ان الحوار بين الاسلام والمسيحية ممكن على اساس الانجيل والقرآن , وهو مفروض
بالقرآن والانجيل , متى صحت شروطه ,
يقول كثيرون :
ان تاريخ الصلات بين الاسلام والمسيحية حتى اليوم شاهد عدل على ان الحوار بينهما
غير ممكن وعقيم . لكن فاتهم
انه قام حتى اليوم , من فبل الفريقين , على أسس
غير صحيحة, وعلى نوايا غير طيبة من كلا الفريقين .
ويقول بعضهم :
ان بين المسيحية والاسلام اختلافا جوهريا ما بين
التوحيد والتثليث , وبنوة المسيح لله والهيته . واستشهاد المسيح على الصليب . ناهيك
عن القول بالتجسد مع التنزيه والتجريد فى التوحيد , والقول بالفداء للبشر بصلب
المسيح او القول بالايمان وحده للخلاص , فالخلاص قدر وقضاء , ومنة وعطاء لاشفيع فيه
ولا وسطاء .
ونحن لا ننكر ما فى تلك المواقف الجوهرية من تعارض . لكن
الحوار على اساس قرآنى سمح , وعلى عرض
انجيلى صحيح , يتخطى ظواهر الفروق الى بواطن
الامور , والى ما بين الانجيل والقرآن من انتساب
ونسب حتى وحدة الامة : (( وان امتكم هذه أمة واحدة
)) المؤمنون 53 ,
الانبياء 62-
هو حوار مقبول ومرضى
وهو , على اساس العرض النزيه , مفيد لانه يبين النسب
الأصيل بين القرآن والكتاب ,
كما فى قوله
:
((
ولا تجادلوا اهل الكتاب
الا بالتى هى احسن-
الا الذين ظلموا منهم ( اى اليهود ) وقولوا
: امنا بالذى انزل الينا وانزل اليكم
والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون ))
العنكبوت 45 .
فلا جدال مع اهل الانجيل الا
بالحسنى , والحسنى هى الشهادة :
بان الاله واحد والتنزيل واحد والاسلام واحد
فالحوار ممكن ومفيد مهما قال المتشائمون , متى صحت شروط الحوار الصحيح .
هذا ما رأيناه فى البحثين السابقين . فأهل الانجيل
لايرضون بالحوار الا على اساس القرآن ,
واهل القرآن لايرضون الحوار
الا على اساس الانجيل - والأمتان متفقتان على اساس الحوار الصحيح
.
ان
القرآن دعوة كتابية لعرض التوحيد الكتابى المنزل
على العرب . فهو يشرع للعرب دين ابراهيم وموسى
وعيسى دينا واحدا بلا تفريق
( الشورى 13 ) _ ((
لانفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون )) البقرة 136
, آل عمران 48 .
وهو جاء ليعلم العرب
(( الكتاب والحكمة ))
اى التوراة والانجيل-
بحسب لغة القرآن-
البقرة 129 - 150
آل عمران 164 , الجمعة 2
.
ان
القرآن أيضا دعوة نصرانية لاهل الكتاب انفسهم الى
إقامة التوراة والانجيل – (( قل : يا اهل الكتاب
لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والانجيل ))
المائدة 71
.
فالقرآن
يدعو اولا
للتوحيد الكتابى ,
ثم
للمسيح وامه (( أية للعالمين )) – الانبياء92 , المؤمنون 53 . وهذا هو الجامع
الاساسى للحوار الاسلامى المسيحى . وسنرى آن تكبيرات
القرآن لبعض الفرق النصرانية قد
كفرتها المسيحية الصحيحة من قبله -
فليست المسيحية الصحيحة المسيطرة اليوم على العالم بالمقصودة في تكبيرات القرآن ,
وان وهم ذلك بعض المسلمين وبعض المسيحيين .
فصفة القرآن المتواترة انه (( تفصيل الكتاب ))
الكتاب كله وتصديقه بين العرب . وهو يحاور الجميع
بالكتاب
الإمام لموسى ( الاحقاف 13
,هود 17 ) والكتاب
المنير لعيسى
(لقمان 20 , الحج
8 .
لذلك فالقرآن هو الاساس الوحيد الصحيح للحوار بين الاسلام والمسيحية .
الصريح- فى عرض صحيح على الانجيل .
ان
الانجيل والقرآن دعوة , وكل دعوة
تدعو الناس للحوار , وكل دعوة من اصل واحد مثل كتاب الله هى دعوة للحوار
الداخلى والنقد الذاتى قبل ان تكون للعالمين .
ودعوة المسيح
فى الانجيل هى لجميع المؤمنين فى العالم (( رعية
واحدة ))
يوحنا 10-17
. وختم رسالته قبل استشهاده بصلاة لوحدة المؤمنيين فى العالم , يوحنا 17
كله , وقبل رفعه الى السماء كانت كلمات المسيح الاخيرة الامر بالدعوة والحوار مع
الخليقة كلها فى العالم أ جمع : (( لقد اوتيت كل
سلطان فى السماء وعلى الارض : اذهبوا وتلمذوا جميع الامم )) متى 28 : 18
, (( ثم قال لهم ا ذهبوا فى العالم ا جمع وادعوا بالانجيل للخليقة كلها ))
مرقس 16 : 15 .
فكيف لايكون الحوار مفروضا على اهل الانجيل مع اهل القرآن الذين يؤمنون معهم
بالمسيح وامه (( آية للعالمين ))
الانبياء 92
, المؤمنون 53 .
والقرآن يشهد لنفسه : (( ان هو الا ذكرى للعالمين ))
الاعراف 90 (( الا ذكر للعالمين )) القلم52 (( ان هو
الا ذكر للعالمين ))
12: 104 , 38 : 87 , 81 : 27
.
ويوجه
القرآن الدعوة للعرب
بقوله : (( ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة , وجادلهم بالتى هى أحسن ))
النحل 125
, لآن (( من الناس من يجادل
فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير )) الحج 8 ,لقمان 20 .
ويوجه الدعوة الى اهل الكتاب انفسهم : ((قل يا اهل
الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم )) آل عمران 64 _
والكلمة القرآنية السواء هى فى قوله ((
ولاتجادلوا اهل الكتاب الا بالتى هى أحسن -
الا الذين ظلموا منهم- وقولوا : آمنا
بالذى أنزل الينا وأنزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون ))العنكبوت 46 .
فالقرآن يبنى الحوار مع اهل الكتاب عامة على وحدة
الا له ووحدة التنزيل ووحدة الاسلام ,
ويبنيه مع اهل الانجيل خاصة على الايمان بالمسيح
انه ((كلمة الله القاها الى مريم وروح منه ))
النساء 170
وهو بذلك مع امه ((أية
للعالمين )) .
فالحوار بين الاسلام والمسيحية مفروض بالانجيل والقرآن على المسلمين والمسيحيين
(( بالحكمة والموعظة الحسنة ))
فهو جدال (( بالتى هى احسن ))
اى حوار آخوى _
بهدى وعلم و كتاب منير
للوصول الى كلمة سواء