ثالثا : أم المسيح فى القرآن
يذكر القرآن مريم إحدى عشرة مرة ولا يذكرأسم أنثى غيرها وقد إختص سورة بإسمها سورة
مريم ولا يستنبئ القرآن أنثى سواها :
وحدها بين النساء خاطبها الملائكة وخاطبتهم .
فهى تهيئة لإبنها ذروة الذرية المصطفاة على العالمين آل عمران 33- 45 فى حين الحبل
بها تقول أمها وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم آل عمران36
وأم مريم إمرأة عمران هى حنة بنت فاقوذا جدة عيسى ... وزكريا كان معاصرا بن ماثان
وتزوج بنته ايشاع وكان يحيى وعيسى عليهما السلام إبنى خالة من الأب
البيضاوى
وتقول : إنى سمعتها مريم ... فسره البيضاوى : وإنما ذكرت ذلك لربها تقربا إليه
وطلبا لأن يعصمها ويصلحها حتى يكون فعلها مطابقا لإسمها ومريم فى لغتهم تعنى
العابدة
وينقل البيضاوى مثل سائر المفسرين بيانا لعصمة مريم فى الحبل بها هذا الحديث : وعن
النبى ما من مولود يولد وإلا الشيطان يمسه حين يولد فيستهل يصرخ من مسه إلا مريم
وإبنها لأن الله عصمها ببركة الإستعاذة فمريم أم المسيح معصومة من مس الشيطان عند
الحبل بها والولادة
وهذا التلقين القرآنى الذى يؤيده ويفسره الحديث دليل على عصمة مريم من الخطيئة فى
الحبل بها ودليل على أن هذه العقيدة كانت شائعة بين الطوائف المسيحية فى مطلع القرن
السابع كما نزل بها القرآن والقرآن حجة على من ينكر ذلك فى عصرنا هذا .
مريم أم المسيح
إذا مصطفاة على العالمين بنسبها ومصطفاة على العاتلمين بعصمتها فى خلقها
ومولدها ومصطفاة على العالمين فى نشأتها .
وهى نذيرة الله منذ الحبل بها : رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا آل عمران 35
فتقبلها ربها بقبول حسن فى نذرها وأنبتها نباتا حسنا وهذا مجاز عن تربيتها بما
يصلحها فى جميع أحوالها البيضاوى .
وإنقطعت مريم للعبادة منذ صغرها فى محراب الهيكل وكفلها زكريا
وفة\ى قراءة وكفِلها زكريا وتنافس الأحبار فى كفالتها لأنها كانت بنت إمامهم
وصاحب قربانهم
البيضاوى وهكذا كان عمران أو يواكيم كما يقول الانجيل من الأحبار وهى مصطفاة
على العالمين فى إنقطاعها صغيرة للعبادة
وأيضا مصطفاة على العالمين فى معيشتها فى الهيكل : كلما دخل زكريا المحراب وجد
عندها رزقا قال يا مريم : آنى لكٍ هذا ؟ قالت هو من عند الله يرزق من يشاء بغير
حساب آل عمران 37
فسره البيضاوى : المحراب الغرفة التى بنيت لها أو المسجد وأشرف مواضعه ... كأنها
وضعت فى أشرف موضع من بيت المقدس ... روى أنه كان لايدخل عليها غيره وإذا خرج أغلق
عليها سبعة أبواب وكان يجد عندها فاكهة الشتاء فى الصيف وبالعكس ... وقيل تكلمت
صغيرة كعيسى عليه السلام ولم ترضع ثديا قط وكان رزقها ينزل عليها من الجنة .
وتقضى مريم حداثتها فى الهيكل فى حديث مع الملائكة
وإذ قالت الملائكة : يا مريم إن الله إصطفاكٍ وطهرك وغصطفاكٍ على نساء
العالمين , يا مريم انتى لربك وأسجدى وإركعى مع الراكعين
آل عمران 42
فسره البيضاوى : كلموها شفاها , كرامة لها .. والإصطفاء الأول : تقبلها من أمها ولم
تقبل أنثى قبلها فى الهيكل وتفريغها للعبادة وإغناؤها برزق الجنة عن الكسب وتطهيرها
عما يستفذر من النساء وبعصمتها أيضا من الخطيئة
والإصطفاء الثانى : هدايتها وإرسال الملائكة لها وتخصيصها بالكرامات السنية كالولد
من غير أب وتبرئتها من قذف اليهود بإنطاق الطفل وجعلها وإبنها آية للعالمين .
وفسره الزمخشرى : إصطفاك أولا حين تقبلك من أمك ورباك وإختصك بالكرامات السنية
وغصطفاك آخراً بأنوهب لك عيسى من غير أب ولم يكن ذلك لأحد من النساء .
وقال الرازى : الاصطفاء الأول : ما حصل لها من الامور الحسنة فى أول عمرها والثانى
ما حصل لها فى آخر عمرها .
أما النوع الأول من الاصطفاء فهو أمور : أنه تعالى قبل تحررها – نسكها فى الهيكل مع
أنها كانت أنثى ولم يحصل مثل هذا المعنى من الاناث – قال الحسن : أن أمها لما
وضعتها ما غذتها طرفة عين بل ألقتها الى زكريا وكان رزقها يأتيها من الجنة – أنه
تعالى فرغها لعبادته وخصها فى هذا المعنى بأنواع اللطف والهداية والعصمة – أنه
كفاها أمر معيشتها وكا يأتيها رزقها من عند الله – أنه تعالى أسمعها كلام الملائكة
شفاهاُ ولم يتفق ذلك لأنثى غيرها .
والإصطفاء الثانى : هدايتها – وإرسال الملائكة إليها وتخصيصها بالكرامات السنية
كالولد من غير أب وتبرئتها مما قذفته اليهود بإنطاق الطفل وجعلها وإبنها آية
للعالمين .
ومريم أم المسيح معجزة فى ذاتها وفى سيرتها وجعلناها وأبنها آية للعالمين
الانبياء 91
{يلا حظ المستشرقون أن القرآن يأخذ برواية بعض الأناجيل المنحولة , ويأتى المفسرون
فيستذيدون منها , ولكن فاتهم أن ما نسميه الأناجيل المنحولة هى منحولة بسبب الى
الرسل وليس بما تنقله من أوساط آل المسيح من سيرته وأمه التى لم ترد فى الأناجيل
الصحيحة الرسمية فما فى القرآن هو من تلك الرواية التى لم يسجلها الإنجيل }
والمسيح
فى أمه أيضا آية للعالمين وبحسب القرآن الكريم