·
مبادئ
القرآن العامة في انتسابه الى الكتاب من قبله
و
حــــدة الكتاب المنزل
إنه لمبدأ قرآني عام ان الكتاب الذي نزلـــه الله على المرسلين أجمعين هو واحد : كان الناس أمة
واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس
فيما
اختلفوا فيه البقرة
112
لاحظ التعريف والاطلاق في وحدة الكتاب المنزل : الكتاب فكل مرة يذكر القرآن انتسابه
إلي
الكتاب معرفا وهو يعني الكتاب الذي نزل قبله
لا أم الكتاب في السماء .
وهذا الكتاب الذي نزل قبله هو الذي أنزل على محمد تصديقا لما قبله : الله .....الحي القيوم
نزل
عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه {قبله}
وأنزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس
وأنزل الفرقان آل عمران 1 -
3
وقد أنزل عليه الكتاب الأول مفصلا : وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا , كما يشهد أهل
الكتاب
أنفسهم الانعام
114 والقرآن إنما
هو تفصيل الكتاب يونس
36
وحدة
الدين بين القرآن والكتاب :
وأنه لمبدأ قرآني عام أيضا أن الدين واحد من نوح إلى إبراهيم إلى موسى إلى عيسي إلى محمد : شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسي :
أن
أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه . كبر على
المشركين ما تدعوهم إليه
الشورى 13
وحدة الدين ما بين التوراة والانجيل والقرآن تدل على وحدة النسب لأن القرآن يشرع للعرب
دين
موسى وعيسي دينا واحدا بلا تفرقة .
وحدة
الإسلام في التوراة والانجيل والقرآن :
إنه لمبدأ قرآني عام أن الإسلام واحد ما بين القرآن والكتاب : قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما
أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط , وما أوتي موسى وعيسي والنبيون
من ربهم : لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه
وهو
في الآخرة من الخاسرين آل
عمران 84- 85
الإله واحد والتنزيل واحد والإيمان واحد والإسلام واحد بدءا من التوراة حتى القرآن مع جميع الأنبياء من إبراهيم إلى محمد فلا يصح التفريق ما بين كتب الله وأنبيائه : لا نفرق
بين
أحد منهم ونحن له مسلمون -
ووحدة الإسلام بين القرآن والكتاب كله
تدل على وحدة النسب
وحدة
الوحي من نوح إلى محمد :
تقريره
وحدة الوحي من نوح إلى محمد : إنا أوحينا إليك
كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده
وأوحينا إلي إبراهيم ........رسلا مبشرين
ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد
الرسل وكان الله عزيزا حكيما
النساء 162- 163
والوحي الواحد هو مبدأ مزدوج : وحدة الرسل ووحدة الوحي مع الرسل وبهذا أيضا يدل على وحدة
النسب
.
وحدة
الشريعة المنزلة للعالمين :
وأنه لمبدأ قرآني عام أيضا وحدة الشريعة المنزلة في أصولها وإن اختلفت الفروع فيها
بحسب أزمان نزولها : يريد أن يبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم والله عليم حكيم
النساء 25 أي
طرائق الأنبياء في
التحليل والتحريم فتتبعوهم
فسره الجلالان
مع
ذلك : لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء
الله لجعلكم أمة واحدة المائدة
51 ويتضح هنا المبدأ
القرآني الوحدة في
الأصول وتمييز و استقلال
في الفروع . ووحدة الشريعة المنزلة
للعالمين في أصولها
تدل على وحدة النسب .
تلك
هي مبادئ القرآن
العامة في انتسابه المطلق إلي الكتاب
وإلي أنبيائه وإلي أهله .
في القرآن مشاهد ومواقف ومبادئ خاصة تشهد انتساب محمد والقرآن إلى الكتاب و أهله
وتفصل
معنى و أهداف البعثة المحمدية إلى العرب .
هداية
محمد إلى الكتاب و إسلامه :
يعلن : وجدك ضالا فهدى الضحى 7 ويفسرها قوله : و أمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو
القرآن النمل 91- 92 والمسلمون موجودون من قبله ويؤمر أن ينضم إليهم ويتلو معهم قرآن
الكتاب : بلسان عربي مبين لن تنزيل رب العالمين إنما هو في زبر الأولين : أو لم يكن
لهم
آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل الشعراء 113-
197
لذلك
قل : أمنت بما أنزل الله من كتاب
و أمرت لأعدل بينكم الشورى
15
كانت
رسالة النبي العربي أولا هداية إلى الكتاب مع
الأمر بالانضمام إلى أهله المسلمين من فبله
ثم بعثه إلى العرب ليعلمهم الكتاب والحكمة .
بعثة
محمد كانت ليعلم العرب الكتاب والحكمة
هذا
بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين آل عمران 138 -
الناس تعبير يعم العرب أجمعين والمتقين
اصطلاح مأخوذ عن أهل الكتاب ويعني الأمميين
الذين آمنوا بالكتاب وهم هنا العرب المهتدين .
والبيان
هو : لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم
رسولا من أنفسهم يتلو عليهم لآياته وبزكيهم
ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي
ضلال مبين آل عمران
164
وبعثة محمد كانت ليعلم العرب الكتاب والحكمة أي التوراة والانجيل كما في عطف البيان
الوارد
في قوله : الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل
آل عمران 48 والمائدة 113
والحكمة
هنا كناية عن الانجيل كما جاء في : لما جاء
عيسي بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة الزخرف 63
بعض المفسرين يؤولون الكتاب في هذه المواطن بالقرآن بينما القرائن العامة
والخاصة تبين تحريفهم لمعناه مثل قوله : وإن كنا عن دراستهم لغافلين الأنعام
156
فتعليم
الكتاب والحكمة أي التوراة والانجيل للعرب
تلك هي بعثة محمد كما تمناها ابراهيم
واسماعيل للعرب : ربنا وأبعث فيهم رسولا منهم
يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة
ويزكيهم أنك أنت العزيز الحكيم البقرة 129
فبتلاوة آيات الله عليهم بلسان عربي مبين
يعلمهم الكتاب والحكمة .
وهذا
نفسه ما جرى : هو الذي بعث في الأميين رسولا
منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب
والحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين
الجمعة 2
وهذا
ما تحققه بنفسه : كما أرسلنا فيكم رسولا منكم
يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب
والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون البقرة
151 لأنهم كانوا عن دراستهم لغافلين الآنعام 156
وانتساب
القرآن إلى الكتاب ظاهر من تعليم الكتاب
والحكمة للعرب بواسطة القرآن .
سبب
بعثة محمد للعرب كان غفلتهم عن دراسة الكتاب
والحكمة
لقد
درس محمد الكتاب كله ليدرسًه للعرب وذلك بنص
القرآن القاطع يقول
في درس محمد للكتاب : وكذلك نصرف الآيات –
وليقولوا درست ! ولنبينه لقوم يعلمون الأنعام
105
فسره
الجلالان : دارست أي ذاكرت أهل الكتاب وفي
قراءة درست أي كتب الماضين وجئت بهذا منها
ونلاحظ أنه لايرد التهمة بل في الآية نفسها
يبين الغاية من درس الكتاب ومدارسته أهله
ويقول لنبينه لقوم يعلمون .
وهو يدرس الكتب المقدسة يستعلي على بني قومه الأميين : وما آتيناهم من كتب يدرسونها سبأ44 . ومنذ سورة القلم يفخر بالمسلمين الذين انضم إليهم ويستعلي بالكتاب الذي
يدرسه معهم : أ فتجعل المسلمين كالمجرمين ؟ ما بالكم كيف تحكمون ؟ أم لكم كتاب فيه
تدرسون
؟ القلم 35 – 37
فقد
درس محمد الكتاب بل الكتب المقدسة كلها
ليدرسها للعرب الذين غفلوا عن دراستها : إن
تقولوا : إنما أنزل الكتاب على طائفتين من
قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين الأنعام 156
وسورة الأنعام تشهد أن بعثة محمد كانت درس الكتاب والحكمة وتدريسهما للعرب الغافلين
عنهما
– والدرس
والتدريس لا يمنعان الوحي والتنزيل . وانتساب
القرآن إلى الكتاب ظاهر من تدريس الكتاب
والحكمة للعرب بواسطة القرآن . غاية
تنزيل الكتاب قرآنا عربيا إنما هداية العرب
للكتاب
يصرح
بذلك في : إنما يسرناه بلسانك لتبشر به
المتقين وتنذر به قوما لداً مريم 97 وجاءه
الكتاب بلسانه العربي ليبشر به المتقين أي
العرب المهتدين وينذر به الكافرين . ويؤكد ذلك
: وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا به من
الوعيد لعلهم يتقون أو يُحدث لهم ذكرا طه 113
والضمير المتواتر في أنزلناه يعود دائما إلى الكتاب المنزل من قبله أليس القرآن : تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب يونس 36 أيضا يشهد على ذلك ويفرح به أهل الكتاب :
وكذلك أنزلناه حُكما أي حكمة عربيا .....والذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك
الرعد
36
وتنزيل
الكتاب قرآنا عربيا وتيسيره بلسان محمد ذكرا
لك ولقومك إنما هو بسبب انتساب القرآن ونبيه
إلى الكتاب الإمام .
القرآن
بيان الكتاب
يعلن
في مطالعه : تلك آيات الكتاب وقرآن مبين النمل
1 والحجر 1 والقرآن يبين آيات الكتاب وليس
الكتاب الذي في السماء بل المنزل من قبله
ويصرح قاطعا : أو لم تأتيهم بينة ما في الصحف
الأولى ؟ طه 133 ويؤكده : وأنه لتنزيل رب
العالمين ...... وأنه لفي زبر الأولين الشعراء
193- 197
وهذا هدف بعثة محمد بالقرآن : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزل إليهم ولعلهم يتفكرون النـــــــــحل 44 والقرآن بيان التنزيل الذي في الذكر الحكيم من قبله عقيدة وشريعة : ليهديكم سنن الذين من قبلكم النساء 25 فالقرآن بيان للناس آل عمران 138 من رسول مبين 42 : 29
,
44 : 13
أو
من نذير مبين 46 : 9 , 51 : 50 بلسان عربي مبين 26 : 195 ,
16 : 103
وانتساب
القرآن إلى الكتاب يظهر من كونه بيان الكتاب .
القرآن
تفصيل الكتاب
هذا هو التعريف المتواتر فيه : تنزيل من الرحمان الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا
لقوم يعلمون فصلت 1 والتنزيل هو في الكتاب الذي فصل قرآنا عربيا والتفصيل
اصطلاح قرآني يعني الترجمة على حد قولــــه : ولو جعلناه أعجميا لقالوا : لولا فصلت آيات
!
أ أعجمي وعربي ؟ فصلت 44
وقام بالتعريب حكيم خبير : كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير هود 1- 2
ولقد فعل ذلك باسم الله كما يعلم ذلك أهل الكتاب : أ فغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين لذلك يا محمد : ما كان هذا القرآن أن يُفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه
أي
قبله وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين
يونس 37
ويأتى
القول الفصل في هذه الشهادة :
وشهد
شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرهم
الأحقاف 9 : إن مثل القرآن عندهم وانتساب
القرآن إلى الكتاب يظهر من كونه تفصيلا
للكتاب .
القرآن
تصديق الكتاب
أن
القرآن في ذاته تفصيل الكتاب وغايته تصديق
الكتاب المنزل قبله : ولكن تصديق الذي بين
يديه أي قبله يونس 37 وهو
مصدق الذي بين يديه الأنعام 92
ومصدق لما معهم البقرة89 و 101 ومصدق لما
معكم آل عمران 81 وجاء مصدقا لما معكم 2: 41 و 4: 46
مصدقا لما معهم 2: 91 مصدقا لما بين يديه 2 : 97
و 3 : 3 و 5 : 49 و 35 : 31 و 46 : 30
والنتيجة
ليس فيه ما يميزه عن الكتاب إمامه سوى التصديق
له باللسان العربي : ومن قبله كتاب موسى إماما
ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا الأحقاف 12
وصفه القرآن أنه الكتاب المصدق للكتاب الإمام : وهذا كتاب أنزلناه مصدق الذي بين يديه ولينذر أم القرى ومن حولها الأنعام 92 وانتساب القرآن إلى الكتاب يظهر من كونه الكتاب
المصدق
له
الكتاب
إمام القرآن
يعلن ذلك في : ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة هود 17 وهو إمام القرآن في الهدى والبيان :
ومن
قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق
لسانا عربيا الأحقاف 12وليس فارق ما بين
القرآن والكتاب إمامه سوى اللسان العربي وهذا
التصريح الضخم يجعل انتساب القرآن إلى الكتاب
كاملا ومطلقا.
وكما ينتسب إلي كتاب موسى هو أيضا يجادل العرب بهدى وعلم الانجيل الكتاب المنير كما يستعلي بذلك عليهم : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير
الحج
8 ولقمان 20
عباد الرحمان .... الذين يبيتون لربهم سجدا وقياما بمعنى قائمين يصلون بالليل وهي
عادة رهبان النصارى من دون العالمين وهم أيضا إمام المتقين من العرب : وإجعلنا للمتقين
إماما
الفرقان 63- 74
فإذا كان كتاب موسى إمام القرآن والكتاب المنير أي الانجيل هو العلم والهدى اللذين بهما
يجادل
الناس – يصير انتساب القرآن ونبيه إلي الكتاب
انتسابا مطلقا
القرآن
يقتدي بهدي الكتاب وأهله
وهو الأمر الصريح في تبليغ القرآن إلى العرب : أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم
والنبوة
.... أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده
الأنعام 89 و 90
ورد هنا تعبير الحكمة بحرفه العبري الحكم وهي تعني الكتاب والحكمة بحسب اصطلاح
القرآن
وذلك كناية عن الانجيل
وعلى النبي العربي أن يقتدي في الدعوة القرآنية بهدى أهل الانجيل النصارى الذين
يقيمون التوراة والانجيل معا وهم أولوا العلم المقسطون الذين شهد القرآن بشهادتهم : أن الدين
عند
الله الإسلام آل عمران 18- 19
ومحمد يؤمر صريحا بالإقتداء في الدعوة القرآنية بهداهم وهم المسلمون الذين أمر بأن ينضم
إليهم ويتلو قرآن الكتاب بتلاوتهم وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن النمل 89
وإذا كان النبي العربي يقتدي بهداهم والقرآن يشهد للإسلام بشهادتهم يصبح انتساب
القرآن
إلي الكتاب شامل وكامل .
أخيرا هذا هو القول الفصل أنه لتنزيل رب العالمين ... وأنه لفي زبر الأولين أو لم يكن لهم
آية
أن يعلم علماء بني إسرائيل ؟ الشعراء 193 -
197
تنزيل رب العالمين هو في زبر الأولين أي كتبهم كالتوراة والانجيل الجلالان وهذا ما يشهد
به
علماء بني إسرائيل المقسطين أي النصارى منهم
لأن مثل القرآن عندهم الأحقاف 9
هذا المثل هو الصحف المطهرة التي فيها كتب قيمة طلبها اليهود بينة : لم يكن الذين كفروا
من أهل الكتاب أي اليهود والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة : رسول من الله يتلو
صحفا
مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا
الكتاب أي اليهود إلا من بعد ما جاءتهم البينة
البينة 1- 4
والتنزيل القرآني هو في زبر الأولين وعندهم مثله : فانتساب القرآن هو نسب مطلق إلى الكتاب وإلى أهله المقسطين تلك هي مبادئ القرآن الخاصة في انتسابه إلى الكتاب وفي
نسبه
الشامل الكامل المطلق منه .