ثالثا
: تلك
الاذدواجية
القرآنية في
شخصية المسيح
دليل سرها
الواقع
القرآني الذي
لا مناص منه أن
في شخصية
المسيح
ثنائية :
بحسب
ظاهر القرآن
إن المسيح
عيسي ابن مريم
هو بشر أي عبد
لا رب .
ومع
ذلك فهو أيضا
وبنص القرآن
القاطع
وبالإجماع :
روح الله وروح
الله في أدق
معانيه أنه
ملاك : فهل
يكون المسيح
بشرا وملاكا
معا ؟ أي ملاكا
متأنسا ؟ هذا
هو حرف القرآن
.
علي
كل حال فالمسيح
بشر وأسمي من
بشر معا وهذا
لبرهان قاطع
علي الثنائية
القرآنية في
شخصية المسيح
.إنما
المسيح هو روح
الله لذا فهو
أسمى من ملاك
مخلوق :
لروح
الله , بالنسبة
للمسيح ثلاثة
معايير :
فأرسلنا
لها روحنا
فتمثل لها
بشرا سويا
مريم 16 بعني
روح الله الذي
بشر مريم
بالمسيح أي
جبريل وقوله
روحنا
إضافة
للتشريف لا
للمصدرية –
ونلاحظ الفرق
في التعبير
بين روحنا
للملاك وبين
روح منه
للمسيح .
فنفخنا
فيها من روحنا
الأنبياء 91
فنفخنا فيه
من روحنا
التحريم 12
قد يكون
التعبير علي
معنى الفاعل
وقوله من
روحنا يعني
الملاك
النافخ ولكن
هذا المعنى
ينقضه قوله : ...
إذا قضي أمرا
إنما يقول له
كن فيكون آل
عمران 47
وقد
يكون علي معنى
المفعول
وقوله من
روحنا يعني
الروح
المنفوخة في
عيسي مثل
الروح
البشرية
المنفوخة في
آدم : ونفخت
فيه من روحي
الحجر 29 ونفخ
فيه من روحه
آلم السجدة 9
لاحظ
الفرق العظيم
بالنسبة
للمسيح بين
التعبيرين : من
روحنا وروح
منه – ففي
المسيح عيسي
ابن مريم روح
من روحنا ذاته
– روح إلهية
بصفته كلمة
الله وروح منه
–
تعبيــــــران
يفسر بعضهما
بعضا .
بقي
التعبير
الثالث كلمته
ألقاها إلي
مريم وروح منه
النساء 170 في
تحديد شخصية
المسيح وهو
تعبير فريد
خاص بالمسيح
وحده لا مثيل
له في القرآن
كله وقوله روح
منه يدل على
المصدرية كما
فسره
البيضاوى : أي
صدر منه وهذا
الصدور يفسره
الاسم الثاني
المرادف له :
كلمته .
المسيح
روح من الله
يصدر منه صدور
الكلمة من
الذات
الناطقة وهذا
القيد
والتخصيص
يمـــيز
المسيح روحا
منه تعالي
بالصدور عن كل
روح من الله
بالخلق
والإبداع .
ولا
ينبغي الرد
عليه بقوله :
إن مثل عيسي
عند الله كمثل
آدم خلقه من
تراب ثم قال له
كن ! فيكون آل
عمران 59 – لأن
التمثيل يقع
هنا علي طريقة
التكوين من
التراب أو من
مريم لا على
الذات نفسها
الملقاة من
الله في عيسي
ابن مريم
ونلاحظ
أيضا أنه هنا
يُذكر عيسي
ابن مريم من
خلال صلته
بمريم
وولادته
المعجزة منها
لا المسيح
كلمته ألقاها
إلي مريم وروح
منه أي المسيح
في صلته
المصدرية
بالله .
ويؤيد
معنى
المصدرية في
روح منه تعالى
تأييد المسيح
بروح القدس
البقرة 87 و 253
والمائدة 113 .
ولهذا
التعبير
وأيدناه بروح
القدس معنيان
في تفاسيرهم :
قد يعني روح
المسيح
القدوسة في
تكوينه عند
إلقائه إلى
مريم
وقد
يعنى روح
القدس
المتميز عنه
شخصيا
والمؤيد له
يسير معه حيث
سار ولا
يفارقه ساعة
وهو الاسم
الأعظم الذي
كان المسيح
يحيي به
الموتى ويخلق
طيرا ؛
والإحياء
والخلق من
صفات الله
وأفعاله ؛ وهو
الروح المطلق
الإسراء 85 لا
جبريل .
وروح
القدس المؤيد
للمسيح في كلا
المعنيين
أسمى من
المخلوق – ولا
عبرة بتسمية
جبريل روح
القدس على
طريقة
المشاكلة في
التعبير لا
على طريقة
المقابلة لأن
روح القدس
جبريل تنحصر
صلته بمحمد في
التنزيل لا في
التأييد
المخصوص
بالمسيح في
ذاته وسيرته .
وإذا
اعتبرنا
أيدناه بروح
القدس أنها
روح المسيح
الشريفة
العالية
القدسية (
الرازى –
النساء 170 ) التي
تؤيد المسيح
في ذاته
وشخصيته كان
المسيح روح
الله القدس
فهو أسمى من
المخلوق .
وإذا
اعتبرنا
أيدناه بروح
القدس أنها
روح القدس
الذات
القائمة
بنفسها والتي
تؤيد المسيح
في سيرته
ورسالته لكان
المسيح أيضا
أسمى من
المخلوق .
وفى
كلا الحالين :
تأييد المسيح
بروح القدس
يرفعه فوق
المخلوق – قال
الإمام ابن
حنبل ( عن محمد
كامل شعيب
لمجلة المسرة
ص 181 عدد آذار 1966 )
وهو من أئمة
السنة
الأربعة : من
قال أن روح
القدس مخلوق
فقوله هذا
بدعة أي ضلالة
.
وفي
قوله كلمته
ألقاها إلي
مريم وروح منه
يمتاز
التعبير عن
سائر
التعابير
القرآنية
ويحدد ذات
المسيح أنها
روح منه تعالى
أي صادر منه لا
على طريق
الخلق بل على
طريق الصدور
كما يدل عليه
ترادف
الاسمين :
كلمته وروح
منه – روح منه
تعالى يصدر
منه صدور
الكلمة من
الذات
الناطقة في
حديثها
النفسي ؛ وإذ
لا حدوث في
الله فكلمته
في ذاته غير
محدثة ؛ وروح
منه بالتالي
غير محدث .
وكلمة
الله هو روح من
الله لا مجرد
أمر تكوين
بكلمة : كن -
وروح منه
تعالي هو
كلمته أي كلام
الله في ذاته
بما أنه روح
منه
ترادف
الاسمين يفسر
بعضهما بعضا :
كلمة الله هو
روح منه وهذا
الروح منه هو
كلمة الله .
والمسيح
هو روح الله في
ذاته من ذات
الله وليس هو
روح بشر فقط
وليس روح الله
روح ملاك فقط –
إنه روح منه
تعالى وأسمى
من المخلوق
لأنه كلمة
الله أي كلام
الله الذاتي
النفسي – قال
الرازى على آل
عمران 39 :
وأعلم أن كلمة
الله هي كلامه
, وكلامه على
قول أهل السنة
صفة قديمة
قائمة بذات
الله .
فالمسيح
في ذاته
السامية من
ذات الله :
كلمته وروح
منه – إن
المسيح في
ذاته السامية
روح منه تعالى
يصدر منه
صدورا كما
تصدر الكلمة
من الذات
الناطقة في
حديثها
النفسي ؛
والمسيح كلمة
الله هو نطق
الله في ذاته
فكلمته تعالى
الذاتية : هي
من ذاته ومثل
ذاته وفي ذاته
.
والمسيح
بحسب باطن
القرآن وبحسب
أسماؤه
الحسنى في
القرآن هو
أيضا رب –
والمسيح في
القرآن عبد
ورب معــا أو
بشـــر
ومـــلاك
معـــا – هذه
الثنائية
القرآنية في
شخصية المسيح
قائمة لا
تُنقض .
وعيسي
بصفته ابن
مريم هو بشر
مخلوق ولكن
بصفته المسيح
كلمته وروح
منه هو فوق
المخلوق , من
ذات الله وفي
ذات الله يصدر
فيه ( في
المسيح ) روحا
منه صدور
كلمته من ذاته
في ذاته وهذا
الأصح من كونه
بشرا وملاكا
معــا
هذه
هي شخصية
المسيح في
القرآن وفي
هذه
الاذدواجية
القرآنية سر
شخصية المسيح
التي تحير
العقول في
القرآن .
ونلمس
حيرة القرآن
نقسه في قوله :
ويسألونك عن
الروح ؟ قل
الروح من أمر
ربي ! وما
أوتيتم من
العلم إلا
قليلا
الإسراء 85 -
فسره
البيضاوي
: الروح
من أمر ربي :
معناه من وحيه
.. وقيل مما
استأثر الله
بعلمه .
وقوله
: وما أوتيتم
من العلم إلا
قليلا لهو
دليل على أن
العلم بالروح
في القرآن
قليل – قال
أحدهم : مضى
محمد ولم يدري
ما هو الروح !
لذا
ليس من الغريب
التشابه
والاذدواجية
في شخصية
المسيح بحسب
القرآن سواء
كان روح الله
في عيسي ملاكا
أو كلمة الله
الذاتية .
والقاعدة
القرآنية في
مثل هذه
الحالة هو
الأمر المكرر
في القرآن
أولا
للنبي : إن كنت
في شك مما
أنزلنا إليك
فاسأل الذين
يقرءون
الكتاب من
قبلك يونس 94
ثانيا
لأهل القرآن :
فاسألوا أهل
الذكر , إن
كنتم لا
تعلمون
بالبينات
والزبر
الأنبياء 23- 24
وعلى
أهل القرآن
سؤال أهل
الانجيل في
معنى الروح
وفي معنى روح
القدس وفي
معنى كلمته
ألقاها إلي
مريم وروح منه
كما وردن في
الانجيل ؛ وما
القرآن سوى
تفصيل الكتاب
يونس 36
وعلى
ضوء مقارنة
القرآن
وإمامه
الكتاب
المنير تتجلى
شخصية المسيح
على حقيقتها
في القرآن :
فالعلم
والهدى هما في
الكتاب
المنير الذي
به يجادل
النبي العربي
بنى قومه
لقمان 20 والحج 8
وبالقرآن
: يعلمهم
الكتاب
والحكمة
الجمعة 2 آل
عمران 164 أي
التوراة
والانجيل آل
عمران 48
والمائدة 113
فلنسأل
أهل الذكر
والكتاب
المنير في
معنى الكلمة
والروح لأن
العلم بهما في
القرآن قليل
الإسراء 85 :
ونخلص
إلي القول : أن
عيسي ابن مريم
هو مسيح الله
وكلمة الله
وروح منه
وبهذه الصفات
الذاتية
يرفعه القرآن
حتما فوق
البشر ؛
ويجعله في صلة
ذاتية مع الله
نفسه . تلك هي
حقيقة شخصية
المسيح في
القرآن .
تلك هي القاعدة الثانية عشرة في الحوار الإسلامي المسيحي