى مقابلة
القرآن بالكتاب والانجيل _
فالقرآن يأمر أهله , كما يأمر نبيه , بسؤال اهل
الكتاب
(( الراسخون فى العلم )) أئمة
النصارى
و
هذا صراط مستقيم فى الحوار لا يجوز ان نجهله او نتجاهله
.
3- الدعوة القرآنية (( تأييد )) للدعوة النصرانية بين العرب .
· يكشف لنا القرآن عن سر دعوته فى قوله : (( با ابها الذين امنوا كونوا أنصار الله , كما قال عيسى ابن مريم للحواريين : من انصارى الى الله ؟ قال الحواريون : نحن أنصار الله . فأمنت طائفة من بنى اسرائيل وكفرت طائفة : فأيدنا الذين امنوا على عدوهم , فاصبحوا ظاهرين )) [ الصف 14] .
فالقرآن
يقسم بنى اسرائيل تجاه
دعوة المسيح الى طائفتين : طائفة كفرت
بالمسيح وهم اليهود . وطائفة من بنى اسرائيل
آمنت
بالمسيح
وهم النصارى , أنصار الله _ ويعلن القرآن
انه تأييد للنصارى من بنى اسرائيل على
عدوهم اليهود . حتى الظهور
عليهم فى جزيرة العرب .
· يؤيد ذلك قوله : (( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق , وبه يعدلون )) [ الاعراف 158 ] وهم الطائفة من بنى اسرائيل التى آمنت بالمسيح ويؤيد القرآن دعوتها [ الصف 14 ]
فهو
يخاطب جميع الناس
ويدعوهم بدعوة هذه الامة الهادية العادلة
من قوم موسى , الطائفة منهم المؤمنة بالمسيح : ((
قل : با أيها الناس انى رسول الله اليكم جميعا ... فأمنوا بالله ورسوله , النبى
الآمى الذى يؤمن بالله وكلمته , واتبعوه لعلكم
تهتدون )) [ الاعراف 157 ] .
لان ايمان القرآن (بكلماته) بالجمع وعلى الاطلاق لا يحدد ايمانه بل يذيبه فى اديان الكتاب جميعا _ اما قراءة ( كلمته ) بالمفرد فتحدد ايمان القرآن بالله والمسيح كلمة الله [ النساء 170 ] .
وقد نقل
الطبرى والزمخشرى والبيضاوى عن مجاهد انه
(( اراد عيسى ابن مريم )) يؤيد ذلك
الآية التالية التى تذكر
أمة من قوم موسى [ يهدون بالحق وبه يعدلون]
فالحق الذى فيه الهدى والعدل هو الايمان (( بالله وكلمته
)) على مثال الامة الهادية العاد لة من قوم موسى ,
الطائفة من بنى اسرائيل التى آمنت بالمسيح
.
· فالقرآن يدعو الى الايمان بالله والمسيح كلمة الله بدعوة (( النصرانية )) ذاتها وايمانه هو ايمانها . والدعوة به تأييد لهذه (( النصرانية )) . هذا هو الهدى الذى يجب على النبى العربى أن يقتدى به فى دعوته : (( اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة ينقل القرآن التعبير العبرى بحرفه ( الحكم ) اى الحكمة وبهذا التعبير الثلاثى ( الكتاب والحكم والنبوة ) كان اهل الكتاب يقسمونه الى ثلاثة أقسام فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين , اولئك الذين هدى الله , فبهداهم اقتده )) [ الانعام 89 و90 ] .
فسره الزمخشرى ( هؤلاء ) يعنى اهل مكة , ( قوما ) هم الانبياء المذكورون ومن تابعهم .... ( اولئك ) الثانية بدل من الاولى , فاختص هداهم بالاقتداء, ولا تقتدى الا بهم .. والمراد ( بهداهم ) طريقتهم فى الايمان بالله وتوحيده _ فلا يدعو القرآن محمدا الى الاقتداء بطريقة اليهود فى الايمان والاسلام لانهم لعنوا على لسان داود وعيسى ابن مريم لكفرهم بالمسيح , [ المائدة 81 ] .
بل الى الاقتداء بطريقة النصارى فى الايمان (( بالله وكلمته ))
[ الاعراف 157 ] فهم (( اولو العلم قائما بالقسط )) الذين بشهدون مع الله وملائكته
(( ان الدين عند الله الاسلام )) وهذا الاسلام هو الايمان
(( بالله وكلمته )) الاسلام القرآنى
النصرانى .
فالقرآن يقتدى بهدى النصرانية ويؤيد دعوتها بين العرب .
·
هذه
(( النصرانية )) تقيم التوراة والانجيل معا -
لا التوراة من دون الانجيل ولا الانجيل من دون التوراة-
والقرآن يدعو بدعوتها : (( قل :
با اهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والانجيل , وما انزل اليكم من ربكم .
وليزيدن كثيرا منهم ( اليهود ) ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس (تحزن )
على القوم الكافرين )) [ المائدة 71 ] , سيزداد اليهود
طغيانا وكفرا على القرآن ومحمد لدعوتهما بدعوة عدوهم (( النصرانية )) .
· فالقرآن يشرع للعرب دين ابراهيم وموسى وعيسى معا دينا واحدا على مثال النصرانية التى تقيم التوراة والانجيل معا :
(( شرع لكم من الدين ما اوصى به نوحا- والذى اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم
وموسى وعيسى : ان أقيموا الدين ولاتتفرقوا فيه ))
[ الشورى 13 ] الى دين ابراهيم ودين موسى
ودين عيسى .
فالقرآن
يركز دعوته
على وحدة الدين بين ابراهيم وموسى وعيسى , وعلى
عدم التفريق فيه : (( لا نفرق بين احد منهم
ونحن له مسلمون )) [ البقرة
136 وال عمران85 ]-
فالاسلام الحق هو دين موسى وعيسى معا وهو
اقامة التوراة والانجيل معا ,
هذه هى دعوة القرآن و (( النصارى )) .
· لقد امر محمد ان (( يقتدى بهداهم )) فى الدعوة القرآنية [ الانعام 90 ] لانهم ((يهدون بالحق وبه يعدلون)) [ الاعراف 158 ] فهم (( الائمة الذين يهدون بامر الله الى هدى الكتاب كله )) [ ال عمران 119 ] فلا يكن محمد فى مرية من لقائه :
(( ولقد اتينا موسى الكتاب : فلا تكن فى مرية من لقائه , وجعلناه هدى لبنى اسرائيل
, وجعلنا منهم أئمة يهدون بامرنا , لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون . ان ربك يفصل
بينهم يوم القيامة فى ما كانوا فيه يختلفون )) [ آلم السجدة 23 و24
]
فالائمة الذين يهدون بأمر الله
الى هدى الكتاب كله هم (( من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ))
فهم أئمة النصارى من بنى اسرائيل , الذين يبلغون
محمدا الكتاب : (( فلا تكن فى مرية من لقائه .
فبهداهم أقتده )) الانعام 90
كما تؤمن (( بالله وكلمته )) الاعراف 157
هؤلاء هم النصارى
اولوا العلم قائما بالقسط الذين يشهدون مع الله وملائكته ( ان الدين عند
الله الاسلام ) فما على محمد الا ان يشهد بشهادتهم , ويدعو بدعوتهم .
وعليه ان الدعوة القرآنية
هى تأييد للدعوة (( النصرانية )) بين العرب ,
4- القول الفصل : ان اسلام القرآن هو نفسه الاسلام (( النصرانى )) .
هذا القول الفصل هو قول موضوعى
. بمعزل عن قضية النبوة والوحى . ولنتذكر
بالمناسبة قول المسيح : (( لاتظنوا انى أتيت لانسخ
التوراة او النبيين , انى ما اتيت لانسخ بل لاتمم ))
[ متى 5- 17 ]
فالوحدة فى
النبوة والكتاب والايمان والاسلام هو شعار القرآن
. ونقدر ان نوجز وحدة الاسلام
القرآنى
والاسلام
النصرانى
يهذه الايات الاربع كما فصلناها .
·
(( شهد الله ان لا اله الا هو , والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط
... ان الدين عند الله الاسلام ))
[ ال عمران 18 و19 ] فالقرآن يشهد للاسلام بشهادة
(النصارى ) اولى العلم المقسطين , الراسخين فى العلم , المحسنين فى الايمان
.
·
وشهادة النصارى تكفى محمدا فى دعوته
(( ويقول الذين كفروا : لست مرسلا ! قل : كفى بالله شهيدا بينى وبينكم , ومن
عنده علم الكتاب )) [ الرعد 45 ] .
·
لذا فالحوار
بين اهل القرآن واهل الانجيل يجب ان يكون وديا واخويا
, بالحسنى الطلوبة , لان الاله واحد والتنزيل واحد
والاسلام واحد فىما بينهم : (( ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتى هى احسن _
الا الذين ظلموا منهم _
وقولوا : آمنا بالذى انزل الينا وانزل اليكم , والهنا والهكم واحد . ونحن له
مسلمون )) [ العنكبوت 46 ] فاهل الانجيل واهل القرآن هم جميعا ((
المسلمون
))
·
اذا الحوار بين الاسلام والمسيحية هو تأييد بعضهما لبعض
كما جاءت الدعوة القرآنية تأييدا للدعوة النصرانية : (( فأمنت طائفة من بنى اسرائيل
وكفرت طائفة : فايدنا الذين امنوا على عدوهم فاصبحوا ظاهرين ))
[ الصف 14 ] .
فاسلام القرآن هو الاسلام (( النصرانى )) بنص القرآن القاطع
[ ال عمران 8- 19 ] وشهاداته المتواترة المؤتلفة .
وهذه هى القاعدة الثانيه للحوار الصحيح بين المسيحية والاسلام .