شبهات على النص من حديث النبي الأمي ذاته
بعد ذاك الاستطراد نعود إلى
حديث النبي الأمي
والنص صريح وهو يقصد سلسلة أنبياء بني إسرائيل
·
في الموضوع حديث النبي الأمي يناقض حديث موسى وخطابه لله فموسى وقومه
في ميقاتهم أخذتهم الرجفة فأخذوا يصلون إلى الله 154 .
وفي صلاتهم يقولون : وأكتب لنا في هذه الدنيا حسنة
وفي الآخرة أنا هدنا إليك 155 وكان اليهود يشتقون اسمهم من الهدى – والهدى كناية عن
كتاب موسى : ولقد آتينا موسى الهدى 40 : 53
·
آو يشتقون الهدى من اسمهم فالتورية هدنــــا
بارعة ونلاحظ هنا أن موسى وقومه يطلبون إلى الله تسجيل يهوديتهم حسنة لهم .
·
وأجاب الله أولا بأن الحسنة لأهل التقى والزكاة
والإيمان ثم أجاب بأن الحسنة في الإيمان بالنبي الأمي المكتوب
في التوراة والانجيل
156 ونتيجة لذلك : فما
عليهم إلا أن ينتظر موسى وقومه ألفي سنة حتى تقوم لهم حسنة بالإيمان بمحمد .
أمـــــن المعقول
أن يجيب الله على دعاء موسى وقومه لربهم بأن الهداية ليست في
الموسوية بل في إتباع محمد النبي الأمي البعيــــــــد ؟
·
وأن يقول الله في رده
على صلاة موسى أن محمدا مكتوب في التوراة والانجيل ؟ ومن الجوابين يتبين لنا
التعارض في الموضوع مما يؤكد ويشهد أن حديث النبي الأمي مقحم على الخطاب .
·
أيضا في الجوابين على دعاء موسى وقومه 155 , 156 تعارض في الأسلوب :
·
جواب الله في الأول على الخطاب 155 وفي الثاني على الغيبة : عندهم
يأمرهم ينهاهم........ 156
·
ولا يصح فن الالتفات من المخاطب إلى الغيبة في كلام متعارض يخرج
بعيدا عن الموضوع وما معنى دعوة الناس إلى الإيمان بمحمد النبي الأمي في دعاء موسى
لربه ؟ 157 وما معنى إعلان محمد الإيمان بالله وكلمته أي المسيح في حديث موسى مع
ربه وفي قصة موسى مع قومه
في يوم الميقات والرجفة ؟ 157 مع 154
قعني تصريحه في حديث موسى من قومه أن من قوم
موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون
ولا وجود له على الإطلاق في القرآن كله إلا في هذا النص
الوحيد الذي ثبت إقحامه على دعاء موسى لربه .
وفي أسلوب القرآن من تكرار الفكرة الواحدة بأساليب مختلفة
للترسيخ في أذهان السامعين وهو ما يدلل على أنه مقحم في زمن الجمع ولم يكن جامعوا
القرآن معصومين بالوحي على أية حال .
والإقحامات المشبوهة في القرآن معدودات واضحات من القرائن
القريبة والبعيدة وتلك دخلت النص عند جمع القرآن لكن لا تطعن في صحته ولم يكن
الجامعون بمعصومين حتى لا يجوز عليهم السهو وعلى علم النقد النزيه أن يطهر الوحى من
كل دخيل عليه كما يجرى ذلك في التوراة والانجيل
ومن الإقحام الظاهر نجد كلمة نصارى في قوله : كونوا هودا أو
نصارى تهتدوا البقرة 135 والأصل الذي يفرضه الحرف والمعنى : هو كونوا هودا تهتدوا .
والشعار اليهودي الذي أطلقوه في الجزيرة العربية ويحكيه
القرآن هنا إنما هو تورية رائعة والهدى مشتق من اليهود ورخموه إلى هود ولا يمكن أن
يقول النصارى واليهود عن بعضهما بعضا : كونوا هودا أو نصارى تهتدوا والقرآن
والتاريخ يشهد بخلافاتهم والتورية المذكورة خير دليل .
استبق الجلالان الاعتراض المفروض وقالا :
قائل الأول يهود المدينة ! والثاني نصارى نجران ولكن وفد
نجران معلوما أنه كان مسيحيا ومثلهم مثل جميع المسيحيين يأنفون من وصمهم باسم نصارى
وكان هذا اللقب يخص شيعة خارجة منبوذة عندهم .
ومعروف أن سورة البقرة من أول العهد المدني وإن تخللها فصول
من سائر العهود المدنية ووفد نجران لم يفد على النبي إلا في عام الوفود ومن آخر
العهد وكان النبي وقتها قد طهر المدينة من اليهود قبل فتح مكة وطهر الحجاز كله منهم
بعد الفتح : فلا يصح أن يحضروا المناظرة ويقولوا مقالتهم : كونوا هودا تهتدوا وواقع
حالهم يأبى ذلك .
ثم أن الخطاب كله في سورة البقرة جدال مع اليهود ولا أثر
فيها ولا في ظروف تنزيلها لجدال مع النصارى على الإطلاق فقد كانوا أمة واحدة مع
النبي وجماعته قبل إعلانهم جميعا أمة وسطا البقرة 143 تتنافر معها نصا وروحا
وموضوعا وواقع حال .
ومنها أيضا إقحام النصارى في المائدة 54
ولقد كان لهذا الإقحام أسوأ الأثر في تاريخ المسيحية والإسلام
ولقد سمم العلاقات لدرجة انقطع فيها سبيل
الحوار بين الأمتين مع أنهم من أصل واحد .
وكيف يصح في السورة عينها وفي مقطعين
متقاربين أن يحرم الموالاة مع النصارى وهو يشهد أنهم أقربهم مودة
للذين آمنوا ...... يقولون ربنا آمنا
فأكتبنا مع الشاهدين المائدة 84- 86
فهذا إعلان بإسلامهم : فهل يمنع القرآن الموالاة مع النصارى
وهو يفرضها في القرآن كله وفي هذا النص يصف النصارى بالمحسنين 88 مع مقابلته بوصف
اليهود بالظالمين 54 ووصفهم بالظالمين في القرآن كله يحصر منع الولاء مع اليهود
وحدهم .
ودليل أخر في مقابلة قوله ومن يتولِهم منكم فإنه منهم 54
ومع قوله على لسان النصارى ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين
ومن مقارنة آية الولاء الممنوع 54 بآية المودة والشهادة
بالإسلام حيث يظهر القرآن أن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا
يتضح لنا أن كلمة المشركين سقطت في آية الولاء الممنوع وأبدلت بكلمة النصارى وأصل
الآية الذي ينسجم مع آية المودة هو : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود
والمشركين أولياء بعضهم أولياء بعض وهذا ما تظهره السيرة النبوية فالإبدال والإقحام
ظاهر مكشوف لكل ذي عينين لم ولن تطمسهما عبادة الحرف .
وهذان المثلان شاهدان على أن صفة الأمي
نعتا للنبي مقحمة عليه وعلى العموم
لا يوجد ذكر في النبي الآتي الواردة في
التوراة والانجيل لصفة الأمي .
حديث النبي الأمي يتعارض مع موقف القرآن كله حيث يحصر النبوة
والكتاب في ذرية إبراهيم من إسحاق ويعقوب والأسباط لا من إسماعيل : ووهبنا له أي
لإبراهيم إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب العنكبوت 27
ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب
فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم
وآتيناه الانجيل الحديد 26 .
وبحسب منطوق ومنطق الآيتين معا في تسلسل الوحي من نوح إلى
إبراهيم إلى موسى إلى عيسى تكون ذرية النبوة والكتاب في إبراهيم من إسحاق ويعقوب لا
من إسماعيل .
ونلاحظ أن التقفية في النبوة تتسلسل إلى
عيسى وتنقطع معه بحكم اللفظ ومضمونه فلا مجال لذكر النبي الأمي .
وحصر النبوة والكتاب في بني إسرائيل كان
سبب تفضيلهم على العالمين حتى المسيح :
يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت
عليكم وإني فضلتكم على العالمين البقرة 47 و122
قابل الأعراف 139 و الجاثية 15 والإسراء
70 ومع هذا التفضيل يمتنع حديث النبي الأمي
في دعاء موسى لربه حيث الحسنة ليست في
الموسوية بل في المحمدية بعد ألفي سنة .
وحصر القرآن للنبوة والكتاب في بني إسرائيل لا ينبئ بأية حال
عن مجال لنبي أمي يخرج من الأمم لهداية بني إسرائيل والحديث مقحم على القرآن من زمن
الجمع .
وقد يرد على ذاك الحصر بهذه التصاريح : لكل قوم هاد و لقد
بعثنا في كل أمة رسولا ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين وإن من أمة إلا خلا فيها
نذير والظاهرة : نفي حصر النبوة في قوم أو في أمة أو في زمن .
نقول : وإن صح المعنى الظاهر
لهذه التصاريح :
فكيف بالله يكون محمد خاتم النبيين ؟ الأحزاب 33 ثم أليس من
تعارض وتضاد في حصر النبوة والكتاب في بني إسرائيل وتفضيلهم بسببها على العالمين مع
التسليم بتعميم النبوة والرسالة على كل قوم الرعد 7 وفي كل أمة النحل 36 ؟
لو رجعنا لأسلوب القرآن المتواتر في استخدام التعميم
والتخصيص طردا وعكسا وقتها فقط نرى أن لا تعارض بين الموقفين السابقين والتعميم في
الرعد 7 والنحل 36 يُراد به التخصيص :
لأن النبوة في أمة موسى وأمة عيسى وأمة محمد وكلها مبنية على
وحدة الإله ووحدة الوحي ووحدة الإسلام العنكبوت 46 - ومع ذلك يظل الكتاب والنبوة
ميزة بني إسرائيل على العالمين والموقف من المضائق في القرآن الذي يحصر النبوة في
ذرية إسحاق ويعقوب .
لا
يأخذ القرآن صفة الأمي بمعناها اللغوي الذي لا يقرأ ولا يكتب إنما بمعناها
الاصطلاحي نقلا عن أهل الكتاب
والأمي عندهم
كناية عن غير الإسرائيلي وغير الكتابي والأمي
من الأمة
التي ليس عندها كتاب منزل آل عمران 20 و 76 والجمعة 2 والنبي الأمي أي الذي جاء من
الأمة
وهي هنا
الأمة العربية التي ليس لها كتاب منزل .
وعلى هذا الأساس وصف القرآن محمدا : وجدك
ضالا فهدى الضحى 7
ونقول طبقا لهذا المفهوم والتعريف فإن
النبي الأمي لا يصح على محمد
بهدايته إلى الكتاب والإسلام لم يعد أميا طبقا لهذا المفهوم
لأنه أمن بما أنزل الله من كتاب الشورى 15 وكما أن النصارى من غير بني إسرائيل هم
في عُرف القرآن من أهل الكتاب كذلك محمدا .
وإبراهيم
ولإسماعيل صلاة عند تأسيس الكعبة : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك
ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة البقرة 129
وعليه يكون محمد ابن إسماعيل بن إبراهيم من أهل الكتاب فكيف
يكون محمد النبي الأمي أي من الأميين الذين لا كتاب لهم راجع الجمعة 2 ؟
والنتيجة الحاسمة : أن صفة الأمي من حيث النبوة والكتاب لا
تصح في محمد ولو صحت من جهة نسبه إلى قومه من العرب لذا النبي الأمي مقحمة على
القرآن ومن سهو الجامعيين وفي غفلة ساعة التدوين .
ولا ننسى أن صحة نبوة محمد ليست موضوع
بحث إنما كلامنا في صفة الأمي التي لا تصح فيه من حيث النبوة والكتاب .ولا يطعن في
صحة القرآن إقحام كلمة سهوا وتقصيرا عند جمعه - وبالتالي لا شبهة على التوراة
والانجيل إذ لا توجد فيهما صفة النبي الأمي .
لأن المسيحيين يتلون الانجيل اليوم من مخطوطات القرن الرابع
الميلادي وهي فوق كل شبهة بالنسبة للقرآن والإسلام .
والكتاب في عهده القديم قد ترجم إلى اليونانية من قبل المسيح
وترجم إلى السريانية في عهد قريب من المسيح
وهو أيضا فوق الشبهات بالنسبة للقرآن والإسلام .
وعلى أهل
القرآن أن لا ينسوا هذا الواقع التاريخي في أبحاثهم
وفي حوارهم
مع أهل الكتاب خصوصا مع أهل الانجيل .
وهذا هو الواقع التوراتي والانجيلي : أن النبي الآتي الموعود
قد حدده الكتاب والحكم والنبوة تحديدا شاملا كاملا لا مجال للريب فيه متى ظهر وقد
أكد المسيح ابن مريم في الانجيل أنه هو النبي الموعود به في الكتاب .
من قبل موسى نعرف أن النبي الموعود لإبراهيم يكون ابنا
لإبراهيم وتخبرنا التوراة أنه ابن اسحق ويعقوب ويهوذا .
وينشد يعقوب الشيخ قبل وفاته في مصير أسباط إسرائيل ويقول في
يهوذا :
لا يزول صولجان من يهوذا ومشترع من صلبه حتى يأتي يودو
وتطيعه الشعوب تكوين 49 : 10 وهي تحصر الملك في يهوذا حتى يجئ النبي الموعود من
يهوذا وقد نقلنا اسمه بحرفه العبري يودو اى الذي له إظهارا للجناس اللفظي والتورية
المقصودة في نسبه من يهوذا فالموعود الآتي يكون من يهوذا لا من غبر بني إسرائيل .
وموسى في شرعة النبوة يقول : يقيم لك الله إلهك نبيا من
بينكم من أخوتك مثلي له تسمعون ..........
أقيم لهم نبيا من بين أخوتهم مثلك وأقيم كلامي في فيه
....... تثنية 15 : 18-22 .
أخوة بني إسرائيل يعقوب من إسماعيل وهذا مثال على تحريف
المعنى في إنطاق الألفاظ بغير معانيها .
والنص صريح وهو يقصد سلسلة أنبياء بني إسرائيل
وخاتمتهم النبي الآتي الأعظم والنبوة سلسلة في بني إسرائيل
حتى يأتي خاتمتهم المسيح والنبي الموعود يقيمه الله لهم لبني إسرائيل لا لولد
إسماعيل
يقيمه من بينكم لا من العرب – وهذا
التحديد من بينكم يفسر معنى من أخوتك أو من أخوتهم .
وهؤلاء الأنبياء المتعاقبون مع النبي الأعظم خاتمتهم مرسلون
جميعهم إلى بني إسرائيل لا إلى العرب . وهذا النبي الآتي يعلم الغيب أما محمد فيصرح
فيه القرآن ولا أعلم الغيب والسيد المسيح يصرح أن موسى كتب عني يوحنا 5 : 46
وكل القرائن في التوراة والانجيل تدل على أنبياء الكتاب بعد
موسى سيكونون كلهم من بني إسرائيل
مثل خاتمتهم النبي الموعود الأعظم الذي يأتي من بني إسرائيل
لا من غيرهم .
ففي شرعة النبوة الموسوية لا مجال لنبى أمى يأتى من الامم
وتكون رسالته الاولى لغير أهل الكتاب : فليس النبى الامى مكتوبا فى التوراة
والانجيل .
ويأتى الملك داود فينبؤه الله ان النبى الاعظم سيكون ابن
داود له مع النبوة صفة الملك . يأتى ذلك تلميحا فى سيرة داود قال الله لنبى ناثان
أذهب وقل لعبدي داود : هكذا يقول الله ... فقل الان لعبدى داود : هكذا يقول الله
الصمد : ... قد أخبرك الله انه سيقيم لك بيتا . ومتى تمت أيامك و أضجعت مع آبائك
وأقمت من يليك من نسلك الذى يخرج من صلبك وأقررت له ملكه وهو يبنى لى بيتا لإسمى و
انا أقر عرش ملكه الى الابد وأنا أكون له ابا وهو يكون لى أبنا 2 ملوك 7: 1- 14
فالنبوة تذكر مباشرة سليمان بن داود لكن المجاز ظاهر عليها
من أبدية ملكه ومن صفة البنوة التى سيتحلى بها النبى الملك الموعود . وهذا النبي
الآتي يكون من نسل داود ومن صلبة و فهم الجميع انه سيكون ابن داود وهكذا حيا الشعب
يسوع فى الايام المشهودة متى 9 : 27 مرقس 10 : 47 لوقا 18: 38
والزبور يصرح بذلك النسب تصريحا كاملا : المزمور الثاني
فالنبي الأعظم والملك الأعظم الموعود سيكون المسيح ابن داود وابن الله معأ وسيملك
على الدنيا كلها والنبي الآتي هو ابن داود وليس غيره ولا من غير بني إسرائيل .
ويأتي الأنبياء ويصفون شخصيته وسيرته ورسالته قبل مئات
السنين حتى إذا ما ظهر يعرفه العالم وفي وقت واحد تقريبا ظهر عاموس النبي وميخا
واشعياء النبي ولقد ذكر كل واحد أصلا من أصوله .
ختم عاموس نبوءته بقوله : في ذلك اليوم أقيم مسكن داود الذي
سقط وأسد ثلمه وأقيم ما تهدم منه وأبنيه كما كان في الأيام القديمة عا 9 : 11 إذا
النبي الآتي سيكون ابن داود وهو سيجدد مسكن داود كناية عن الأمة والدولة والدين
بالطريقة التي سيراها الله .
ويحدد ميخا مولده في بيت لحم ويذكر أصله من يهوذا قبل داود :
وأنتي يا بيت لحم أفراته الصغرى في عشائر يهوذا منك يولد لأجلي الذي سيملك على
إسرائيل ونسبه يرتقي في الزمن إلى الأيام القديمة 5 : 1
فالنبي الآتي هو أبن داود ابن يهوذا
وسيولد من بلدة داود ويهوذا في افراته الأسم القديم لبيت لحم وسيملك على إسرائيل
قبل غيرهم ونسبه أقدم من أصله البشري .
واشعياء عظيم الأنبياء في النبوة والبيان في أناشيد ثلاثة
يسمي النبي الآتي عمانوئيل إسما رمزيا يعني الله معنا فهو يدل على مصدره الإلهي
ويذكر ولادته من غلامة عذراء وعاد الله وكلم آحاز بلسان آشعياء فقال :
سل لنفسك آية من عند الله إلهك سلها في العمق أو من فوق في العلاء فقال آحاز لا أسأل ولا أجرب الله إلهي قال : اسمعوا يا بيت داود يهون عليكم أن تسئموا الناس ولا تسئمون إلهي لذلك يؤتيكم السيد نفسه آية : ها إن الغلامة تحبل وتلد إبنا وتسميه عمانوئيل آشعياء 7 : 14 ولئلا يظن أحد بأن عمانوئيل هو ابن آحاز أو ابن آشعياء نفسه عاد النبي في نشيد ثان يصف عمانوئيل النبي الآتي
بصفات إلهية : لقد ولد لنا ولد
وأعطي لنا ابن تدرع السلطان على كتفه ودعي أسمه المشير العجيب الإله الجبار أب
الأبد سلطان السلام تدم رئاسته لسلطان لا ينتهي على عرش داود ومملكته كي يقرها
ويوطدها بالقسط والعدل من الآن وإلى الأبد إن غيرة الله الصمد صنعت هذا أرسل القدير
كلمته فوقعت على إسرائيل آشعياء 9 : 6 – 8
تلك الصفات لا يطلقها الكتاب على مخلوق نبيا كان أو رسول أما
النبي الأعظم الموعود اسمه عمانوئيل أى الله معنا وصفاته تدل عليه أنه ينتسب إلى
الله نفسه كما ينتسب إلى داود وصفاته الإلهية تمنعان أن تتم النبوة في غير المسيح
عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم و روح منه .
وفي نشيد ثالث لعمانوئيل يصف تأييده بالروح القدس من جذر يس
( اسم لداود ) ينبت قضيب وفرع ينمو من أصوله عليه يستقر روح الله روح الحكمة والفهم
روح الرأى والقدرة روح العلم والتقوى ...... في ذلك اليوم أصل يس يكون آية للعالمين
ويكون مثواه مجيدا أشعياء 11 : 1-2 مع 10
فالنبي الآتي ميزته على الأنبياء
أجمعين أنه ابن لداود ويتصف من دونهم أجمعين بتأييد روح القدس له ويكون آية
للعالمين ويجمع الانجيل والقرآن أن هذه الصفات في النبي الآتي لم تتحقق إلا في
المسيح عيسى ابن مريم .
وتنتهى النبوة في بني إسرائيل مع النبي دانيال قبل ظهور
المسيح بقرن من الزمن ودانيال يعطي النبي الآتي المسيح الموعود اللقب الغني
بمدلولاته ابن البشر الذي لا يحمل المسيح ابن مريم سواه في رسالته ودعوته .
ورأيت في رؤى الليل فإذا بمثل ابن البشر آتيا على سحاب
السماء فبلغ الى القديم الأيام وقرب في حضرته ! وأوتي سلطانا ومجدا وملكا وجميع
الشعوب والألسنة يعبدونه وسلطانه سلطان أبدي لا يزول وملكه لا ينقرض ! دانيال 7 :
13 –14
فالنبي الآتي هو ابن البشر لكنه ينزل
من السماء حيث كان عند القديم ومن المقربين . ينفرد بالسلطان وبعبادة العالمين .
ونحن نجد في الانجيل والقرآن أصداء لهذه الصفات في المسيح ابن مريم ولا يصح أن تنسب
لغيره وسر شخصيته أنه ابن البشر الآتي على سحاب السماء والسير على سحاب السماء –
استعارة كتابية متواترة تصف الألوهية وهذا ما تدل عليه سائر الصفات .
والمسيح ابن مريم في محاكمته لدى مجلس القضاء الأعلى عند
اليهود شهد أمام الأحبار والعلماء أنه ابن البشر الآتي على سحاب السماء .
و ابن البشر و ابن مريم :
كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه وليس فيها ما
يدل من قريب أو من بعيد
إلي نبي أمي يأتي من غير
بني إسرائيل ونستغرب تخريجهم تلك النبوات الواضحات ولصقها بمحمد
ونستهجن قول الأستاذ دروزة في تحليل رشيد رضا لها : أورد
ثماني عشر بشارة .... وأورد من الحجج والأقوال ما فيه المقنع لراغبي الحق والحقيقة
في صواب استنتاجاته وقوة حججه وفي عدم قيام شبهات المشتبهين على أسس قوية التفسير
الحديث 3 : 168 .
أننا نرثي العلم والنقد والمنطق في صواب تلك الاستنتاجات والحجج كلا ليس في التوراة ذكر للنبي الأمي ولا في الانجيل
والانجيل في أحرفه الأربعة يؤكد ويعلن تحقيق النبؤات كلها في
المسيح ابن مريم ابن داود ابن ابراهيم متى 1 : 1
وهو وحده الذي يبشر به الملاك وبولادته من أم بتول ولم يمسها
بشر وبنسبه من داود أبيه لوقا 1 : 26 – 38
وهو وحده تتم فيه نبؤة أشعياء في عمانوئيل متى 1: 22-23
وهو وحده الذي أيده الروح القدس فقد نزل عليه بهيئة حمامة
يوم عماده وسار معه لا يفارقه ساعة مرقس 1 : 9-11 + متى 2 : 13 –17 + لوقا 3 : 21
–22
ويستفتح دعوته بجامع
الناصرة يتلو نبؤة أشعياء في النبي الآتي الذي يؤيده الروح القدس ويصيح في الجماهير
: اليوم تمت هذه الكتابة التي تليت على مسامعكم لوقا 4 : 21
ويعلن أن زمان النبؤات يتم معه وأنه هو الذي يؤسس ملكوت الله
الموعود . واستهل دعوته بقوله : لقد تم الزمان و اقترب ملكوت الله ! فتوبوا وآمنوا
بالانجيل مرقس 1 : 15
ويعلن في هيكل اورشليم يوم الحج :ابراهيم أبوكم قد إبتهج في
رؤياه ليومي فرآي وفرح يوحنا 8 : 66
وفي عيد اليهود يصيح بالسلطات والجماهير : لو كنتم تصدقون
موسى لصدقتموني أنا أيضا لأنه كتب عني يوحنا 5 : 46 والمسيح يعلن أن نبوة موسى في
النبي الآتي قد تمت فيه فلا ينتظرون آخر .
وفي الجدل الأكبر على شخصيته وسلطانه بعد احتلال الهيكل قبل
استشهاده يستجمع النبؤات كلها ويعلن لهم أنه ابن داود وربه معا وفي محاكمته لتكفيره
يعلن لهم أنه ابن البشر الآتي على سحاب السماء مرقس 14 : 62 متى 26 : 64 ورأوا
في نسبته لنفسه تلك النبوة شهادة في إلهيته فكفروه وحكموا عليه بالإعدام : ومكروا
ومكر الله بهم وأنه خير الماكرين .
لا حاجة الى سرد سائر التطبيقات النبوية التى يطبقها الانجيل
على سيرة المسيح و شخصيته . فكل النبوات تمت فى يسوع المسيح بشهادة الانجيل ولا
تصح نبؤة منها فى نبي أمي يأتي من غير بنى إسرائيل . فالانجيل كله في ذلك تفصيل
الكتاب و تصديقه .
و القران نفسه فى الموضوع ذاته تفصيل الكتاب و تصديقه وبنصه
القاطع قد جعل الله الكتاب و الحكمة و النبوة فى بنى إسرائيل حتى المسيح آل عمران
79 الانعام 89 الجاثية 15
و لقد ارسلنا نوحا و ابراهيم وجعلنا فى ذريتهما النبوة
والكتاب الحديد 26 كما يوضح ذلك فى قولة : ووهبنا له سحاق و يعقوب
و جعلنا فى ذريتهما النبوة والكتاب العنكبوت 27
نرى الكتاب الانجبل و القران تحصر النبوة
والكتاب فى بنى أسرائيل ولا تقول بنبى أمى يأتى من غير بنى إسرائيل
فلا يصح ان ينقض طرف آية النبى الامى
الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والانجيل
كل الكتاب الانجبل و القران ودلائل الاقحام بادية على
تلك الآيه الدخيل فى غفلة من الجامعين فى عهود التدوين .
لاننسى هذا البحث كله محصور فى صفة الأمي ولا يمس مقام النبوة في شئ . وبشهادة الكتاب و الانجبل و القران ان النبي الأعظم الموعود هو المسيح عيسى ابن مريم . وليس فى التوراة و الانجيل من ذكر للنبي الأمي العربي .