ثالثا : إستجمع المسيح طرق الرسالة الإلهية كلها

 

كانت رسالة المسيح بالكلمة المعجزة والمثل المعحز والآيات المعجزة قد يشبهه بعض الأنبياء فى واحدة منها لكن أحدا منهم لم يستجمعها مثله بشهادة القرآن .

 

كانت رسالته بالكلمة المعحزة

والقرآن يردد مرارا على لسان المسيح إعلان التوحيد الكتابى المنزل : وقال المسيح يا بنى إسرائيل  اعبدوا الله ربى وربكم المائدة 75 هذا هو الصراط المستقيم الذى جاء به عيسي : ولما جاء عيسي بالبينات قال : قد جئتكم بالحكمة لأبين لكم بعض الذين تختلفون فيه , فإتقوا الله وأطيعون : إن الله هو ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم الزخرف 63- 64  وهذا هو الاسلام الحق الذى دعا إليه عيسي : وإذ أوحيت الى الحواريين أن آمنوا بى وبرسولى قالوا : آمنا وأشهد إنا مسلمون المائدة 111 هذا هو عهد الله : وعدا عليه حقا فى التوراة والانجيل والقرآن التوبة 111

 

ودعوة عيسي هى تبيان ما كانوا يختلفون فيه من الكتاب : ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه الزخرف 63 وتحليل بعض ما حرم عليهم : ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم آل عمران 50

 

ومن دعوته أنه مصدق لما بين يديه من التوراة المائدة 46 الصف 6 وهو أيضا مفصل لها فيما كانوا يختلفون قيه .

 

وكان أيضا مبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد الزخرف 6 آية وحيدة فريدة فى القرآن سنرى معناها فى بحث لاحق .

 

ومع الدعوة للتوحيد كان المسيح يُظهر كلمة الله فى ذاته النساء 170 وينفرد بتأييد روح القدس له فى سيرته كلها كما فى رسالته وتنزيله البقرة 87, 253 المائدة 113 وكلمة الله المُلقى الى مريم ( روحا منه تعالى ) وروح القدس هما روحان من الملأ الأعلى يظهران فى ظهور المسيح البقرة 87 و 253 النساء 170

ما هو سر كلمة الله وسر روح القدس من الله ؟ سنرى ذلك أيضا فى بحث لاحق

 

هذا هو الانجيل الذى أوتيه عيسي : وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور .. هدى وموعظة للمتقين المائدة 15 هو هدى ونور لأهل الكتاب وهدى وموعظة للمتقين من الأممين كالعرب الذين آمنوا مع محمد .

 

وكانت رسالته بالمثل الحى

 

ضرب القرآن للناس ( مثلا من الذين خلوا ) النور 34 وتلك الأمثال نضربها للناس العنكبوت 23 الحشر 21 وأعطى القرآن إبراهيم والذين معه ( اسوة حسنة ) فى براءتهم من قومهم الظالمين الممتحنة 4+6 وأعطى القرآن محمدا أيضا ( اسوة حسنة ) فى الجهاد الأحزاب 21 كما فسره الجلالان : إقتداء به فى القتال والثبات فى مواطنه ز

 

أما المسيح كان مثلا مطلقا لبنى إسرائيل : ان هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى إسرائيل الزخرف 59 ومثلا للأممين على السواء : ولما ضرب ابم مريم مثلا , إذا قومك منه يصدون الزخرف 57

 

وميزة رسالة المسيح البينات والمعجزات

 

يصف القرآن رسالة المسيح جملة إنفرادها بالبينات التى لم يستجمعها غيره ولم يبلغ شأوها أحد من المرسلين : وآتينا عيسي ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس البقرة 87 , 253

فلما جاءهم  بالبينات . قالوا هذا سحر مبين الصف 6  وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتم بالبينات قال الذين كفروا منهم : إن هذا إلا سحر مبين المائدة 113 ولما جاء عيسي بالبينات قال : قد جئتكم بالحكمة  الزخرف 63

ثم يفصل بإيجاز بعض تلك المعجزات :

ورسولا الى بنى إسرائيل غنى قد جئتكم بآية من ربكم : إنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير وأنفخ فيه ويكون طيرا بإذن الله _ وأبرئ الأكمة ( الأعمى منذ مولده ) والأبرص _ وأحي الموتى  بإذن الله

وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم : أن فى ذلك لآية لقوم يعقلون آل عمران 49 قابل المائدة 113

 

فسره البيضاوى انه حكى هنا خمس أنواع من معجزات عيسي : وروى أنه عليه السلام ربما إجتمع عليه خمسون الفا من المرضى من اطاق منهم أتاه ومن لم يطق أتاه عيسي وما كانت مداواته إلا بالدعاء ونحن نعتبرها أربعة أنواع  هذا النوع الأول من الأشفية المعجزة والنوع الثانى هو الإطلاع على الغيب : وعيسي يعلم الغيب وليس كغيره لايعلم الغيب الأنعام 50 هود 31 الأعراف 187

والنوع الثالث هو خلق الطيور لاحظ قوة التعبير ( أني أخلق لكم ) ولا يستعمل القرآن كلمة خلق بحق أحد من المخلوقين والمرسلين إلا بحق عيسي وعلى لسانه آل عمران49 وعلى لسان الله نفسه بحق عيسي المائدة 113

: وقد أشركه فى حق الخلق مع الخالق سبحانه وإن قيده بقوله بإذن الله أو بإذنى وإطلاق الفعل الالهى الخاص على عيسي يكفيه ليرفعه فوق المخلوقين الى الخالق _ وكما وصفه بصفة إلهية لا تليق إلا بالله الخلق وهو يؤيدها بصفة إاهية ثانية وهى إحياء الموتى ولم يسند القرآن هذه الصفة الإلهية لأحد من المخلوقين إلا لعيسي . ولم يشترك أحد من الرسل والأنبياء مع عيسي إلا بنوع الأشفية ؛ أما الخلق ومعرفة الغيب والإحياء فقد انفرد بها شهادة لعيسي على شخصيته _ نعرف من الكتاب والانجيل ان ايليا والبشع أقاما ميتا بالدعاء الى الله ؛ أما المسيح أقام الموتى بكلمته الشخصيةوإن كان بإذن الله والحيثية أن ذات المسيح السامية وقدرتها من الله ذاته أليس هو روح منه تعالى .

 

وآية الآيات هى معجزة المائدة ينزلها على الرسل الحواريين من السماء : قال عيسي ابم مريم . الهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون عيدا لأولنا وآخرنا , وآية منك وأرزقنا وأنت خير الرازقين المائدة 117

 

قال الرازى فى تفسيرها : إن جميع تلك المعجزات التى طلبتها كانت أرضية وهذه معجزة سماوية , وهى أعجب وأعظم ... وقالوا بالإجماع : أنها نزلت يوم الأحد فاتخذه النصارى عيدا .

 

وهذه الإشارات : مائدة عليها رزق من السماء تكون عيدا دائما لهم نزلت يوم الأحد كلها تشير الى قول المسيح فى الانجيل أنا الخبز الحى النازل من السماء ...والخبز الذى سأعطيه أنا هو جسدى ...من يأكل جسدى ويشرب دمى له الحياة الأبدية الانجيل بحسب يوحنا 6 ومعجزة المائدة التى فى القرآن هى عند النصارى القربان .

 

وأسمى ما انفرد به المسيح على الرسل أجمعين هو إختصاصه بتأييد روح القدس له على الدوام فى سيرته ورسالته وشخصيته .

 

الصفحة الرئيسية